احمد الصراف

صوت رعاة الأنعام في مجلس الهوام

تقوم وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بين الفترة والاخرى بقفل باب منح اذونات عمل للكافة، مع استثناء بعض التخصصات المهمة والنادرة لأهميتها القصوى. ويتضمن هذا الكشف المهن الطبية والهندسية العالية وكبار المصرفيين واساتذة الجامعة والخبراء و.. رعاة الإبل! وقد تم تضمين كشف الاستثناءات فئة الرعاة لأهميتهم «الاستراتيجية» في توفير «الامن الغذائي» للوطن. وقد حدث ذلك «الاقحام» بتواطؤ حكومي نيابي «نبيل»، هادفا، من جهة، الى ان يكسب النواب أصوات أصحاب الإبل والماشية في أي استجوابات قادمة، ومن جهة ثانية، الى شراء ولاء البقية عن طريق اثرائهم ودفعهم للضغط على ممثليهم في البرلمان للوقوف مع الحكومة والتصويت لمصلحتها في الاستجوابات وعند التصويت على تمرير القوانين. وتنفرد حكومة الكويت بآلية الضغط النيابية الفريدة هذه بين كل ديموقراطيات العالم!
وقد يتساءل طرف ما عن ماهية عمل طريقة الضغط العجيبة هذه. والجواب سهل، وحاصله ان اصحاب الابل هؤلاء يحق لهم الحصول على عدد كبير من اذونات عمل الرعاة، الذين هم من البنغال والهنود بالذات، وقبض مبالغ نقدية تتراوح بين 500 و600 دينار سنويا منهم، وتركهم بلا عمل في الشارع، وهذه احسن واسهل واضمن وسيلة اثراء «حلال بلال» عرفتها البشرية!
والعجيب ان الحكومة تعرف أن هناك استغلالا للبشر ومتاجرة بقوتهم ولا تفعل شيئا لوقف هذا التعسف. ونواب المجلس، والملتحون منهم بالذات، على علم بهذا النوع من المتاجرة بالبشر ولا يحركون إصبعا لثقتهم بعدم مخالفته للشرع. وجمعية حقوق الانسان، بالرغم من دورها الكبير في ميادين اخرى، تعرف مشكلة هؤلاء ولا تستطيع فعل شيء من اجلهم. ومع هذا لا نستحي ان نقول بأن تقرير وزارة الخارجية الاميركية كان مجحفا بحق الكويت!
لقد دخل البلاد ما لا يقل عن 50 الف عامل بهذا النوع من الفيزا، ودفع هؤلاء لمن جلبهم من اصحاب النفوذ اكثر من مائة مليون دينار على مدى السنوات الثلاثين الماضية. وتكلفت الدولة ما يقارب ذلك من اموال على ترتيبات دخولهم البلاد وتبصيمهم وفتح ملفات امنية وصحية لهم وعلاج المرضى منهم وملاحقة المجرمين بينهم، وما اكثرهم، خصوصا ان غالبيتهم بلا مال ولا عمل، ومن ثم سجنهم والصرف عليهم، وبعدها ترحيلهم لأوطانهم على حساب الدولة! نكتب ذلك وآلية جلب وحلب هؤلاء البؤساء جارية، والحكومة لا تزال مصرة على براءتها من تهمة الاتجار بالبشر!
وبهذه المناسبة نشيد بالقرار الأخير لوزارة الشؤون المتعلق بـ«دراسة فكرة» رفع فئة الرعاة من كشف التخصصات النادرة! وسنعيش رجبا وراء آخر لنرى عجبا فوق عجب!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

سعيد محمد سعيد

هل يمكن «مكافحة الفقر» بعيدا عن الشعارات؟

 

ليس من الصعب القول ان الدولة تسعى لمكافحة الفقر من خلال استراتيجية عمل مدروسة، وليس من الصعب تقديم نماذج للمساعدات والخدمات التي تقدمها الدولة لشريحة الأسر المعوزة والمحتاجة، ولكن من الصعب القول انه لا يوجد فقراء في البحرين، تماما كما هو الحال في صعوبة القول انه لا يوجد فقراء في أي مجتمع من مجتمعات العالم.

غير أن ترجمة «الاستراتيجية»، أي استراتيجية وطنية لمكافحة الفقر على أرض الواقع، يتطلب إثباتا واحدا بسيطا، وهو بمثابة المؤشر الاجتماعي على التحسن المعيشي المفترض، ألا وهو استعراض مؤشرات ميدانية حيوية، من خلال دراسات اجتماعية مدعومة من الدولة، تؤكد رفع المستوى المعيشي للأسر الفقيرة.

لكن مع الجهود المبذولة من الدولة، ومن وزارة التنمية الاجتماعية تحديدا، إلا أن الكثير من الأسر البحرينية تواجه مصاعب حياتية متعددة، وليس أدل على ذلك ما شهده المجتمع من جدل كبير فيما يتعلق بعلاوة الغلاء التي سميت فيما بعد «علاوة الدعم المالي»، وكيف احتج الآلاف واحتشدوا في أكثر من موقع للمطالبة بإدراجهم ضمن المستفيدين من العلاوة، ولم يكن صعبا مشاهدة ذلك الضغط الكبير لتجديد بيانات المواطنين ليتسنى صرف العلاوة لهم.

هل يمكن مكافحة الفقر من دون شعارات ودون اطلاق بالونات التفاؤل والإدعاء بالعيش في أحسن حال؟

من بين أهم الأطروحات التي اطلعت عليها فيما يتعلق باعتبار مكافحة الفقر في بلادنا قضية مجتمعية وأولوية وطنية تتطلب وضع استراتيجية محددة ومدروسة، ما طرحه رئيس مجلس إدارة جمعية الإصلاح الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة من أن الحديث عن الفقر في بلادنا لا يعني الأرقام فقط، وإنما يجب أن نتعامل معه كحال اجتماعية تطول قطاعا من المواطنين، ثم الدعوة الى ضرورة مراجعة السياسات القائمة للتعامل مع ظاهرة الفقر في ظل التداعيات والآثار المتوقعة للأزمة الاقتصادية العالمية، والتعامل معها كأولوية وطنية ملحة، وكذلك الانتقال من مفهوم تقديم المعونة النقدية إلى مفهوم التمكين الاقتصادي للفقراء.

إن إحصاءات الجهاز المركزي للمعلومات تشير الى أن الطبقة الفقيرة تشكل نسبة 12 في المئة، من إجمالي عدد الأسر البحرينية البالغ 83 ألف أسرة، وذلك اعتمادا على أن عدد الأسر التي تتلقى مساعدات شهرية من وزارة التنمية الاجتماعية يبلغ 9928 أسرة، ولعل من المهم التذكير بالجوانب الجوهرية المهمة التي طرحها الشيخ عيسى بن محمد والتي اقترح فيها اتخاذ إجراءات أشمل من المساعدات النقدية تتمثل في تطوير شبكة حماية اجتماعية متكاملة مستندة على برامج الحماية الاجتماعية، وبرامج التأمينات الاجتماعية، وبرامج سوق العمل، وهو ما يقتضي التنسيق بطريقة فعّالة بين جميع الجهات والمؤسسات العاملة في مجال مكافحة الفقر في المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص والقطاع التطوعي، وتطوير السياسات الاجتماعية من أجل الانتقال من مفهوم الرعاية الاجتماعية إلى مفهوم التنمية الاجتماعية وتعزيز الإنتاجية في القطاعات الصناعية والزراعية

احمد الصراف

مَنْ تواطأ مع المحاسب؟

أعلنت جمعية صندوق اعانة المرضى، («القبس» 22/6)، وهي الجمعية التي تمكن أحد محاسبيها في ظروف مشبوهة من سرقة أكثر من 12 مليون دولار من حساباتها المصرفية على مدى سنوات من دون أن «ينتبه» أحد من مسؤوليها الى السرقة، أنها تمكنت خلال السنوات الخمس الماضية من علاج 30 ألف مريض بتكلفة 9 ملايين دينار، وكان أكثر هؤلاء من مرضى السرطان والكبد الوبائي والقلب!
وقال د. محمد الشرهان، رئيس الجمعية مدى الحياة، والصامد ضد كل تهم الفساد، ان جمعيته تلقت، مشكورة، تبرعا من شركة علي عبدالوهاب واولاده بمبلغ 100 ألف دينار لعلاج 20 حالة التهاب كبدي!
دعونا نناقش تصريح الشرهان، حيث يقول ان جمعية اعانة المرضى قامت بعلاج، وليس مساعدة في علاج ولا تسهيل ولا مساهمة، بل بعلاج 30 الف مريض، غالبيتهم من مرضى السرطان والكبد والقلب! ولو قمنا بقسمة مبلغ التسعة ملايين على 30 الف مريض تم علاجهم لوجدنا ان متوسط الكلفة يبلغ 300 دينار، اي ان علاج مريض بالسرطان او القلب او الكبد، وشفاءه، لا يكلف الجمعية اكثر من 300 دينار! فإذا كان هذا صحيحا، فمن الافضل لوزارة الصحة تحويل كل مرضى السرطان والكبد الوبائي والقلب الى هذه الجمعية العظيمة لعلاجهم وتوفير عشرات ملايين الدنانير من المال العام التي تصرف حاليا لعلاج آلاف المرضى في مستشفيات الدولة وفي الخارج!
ولو عدنا للتبرع الكريم للسيد فيصل العلي عن شركة علي العبدالوهاب واولاده، لوجدنا انهم دفعوا 5000 دينار كمتوسط تكلفة علاج مصاب بالوباء الكبدي، فلماذا دفعت الشركة هذا المبلغ ورئيس الجمعية يقول بعظمة لسانه ان تكلفة علاج المصاب بالوباء الكبدي لا تزيد على 300 دينار؟ فإما أن التبرع كان أكثر مما هو مطلوب، أو ان التصريح غير صحيح وغير سليم، وهذا أكثر صحة، ولم يكن من المستحسن بالتالي صدوره من طبيب متخصص كالسيد الشرهان! وبهذه المناسبة نعود ونطرح سؤالنا، للمرة العاشرة، عن مصير الاموال التي سرقها المحاسب المصري من الجمعية، وتعهدات رئيس الجمعية بأنه سيعيد المختل.س من وطنه ليحاكم ويسترد مبلغ الـ 12 مليون دولار كاملا منه؟ ولماذا لم تقم أي جهة في الجمعية المريضة بإجراء تحقيق داخلي عن الحادثة وكشف الجهة المهملة او المسؤولة عن السرقة؟ ولماذا اختارت وزارة الشؤون السكوت عن هذه الفضيحة المالية الكبيرة على الرغم من مرور اكثر من 3 سنوات عليها؟
أسئلة قد تبقى من دون إجابة كما بقيت الأسرار عن الجهة التي اغتالت جون كنيدي أو التي قتلت جي آر في مسلسل دالاس، أو التي سممت ستالين، أو تلك التي كانت وراء اغتصاب زوجة غوار الطوشة!
أحمد الصراف
habibi [email protected]

محمد الوشيحي


هبّوا إلى البلكونة

مبروك، انتهت وجبة طرح الثقة، فتعالوا نحمد الله على جزيل نعمه ونغسل الصواني والسكاكين والملاعق. ومن تضرر فستعوّضه شركة التأمين.

واليوم تناولنا وجبة مسلم البراك والشيخ جابر الخالد، وغداً سنتناول وجبة ضيف الله بورمية والشيخ جابر المبارك، وبعد غد سنتناول وجبة مرزوق الغانم والدكتور محمد العفاسي، وقبله أو بعده سنتناول وجبة كتلة التنمية والإصلاح وسمو الرئيس الشيخ ناصر المحمد… وطبعا صوّت علي الراشد ضد البراك وسيصوّت ضد ضيف الله بورمية ومع مرزوق الغانم، وسيحارُ مع كتلة التنمية والإصلاح (الدكاترة، فيصل المسلم وجمعان الحربش ووليد الطبطبائي)، فهو يعتمد على البطاقة المدنية للنائب المستجوب في التصويت، وهذه الكتلة تضم اثنين من القبائل وواحداً من الحضر، وهذه هي البلشة التي ما بعدها بلشة، ولا أراكم الله مكروهاً في عزيز.

وأقسم لكم بالطلاق الغليظ أن القيامة لن تقوم بسبب إحدى هذه الوجبات أو المباريات… على أن البعض كانت عيونهم مركزة على تصويت أبناء القبائل في مباراة البراك والخالد، وتصويت أبناء العوائل، وتصويت الشيعة، وتبيّن أن خمسة وأربعين في المئة من أبناء القبائل ضد الاستجواب، في حين صوّت من الحضر «نص الرُّبع»، أي الثمن، أو بمقاييس أهل السهر والخمر «بيك»، مع الاستجواب، وفي هذا نقرأ سطوراً في غاية الكآبة، أما الشيعة فلم يصوّت منهم أحد مع الاستجواب، وإن كان الدكتور حسن جوهر يستحق التصفيق هو والدكتورة أسيل العوضي على موقفهما المتزن.

هذه هي القراءة العامة لنتيجة طرح الثقة، وهي لا تهم ولا تغم. ما كان يهم هو كيف سيتصرف الشيخ أحمد الفهد وبأي خطة سيلعب؟ هل سيدفع بفريقه كله إلى الهجوم، أم سيلعب كما اعتاد منتخبنا «الأزيرق» بالطريقة الدفاعية؟

وكان سعدون قد ارتدى منذ أيام الفانيلة رقم عشرة، فانيلة قلب الهجوم، في حين التزم بقية اللاعبين الصمت، بأمر من المدرب… وفي المباراة، تبيّن أن الفهد قسّم رجاله ما بين مهاجم ومدافع، ليضيع الدم بين القبائل!

إذاً… عوداً على بدء، انتهت الوجبة، فاحمدوا الله واغسلوا صوانيكم وأوانيكم ولا تشبّهوا باليهود، ثم تعالوا نزرع البلكونة بعدما نطهّر البيت من الداخل بالديتول.

سامي النصف

من تاريخ المشرق.. مأساة آل المرشد

امتلأت المكتبات العربية بكتب تتناول مأساة عائلة الجنرال اوفقير حيث قامت زوجته وأبناؤه وأصدقاؤهم بتأليف العديد من المطبوعات بالعربية والفرنسية والانجليزية للتحدث عن فجيعتهم التي تقوم على الاعتراض على مبدأ ان تؤخذ عائلة من يخطئ بجريرته فهل كانت تلك الحادثة الاولى ام ان في مشرقنا العربي قصة مماثلة انتهت فصولها قبل عام من بداية مأساة الأسرة الاخرى؟!

ولد سلمان المرشد عام 1907 من اسرة فقيرة في قرية «جوبة برغال» الواقعة ضمن سلسلة جبال اللاذقية، وقد نسجت الصحف المصرية القريبة آنذاك من خصمه الزعيم الوطني سعدالله الجابري حوله اساطير عدة وصلت الى حد اتهامه بأنه اعلن ربوبيته ودعا قومه لعبادته كما انه تآمر مع الفرنسيين وعمل جاهدا على تقسيم سورية مما ادى الى اعدامه في 16/12/1946، وتأليه أتباعه – كما قيل – لابنه مجيب الذي اغتيل في 27/11/1952 على يد العسكري عبدالحق شحادة بأمر من الرئيس السوري أديب الشيشكلي وصدر امر بعد ذلك بسجن من ينتمي الى الجماعة المرشدية من 6 اشهر الى سنتين، ونفيت عائلة سلمان المكونة من أطفال صغار دون اب او ام الى دير الزور في اقصى الشرق السوري منذ عام 46 حتى عام 70.

صدرت عدة كتب في السنوات الاخيرة عن المرشدية ومؤسسها سلمان المرشد منها كتاب «لمحات حول المرشدية» الذي كتبه ابنه نور المضيء المرشد و«شعاع قبل الفجر» مذكرات احمد السياف وتحقيق المؤرخ والأديب محمد جمال باروت و«المرشدية وسلمان المرشد» لمنذر الموصلي وتكاد تجمع تلك الكتب على انكار قضايا الألوهية والتعاون مع الفرنسيين والتآمر على تشطير سورية.

وحسب تلك الكتب كان سلمان المرشد ثائرا على الإقطاع خارجا عن طوع مشايخ وزعامات الطائفة العلوية، حيث أبطل الاعتقاد بـ «الترائي» و«التقية» و«وراثية المشيخة» وألغى اللباس الديني وأنكر قدسية عبدالرحمن بن ملجم وحارب الفرنسيين حتى نفوه الى مدينة الرقة كما نزل الانتخابات معاديا ومنافسا لقائمة كنج ـ بدوي الجبل الانفصالية وكان ضمن قائمته كبار الوطنيين امثال بطل معارك جبل صهيون عمر البيطار، وتضيف تلك الكتب أن المرشد هو من اقترح إلحاق قضاء الجبة بحلب منعا لإنشاء الدولة العلوية.

وقد انتخب المرشد لدورتين برلمانيتين، وفي عام 1945 القى الزعيم الوطني المعروف فخري البارودي كلمة سلمان المرشد التي أعلن فيها انه يضع قواته وعشائره تحت تصرف الحكم الوطني بقيادة الرئيس شكري القوتلي، ويرى مؤيدوه ان خصومه من الإقطاع العلوي المنتمين لآل شريتح هم من حركوا قوات الحكومة ضد معقله في قريته «جوبة برغال» مما جعله يبادر بإطلاق النار وقتل زوجته الاسطورية المشهورة بالشجاعة الفائقة والجمال الباهر هلالة بنت داود الملقبة بـ «أم فاتح» حتى لا يتم الاعتداء عليها من قبل الأعداء.

وتمتلئ المراجع بصوره وأبنائه إبان محاكمته التي بُرئ خلالها من تهم الخيانة العظمى والتعاون مع الفرنسيين وهو ما شكر هيئة المحكمة عليه ولم يطلب الرحمة عندما حكم عليه بالإعدام على معطى قتل زوجته هلالة وقد نفذ الحكم بعد 3 ايام وتم نفي ابنائه دون اب او ام الى خارج القضاء، وفي عام 1965 اصدر وزير الدفاع حافظ الاسد امرا بالتوقف عن مطاردة المرشديين مما جعلهم يقفون معه في صراعه ضد خصمه صلاح جديد، وفي عام 1984 انحاز المرشديون العاملون في سرايا الدفاع للرئيس حافظ الاسد بعد لقائه معهم ضد شقيقه رفعت وقد ألغيت أوامر النفي والعقوبات ضد المرشديين بعد ثورة التصحيح عام 1970 وقد أعلن نور المضيء المرشد بعد وفاة اخيه ساجي عام 1998 انه ليس اماما للجماعة واكتفى فقط بدور ملقن تعليم الصلاة لمن يبلغ عمره سن 14 من البنين والبنات.

احمد الصراف

هل آن أوان الاعتراف؟

تشكل إسرائيل، ومنذ تأسيسها قبل 61 عاماً، لعرب المشرق بالذات، بعبعاً مخيفاً غريب الشكل والتصرف والمضمون. وعلى الرغم من إصرار غالبيتنا على وصفها بالعدو الأول، فإننا ننسى دائماً، أو نتناسى أننا العدو الأول والأكبر لأنفسنا. والغريب أننا نكتفي بوصفها بالعدو ونجلس على جانب الطريق لنرى ما ستفعله الأقدار بها، فكل حروب الدول العربية معها لم تكن إلا محاولات عبثية للخروج من مآزق ما، ولم تهدف أصلاً للقضاء عليها، بما في ذلك معارك «ما كو أوامر» في حرب 1948!!
وفي سعينا الحثيث لمعاداة إسرائيل ومحاولة القضاء عليها، لم تقم أي جهة حتى الفلسطينيون المعنيون الحقيقيون بالأمر بفعل شيء فعال لمعرفة حقيقة إسرائيل أو الحركة الصهيونية ونقاط ضعف أو قوة الدولة، وهكذا مرت ستون سنة ونحن نصر على تجاهل وجودها، مما ساهم في تجهيلنا بحقيقتها وباستمرار انتصارها علينا المرة تلو الأخرى دون توقف!
وقد أثبتت الأيام صحة ما توصلنا له من أن حرب 2006، كانت خسارة لنا، فإننا وبعد 3 سنوات، لا نعرف من مات منا ومن فقد وكم حجم خسائرنا ومن كان المسؤول عن الحرب وأين أخطأ الحزب أو الدولة اللبنانية، وأين أخطأ العرب ومن الذي يجب أن يتحمل المسؤولية في نهاية الأمر عن نزوة أو نزهة عسكرية كلفت لبنان آلاف الأرواح ومليارات الدولارات دون هدف أو خطة تذكر؟ ومع ذلك خرجنا ندعي انتصارا الهياً!!
من باب العلم فقط، فإن تعداد إسرائيل يبلغ 7 ملايين ونصف المليون، 76% منهم من اليهود، و20% تقريباً من العرب، مسلمين ومسيحيين، و4% من أعراق وديانات مختلفة أخرى كالدروز والأقليات الدينية التي تعيش في القدس بالذات.
أعلن عن تأسيس إسرائيل يوم 14/5/1948، ومنذ ذلك التاريخ، وعلى الرغم من كل حروبها مع العرب، وبفضل المساعدات الأميركية التي نصرف ما يماثلها على شراء القمح لإطعام الجياع من شعوبنا وبفضل العقول اليهودية الاوروبية الجيدة التعليم التي هاجرت لها، فقد وصل دخل الدولة السنوي إلى 200 مليار دولار، وأصبح دخل الفرد فيها الأعلى في المنطقة، حتى مقارنة بدول الشرق الأوسط النفطية. كما وصل معدل الإعمار إلى أعلى معدل بعد اليابان. أما في التعليم فقد وصلت لأعلى المستويات، من خلال مدارس حكومية علمانية، وهي السائدة، بجانب مدارس حكومية دينية قليلة العدد، ومدارس مخصصة للعرب وبقية الأقليات.
توجد في إسرائيل 8 جامعات مرموقة، أهمها الجامعة العبرية التي وصلت للمرتبة 60 كأفضل 100 جامعة في العالم، ليس بينها، ولا حتى قريباً منها، أية جامعة عربية أو اسلامية، ويقال إن جامعة القاهرة كانت في مرتبة الجامعة العبرية قبل أكثر من نصف قرن، وأصبحت الآن في المرتبة بعد الـ550 عالمياً (!!).
كما توجد في إسرائيل مختبرات علمية عالية جعلتها الأكثر تقدما في مجال القوة النووية والأبحاث الزراعية وصناعة الأسلحة التقليدية، الواسعة الانتشار، والأسلحة البيولوجية.
***
وبعد كتابة الفقرة الأخيرة أعلاه عرفت السبب الذي يجعلنا نصر على تجاهل إسرائيل. فالحديث عنها مؤلم لأن كل ما فيها مغاير ومخالف لما لدينا، من عادات وتقاليد سياسية، فرئيس وزراء إسرائيل السابق اسحاق رابين فقد منصبه بعد أن اكتشف البرلمان أن زوجته احتفظت بحساب لا يتعدى رصيده الألف دولار في بنك في نيويورك، وهو ما يخالف قوانين «الدولة»!! أما طريقة معاملتهم للسجناء الفلسطينيين فلا تعجبنا، وقد يجبرنا معرفة الطريقة للاقتداء بها، وهذا لن يمكننا مستقبلا من «انتزاع» الاعترافات من مساجيننا، أخواتنا وأبناء عمومتنا، ونحن ننتزع أظافرهم.
القصة طويلة ومتعبة، بقدر ما هي مشوقة، ولكننا ساهمنا جميعاً في تجهيل بعضنا البعض بحقيقة إسرائيل لكي نستمر في الاستمتاع بأوضاعها ونصلي لكي لا تتغير علينا!
* * *
• ملاحظة:
نفى رئيس المركز القومي للترجمة في مصر أن المركز يعتزم التعاقد مع احدى دور النشر الأوروبية لنشر ترجمات لمؤلفين إسرائيليين!

أحمد الصراف
habibi [email protected]

سامي النصف

تقرير بلير والوطن المشلول

نشرت الزميلة «القبس» ملخص رؤية الكويت 2030 التي أعدها الفريق الاستشاري العالمي الذي يرأسه رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، والمرجو ألا تنتهي تلك الدراسة الهامة بوضعها في درج آخر يعلوه الغبار.

تبدأ الدراسة بتحذير خطير عن حاجة الكويت لاتخاذ قرار جوهري بشأن مستقبلها والا فإن المستقبل سيكون غامضا والأرجح أن يكون قاتما، كما تشير الدراسة الى تحول عالمي مستقبلي بعيدا عن البترول الذي يشكل أكثر من 90% من موارد الدولة وفي وقت تشهد فيه الكويت ظاهرة الهجوم الشرس على رجال الأعمال مما جعلهم يستثمرون ويخلقون المشاريع خارج بلدهم.

وترى الدراسة القيمة ضرورة اصلاح بيئة العمل ومحاربة الفساد المستشري وتحرير الصناعة واصلاح أنظمة التعليم والصحة ومكافأة الأذكياء والموهوبين في الدولة من رجال ونساء (هين) والدفع بمبادئ التسامح للازدهار (يعني لا حقد ولا حسد هين ثانية) وان يستثمر بالتراث الثقافي الغني للأمة من فنون وآداب بدلا من محاربتها (لا تعليق)، كما تشير الدراسة إلى عدة تحديات مستقبلية رهيبة منها التكاثر السكاني الخارج عن المعقول واحتمال التحول الى دولة عاجزة ماليا خلال 5 سنوات (يا حلاوة) وان الاستمرار في هذا الطريق الشوكي يعني ان تواجه الكويت أزمات مالية وسياسية واجتماعية خانقة في ظل شلل تام للنظام السياسي كنتيجة منطقية للمواجهات المتواصلة بين الحكومة ومجلس الأمة.

وتضع الدراسة الحلول العملية للاشكال الكويتي وهي قريبة جدا مما ورد في كتب وخطب الرئيس الماليزي مهاتير محمد وخطته «ماليزيا 2020» ومن الحلول احياء روح المبادرة في الاقتصاد الكويتي وتقليص الروتين وتحسين فرص الوصول للأراضي العامة للدولة (يعني عكس المفهوم السائد بأن الأرض عرض لا يجوز التفريط فيها للاستثمار) وخلق فرص نزيهة ومتكافئة في الأسواق وتطوير وتفعيل الموارد الطبيعية (كمشروع تطوير حقول الشمال المغضوب عليه) واستغلال الموقع الجغرافي المميز وتطوير النقل والعمليات اللوجستية (الاغلاق غير المنطقي لحدودنا مع ايران والعراق).

ومن خطوات التنفيذ الهامة تأسيس وحدة متابعة وتنسيق ترفع تقاريرها أولا بأول لرئيس الوزراء مع التركيز على الأولويات المتفق عليها اضافة الى ضرورة وجود ادارة اعلام استباقية كي يستوعب الناس ما يجري من خطط لدعمها ومحاسبة من يقوم بعرقلتها، كما تحث الدراسة على انشاء مكتب صحافي للحكومة وتعيين متحدث باسم رئيس الوزراء لدعم وحدات الاتصال الاستراتيجي.

آخر محطة: الكويت، كما ترى الدراسة، على مفترق طرق فإما الاستمرار على ما نحن عليه ومن ثم الانقراض والاختفاء بعد سنوات تجري سريعا أو نعدل المسار بشكل صحيح ونبدأ بخلق كويت جديدة تقوم على أسس ومبادئ جديدة لم نعهدها من قبل والخيار بيدنا شعبا ونوابا وحكومة فهل نفعل؟! الجواب معروف وسهل وبسيط!

احمد الصراف

حلم ليلة صيف

بناء على معطيات محددة، فمن المتوقع ان اعيش حتى التسعين من العمر، وربما بعد ذلك بقليل، وهذا يعني ان امامي 9000 يوم قبل ان افنى الى الابد، وحيث انني اقرأ يوميا ما معدله خمس صحف، اي 45 الف صحيفة حتى بلوغ التسعين، فإن كل ما احلم به قبل ان اموت، ان افتح عيني صباحا، ولا اقرأ خبرا عن كشف محاولة تهريب هواتف نقالة، او بطاقات اتصال او مخدرات إلى داخل السجن المركزي، وان المتهم عسكري في الداخلية.
وكم اشتهي ان يمر اسبوع واحد، ولا اقرأ خبرا عن القاء القبض على عاطلين مساكين بتهمة ادارة «مصنع» خمور، واحلم بوقوع نظري على خبر يبشر بالقضاء على الرشوة في البلدية. كما اتمنى ان افتح الصفحة الاخيرة لصحيفة محددة، ولا تصدم عيني اخبار جرائم شرطة المخافر مع نزلاء النظارة، وقصص الاعتداء، او التناوب في الاعتداء عليهن، او عن جرائم خطف الاحداث، والاعتداء عليهم في الصحراء، او ان تجارة الاقامات قد اصبحت شيئا من الماضي، وان المتاجرة ببيع الاعلاف المدعومة قد تم القضاء عليها، وان بيع المواد الغذائية المدعومة من الدولة اصبح في خبر كان، وان الصحف تقول بأن ظاهرة تحويل زرائب الماشية إلى منتزهات ومخازن قد قضي عليها، وتوقفت الى الابد جرائم الاعتداء على املاك الدولة، سواء في المزارع او البحر او عن طريق بناء المخالف من مساجد الشينكو.
آه كما اتمنى فتح جريدة، في دولة المليون مواطن، والتي يزيد دخلها على الستين مليار دولار، واجد ان مخالفي قوانين الاقامة قد اصبحوا بالمئات، بعد ان كانوا طوال نصف قرن بمئات.. الآلاف، وان هم نواب المجلس اصبح التشريع والرقابة، وليس قصات شعر الشباب والجنس الثالث وعبدة الشيطان، واللف على مكاتب الوزراء والوكلاء للحصول على تواقيعهم للمخالف من المعاملات، وان لجنة الظواهر السلبية، قد تغيرت فلسفتها تماما، واصبحت مسؤولة عن السلبي من تصرفات النواب انفسهم، وان التعامل بقضايا الاعتداء على موظفي الدولة، من قبل اعضاء المجلس، قد اصبح شيئا من الماضي، وان نائبا جرد من حصانته، وحكم عليه بالسجن لاعتدائه بالقول، والقول على موظف عام، وان اعداد مزدوجي الجنسية قد اصبح بالعشرات، بعد ان كان في يوم ما يزيد على المائة الف.. «مواطن»! وان مستوى المعيشة في مناطق سكن العمال قد اصبحت مقبولة، وان مناطق السكراب تحت السيطرة، ولم تعد موطنا للفارين من وجه العدالة، ولا منطقة لارتكاب الجرائم، وان قضايا ومشاكل البدون اصبحت شيئا من الماضي، بعد ان تمت تسوية اوضاعهم جميعاً! وان قرارا صدر من البرلمان منع السكن في بيوت الصفيح.
اكتب كل ذلك بعد ان صدمت لقيام اكثر من 3000 مواطن بصورة مباشرة او غير مباشرة، بتأسيس 1200 شركة بطريقة غير قانونية، ومن دون رأسمال، ولا مقر ولا وجود فعلي، وتمكنوا عن طريق هذه الشركات الوهمية من جلب عشرات الاف العمال، مقابل قبض مبالغ مالية كبيرة منهم، ومن ثم رميهم في الشارع من دون وازع من ضمير او خلق، في دولة توجد فيها اعلى نسبة مساجد ودور عبادة في العالم اجمع! وقد حدث كل ذلك بتواطؤ واضح من جهات حكومية، فكيف يمكن ان تصدر وزارتا الشؤون والداخلية عشرات آلاف الاقامات على شركات وهمية؟ اين جيش المفتشين الدائم الزيارة لمكاتبنا؟ اين الاخلاق؟ اين الشرف والتدين اللذان يدعي كل هؤلاء المزورين والمخربين والمتآمرين امتلاكهما؟
اقول ذلك وانا على ثقة انني سأموت، ولو طال العمر بي حتى المائة، وجميع هذه القضايا والجرائم والاوضاع البائسة ستكون على ما هي عليه، وربما هذا ما نتمناه، فتطور الامور إلى الاسوأ هو الاكثر احتمالا!
***
* ملاحظة: عنوان المقال مقتبس من مسرحية للشاعر وليم شكسبير او شيخ الزبير، وفق ترجمة العقيد القذافي لاسم الشاعر الانكليزي.

أحمد الصراف
habibi [email protected]

سامي النصف

غرام فانتقام.. غباء شديد فإعدام!

صدّقت محكمة جنوب القاهرة يوم الخميس الماضي على إعدام رجل الأعمال الشهير م.هشام طلعت مصطفى والقاتل الفذ الضابط محسن السكري وكنت قد وصفت تلك الجريمة الشنيعة بأنها «أغبى جريمة في القرن الـ 21» ثم ألحقتها بعد مشاهدتي للقاءات محامي الدفاع «الأوحد» فريد الديــب وتبريراتــه التافهة لكيفية وقوع الجريمة بمقال ذكرت فيه ان المحامي سيوصل قطعا موكله لحبل المشنقة واستغربت ان يقبل المتهم شديد الثراء دفاع محام واحد عنه بدلا من تشكيل فريق «حلم» من المحامين كحال الفريق الذي برأ أوجي سمبسون من قتل زوجته.

ولأن النصيحة كما يقال بجمل فقد قررت اسرة هشام طلعت مصطفى اخيرا وبعد صدور حكم الإعدام، اي بعد خراب البصرة، ضم 8 من كبار المحامين في مصر لتولي الدفاع عن المتهم بعد الفشل الذريع لفريد الديب ويرأس ذلك الفريق المحامي بهاء الدين ابوشقة الذي نشهد له بالذكاء الشديد والذي نصح اسرة مصطفى بالتصالح مع اسرة سوزان تميم لتخفيف الحكم او حتى الوصول لحكم البراءة.

وضمن مسلسل الغباء الشديد الذي يحيط بتلك القضية اعتراف والد القاتل اللواء منير السكري في لقاء مع «العربية» بأن ابنه تسلم بالفعل 2 مليون دولار من هشام مصطفى كثمن فرحة و«بشارة» له كونه اول من اخبره بنبأ مقتل سوزان تميم! ولقاء إعلامي كهذا يدين الابن ولا يبرئه فلا احد يدفع مثل هذا المبلغ لخبر كما ان انفراد محسن السكري بالمعلومة دليل آخر على انه الفاعل.

والحكم يعتبر تاجا على رأس القضاء المصري العادل الذي لا يجامل ولا يداهن في الحق رغم ان الضحية غير مصرية والجريمة لم تقع على ارض مصر، كما ان رجل الاعمال الشهير ليس قاتلا، بل محرض، ويحتل مراكز بارزة جدا في المجتمع كرجل سياسة واقتصاد، ولن أجرؤ على المقارنة بما كان سيحدث لو ان القضية تم تداولها في دهاليز عدالتنا المحلية في ظل وجود جمل لطيفة تضاف عادة للأحكام مثل «عدم كفاية الأدلة» و«وجود خطأ في إجراءات القبض» و«500 دينار غرامة لوقف التنفيذ».. إلخ.

وحضرت في الضفة الغربية انشطة «يوم العدالة» الفلسطيني الذي حضره المئات من رجال القضاء وحصلت على كتب ومطبوعات دورية تختص بنتائج التفتيش القضائي هناك وكيفية التعامل مع تأخر الفصل في القضايا التي يتم تبويبها ومتابعتها من قبل فرق التفتيش للتأكد من سرعة الفصل فيها، منعا للظلم الناجز الناتج عن العدالة البطيئة، وتذكرت على الفور حال محاكمنا واشكالية «الداخل المفقود والخارج المولود».