احمد الصراف

السلف.. بين الحياء والاشتهاء

كشفت محاولة النائب خالد السلطان ونواب آخرين، تضمين نص القسم الدستوري كلمات محددة، في محاولة للتملص من معناه وتغييره، كشفت المعضلة النفسية والاخلاقية التي يعيشها البعض من هؤلاء السلف كل يوم بقبولهم المشاركة في الحياة السياسية من خلال البرلمان وسلطات الدولة الاخرى. فالفكر الديني، والسلفي بالذات، يحتم على هؤلاء «النفرات» الممثلين في البرلمان، الالتزام بما يمليه عليهم كبارهم وقادة فكرهم من «اساطين السلف»، الذين يعتقدون «بفساد» الانظمة الديموقراطية المقتبسة من الغرب، وان الاولى الالتزام بحاكمية الله وبالشورى وبنظام الخلافة، وان الشرع هو مصدر التشريع، وليس البرلمان، من خلال السلطات المفوضة لنواب الامة.
ولو توقفنا عند واقعة اضافة العضو خالد السلطان عبارة «في طاعة الله» بعد عبارة «احترام الدستور وقوانين الدولة» من القسم، لتبين لنا حقيقة موقف القوى الدينية والسلفية بالذات، من العمل السياسي البرلماني. فأعضاء هذه القوى يعلمون ان شكل الدولة الحديثة لا يشبه اي شكل من اشكال دولة السلف الصالح (!!)، ويرون في الامر شبهة وحكما بغير ما انزل الله!! وهذا يفسر سبب ابتعاد عدد من كبار قادتهم عن المشاركة في الحياة السياسية بصورتها الحالية، ولكن معاناتهم بدأت بعد ان رأوا ان عزوفهم عن المشاركة في الانتخابات قد ترك الساحة لغرمائهم، سواء من القوى الدينية المعارضة لهم أو القوى الاخرى، وان هؤلاء حققوا مكاسب دنيوية وثروات ونفوذا هائلا لم يكونوا يحلمون به. وهنا ظهر اتجاه قوي بين قوى السلف يرى عدم جواز ترك الساحة خالية للغير، وان من الضروري المشاركة في «اللعبة» وهكذا كان، وكان مشروع «الوسيلة» العقاري الضخم الطُعم الذي وضع لغلاة معارضي المشاركة في اللعبة السياسية لجرهم للميدان واظهار منافع «الديموقراطية الكويتية»!!
ولكن بقي نص «قسم النيابة الدستوري» شوكة في حلق القوى السلفية، بنصه الديني الداعي لاحترام المؤسسة الدستورية، ومسند الإمارة، وبتناقضه الواضح مع من يقومون بترويجه من قيم ومفاهيم. ومن هنا جاءت محاولة النائب السلطان، وما سبقتها من محاولات بائسة اخرى لتغيير معنى النص، من اجل تبييض وجوههم امام اتباعهم وزعمائهم في خلواتهم، والقول بانهم بذلك التغيير والتحوير والاضافة، قد أرضوا الله وضمائرهم من خلال عدم الالتزام بنص «مشبوه ومكفر»، وهذا المخرج أملاه عليهم حبهم لجمع المال وملذات الحياة ومباهج السلطة وسطوة النيابة.
ان عقلاء المجلس والحكومة، مطالبون مستقبلا بمنع اي اضافة للقسم، سواء في اوله او نصفه او نهايته، وان يؤدى القسم كما هو من دون تغيير، وعلى الجميع الالتزام بذلك واحترام مشاعر الآخرين، ومن لا يعجبه القسم، بنصه الحالي، فبامكانه الجلوس في بيته.

أحمد الصراف

سامي النصف

خطاب الألفية

خطاب حسن النوايا الذي ألقاه الرئيس باراك اوباما في قاهرة المعز احتوى على كلمات ومعان لم يسمع بمثلها العالمان العربي والاسلامي منذ الف عام اي مع بدء الحملات الصليبية في 18 نوفمبر 1095 والتي قسمت حوض البحر المتوسط الى دول مسيحية في الشمال واسلامية في الجنوب وقد تمر الف عام اخرى قبل ان نسمع بمثل هذا الخطاب التاريخي الفريد والذي اصبحنا في ختامه كمسلمين ومسيحيين ويهود وعرب واميركيين واسرائيليين وايرانيين شركاء في حل مشاكل المنطقة المزمنة والمستعصية بدلا من القاء اللائمة على بعضنا بعضا.

وقد كان مستغربا ان تأتي ردود الفعل السالبة والمتشنجة بعد دقائق قليلة من انتهاء الخطاب، ولم يكن مستغربا على الاطلاق ان يتشابه الى حد التطابق خطاب المتطرفين والمتشددين من اسرائيليين وفلسطينيين وايرانيين واميركيين الذين تصدوا له مما يؤكد ان ملة التشدد والتطرف واحدة، ولم يكن مفهوما ان يطالب ممثلو منظمة حماس بأن يظهر اوباما للعالم حسن نواياه عبر الافعال لا الاقوال متناسين مطالبته بوقف الاستيطان واعترافه بالدولة الفلسطينية اضافة الى اغلاقه لمعتقل غوانتانامو وقرار سحب قواته من العراق وبدء حواره مع ايران وزيارته للسعودية والقاء خطابه من جامعة القاهرة.

لقد كانت المصلحة الفلسطينية تقتضي من قيادة حماس ان تتروى في رد فعلها الغاضب وان تقوم بالتصالح مع رجال السلطة والتشاور معهم حول المسار الامثل والطريق الافضل لاستغلال تلك البادرة التاريخية والاستفادة منها مستحضرين حقيقة ان القضية الفلسطينية هي قضية «الفرص الضائعة» ومستذكرين بادرة الحكومة البريطانية عام 1937 لحل الاشكال الفلسطيني عبر لجنة بيل الملكية التي اعطت العرب 90% من الارض ووعدا بدولة فلسطينية مستقلة فلم تجد من ممثل الممانعة آنذاك المفتي امين الحسيني الا الرفض المبكر ثم البكاء اللاحق على اللبن بعد سكبه.

وعلى العرب جميعا ان يوحدوا الصفوف في مرحلة ما بعد الخطاب التاريخي للخروج بتحية مماثلة او احسن منها للولايات المتحدة وقيادتها التاريخية توازيا مع التوقف الفوري عن الخطاب الغوغائي والتحريض المعتاد واستبداله بورقة عمل وخارطة طريق واضحة المعالم وخطاب عربي عقلاني متفق عليه «يعطي بقدر ما يأخذ» ولا يتعامل مع الآخر بمنطق كاذب يصورنا وكأننا منتصرون يملون شروطهم على طرف مهزوم.

آخر محطة:
1 – اختيار مصر لا اندونيسيا لالقاء الخطاب هو تقدير لمصر ولقيادتها التاريخية.

2 – يحسب لوزير الثقافة المصري د.فاروق حسني عمليات التجديد والعناية التي اختص بها آثار مصر ومنها مسجد السلطان حسن الذي اظهر العمارة الاسلامية بأجمل صورها.

3 – لدي يقين بأن 95% من المصريين و99% من العرب الزائرين للقاهرة لم يقوموا بزيارة ذلك المسجد الرائع.

احمد الصراف

علمانية برنارد ستازي*

يقول برنارد ستازي ان العلمانية تعني التسامح أولا**، كما تعني الانفتاح على الآخر، وحرية الاعتقاد والتعددية، وتسمح العلمانية لنا بالعيش معا في احترام متبادل لاختلافاتنا، سواء كنا مؤمنين مسلمين، كاثوليكيين، يهودا، بروتستانت او بوذيين او من غير معتقد، ولا يعني ذلك ان العلمانية من غير محظورات او ضوابط.
وكما فتحت الكنيسة الكاثوليكية، وقبلها بكثير الكنائس الاخرى، قلبها وعقلها للعلمانية، فإن على المسلمين ان يفهموا، وبسرعة، ان هذه العلمانية تفتح لهم ذراعيها مرحبة.
ويعتقد ستازي بأن ارتداء الحجاب له عدة معان وتفسيرات، ولكنه، بشكل موضوعي، يدل على انصياع المرأة لقوانين الرجل، وان قانون حظر ارتداء الرموز الدينية في المدارس الفرنسية الذي صدر قبل 5 سنوات يلاقي نجاحا كبيرا، ولكن البعض يعتقد انه فرض ضد المسلمين بالذات، وهذا يجعلهم يشعرون بأنهم مستهدفون، وهو امر قد يتيح الفرصة للمتطرفين لزيادة تعصبهم، كما يمكن ان يؤدي الى زيادة عدد المدارس الاسلامية في فرنسا، وسيكون ذلك امرا مؤسفا ومغايرا للنتائج المرجوة.
نورد ذلك في ضوء المعاملة السيئة، التي تزداد سوءا، والتي يلقاها غير المسلمين في مجتمعاتنا، خصوصا المسيحيين، واوضاع مصر ولبنان وسوريا وايران واخيراً غزة والعراق خير مثال!! فأتباع الديانات من غير المسلمين، حتى المسلمين من غير اتباع مذهب الاغلبية، هم في هجرة مستمرة منذ اكثر من 30 عاما، وبتشجيع واضح من الحركات والاحزاب الاسلامية المتطرفة، وقد خسر الكثير من الدول العربية والاسلامية كمًّا هائلاً من الكفاءات التي فضلت الهجرة لأوروبا واميركا واستراليا. هذا ويساهم، اضافة الى خطورته في تفريغ المجتمعات من الكفاءات النادرة، في زيادة تعصب وتطرف المجتمعات التي هاجروا منها لاعتقادها بعد ان أصبحت نسيجا واحدا من لون احادي منفر بأنها على حق والآخرون على ضــلال.
ان جمال اي مجتمع ورقيه يكمنان في الانسجام بين أعراقه وثقافاته، فهذا هو التحدي الحضاري، وليس التفرد والوحدانية والانزواء!
***
* هامش:
(*) شخصية سياسية فرنسية ورئيس اللجنة المستقلة لتطبيق مبدأ العلمانية في فرنسا.
(**) لا توجد ترجمة لـ Tolerance في «العربية» غير «تسامح»، والتي لا توفي المعنى حقه.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

جماعة المدمن المجهول… ابقوا معنا!

 

لا يعرف الكثير من المواطنين والمقيمين الشيء الكثير عن جماعة المدمن المجهول، لكنهم مجموعة من المتطوعين من الشباب والشابات، ومن بينهم متطوعون أيضا من الأطباء والباحثين الاجتماعيين، يعملون من أجل مساعدة المدمنين على المخدرات والعقاقير والمهدئات لمواجهة واقعهم بجرأة وبإرادة للتوقف عن الإدمان، وهي مهمة صعبة للغاية.

هذه الجماعة، التي تنتشر في الكثير من دول العالم ومنها دول الخليج العربي، يجب أن تبقى في المجتمع، ويلزم وجودها أن تحظى بالدعم المعنوي على الأقل، فحسب نظام الجماعة، فإنها لا تقبل الهبات والتبرعات المالية بل ويجب أن يبقى أعضاؤها مجهولين، لكن عملهم وأهدافهم الإنسانية والخيرية الحضارية هي التي يجب أن تظهر. في شهر يونيو/ حزيران من كل عام، وهو الشهر الذي يحتضن اليوم العالمي لمكافحة المخدرات في يوم السادس والعشرين منه، تنشط البرامج والفعاليات الموجهة للمجتمع، ولفئة الشباب والمراهقين تحديدا لزيادة التوعية بمخاطر المخدرات من جانب وزارات الداخلية والصحة والجمعيات الشبابية والأندية والمراكز والصناديق الخيرية، وإذا قلنا إن جماعة المدمن المجهول هي جماعة مجهولة اسما ووصفا، لكن لابد من أن يكون لها حضور في هذه الفعاليات فلعلهم الأقرب الى تجارب الشباب الذين وقعوا في الإدمان، وتعرضت حياتهم الأسرية والاجتماعية للتدمير، لكنهم نجوا بفضل من الله سبحانه وتعالى وبفضل جهود هذه الجماعة، وإن كانت صغيرة من ناحية العدد والإمكانات. يقول أحد الشباب: «كانت تجربتي مع الإدمان مريرة للغاية… إن مجرد تذكر بضع مواقف وحوادث وظروف مررت بها كفيل بأن يهزَّ كياني هزّا، لكنني أيضا أتذكر ذلك اليوم الذي توجهت فيه بمساعدة أحد أقاربي الى مستشفى معروف لحضور اجتماع لجماعة أو زمالة المدمن المجهول، وعلى رغم صعوبة ظرفي وإدماني، لكنني وجدت أن فرصتي في النجاة والتحرر من الإدمان مواتية، وهكذا قويت عزيمتي واشتدت إرادتي لمواجهة ما أنا فيه من بلاء، وهذا ما يجعلني أحمل زمالة المدمن المجهول والجهات التي تسعى لمكافحة الإدمان الى حضور أقوى في المجتمع مع وجود أعداد كبيرة من المدمنين، شبابا ومراهقين، فهؤلاء في حاجة ماسة الى (النجاة) من الإدمان». قراءة ظاهرة تعاطي المخدرات في المجتمع البحريني تأخذ أكثر من صيغة، لكنها تتطلب اعترافا بضرورة تشديد العقوبات على تجارها ومروجيها والتصدي لهم مهما كانت مواقعهم ودرجة نفوذهم وقوتهم، فهم ليسوا إلا تجار (موت) يريدون تدمير عماد الأمة وهم الشباب، ولعلني أتذكر ما طرحه الباحث التربوي البحريني نادر الملاح من سلاح التوعية، لا يزال ضعيفا في مواجهة سلاح (التجار)! فمن المعروف أن أحد أهم الأساليب المتبعة لمواجهة هذه الظاهرة، هو التوعية والتثقيف، فعلى صعيد التوعية لا نسمع إلا عن ندوة هنا أو هناك، أو كتيبات في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات، أما في بقية أيام العام يغيب دور الجهاز الإعلامي، فنجده متفرغا لبرامج «الفيديو كليب»، أو الأفلام الماجنة. والأمر ذاته ينسحب أيضا على مؤسسات المجتمع المدني، إذ إن التوعية من جانبها تكاد أن تكون شبه مفقودة، في الوقت الذي بوسعك أن ترى أن الجمعيات السياسية وغير السياسية تستعرض عضلاتها في المضمار السياسي، وكذلك رجال الدين أيضا، وقس على ذلك بقية قطاعات المجتمع، وخصوصا الصحافة – فللأسف – عند اللجوء إليها لنشر موضوع اجتماعي، أو لتسليط الضوء على مشكلة اجتماعية، تبقى المقالات في آخر الصف – هذا إذا نُشرت – وأنا أتحدث هنا عن صحافتنا المحلية من دون استثناء.

أما العامل الآخر – كما يرى الباحث الملاح – فهو العامل الأسري، فالإحصاءات تشير إلى الكثير من حالات التفكك الأسري في المجتمع البحريني وخصوصا في السنوات الأخيرة، لدرجة أن إحدى الدراسات المحلية تشير إلى أن حالات الطلاق في المملكة بلغت ثلث حالات الزواج، أي بنسبة 1 من 3، ومن البديهي جدا أن تكون لهذا التفكك الأسري عواقب وخيمة تدفع باتجاه الانحرافات السلوكية بأنواعها كافة.

كل تلك النقاط جديرة بالاهتمام ونحن نتعامل مع مشكلة اجتماعية خطيرة، وليست مسئوليتها ملقاة على عاتق جماعة المدمن المجهول ولا على الباحثين فحسب… فهل سنرى قريبا استراتيجية وطنية لمكافحة المخدرات تضع في اعتبارها خطورة هذه الظاهرة بكل أبعادها؟

احمد الصراف

قانون زكاة الشركات الغريب

أقر بتاريخ 9/12/2007 قانون فرض نسبة 1% زكاة على أرباح الشركات المساهمة. وقمت قبل أيام، مجبرا، بتوقيع عدد من الشيكات «الثقيلة» لمصلحة وزارة المالية عن هذه الضريبة، وخالجني شعور قريب من اليقين بأن مبالغها سوف لن تصرف في مصارفها الصحيحة، حسب فهمي، مع اعتقادي أن القانون ما كان ليصدر لو ان أحمد باقر لم يكن وزيرا للتجارة، كما أن قانون الزكاة هذا لم يكن له داع أصلا في ظل غياب قانون ضرائب عام ينظم حياة الأفراد ويوجه تصرفاتهم المالية ويشكل موردا أساسيا لموازنة الدولة.
وبالرجوع لنصوص هذا القانون نجد أن لائحته التنفيذية نصت على إنفاق المبالغ المحصلة كزكاة لمصلحة الخدمات العامة التالية:
1ــ الأمن والعدالة(!!) 2ــ الدفاع (!!) 3ــ الخدمات العامة (!!) 4ــ الخدمات الصحية، 5ــ التكافل الاجتماعي والشؤون الاجتماعية، 6ــ الخدمات الإعلانية (!!) 7ــ الخدمات الدينية، 8ــ الإسكان، 9ــ المرافق (!!) 10ــ الكهرباء والماء، وأخيرا الزراعة والثروة الحيوانية (!!)
وهنا نجد أن لا الفن ولا الترفيه ولا العلوم ولا المخترعات ولا البيئة قد حصلت على أي اهتمام من المشرع، ولم يرد لها ذكر أو اعتبار في مصارف الزكاة وهي الأهم والأولى بالرعاية. «فالدفاع والداخلية» مثلا تلقيتا دعما من الحكومة ربما يزيد على ما هو مطلوب، ولا حاجة الى توجيه أي أموال زكاة لهما، وهكذا الأمر مع الإعلان والمرافق والثروة الحيوانية، التي ربما تعني دعم علف مدعوم أصلا!!
وبالرغم من أن وزارة المالية قد تجمع لديها عشرات ملايين الدنانير من أموال الزكاة، نتيجة هذا القانون، فإن من غير المتوقع ملاحظة التأثير الإيجابي لهذه الأموال في القريب العاجل، ولا حتى البعيد. فعملية المواءمة بين كل مجالات الصرف هذه ليست بالسهلة، خصوصا ان القانون لم يحدد نسب صرف مئوية لكل جهة. كما أن من غير الممكن منع تدخل النواب والوزراء والجهات المتنفذة الأخرى في تحديد جهات الصرف والكيفية، ولن يكون أمام «الدائرة المختصة»، بافتراض قوتها وأمانتها، غير رفض الصرف لأي جهة، والاحتفاظ بمبالغ الزكاة إلى أن تأتي جهة ما بذمة أكثر اتساعا وتقضي على أخضر الزكاة ويابسها، ولهذا أصابني ألم حاد في أصابع يدي وأنا أوقع شيكات الزكاة المفروضة علينا فرضا دون مسوغ منطقي.

أحمد الصراف

سامي النصف

يوسف إبراهيم الغانم وتاريخ الكويت

العزاء الحار للكويت قاطبة ولآل الغانم الكرام في الفقيد الكبير العم يوسف إبراهيم الغانم أحد جنود الوطن المخلصين والمجهولين ممن لم يعرف عنهم إلا كل عمل خيّر فللفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون.

ومع فقدان الراحل الكبير الذي لا نستطيع أن نضيف لسيرته الحافلة أكثر مما كتب في صحافتنا المحلية وفي ظل عدم وجود مذكرات تؤرخ لمشوار حياته المثمر، تفقد الكويت مرة اخرى جزءا هاما من ذاكرتها الحية، وكانت طائرة الصديق عبدالعزيز البابطين قد ضمتني قبل يومين في رحلة للرياض مع العم عبدالرحمن العتيقي طلبت خلالها من العم أبو أنور أن يسجل ذكرياته على اشرطة كاستحقاق للكويت واجيالها المقبلة وكي يعرف العالم ان الكويت ليست نفطا فقط، بل بها رجال اثبتت السنين حكمتهم وصواب رأيهم في المحافل العربية والدولية.

وعلى رأس رجال الكويت العظام الذين لم يعرف عنهم إلا كل خير صاحب السمو الأمير حفظه الله الذي نرجو أن تسجل أعماله كما يرويها سموه على اشرطة لإظهار دوره الفاعل والخيّر في خدمة بلده الكويت ودول الخليج وأمتيه العربية والإسلامية، حيث أثمرت تحركاته ورحلاته المكوكية التي قد لا تعلم بها البراعم الكويتية الصغيرة في أكثر من مرة في إطفاء الحرائق وحقن الدماء، مما اعطى الكويت السمعة الطيبة لدى أمم الأرض مما جعلها تهب لنجدتها ابان الاحتلال الصدامي الغاشم عام 90.

ولا يفترض ان تحتوي كتب الذكريات او المذكرات على كل صغيرة وكبيرة او ما يحرج كاتب المذكرات مع الآخرين او يكشف اسرارا لا يجوز كشفها، فأمور كهذه لا نجدها في مذكرات الزعماء والرجال الكبار في العالم اجمع، بل يتم التطرق فقط للقضايا الكبرى ومساهمة تلك الشخصيات بها وسيرتهم الذاتية، حيث ان كتابة التفاصيل مهما صغرت تعني وجود كتب تحتوي على آلاف الصفحات وهو امر غير عملي على الإطلاق.

وسامح الله الدكتور الخطيب ومفرغ كتاب ذكرياته على ما فعلاه من سردهما لقضايا هامشية لم تحدث ضمن تلك المذكرات، مما افقدها قيمتها التاريخية المرتجاة وجعل الناس والكتاب ينشغلون بالقشور وتوافه الامور التي تضمنتها تلك المذكرات، مما ارسل رسالة للكبار في الكويت ـ المتحفظين اصلا ـ بألا يكتبوا مذكراتهم حتى لا يحدث لهم ما حدث لمذكرات د.الخطيب، ان الدرس المتعظ من تلك المذكرات ليس بعدم تكرارها، بل بتسليمها لأيد محترفة أمينة تعرف ما يجب ان تتضمنه من قضايا هامة وكبرى وما لا تتضمنه من الصغائر والحديث ذو شجون.

آخر محطة:
(1) رغم المكانة التاريخية الرفيعة للدكتور الخطيب إلا أن مذكراته صدرت مشوشة وغير مرتبة وبطريقة التفريغ المباشر للأشرطة دون تمحيص او تدقيق للمعلومات.

(2) كان بالإمكان حفظ المكانة التاريخية للدكتور الخطيب لو قسمت ذكرياته لأربعة كتب أو أربعة فصول يتعلق الأول بسيرته الذاتية والثاني بدوره في الحياة السياسية المحلية والثالث بدوره في المحيط العربي ككويتي مؤسس لحركة «القوميون العرب» ورابع لعلاقاته بدول المعسكر الاشتراكي وقد ضاعت كل تلك المعلومات التاريخية القيمة بالأخطاء والقضايا الخلافية التي نشرت.

سعيد محمد سعيد

الخادم… أفضل من الوزير!

 

حينما يتوجه المواطن البحريني العادي، بل العادي جدا، إلى مكاتب الوزراء أو كبار المسئولين في الدولة، فإنه يقف بين أمرين: فإما هو في ضيافة مضياف كريم، أو هو مقصوف مقصوف مقصوف بالكلام الأليم!

لكن، والحق يقال، هناك من الوزراء وكبار المسئولين، من لا يغلق بابه أمام المواطنين، وإن تعذر عليه ذلك، اعتمد على مسئولين يدركون حجم المسئولية… ولا حاجة لذكر أسماء ونماذج… في مقابل فئة من الوزراء والمسئولين… سامحهم الله على ما يفعلون بنا كمواطنين.

على أية حال، وددت أن أشارك القراء الكرام هذه القصة الجميلة، ولعل من السادة الوزراء من يجد نفسه في ما يشبه القصد…

يحكى أن أحد السلاطين وهو في قافلته مسافرا، سمع أحد خدمه يقول لصديقه: «كيف لهذا السلطان أن يعين له وزيرا طاعنا في السن لا يقوى على القتال، ولا يبدو أنه يفقه من أمور السياسة شيئا وأنا خير منه!».

فسمع السلطان هذا الكلام وعاد إلى خيمته، ونادى على هذا الخادم وجاءه… قال له السلطان، وهو يسمع صوت نباح في جهة بعيدة عن خيمته: «اذهب لترَ ما هنالك».

ذهب الخادم وعاد وقال للسلطان: «أني رأيت جراء حديثة الولادة هي التي تنبح».

– سأله السلطان: كم عددها؟

– قال الخادم: لا أعلم!

– قال له السلطان: اذهب لتخبرني بعددها… ذهب الخادم وعاد وقال للسلطان: «عددها سبعة»، قال له السلطان: «ما ألوانها؟»، قال الخادم: لا أعلم! قال له السلطان: «اذهب لتخبرني بألوانها».

ذهب الخادم وعاد وقال للسلطان: «منها ما يغلب عليها الأسود، ومنها ما يغلب عليها الأبيض»، قال السلطان: «ما عدد التي يغلب عليها اللون الأسود؟» قال الخادم: «لا أعلم!»، قال له السلطان: «أذهب لتخبرني بأعداد السود منها».

ذهب الخادم وعاد وقال للسلطان: «أربعة منها سود»، قال له السلطان: «كم عدد البيض منها؟»، أجاب الخادم، بعد أن صمت برهة يفكر: «ثلاثة منها من البيض»، فنادى السلطان على وزيره وقال له: «إذهب لتر ما هنالك (يقصد جهة النباح)، فذهب الوزير وعاد الى السلطان وقال: «إنها جراء حديثة الولادة عددها سبعة، أربعة منها يغلب عليها السواد والثلاثة الباقيات يغلب عليها البياض، ويبدو أن سبب نباحهم الجوع».

فنظر السلطان إلى الخادم وقال: «هل عرفت لماذا اخترته وزيرا لي؟».

سامي النصف

كيف نطفئ الملف العراقي المتفجر؟!

مع انتهاء عمليات تحرير العراق عام 2003 طالبنا بأن يكون هناك تدخل كويتي إيجابي في العراق عن طريق استقطاب مجاميع سياسية ودينية وفكرية وإعلامية وقبلية، حيث ان الشعب العراقي وغيره من الشعوب يقاد من قبل تلك النخب ولا يحتاج الأمر منا الى الوصول لمنازل الـ 25 مليون عراقي.

وقد حضر للكويت في حينها المئات من الساسة والإعلاميين ورجال الدين وزعماء القبائل ممن يسمون بقادة الرأي مبدين رغبتهم في إغلاق الملفات الساخنة العالقة بين الكويت والعراق مقابل الحصول على الدعم الكويتي الذي كانوا في أمس الحاجة له، وقد كان بالإمكان آنذاك وضع شروط تمنع وإلى الأبد فتح الملفات المتفجرة بين البلدين ومن ثم تحقق الكويت الصغيرة الأمن الدائم غير القابل للنقض بدلا من الاكتفاء بالفصل السابع الذي سينتهي بنهاية هذا العام.

وقد اختارت الكويت – للأسف – أن تبقى بعيدة عن الداخل العراقي في وقت تسابقت فيه دول جوار أخرى الى التعامل مع ذلك الداخل بطرق ذكية حولتها من دول عدوة وطامعة تاريخيا بالعراق الى دول صديقة لا يجرؤ احد على نقدها او التحرش بها رغم انها استغلت ذلك التدخل للقيام بحروب وكالة وعمليات تخريب وتفجير في العراق ذهب ضحيتها عشرات آلاف العراقيين الأبرياء.

إن الحكمة تقتضي منا هذه الأيام ككتاب ونواب الا نتسابق في إعلاء الصوت والبحث عن كلمات مدغدغة لا تسندها قوة ضاربة على الأرض وخير من ذلك خلق مستودعات عقول من افضل الكفاءات المحلية والعربية والدولية كي تضع لائحة للتفاوض تتضمن افضل ما يمكن ان تقدمه الكويت للعراق وافضل ما يمكن ان تحصل عليه الكويت من العراق كي تتحقق الفوائد المشتركة للجارين الشقيقين.

فواضح اننا بحاجة لا للمال بل للأمن، والواجب ان نطالب بتعديلات دستورية عراقية غير قابلة للإلغاء او التعديل (كما حدث في اليابان عام 45) تمنع المطالبة بالكويت او تغيير نقاط حدودها وردع ما قامت به قائمة الحدباء في الموصل من وضع اسماء مرشحيها على خارطة عراقية تشمل الكويت، كما يجب ان تتضمن المناهج الدراسية العراقية احتراما دائما لوجود دولة الكويت وإلا فلن يرحمنا أحفادنا ذات يوما عندما نقول لهم اننا حصلنا على المال من العراق (الذي لدينا الكثير منه) ونسينا في خضم خلافاتنا وأزماتنا السياسية المتلاحقة ان نحصل منهم على الأمن الدائم اعتمادا منا على الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي تنتهي مدته أواخر هذا العام.

آخر محطة:
 1 ـ أؤيد بالكامل مقترح الزميل العزيز سعود السبيعي ضمن مقاله بالأمس على الصفحة الأخيرة لجريدة «الرؤية» تعديل اللوائح ومنح مدة شهر كامل لتشكيل الوزارة ثم 3 أشهر بعد ذلك لتقديم برنامج عمل الحكومة، حتى يتاح للوزراء الجدد وضع تصوراتهم لتلك الخطة بدلا من تقديم خطة وضعتها الحكومة السابقة.

2 ـ وواضح ان تلك المواد وضعت أو أحضرت لحكومات «حزبية» لديها وزراء وبرامج عمل مسبقة وهو ما لا ينطبق على الواقع الكويتي.

احمد الصراف

الراشد ضمير المجلس وقضايا أخرى

قلة فقط من القراء لم يسمعوا أو يقرأوا قصة النائب في المجلس السابق الذي اصر على «التشرف» بمقابلة رئيس مجلس الوزراء ليهديه نسخة من شهادته العليا، لكي ينكشف بعد ايام قليلة ان الشهادة صادرة عن جامعة اميركية غير معترف بها، وتتعامل بالنقد فقط. بعد تلك الحادثة «المؤسفة» انفجرت قضية آلاف الطلبة الذين ارسلوا من قبل اهاليهم، أو بمساعدة حكومية غير مباشرة، للدراسة في جامعات غير معترف بها في البحرين والاردن ومصر، وربما الهند والفلبين!! ثم تبعتها بأيام أخر أخبار القبض على مجموعة من ضباط الداخلية بتهمة بيع اجازات قيادة مركبات، من دون اختبارات قيادة، وايضا لمن دفع ورشا هؤلاء الضباط. وسبقتها قضية وقوع عصابة «موظفين كبار» أخرى في الشؤون تقوم بتزوير اقامات مقابل مبالغ كبيرة!! ثم انفجرت أخيرا قضية اخطر بكثير تتعلق بقيام موظف كبير في وزارة التربية بعمليات نصب واحتيال وتزييف شهادات دكتوراه وماجستير لمن يمتلك القدرة على الدفع نقدا، وما اكثر الساعين وراء حرف الدال اللذيذ!!
ثم لحقت كل ذلك قضية تزوير جديدة كشفتها مراسلات وزارة التجارة مع البنوك المحلية التي تعلقت بمدى جدية ما سبق ان صدر عن هذه البنوك من شهادات «رأس المال» عند تأسيس شركة جديدة، حيث تبين من رد بنكين فقط ان 130 شهادة منها مزورة وتعود لشركات وهمية من دون رؤوس اموال حقيقية، ولا تزال الوزارة بانتظار ردود البنوك الاخرى والرقم مرشح بالطبع للارتفاع اكثر!!
وفي خضم كل هذه الفوضى، والتلاعب بأرواح الناس ومقدراتهم ومستقبل الوطن وامنه وسلامته، فجر النائب علي الراشد، الذي يمثل بالنسبة لي «ضمير المجلس»، فجر قضية «مزدوجي الجنسية» من المواطنين، وهي القضية نفسها التي اثيرت اثناء الحملة الانتخابية، ولكن جهات رسمية لم تهتم بجدية الموضوع، وربما حاولت الطمطمة عليه، خاصة بعد اكتشاف الحجم الكبير لمزدوجي الجنسية والولاء هؤلاء!! ويقال ان نسبتهم تقارب ال‍20% من مواطني دولة الكويت.. وضواحيها!!
قد يقول البعض ان الازدواج معمول به في دول عدة، فلم لا نسمح به؟ وهذا صحيح ولكن غالبية هذه الدول لا تعارض قوانينها ذلك، مثل لبنان الذي يرى ان من مصلحته انتساب اهل المهجر اليه. كما ان الدول المتساهلة الاخرى تقوم بفرض ضرائب على مواطنيها، وهذا ما لا يمكن ان يحدث مع مزدوج جنسية كويتية وسعودية مثلا، حيث يتمتع بمزايا المساعدات الاجتماعية والسكن وغير ذلك من الدولتين من دون اضطراره لدفع اي ضريبة، هذا ان وضعنا مسألة الولاء جانبا!!
نتمنى ان تنجح جهود النائب علي الراشد في كشف هذا الطابور الخامس، أو أن يعدل القانون، لكي يصبح الوضع طبيعيا، بالنسبة للجميع!
***
• ملاحظة: سؤال النائب الوعلان لوزير الداخلية، والذي يبدو انه مضاد لسؤال النائب الراشد، وطالب فيه معرفة اسماء الكويتيين من حملة الجنسيات الاخرى، عدا السعودية، يتضمن تهديدا مبطنا بكشف «عورات» الآخرين ان حاول احد كشف عورات جماعته، فهل مثل هذا النائب صادق مع قسمه وتبشر افعاله بالخير؟!

أحمد الصراف