سامي النصف

المناظرة المحتدمة والتصويت الاحتجاجي

لا أخفي تعاطفي ورغبتي الشخصية بفوز المرشح جون ماكين لأمور عدة، منها ان الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه هو من قام بتحرير بلدنا، ولو ان الديموقراطي الضعيف دوكاكيس هو من فاز بانتخابات 88 لما وقف الموقف الحازم الذي اتخذه الرئيس جورج بوش الأب ولأصبحنا هذه الأيام قضية «منسية» أخرى من قضايا العالم، كما ان الرئيس بوش الابن هو من أفرحنا وأراحنا من صدام رغم معارضة المرشح أوباما لحرب تحريرالعراق، يتبقى ان سياسة الجمهوريين متى ما وصلوا ستبقي أسعار النفط مرتفعة نسبيا ولن تدعم بشكل جاد مشاريع الطاقة البديلة كما انها ستضمن الأمن في الخليج والعالم بشكل أفضل مما قد يقوم به الديموقراطيون.

ويظهر تاريخ المناظرات التلفزيونية أن بإمكانها أن تقلب النتائج رأسا على عقب كما جرى في مناظرة كنيدي – نيكسون عندما استطاع كنيدي الباسم المنتمي للأقلية الكاثوليكية سحب البساط من تحت نيكسون الغاضب، وقد تعلم الأخير الدرس فامتنع عن المشاركة في المناظرات عامي 68 و72 ففاز بالانتخابات، وبالمقابل فاز جون كيري في مناظراته عام 2004 على الرئيس بوش إلا أن الأخير فاز بالانتخابات العامة بسبب تكتيكات الساحر كارل روف.

ويكفي في بعض الأحيان سطر واحد قد يقوله أو يحفظه المرشح بشكل مسبق للفوز في المناظرة، مما قد يؤدي في النهاية للفوز بالانتخابات العامة، وقيادة أكبر قوة في التاريخ كحال الرئيس ريغان الذي اكتسح المناظرات والانتخابات اللاحقة عامي 80 و84 بجملتين بسيطتين وجه احداهما لمنافسه بشكل طريف ومضحك وهي «ها هو يعود مرة ثانية» والثانية قوية ومؤثرة للجمهور وفحواها «هل وضعك اليوم أفضل من وضعك قبل أربع سنوات؟» وقد تابعت المناظرة الأخيرة وشعرت بان ماكين كان الأفضل خاصة ان أوباما ظل يردد «إن جون على حق فيما يقول» إلا أن استطلاعات الرأي اللاحقة أظهرت ان النتيجة متعادلة أو تميل قليلا الى أوباما، وضمن تلك الاستطلاعات فضلت النساء أوباما، بينما دعم الرجال ماكين وقد يكون السبب هو ان ماكين ظهر بشكل غاضب وقاس ولم ينظر قط تجاه منافسه، كما أكثر الحديث عن الماضي في زمن الرغبة في التغيير.

والحقيقة ان ماكين قد يخسر الاستفتاءات ولربما الانتخابات بسبب التصويت السلبي أو الاحتجاجي على الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها الشعب الأميركي خاصة ان الكارثة الاقتصادية لن تختفي خلال الأسابيع القادمة، كما ان المناظرات القادمة ستختص بالوضع الاقتصادي الذي يجيد الحديث فيه المرشح أوباما بعد ان انتهت مناظرة العلاقات الخارجية المختص بها المرشح ماكين.

آخر محطة:
 العزاء الحار لآل المعوشرجي الكرام في فقيدهم الشاب محمد نايف المعوشرجي، للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان.

سامي النصف

في رحاب الديار المقدسة

عدت يوم الاربعاء صباحا لأرض الوطن لألتحق عصرا بالصحبة الطيبة التي قادها كعادته كل عام الصديق عبدالعزيز البابطين لأداء مناسك العمرة المباركة ولقاء كبار المسؤولين السعوديين، وقد حان موعد الافطار في الطائرة مما أعاد للاذهان الحاجة الماسة لفتوى موحدة للمسلمين أجمعين حول كيفية تحديد موعد الافطار لمسافري الطائرات، أي هل يعتمد على مغيب الشمس أم مواعيد الدول المحلق فوقها، ام الدول التي تم الامساك على مواعيدها ام دول الوصول؟

وما يقوم به السيد عبدالعزيز البابطين من جهد طيب لتعزيز العلاقات على مستوى الشعوب وجعل الثقافة تصلح ما تفسده السياسة أحيانا، وذلك عبر القيام بمثل تلك الزيارات، ومثلها اقامة الندوات واللقاءات والمحاضرات وتبني دراسة الطلبة العرب والمسلمين هو امر يستحق الدعم والمؤازرة عبر تذليل العقبات امامه، فنحن مازلنا بلدا صغيرا يعزز من كينونته وبقائه الابدي حسن علاقاته بالآخرين.

واثناء الرحلة الى جدة روى لنا الاخ الفاضل عبداللطيف الروضان تفاصيل لقاء جدة المهم الذي عقد بين الشيخ سعد العبدالله رحمه الله والوفد الصدامي عشية ليلة الغدر عام 90 وكان الرأي ان محاضر ذلك اللقاء يجب ان تكتب وتحفظ للتاريخ كونه أحد أهم اللقاءات التي عقدت بتاريخ الكويت والتي تظهر حقائقه كما رواها شاهدها الاخ بوعبدالله، ان وفدنا لم يقصر على الاطلاق في مقارعة الحجة بالحجة والوقائع بالوقائع والأرقام بالأرقام التي تظهر أن الطرف الآخر هو من كان يتعدى على أراضينا، وهو من كان يسرق ويبيع النفط بأقل من أسعاره المعلنة.

وبدأنا أداء مناسك العمرة وكان الامر ميسرا رغم كثرة اعداد الزائرين، وقد ساعد الجميع على اداء المناسك انتهاء العمل بتوسعة المسعى، وقد سعدنا ونحن هناك بسماع الانباء عن اعمال التوسعات الجديدة للحرم المكي الشريف والبدء بأعمال وقف الملك عبدالعزيز (2) الذي سيوفر الموارد المالية وبشكل دائم للصيانة والتوسعة المستقبلية للحرم دون الحاجة لعوائد النفط المتغيرة، كما بدأت عملية ترسية المناقصات في مشروع نقل القطارات لأداء مشاعر الحج.

ومما يستغرب له ان يرجع المعتمر أو الحاج من الديار المقدسة ويستمر في اي ممارسات سيئة كان يقوم بها قبلها اي ان يذهب من اعتاد الغش والكذب والخداع والقسوة والفحش ويعود لها حال عودته لبلده، اذ بإمكان امة الاسلام ان تعكس واقع (خير أمة أخرجت للناس) فيما لو فهمت معنى ومغزى زيارة بيت الله الحرام من قِبَل الملايين وجعلته وسيلة للتخلص من العادات المذمومة دينيا وانسانيا كي يصبح المسلم هو القدوة الحسنة في مكارم الاخلاق بين الأمم.

آخر محطة:
الشكر للاخ الفاضل بسام الفهد على الكلام الطيب الذي خطه قلمه في زاويته الاخيرة بجريدة الوطن الغراء، والذي يجعل الزوايا والمقالات مجالا لتأليف القلوب لا تفريقها وتشتيتها، والشكر كذلك لكل من اتصل داعما موقفنا في لقاء الاتجاه المعاكس الاخير ودمتم.

احمد الصراف

فاقد الشيء لا يعطيه

«…جئنا لنسهم في صنع نهضة فكرية وعلمية تتخذ من الكويت مركزا تشع منه على الجوار الاقليمي، والمحيط الاسلامي، ومن بعدها ما يتيسر من أرجاء المعمورة».
وردت الفقرة أعلاه في بيان السيد عصام البشير، الأمين العام السابق «المركز العالمي للوسطية»، الذي حاول فيه الدفاع عن نفسه وعمن وقف معه وشرح أهداف المركز الذي تولى أمانته لأكثر من 3 سنوات. ومن صدق ان بإمكان عصام البشير ومعه وزارة الأوقاف وميزانية لا تتعدى عشرة ملايين دينار، تحقيق، ولو عشر ما ادعاه، من نهضة فكرية وعلمية تشع من الكويت على الجوار الإقليمي والمحيط الإسلامي وأرجاء المعمورة، فلا شك أنه واهم، أو في عقله خلل!!

قص السيد عصام البشير، الحق من نفسه واستقال من منصب «الخبير» في ديوان وزير العدل، وخيرا فعل، فقد يكون قراره هذا الوحيد الذي يستحق الثناء خلال أكثر من ألف يوم عمل فيها أمينا عاما للمركز، الذي تخب أهدافه على شخصه الفاضل وعلى الكويت كثيرا. أما بيان إبراء الذمة الذي أصدره، بعد استقالته، ففيه من الإدانة لشخصه وللجمعيات الدينية المناوئة والمؤيدة له ما يكفي لملء صفحات عدة للرد عليه، ولكن بما أنه مغادر فإننا سنكتفي هنا بما ذكرناه، ونمتنع عن الكتابة عنه أو عن بيانه بعد الآن بالنقد أو التجريح.
وبهذه المناسبة نتمنى على السيد حسين الحريتي، وزير العدل، عقد العزم والتخلص من «المركز العالمي لنشر الوسطية»، المنبثق عن «اللجنة العليا لتعزيز الوسطية» الهلامية الأهداف، وإعادة توجيه ما يصرف على المركز واللجنة من أموال وجهد لما هو أكثر نفعا وجدوى. فهذا المركز العالمي العجيب لم ولن يحقق شيئا، ولم يستفد منه، ماديا ومعنويا، غير الذين حاموا وداروا حول أمينه السابق، من وكلاء الأوقاف وغيرهم من منظمي رحلات السفر والحفلات والولائم ولا شيء غير ذلك. فما عجزت عنه 55 دولة عضوا في «منظمة المؤتمر الإسلامي»، الذي تأسس قبل 40 عاما، لن تستطيع الكويت القيام به، وهي التي لم تكتف حتى بحاجتها من الأئمة والمؤذنين! وقد فشل المركز العالمي، كما فشلت منظمة المؤتمر الإسلامي من قبله في تحقيق شيء لأننا، وببساطة شديدة، لا نستطيع أن ننطلق لتحرير القدس ونشر الوسطية والمناداة بالاعتدال عندما نكون متطرفين في بيوتنا وداخل دولنا ومتفرقين بعضنا بين بعض وداخل الأسرة الواحدة والوطن الواحد، وأبعد ما نكون عن الاعتدال داخل نفوسنا، دع عنك مع الآخر الذي نصفه تارة بالنصراني وأخرى بالكافر أو الزنديق أو العلماني الليبرالي! ولم نتعلم حتى الآن أن فاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه، فالغالبية العظمى من دولنا الإسلامية الأعضاء في المؤتمر الإسلامي، الذي تأسس عام 1969 من 55 دولة، لم تعرف شعوبها الحرية والديمقراطية الحقيقية ولو ليوم واحد، ولا تزال تحكم بالحديد والنار! فكيف يمكن لمثل هذه الأنظمة نشر الوسطية، أو تقبلها، أو المناداة بالاعتدال؟ وأن يكون بإمكانها استرداد القدس وإنشاء دولة فلسطين أو إقناع العالم بصواب رسالتنا وسلامة نوايانا ونبل أهدافنا، في الوقت الذي نعرف فيه جيدا أن رسالتنا ليست واحدة ونوايانا غير سليمة، وبالذات اتجاه بعضنا، أما نبل أهدافنا فتلك قصة أخرى.
ما نحتاج إليه حقا، هو اهتمام كل دولة بنفسها في المرحلة الحالية، فطالما أن كل جهة فينا صفر في المعادلة الدولية فإن تجمعنا، إن حصل، لا يعني إلا تجمع مجموعة أصفار! وما لم نتغير ونتبدل ونتقدم من الداخل، فلن يكون بإمكاننا إحداث أي تغيير في الخارج أو التأثير فيه!

أحمد الصراف

احمد الصراف

ديبورا وفقرات أخرى

1- في فقرة من مقال أرسله إلينا الزميل السابق صلاح الهاشم بالفاكس، أبدى دهشته لعدم تطرق أي جهة، بمن فيها كتاب الصحف، إلى ماهية وحقيقة دور «جهاز الأمن الوطني» ورئيسه في كل ما نشر وقيل عن قضية ضابط أمن الدولة، وما أثير عن تواجد عدد من قوات حرس الثورة الإيراني في الكويت. وقال الزميل ان دهشته زالت بعد أن رأى صور الآلاف الذين تدفقوا إلى غبقة رئيس الجهاز!! ولا أدري سبب دهشة الزميل وزوالها، وهو العالم بطبائع أهلنا وأحبائنا!!

2- ورد في مذكرات د. أحمد الخطيب في جريدة الجريدة أن اتفاقا تم بعد تحرير الكويت بين القوى الدينية، الممثلة بالإخوان المسلمين وغيرهم، وبين القوى الوطنية، على عدم إثارة موضوع موقف التنظيم العالمي للإخوان من قضية الاحتلال الصدّامي للكويت!!
وقد ذكرتني ملاحظة الدكتور الخطيب تلك بالصورة الشهيرة التي نشرت في الصحف قبل 8 سنوات تقريبا، وجمعت النائب وليد الطبطبائي بقادة المنبر الديموقراطي على خلفية اتفاقهم، أو تحالفهم، على بعض القضايا السياسية المهمة التي كانت تشغل الساحة وقتها. وقد فوجئت بالاتفاق الذي دفعني إلى أن أعلن، على الأقل بيني وبين نفسي، قرفي واشمئزازي من هذه الألاعيب السياسية، وقلت لمن يهمه الأمر إنني سوف أقاطع أنشطة المنبر، ولكني لم ألتزم تماما بذلك، إذ حضرت لقاء واستمعت إلى كلمة من باب المجاملة ليس إلا، و«كرمال» عيون «أم طارق»!!
أكتب ذلك بعد أن تفحصت الوجوة الطيبة والجميلة والأنيقة أيضا التي شاركت في «غبقة» «التجمع الوطني الديموقراطي»، وكيف أن أمانة التجمع الوقورة لم تكلف نفسها حتى إرسال فاكس أو رسالة هاتفية تدعونا لحضورها، بالرغم من أننا من مؤسسي التجمع الذين لا يزالون على قيد الحياة! وقد فسرت تصرف الأمانة على أنه من باب الميانة، أو لعلمهم بأننا كنا سنعتذر عن حضورها على أي حال.

3- ذكرنا مرات وذكر غيرنا آلاف المرات أن غياب نظام محاسبة صارم ودقيق، وفي أي شركة أو جهاز أو دولة، يؤدي بصورة تلقائية إلى انتشار التسيب واستفحال الأخطاء وانتشار الفساد! ولكن كالعادة، وبحكم ما أصبح عرفا، لم يستمع، ولن يستمع، إلينا أو إلى غيرنا أحد. وبالتالي لم يكن مفاجئا أن ضابط الدفاع السابق، المتهم في قضية أمن الدولة، له سجل عدلي متورم، ولا يزال ناشطا في كل مجال!!

4- أعلنت عشرات الجمعيات الخيرية خلال شهر رمضان إقامة عدد كبير من الولائم لإطعام الفقراء والمساكين. كما أعلنت الجمعيات نفسها وجهات خيرية أخرى أرقاما كبيرة عن عدد الأسر التي تلقت مساعداتها خلال الفترة نفسها. ولو اطلع من لا يعرف وضع الكويت المالي على تلك الأرقام لاعتقد أنها دولة ينتشر فيها الفقر والمرض (ولن نختلف على انتشار الجهل)! فكيف يمكن تصديق كل هذه الأرقام، وهي في أغلبها صحيحة، مما يعني أن هناك مشكلة، فإما أن هناك مستفيدا متسترا وراء كل هذا الصرف، أو أن هناك حقا نسبة كبيرة من الفقراء والمساكين الذين لا نعرف إلا القليل عنهم، ويستحق هؤلاء بالتالي العناية والاهتمام بهم طوال العام لا فقط في 8% منه!!

5 – قامت دول الاتحاد الأوروبي وأميركا بزيادة عدد السيدات الدبلوماسيات في المنطقة، وخاصة من السفراء، ولا أعتقد أن القرار جاء اعتباطا، أو فقط من منطلق زيادة أهمية دور المرأة في الحياة السياسية في تلك الدول، بل جاء أساسا لتحسين صورة المرأة في مجتمعاتنا وتهذيب ذوق الكثيرين نحوها، وجعل وجودها في مجتمعات شديدة «الذكورية» والتخلف أمرا اعتياديا!! وقد شاهدنا كيف اقتحمت السفيرة الأميركية أكبر معاقل التشدد والتخلف عندنا، وفرضت وجودها ضمن مجموعة يغلب عليها عدم احترام الأنثى بشكل عام، وخاصة إذا كانت سافرة وشقراء وأجنبية ومن أتباع دين مختلف!!
شكرا لك يا أوروبا… وشكرا لك يا أميركا… وشكرا لك يا ديبورا.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

سامي النصف

مقالات العشرينيات

كنت في العشرينيات من عمري عندما ابتدأت الكتابة في جريدة «القبس» أوائل الثمانينيات ثم بعدها «الأنباء» وقد رجعت لتلك البدايات وما تطرقت له ضمن المقال لقضايا الداخل والخارج وأترك للقارئ استنتاج ما يريد علما بان جميع تلك المقالات موجودة في ارشيف «القبس» لدى الزميل حمزة عليان.

القبس العدد 2751 الصادر في 13/1/1980 مقال بعنوان «كويت ما بعد النفط»، ذكرت فيه: «الوقت مثالي هذه الأيام للتفكير جديا في جعل الكويت مركزا تجاريا عالميا مثل هونغ كونغ وسنغافورة حتى يمكن الاستغناء تدريجيا عن النفط وبذا نعود الى ما كانت عليه الكويت قبل النفط عندما كانت المحطة التجارية في الخليج».

العدد 2758 يوم الاحد 20/1/1980 مقال «العطلة الجمعة والسبت» وبعد تقديم مبررات ضرورة التحول من عطلة اليوم الواحد الى عطلة اليومين على الا يكون الخميس والجمعة كتبت: «أقترح ان تكون العطلة الجمعة والسبت حتى لا ننعزل عن العالم اربعة ايام كاملة» انتهى، وقبل اشهر فقط تحقق المقترح.

العدد 2778 الأحد 20/2/1980 مقال «لمصلحة من إثارة هذه الأجواء؟» وضمنه نصا «يذكرني هذا بما حدث في أواخر الستينيات حين قررت شركة البترول الوطنية إنشاء مصفاة الشعيبة المدارة بالهيدروجين وفي ذلك الوقت تعرض ذلك المشروع الضخم لهجوم ضار من أقلام طالبت جدا أو هزلا بنقل المصفاة الضخمة من مكانها لمكان يحدده اصحاب تلك الاقلام، مرت السنون وأثبت مشروع مصفاة الشعيبة نجاحه الباهر ولو تأخر المشروع لتضاعفت كلفته»، وأضفت «ان ما يثبت نجاح المشاريع او فشلها ليس نقدها أو مدحها بل ان الأيام هي المحك الأمثل للحكم على مشاريعنا الكبرى ويبقى تساؤل: لمصلحة من إثارة جو الشعور بالفساد في البلاد؟!

العدد 3738 السبت 9/10/1982 مقال «السوق أزمة ام انهيار؟» تعقيبا على ما حدث في ازمة سوق المناخ ومما قلت فيه «يجب ان تتغير مفاهيم بعض مجاميعنا الاقتصادية، فالشطارة والذكاء ليسا في توريط المواطنين ببيعهم الأسهم عديمة الفائدة بل ان الشطارة هي في العمل على ان تكون الكويت صرحا اقتصاديا شامخا وان هذا الطريق هو الأخير لهم على المدى الطويل» و«كما يجب ان تتغير مفاهيم البعض وان يكفوا عن الانقياد الأعمى كالقطيع خلف من يحاول النصب عليهم وابتزاز أموالهم» لم يتعلم أحد منذ ذلك اليوم شيئا.

العدد 2770 الصادر يوم السبت 2/2/1980 مقال «ماذا فعلت الثورات بالعالم العربي؟» قلت فيه: «أتحدى ان يثبت احد ان انقلابا أتى بنتيجة موجبة للبلدان والشعوب او ان ثورة حدثت في بلد فقير فأصبح بعدها غنيا، او متخلفا فأصبح بعدها متقدما»، لم أغير نظرتي منذ ذلك اليوم للأنظمة الثورية بجميع أشكالها وألوانها لحقيقة ان كل يوم يمر يثبت صحة معتقدي بأن حل معاناة ومشاكل الشعوب هو بالتعقل والتطور لا بالغضب والثورة والانقلاب.

العدد 2785 الصادر يوم الاحد 17/2/1980 مقال اسمه «بين الثورة المصرية والثورة الايرانية» ذكرت فيه ان الثورة المصرية وقعت في خطأين رئيسيين ارجو ألا تقع فيهما الثورة الايرانية، الاول الايمان بمبدأ تصدير الثورة وإعطاء نفسها حق التدخل في شؤون الدول الاخرى للوصول لذلك الهدف وان الأمر احتاج الى حرب ونكسة كي يتعلم قادتها خطأ ذلك المسار، الخطأ الثاني عدم استيعاب حقيقة ان محاربة اميركا والغرب لا تتحقق بالخطب النارية والمظاهرات، بل بالبناء الاقتصادي في الداخل وتحسين العلاقات مع الجيران في الخارج وأتبعت ذلك بمقال اسميته «ولادة جديدة للعلاقات العربية – الايرانية» طالبت فيه بتضحيات متبادلة بين الطرفين لتحقيق الوفاق حيث ان الثمن الذي سيدفع لذلك الخلاف أعلى كثيرا مما يختلف عليه، بعد المقالين حدث امران مهمان الاول بداية تفعيل مشروع تصدير الثورة والثاني اندلاع حرب السنوات الثماني التي انتهت بالدمار وتجرع السم.

آخر محطة:
 أرجو ان يعود احد لمقالاتي واقتراحاتي هذه الأيام بعد 30 عاما ليرى ما تحقق منها وما لم يتحقق و«الهون أبرك ما يكون».

احمد الصراف

وزراؤنا ونوابنا.. واحترام عقل الآخر

من أكثر الأمور مدعاة للغيظ عدم احترام الآخر لعقلك وهو يحدثك، أو عندما يصرح السياسي أو يلقي خطابا يحاول فيه التقليل من ذكاء الآخرين.
1- بعد يوم من كشف «فضيحة» ضابط امن الدولة صرح وزير الداخلية أن دولة خارجية متورطة في قضية الضابط!! وفي إشارة زادت من غموض الوضع ذكر أن تلك الدولة «جارة لنا وتطالبنا بإسقاط قروضها!» وقد احتار الكثيرون في تحديد تلك الدولة، حيث ان عدد الدول التي تجاورنا يزيد على 25، كما أن غالبيتها مدينة لنا. وتسهيلا منا لحل لغز معرفة اسم تلك الدولة، فإننا نشير إلى أن الحرف الأول منه هو «العراق»!
الطريف أن الوزير المعني نفى بعدها بيوم وجود أي تورط خارجي في القضية. وفوق هذا تبين بعد يومين آخرين أن الدولة الجارة تعاونت مع الكويت وزودتها بقائمة أسماء لعدد من مواطنيها الذين تشتبه أن الضابط «الكويتي» المتهم ربما ساعد في دخولهم الكويت والبقاء بها، أو في استخدام أراضيها للهروب منها لجهات أخرى!!
2- في محاولة لتبييض صفحة بعض الجمعيات الخيرية التي تحوم الشكوك حول تصرفاتها المالية، وتحضيرا لزيارة سمو رئيس الوزراء لأميركا، صرح وزير الخارجية بأنه لم يثبت تورط أي جمعية خيرية في الكويت في عمليات تمويل الإرهاب!!
ونحن بدورنا نتمنى صحة ذلك، فما يسيء لسمعة وطننا يسيء لنا جميعا، ولكن الشيخ الدكتور محمد يعلم جيدا بأنه يفتقد، كما تفتقد وزارة الشؤون ومجلس الوزراء، وجهات معنية أخرى، لأي دليل بات وحاسم يثبت براءة هذه الجمعيات من أي اتهام، لأنها وببساطة شديدة، ترفض جميعها حتى الآن قيام أي طرف أو جهة بالإطلاع على سجلاتها المحاسبية ومعرفة مصادر أموالها، أو مصارفها!! فكيف إذا عرف الوزير أن جمعياتنا بريئة؟
3- تعهد النائب وليد الطبطبائي، الذي فرضته الأقدار عضوا بارزا في لجنة «حقوق الإنسان» في مجلس الأمة، قبل شهرين تقريبا بكشف أسماء المتورطين في قضايا الاتجار بالبشر وهضم حقوق العمال الوافدين. ولكنه لم يلتزم بوعده حتى الآن على الرغم من مرور كل هذا الوقت. وحيث ان نائبنا المعني أكثر من غيره بقضايا محاربة الفساد، وهذا ما سبق أن ذكره في أكثر من مناسبة، وأنه لم يترشح للمجلس إلا للدفاع عن القضايا الأخلاقية، ولا أعتقد أن قضية الاتجار بقوت العمال المساكين وقوت أسرهم ليست من القضايا الأخلاقية، فلماذا إذاً تقاعس حتى الآن في التخفيف من معاناة هذه الفئة المسكينة بكشف أسماء هؤلاء المتاجرين المجرمين بحقوق مئات آلاف العمال وسمعة الوطن، محليا ودوليا، هذا بخلاف تكلفة ذلك على المال العام الذي أقسم الطبطبائي على المحافظة عليه. ألا يعتبر ذلك استغفالا لعقول الآخرين، حيث أنه كان يعلم منذ اليوم الأول لتصريحه بأنه «مو قد الشغلة»، وأن له مصالح مع الوزارات المعنية؟! فليس هناك ما يمنعه من عقد مؤتمر صحفي و«بق البحصة» ونشر ما لديه من معلومات عن الشركات والأفراد المتورطين، خاصة أن أحدهم ثبتت عليه المتاجرة بمصير أكثر من 90 ألف عامل على مدى السنوات القليلة الماضية!!
4- كتبت قبل أيام عن حالة الشعور باليأس والقرف التي أصبحت تنتابني بين الفترة والأخرى، وقد زالت جميع أعراض تلك الحالة بعد قراءة تصريح وزير الشؤون (القبس 17-9) الذي ذكر فيه، وبعد قضاء ستين دقيقة في زيارة تفقدية لإدارة عمل الجهراء، أن عهد التسيب والكسل والتحايل على القانون قد ولى بلا رجعة!! فشكرا يا سيدي الوزير ..لقد أثلجت صدري وشرحت فؤادي، واحترمت عقلي وما تبقى من ذكائي بتصريحك الجميل، ولن أقول يا ليت لدينا الكثير من أمثالك في الوزارة فهم، والحمد له، موجودون بكثرة.

أحمد الصراف

سامي النصف

هل يمكن لإيران أو العراق غزو الكويت؟!

لو فردت خارطة العالم أو قرأت تاريخه لوجدت بقرب كل دولة صغيرة دولة أكبر منها قد تكون غزتها أو تعدت عليها في حقبة تاريخية ماضية، كحال ألمانيا وإيطاليا وروسيا وبريطانيا وفرنسا واليابان.. الخ مع جيرانها الصغار، هذا الأمر لا يعني ان على الدول الصغيرة مثل بلجيكا أو ايرلندا أو پولندا أو كوريا أو استونيا ان تبقى في حالة رعب دائم من اعادة ذلك الاحتلال أو أن تحاول نفخ نفسها كالضفدع لإخافة جيرانها الكبار.

وعليه اعتقد ان الحديث عن خوف كويتي من التسلح العراقي في غير محله لأسباب عدة منها ان فارق العدد والمساحة ايا كان التسلح سيعطي دائما وأبدا العراق ميزة رئيسية على بلد صغير مسطح كالكويت، كذلك فقد حدد الدستور العراقي الجديد مهام الجيش بالدفاع فقط والعمل ضمن الأراضي العراقية، كحال ألمانيا واليابان بعد الحرب الكونية الثانية، اضافة الى محدودية قدراتنا في التحكم بعملية تسليح الجيش العراقي وحقيقة ان حدودنا معه ملزمة بموجب البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.

ان تسليح الجيش العراقي من قبل الولايات المتحدة كما هو معروف لحمايته من الجيران الآخرين ومنهم ايران التي افترض احد العسكريين الكويتيين السابقين انها ستغزو الكويت عن طريق البصرة لافشال الضربة الأميركية المرتقبة عليها، اي اننا امام موقفين متناقضين، فمن ناحية نطالب حلفاءنا بعدم تسليح العراق، اي اضعافه كي لا يحتلنا ومن ناحية اخرى نقول لنفس الحلفاء ان ذلك الاضعاف سيتسبب في اختراق ايران السريع لحدود العراق ومن ثم احتلالنا.

وكمبدأ استراتيجي وكنظرة واقعية لا مصلحة حقيقية لبلد صغير كالكويت ان يصدر عنه ما يسيء لعلاقاته بجيرانه كإيران والعراق أو حلفائه كالولايات المتحدة، عبر اساءة الظن المعلن بهم، كما لا يمكننا وضع العلاقة الأميركية – الكويتية بشكل يوحي وكأننا الطرف الأقوى فيها من حيث قدرتنا على فرض نوع تسليحها للعراق او كما اتى في احدى التوصيات التي ضمها مقال نشرته الزميلة «الوطن» بتاريخ 9/9 وكان نص التوصية: «اجبار الولايات المتحدة على تقديم معدات دعم هندسي ومدفعية ميدان….الخ». ولا اعتقد ان كلمة «إجبار» مناسبة.

كما أتى ضمن المقال نفسه الذي خطه احد المختصين حديث عن احتلال ايراني للكويت يسبقه احتلال ايراني لمدن البصرة والعمارة والفاو، اي افتراض قدرات عسكرية خارقة ستهزم الجيشين الاميركي والعراقي معا، إلا ان تلك القدرات الايرانية سيمكن صدها من قبل الجيش الكويتي بالتعاون مع كتيبة قوات خاصة اردنية وباكستانية وماليزية.

اننا أول من يحبذ خلق جميع انواع السيناريوهات العسكرية وحتى اكثرها جموحا ثم وضع الحلول الناجعة لها، إلا ان المكان الأمثل لتلك السيناريوهات هو الغرف «المغلقة» منعا للبلبلة او اساءة العلاقة بالآخرين، فلم نسمع قط بسيناريوهات عسكرية «معلنة» لدول صغيرة في اوروبا وآسيا وافريقيا وأميركا اللاتينية تتحدث عن غزو جيرانها الكبار لها حيث ان الحديث المعلن في مثل تلك الأمور يضر أكثر مما ينفع.

آخر محطة:
 وافتراض ايران أن هناك مخطط ضربة عسكرية قادما لها لن يجعلها منطقيا تستبق تلك الأحداث بغزو العراق والكويت كون ذلك التعدي سيعطي المبرر الأخلاقي والقانوني للتعدي عليها، بل على العكس ستحاول خلق حالة طمأنة وسلام لجيرانها سحبا للبساط من تحت أقدام أعدائها.

احمد الصراف

فضيحة اللافتات.. والبشير

قامت جهة ما في إدارة المرور بتركيب لوحات أو جسور حديدية كبيرة على عدد من الطرق السريعة تضمنت علامات إرشادية ملونة على اليمين وكتابات وتعليمات باللغتين الانكليزية والعربية على اليسار.
لاحظ الكثيرون، ومنذ اليوم الأول، مثالب تلك اللوحات وخللها الواضح. فهي مثلا، على الرغم من كبر حجمها، فان مساحة ما خصص منها للعلامات والإرشادات صغير، مقارنة بما تبقى خاليا دون مبرر!!. كما أن حروف الكلمات الانكليزية والعربية التي كتبت بها تلك التعليمات صغيرة ولا تبدو واضحة من مسافة مناسبة وتحتاج لجهد وتركيز لقراءتها، أو فك رموزها الصغيرة، ولا تكاد تكمل قراءة ما هو مدون عليها حتى تجد نفسك تحتها بسبب طول بعض الجمل واضطرارك، فضولا أو تقيدا بالقانون، الى قراءتها كاملة، ولتكتشف أنها شتتت فكرك وانتباهك على الرغم من أنها تطالبك بـ«عدم الانشغال بشيء عن مخاطر الطريق أثناء القيادة»!!
المضحك، وربما المؤسف في الموضوع، أن كافة محاولاتي في الدفاع عمن اختار تلك اللوحات، التي عرفها الغرب قبل20 عاما، والتعلل بسوء فهم المسؤول وقلة الخبرة، وأنها الدفعة الأولى فقط، وربما ستكون اللوحات القادمة أقل عيوبا، كل هذه المحاولات باءت بالفشل، بعد أن أصر كل من فتح الموضوع معي أو اتصل بشأنها شاكيا على القول ان في المسألة سرقة وخراب ذمم، وان جهة ما استفادت بغير حق من توريدها وتركيبها، بعد أن «طاحت بكبد المصنع»!! فلا يمكن أن تقبل إدارة تحترم نفسها على شراء لوحات بكل هذه العيوب، إلا إذا كانت برخص التراب وتم توريدها بالأسعار العالمية، ناقص 10% مثلا، بعد أن رفضتها دولة أو دول أخرى لعيوبها الواضحة!!
وهذا المثال البسيط يبين أن الشك في صلاح الإدارة الحكومية وفي نظافة يد كبار مسؤوليها أصبح عرفا واعتقادا منتشرا بين غالبية المواطنين والمقيمين، وهو شعور لم يأت اعتباطا، فصحف كل صباح تمتلئ بأخبار الصفقات المريبة وقضايا الفساد الإداري والتسيب الوظيفي وحروب الكبار على الصفقات الضخمة التي بيد الصغار حق تمريرها والموافقة عليها، أو تأخير إنجازها…. طمعا في المقسوم!!

• ملاحظة:

أصدر الوزير العادل والفاضل حسين الحريتي قرارا طال انتظاره أعفى بموجبه «عصام البشير، عضو مكتب الحزب الحاكم في السودان، وأمين عام مركز الوسطية في الكويت، من مهام منصبه الهلامي ذي المزايا المادية العالية وألحقه بمكتبه كخبير»!!
ولا شك أن قرار الوزير واجه مقاومة كبيرة من نواب الحركة الدستورية، الفرع المحلي لتنظيم الإخوان المسلمين، ولكن عدل الوزير، الذي نتوقع منه الكثير، تغلب على مطالب هؤلاء الذين وضعوا مصلحة الحزب وأتباعه فوق مصلحة الوطن، وهذا ليس بالأمر الغريب عليهم أصلا. وفي هذا السياق نلاحظ زيادة كبيرة فيما يضيع من جهد ووقت الوزراء في معالجة الأخطاء القاتلة، وخصوصا في التعيينات العشوائية التي «ارتكبها» من سبقهم، وما يجري في التجارة والعدل والأوقاف خير مثال.

أحمد الصراف

سامي النصف

حوار في الاستثمار عند الانهيار

استضافتنا احدى الفضائيات للحديث حول ما اسمته بـ «تدخل الاموال الخليجية لانقاذ الاقتصاد الاميركي»، وكان هناك ضيف كريم آخر اخذ يأمر وينهى في كيفية استخدام تلك الاموال، مما جعلني اذكّره بالقاعدة الغريبة التي ترى ان بلح الشام للشام وعنب اليمن لليمن وزيتون تونس لتونس ونيل مصر لمصر وجبال لبنان للبنان (وهي معطيات محقة)، الا نفط الخليج وعوائده واستثماراته فهي مباحة للجميع ان يتكلم ويتحكم فيها، وكأن اهلها قُصّر! وهو أمر لم نر شبيها له في الامم الاخرى، حيث لم نرقب قط الاميركان او الالمان او اهل اليابان يتحدثون في كيفية تصرف أهل كندا او لوكسمبورغ او كوريا بأموالهم.

وقد طلبت ان يعطى اهل الخليج بعض «الكردت» في انهم اهل حكمة وتعقل ويعلمون ما يفعلون حيث اننا نناقش كيفية التصرف بالفوائض المالية «الخليجية» والافضل ان نناقش لماذا لا توجد فوائض مالية لدى دول عربية اخرى نفطية كالعراق وليبيا؟ او غير نفطية، حيث ان اكبر الفوائض المالية في العالم تملكها دول خدمات لا نفط كحال سنغافورة وسويسرا والصين واليابان.. الخ؟ فكيف يصح عمل البرامج الحوارية للوم من احسن التصرف بثروات شعوبه وغض النظر عمن ضيع الثروات العربية في حروب خاسرة او دعما للارهاب العالمي وغيرهما من امور عبثية؟! وقد ذكر المحاور الآخر، وهو دكتور اقتصاد، ان الاموال الخليجية تزيد على 5 تريليونات دولار، وقد عقبت بان ما يقوله هو حجة عليه لا له، ففوائض معلنة بهذا الحجم تعني الكفاءة والذكاء والامانة في التصرف، فلماذا التباكي ومحاولة الوصاية علينا؟!

ومما ذكرته ان دخول الاموال الكويتية والخليجية ليس بقصد انقاذ الاقتصاد الاميركي، حيث تكفلت الحكومة الاميركية بضخ 700 مليار دولار في شريان الشركات، بل هي فرص استثمارية سانحة، حيث تقتضي الحكمة الشراء عند الانهيار ـ كما يحدث ـ والبيع عند الانتعاش القادم لا محالة، حيث لا يوجد ركود دائم بل دورات اقتصادية متعاقبة، واستغربت من تطابق تحفظ الخط الثوري العربي على الاستثمار الخليجي في اميركا مع تحفظ الدوائر المتشددة والقريبة من اسرائيل هناك.

كما تساءلت عن الاوعية البديلة في ظل استثمارات خليجية في الدول العربية تزيد على 60 مليارا، مستشهدا بتقرير الامم المتحدة للتجارة والتنمية (اونكتاد) الذي يظهر ان الدول العربية مازالت تعاني بشدة من معوقات البيروقراطية والفساد والتطاحن السياسي غير العقلاني ومن ضمنها كتابات الضيف الآخر التي تسوّد صورة الاستثمار في بلده وتتهم المستثمرين العرب بكل الموبقات، واستشهدت كذلك بتقرير مشترك لمجلة «الايكونيمست» وبرنامج كولومبيا العالمي الذي يظهر ان الدول العربية الاكثر استقطابا للاستثمار الاجنبي خلال الاعوام الخمسة المقبلة، هي بالترتيب: قطر، الامارات، الكويت، السعودية والبحرين، وتساءلت: اين الدول العربية الاخرى ولماذا لا تنجح في خلق بيئة جاذبة لا طاردة للاستثمار؟!

وطالبت، كتصحيح للاوضاع العربية، بان يُقتدى بالصين وروسيا والهند والاتحاد الاوروبي ودول شرق آسيا ودول الخليج التي لا تجعل تباينها السياسي مع الولايات المتحدة يؤثر على تبادلها الاقتصادي معها القائم على قاعدة «WIN – WIN» الجميلة، واستحضرت ظاهرة غريبة اخرى ننفرد بها وهي ان من لا يملك حدودا مع اسرائيل يطالب بشن الحرب عليها، ومن لا يملك النفط يطالب بقطعه وعدم بيعه ومن لا يملك الفوائض المالية يقرر ايا من الدول يجب ان تستثمر بها، حقيقة: لماذا لا يتحكم كل طرف فيما يملكه لا ما يملكه غيره حتى لا نصبح كمن يتصدق بمال جاره؟

آخر محطة:

نشرت جريدة «الوول ستريت» قبل ايام حجم خسائر الصناديق العالمية المختلفة في انهيار الشركات الاميركية، وقد ثبت ان الهيئة العامة للاستثمار ومعها صندوق التحوط البريطاني هما الاقل تضررا، حيث لم تتجاوز الخسارة الكويتية «المؤقتة» 300 مليون دولار في صفقة «ميري لينش» التي اشتراها البنك الاميركي، والمتوقع ان تشهد ارتفاعا قريبا نظرا لما لتلك الشركة من سمعة عالمية وتاريخ حافل، ولم تشر الصحيفة لارباح محققة للصندوق جاوزت 800 مليون دولار في صفقة «الڤيزا كارد».. عفارم! نشارك الليلة (الثلاثاء) الساعة الـ 10 في حلقة جديدة من برنامج «الاتجاه المعاكس» للحديث حول الانظمة العربية، في محاولة متواضعة منا لتعديل مسار العقل العربي لمزيد من الحكمة والعقلانية والبعد عن الثورية البغيضة، ومن يود معرفة تأثير قناة «الجزيرة» وبرنامج «الاتجاه المعاكس» فعليه ان يرى ردود الفعل التي تصلنا والتي تكتب في الصحف والمنتديات من المحيط للخليج في الايام التي تلي عرض البرنامج.

احمد الصراف

شركات الهاتف وقضية تيمبرلاند

أوردت وكالات الأنباء خبراً مهماً تعلق بقيام شركة تيمبرلاند Timperland الشهيرة لصناعة الأحذية بتسوية قضية تعويض خارج المحكمة ودفع مبلغ 7 ملايين دولار لرجل أعمال أميركي مقابل تنازله عن دعواه بالتعويض نتيجة قيام الشركة بمضايقته وتضييع وقته باصرارها على ارسال رسائل نصية قصيرة لهاتفه النقال لتسويق منتجاتها، وكيف أن تلك الرسائل كانت تأتيه وهو في ذروة انشغاله بأمر ما عارضة عليه شراء زوج من الأحذية، وهذه الرسائل التافهة لا تتسبب فقط في تشتيت انتباهه وتضييع وقته، بل وتشكل تعدياً على حقوقه وخصوصياته!
ما يجري في الكويت، وربما في دول الخليج الأخرى، من استهتار بخصوصيات الناس والتدخل في حياتهم واجبارهم على قراءة اعلانات لا يرغبون في الاطلاع عليها أمر مثير للحيرة.
فالأصل أن من حق المشترك قبول أو رفض أي رسالة أو مكالمة ترد إليه. ولكن الواقع خلاف ذلك تماماً، فهو يجبر ليلاً ونهاراً، وفي أي ساعة، على استلام وقراءة رسائل من أي طرف كان ولأي موضوع، سواء تعلق ببيع غسالات صحون أو الدخول في سحب لرحلة عمرة، أو حتى لجمع تبرعات لمصلحة صندوق «خالد المذكور»، الذي وردني منه قبل أيام متضمناً رقم هاتفه النقال والمميز! إن الفضول البشري يجعل من الصعب مقاومة قراءة أي رسالة ترد الواحد منا، وهذا هو الجانب النفسي الذي يقوم المعلن باستغلاله والاعتماد عليه. ولكننا لا نكون في جميع الأحوال في وضع يسمح لنا بقراءة أي شيء وتخزينه أو شطبه، فقد يكون المتسلم نصف نائم أو مشغولاً بمحاضرة أو على وشك اتمام صفقة أو غير ذلك، ولكنه غير قادر على تجاهل أي رسالة ترده لسبب عائلي أو مادي، وبالتالي يصدم وينزعج كثيراً عندما يكتشف أن الأمر لا يزيد على دعاية رخيصة فرض عليه قراءتها!
نتمنى قيام شركات الهاتف المعنية بتنظيم هذه العملية وعدم تركها عائمة كما هي الآن. كما نتمنى على الشركات المعلنة أخذ موافقة المشتركين قبل ارسال أي رسالة نصية لهم تتعلق بترويج خدمة أو بضاعة أو فكرة ما، لكي لا يتعرض أي طرف لما تعرضت له شركة «تيمبرلاند» من خسارة مادية ومعنوية ودعائية.

ملاحظة:
قرر مجلس نقابة العاملين في الموانئ، الذي حل مكان المجلس السابق الذي لم يكن يحوز رضا ورعاية رئيس المؤسسة، قرر عقد جمعية عمومية في 7-10 لتحديد موعد اضراب العاملين فيه من أجل الضغط على وزير المواصلات والخدمة المدنية ومجلس الوزراء لاقرار الكادر الوظيفي الجديد للعاملين في المؤسسة!
وهذه حالة فريدة من نوعها حيث ان رئيس المؤسسة، الذي يفترض وقوفه في الجانب الحكومي، قد يكون من مؤيدي تنفيذ الاضراب، وربما من المحرضين عليه!

أحمد الصراف