احمد الصراف

غزة ومارتن نايملر

يقول مارتن نايملر Martin Neimoller، وهو نازي سابق، انه عندما بدأ النازيون بالقضاء على الشيوعيين في المانيا لم احرك ساكنا، فلم اكن شيوعيا، ولم اعبأ بالتالي لما كان يجري لهم من قتل وتشريد! وعندما بدأوا بحملتهم ضد «الديموقراطيين الاجتماعيين» التزمت الصمت، فلم اكن يوما «ديموقراطيا اجتماعيا»، وعندما اعلنوا الحرب على الاتحادات العمالية، لم افتح فمي معترضا، فلم اكن عضوا في اي اتحاد عمالي او مهني! وعندما جاءوا للقبض علي، بعد وشاية آثمة، لم يبق هناك احد ليقف معي ويدافع عني!
اكتب ذلك بمناسبة ما يتعرض له سكان غزة من قتل وتشريد على يد الآلة العسكرية الاسرائيلية، ففكر حماس وحكومتها لم يتركا لها صديقاً في العالم، غير بعض الجهات المتخلفة او العاجزة عن فعل شيء لمساعدتها، فقد رفض قادة حماس الاعتراف بوجود اسرائيل، وهذا من حقهم، ومن حق اسرائيل بالتالي ان تثبت ذلك الوجود، كما عادوا الولايات المتحدة، ورفضوا مساعي الاتحاد الاوروبي لجمعهم مع الاسرائيليين، وخسروا تعاطف الدول الخليجية ومصر بالذات، ورفضوا كل منطق وعقل في تعاملهم مع اخوانهم في منظمة التحرير والجبهات الفلسطينية الاخرى، كما لم يصدقوا جدية التهديدات الاسرائيلية بان آلتها العسكرية ستتحرك ان لم يتوقف ناشطو حماس عن اطلاق الصواريخ العشوائية باتجاه مدنها، ولم يتمكنوا، او ربما يشتهوا، قراءة اهمية زيارة تسيبي ليفني لمصر واستقبال مبارك لها في القاهرة، على الرغم من انها سابقة ذات دلالات مهمة، وقال اسرائيل ان لصبرها حدودا وان «إنف از انف»، ولكن حكومة حماس لم تأبه لكل ذلك، وبقيت وتيرة الحياة في غزة كما هي، وما ان بدأ القصف الاسرائيلي وسقط مئات القتلى وآلاف الجرحى، حتى صاحت حماس بان الهجوم غادر وغير متوقع!.
وبمناسبة النداء الذي اصدره رئيس المكتب السياسي لحركة حماس طالبا من الكويتيين مواصلة دعمهم لغزة الجريحة والمحاصرة، فإننا نتساءل فقط أين كان أهالي غزة بالذات يوم تعرضت الكويت للاحتلال والسلب والنهب من النظام العراقي الهمجي السابق الذي لم تردعه أواصر الأخوة والمحبة والقربى من أن يفتك بكل ما وصلت اليه يداه؟ هل وقف سكان القطاع على الحياد عندما تشرد مئات الآلاف من الكويتيين بعد أن فقدوا هويتهم ومستقبلهم وأملاكهم وبيارات نفطهم؟ ألم تهلل الجماهير الغزاوية في الشوارع مرحبة بذلك الاجتياح الهمجي مسرورة باحتلال صدام، مبتهجة لقيام دباباته بدك البيوت الآمنة وتخريب مؤسسات الدولة لغير سبب منطقي؟ الم يرفعوا صور الطاغية صدام داعين له بطول العمر ومطالبيه بالفتك أكثر بنا؟ آه كم هي ضيقة ذاكرة شعوبنا! ولكن مع كل هذا فإن انسانيتي تجعلني أترفع عن التصرف بمثل ما تصرف به الكثير من أهالي غزة بالذات تجاهي. فحبي لوطني لا يسمح لي إلا بمقابلة اساءتهم بالحسنى، وأن أضع الماضي خلفي وأقف معهم متبرعا بما استطيع من مال وما اتحمل من دم، ليس لخوفي فقط لما تبطنه الأيام لنا، ولكن لأن عدم الوقوف معهم يمثل خيانة لمبادئي!
أعلم جيدا أن لا أحد منهم سيقرأ هذا الكلام، وان قرأه فلن يعبأ به كثيرا، ولكني أكتبه لاقتناعي به وليس لاي امر آخر.
ولكن على أهالي غزة عدم نسيان أن من دفعهم للتصرف معنا في زمن الغزو والاحتلال العراقي بكل ذلك السوء لم يكن سوى حماس ومن كان وراءها من قيادات متأسلمة متخلفة لم تتغير منذ ما قبل غزو واحتلال الكويت وحتى اليوم! فهؤلاء هم الذين جلبوا لكم الدمار والفقر والمرض، وبعد أن قمتم باختيارهم من خلال صناديق الاقتراع. فتطرف قيادتكم الدينية السياسية لا يقل عن تطرف القيادة الاسرائيلية الدينية، وحماس هي التي أعلنت غزة «وقفا إسلاميا» لا يحق لغيرهم التواجد فيه وتملك أراضيه!
ونصيحة أخيرة، لا يغركم وقوف القيادات المتأسلمة في الكويت وغيرها من سلف واخوان وتلف من جماعة “النباطة” وربطات الجبين المضمخة بالألوان الحمراء، فهؤلاء لا هدف لهم غير البروز والمال، ومآسيكم ودماؤكم هي التي تزيدهم شهرة وثراء، فلا ايران ستنفعكم في نهاية اليوم ولا الأقطان ستقف معكم، فمصير غزة يكمن في أيديكم وعليكم الخلاص ممن وضعكم في هذا المأزق الذي لن تتمكنوا بسهولة من الخروج منه.. سالمين!
ملاحظة: طالبت القيادات الممثلة للسلف والاخوان وحزب الامة، وبقية الاحزاب غير الشرعية، عبر خطب ملتهبة القيت في ساحة الارادة، بفتح باب الجهاد امام الجماهير الاسلامية لتقوم بالتصدي لطائرات اسرائيل وصواريخها من خلف متاريس مصنوعة من قنادر «منتظر»! وعند انتهاء المهرجان «الخطابي» لم يتقدم احد للتطوع، بل غادر الجميع الساحة الى امان بيوتهم واحضان زوجاتهم وعناق ابنائهم والوثير من فرش صالاتهم لمتابعة برامج قنوات روتانا المسلية!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

يحچي بالقانون؟

لا أعلم إن كان هناك قانون حقاً يمنع الرجال من دخول مدارس الطالبات، أم أنه من ضرب خيال هايف، وإن كان هناك قانون كما يدّعي هايف فيجب أن يُلغى لأنه سطحي وغير منطقي أبداً، ولكن لست أنت يا هايف من يتحدث عن القانون الكويتي لا من قريب ولا من بعيد، فدخولك إلى المجلس غير قانوني عن طريق فرعية تتباهى بها، وقسمك النيابي غير قانوني لأنك أقحمت ما هو غير موجود في النص الدستوري على القسم بمزاجك، وأمام ناظريْ رئيس مجلس الأمة، الذي لا يعرف كيف يحاسب المتعدين على القانون واللائحة داخل المجلس.

ولكن لنطرح فرضية معينة نبين بها مدى سخافة مطالبة هايف وغيره من النواب بالاحتجاج على الأصبوحة الشعرية، بسبب أن الرجال دخلوا إلى مدارس الطالبات… فالمناهج التعليمية كلها تزخر بعلماء من شتى المجالات وأغلبيتهم العظمى من الرجال، ففي التربية الإسلامية نجد أسماء كالبخاري ومسلم وأحمد بن حنبل وغيرهم، وفي الأدب نجد شوقي وحافظ وأمل دنقل، وفي العلوم والرياضيات نجد نيوتن والخوارزمي وزويل وآينشتاين، لنفرض مثلا أن أحمد زويل أو بيل غيتس قاما بزيارة إلى الكويت، وأرادا إلقاء محاضرة في ثانوية للطالبات، فهل سترتفع بعض الأصوات بالاحتجاج على دخولهم إلى المدارس؟ أعتقد أن إجابة هايف ومن هم من أمثاله ستكون الرفض طبعاً، لأن كل وجود بالنسبة لرجال ونساء في مكان واحد هو أمر يثير الغرائز ويحفّز على الفجور.

إن المشكلة ليست في هايف أو غيره باعتقادي، المشكلة كلها تقع على عاتق الحكومة التي لا تتجرأ على ردع أي محاولة لوأد الدستور والتعدي على نصوصه من قبل نواب يفترض أنهم مؤتمنون عليه ومطالبون بتطبيقه وحمايته، فقد بات التعدي على الدستور أسهل من شرب الماء لنوّاب المجلس، فهم لا يبالون إن كان قولهم وفعلهم ضد الدستور أو يتعدى عليه، والسبب طبعاً وهن الحكومة ورئيسها غير القادرين أبداً على مجاراة ما يحدث اليوم من النوّاب.

خارج نطاق التغطية:

في يناير المقبل ستعقد قمة اقتصادية عملاقة في الكويت، وبالطبع ستغلق كل الشوارع من قبل إدارة المرور بحجة تنظيم السير مما سيعرقل احتياجات أبناء الكويت في التنقل سواء للذهاب إلى العمل أو غيرها من حاجات التنقل، فالكويت بكل جهاتها لا تعرف سوى المنع لحل أي مشكلة، ولهذا فلتلجأ الحكومة إلى أسلوب التنبيه الإعلامي بالطرق التي ستغلق، لعل هذه المحاولة تجدي لحل أسلوب المنع العقيم.

سامي النصف

فزعة لإنقاذ دبي

في عام 90 احتل صدام الكويت، ورغم مخاوف كل دولة خليجية على امنها الذاتي الا ان جميع دولنا وقفت صفا واحدا لتحرير الكويت، وهو ما تم، ولولا تلك «الفزعة» لكانت الاوضاع الخليجية بالمجمل قد تحولت للاسوأ ولربما واصل رابع جيش في العالم اجتياحه ولكنا نتحدث الآن عن المحافظة الرابعة والعشرين لعراق صدام.

لدى دول الخليج العربية هذه الايام اشكالات اقتصادية شائكة لا تخفى على احد الا ان تلك الاشكالات الذاتية يجب الا توقف دولنا الخليجية مجتمعة وعبر قمتها الحالية عن المساهمة في اكمال مشاريع امارة دبي الواعدة وانقاذ تلك الدرة الخليجية ـ التي يذكر لها الكويتيون كرم ضيافتها لهم ابان الاحتلال ـ من اشكالها المالي الحالي اظهارا للتضامن الخليجي في أجمل صورة وحماية للنفس، فسقوط دبي – لا سمح الله – سيعني سقوط آلاف الشركات الخليجية الكبرى وافلاس كثير من رجال الاعمال الخليجيين والعرب.

نشرت صحفنا المحلية حجم مديونيات شركاتنا المساهمة وهي تفوق مديونيات عدة دول افريقية مجتمعة، اذا كنا نعلم عبر الرؤية المجردة اين ذهبت قروض دبي والفائدة المرجوة من اكمال مشروعاتها الضخمة، فهل لنا ان نسأل اين ذهبت قروض شركاتنا المساهمة؟ وهل استخدمت في انشاء المصانع والمزارع والمطارات والقطارات ومراكز الخدمات بحيث تصبح اصولا ذات فائدة لمن يقوم بشرائها او تعويمها، ام انها اقتسمت ما بين العمولات والبونصات وعمليات التنفيع الشخصية وشراء اصول وهمية ذرتها رياح السونامي الاقتصادي الحالي؟!

هل العالم في نهاية السونامي الاقتصادي ام في بدايته؟! اعتقد ان بعض دول العالم التي تعاملت باحتراف شديد مع الازمة ولم تخف من اعلان الافلاسات قد تكون تخطت خط البداية وقد نشهد في نهاية عام 2009 قرب نهاية اشكالاتها، اما بعض دولنا فمازالت في بداية الازمة، وسنشهد في الاعوام المقبلة النتائج الكوارثية لـ 1 ـ الانهيار الاقتصادي، 2 ـ انخفاض اسعار النفط بشكل دائم، 3 ـ التردد في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.

وكويتنا الحبيبة هي البلد الوحيد في التاريخ الذي تنهار فيه الاسواق المالية كل عام او عامين وتتعرض فيه البنوك والشركات لخطر الافلاس ويثرى البعض من تلك الانهيارات ـ او السرقات ـ ثراء فاحشا ولا يحاسب احد قط، ورحم الله ايام احالة فراش البلدية للنيابة العامة، فعلى الاقل كان هناك من يحترم العقول ويقر بأنه لا جريمة تتم دون فاعل.

تضمنت بعض مقترحات المدغدغين من رجال البرلمان عمليات تدمير وتخريب منظمة للاقتصاد الكويتي حيث تم عبر بعض تلك المقترحات، كالتقاعد المبكر للمرأة وغيرها، الإضرار الشديد بمؤسسات رابحة وناجحة كالتأمينات وصندوق التنمية وهيئة السكان وبنك التسليف.. الخ، وكانت حجة هؤلاء الوحيدة كلما تصدينا لهم ان فوائض الميزانية العامة للدولة تضمن عدم افلاسها، المال العام في المقبل من الاعوام لن يكفي لدفع رواتب الموظفين، والواجب اعادة النظر في كثير من التشريعات قصيرة النظر التي صدرت خلال سنوات «غياب الوعي» الماضية.

آخر محطة:

«النفط» و«المالية» هما من اهم الوزارات في الفترة الصعبة والحرجة المقبلة حيث تشكلان مجمل دخل الدولة، الوزارتان بحاجة ماسة لوزيرين كفؤين وافضل من الحاليين ممن اذا سكتوا مصيبة واذا نطقوا كارثة. انتقد وزير الطاقة ـ وبذكاء شديد ـ منتقدي مشروع «الداو» من النواب وتساءل من اين يأتون بمعلوماتهم وارقامهم؟ والحقيقة ان سؤالا كهذا يدينه ولا يدينهم حيث يظهر اخفاقه واخفاق القيادات النفطية الشديدين في ايصال المعلومات الصحيحة للجهات الرقابية كمجلس الامة، وحجة كهذه يستشهد بها فقط في الكويت.

سامي النصف

أسماء ليست كالأسماء

الشيوخ والنواب:
محمد عبدالله المبارك، ثامر جابر الاحمد، حمد جابر العلي، احمد النواف، عبير سالم العلي، سلمان الحمود، صباح محمد الاحمد، خليفة علي الخليفة، طلال المبارك، فواز السعود، مرزوق الغانم، صالح الملا، فيصل المسلم، علي الراشد، محمد الحويلة، محمد العبدالجادر، عادل الصرعاوي، جمعان الحربش، عبدالعزيز الشايجي، حسن جوهر، محمد الكندري، عبداللطيف العميري، روضان الروضان، علي الدقباسي، عسكر العنزي وغيرهم.

السيدات والسادة:
كوثر الجوعان، جنان بوشهري، عبدالوهاب الهارون، هشام الرزوقي، عادل اليوسفي، فيصل العيار، أسعد البنوان، فيصل المطوع، ساير بدر الساير، فيصل الزامل، سعود البابطين، بدر السميط، يوسف علي المتروك، عادل البحر، نجيب مساعد الصالح، وليد الروضان، سعد البراك، عمر العيسى، عمر القاضي، عمر المطوع، اسامة بوخمسين، بدر البعيجان، حسام الشملان، عبدالفتاح معرفي، عبدالعزيز النفيسي، حمد العميري، عبدالسلام البحر، أيمن بودي وغيرهم.

الدكاترة:
محمد الرميحي، خالد الصبيح، علي الزعبي، صعفق الركيبي، هيلة المكيمي، رولا دشتي، يوسف النصف، خليفة الوقيان، خالد الشلال، رمضان الشراح، عادل الوقيان، عبدالرحمن الاحمد، عجيل الظاهر، عبدالله سهر، ابراهيم الرشدان، مبارك العجمي، شفيق الغبرا، وغيرهم.

الكويت ولادة وما سبق هي أسماء لدماء كويتية حامية غير تقليدية تخرج اغلبها في أرقى الجامعات العالمية ولا يمانع كثير منهم في خدمة وطنه في المرحلة الحرجة القادمة عبر القبول بالمنصب الوزاري.

لقد حسم المستشار شفيق إمام في مقال الأمس بجريدة «القبس» قضيتين مهمتين، الاولى هي عدم التقيد بمدة محددة للتشكيل الوزاري ومن ثم سقوط عامل الوقت كمسبب للتسرع في الاختيار، والثانية دستورية حضور الحكومة للجلسات رغم استقالتها، ومن ثم اضافة عامل آخر لعدم التسرع.

إن الكويت بحاجة لحكومة ليست كالحكومات تضم أسماء ليست كالاسماء المعتادة لمواجهة مرحلة ليست مثل كل المراحل السابقة في حجم التحديات الاقتصادية والسياسية والامنية التي ستواجهها، ونرجو ان يعكس التشكيل الجديد بروحه وقوته رسالة تفاؤل وأمل للناس فلا احد بحاجة لجولات حامية أخرى.

آخر محطة:
 أجمل التهاني والتبريكات للعالمين الاسلامي والمسيحي وللانسانية جمعاء بحلول رأس السنة الهجرية وأعياد الميلاد المجيدة، وكل عام وأنتم بخير.

احمد الصراف

مايكل هارت وبل غيتس

كتب مايكل هارت في عام 1978 بحثه الشهير A ranking of the 100 most Influential persons inhistory او المائة شخصية الاكثر تأثيرا في التاريخ، الذي جاء في اكثر من 560 صفحة من القطع الكبير وتضمن سير 100 شخصية تاريخية وكما غريبا وطريفا ومفيدا من المعلومات عن شعوب العالم. وسبق ان قام الكاتب المصري انيس منصور بترجمة الكتاب قبل سنوات، ولكن بصورة غير امينة، ووضع اسمه على الغلاف من دون الاشارة الى اسم كاتبه الحقيقي، وقام بتشويه عنوانه ليجعله “اعظم مائة شخصية في التاريخ”، والفرق واضح بين “الاعظم” و”الاكثر تأثيرا”! فقد لا يكون للشخص أي تاثير مباشر على حياتنا، ولكن هذا لا يجعله اقل عظمة في الوقت نفسه، والعكس صحيح.
يتصدر اسم النبي محمد بن عبدالله (ص) شخصيات الكتاب لكونه الاكثر تأثيرا، وبصورة مباشرة على حياة المسلمين. ولا ينازعه في المكانة احد، فما كان يقوم بأدائه من فروض دينية وما كان يأمر باتباعه، او ينهى عنه، منذ 1400 عام او يزيد، لا يزال، والى حد كبير، يؤدى بالطريقة نفسها.
وجاء اسحاق نيوتن في المرتبة الثانية لتأثيره الهائل والمباشر على حياة البشر من منتصف القرن السابع عشر وحتى اليوم والى قرون عدة مقبلة. فنيوتن،ولاسباب عدة، يعتبر اعظم عالم عرفته البشرية، ومكتشفاته تعتبر حجر الاساس لكثير من المخترعات التي ننعم بها اليوم. ووضع المؤلف السيد المسيح في المرتبة الثالثة تأثيرا، علما بان مايكل هارت مسيحي اميركي، كما ان مسيحيي العالم يفوق عددهم اتباع أي ديانة اخرى، ولكن البحث لم يوضع على اساس الاكثر اتباعا او قوة او سطوة بل “تأثيرا”، والتأثير المباشر لحياة المسيح وكلامه ووصاياه لا يقارن بتأثير من سبقه من شخصيات الكتاب التاريخية، وربما يعود ذلك الى قصر حياته وقلة افعاله واقواله بالتالي.
ثم يأتي بوذا وكونفشيوس والقديس بولس والصيني “تسالون”، مخترع الورق، ومن بعده جوهان غوتنبرغ مخترع الطباعة، وكريستوفر كولمبوس تباعا، ومن ثم ألبرت اينشتاين في المرتبة العاشرة، الى ان نصل الى الشخصية 51 وهي لعمر بن الخطاب، لنكتشف، حسب القواعد التي وضع البحث على اساسها، ان لا احد غيره وقبله النبي قدما من منطقتنا، وكان له ذلك التأثير الهائل على حياة البشر.
تضمنت القائمة شخصيات مؤثرة اخرى كـ “لويس باستور”، اعظم علماء الطب ومكتشف علم الجراثيم (البسترة). والكسندر غراهام بيل، مخترع التلفون، وكوبرنيكوس، وجيمس وات، مخترع الآلة البخارية التي مهد اختراعها للثورة الصناعية، وماكيافيللي، والكسندر فليمنغ مكتشف البنسلين، والاخوة رايت في الطيران، وعالم الكيمياء “لافوازييه” والنفس “سيجمون فرويد”، وتوماس اديسون، المتعدد الاختراعات والمنجزات، والايطالي “ماركوني” مخترع الراديو، وغيرهم الكثير. وربما يكون الهولندي وليام مورتون اقلهم شهرة واكثرهم نفعا للبشرية، فقد كان له دور كبير في تطوير استخدام التخدير في العمليات الجراحية، الامر الذي خفف من آلام مئات ملايين البشر، خاصة ان اكتشافه جاء قبل حربين عالميتين خلفتا اكثر من مائة مليون جريح!
ويصل المؤلف لاستنتاجات غاية في الاهمية، حيث بين ان غالبية شخصيات الكتاب قدموا من اوروبا، وان البريطانيين منهم كانوا الاكثر مساهمة في الحضارة الانسانية من أي امة اخرى. وان خمسة من الـ 18 بريطانيا قدموا من اسكتلندا، واسماء هؤلاء الخمسة وردت في النصف الاول من الكتاب. ولو علمنا بان نسبة الاسكتلنديين من بين سكان الكرة الارضية لا تتعدى واحدا على ثمانية (ثمن) في المائة فقط لعلمنا مقدار ما تركز في اسكتلندا من مواهب وخبرات.
كما يلاحظ ان نسبة كبيرة من شخصيات الكتاب برزت بين القرنين السادس والثالث قبل ميلاد المسيح! ثم تبعت ذلك فترة من السكون والخمود امتدت لفترة 1800 سنة تقريبا، أي حتى القرن الخامس عشر الميلادي، عندما تهيأت ظروف افضل للتقدم والاختراع والاكتشاف.
ويقول المؤلف ان كتب التاريخ تخصص صفحات أكثر للقادة السياسيين،ولكنه يعتقد ان التقدم العلمي كان له الدور الاكبر في تشكيل عالمنا.
وتبين من البحث ان 19% من شخصيات الكتاب لم يتزوجوا، كما ان 26% منهم لم ينجبوا، حسب ما توافر للمؤلف من معلومات.
كما بين البحث ان جميع شخصيات الكتاب كانوا شديدي الذكاء، ومن الحاصلين على تعليم عال، اما غالبية غير المتعلمين منهم فقد كانوا من القادة العسكريين.
وبين البحث حقيقة غريبة هي ان 10% من شخصيات الكتاب كانوا يعانون داء النقرس، علما بان النسبة العالمية للمصابين بهذا المرض اقل من ذلك بكثير، وهو امر جدير بالدراسة. لا شك ان المؤلف وضع كتابه في مرحلة اعتقد فيها، من منظوره الخاص، ان من كتب عنهم يمثلون الشخصيات الاكثر تأثيرا في تاريخ البشرية. ولا شك ان البعض يختلف معه في الترتيب الذي اتبعه، او في اهلية البعض منهم ليكونوا ضمن المائة الاكثر تأثيرا اصلا. وربما يكون هذا حافزا لباحثين آخرين لكتابة ما يتفق وآراءهم.
واخيرا، لو كان المؤلف لا يزال على قيد الحياة لما تردد في ادخال شخصيات مؤثرة جديدة على الكتاب. ففي الثلاثين سنة الاخيرة فرضت شخصيات عالمية، كـ”بل غيتس”، رئيس مايكروسوفت وستيف جوبس مؤسس “ابل”، نفسيهما على الساحة العالمية.
***
ملاحظة: تزامناً مع بدء احتفالات رأس السنة, اعلن المتشدد مبارك البذالي عن تدشين جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقال إن نشاطها سيبدأ من “الصليبخات” ومراقبة تصرفات “الخادمات المتبرجات” فيها.
وحذر البذالي من اقامة حفلات مختلطة او احتساء الخمور في رأس السنة. وقال ان من يرغب في مثل تلك الممارسات فليخرج من الكويت. وأكد ان عمل جمعيته لا يتعارض مع عمل وزارة الداخلية وانما هو مكمل لها في المحافظة على القيم والاخلاق.
ونحن في هذه الزاوية نشد على يد البذالي ونتمنى له التوفيق، ونرحب به وليا لأمرنا، فله وحده الحق في بقائنا في الكويت أو الخروج منها.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

بين البحرين وإيران

 

كحال الكثيرين، أقضي بعض الوقت، كلما سنحت الفرصة، للتجول في المنتديات الإلكترونية البحرينية والإطلاع على ما يطرح فيها من موضوعات، وقد لفت نظري، كما هو الحال بالنسبة إلى الكثيرين أيضا، أن التحذير من مطامع إيران في البحرين والتخطيط الدائم من قبل الجمهورية الإسلامية (الجارة) للسيطرة على بلادنا، يتصدر اهتمامات (فصيل) محدد من أصحاب الأسماء المستعارة، الذين يسردون الكثير الكثير من المعلومات الاستخباراتية (التي لا تعلم عنها الدولة وأجهزتها)، بل ويكتبون باللون الأحمر (التحذير) للحكومة مرارا وتكرارا كي لا (تنام في العسل) وتقع الفأس في الرأس.

باختصار شديد، فإن مضامين تلك الموضوعات تحمل من الإهانة لبلادنا ذات الاستقلال والسيادة والقيادة الشرعية ما لا يمكن قبوله، كما أن الاستناد إلى وجود جماعات من أبناء البلد ذوي الهوى الإيراني من (يخططون ويتلقون الأوامر ويتولون التخريب والتدمير والقتل وإرهاب البلاد والعباد) كما تزعم تلك الموضوعات وكتّابها، لا يمكن اعتباره أبدا دليل إدانة، ثم ينقلب الأمر بين ليلة وضحاها، فيتم توجيه الكلام البذيء والإهانات إلى كبار المسئولين حين يزورون إيران ويوقعون الاتفاقات الأمنية والاقتصادية والتعاونية المشتركة، فتظهر عبارات أخرى مثيرة للضحك والإشفاق على تلك العقول من قبيل: «لطالما حذرنا من الخطر الإيراني الصفوي المجوسي على بلادنا، فكيف يا حكومة تتعاونين مع من يريد احتلالنا؟».

تلك (الحقائق المذهلة) تعني أمرا واحدا، وهو أن أولئك الخبراء الفطاحل يمتلكون من المعلومات والحقائق والوثائق والمواقف ما لا تملكه الدولة ولا تريد أن تعرفه! فلزاما عليهم تكرار التحذير، ولا بأس في ذلك طالما الأمر لا يعدو كونه (خزعبلات) أسفل أسماء مستعارة عملاقة عتيدة تمثل (الولاء الحقيقي المطلق والأول ولا شيء غيره).

وفي ظني، أن وزير خارجيتنا الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، وقع في خطأ جسيم عندما مثّل (مملكة البحرين) في التوقيع على الاتفاقية الأمنية مع (إيران المتربصة)، ولم يأخذ في اعتباره التحذيرات الكثيرة من الخطر الإيراني الذي سيستمر إلى أبد الآبدين كما يبدو، ولم يضع في اعتباره تحذيرات (خبراء الكيبورد) من وجود طابور خامس، وعصابات مدربة، وجماعات (ذات هوى إيراني مجوسي)، فأصبح هذا الرجل السياسي المحنك المقتدر في نظر أولئك الخبراء، مخطئا لأنه ذهب إلى العدو في عقر داره، ليوقع اتفاقية أمنية.

أما بعد، فالبحرين يا (أولئك) لا تحتاج إلى هواجسكم المبطنة بالولاء، وشئنا أم أبينا، ستبقى البحرين عربية، وسيبقى (آل خليفة) حكامها الشرعيين يلتف حولهم كل البحرينيين، ويكفي أن نعود إلى جنيف يوم 11 مايو/ آيار من العام 1970 ونطّلع على الوثيقة التي قدمها مبعوث الأمم المتحدة السير ونسبير بعد الاستفتاء على عروبة البحرين، وهي وثيقة مهمة شاهدة على الولاء الكامل للأرض، وأن الأسرة الخليفية هي القيادة الشرعية لهذه البلاد، ليتم دحض الافتراءات التي يحاول مروجوها النيل من ولاء الكثير من أبناء البلد وإلحاقهم بولاءات مستوردة لا مكان لها من الصحة إلا في عقول من يحمل العداء للبحرين وحكومتها وشعبها.

وأولئك الخبراء الكيبورديون، ومعهم فصيل آخر من الكتّاب والخطباء ومروجي الفتنة (هم من يحمل العداء أيضا)، أما إذا كان المشروع الإصلاحي لجلالة الملك عاهل البلاد قد منح المواطنين حرية التعبير والتظاهر والمطالبة بالحقوق بالأساليب السلمية، فإن (حكومتنا) وليست (إيران) هي القادرة على حل مشاكلنا وإنهاء صورة الصدام العنيف والانفلات المقلق المؤثر على الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي بالحوار مع الأطراف ذات العلاقة…

وعلى أي حال، أطمئنوا أيها الخبراء… لا خوف على البحرين؛ لأنها (البحرين) ولا وطن غيرها

احمد الصراف

الآخر في التصور الإسلامي

الآخر، في التصور الاسلامي، هو غير المسلم، سواء كان كتابيا، مجوسيا، مشركا او حتى ملحدا، واحيانا يضيف جماعة السنة الى هؤلاء كل من يخالف مذاهبهم من شيعة واسماعيلية وبهرة او احمدية وحتى اباظية. ويتخذ غالبية الشيعة الموقف ذاته مع غيرهم من اتباع المذاهب السنية، وحتى من الشيعة غير الاثني عشرية.
والامر لا يقف بطبيعة الحال عند التصور فقط، بل يمتد بحيث تصبح له تبعات دنيوية، كما ان لكل طرف تصوره في تبعات ذلك بعد الموت. فهناك تمييز في المعاملة والحقوق والواجبات بين المسلم السني والمسلم الشيعي. فدستور جمهورية ايران الاسلامية لا يسمح لغير الشيعي بتولي منصب رئاسة الجمهورية، وهذا يعني ببساطة ان غير الشيعي غير مسلم او لا يستحق تولي هذا المنصب الرفيع حتى لو اختار الشعب الايراني برمته شخصا سنيا لتولي الرئاسة!!
وعلى الرغم من عدم وجود نصوص في دساتير غالبية الدول الاسلامية السنية، على افتراض وجود دستور يعمل به بطريقة محترمة، فان من الاستحالة مجرد التفكير في امكان وصول شيعي الى منصب رئيس الدولة فيها جميعا، خصوصا في ظل الامر الواقع الذي يمنع وصولهم إلى ما هو ادنى من ذلك بكثير. اما التفرقة بين المواطن المسلم، شيعيا كان او سنيا، وبين بقية المواطنين من اصحاب الديانات الاخرى فحدث ولا حرج. فهؤلاء يصنفون عادة كفاراً، والكفار يقسمون الى فئتين، كتابيين ومشركين، والفارق بينهما يكمن في مبدأ الجزية. فالجزية تقبل من اصحاب الكتاب من مسيحيين ويهود، وبعض الفقهاء يحشرون معهم المجوس، ودفع الجزية يعطيهم الحق في البقاء احياء. اما بقية البشر من اتباع آلاف الديانات الاخرى فليس امامهم سوى خيار واحد هو إما الدخول في الاسلام وإما قطع الرقبة. ومن الانصاف القول ان نص القتل لم يطبق بشكل واسع وتم التغاضي عنه على الرغم من وضوحه!
وعلى الرغم من وجود بعض الاختلافات بين مذهب اسلامي وآخر في الموقف من غير اهل الكتاب من ناحية قبول او عدم قبول الجزية منهم، فان المبدأ الاساسي يبقى من دون تغيير. كما يمكن القول ان مكانة غير المسلم في المجتمعات الاسلامية هامشية بمعنى الكلمة. فجميع النصوص تطالب بقتل المشركين، حيث وجدوا، والنصوص موجودة في سورة التوبة في الآيتين 5 و29، وهي تطالب بقتال الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر والذين لم يحرموا ما حرم الله ورسوله ولا يدينون بدين الحق من الذين اوتوا الكتاب، الا اذا دفعوا الجزية وهم اذلاء صاغرون.
وعلى الرغم من كل ما تتضمنه دساتير الدول العربية والاسلامية من نصوص واضحة تؤكد تقديس الحرية والمساواة من دون تفرقة بين المواطنين، فان من المعروف ان غير المسلم يعامل بشك عادة في هذه البلدان، وكمواطن من الدرجة الثانية أو أقل. فشهادة غير المسلم على المسلم لا تقبل، ويشتط البعض بحيث لا تقبل حتى شهادة الكفار بعضهم على بعض. واذا قتل الكافر مسلما فجزاؤه القصاص، ولكن لا يُقتل مسلم بكافر، كما ورد في صحيح البخاري، مع مخالفة الاحناف لهذه القاعدة. كما لا يقتص من المسلم بالكافر في الجروح وجرائم قطع الاعضاء. ولا يطبق الحد على من قذف كافرا، بل يعزر فقط. فأعراض غير المسلمين لا تستحق ان تصان من القذف. ومتفق عليه ان غير المسلم لا يحق له الزواج بمسلمة. وتوصي بعض النصوص المسلمين حتى بعدم مبادرة اليهود والنصارى بالسلام. وللمسلم حق «استرداد سلامه» ان تبين ان من سلم عليه غير مسلم، لكي يجعله يشعر بالوحشة فيختار ان يسلم. وان على المسلم، ان التقى كتابيا في الطريق، ان يدفعه لأضيقه! وتعتبر قضية الجزية المفروضة على غير المسلمين من اكثر الامور تعقيدا في العلاقة بين الطرفين. ولهذا لا تطبق الجزية في اي مجتمع اسلامي على الرغم من اجماع الفقهاء عليها، لان في دفعها حقنا لدماء الكفار بدلا من قتلهم، او لمجرد القبول بهم في دار الاسلام. ويذهب البعض إلى القول إنها عقوبة على الكفار لبقائهم على كفرهم.
فالجزية تشكل إذلالا لدافعها. وحسب قول «ابن القيم الجوزية» فإنها تضرب على رؤوس الكفار إذلالا وصغارا لهم ولتحقيرهم وإهانتهم.
وعلى الرغم من تساهل الاسلام مع اهل الكتاب في ما يتعلق بممارسة شعائرهم فانه وضع قيودا تمنع اظهار الصليب ورفع الصوت في الصلاة والقراءة.
وقد يقول قائل ان الكثير من هذه الامور غير مطبقة، وهذا صحيح، ولكن مجرد وجودها يعني ان هناك سيفا مصلتا على رقاب غير المسلمين يمكن ان يفعل في اي يوم. وبالتالي من المهم تحصين القوانين الوضعية ودعم الدساتير الموضوعة لحماية الحريات الفردية والحقوق الشخصية من تسلط رجال الدين ومنع تدخلهم في شؤون البشر اليومية بصورة متعسفة.

***
ملاحظة 1: المقال مقتبس من مراجع عدة.
ملاحظة 2: قام أحد محرري «القبس» بتعديل ما كتبنا عن الممثل روبرت حسين في مقال امس الاول ليذكر أن حسين ممثل فرنسي من اصل تونسي، وهذا غير صحيح. فـ«روبرت حسين» ممثل ومخرج فرنسي من اصل روسي ايراني، وبالتحديد من اذربيجان الايرانية عندما كانت تحت الحكم الروسي. واسمه قبل تغييره كان روبرت حوسينوف، ولو عاش لبلغ عمره اليوم 81، حيث انه ولد في 30ــ12ــ1927.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

تايتانيك وقبطانها

إنسانيا، أي على المستوى الإنساني والشخصي، سمو رئيس الحكومة رائع، «تزوّجه بنتك» والمهر دينار، يستاهل بو صباح. لكن على المستوى السياسي والقيادي «تطلقها منه».
طيب، كيف سيُقنع سمو الرئيس الآخرين بالدخول في حكومته إذا كان هو مهددا بالاستجواب مسبقا بسبب صفقة، أو لطشة، الداو كيميكال، في الوقت الذي يرفض هو فيه الصعود على المنصة؟ يعني من البداية، البيعة خسرانة. صح؟
أمانة، لا أظن أن أحدا سيقبل بالمنصب الوزاري سوى الباحثين عن المئة ألف دينار (المنحة السنوية للوزراء) والساعين وراء لقب «وزير سابق». وهذه النوعية من البضاعة متوافرة بكميات هائلة في الأسواق الشعبية، وأيضا لا أظن أن سموّه سيقبل بها وهو المعروف بحرصه على اقتناء وارتداء الأفخر من الماركات العالمية. متابعة قراءة تايتانيك وقبطانها

سامي النصف

معايير اختيار الوزراء

حضرت بالامس ندوة اقامتها جمعية المحامين الكويتية استضافت خلالها النواب الافاضل مسلم البراك ومرزوق الغانم وصالح الملا، وقد تحدث الضيوف عن معايير وضوابط اختيار الوزراء في الكويت، والندوة منشورة في الصحافة المحلية وعلى مواقع الانترنت المختلفة.

في الولايات المتحدة والدول المتقدمة هناك محاسبة شديدة للعمل في القطاعين العام والخاص، ولا يصعد السلم الوظيفي لديهم الا الاكثر كفاءة وامانة وذكاء، والحال كذلك ضمن المراكز العلمية هناك، فلا يحوز شهادة الدكتوراه ولا يترأس المعاهد والكليات الا الاكثر قدرة وعلما، لذا يسهل ايجاد الوزراء، حيث لا تحتاج الا الى الاستعانة بالمبرزين في السلم الوظيفي كوكلاء الوزارات او رؤساء المؤسسات الحكومية او مديري الشركات المساهمة او دكاترة الجامعة لتضمن توافر المواصفات والمعايير اللازمة.

في الكويت وضمن الغياب التام للمعايير وقضايا الثواب والعقاب في القطاعين العام والخاص وتفشي الواسطة في الترقيات وانتشار ظاهرة شراء الشهادات العلمية وعدم القبول بمحاسبة المسؤول مهما تكررت اخطاؤه اصبح من الاستحالة معرفة المجد من المخطئ، والنظيف من المتلوث، والكفؤ من معدوم الكفاءة كي يتم عبر ذلك الفرز اختيار الاصلح لتقلد المراكز الوزارية، وعليه يجب البدء بخلق ضوابط جديدة للعمل الحكومي وحتى ضمن الشركات المساهمة كي لا يبرز الا الافضل والاكفأ والاصلح.

ومن الاخطاء الجسيمة الاكتفاء عند النظر في قضية التوزير لمن ترشحه القوى والكتل السياسية كونها تكرر في العادة ترشيح المنضوين تحت لوائها ممن لا يزيدون في مجموعهم على 5% من سكان الكويت (50 الف منضو لجميع تلك التكتلات) ومن ثم ابعاد 95% من الكويتيين غير التابعين لهم، ان هناك حاجة ماسة لخلق بنوك معلومات تضم اسماء المبرزين في كل القطاعات والمجالات، كما يمكن الطلب من الجمعيات المهنية ترشيح افضل المنضوين تحت لوائها ليتم تخزينهم في تلك البنوك كي تتاح لهم فرص التوزير المستقبلي.

ومن معايير اختيار الوزير الى ضوابط «بقاء» الوزير، فما فائدة ان نختار افضل الوزراء اذا كنا سنحاسبهم ونبعدهم بعد مدة قصيرة وقبل ان يتاح لهم المجال للعمل والابداع، ان الخطأ الاكبر في تفشي المحاسبة على الهوية هي انها ترسل رسالة واضحة للوزراء والمديرين بأن الشرف والكفاءة والامانة لا تنفع ولا تضمن لهم البقاء في مراكزهم، لذا فما المانع من التجاوز والسير مع التيار مادامت النتيجة واحدة؟!

والغريب والعجيب ان الذي يريد ان يتقلد اصغر الوظائف واقلها قيمة يتم عادة تتبع سيرته الوظيفية السابقة ثم تجرى له عدة امتحانات ولقاءات شخصية زيادة في الحرص والتأكد، وما ان يتم اختياره حتى تنظم له عدة دورات تدريبية تؤهله لاداء افضل في عمله، لذا فما الذي يمنع من ان نقوم بالجهد نفسه عند اختيار الوزراء، وهي من الوظائف المهمة التي ان صلحت صلح حال الحكومة وصلح حال البلد بدلا من الفحص السريع الذي يتم عادة ابان شرب استكانة الشاي؟!

احمد الصراف

رائحته ولون غرفة نومه

قال روبرت حسين يوما، وهو ممثل فرنسي من اصل تونسي اشتهر في الستينات بأدواره المتقنة والمعقدة، إنه يكره ان يقابل من يشبهه او من هو على شاكلته. ويتفق الكثيرون في ذلك معه من دون ان يعلموا. فالزيجات الناجحة او الصداقات الطويلة والمثمرة تدوم عادة بسبب الاختلافات، او المزايا والمواهب والصفات التي يراها طرف في الطرف الآخر ولا تتوافر فيه. وسبق ان رأينا ان اول مظاهر انفتاح الصين على العالم، قبل ثلاثين عاما، كان في قرار ترك الحرية للصينيين في التخلي عن الشكل واللون الموحد لما يرتدونه من ملابس، فالانسان بطبيعته ملول ويميل للتنوع والتغيير، كما يرى الاشياء نفسها التي يمتلكها اكثر جمالا في يد غيره. وقد كان لتلك الخطوة وقتها الاثر الايجابي العميق في نفوس مئات ملايين الصينيين!!
ولو قمنا بالعودة الى النصوص الدينية لوجدنا انها تحث على التغيير وترسخه، فلو شاء الخالق مثلا لجعل الجميع على دين واحد، بل فضل على ذلك، حسب النصوص نفسها، ان يجعل من البشر شعوبا متعددة الامزجة والعادات والتقاليد ليتعارف بعضها إلى بعض، وليس لتتحارب، او ينصهر بعضها مع بعض.
نقول ذلك بمناسبة المقال الذي كتبناه قبل فترة عن ظاهرة الاصرار على عقد مؤتمرات الحوار الديني، ومع الجانب المسيحي بالذات!! فغالبية المشاركين في تلك المؤتمرات، ومن جانبنا على الاقل، هم احد اثنين، إما أناس على ثقة بأن لا شيء سيتمخض عن تلك المؤتمرات، ولكن لا بأس من المشاركة فيها على اي حال، وإما اطراف يشاركون وهم على ثقة بأنهم قادرون، بالحجة، على «فر راس» الطرف الآخر، وجعله اكثر تقبلا لدينهم من تقبله لما شب عليه!!
وحيث ان غالبية المشاركين في تلك المؤتمرات وخصوصا في الجانب الاسلامي، هم من رجال الدين، فإن مهمة التقارب تصبح اكثر صعوبة ان لم تكن مستحيلة في جميع الاحوال.
وبالتالي من تحصيل الحاصل القول ان لا شيء تمخض او سيتمخض عن هذه المؤتمرات لا الآن ولا بعدها، لان في نجاحها قضاء على هوية طرف يجب الا يختفي، لتعلق وجود كل طرف على بقاء الطرف الآخر. فتميز الشيعة وانفراديتهم مثلا يكمنان في وجود سنة من حولهم، والعكس صحيح كذلك. وتميز اليهود نابع من وجودهم ضمن غيرهم من بقية البشر، فهويتي الطائفية او الدينية او السياسية لا معنى لها بغير وجود اصحاب هويات آخرين مخالفين لي، فلا يمكن ان يبرز اللون الاسود مثلا ويظهر جماله ان لم نضع ذلك اللون ضمن، او بجانب لون مخالف له، بحيث تظهر جاذبية وخصوصية كل لون وطرف وما يمثله من تميز وانفراد.
ولو نظرنا الى كل ما انجزه العالم في السنوات المائة الماضية في اي مجال انساني لوجدنا انه كان نتيجة تلاقح حضارات وافكار مجموعات من البشر المنتمين لاكثر من دين وثقافة. وبالتالي نحن بحاجة ماسة الى مؤتمرات حوار لا تهدف لتذويب الفوارق بين عقليات المشاركين فيها، فهذا اضافة إلى انه سوف لن يتحقق مطلقا، فإنه ضار لكل تقدم، بل مؤتمرات تسعى لقبول الآخر والعيش معه كما هو وتقبيله وشم رائحته ومصافحته والتعامل معه ورفع الحواجز من امامه واحترام عقيدته والاستفادة من تجاربه والاعتياد عليه كما هو، فهكذا يكون الحوار وليس بالمشاركة في المؤتمرات والانصات للممل من الخطب الطويلة والاستغراق في النوم خلالها ومن ثم توديع الجميع بعضهم لبعض على امل اللقاء مرة سابعة وعاشرة والف مرة لترداد الكلمات والجمل نفسها والاستمرار في مغالبة النعاس بالاكثار من التثاؤب.

ملاحظة: انسجاما مع فكرة هذا المقال، نتقدم بأجمل التهاني والتبريكات لجميع محبي السلام بعيد ميلاد رسول المحبة والسلام.

أحمد الصراف