سعيد محمد سعيد

صناعة الفتنة… حيث المقام مناسبا!

 

لم تكن الصورة تكاملت لدي شخصيا، وربما الحالة ذاتها مع الكثير من أهل البلد، حينما تساءلت بيني وبين نفسي: «لماذا يتضاعف نشاط مثيري الفتنة في بلادنا كلما مر بنا ظرف؟ هل انعكست الصورة التي كنا نخزنها في ذاكرتنا منقولة عن الآباء والأجداد الذين كانوا يتصدون بقلب واحد وصف واحد للفتنة حال بروز رأسها؟ أم أن الموروث ذاته كان مكذوبا ومزيفا؟ وإذا كان المنقول سليما صادقا، وهذا هو المؤكد قطعا، هل كان الآباء والأجداد أكثر وعيا وعلما وإدراكا وأخلاقا ووطنية وامتثالا لتعليمات الدين الإسلامي العظيمة، أكثر من أبناء اليوم؟».

لكن، ربما يتساءل طرف، ما الذي دفع بتلك التساؤلات لعقلك أصلا؟

وهو سؤال يستحق الإجابة، ولا بأس من القول أن ما نشهده، منذ انطلاق المشروع الإصلاحي لجلالة العاهل، من ممارسات فتنوية وطائفية وكيدية، لا يتوافق أبدا مع منطلقات المشروع الإصلاحي الذي تأسس على هدف واحد: مصلحة البحرين وأهل البحرين، حاضرا ومستقبلا… وتحت هذا الهدف، تندرج العشرات من الأهداف الفرعية التي -إن لم أكن مخطئا أو حالما- ليس من ضمنها تفتيت المجتمع وتحقيق غلبة فريق أو طائفة أو عيّنة، على فريق أو طائفة أو عينة أخرى من المواطنين!

وحتى أكمل موضوع الدعوات الفتنوية لتدمير طائفة بعينها الذي طرحته في هذه الزاوية يوم الخميس الماضي تحت عنوان :»الويل لنا»، أسوق استدراكا مهما، وهو أن خلاف طائفة مع الدولة، وفقا لمطالب كفلها الدستور، ومنحها المشروع الإصلاحي فرصة الانطلاق بمساحة أرحب، والمناداة بتلك المطالب، ما هو إلا حراك ديمقراطي طبيعي، مع إعادة التأكيد على رفض الأساليب العنيفة واستخدام الوسائل التخريبية والتأليب ضد الدولة ودعوات (الموت) والويل والشتائم والتحريض ضد أبناء الشعب… أقول إن ذلك الخلاف، يأخذ صفة الاستيعاب في حدود الدولة ومؤسساتها التشريعية والمدنية من خلال فتح قنوات الحوار، وإلا ستبقى أصوات الفتنة الدافعة في اتجاه نسف الولاء وربطه بإيران والمطامع الصفوية التاريخية من جهة، والأنشطة اللاسلمية المهددة للاستقرار والأمن الاجتماعي ماضية في مسارها الخاطئ، تغذيها تصريحات ومقالات وخطب ومنشورات ومواقف يعتقد أصحابها، كل أصحابها، أنهم على الحق ومن هم دونهم على باطل وضلال.

إلا أنني، حصرت نفسي في تلك التساؤلات السابقة الذكر، تماما كما حصر غيري بها، مع أنها مغلوطة كاذبة، ولا تثبت ولاء الموالين، ولا خيانة المعارضين، لأنها هي الأخرى محصورة في أشخاص بعينهم، وخطباء بعينهم، وناشطين بعينهم، وصحف بعينها، وكتّاب مقالات محدودين، ومنتديات إلكترونية مشهود لها بالنوايا السيئة مسبقا… لكن مع شديد الأسف، تصبح تلك الأطراف وكأنها الطرف الأوحد، لأنه لا توجد في الطرف الآخر، مبادرات من شخصيات وقيادات تحمل مشروعا وطنيا حقيقيا للخروج من الأزمة والأزمات المتتالية التي تمر بها بلادنا، ولا توجد، مع شديد الأسف أيضا، مبادرات من الدولة لتشجيع هذا المسار باعتباره المسار القادر على إخراجنا مما نحن فيه بالتحاور.

التحاور هنا يصبح معدوما لأن صناع الفتنة، أيا كان تصنيفهم وفقا للأطراف (بعينها) المذكورة أعلاه، عملت على ألا يكون (للحوار) مكان، ومع ذلك، هل يجب أن تعيش الدولة (عقدة) أولئك؟ فإنها إن رغبت في ذلك، فلن تنتهي تلك الملفات أبدا وربما تعقدت مستقبلا إلى درجة لا يرتضيها أحد، وإن رغبت -أي الدولة- في الحوار فإنها الطرف الأقوى والأجدر، على أن يكون لديها حسن ظن في أن أبناءها لا يوالون غيرها، ولا يرتضون بديلا لها في حكم أو في شرعية، ومن جهة أخرى، تبدي كل الأطراف، وعلى الأخص المعارضة والناشطين، أنهم يعملون لصالح البحرين فقط… دون هذا وذاك، فيا ليل… ما أطولك

احمد الصراف

كيف نرفس أنفسنا بأرجلنا؟

ورد في الصحف المحلية قبل أيام أن أمين سر اتحاد طلبة الكويت في الاردن الطالب عبدالله العازمي تقدم بطلب الى وزير التربية والتعليم العالي الاردني لاعفاء طلبة الكويت من الراغبين في استكمال دراساتهم العليا في جامعاتها الحكومية والخاصة من شرط الحصول على شهادة التوفل! ولا استبعد هنا وقوف بعض اعضاء البرلمان الكويتي وراء امين السر هذا، بعد ان اصبح شراء الشهادات العليا امراً مقبولا بين اعضاء البرلمان، وبعد تدني مستوى التعليم في الكويت بشكل عام، وتبين من الخبر ان الحكومة الاردنية وافقت على الطلب، وهي ربما تقول في عبها «الله لا يردكم»! وقد شارك الملحق الثقافي في الاردن، السيد حمد الدعيج، الذي يسبق اسمه حرف «الدال» في المفاوضات وبارك طلب الاتحاد، وسعى جاهدا الى تحقيق الطلب لدى وزارة التربية والتعليم العالي الاردنية!
والتوفل T.O.E.F.L لمن لا يعرف هي اختصار لـ Test Of English As Foreign Languaga، وهي الطريقة الوحيدة المعترف بها عالميا التي يمكن عن طريقها تقدير مستوى استيعاب او معرفة الطالب، او اي شخص اخر، للغة الانكليزية، وليست هناك اي طريقة اخرى معتمدة او موثوق بها بأفضل منها، وعادة ما يعتبر الحصول على 500 نقطة في التوفل الحد الادنى المقبول، ولكن جامعات كثيرة اخرى تطلب عادة نسبة اعلى بكثير.
خبر الجريدة عن مطالبة الطلاب وموافقة الحكومة الاردنية على الغاء شرط الحصول على التوفل يعني ان هؤلاء الطلبة لا يزالون يحاولون دخول الجامعات، وانهم رسبوا، او سقطوا، المرة تلو الاخرى في الاختبار، مما يعني اضطرارهم للعودة الى الكويت، وبالتالي لم يجدوا امامهم سوى اسلوب الاستجداء والوساطة في سبيل الغاء امتحان التوفل عنهم ليتمكنوا من دخول الجامعات الاردنية آمنين مطمئنين، فكان لهم ما ارادوا، فالظاهر ان الجامعات الاردنية، والخاصة بالذات لا تريد فقد هذا المورد المالي الكبير، وليذهب العلم والتعليم الى الجحيم!!
ان صدور هذا الاستثناء امر مخجل للكويت وللاردن وللتعليم بشكل عام، والمخجل اكثر مشاركة اكاديمي ودبلوماسي بمستوى الملحق الثقافي في تسهيل هذا العبث العلمي الخطير، ونتيجة ذلك ستكون وخيمة على مستوى خريجي الجامعات الاردنية مستقبلا، هذا بخلاف ما سببه الخبر وسيسببه من حساسية بين طلبة الكويت وغيرهم، من الطلبة الفاشلين، الذين لم تسع جهات محسوبة على حكوماتهم، التي احترمت نفسها، ولم تتدخل لاعفاء طلبتها من شرط الحصول على شهادة التوفل الضرورية.
ان مجرد قبول الجامعات الاردنية لطالب، خصوصا في دراسات محددة، بمستوى لغوي متدن، يعني ان هذه الجامعات تفتقد بشكل واضح الاحترام الذي تستحقه المؤسسة الاكاديمية، وبالتالي من المهم والضروري قيام السيدة وزيرة التربية والتعليم العالي بالتدخل ووقف هذا العبث بمستوى طلبتنا العلمي، فإما ان شهادة التوفل مهمة، وبالتالي يجب على كل راغب في الحصول على تعليم عال جاد الحصول عليها، وإما انها غير ذلك وبالتالي يتطلب الامر الغاءها عن الجميع، اما الكيل بميزانين او مكيالين لان نائبا فاشلاً او وسيطا خائبا اشتهى ذلك، فانه امر غير مقبول من اي عاقل محب لوطنه.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

«المعلم»… قصة حقيقية

هو فلسطيني بحجم الفيل الهندي، ذو لحية خفيفة بعارضين تركهما ليرسما حدود وجهه المترامي الأطراف، شجاع ولا عنتر، كريم ولا حاتم، ذكي، كل ما فيه ذكي، من الدعامية للدعامية، قناص فرص ولا أباتشي، عمل من التراب ذهبا ناصع الصفار.
بدأ الحياة من الخطوة الأولى، من العوز، من مهنة تتناسب وحجمه، «عتال»، و«خذاها كعّابي» بحثا عن النجاح إلى أن وجده فعانقه وأخذه بالأحضان وذرف دموع التعب على كتفيه، وعض عليه بالنواجذ.
ولأنه ابن أوادم فقد تعامل مع النجاح تعامل عيال الأوادم. لا يظلم أحدا ولا يأكل حق أحد، ولا يتوقف ليناقشك «اين ذهبت الدولارات العشرة»، هو أكبر بكثير من التفاهات التي لو التفت إليها لما أسس هذه الإمبراطورية المنتشرة على طول الخارطة، بدءا من كندا وليس انتهاء بالكويت. متابعة قراءة «المعلم»… قصة حقيقية

سامي النصف

النابغة سعاد

ذكّرنا الزميل المبدع ذعار الرشيدي مشكورا بمقالنا في 1/1/2008 والذي تطرقنا فيه لكيفية منع قتل 400 بريء منذ ذلك اليوم حتى 1/1/2009 عبر حوادثنا المرورية غير المبررة، وقد وضعنا ضمن المقال جملة مقترحات للتخفيف من الحوادث وتقليل عدد القتلى والجرحى والمعاقين، وبالطبع لم يؤخذ بشيء منها وانتهى العام بمقتل ما يقارب 400 قتيل و… على من تقرأ مزاميرك يا داود؟!

لو ركبت مع سائقين الأول لم تشعر بقيادته والثاني كاد في بدء الطريق ان يصطدم بسيارة وبعدها بقليل تجاوز في آخر لحظة اجتياح أحد المارة ثم اقترب بعد ذلك كثيرا من الاصطدام بالرصيف، السائقان لم يقع لهما حادث الا ان الدلالات العلمية تظهر ان السائق الثاني سيتعرض لحادث مريع لتكرار قربه في أكثر من موضع من حدوثه ولن تسلم الجرة في كل مرة، تعلمنا ضمن علوم سلامة الطيران التخصصية ان كثرة الوقائع تعني قرب وقوع الكوارث وقد حذرنا قبل أشهر قليلة الفاضل وزير المواصلات من قضايا سلامة الطيران ولكن… على من تقرأ مزاميرك يا داود؟!

الوزارة القادمة هي وزارة السنوات الثلاث العجاف بكل تحدياتها الاقتصادية والسياسية والأمنية وانخفاض سعر النفط وانحسار الوفرة المالية التي تغطي عادة العيوب والأخطاء فهل سننتقي الرجال الأكفاء المناسبين لحقبة الغد أم نلتزم برجال بمواصفات الأمس ونرجع لمقولة… على من تقرأ مزاميرك يا داود؟!

أعلنت مكتبة البابطين المركزية عن اقامة دورات «مجانية» لمحو أمية الكمبيوتر للمتقدمين بالسن بعد أن أنهت 31 دورة حتى الآن انتسب لها مئات المتدربين والمتدربات، المرجو من الأخت سعاد العتيقي أن يتم في البدء تعليم الكبار كيفية استخدام الانترنت للتصفح والحصول على المعلومات وفتح البريد الالكتروني ثم الحاقها بعد ذلك بالعمليات التخصصية وليس العكس فشيابنا بالهم قصير وإذا ملوا هربوا، لو أعطينا العزيز عبدالعزيز البابطين أرض مكتبته ووقفه مجانا لما أوفيناه جزءا صغيرا من حقه تجاه بلده خاصة انه لا مصلحة أو فائدة شخصية له من هذين المشروعين إلا اسم وسمعة الكويت في الداخل والخارج وعلى من نقرأ مزامــيرنا يا بوسعود؟!

اسمه زياد بن معاوية بن ضباب بن يربوع وسمي النابغة الذبياني كونه قد كتب وقرض الشعر كبيرا وكان عزيزا في قومه وافر الثراء حتى انه كان يأكل ويشرب في آنية من الفضة والذهب وكانت تضرب له قبة حمراء أينما نزل، اسمها سعاد خالد عبداللطيف الحمد بدأت الكتابة قبل مدة قصيرة لدى الزميلة «الصوت» وهي جدة وكتاباتها تستحق ان تسطر بماء الذهب ولكن على من تقرئين مزاميرك يا النابغة سعاد؟!

وأخيرا مزمار لأبنائنا الأعزاء أعضاء اتحاد طلبة جامعة الكويت ممن كانت أعمارهم لا تزيد على أشهر قليلة عام 90، النظام المصري الذي تزمعون التظاهر أمام سفارته هو أكثر من وقف مع الكويت في عام الغزو، ورجح قرار تحريرها في مؤتمر القمة العربية في أغسطس 90 والرئيس المبارك مبارك هو من أرسل جنوده ليكونوا في مقدمة طلائع التحرير في حين كان أهل غزة والحركات المؤدلجة يتظاهرون بجنون مطالبين بإبادة شعبنا بالأسلحة الكيماوية، وقليلا من الخجل ايها الأبناء الأعزاء والكثير من العرفان للشقيقة العزيزة مصر وقيادتها وشكرا لقيادات الداخلية.

آخر محطة:

(1) العزاء الحار لآل دشتي الكرام وللزميل الإعلامي عبدالحميد عباس دشتي على مصابهم، للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان.

(2) العزاء الحار لآل الاسطى الكرام وللزميل الإعلامي قيس الاسطى على مصابهم، للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان.

احمد الصراف

حذاء وعقل وموقف

رفع النائب الطبطبائي حذاء قدمه اليسرى بيده اليمنى، كما لاحظ الزميل عبدالرحمن النجار، وألقى كلمة حماسية في مهرجان الاكتفاء بنصرة الشعب الفلسطيني، واتخذ «بوزات» متفرقة أمام مصوري الصحف، ومن ثم غادر الساحة الى احدى ديوانيات «كيفان» ليبين انتصاره لهم!! وقام جمع من المتظاهرين في المهرجان نفسه بحرق العلم الإسرائيلي، تأييداً لنضال أهالي غزة، ومن ثم لفوا أنفسهم بغترهم وعباءاتهم ودلفوا الى بيوتهم. وتوجه عدد من أئمة المساجد المشاركين في المهرجان ذاته، بالدعاء لنصرة مسلمي غزة، ونسوا مسيحييها، ثم انصرفوا لمتابعة قناة «الجزيرة». وبلغ المهرجان ذروته بمطالبة جمع من أعضاء مجلس الأمة والكتل السياسية وممثلي جمعيات النفع العام، ورجال دين بلحى متنوعة الأشكال والأطوال، ومن خلال خطب حماسية تطاير خلالها رذاذ كثير، طالبوا الحكومات والشعوب العربية بالوقوف إلى جانب أهالي غزة!! وما ان تمت تلبية مطالبهم حتى افرنقعوا إلى بيوتهم الآمنة، وهم مرتاحو البال. كما تضمن مهرجان الاكتفاء، كلمة مسجلة لزعيم حماس غير المتوج، السيد خالد مشعل، قال فيها للمتجمهرين: الوقت الذي نعيشه وقت الحقيقة والشرف!! فهل يعني ذلك ان الأوقات الأخرى لم تكن أوقاتاً حقيقية ولا أوقات شرف؟ وقام بعدها أحد المعارف، على هامش المهرجان، بتوجيه اللوم لي على ما كتبته هنا يوم الثلاثاء الماضي عن محنة أهالي غزة، ولكن سرعان ما انشغل عني وعن أهالي غزة بلعبة بينغ بونغ.
وقام آخر بالطلب مني التوقف عن الكتابة لأنني لا أصلح لها، ولا أدري من الذي أوهمه بغير ذلك، وبعد ان انتهى من تفريغ الفراغ الذي بداخله، اعتذر مغادراً ليلحق ساعة بث الحلقة 12188 من المسلسل التركي (خرج ثم عاد)!!
وفي خضم كل هذه الأحداث، حيث أنا المدان بشتى التهم، وغير الوطني وغير المسلم وغير العربي وغير الإنساني، وفاقد الشهامة والوفاء والرحمة، ذهبت الى جمعية الهلال الأحمر الكويتي عارضاً تقديم مساعدات عينية طبية فقالت لي سيدة فاضلة مسؤولة هناك، إن الجمعية تعاني الأمرين، ومن الأشقاء بالذات، في توصيل المعونات الغذائية والطبية لغزة!! فسمع المحادثة صديق وقال إن بعض الجمعيات الخيرية تدعي استعدادها لتوصيل المعونات لغزة، فقلت له إذا كانت الحكومات وجمعيات الهلال والصليب تواجه المصاعب فكيف لجمعيات مشبوهة جداً أن تقوم بذلك؟!
وهنا وليت وجهي شطر بنك الدم الكويتي، وتبرعت هناك بثلاثة أرباع الليتر من دمي الغالي لأهالي غزة من دون منة، متناسياً إساءاتهم الماضية لوطني، وخرجت مسروراً بعد ان أعطيت إمعاناً في مثالية لا أملكها، هدية تبرعي بالدم لأحد حراس المبنى.
ملاحظة: اليوم هو الأول من عام 2009، ولا أعتقد أنه سيكون عاماً جيداً على أصعدة عدّة، ولأكثر من سبب، ولكن لا يسعنا إلا تمني السعادة والخير للجميع.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

الويل لنا!

 

وكأن الخطب جاهزة… والتصريحات معلبة مبوبة، والنعيق في المنتديات الإلكترونية الطائفية سيئة الصيت للمناداة بطرد طائفة بأكملها من البلاد ورميها في قاع الشقاء والعناء… أقول، كأنها كانت على أهبة الاستعداد! فما أن تقع واقعة أو يحدث أمر أمني، أو حتى مرور سحابة صيف عابرة، إلا وانبرى (نفر قليل عديم الفائدة والتأثير) لمطالبة الدولة بـ(إعدامهم كلهم)… (تسفيرهم كلهم)… (حرمانهم كلهم)… لأنهم كلهم (خونة) يوالون إيران، وهم ليسوا سوى أحفاد ابن العلقمي، رمز الخيانة الشيعية التاريخية العظمى التي لا يمكن نسفها!

وكأن الدولة ستستمع لهم؟ وتطلق عبارة «شبيك لبيك» لمطالبهم؟

نعم هي لن تستمع لهم، لكن من الخطأ السكوت عنهم؟ وتتركهم يثيرون فتنة تلو الفتنة، في منابر الجمعة وفي التصريحات الصحافية وفيما خفي عنّا وعن أعين أخرى!

ولابد من التأكيد مرة تلو المرة، على أن من تثبت إدانته في أعمال الشغب والتخريب وتعريض أمن البلاد والعباد للخطر أيا كان انتماؤه الطائفي، فيجب أن يلقى أشد عقوبة وفقا للقانون، بعد حصوله على محاكمة عادلة، لكن أن تنشط بعض الأقلام من الزملاء كتّاب (الأنواط) وخصوصا الضيوف على البلاد منهم، أو يتفوه بضع خطباء عُرفوا بالفتنة من أصلهم، أو أن ترتفع الأصوات الخفية في منتديات نتنة لدعوة الدولة الى استئصال أبناء الشيعة وحرمانهم وإعدامهم وقتلهم وتدمير مساجدهم التي لا توحد الله سبحانه وتعالى، وهدم حسينياتهم التي يمارسون فيها الرجس والشرك والضلالات، فإن في ذلك، والخطاب أوجهه إلى قيادتنا الرشيدة، وإلى كبار المسئولين كل في موقعه… في ذلك تأجيج وَقْعُهُ أشد من أصوات المفرقعات واسطوانات الغاز، وأشد من أفكار المغرر بهم، وأقوى ما يحاك في الظلام والخفاء، سواء ضد الحكومة، أو ضد الشعب…

في العمود السابق المعنون: «بين البحرين وإيران»، استعرت عبارة (ويكفي أن نعود إلى جنيف يوم 11 مايو/ أيار من العام 1970 ونطّلع على الوثيقة التي قدمها مبعوث الأمم المتحدة السير ونسبير بعد الاستفتاء على عروبة البحرين، وهي وثيقة مهمة شاهدة على الولاء الكامل للأرض، وأن الأسرة الخليفية هي القيادة الشرعية لهذه البلاد، ليتم دحض الافتراءات التي يحاول مروجوها النيل من ولاء الكثير من أبناء البلد وإلحاقهم بولاءات مستوردة)… استَرْعَتْ تلك العبارة اهتمام أحدهم ليتصل مرارا وتكرارا ومن قِبَل أكثر من رقم هاتفي ثابت وجوال، ويغيّر صوته، فقط ليشفي غليله بالقول أنـ(كم)خونة، وتسعون لدمار البلاد يا أحفاد ابن العلقمي، وما كلمة الولاء للعائلة الخليفية إلا كذبا وتقية…

دعونا من هذا كله، فما لنا ومجهولي الهوية من الجبناء التي تمتلئ بأسمائهم المستعارة المواقع الإلكترونية والتعقيبات على الأعمدة، ولنذهب مباشرة إلى مجالس أهل البديع والجسرة مثلا كما سنحت الفرصة لي، لنجد كلاما لا يصدر إلا من العقل والقلب البحريني الأصيل، فأولئك الشباب المغرر بهم، سواء أولئك المتهمين في قضية المخطط الإرهابية ثبتت التهمة عليهم أم لم تثبت… وأولئك الذين يحرقون هنا وهناك، وأولئك، في الطرف الآخر، الذين يؤججون الفتنة الطائفية في المناطق السنية ضد الشيعة، هؤلاء كلهم مخطئون لكنهم أبناء البلد، وكثيرا ما أعجبتني مقولة الفنان إبراهيم راشد الدوسري الذي قال واصفا الشباب المغرر بهم: «شباب في هذا العمر، فشباب في هذا العمر من السهل إذا فتحوا آذانهم أن يغرر بهم، لكن في قاع مشاعرهم هم بحرينيون أصيلون».

لا شك في أن المرحلة التي تمر بها البلاد حساسة، بل في غاية الحساسية، وسأعود قليلا الى الاتهام الشهير لنا بأننا أحفاد ابن العلقمي فقد تساءلت كثيرا، ولننظر بتمعُّن في هذا التساؤل: «هل كان هولاكو والمغول، بكل جبروتهم وطغيانهم وقوتهم العاتية، ينتظرون معلومات أو أوامر (أن ادخلوا بغداد أو لا تدخلوها) من ابن العلقمي أو من غيره! ولو افترضنا أنه قال لهم: «لا تدخلوا، فجيش الدولة العباسية سيدمركم تدميرا؟ هل كانوا سيخافون ويرتعدون ويعودون أدراجهم هلعا»…

سقطت بغداد في العام 656 للهجرة، لكن كل اللوم وقع على الحكومة العباسية يا سادة… واقرأوا التاريخ جيدا!

لا يهم أمر التوغل في التاريخ، ولنعش الواقع، والواقع البحريني تحديدا، فثمة مخاوف من كل الأطراف، من أن يزداد تربص المتربصين من الداخل والخارج؛ لكن «خطاب الويل والثبور» الذي يرفعه دعاة نسف طائفة بأكملها في البلاد، لن يكون هو الحل إطلاقا… وأنا شخصيا، أدرك جيدا أن الدولة تدرك الحل، وتعرفه جيدا وهي الثقة بالنسبة لنا، وأعيد العبارة التي أغضبت البعض بصياغة أخرى: «ونوالي الحكومة الشرعية للأسرة الخليفية، كقيادة دستورية»…

للحديث صلة

سامي النصف

حكمة الأمة بين النباطة والجزمة

يعلم كل مراقب محايد، وجل الكويتيين سواء ممن يعتبرون الكويت وطنهم الاول والنهائي، أو ممن يعتبرونه وطنهم الثاني ـ بعد المائة ـ وممن لا يمانعون في التضحية بمصالحه وحتى ببقائه في سبيل خدمة ولاءاتهم البديلة أن اخوتنا وأحبتنا في فلسطين يختلفون على كل شيء الا انهم يتفقون في الاغلب حتى اليوم على عشق صدام، والايمان بصحة ما حدث لنا في 2/8/90، وتخطئة ما عملته الولايات المتحدة والقوى الدولية في 26/2/91، ومع ذلك فأواصر الاخوة والانسانية تفرض علينا تقديم النصح الصادق لهم هناك، ولحلفائهم الفاعلين هنا في الكويت ومن ذلك فعلى الجميع معرفة الحقائق التالية:

ان الرئيس محمود عباس هو ضيف رسمي على سمو أمير البلاد حفظه الله كما أنه ضيف الشعب الكويتي كافة ومن ثم على الجميع ابداء واجبي الضيافة والاحترام المستحقين له. ان الاشكال الحالي تسببت فيه أوامر قيادة حماس التي ارسلتها من مقرها الآمن في احدى العواصم العربية وتعرضت على اثره غزة ـ لا الضفة الغربية التي يحكمها رجال السلطة ـ لما قالت اسرائيل انها ستقوم به حال تعرضها لصواريخ حماس، وهي دولة ان قالت فعلت كما علمتنا تجارب الماضي. إذا قبلنا المستوى البعثي المنحط من صحافي صدامي اجير لا يمثل إلا نفسه، فإن أحدا لا يقبل التشبه بمثل ذلك التصرف غير المؤدب وغير المسؤول ممن يمثل الشعب الكويتي قاطبة كما أتى في المادة 108 من الدستور (عضو المجلس يمثل الامة بأسرها ويرعى المصلحة العامة) وحتى لا يصبح ممثل الشعب الكويتي الى ممثل على الشعب. نرجو ألا تتحول «المهرجانات العامة» الى «تهريجات» عامة عبر استخدام «النباطة» تارة و«القندرة» تارة اخرى واظهار قوة الحناجر واللوز من قبل من يحرضون الشباب على الثورة والخروج ثم يعودون بعد ذلك آمنين الى بيوتهم واحضان زوجاتهم. ان حدود وابواب الكويت ستبقى دائما وأبدا مفتوحة على مصراعيها «للمحرضين» ممن يودون محاربة الآخرين في فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان والشيشان وغيرهم، وهو أمر افضل من خطابات ساخنة تلقى في الساحات ثم تلغى من الاذهان بعد سويعات. في عصر المفاهيم المقلوبة وتحويل الابيض اسود والاسود ابيض لا نعلم كيف يتم تحميل دول التعقل والحكمة والسلام في المنطقة مسؤولية ما يجري وتتم تبرئة من حرض وأجج وفجر ويتم نسيان ان الدال على الشر كفاعله سواء بسواء؟!  ولا نعلم بنفس القدر لماذا تلقي بعض الحناجر الثائرة باللائمة عل‍ى معبر فلسطين الضيق مع مصر وتنسى في الوقت ذاته معابر أخرى تمتد لعشرات ومئات الكيلومترات مع فلسطين لا تطلق منها رصاصة أو تعبر منها خبزة؟ الحرب الحالية ستساهم في اكتساح الجناح اليميني المتشدد الانتخابات الاسرائيلية القريبة… كالعادة. ع‍لى «الداخلية الكويتية» ان تفرض هيبة الدولة في مثل تلك المهرجانات عبر منع رفع أعلام حماس وغيرها، كما تم في السابق منع رفع اعلام حزب الله حتى لا تتهم بازدواجية المعايير. لقد حان الاوان لنتخلص من نهج الغوغاء والتوقف عن تحكيم العواطف في قراراتنا القومية والاستراتيجية بعد أن جربنا هذا الاسلوب مئات المرات وانتهينا في كل مرة بهزائم مدمرة تسمى مجازا في القاموس العربي بـ «الانتصارات».

أخيرا نقول ألف أهلا وسهلا بضيف الكويت الكبير وصديقها ومحب السلام وصاحب الحكمة في التصرف والكلام الرئيس محمود عباس ولا عزاء على الاطلاق للاغبياء والمخدوعين والمغرر بهم، ممن إذا قبلنا خداع الآخرين لهم مرة فكيف نقبل بأن يلدغوا من نفس الجحر.. ألف مرة؟!

احمد الصراف

ضيف يوسف الجاسم وأنا!

طلب مني الصديق يوسف الجاسم مرافقته لاصطحاب ضيف كبير في زيارة لأهم معالم البلاد الحضارية. بدأنا جولتنا في منطقة الشدادية، التي اختارها يوسف لأهميتها المالية والعلمية حيث إن المصرف الذي يمثله الضيف سبق أن مول المقاول الذي أنهى بناء جامعة الكويت الجديدة الواقعة هناك.
أول ما استرعى نظرنا من بعيد كان منظر بوابة الجامعة المهيبة. عند وصولنا لها كان مسؤول العلاقات العامة بانتظارنا حيث شرح لنا رمزية البوابة وارتباط طرازها القوطي الشائع في الأندلوثييا، في اسبانيا، بتاريخ العرب هناك. وقد شعرت ويوسف بالفخر لهذا الإنجاز الهندسي الباهر، خصوصا بعد أن عرفنا بسعة اطلاع الضيف هندسيا. وما إن دلفنا تحت البوابة وأصبحنا في شوارع الجامعة الداخلية حتى انتابنا شعور بأننا نعيش في حلم علمي جميل، وأن الكويت ستكون شيئا آخر خلال سنوات قليلة، بفضل مخرجات هذا الصرح العالمي، والذي سيكون مفخرة هندسية وعلمية لكل العرب، وربما المسلمين أيضا، فقد كانت المباني العلمية التي صممت على طراز الباروك شيئا غير عادي بجميع المقاييس، بحيث تجعلك تشعر وكأن رائحة العلم تتسرب من خلال فتحات شبابيك قاعات المحاضرات في كل مبنى.
غادرنا الجامعة واتجهنا إلى مستشفى جابر في منطقة جنوب السرة وكانت زيارة مميزة بكل المعايير والأطوال والمقاييس. وقد انتبه الصديق يوسف لأمارات الحسد التي كانت بادية على وجه الضيف الأوروبي وهو يشاهد جمال المبنى وفخامته ونظافته والمستوى الرفيع للخدمة الطبية والتمريضية فيه، وقال الضيف إن المواطن الكويتي، والمقيم كلاهما، قد ضمن بهذا الصرح مستوى علاجيا لا يضاهى للسنوات العشرين المقبلة على الأقل. وقد تأسف جدا لفشل مصرفه في الفوز بتمويل مشروع بناء المستشفى بسبب فارق السعر.
غادرنا المستشفى واتجهنا لاستاد جابر الرياضي على الدائري السادس وشاركنا الضيف الشعور بالفخر، بعد أن استمع لشرح واف عن مزايا الاستاد غير العادية والتي دعت اللجنة الأولمبية العالمية دول العالم للاقتداء بمعاييره والاحتذاء بمواصفاته عند بناء أي مبنى مماثل. كما شرح المسؤول السرعة الخيالية التي اعتمد فيها المشروع ونفذ، وبالرغم من ذلك جاء في المرتبة الثانية بعد جسر الصبية، الذي حاز على المرتبة الأولى. وقال الضيف، الذي بدا على اطلاع كاف بمشاكلنا الكروية، اننا بهذا الاستاد العظيم سنقلب الطاولة على ابن همام وصحبه، وسيكون الدور عليه قريبا للجري خلفنا ومراضاتنا.
جسر الصبية كان هدفنا التالي حيث انطلقنا له من الدائري الأول بسرعة تجاوزت المائة بقليل. جمال المنظر من فوق الجسر خلب لب الضيف فطلب منا فتح نوافذ السيارة للاستمتاع بهواء البحر، ورائحة اليود والزفر المنعشة المنبعثة من مناطق تفريخ السمك، التي بقيت من دون تخريب نتيجة بناء الجسر. وخلال دقائق كنا على مشارف مدينة الحرير، التي كانت شيئا آخر، فقد ذكرتنا أحياؤها السكنية بالمدن الأميركية الجديدة الخلابة، التي بنيت على الطرز المكسيكية والدانمركية الحديثة بمسحة اسكندنافية واضحة. وقد أضعنا طريقنا لأكثر من ساعة بين ملاعب الغولف العديدة المنتشرة هناك، فقد تشابه علينا البقر، ولم نود أنا ويوسف حقيقة الخروج من تلك المنطقة بسبب خضارها العجيب.
انتهت جولتنا هناك في أحد مطاعم الداون تاون، الذي سيصبح قلب الكويت المالي خلال اشهر قليلة. وفي ذلك المطعم الدوار على قمة ناطحة سحاب تيسية (من تيس) الذي يتسع لأكثر من ألف شخص، تناولنا طعاما شهيا ونحن نستمتع بمنظر غروب الشمس في الأفق من جهة وتلألؤ أضواء منظر مدينة الكويت من الجهة الأخرى.
وهنا طلب الضيف منا إعادته إلى الفندق فما شاهده ورآه في ذلك اليوم يكفيه زادا هندسيا وثقافيا وعلميا ونفسيا وغذائيا لأشهر عدّة مقبلة، وقد أسفنا لطلبه، حيث إن في جعبتنا الكثير من المشاريع المماثلة التي كنا نود إطلاعه عليها والتي كانت وستبقى مصدر فخر كبير لنا ككويتيين مميزين!!
عند عودتي مساء ذلك اليوم للبيت قرأت في «السياسة» أن برج مبارك الكبير الذي سيتوسط إحدى أكبر ساحات مدينة الحرير سيكون الأعلى في العالم بارتفاع 1001 متر وستبلغ كلفة بنائه 86 مليار دولار، وسيتكون من 230 طابقاً، وسيجذب استثمارات كثيرة للكويت. وبالرغم من أن الموعد المتوقع للانتهاء منه سيكون في عام 2033، فان الحكومة الكويتية قررت الانتهاء منه مع نهاية عام 2009، كما طلبت الحكومة من المصمم إضافة طابق للمبنى في قمته يخصص جزء منه لعرض مشاريع الكلك الكويتية، وجزء آخر لعرض الدنابك والمراويس!!
ملاحظة: صاحب فكرة هذا المقال الحلم هو الصديق يوسف الجاسم.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

بالألف والتاء يا غزة

مهما تظاهرنا بالاهتمام بما يجري في غزة، ومهما استغرقنا البكاء والنواح على القتلى، «نحن كذابون». وكلمة «كذابون» خبر مرفوع بالواو لأنها جمع مذكر سالم. لكن المشكلة أن من شروط جمع المذكر السالم في الصفة أن تكون «لمفرد مذكر عاقل»، فأين العاقل بيننا نحن العربان؟
جامعة الدول العربية التي غضبت وقرر أمينها عقد اجتماع «طارط» لوزراء الخارجية، هل هي المقصود بـ«المفرد المذكر العاقل»؟ أم حركة حماس التي أحرقت أهلها وأرضها بصواريخها الورقية؟ أم أن المفرد المذكر العاقل هو بقية الديدان الفلسطينية المسماة أحزاب، «فتحها» و«مقاومتها الشعبية» و«جهادها» إلى آخر الديدان التي تتغذى على دماء المساكين من أبناء جلدتها؟ لا عاقل اليوم، لذا يجب تغيير الكلمة لتصبح «كذابات»، لأننا كلنا جمع مؤنث سالم، شديد السلامة. متابعة قراءة بالألف والتاء يا غزة

سامي النصف

المفاوض الكويتي في «الداو» وغيرها

قرأت ذات مرة ان الكويت تخسر سنويا ما يزيد على 600 مليون دولار بسبب ضعف قدرات المفاوض الكويتي مقارنة بالمفاوض الآخر وهو أمر سيبقى ما بقيت التعيينات الحكومية ـ وحتى الخاصة ـ في المراكز القيادية التي لا تعتمد على الذكاء والكفاءة والقدرة بل على التوجهات السياسية والانتماءات الاجتماعية.

واشكالات المفاوض الكويتي تنبع من شقين، الأول ضعف قدراته الذاتية وقلة احترافه وندرة القراءة والاطلاع لديه وفقدانه لعنصر التحضير الجيد الذي يحتاج لسهر الليالي في الاعداد لمثل تلك اللقاءات، الشق الثاني سببه الغرور الزائف لدى المفاوض الكويتي الذي يجعله لا يستعين بالمستشارين الاجانب شديدي الاختصاص والاحتراف وحتى ان فرضت عليه الاستعانة بهم يقوم عادة بتجاهل توصياتهم او العمل على النقيض منها كي يظهر نفسه بأنه افضل منهم.

ومن الأمور المهمة التي ساعدت على ديمومة ظاهرة ضعف المفاوض الكويتي ان احدا لا يحاسبه قط متى ما اخفق في عملية التفاوض التي قام بها او تسبب ضعفه في جعلنا ندفع اضعافا مضاعفة مما يدفعه المشترون او الشركاء الآخرون خاصة في غياب فهم لحقيقة الطرف المقابل شديد الاحتراف والقدرة كونه يستخدم اذكى الناس ويقوم بعمليات بيع وشراكة طوال الوقت بينما لا يمارس الطرف الكويتي عملية التفاوض الا مرة كل عقد من الزمن.

وأذكر في هذا السياق ما قاله لنا مستشار اجنبي مختص بتخطيط الاساطيل وشراء الطائرات تستعين به عادة شركات الطيران الكبرى عند تفاوضها مع الشركات المصنعة للطائرات كاعتراف منها بمحدودية قدرتها على الحصول على افضل الاسعار والمزايا من ان شراء طائرة واحدة يحتاج الى ما يقارب العام من التفاوض وتبادل المعلومات والتحقق منها، بالمقابل قام مسؤول مواصلات سابق بقيادة عملية تفاوض مع الشركات المصنعة للطائرات بعد عملية اعداد وتحضير لم تتجاوز نصف الساعة كاد الفنيون الحاضرون معه ان يذوبوا على كراسيهم خجلا مما يشاهدون ويسمعون وانتهى الأمر بفضيحة كبرى وخسارة المال العام لـ 2.2 مليار دولار وتدمير مؤسسة عريقة عامة ومعها سمعة الكويت التي لم تعد تحترم في المنتديات الدولية.

وأحد الأسباب الرئيسية لنجاح الكويت في الستينيات ان وزراء ونواب تلك الحقبة كانوا يعترفون بمحدودية قدرتهم امام المتغيرات السريعة التي يمر بها البلد، ما جعلهم يستمعون لنصائح المستشارين الأجانب الذين تم احضارهم لمساعدتهم وهو ما خلق النهضة الكويتية الباهرة آنذاك في كل المجالات، وكان نواب الأمة يستمعون للخبراء والمستشارين الدستوريين المتواجدين في الجلسات وتحت قبة البرلمان ولم تبدأ النكبة الا عندما استغنينا في امورنا عن المختص وسلمناها للجاهل.

وقد ضمني ذات مرة مجلس كان متواجدا فيه مستشار يعمل في احدى الشركات الاستشارية العالمية الكبرى وقد انتقدت توصيتهم فيما يخص احد المشاريع فقال ان جميع دول العالم تستعين بنا وتستمع لاستشاراتنا وتوصياتنا وإلا لماذا تم احضارنا ودفع المبالغ الباهظة لنا ماعدا دولتكم، حيث يتم تقييد أيدينا ورفض جميع توصياتنا ماعدا مسارا واحدا يطلب منا التوصية به وهو ما نقوم به بعد ان نضيف جملة «عدم مسؤوليتنا عن تلك التوصية».

آخر محطة:
بعد مقترحه الرائع الأخير، نقترح قيام عملية تبادل أسرى مع العراق الشقيق نسلمهم خلاله المجاهد الأكبر مبارك البذالي ونتسلم منهم ابنه القاصر المغرر به.