احمد الصراف

لا لتعديل مناهج التعليم العام

«.. إن الذعر من فكرة تغيير ومراجعة المناهج هو انعكاس لعقلية لا علاقة لها بالعلم، ولا تفقه أساسيات العملية التعليمية، إلا إذا كانت «الاستراتيجية» هي المحافظة على الأمية والتخلف الثقافي والاجتماعي، الذي هو نتاج واضح للمناهج القائمة، خصوصاً في التعليم العام..»!
(إيمان البداح ـ جريدة الجريدة 26/7)
منذ ما بعد التحرير، ونحن نحذر، بمختلف الوسائل، من خطورة سيطرة القوى الدينية، بتواطؤ حكومي صامت، على المناهج الدراسية. ولو استعرضنا انتماءات غالبية الذين جثموا على صدر إدارة المناهج في وزارة التربية في العقود الثلاثة الماضية، لأصبنا بصدمة كبيرة بسبب سكوت مجالس الوزارة المتعاقبة ووزراء التربية وأعضاء مجالس الأمة عن «الجرائم» التي اقترفت بحق عقول شبابنا! وبسبب هذا السكوت «المريب» تمكنت أكثر قوى المجتمع تخلفا وترديا من إحداث انقلاب نوعي وكمي في مناهج التعليم، بحيث أصبحت المدارس مصنعا لإنتاج أو خلق الإرهابي أو المتعلم السطحي والخريج الساذج، إلا من تلاحق نفسه بطريقة أو بأخرى!!
وكمثال على الهدم والتخريب الهائل الخطورة الذي أصاب مناهج التعليم، دعونا نستعرض الأمثلة الواضحة التالية التي وردت في كتاب «التربية الإسلامية»، ولمن هم في السن والسنة السابقة لدخول الجامعة، حيث نجد السؤال التالي: ما هو العقل؟ العقل نعمة، وهو الفارق بين الإنسان والحيوان!! هكذا ورد الجواب في كتاب ديني لمن هم في سن الثامنة عشرة. فلا شيء عن مكونات العقل! ول.مَ سمي بالعقل؟ والفرق بينه وبين المخ مثلا! أما أنه الفارق الوحيد بين الإنسان والحيوان، فهذا أيضا مضحك، فكل الحيوانات تملك عقلا، ولكن عقول غالبيتها قاصرة عن التفكير والتحليل والنقد. كما أن النطق والضحك وغير ذلك الكثير، يفرق الإنسان عن الحيوان وليس العقل فقط، وهناك أمور لا مجال لذكرها.
وفي سؤال عن وظائف العقل، نجد أن وظيفته تعريف الإنسان بخالقه، إدراك صدق الأنبياء، وليوقن أنه راجع لربه(!!)، وليفهم عن طريقه التكاليف الشرعية(!!) وليكتشف النواميس(!!) وبه تمكن الأنبياء والمرسلون من محاججة المعاندين.
هكذا؟! هل هذه هي حقا وظائف العقل؟ وهل حقا يريد مَنْ وضع هذا الكتاب الخير لعقول أبنائنا؟ وإذا كانت هذه وظائف العقل في الإسلام، فما هي وظيفته لدى أتباع الديانات الأخرى؟ أهي في اكتشاف غير المكتشف واختراع غير المخترع من أجل رفاهيتنا؟!
وتبلغ تراجيديا التعليم الديني ذروتها عند الحديث عن الهواء والجلد، حيث يصفهما بأنهما شاهدين على وجود الله، (ولن نعلق هنا!!). أما تعريف الهواء في الإسلام (هكذا) فهو «جسم رقيق لا يرى!». ولا أدري أين ذهب التعريف العلمي الدقيق للهواء، الذي من المفترض أن ابن الثامنة عشرة يعرفه؟ ولماذا سمح لمجموعة من أنصاف المتعلمين بدمج المواد الدينية بالمواد العلمية بهذه الطريقة الساذجة الخالية من أي فائدة أو ذوق؟!
ولم يتردد مؤلفو المنهج من دس السم فيه بالهجوم على أرسطو وأفلاطون وسقراط وغيرهم من الفلاسفة، الذين أثروا الفكر العالمي بآرائهم ومؤلفاتهم ومواقفهم، ووصفوهم بالمنحرفين الذين يجب ألا نسمع لهم ولا نتبعهم، ومَنْ يقرأ لهم فقد ضل ضلالاً مبيناً، لأنهم منحرفون في السلوك والعقيدة!!
وهنا لا يسعنا إلا رفض إجراء أي تعديل على المناهج الدراسية، والاكتفاء بنسفها كليا، إن لم يكن إلغاؤها، فما أحوجنا للعلم، وما أقل حاجتنا للدروس الدينية التي تملأ علينا حياتنا في البيت والشارع والمسجد، ولكن مع من نتكلم هنا؟!
لذا، فمناهج التربية الإسلامية البالية يجب استبدالها بمناهج بناء الشخصية التي هي مناهج عالمية ومعتمدة حتى من الأمم المتحدة، ومنهج للتاريخ الاسلامي الايجابي، ونترك للأسرة حقها ودورها في تعليم ابنائها كيف يصلون.
ملاحظة: تجاوبا مع مقال الامس عن الاسانسير، او المصعد، فقد ارسل المهندس عبدالرحمن الشمري العنوانين التاليين لكل من يود معرفة المزيد عن شروط البناء ومواصفات المصاعد وطريقة تجنب مخاطر استخدامها.
الموقع الشخصي
http://www.kw-eng.net/
منتدى المهندس للبناء والديكور
http://www.kw-eng.net./vb/
كما لفت احد القراء انتباهي الى حقيقة ان اسانسور واليفيتور ولفت تعطي نفس معنى المصعد.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

صالح يبيلك نظّارة

ولكي لا أستبق الأحكام قمت فورا بمراجعة رسالة وزير الشؤون العفاسي لجاك روغ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، ووجدته يذكر فيها وبالحرف الواحد بـ« أن مجلس الوزراء قد اتخذ قرارا في 20 يوليو 2009 لضمان عملية مراجعة القوانين والتشريعات الرياضية المحلية مع البرلمان الكويتي وسيتم في الموعد المحدد لتكون متوافقة مع الميثاق الأولمبي وقوانين الاتحادات الدولية».

وبالطبع فإن كان هنالك أي اختلاف بين قوانيننا المحلية واللجنة الأولمبية الدولية فإن المراجعة وحدها لن تكفي للتوافق مع الميثاق الأولمبي، بل إن التعديل سواء في الميثاق الأولمبي أو القوانين المحلية هو نقطة النهاية، ولكي لا ندخل في التأويل والتفسير فإن الوزير العفاسي يا عزيزي صالح ذكر وبتاريخ 31- 7- 2009 في إحدى الصحف ما يلي «أن اللجنة الأولمبية الدولية قد طالبت الكويت بتعديل القوانين الرياضية وإلا ستعلق عضويتها في الاتحاد الدولي، مبينا أن الحكومة والمجلس سيقومان بإجراء هذه التعديلات حرصا من الجانبين على حل القضية الرياضية».

وهو نص صريح وواضح من الوزير بأن الكويت لن تطبق قانونها أبداً بل ستعدّله حتى قبل أن يطبق، والمفارقة هو أن التصريح هذا من الوزير العفاسي جاء قبل يوم من تصريحك الغريب وغير المبرر للزميلة «الراي».

نائبنا الموقر لا الظروف ولا المواءمة السياسية وأركز على المواءمة السياسية، وهي أحد مبرراتك في رفض طرح الثقة بالوزير الخالد قبل شهر تجعلنا نقبل منك أن تدلي بتصريح ليّن كالذي أدليت به، فنحن اليوم لا نناقش مسألة رياضة أو «طمباخية» كما يبسطها البعض، بل هي قضية سيادة دولة أمام ثلّة من المتمردين على الدولة وسيادتها.

إننا اليوم يا عزيزي صالح نواجه أقوى وزير شؤون مر على الكويت في آخر عامين، ولكن للأسف فإن قوته لم تأتِ لمصلحة القانون والدستور الذي جعل منه وزيرا، بل إنه وزير الشؤون الوحيد الذي أعلن وبقوة أنه سيعدل القوانين، وستنحني سيادة الدولة من أجل إرضاء البعض ممن لم يسلكوا المسلك الديمقراطي الدستوري في معارضة القوانين، فإن كان صباح الخالد أو جمال الشهاب أو بدر الدويلة لم يفعلوا شيئا وماطلوا في تطبيق القوانين الرياضية وكانوا يستحقون اللين في التعامل معهم أحيانا، فإن الوزير العفاسي بكل تأكيد لا يستحق ذلك، وممن؟ من نائب وعضو مؤثر في لجنة الشباب والرياضة البرلمانية، جانبك الصواب يا صالح ولن أجاملك فعد إلى رشدك.

خارج نطاق التغطية:

تحية إجلال وإكبار لكل من قدم حياته فداء للكويت خصوصا في فترة الغزو العراقي الغاشم، وكم أمنّي النفس أن ألحق بركبهم لهذا الوطن، ولكن هذه الذكرى تحمل معها غصّة بألا يقدّر ولا يخلّد في بلدي إلا شهيد واحد له مني كل تقدير واعتزاز وعرفان.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

احمد الصراف

أنا والمصاعد والمنازل

لا أدري من اختار ترجمة كلمة أسنسور الفرنسية، أو اليفيتور أو لفت الانكليزيتين الى «مصعد»، بالرغم من أن دوره لا يقتصر على الصعود فقط بل والنزول بالبشر والمواد. ولكنها لغتنا العربية التي نصر على وصفها بالجميلة، وكأن لغات العالم الأخرى «كخة»، أو «وع»!!
***
مع اشتداد الأزمة المالية، عالميا، واتجاه الكثيرين لتقليص المصروفات، ومنها ما يصرف على الصيانة، فان الواحد منا أصبح لا يضمن متى سيتعطل به، أو بمن يحب، مصعد عمارة خربة أو بيت عتيق، داخل أو خارج الكويت.
المعلومات التالية قد تفيد البعض الذين قد تشاء حظوظهم السيئة، وأنا أحدهم ولأكثر من مرة، التواجد داخل مصعد معطل، أو في سبيله للسقوط من عل!! وقتها، يجب تذكر التالي:
أولا: ما أن تشعر بأن المصعد يهبط بسرعة غير عادية قم بالضغط على جميع أزرار لوحة المفاتيح، فهذا يساعد غالبا في توقف المصعد عند طابق ما ويمنع سقوطه بك وبمن معك!!
ثانيا: تمسك بقوة بأي مسكات أو عوارض جانبية فهذا سيخفف من قوة الصدمة ويحفظ توازنك.
ثالثا: أسند رأسك وظهرك لأحد جوانب الأسانسير في خط مستقيم، وهذا سيساعد في حماية العمود الفقري.
رابعا: خفف من الضغط على الركبتين بطيهما قليلا.
خامسا: لا ترتبك سريعا ولا تقلق وتبدأ بالصراخ والضرب على جوانب وباب المصعد، فهذا سيربك ويفزع من معك، ولن يفيد عادة في الثواني الأولى، وغالبا ما يتم فتح باب الأسانسير المعطل في نهاية الأمر، فكثير من الأسانسيرات الحديثة مزودة بأنظمة أمان جيدة.
سادسا: من الأفضل تجنب استخدام الأسانسير، وخاصة اذا كان منظره لا يدعو للاطمئنان، واستخدام الدرج في الصعود، ولا ينصح به في النزول لتأثيره السلبي على صابونة الركبة.
وأخيرا نتمنى ألا يحتاج أي منكم لتذكر أي من هذه التعليمات، ولكن معرفتها على أي حال لن يضر ويفضل أن نخبر بها من نحب ونعرف.

أحمد الصراف

سامي النصف

10 أسباب تنفي نظرية الانتحار

كما استعجلوا في الإدانة مما أساء لسمعة الفقيد استعجلوا مرة اخرى في قفزهم لأسباب الفاجعة والقول انها «انتحار» رغم انه لم تمض إلا سويعات قليلة على الوفاة وحتى قبل ان تنتهي عملية التشريح الكاملة لتظهر على سبيل المثال ما اذا كانت هناك بقايا بارود في يد الفقيد وهو ما يحدث فيما لو كان هو من استخدم المسدس ام غير ذلك.

وتحويل جريمة قتل خافية الى انتحار ظاهر هو احدى أكثر وسائل إخفاء الجرائم شيوعا في العالم، وإذا كنا في عالمنا العربي لا نتقن كيفية تدبير ذلك الأمر حتى ان بعض المسؤولين العرب قد ثبت «انتحارهم» بأربع او خمس رصاصات، فإن محترفي الجريمة المنظمة قادرون على القيام بذلك العمل بشكل يخفي تماما معالم الجريمة.

في مقابل نظرية الانتحار أعطي 10 أسباب تفند وترفض تلك الفرضية ومنها: (1) ان القضية التي اتهم بها الفقيد لم تصدر بها أحكام إدانة كما ان اغلب أحكامها في العادة هي عبارة عن تعويضات واسترداد أموال (2) حتى لو صدرت أحكام إدانة من المحاكم الأميركية فمعروف ان الدول ومنها الكويت لا تسلم رعاياها لدول أخرى اضافة لما هو معروف من قدرة المحامين الأميركيين الفائقة على الدفاع والوصول للتسويات والتعويضات خارج المحكمة وهذا بافتراض السيناريو الأسوأ اي ان هناك أخطاء قد حدثت.

(3) الاكتئاب الذي يؤدي الى الانتحار هو الاكتئاب الذي يستمر لأشهر وسنوات طويلة وقد أتى في لقاء لـ «العربية» مع احد أصدقاء الفقيد انه كان منشرح الصدر بعد أداء صلاة العشاء في الليلة السابقة، كما كذب أخوه ما قيل على لسانه من ان الفقيد كان مكتئبا في أيامه الأخيرة (4) اعتاد المنتحرون ان يكتبوا رسالة وداع أخيرة يشرحون فيها أسباب انتحارهم ولم يجد احد رسالة انتحار لدى الفقيد.

(5) الذي ينوي الانتحار لا يخسر أمواله بتوكيل محام للدفاع عنه في المحاكم الأميركية كما أتى في رسالته المتفائلة التي نشرت في الصحف قبل يوم من انتحاره المزعوم (6) أتى في شهادة الخادمة انه أحضر سندويتشات في ذلك الصباح فهل يهتم حقا من ينوي الانتحار بأن يسد جوعه قبل رحيله؟!

(7) كذلك تواترت أنباء عن اتصاله بمقر عمله للاعتذار عن الحضور بسبب اجتماعات سيعقدها مع آخرين خارج العمل فما حاجة من ينوي الانتحار للاعتذار عن الذهاب للعمل؟! (8) كان الفقيد متدينا ومن ثم يملك الوازع الديني الذي يمنعه من قتل النفس خاصة ان القضية لا تستحق التضحية بالذات لأجلها.

(9) اشترى الفقيد مسدسا للمرة الاولى في حياته قبل شهرين من الحادثة ولا يخرج سبب الشراء عن احتمالين أولهما الرغبة في الانتحار وهو ما يتنافى مع ما اخبرني به ابني الذي شاهده وتحدث معه على إحدى الرحلات وتحديدا بتاريخ 21/6 وكان يرتدي الكمام طوال الوقت خوفا على حياته، ولو كانت لديه نية لقتل نفسه لسعد كثيرا بالتقاط ڤيروس الإنفلونزا القاتل لا محاولة تفاديه ومن ثم يصبح الاحتمال الثاني للشراء هو خوفه على حياته من أطراف خارجية أخرى.

(10) الانتحار عبر طلقة خلف الأذن اليمنى هو الوضع الأمثل لانتحار العسكريين من محترفي حمل الأسلحة في الدول المتقدمة، فكيف عرف الفقيد ذلك الموضع في وقت ينجو فيه 10% من محاولي الانتحار بالمسدس بسبب جهلهم بالطريقة الصحيحة للقيام به؟

آخر محطة:

مع رفضنا القاطع لنظرية الانتحار نورد نص الفتوى رقم 13395 الصادرة بتاريخ 31/5/2004 من اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء برئاسة الشيخ عبدالعزيز بن باز، رحمه الله، ومن ضمنها «من أقدم على قتل نفسه فهو مرتكب لكبيرة من الكبائر ولكن يجوز ان يترحم عليه وأن يدعى له كما يجوز تعزية أهله وأقاربه لأنه لم يكفر بقتل نفسه».

احمد الصراف

صالح النصر الله والكويتي الحقيقي

في جلسة أكثر من جميلة في منزل «ص.ر.»، عاشق الطرب الشرقي والغربي الكلاسيكي، صدح سالم العماري، صاحب الصوت النادر، بقصيدة للشاعر المرحوم صالح النصر الله التي يقول فيها:
يا كويت بالمرة علي لا تعتبين
لاني بمنك ولا نتي يا كويت مني
ماني ولدك اللي بالأول تخبرين
لانتي بأمي اللي عليه تحني
من يوم فضلت علينا البعيدين
صرتي عذاري بان منك التجني
عيالك طردتينا وحنا المودين
وخذتي عيال غيرنا بالتبني
ناس ارغدوا وأثروا وهم مستريحين ولي اشتقوا ما حصلوا إلا الهبني
يوم السفر والغوص وبيوتك الطين روحي اسألي الهيرات يا كويت عني
تعطيك عنا العلم وتخبرك زين
وتذكر لك أيام لنا قد مضني
بين السفر والغوص راحت لنا سنين
يشتان منها القلب ويهبلني
تقطع غبيب تدهر كالبراكين
عقل الذليل يكون فيها يجني
ونصارع أمواج البحر مستميتين
أبدا فلا نرتاح أو نرجهني
كله لعينك بس أبغيك ترضين
ندعي العمار الغالية يرخصني
يوم صفا جنبك وزرعك غدا زين والخضر هلا والعجاف ادبرني
حنا غدينا من جباك محرومين
واللاش بارضك دالهن ومتهمني
ما ينفعك يا كويت بالعسر واللين
إلا عيالك وخذي العلم مني
هم عزوتك وهما غناتك عن الدين وهما الذرى لين الليالي اظلمني
وللا الغريب لو جاد وياك الحين
عليه ما يبرح يدور التجني
يبدي البشاشة ويظهر العطف واللين ومن تحت ثوبه خنجر لك يسني
بس ينطرك تبغين تطيحين
حتى يغرسه وخذي العلم مني
****
وأثناء إلقاء الفنان العماري للقصيدة، التي سبق أن استمعت لها، أخذت أجول بنظري في وجوه الحضور، فوجدتهم من خلفيات ومشارب وأصول وثقافات ومذاهب وانتماءات عائلية وقبلية متباينة، ومع هذا كان الجميع تقريبا يهز رأسه موافقا أو معاتبا أو تبدو عليه علامات الحسرة والألم، ربما لشعور البعض أنه المعني بالأمر أكثر من غيره، والطرف الذي يتكلم الشاعر بلسانه، وأنه يمثل الأصل، والآخرون فروع، وأنه المغبون وغيره الرابح، وأن أهله هم الأولون، وغيرهم طارئون، من الذين نهبوا وأثروا من غير جهد ولا تعب! ولكن قلة ربما كانت تعرف أن هذه هي طبيعة الأمور، والكويت لا تختلف عن غيرها. فعندما يجف الضرع سيترك الجميع الأرض، وما عليها ولن يبقى إلا من لا حيلة له! فمن سبق وهجر مسقط رأسه ووطنه قبل خمسين أو مائة سنة، وأتى الى الكويت لم يفعل ذلك من منطلق الحب لها ولترابها، ولا هياما بما تخبئه هيراتها من دانات ثمينة، بل قدم إليها لسوء أحوال وطنه الأصلي وبحثا عن معيشة أفضل، وأحفاد أحفاد هؤلاء سيفعلون الشيء ذاته، طال الزمن أم قصر، إن تغيرت ظروف الحياة هنا! فالكويت ليست استثناء، ويكفي النظر إلى أصول شعوب استراليا والأميركتين ونيوزيلندا وعشرات المدن والمناطق الأخرى، لنعرف ما يعنيه ذلك، وأن الكويت للجميع ولا فضل لطرف على آخر، ولا لمن جاء قبل غيره، حتى ولو كان بقرن، فهكذا تبنى الأوطان ويتكون الولاء لها!
***
ملاحظة: يمكن عن طريق الرابط التالي الاستماع للقصيدة بصوت الشاعر
http://www.youtube.com/watch?v=5bu4RRHkqME 

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

(اتصل… خل نسمع صوتك)

 

قبيل صدور الزميلة «العهد» بمدة قصيرة، وكان ذلك في العام 2003، التقيت بفقيدنا المرحوم حمد بن رجب، رحمه الله وتغمده بواسع رحمته في مجلس والده الوزير منصور بن رجب، نسأل الله لوالده ولذويه ولجميع محبيه الصبر والسلوان على هذا المصاب المحزن الذي لا اعتراض على أمر الله سبحانه وتعالى فيه… أقول، التقيت بالمرحوم في مجلسهم الكائن بمنطقة جدعلي، وكان المرحوم وقتها طالبا بالجامعة، وكان المرحوم يتحدث حول إصرار أحد أساتذته على أن يخضع لفترة تدريب عملي بإحدى الصحف، والحال، أنه على وشك إدارة صحيفة أسبوعية ستصدر بعد حين، وأنه من الممكن أن يسمح له – أي الأستاذ – بأن يقدم تقارير التدريب من صحيفته، لكن الأستاذ كان مصرا على موقفه! وتقبل المرحوم الأمر لكنه أصر على أن يقدم تقارير تدريب حول دوره في تأسيس صحيفة، وفي المقابل، لم يمانع أستاذه من أن يكون له ما أراد.

في تلك الأثناء، لم يتردد أحد الأخوة في أن يدلو بدلوه ليقول إن المرحوم لا يمتلك الخبرة الكافية ولا الدراية ولا القدرة على التعامل مع المهنة كصحافي مبتدئ، فكيف به يدير صحيفة وهي تحتاج إلى الكثير من الخبرة والتمرس وهو أمر لا يقوى عليه إلا من عصرته المهنة عصرا حتى فهم دهاليزها وتمكن من بعض مفاتيحها، بيد أن المرحوم كان يتمتع بميزة فريدة لا يمكن توافرها في الكثير من العاملين في المهنة من الشباب، ألا وهي سعة الصدر، فكان يقابل مثل هذا القول برده: «نعم، ولكنني امتلك القابلية للتعلم واكتساب المزيد من المهارات والمعارف في المهنة… اليوم، أنا أعرف القليل القليل، وغدا، سأبذل قصارى جهدي لأثبت وجودي، وهذا الأمر ليس محالا».

كانت الإنتقادات التي تتوالى على المرحوم كثيرة، حتى في حال حضوره بعض المناسبات التي يدعى إليها كحفلات الزواج أو مجالس التعزية، أو تلك اللقاءات التي تعقد هنا وهناك، فالبعض من القراء، كان يوجه انتقادات لاذعة مشحونة بالمواقف المتشنجة، وكان البعض الآخر يطرح وجهة نظره باحترام وهدوء وفي كلتا الحالتين، كان المرحوم يتقبل الانتقادات، حتى اللاذع منها والمصحوب بالعبارات الاستفزازية، بصدر رحب، حريصا على ألا ينتهي النقاش مع الطرف الآخر إلا بما يحفظ حسن العلاقة بين الطرفين، وتقديم الشكر على الملاحظات والآراء، بل ويطلب من الطرف الآخر ألا يتردد في الاتصال به في حال وجود المزيد من الملاحظات والنقد الموضوعي معترفا بأن هذا الأمر ينفعه أكثر من أن يضره أو أن يجعله مقيدا بخيبة الأمل.

سألني ذات مرة: «ما هو أكثر تحد يمكن أن يواجهنا كصحيفة أسبوعية؟»، فقلت له «إن الصحيفة الأسبوعية لا يمكن أن تنافس زميلاتها اليوميات والأسبوعيات، إلا حين يكون لها القدرة على الانفراد والتميز، وأن تتمكن من استقطاب القراء إليها من خلال تعويدهم على أن هذه الصحيفة الأسبوعية، لديها الكثير مما لا يمكن أن يحصلوا عليه في الصحف المنافسة، وهذا أمر صعب للغاية، ولا سيما في مجتمع صغير من ناحية المساحة الجغرافية، ومن ناحية صعوبة (تخزين) خبر انفرادي أو ملف خاص»، لكن المرحوم كان متفائلا لناحية إمكانية تقديم مادة مميزة، في ظل كل الصعوبات الموضوعة في الاعتبار، ولعله تميز بالفعل في إصدار ملحق متميز في موسم عاشوراء، علاوة على فتح ملف تاريخ مناطق وقرى البحرين، والحوارات السياسية في أعلام ومعالم، مضاف إليها الجهد المهني المتميز في صفحات «المجلس الوطني».

كانت الساعة تشير الى الثالثة و45 دقيقة من عصر يوم الثلثاء 28 يوليو/ حزيران عندما هاتفني محافظ المحافظة الشمالية جعفر بن رجب عم المرحوم، وحوّل المكالمة إلى المرحوم لأتحدث معه مكالمة لم تخلو من المناكفات المهنية الأخوية التي اعتدت عليها مع المرحوم الذي لم يمل من تهنئتي بالفوز بجائزة الصحافة العربية معتبرا إياها بأنها وسام للصحافة البحرينية، وختمها بالقول: «اتصل خل نسمع صوتك»… سبحان الله، لم أكن – قطعا – أدري أن هذه المكالمة ستكون الأخيرة… فما هي إلا سويعات، حتى اتصل بي الزميل ياسر محسن معظما الأجر في وفاة المرحوم (حمد) الذي كنت أتحدث معه على أمل التواصل، لكن أمر الله سبحانه وتعالى، الذي لا اعتراض عليه، وإرادته جل وعلا، فوق كل اعتبار… ولم تنقضِ تلك الليلة الحزينة، حتى توالت المكالمات لتبشر بقدوم مولودة المرحوم (ريم)… فلله الحمد من قبل ومن بعد، ورحم الله أخانا العزيز حمد بن رجب وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان

احمد الصراف

جمعياتنا وتمويل الإرهاب 2/2

ورد في نبأ لـ«رويترز» قبل أسابيع أن منظمة القاعدة الارهابية بدأت تشكو من قلة مواردها المالية، اما بسبب الركود الاقتصادي العالمي الذي أصاب دولا وشركات وأفرادا كثيرين كانوا من ممولي المنظمة، أو بسبب اشتداد الرقابة الدولية، والمحلية، على الأموال الداعمة للارهاب، والتي لا يمكن السيطرة عليها بشكل كامل. وقد قامت وزارة الشؤون في الكويت باتباع مجموعة من السياسات التي لو طبقت بشكل دقيق لسدت الكثير من الثقوب في نظام مراقبة الجمعيات المسماة بالخيرية، ومنها القرار الذي صدر اخيرا والمتعلق بتحديد المساجد التي يسمح فيها بجمع التبرعات خلال الفترة المقبلة. كما طلبت الوزارة من الجمعيات الخيرية الامتناع عن الجمع النقدي والتركيز على الاستقطاع المصرفي، وهذا سيمكن مراقبيها مستقبلا من معرفة ما يدخل في حسابات هذه الجمعيات وما يخرج منها، ولو أن الوزارة عاجزة حاليا عن القيام بهذا الدور الذي يتطلب نجاحه توفر خبرات محاسبية معينة، وقبل ذلك قرار سياسي!
كما وضعت «الشؤون» خطة عمل جمع التبرعات في رمضان المقبل، وسيتم التشديد أثناءها على ضرورة استخدام الرولات والايصالات التي تحمل أختام الوزارة (القبس 11/6) ونحن سنستبق الأحداث لنؤكد أن مخالفات عدة ستتركب، وستعجز الوزارة عن فعل شيء ازائها، وسيتكرر الأمر ذاته في أكثر من دولة خليجية!! والسبب كما ذكرنا في أول المقال يتعلق بجفاف مصادر تمويل الارهاب، الأمر الذي سيدفع خلاياها في الداخل لاتباع كل وسيلة ممكنة، اضافة الى صعوبة مقاومة المغريات والفوائد المؤكدة من التبرعات النقدية التي تشكل مصدرا عظيما لثراء القائمين عليها!!
وفي السياق نفسه، صرحت «الشؤون» (القبس 24/6) بأنها بدأت بتطبيق أولى مراحل مشروع توطين العمل الخيري في البلاد، وذلك بانشاء مركز لتأهيل المدمنين، أو «التائبين» (وهي تسمية غير مناسبة أبدا)، وذلك بتمويل من الأموال المكدسة لدى الجمعيات الخيرية!! ومجرد التفكير في انشاء مثل هذا المركز المهم، يعني أن البلاد كانت بأمس الحاجة لمثله منذ سنوات طويلة، ومع هذا كانت أموال الجمعيات تذهب للخارج لتصب في جيب فلان وعلتان أو لدعم أنشطة مشبوهة من دون حسيب او رقيب. هذا، اذا لم يسرقها محاسب حاذق أو يستولي عليها مجلس ادارة أكثر حذاقة!! وهنا نتمنى، ونحن على ثقة بأن هذا لن يتحقق، ابعاد الجمعيات المسماة بالخيرية عن مهمة ادارة هذه المراكز العلاجية المتخصصة، فكونها الممولة لها لا يعني أنها تمتلك الخبرة الطبية والفنية لادارتها!!
ومن المتوقع كذلك خلال الأيام القليلة المقبلة صدور قرار آخر بانشاء «صندوق توطين العمل الخيري». ومن قراءة مسودة المشروع (القبس 12/7) نرى أن أهم بنوده تكمن في الادارة، حيث ستقتصر على كبار موظفي وزارة الشؤون، ومناصب هؤلاء لا يمكن ضمان عدم سيطرة الاحزاب الدينية والجمعيات الخيرية عليها من خلال تعيين المنتمين لها فيها، ويحتاج الأمر بالتالي لمشاركة أطراف من المجتمع المدني، هذا اذا رأى المشروع النور أصلا!!.
ان جميع هذه القرارات والاجراءات فعالة وجيدة، متى ما توفرت النية الصادقة، وهذه بحد ذاتها لا تكفي ان لم تكن مدعومة بحزمة من العقوبات المشددة في حال التلاعب بأموال مثل هذه المؤسسات أو الأنشطة غير المحددة الهدف بشكل كامل، فما هو عمل خيري بالنسبة لي قد لا يكون كذلك مع الآخرين.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

فتنة مروجي الطائفية

 

يرى الباحث أحمد صدقي الدجاني في كتابة «التطرف في الإسلام» أن من أهم أسباب تغذية التطرف الديني في البلاد العربية، يعود إلى التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي حدثت في عقدين من السنين، وقد شملت هذه التغيرات الثروات النفطية التي تعرضت لموجات متتالية من المد والجزر، والسياسات الاقتصادية التي انتقلت من سيطرة الدول إلى سيطرة السوق، وسياسات أخرى تعليمية وإعلامية.

لكن الباحث يركز على أن هناك سببا رئيسيا مهما يفعل فعله في تغذية التطرف في البلاد العربية والإسلامية، ويمثل فعلا مؤثرا داخليا…وهو ماتعانيه غالبية أنظمة الحكم في البلاد العربية والإسلامية من افتقار للشورى والديمقراطية على رغم مضي عدة عقود من السنين على إقامة نموذج الدولة الحديثة فيها؛ وتتفاعل في تكوين هذا السبب عوامل داخلية وخارجية، وهو يؤدي إلى إصابة الحكومات والشعوب على السواء بمرض «الحرمان»الذي تحدث عنه محمد كامل حسين في كتابه «الوادي المقدس»، كما يؤدي إلى إصابة الدول التي تعاني منه بمرض «نقص المناعة الأمنية»، فيظهر فيها «العنف المؤسسي»مقترنا بعجز مطبق عن الحوار مع جيل الشباب وعن إفساح المجال له كي يعبر عن نفسه ويخدم بلاده.

وهكذا يقع كثير من الشباب ضحية هذا العنف المؤسسي، فتنمو في أوساطهم ظاهرة التطرف الديني، ومن الملاحظ أن هذا العنف المؤسسي يشتد مع تعثر هذه الأنظمة في تحقيق أهدافها المعلنة في التنمية الاقتصادية والتعددية السياسية، تماما كما يقوى مع وقوعها في أسر التبعية والديون بفعل سياسات دول الهيمنة العالمية.

هناك بضع صور لانتشار ظاهرة التطرف بين الشباب، وخصوصا في منطقة الخليج العربي والدول الإسلامية، مع تنامي ظاهرة تأجيج العداء بين «السنة والشيعة» سببها زمرة من مشايخ «الفتنة»من الطائفتين، وعلى رغم قلتهم، لكنهم يصرون بقوة على تدمير المجتمع تحت شعار الدفاع عن الدين الإسلامي وحمايته، وهم إنما يدركون في قرارة أنفسهم أنهم يلحقون الضرر بالمجتمع الإسلامي أكثر من تحقيق مصلحته، وقد أشرت في أحد الأعمدة الى أن الكاتب الجزائري باهي صالح، حصر الأسباب في تنامي الظاهرة في (فتنة) مروجي الطائفية من بعض من يطلق عليهم (علماء)، وغياب الدور الحقيقي للعلماء العاملين، فباهي صالح يشدد على أن مشايخ الحمق و الهبل يدقّون طبول حرب وشيكة بين الشّيعة و السّنة، يصبّون الزّيت و البنزين على النّار بتصريحاتهم العامّة و من ورائهم يتحرّكون بالرّموت كنترول، مندفعون بلا وعي و لا عقل، إرادتهم توجّهها العاطفة الدّينيّة الجيّاشة، لا همّة لهم إلاّ في القتل و الإفساد و الأذى، عقولهم صادرها علماء دينهم فلم يعد لهم عليها سلطان، وبعزيمة تشحذها وتقوّيها الرّغبة في إحياء فريضة الجهاد و نيل إحدى الحسنيين…إمّا النّصر أو الاستشهاد…يتواجه الفريقان على ساحات الوغى في بلدانهم و أوطانهم.

والآن، لو نظرنا على مدى عقد من الزمان، إلى مبادرات أو إطروحات صدرت من علماء دين ومثقفين عرب ومسلمين للتصدي لظاهرة العنف والتطرف، لن نجدها قادرة على مواجهة سيل كبير من المبادرات المضادة التي تشجع التطرف والتعصب الأعمى، ولعلنا في هذا السياق، نعبر أن أمنيات في أن يتولى العلماء من الطائفتين الكريمتين والخطباء في بلادنا، مسئولية نشر ثقافة الاعتدال والوسطية، وأن تحيي وزارة العدل والشئون الإسلامية أفكارها التي طرحتها في هذا المسار لتصبح ملموسة على أرض الواقع.. فحتى الآن، لا نرى لها ضوءا…ولا ندري ما هو السبب في ذلك؟