احمد الصراف

متى يحين يوم الرحيل؟

يقول أدريان روجرز (1931 ـ 2005)، وهو مفكر كنسي أميركي معروف، إننا لا نستطيع ان نشرع حرية الفقير من خلال تشريع آخر يسلب الغني حريته، فعندما يحصل فرد على دخل من غير عمل، فإن هذا يعني ان فردا آخر يجب ان يعمل من دون ان يحصل على شيء. فالحكومات لا تستطيع ان تعطي أحدا شيئا ما لم تأخذ قبلها ذلك الشيء من شخص أو طرف آخر، وعندما يصبح لدى نصف الشعب اعتقاد، أو فكرة، ان بإمكانهم عدم القيام بأي عمل، لأن النصف الآخر يقوم بأداء العمل نيابة عنهم، وعندما يترسخ الاعتقاد لدى نصف الأمة ان ليس من المجدي القيام بأي عمل، لأن النصف الآخر سيحصل على نتيجة جهده في نهاية الأمر، هنا، تبدأ نهاية أي أمة، فليس بالإمكان مضاعفة الثروة بتقسيمها!
***
ولو قمنا بتطبيق الأمثلة الحية اعلاه على أوضاعنا في الكويت، لرأينا ان كل نصف فيه، وما أكثر «أنصاف» مجتمعنا الصغير، يدعي بأنه صاحب الفضل الأكبر على الآخرين، وما الآخر إلا متطفل أو طارئ! أو انه النصف أو المجموعة الوحيدة التي تعمل، اما الآخرون فلا يفعلون شيئا. أو ان هذا النصف منتج، والآخر مستهلك فقط! أو انه يقوم بأشق الأعمال، ولا يحصل إلا على الفتات، والنصف الآخر بالكاد يعمل ويحصل على كل شيء تقريبا.. وهكذا الكثير، وهذا ناتج بطبيعة الحال من الخلل في تركيبة المجتمع من جهة، وفي سوء المناهج الدراسية من جهة أخرى، إضافة إلى غياب نظام ضرائب حديث وعادل، وايضاً لما للبيئة الصحراوية من تأثير سلبي على تصرفاتنا. فالماء والكلأ لا ينتظران، ومقولة «خذ ما أتخذ» السائدة في المجتمع حاليا لم تأت من فراغ، بل هناك ما تسبب في ظهورها وتجذرها، فالماء في الصحراء ان لم يشرب ويستفد منه في اليوم نفسه سيتبخر سريعا، ولا مجال لادخاره للأجيال القادمة، وكذا الأمر مع الكلأ، أو العشب الأخضر، فإن لم يؤكل، أو يستفد منه فورا، فستأتي شمس اليوم التالي وتجعله أثرا بعد عين، وهذا يعني أننا لم نعتد، ولاسباب كثيرة على فضيلة الادخار وحساب رفاهية الاجيال القادمة، فنحن، وبالرغم من ثرائنا المادي، فإننا نفتقد للثراء البشري، ولانزال نعيش على مبدأ «من اليد إلى الفم أو From hand to mouth!»، ولو استمرت مطالبات نواب مجلس الأمة المقبل كمطالب نواب المجلس السابق، والتي لم تكن تخرج، طوال سنة تقريباً، عن فكرة خذ ما اتخذ، بتوزيع المال على الجميع، واسقاط القروض عن الجميع، واعطاء بيوت السكن للجميع وإلغاء قوائم الكهرباء عن الجميع، فإن نهاية المجتمع المدني سوف لن تكون بعيدة كثيرا! ومن هنا تأتي ضرورة اعطاء الصوت الانتخابي لمن يؤمن بالغد بقدر ما يؤمن باليوم، وليس هناك من هو أكثر حرصا من المرأة في التفكير والاحتياط لمستقبل الوطن، فمن خلال هذا الحرص يمكن تأمين مستقبل الأبناء والازواج والآباء والأمهات والاخوة والاخوات، وان فشلنا في ايصال امرأة إلى البرلمان المقبل، فإن هذا سيعجل في قدوم يوم الرحيل.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

سعيد محمد سعيد

عن أي «أمن اجتماعي في البحرين»…نتحدث؟ (2)

 

أشرت يوم الأحد الماضي، في الحديث عن الأمن الاجتماعي في بلادنا، إلى عدم وجود مبادرات حقيقية وفاعلة ترتبط بتعزيز الأمن الاجتماعي، واختتمت بالقول إن مسئولية الحفاظ على الأمن الاجتماعي لا يمكن أن تكون مسئولية الدولة وحدها، ولا هي مسئولية مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية والرموز السياسية وحدها، وقبل أن أجيب على سؤال: «كيف نعالج قضية الأمن الاجتماعي في مجتمعنا؟»، لابد من شيء من التمهيد.

إن الأمن الاجتماعي قيمة عظيمة لا تقل أهمية عن وجود الإنسان في هذه الحياة، وأن الأجهزة الحكومية تتقاسم مع الأفراد المسئولية في تحقيق الأمن الاجتماعي، ويتحمل كل طرف منهما جانبا من تلك المسئولية، وتعتبر مؤسسات الدولة والأجهزة الحكومية عاملا أساسيا في تحقيق الأمن الاجتماعي والتماسك الداخلي والمنعة الخارجية.

ومن وجهة نظري المتواضعة، أرى أنه من الأهمية بمكان أن يكون للأسرة إسهام في بناء الأمن الاجتماعي بتربية الأبناء على الحب والوئام والمواطنة الصالحة، ولا بد من أن تدعم الدولة الأسرة من ناحية علاج الفقر من خلال مؤسسات الرعاية الاجتماعية، ويتوجب على الإعلام الوطني وقف كل الممارسات الإعلامية والكتابات التي تؤجج وتحرض وتثير العداوة والبغضاء بين أبناء المجتمع الواحد.

لهذا، فمن الضرورة بمكان أن يكون لدينا توجه إعلامي وثقافي يجسد الوحدة الوطنية ويضع الأمن الاجتماعي نصب عينيه، فهذا الأمن ينبغي أن يشمل كل من يتعرض لتهديد أو خطر أو إهمال في نفسه أو صحته أو حقه في الحياة الكريمة الآمنة لأي سبب كان، فيشمل الأسر المعوزة والأرامل والمطلقات والمسنين والأيتام وذوي الاحتياجات الخاصة من المعاقين نفسيا أو جسديا أو عقليا، وإعانة المحتاجين وحماية الطفولة والأسرة والأحداث.

ولا تنفصل مسئولية الأجهزة الحكومية في تحقيق الأمن الاجتماعي عن حلقات الأسرة والإعلام والمؤسسات الاجتماعية والدينية والسياسية، ويتمثل ذلك في تمكين المواطنين من حرية الرأي، وتفعيل المشاركة السياسية، والإسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير التعليم والخدمات الصحية لعموم المواطنين، لكن مهما يكن من أمر، فإن إشاعة ثقافة الأمن الاجتماعي بين أفراد المجتمع هو السبيل الأمثل لتحقيقه من خلال المناهج التعليمية ووسائل الإعلام والثقافة المختلفة.

سامي النصف

المهالك في خوض الممالك

كانت مصر ما قبل عام 1952 جنة من جنات الأرض وباريس أفريقيا كما كانت تسمى، حيث كان يعمل بها ملايين الأوروبيين والعرب الآخرين وكان ابناؤها يدرسون في ارقى الجامعات العالمية، كما كان يصطاف ساستها وكتابها وموظفوها في اوروبا، وكانت صناعاتها ومولاتها تضاهي ارقى الصناعات والاسواق الدولية حتى ان المانيا واليابان ارسلوا خبراءهم ومختصيهم لدراسة وتقليد الحالة المصرية.

وكانت ممالك مصر وليبيا والعراق تنعم بالديموقراطية والحريات الاعلامية والاحزاب وقد انتهى ذلك العيش الرغد والرفاه الى ديكتاتوريات قمعية تسعد بقتل شعوبها وتشريد ابنائها فتحول امنهم الى خوف وشبعهم الى جوع وغناهم الى فقر وسفرهم المؤقت للمتعة الى اغتراب وعذاب دائم، فما الذي حدث؟

هناك وصفات سياسية مجربة ما ان تأخذ بها الدول حتى تتحول صحتها الى علة وسعادتها الى تعاسة، واهم عناصر تلك الوصفات المميتة هي افشاء حالة «الظلم الكاذب» بين الناس عبر اشعار الجميع بالمظلومية فكل موظف مظلوم لأنه لم يصبح مسؤولا حتى لو لم يمض على عمله الا اشهر قليلة، وكل مسؤول مظلوم لأنه لم يصبح مديرا حتى لو كان اداؤه والكرسي الذي يجلس عليه.. واحدا.

وكل مدير مظلوم لأنه لم يصبح وكيلا، وكل وكيل مظلوم لأنه لم يصبح وزيرا وكل وزير مظلوم لأنه لم يبقى في الوزارة للأبد، ويمتد ذلك الشعور الكاذب بالظلم للآخرين، فيشعر من يملك آلافا بأنه مظلوم كونه لا يملك المليون، ومن يملك المليون مظلوم لأنه لا يملك المائة مليون، كما يشعر صاحب المائة مليون بالظلم الشديد والحزن الدائم كونه لا يملك المليار، وقد وصل ذلك الشعور المدمر بالظلم حتى للأسر الحاكمة ذاتها كما حدث مع الأمراء عبدالإله في العراق ومحمد علي في مصر وابناء الشريف احمد في ليبيا.

ويتحول شعور القهر والظلم الكاذب من ظاهرة مؤقتة الى حالة مرضية دائمة خاصة مع غياب الجهد الحكومي لإظهار الحقائق وتصحيح تلك المفاهيم المغلوطة، فإن اعطت الدولة مائة دينار قيل لماذا لا تعطي مائتين؟ وان طبقت القانون وازالت المخالفات شعر المخالفون بالظلم، وان لم تطبقه شعر الناس الآخرون بالظلم كذلك، ان الدول لا تسقط بل تتآكل، واكبر معاول التآكل والهدم هو افشاء مفهوم «دولة الظلم واللاعدل» في المجتمع كما يقول بذلك كثير من المرشحين دون ان يعرفوا تبعة ما يقولون، وكم من جرائم ترتكب لأجل الوصول الى الكراسي الخضراء.

آخر محطة:
تعاملت مع المرشحة د.معصومة المبارك ابان تسلمها مقاليد الوزارة وشاهدت عن قرب قدراتها فوق المعتادة في العمل، وزرت ادارة المرور مرات عديدة وشاهدت عن قرب امانة وكفاءة المرشح د.عبدالله الطريجي. وفّق الله الاثنين وأرانا اياهما تحت قبة البرلمان نائبين أو وزيرين او.. الاثنين معا.

احمد الصراف

تاتشر والسلف والمرأة

«ستمر سنوات.. وحتما ليس في أيامي، قبل أن تصبح المرأة رئيسة وزراء»! هذا ما قالته مارغريت تاتشر عام 1969. وبعدها بعشر سنوات فقط أصبحت هي بالذات أول رئيسة وزراء في تاريخ بريطانيا!! وفي أوج الصراع الدموي الذي دار بين أنصار التمييز العنصري في جنوب افريقيا وبين الحركة الوطنية الافريقية، بزعامة نلسون مانديلا قال القس ديز موند توتو، الحائز على جائزة نوبل للسلام، ما معناه: ان سياسة الفصل العنصري ستنتهي لا محالة، والحكم سيؤول للأغلبية الافريقية في نهاية المطاف، فلمَ لا ننقذ كل هذه الأرواح التي تضيع سدى في هذا الصراع الدموي غير المجدي؟ ولو نظرنا في الكويت مثلا لمواقف الحركة السلفية، سواء الأصلية منها، التي تلاشت وذابت، أو ما انبثق عنها وتوالد، فإننا نجد ان مواقفها قد تغيرت وتبدلت من أمور كثيرة كالممارسة الديموقراطية، أو مشاركة المرأة في الإدارة كوكيلة أو قاضية أو في الحياة السياسية كوزيرة أو كنائب. كما نجد ان جماعة السلف، ولأي تيار انتموا، ومعهم الاخوان، غارقون حتى رقابهم في اللعبة السياسية، ومتمتعون بصخبها وضجيجها وأموالها وبريقها ولمعان فلاشات وسائل إعلامها. كما نجدهم في كل حفل ووليمة وأمارات الاستمتاع بادية على وجوههم وهم يسيرون الهوينا بين الطنافس والغلمان من حاملي أواني البخور والدخان، ويستقلون السيارات الفارهة والطائرات الخاصة ولا يرفضون المعاملة المميزة اينما حلوا، على الرغم من التعارض الصارخ لكل هذه الأمور وللحاهم الكثيفة وآرائهم الجامدة وأفكارهم المتطرفة والغريبة! وهذا الافساد الذي اصابهم هو ما كان يخشاه كبيرهم المصري، الذي طالما حذرهم من الانتخابات والسياسة ومغرياتها ووهجها، ولمعان كاميراتها!!. نعود لموضوع التغير ونقول انه مادامت طبيعة الأمور في هذا العالم الذي نعيش تدفع بقوة لحصول المرأة على كامل حقوقها في الكويت وغيرها من الدول المتخلفة، عاجلا أم آجلا، فلمَ كل هذا العناد وهذه المكابرة وهذا الاصرار على الحاق الظلم بالمرأة حتى آخر يوم؟ أليس من الأجدر الاعتراف بالحق، والمبادرة بكسب احترامنا لأنفسنا من خلال احترامنا لأمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا؟ ألا تستحق أوطاننا علينا ان نجنبها كل هذا الصراع غير المجدي على توافه الأمور وصغائر القضايا وان نقتدي بالعالم الذي يسبقنا بسنوات ضوئية ونضع المرأة في المكانة الرفيعة التي تستحقها؟ الا تكفي كل تنازلات السلف والاخوان عن مواقفهم الأكثر تطرفا من المرأة، خلال السنوات الثلاثين الأخيرة على الأقل، لتؤكد ان التغيير آت لا محالة، وان من الأفضل حقن الدماء وتوفير الجهد والمال، بدل تضييع كل شيء؟ هل يعقل ان يأتي أحد السلف، المتخلفين سياسياً واجتماعياً، ليقول إن من يصوت للمرأة هو آثم، ليأتي زميل له فيقول عكس ذلك، وليصرح بأنها ان فازت كعضو في البرلمان فسيرفض السفر معها في وفد رسمي؟! هل سمعتم هرجا أكثر من هذا؟ وهل من المنطقي والصواب حقا اختيار أمثال هؤلاء ليمثلوا الأمة في مجلسها؟
فيا شباب الكويت وشاباتها، ويا نساء الكويت ورجالها ابتعدوا عن مرشحي الأحزاب الدينية، فيكفي ما نال الكويت منهم على مدى أكثر من 30 عاماً.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

محمد الوشيحي


 رولا انطوانيت

لو كان البرلمان الماضي رجلاً لكان الأسخف في طول البلاد وعرضها، ولو أنه جلس مع البرلمانات الماضية على صحن واحد لأكلوا نصيبه وبات جائعاً يشتكي لأمه توحش المتوحشين، وهو الذي كبرت أثداؤه من خدمة الديليفري، التوصيل المجاني، فتنصحه بالانضواء تحت بشت برلمان 92 أو بشت برلمان 96 ليضمن له أحدهما لقمة تسد رمقه عند تزاحم البرلمانات على الصحون، بشرط أن يجلس هناااك، كي لا يجرح أحد بشرته الحساسة.

ومع ذا ترتفع هذه الأيام بعض الأصوات المطالبة بوجوب زيادة كريمات البشرة للبرلمان المقبل، خوفا من أن يكون متوحشا تمساحي الملمس كما كان سلفه، في نظرهم… هم يريدونه برلمانا "شطّوراً" يفرق شعره من جهة اليسار ويزم شفتيه ويتابع السبورة ليحفظ الدرس، ونحن نريده برلماناً يدخل "الفصل" فينهض التلاميذ، فيتقدم هو بثقة ويمسك القلم الأحمر ليراجع ما كتبته الحكومة فيأمرها وينهرها ويزجرها لو شخبطت على كشكول الدولة، وعلى العَلَم المرسوم أعلى يسار الصفحة، كما هي عادتها.

***

لا أدري لماذا أجد أوجه الشبه بين النائب السابق خالد السلطان والمرشحة الدكتورة رولا دشتي أكثر من أوجه الاختلاف، رغم الفارق الكبير في الغلاف. شعور غريب، شعور بالخوف على فائض المال العام لو نجح هذان المرشحان.

أما خالد السلطان فـ"اسم نعرف ونرتاع منه"، وهو رغم ذا "ما يأكل خبزة" مع الدكتورة رولا… هذه المرشحة رئيسة الجمعية الاقتصادية الكويتية، هي ماري انطوانيت الكويت. دكتورتنا الفاضلة استخدمت أسلحة الدمار الشامل مرتين، الأولى في حربها ضد اسقاط فوائد قروض المواطنين، والثانية في حربها لتمرير قانون الاستقرار الاقتصادي بصورة تخجل فرسان البرلمان المستميتين لإقرار القانون، وانتصرت في حربيها، هكذا هم دائما الأقوياء. وبما أنها الآن مرشحة وقد تنجح، فأظنها ستجد حلا للمواطنين المعسرين… وجبة ماك تشيكن.

اللافت، أن أحدا لم يمر في شارع الدكتورة رولا دشتي، لكنها وبحبكة إعلامية محترفة، راحت تولول وتصرخ: الحقوا عليّ، فكوني من شرهم! فنفزع مرعوبين، ونتكالب على المكان، وفي يد كل منا هراوة أو سكين أو عصا، ونسألها: "من هم؟ وأين هم؟"، فتشير إلى هناك، فنتلفت ولا نجد إلا الفضاء الطلق يقسم لنا بأعظم الأيمان أنه لم يفعل لها شيئاً، ويشير بسبابته تجاه البحر: "يمكن هذا اللي ضايقها"، فندفع الفضاء ليسقط على ظهره، ونجري صوب البحر ونمسك بياقته ونهز كتفيه بشدة: "شفيك على البنيّة"، فيقسم لنا وهو يمسح دموعه مرعوباً أنه كان نائماً ولم يوقظه سوى صراخها وصراخنا، ثم يشير بسبابته تجاه الغبار، فنلتفت إلى الغبار فيعض طرف دشداشته وينحاش وهو يصرخ: مظلووووم.

وما بين الغبار والبحر والفضاء الفاضي، تُهنا وتاهت مراكبنا مع أكثر المرشحين والمرشحات على مر التاريخ ادعاء بالمظلومية من لا شيء… ويا كبدي على البسطاء من الناس إذا وصل السلطان وماري انطوانيت إلى البرلمان. 

سامي النصف

هل الديموقراطية هي حكم الشعب بالشعب للشعب؟!

كلمة «ديموقراطية» هي مسمى عام حالها كحال أسماء أحمد وجون ونادية وماريا..إلخ، أي يشترك كثيرون في الاسم دون أن يكون هناك أدنى رابط أو تشابه بينهم، ومن ذلك فالديموقراطية الممارسة في أميركا وأوروبا واليابان لا علاقة لها إطلاقا بالديموقراطية المعمول بها في الصومال والسودان والعراق والكويت وإيران ولبنان عدا كونها حالة تشابه أسماء.

وأول ما نلحظه من فروقات بين الديموقراطية «المعمرة» الممارسة في الدول المتقدمة والديموقراطية «المدمرة» الممارسة في دول العالم الثالث المتخلفة، هو مقدار الانضباط والحكمة والعقلانية الممارسة في كل منهما، فديموقراطية التقدم والسمو تديرها عادة عقول حكيمة مبدعة منضبطة تستهدف صالح الأوطان في الحاضر والمستقبل.

أما ديموقراطية التخلف والانفلات فتدار عادة بالعواطف والتشنجات وقضايا الإثارة، لذا فالتعريف الصحيح لديموقراطيتهم هي أنها «حكم الشعب بالعقول النيرة لصالح الشعب»، أما التعريف الحقيقي للديموقراطيات المتخلفة فهي «حكم الشعب بواسطة الغوغاء لصالح الذات» بعيدا بالطبع عن مصالح الشعب وهو ما يسقط في نظرنا التعريف القديم للديموقراطية القائل بأنها «حكم الشعب بالشعب للشعب».

ومن الفروقات الأخرى بين الديموقراطيتين، إن جازت التسمية، أن ديموقراطيتهم أقرب لطائر له جناحان ـ لا أكثر ـ متساويان يحلق بهما في أجواء التقدم والرقي العالية، فخطة اقتصادية يرسمها اخصائيو الفريق الحاكم على سبيل المثال، إما أن يؤيدها الفريق المعارض أو ينقضها بخطة يخلقها له خبراؤه ممن لا يقلون جودة وحنكة عن الفريق الأول، وبذا تستفيد أوطانهم من هذا النوع من التنافس العاقل.

أما ضمن الديموقراطيات المتخلفة ـ أبعدنا الله عنها ـ فما ان يحضر الفريق الرسمي خطة اقتصادية أو تنموية أو تعليمية يفترض أن يكون قد رسمها كبار الاستشاريين والاختصاصيين المحليين والأجانب ضمن فريقه، حتى يعارضها بأعلى صوت من قد لا يفقه شيئا في المجال الذي يتكلم عنه عدا مصطلحات الدغدغة والتحريض والتخريب المعلبة.. والحديث ذو شجون!

آخر محطة:
1 ـ ضمن بروتوكولات حكماء الدواوين التي تكلمنا عنها في أكثر من مقال، نرجو أن تضع كل ديوانية خارجها صندوقا مخصصا لوضع بطاقات الأفراح والمناسبات فيه تسهيلا على المرسلين.

2 ـ كذلك من الأفضل أن توفر كل ديوانية سجلا يتجدد كل عام أو عامين بأسماء أصحابها وروادها يتم حفظه لدى جهات «أهلية»، حيث إن أغلب القوائم الموجودة شديدة القدم والقصور.

احمد الصراف

كشف وليد الطبطبائي المصرفي

أقام المرشح وليد الطبطبائي ندوة انتخابية قبل أيام بعنوان «مصلحة بلد.. أم بلد مصالح؟»، ولا اعتقد ان هناك من يستحق أن يوجه إليه هذا السؤال أكثر من المرشح نفسه! فقبل فترة أثار المرشح فيصل المسلم، عندما كان نائبا، موضوع شيكات النواب، وحيث إن القضية منظورة أمام القضاء، فسنتجنب التطرق إلى الموضوع، ولن نلتفت أيضا إلى قبلة التزلف «الرطبة» التي طبعها المرشح وليد على رأس صاحب ديوانية في منطقته الانتخابية، والتي نشرتها «الوطن» على صفحتها الأولى. فما نعرفه ان المرشح «الطبطبائي»، وفي مقابلة صريحة مع «القبس»، اعترف بطريقة واضحة لا تحتمل اللبس بتسلمه مبلغ خمسين ألف دينار من سمو رئيس مجلس الوزراء! وحيث إن المرشح الطبطبائي لم ينف تصريحه للقبس حتى الآن، وبصرف النظر عن ملابسات الموضوع، فإننا نميل إلى تصديق ادعائه أن مبلغ الـ 50 ألفا دفع لحساب مبرته الخيرية، وليس له شخصيا! ولكن، وهذا ما ذكرناه في مقال سابق، هذا الاعتراف لا يكفي لإزالة ما احيط بموضوع شيك المبرة من شبهات. فالمرشح الطبطبائي يعلم، والجميع يعلم، ان وزارة الشؤون هي الجهة التي تشرف وتراقب حسابات المبرات والجمعيات الخيرية، وهي المخولة المصادقة على هذه الحسابات. وبالتالي فإن السيد وليد، الذي يصفه أحد الزملاء بالصجي، مطالب بأن يبرئ ذمته للناخبين والمواطنين عن طريق تقديم شهادة من وزارة الشؤون تؤكد صحة إدارته لحساب مبرته، وان يقدم كذلك كشفا يبين حركة حساب المبرة في البنك، وأن مبلغ الشيك قد أودع حقا في حسابها بتاريخ تسلم الشيك من رئيس الوزراء. وهو مطالب كذلك بأن يبين الطريقة التي تم بها التصرف بالمبلغ، وانه شخصيا لم يقم بصرف أي جزء منه على نفسه، أو على أي من حملتيه الانتخابيتين السابقتين.
ونشهد هنا أننا سنكون على رأس مناصري المرشح الطبطبائي في حال أبرز هذه المستندات، وبخلاف ذلك، فإن الشبهة ستحوم دائما حول صحة تصرفاته ومدى أمانته!
فيا نساء ورجال الكويت اختاروا نواب مجلسكم المقبل بعناية تامة، فالمرحلة المقبلة حاسمة، والأمور في طريقها للخراب التام إن عاد المؤزمون والمعقدون إلى سابق مقاعدهم.
***
• ملاحظة: أفتى الشيخ احمد علي عثمان، من اخوان مصر، مشرف الدعوة بوزارة الاوقاف المصرية بأن الخنازير الموجودة حاليا اصلها يهود سخط الله عليهم فجعل منهم قردة وخنازير وعبدة الطاغوت وان قتلها واعدامها واجب. واذاعت البي بي سي، وصحف كويتية ان قاضيا سلفيا سعوديا افتى بجواز صفع الزوجة في حال تبذيرها!
فهل سيختار الشعب الكويتي بعد يومين الاخوان والسلف لتمثيلهم في البرلمان؟

أحمد الصراف
habibi [email protected]

سامي النصف

استعلاء الليبرالية

دعت الزميلة «القبس» الأخوات المرشحات لانتخابات مجلس الأمة لحضور ندوة برلمانها ودعت معهن جمعا من الشخصيات والأقلام الليبرالية الداعمة لحقوق المرأة، ولم يحضر منهم أحد! اي لا دعم ماليا ولا حتى معنويا ممن يدّعون نصرتهم للنساء فكيف ستفوز المرشحات اذن؟! الحل الحقيقي هو بـ «الكوتا» النسائية كحال الدول الأخرى ولا شيء آخر.

وكان استفتاء لوكالة «ابسوس» العالمية قد أظهر ان التيار الإسلامي مازال يحظى بدعم ما يزيد على 50% من الناخبين بينما لا يحظى التيار الليبرالي إلا بدعم ما يقارب الـ 15% وهو ما يظهر ان هناك أخطاء جسيمة لدى التيار الليبرالي تحتاج الى تسليط الضوء عليها كي يصحح المسار حتى لا يزداد التوجه ضعفا وننتهي بديموقراطية التوجه الواحد.

أحد الأمراض المبتلى بها التيار الليبرالي هو نرجسية وطاووسية بعض شخوصه ورموزه ومنهم بالطبع ساسة وكتّاب معروفون مما ينفر الناس منهم ثم ينعكس ذلك النفور من الشخوص على التيار بأكمله خاصة عندما ينسب هذا الطاووس أو ذاك المتعجرف المكروه في المجتمع ذاته للتيار الليبرالي دون ان ينكر أحد من الليبراليين عليه ذلك الانتساب «المر»!

وكنا قد اقترحنا قبل مدة في جمع من الليبراليين والمستقلين أن يتم ربط التوجه الليبرالي السياسي بالتوجه الليبرالي الاقتصادي ـ كحال الاخوة الإسلاميين حتى يمكن أن تعتدل وتتكافأ اللعبة الديموقراطية في الكويت ويصبح لدينا توازن ليبرالي ـ محافظ قريب مما نراه في الدول المتقدمة.

وقد أتاني الرد من اثنين من كبار رجال الأعمال الليبراليين وكانت فحواه ومحتواه: لماذا ندفع الأموال للتوجه الليبرالي «السياسي» ولم نجدهم عندما طرح هذا القانون أو ذاك الذي أضر بالكويت وبنا، بل انهم لم يردوا ـ استعلاء وتكبرا ـ حتى على اتصالاتنا ومكالماتنا بينما تجاوب وتعاون معنا اخوة نواب إسلاميون وقبليون؟ فهل من المنطق أن ندفع المال لمن يعادينا ونخذل من ينصرنا؟!

إن التيار الليبرالي في الخلاصة يحتاج كي يقوى وينتشر بين الصفوف الى نهج غير النهج وشخوص غير الشخوص وأفكار غير الأفكار ومن ضمن ذلك «التواضع» والانفتاح على جميع شرائح وطوائف المجتمع، فمازالت مخرجات الدوائر القبلية والشيعية بعيدة عن التوجهات الليبرالية فلا نرى، إلا فيما ندر، نائبا قبليا ليبراليا أو نائبا شيعيا ليبراليا والحديث ذو شجون.

آخر محطة:

(1) تقوم بعض القوى المحافظة بإلصاق تهمة الكفر وخاصة لدى الشباب بالتيار الليبرالي وهو خطأ أخلاقي لا يجوز السماح به إلا انه يحد من شعبية التيار.

(2) تقوم قلة من الليبراليين وبذكاء شديد بمساعدة المحافظين في نشر الطرح السابق عبر تهجمهم على عقائد الناس ومعتقداتهم دون مبرر أو داع.

احمد الصراف

تعداد 57 حقائق وفضائح

توقع تقرير للأمم المتحدة ان يبلغ سكان الكويت 3 ملايين و378 ألفا عام 2015، ولكن الحقيقة ان العدد تجاوز أخيرا 3 ملايين و441 ألفا. وفي هذا السياق ورد في الجريدة الرسمية للكويت، العدد 211 لعام 1957 المعلومات الطريفة، والمبكية، التالية عن السكان:
بلغ عدد الكويتيين حسب احصاء «دائرة الشؤون الاجتماعية» لعام 57، عندما كانت الكويت محمية بريطانية، 114 ألفا، منهم 59 ألفا ذكورا و54 ألفا اناثا. وقد انعكس الوضع حاليا واصبحت نسبة الاناث اعلى، ومن «الطبيعي» ان احدا لم يتساءل عن السبب! كما لم تعرف الكيفية التي تم بها تحديد من هو الكويتي وقتها في غياب نظام هوية دقيق! كما كانت نسبة الكويتيين من اجمالي السكان في تلك السنة تزيد على النصف، ومن يومها بدأت نسبة الكويتيين بالتناقص تدريجيا، حيث اصبحوا 36% عام 1965، واقل من 31% عام 1975 وبلغ الانحدار ذروته عام 1985 عندما وصلت الى 27% لتتعدل بعدها في السنوات 1995 و2005 لتصل 39% ثم لتعود الىالانحدار في السنوات الاربع الاخيرة لتبلغ نسبة الكويتيين 31% فقط، ربما بسبب زيادة حمى المتاجرة بالاقامات، وسياسة الحكومة في شراء رضا النواب!
عدد الكويتيين الذي كان عام 57 لا يزيد على 114 ألفا ارتفع خلال السنوات العشر التالية بنسبة 60%، ثم تضاعف العدد في العقد التالي، واصبح يقفز قفزا ليصل الى اكثر من مليون نسمة في نصف قرن، اي 10 اضعاف سكان 1957، ولم يكن سبب ذلك خصوبة الكويتيين، بل خصوبة سياسة التجنيس العشوائية التي ندفع ثمنها الآن غاليا من خلال ما نشاهده من خراب ذمم وانتخابات فرعية وفساد اداري وطائفية ممقوتة.
كما بينت احصائية 57 ان اكبر الجاليات كانت العراقية بــ 26 ألفا، ومن بعدها الايرانية 19ألفا، والفلسطينية ــ الاردنية بــ 15 ألفا، وهي التي بلغت 450 ألفا قبل الغزو الصدامي للكويت عام 1990 ليبلغ عددهم الآن 25 ألفا تقريبا. كما بينت الاحصائية العدد الكبير للعمانيين والمهرة في الكويت وقتها، حيث بلغ 6380، وكان ذلك يعود لاسباب اجتماعية واقتصادية.
والآن، هل سيستفيد احد من هذه المقارنات؟ وهل تقرأ جهة ما وتستفيد من نشرات وزارة التخطيط وعملها المضني والدقيق والمفيد؟ لا اعتقد ذلك، وليس في برامج اي من المرشحين شيء عن التخطيط.. بل ربما آخره!
والطريف ان دائرة الشؤون قبل 50 عاما رحبت بأي اسئلة بخصوص عملية التعداد، ووعدت بالرد عليها من خلال الجريدة الرسمية نفسها، وهذه شفافية نفتقدها اليوم مع الاجهزة الحكومية. كما ان النشرة دعت الاطراف المعنية للاستفادة من المعلومات الاحصائية والاسترشاد بها في عمليات التخطيط وتصميم المشروعات التي تهدف الى رفع المستويين الاجتماعي والاقتصادي لسكان الكويت، الا انه من الواضح، وبعد نصف قرن، ان لا جهة اهتمت بتلك المعلومات، ولا احد حاول ولو مجرد الاسترشاد بها.
وغطيني يا فاطمة ب «الكنبل»، لأن الظاهر ما في فائدة!!

أحمد الصراف
habibi [email protected]