سامي النصف

لا تهزوا دعائم البيت

التباين في الآراء ضمن جدران البيت الواحد هو امر مقبول في جميع الديموقراطيات الاخرى التي لا يسمع ولا يعلم احد بما يدور في غرفها وما بين ابنائها حتى لا يتم استغلال تلك التباينات للاضرار بالساكنين من قبل بعض الجيران المتربصين.

هناك همس تحول الى صراخ في الكويت يشكك وبحق فيمن يدعون عشق الديموقراطية وهم يعملون جاهدين لوأدها فألسنتهم معها وأفعالهم عليها، ومن يدعون الحفاظ على البيت الآمن الذي يظلنا جميعا وهم يطرقون بالمعاول والمطارق اسس بنيانه كي يهدم على رؤوس الجميع بعد ان يفروا كالفئران منه لأحضان محرضيهم وداعميهم.

ومن معاول الهدم التي يستخدمونها بخبث ومكر ودهاء محاربة التنمية ودعم المشاريع التي تفلس الدولة ثم افشاء «الشعور الكاذب بالظلم» لدى المواطنين عند ردها او عدم الموافقة عليها كونها غير مسبوقة او معمول بها في «جميع» الدول الاخرى الاكثر ثراء وذكاء وحكمة وتعقلا من بعض مشرعينا ما يجعل المواطن حانقا وغاضبا طوال الوقت ناسيا رغد العيش الذي ينعم به والذي يحسده عليه اغلب شعوب الدول الاخرى.

ومن معاول الهدم الاخرى استخدام الاقلام ووسائل الاعلام والرسائل النصية والمنتديات الالكترونية بشكل مدروس ومخطط لخلق انطباع عام بعدم الرضا وقمع الآراء العاقلة وتشجيع الآراء المحرضة والمستفزة وجميع تلك الامور تستغل تدني مستوى الثقافة العامة وصمت القائمين على الاجهزة الحكومية المختصة وايمان كثيرين بمبدأ.. «مع الخيل يا شقرا» الشهير!

ومن الوسائل المستخدمة لهز دعائم بيت الكويت الذي يظلنا جميعا تضخيم وتكبير اي حادثة فردية يفترض التعامل معها بالقوانين المرعية والعقوبات الرادعة وهيبة السلطة، والمستغرب اننا كنا اول من تقدم بمقترح تجريم وتشديد العقوبات على أقوال وأفعال الكراهية والذي تبناه جمع طيب من النواب لم يكن منهم قادة التحريض والتأجيج.

آخر محطة:
 
1 – الكويت كما نرى مستهدفة، مستهدفة، مستهدفة وهناك من يرغب في ان يحولنا الى ساحة حرب وكالة اخرى نضرب خلالها اعناق بعضنا البعض ونحرق بلدنا المعطاء لإرضاء الآخرين فهل نطاوعهم ونحقق لهم طلبهم؟!

2 – يجب ان يشمل قانون تجريم الكراهية في نصه او مذكرته التفسيرية المفردات التي تثير الحساسية والبغضاء بين افراد المجتمع الواحد ومن ثم تحريم استخدامها وتشديد العقوبات بشأنها حتى يرتدع من يود حرق الكويت.. بقصد او دونه.

3 – ماذا نسمي اطلاق ألقاب قميئة ودنيئة مثل «البياسر» و«الدماء الزرقاء» من قبل نواب على زملائهم النواب الآخرين وهل في ذلك رص للوحدة الوطنية المتباكى عليها ام هدم شديد لها؟! نرجو من قانون الكراهية ان يجرم تلك المسميات نصا.

احمد الصراف

محنة البغدادي

قلة في الكويت لم تسمع بالأستاذ أحمد البغدادي، الأستاذ الجامعي والمحاضر والباحث والمدافع الصلب عن الحريات وحقوق الإنسان. وعندما يجري الحديث عن مثقفي الكويت، خصوصا في الخارج، يأتي اسم أحمد البغدادي على رأس القائمة، التي لا أعتقد بطولها أصلا. فهو، بلا جدال، واحد من القلة المثقفة التي أعتز بصداقتها، وأعترف شخصيا بأنني استفدت منه. والرائع في البغدادي إخلاصه وتفانيه في أي عمل يؤديه، وأجزم بأنه لكان على أمانته وإخلاصه نفسهما كأستاذ جامعي، لو كان مسؤولا عن مالية الدولة.
يمر الأستاذ أحمد منذ فترة طويلة بمحنة صحية أثرت فيه نفسيا إلى حد ما، لأنها منعته من الاستمرار في عمله الأكاديمي وفي القيام بما يعشق، وهو البحث الأكاديمي والكتابة الصحفية، وهي الأمور التي تعلق بها وأدمنها حتى الثمالة (التي لم يعرفها قط!)، وعلى الرغم من جدية القائمين على تقديم العلاج له وخبرتهم وإخلاصهم، فإن صحته لم تتحسن كثيرا، وكاد يلقى حتفه أكثر من مرة، الأمر الذي تطلب بقاءه في المستشفى لفترة طويلة، بعد أن تبين أن قلبه الكبير قد أصبح، بسبب إخلاصه، و«محاتاته» المستمرة، غير قادر على تلبية مطالب نفسه الكبيرة، وأنه، بالتالي، بحاجة إلى قلب جديد! وهنا تنادَينا ومجموعة من محبي هذا الإنسان وأصدقائه، للقيام بما يلزم، وتغطية تكاليف علاجه في الخارج، بعد أن تسبب روتين إدارة العلاج في الخارج في تأخير سفره أكثر من اللازم.. ولكن مبادرة كريمة من سمو الأمير الكبير سبقتنا جميعا، وشملت برعايتها تغطية تكاليف علاج المواطن أحمد البغدادي، الذي طالما أنارت محاضراته ودروسه وخطبه وكتبه وأبحاثه طريق الكثير من الشباب، وأبعدتهم عن الدروب الزلقة.
سيغادرنا الأستاذ أحمد خلال يومين لتلقي قلب جديد في أحد المراكز الطبية في الخارج. ونتمنى، بطبيعة الحال، أن يتمكن الأطباء هناك من إقناع قلبه بالاستمرار في عمله، وأن يعود سريعا الى أهله ومحبيه وجمهور قرائه، وأثناء ذلك ستكون أفكارنا وقلوبنا جميعا معه إلى أن يعود سالما وهو بصحة تامة.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

الخوف على البحرين..الحرص على البحرين

 

«رسائل مهمة جدا من سمو ولي العهد»… تحت هذا العنوان، طرحت في هذه الزاوية بتاريخ 30 أغسطس/آب من العام الماضي الموافق لليوم التاسع من شهر رمضان المبارك جملة من الرسائل الدينية والاجتماعية والوطنية المهمة أرسلها صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد، نائب القائد الأعلى في زياراته لعدد من المجالس الرمضانية برفقة نجله سمو الشيخ محمد، وهي إضاءات حقيقية ورائدة توجب وضعها في الاعتبار لدى كل مسئول وكل سياسي وكل خطيب وكل ناشط، بل وهي مهمة لكل مواطن أيا كان موقعه، وأوجزتها وقت ذاك في عدة نقاط منها أنه على عاتق علماء الدين تقع مسئولية الحفاظ على الوحدة الوطنية في المجتمع البحريني، وأن عليهم الحث على الموعظة الحسنة والدفع بالتي هي أحسن، والدعوة الى الاعتدال ونبذ التطرف، وأن التواصل الصادق كفيل بوحدة المجتمعات وتكافلها، بالإضافة الى أن المجالس الرمضانية محطة للوقوف على احتياجات المواطنين، التباحث مع المواطنين في المجالس التي زارها سموه في الشأن العام والخاص من دون قيود.

ولست أفشي سرا حينما أقول أنه بذات الحماسة التي تابعت فيها زيارات سموه للمجالس في شهر رمضان المبارك، تابعت أيضا برنامج «لقاء خاص» الذي بثته قناة العربية مساء أمس الأول الجمعة مع سموه والذي استطاع خلاله أن يقدم بصورة مباشرة وبإيجاز وبعمق، إجابات لها دلالاتها الكثيرة التي تتصل – بعمق أيضا – بثوابت السياسة البحرينية تجاه قضايا كثيرة مهمة، داخلية على صعيد تراب الوطن الغالي، وإقليمية على مستوى منطقة الشرق الأوسط والعالم.

ومن بين الكم الهائل من التساؤلات والمحاور المهمة التي تميز بها اللقاء، لم أجد شخصيا، إن جاز لي التعبير، رسالة مهمة لها دلالاتها أيضا أكبر وأهم من قول سموه ردا على سؤال طرحته المذيعة نصّا :»هل أنت خائف على البحرين؟»، فكانت الإجابة المختصرة والواضحة :»أنا حريص على البحرين»، مع الاعتبار لآراء مهمة كثيرة طرحها سموه بين جنبات اللقاء يتطلب استحضارها وعرضها مساحة أكبر دون شك.

وبعد، لا أظن أن سموه ينتظر كلمات الشكر والثناء والإشادة من «الشيعة»، سواء في بلادنا أو سائر بلدان العالم في شأن رفضه خلع ثوب الشيعة العرب وإلباسهم لباسا آخر من إيران أو غيرها فقط لأننا نختلف معهم! لكن رسالة سموه المهمة – التي لا أرى أنها ستقع في قلوب مثيري الفتن الطائفية موقع التأمل – هي الرفض التام لأن (نصبغ) كل العرب الشيعة بأنهم مدعومون من إيران، فالمذهب الجعفري كما أشار سموه، هو مذهب من المذاهب الإسلامية (نختلف) معهم في طريقة استنباط الأحكام، وأن هناك من السنة من يتبع أفكارا في المنطقة، بل ومن الصين والولايات المتحدة الأميركية، لكن من الخطأ ربط الفكر السياسي بمذهب من المذاهب.

سيكون من اللازم لكل الإعلاميين في المنطقة الذين يمتلكون حسّا وطنيا صادقا ومسئولية «الأمانة»، أن يتأملوا في دعوة سموه للابتعاد عن تلك «الألوان»، فالدين فوق رؤوس الجميع، وأن ما نختلف عليه هو السياسة وليس الدين.

ولا أشك أبدا في أن هناك من «سيكابر»

سامي النصف

ماذا بقي من الديموقراطية الكويتية؟!

ليس هناك قاسم مشترك بين الديموقراطية المعمرة التي أنشأها الآباء المؤسسون وديموقراطية النهب والسلب والإرهاب والإرعاب التي نعيشها هذه الأيام إلا الاسم والرداء الخارجي، ولو عاد الآباء المؤسسون للحياة لتبرّأوا تماما مما يرون ويسمعون ولما ارتضوا بممارسات العبث والهدر وشتائم أطفال الشوارع والتي جعلت ديموقراطية هذه الأيام القدوة السيئة لباقي شعوب المنطقة بعد أن كانت ديموقراطية الأمس القدوة الحسنة لهم.

لقد بدأ التغييب الحقيقي للديموقراطية الكويتية والإساءة للدستور وتفريغه من محتواه على يد من يدعون زيفا وبهتانا الدفاع عنه وذلك عندما حولوا أدواته الخيرة كالاستجواب إلى وسيلة لشل العمل السياسي وتعطيل التنمية في البلد وإبعاد المسؤولين الأكفاء، كما استنسخوا نموذج المقبور صدام وغيره من الطغاة ممن اعتادوا استحضار «الشجّيعة» و«الهتّيفة» لإرعاب أصحاب الآراء الأخرى.

ومنع وقمع الآباء الزائفون للدستور أي رأي آخر يُطرح على الساحة كحال تعديل الدوائر والمديونيات وغيرهما من قضايا هامة رغم أن صُلب الديموقراطية هو تشجيع الحوار والأخذ بالرأي والرأي الآخر، وتسابق هؤلاء الآباء على تقديم ودعم مقترحات تنسف نصوص الدستور وروحه التي توجب الحفاظ على الثروات العامة وترسيخ مبادئ العدالة والمساواة والفصل بين السلطات (المواد التي تجاوز عليها بشكل متكرر من يدعون أبوة الدستور هي 7، 8 ، 17، 20، 23، 24، 29، 30، 31، 32، 34، 35، 36، 40، 41، 42، 50، 56، 66، 91، 94، 107، 108، 110، 120، 121، 151، 163، 174، 175) والتجاوز على بقية مواد الدستور قادم على الطريق مادام يحقق المكاسب الشخصية والبقاء على الكراسي.. الخضراء!

وساد الفساد التشريعي المجلس الذي يفترض به الرقابة ومنع الفساد وتحول إلى وسيلة للإثراء غير المشروع بعد أن منع «حماة الدستور» إنشاء لجنة قيم تحاسب وتعاقب الفاسدين والمفسدين من النواب، وأوقفوا قوانين النزاهة و« من أين لك هذا» بعد أن لاحظ الناس الثراء غير المبرر على العديد منهم ولم يعلم أحد ما إذا كانت الأموال التي تملأ الجيوب داخلية أم خارجية أم.. الاثنتين معا!

آخر محطة:

لضمان أن يبقى الفساد التشريعي والفوضى قائمين، تم كذلك منع مقترح عقد دورات تدريبية للنواب كي يرتقي الأداء ويستفيد البلد، ومرحبا بمن يتعامل مع الكويت على أنها بلده الثاني.. بعد المائة!

احمد الصراف

الوداع يا كويت.. والشرهة مو عليهم

كنت قد قررت «غسل يدي» من أوضاعنا المحلية، بعد أن انتابني اليأس من اصلاح الأمور، ومغادرة الكويت، والسكن في الخارج، بعيدا عن العجز المستمر للحكومة وقرف النواب وسوء أفعالهم، وذلك في حال أقر مجلس الأمة قانون اسقاط قروض المواطنين أو فوائدها، ولكني أجلت قراري لبعض الوقت بعد أن رأيت كل تلك الحماسة «الايجابية» من الحكومة في رد القانون، وحتى أكتوبر القادم ستمر مياه كثيرة تحت جسر القانون المرفوض!! وقد ازددت يقينا بأن قراري سليم بعد أن قرأت محضري جلستي المداولتين الأولى والثانية لاقرار القانون، ورأيت كمّ الزيف والكذب والنفاق الذي تفوه به عدد لا بأس به من النواب، والتناقض الواضح في المواقف والأقوال، لا لشيء الا للعودة لذلك الكرسي الأخضر اللعين الذي أصبح لونه بائسا في نظري، ولو تكلف المال العام مليارات الدنانير! فكيف قبل كل هذا العدد التنازل عن أهم واشرف قسم أدوه في المحافظة على وطنهم ومصلحته العليا، والتصويت على اقرار مثل هذا القانون الكسيح الذي علّقت عليه احدى قريباتي، من المشمولات بعطفه، بالقول إنها المرة الأولى التي يفرض فيها على مواطن أن يكون معسرا وهو ليس بذلك! فكرامتها لا تسمح بتصنيفها عاجزة عن السداد، وهي على غير استعداد للتفريط في ثقة المصرف الذي تتعامل معه، والمشروع الصغير الذي اقترضت من اجله يعمل بصورة جيدة وليس هناك بالتالي من سبب يدعو لالغاء قرضها أو التدخل في طريقة سداده، ومثلها كثيرون، أما غيرها من المعسرين فأمامهم صندوقهم!!
وبالتالي قرار الهجرة المتقطعة من الكويت مؤجل حتى أكتوبر القادم، وعهد عليّ أن أترك وطني إن أقر القانون في نهاية الأمر، فهذا يعني ان على الشيء الكثير السلام، فوجودي بعيدا عن أمثال هؤلاء النواب سيريحني حتما وسيساهم في زيادة سعادتي… واطالة عمري!!
وهنا لا يسعني الا تقديم الشكر للنواب أسيل العوضي، رولا دشتي، سلوى الجسار، صالح الملا، عبدالرحمن العنجري، عبدالله الرومي، علي العمير، علي الراشد، محمد المطير، مرزوق الغانم، معصومة المبارك والرئيس الخرافي، ولا ننسى النائب ناجي العبدالهادي الذي امتنع عن التصويت. أما البقية فان «الشرهة» ليست عليهم، ولكن على من اختارهم.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

كيفاش ندير؟

عبد القادر أيوب، الفنان الجزائري، رسام الكاريكاتير في هذه الجريدة، وجاري على الصفحة، العمود على العمود، والإحباط على الإحباط، والتدخين على التدخين. لا يبرح محله. يرسم يومياً، وأنا أذهب وأجيء. قد أغيب يوماً أو أكثر. وكلما سألت رسوماته عن الحال في غيابي، وهل تغير شيئاً في وضع البلد، أجابتني بدمعتين.

هو لا يفهم لهجتي إلا بعد جهد، وأنا لا أفهمه إلا بعد جهاد. أحياناً نلتقي في منطقة وسط، في منطقة اللهجة المصرية، وأحياناً نلتقي في الفصحى… هو كان يرسم في صحيفة جزائرية أثناء القلاقل والمشاكل والغبار ونحر الأطفال والكبار "تحت يافطة الإسلام والتوحيد". كاد يقتله أصوليو قومه أثناء نوبة جنونهم بحجة أنه يتبع "النظام الكافر"، وكادت تعتقله الأجهزة الأمنية ظنّاً منها أنه أصولي حلق ذقنه كي يتخلص من أدوات الجريمة. وهو لا هذا ولا ذاك. هو فنان بوهيمي، نقي شقي. الدنيا في عينه قشرة بصلة، وقيل بل قشرة بطاطة، واختلف العلماء والسفاحون ومباحث الشرطة.

"اضحك عليها بتعمر"، قال لي معلقاً على مقالتي الساخرة رغم دموع الوضع… قلت: كيفاش ندير يا عبد القادر إذا كان كل شيء في هذا البلد مختطفاً، بدءاً من البحر والشاطئ والهواء وانتهاء بكلمات الأغاني الوطنية التي تحولت إلى صفيحية. يا زميلي برلماننا ليس برلماننا، وحكومتنا علّمتنا "الزنباع وين ينباع" كما في أمثلتكم. كيفاش ندير ومداخيل النفط أصبحت كالحمامة تدخل في كمّ الساحر الأيمن وتخرج من الأيسر على شكل دخان يتلاشى في ثوانٍ. كيفاش ندير في إعلاميين بعضهم لا يساوي في سوق الصرف "دمنة تيس"، يقلبون الحقائق بحثاً عن الحقائب.

يا صديقي صدقني، ما يفعله قراصنة الصومال مجرد لعب عيال، هنا دوري المحترفين ولا فخر. في الصومال يسرقون حمولة سفينة تاهت عن القطيع. هنا يسرقون الفرح والابتسامة، وأنا أخفي ابتسامتي في دلاغي (شرّابي) كي لا يعثروا عليها. في الصومال يا عبد القادر، القراصنة ترثي لحالهم الدموع، ويطيّب خواطرهم الجوع، ويمسح على رؤوسهم التشرد من كل نوع، تشرد الأسرة، تشرد الأمل، الوطن، الاستقرار. هنا القراصنة يدخنون السيجار في أجنحتهم في الأدوار الشاهقة.

هل تشاهد هذه المرأة الطاعنة في البكاء والانطواء والتجاعيد؟ هذه امرأة ثرية عقّها كبارُ أبنائها، وصرفوا أموالها على الكلاب النبّاحة، ورفعوا الكلفة بينها وبين الحزن والوجوم. هي حزينة يا عبد القادر. الكويت حزينة إلى درجة الصمت. ضعيفة إلى درجة الشفقة.

كيفاش ندير يا عبد القادر في حكومة تعشق غبار الأمكنة المهجورة؟ هل نكنس بلدنا أم ماذا؟ كيفاش ندير ونحن نثق أننا لم نتباغض كما نتباغض اليوم، وأن حرباً أهلية –لا قدر الله- قادمة في الطريق، مسافة السكة.

معذرة عبد القادر، أعلم أنني نفخت في وجهك كل أنفاس سيجارتي الحارقة، وأطلقت زفراتي كلها مرة واحدة. لكن بالله عليك قل لي كيف كانت حياتكم عندما ارتفع صوت السكاكين والفؤوس والنحيب في بلدكم؟ هل سامحتكم الجزائر اليوم؟ قل لي فأنتم السابقون ونحن اللاحقون.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سعيد محمد سعيد

لا تزال الأرقام… مخيفة!

تمثل الأرقام العربية للأميين، وأعمارهم، موضع قلق مخيف! وهي تثير جدلا في شأن ما يعلن عن خطط وبرامج لل 

ومنبع القلق لدى المنظمة هو أنه على رغم المحاولات العديدة التي بذلت على الصعيد العربي، لم يرتق ملف الأمية إلى مستوى الأهمية التي ينبغي أن ينالها في المنطقة العربية التي يصل عدد سكانها إلى 335 مليونا، علاوة على ذلك، تبين الأرقام الإحصائية حول واقع الأمية في الدول العربية أن عدد الأميين لدى الفئات العمرية التي تزيد عن 15 عاما بلغ قرابة 99,5 مليونا، كما أن 75 مليونا من إجمالي الأميين العرب تتراوح أعمارهم بين 15 و45 عاما، ولهذا ترى المنظمة أن تعميم التعليم الأساسي وإلزاميته وتنظيم حملات مكثفة هي من الخطوات الأساسية لمحاربة الأمية.

ولعل وزارة التربية والتعليم في مملكة البحرين تضع هذه الحقائق نصب أعينها، ساعية الى تحقيق نتائج للقضاء على الأمية التي بلغت نسبتها 2.7 في المئة من خلال إدارة التعليم المستمر من خلال منهج جديد للعمل يركز على التعليم والتعلم مدى الحياة في مجالات ومهارات متعددة ومتجددة لا تقف عند حد، لذلك، فالمطلوب هو بذل المزيد من الجهد للقضاء على الأمية ونشر العلم بين الفئات التي حرمت منه لأي سبب من الأسباب.

وفي هذا الملف، الذي يأتي متزامنا مع الإحتفال باليوم العربي لمحو الأمية 8 يناير/ كانون الثاني، سنلقي الضوء على الجهود المبذولة في سبيل القضاء على الأمية في البحرين.

محمد الوشيحي

الصدق يبقى

الناس تختلف منذ بدء الخليقة. هناك الفارس دريد بن الصمة وهناك محيسن بن الخوافة، وهناك مسلّم البراك ودليهي الهاجري، وهناك أحمد السعدون وجاسم الخرافي، وهناك الحكومات الناجحة الذكية مثل حكومة فنلندا، وهناك حكومات تشعر بفراغ عاطفي إذا فات يوم من دون أن تتسبب في كارثة، مثل حكومتنا. وهناك المسلمون والمسيحيون واليهود والبوذيون والهندوس. بل وهناك السنة والشيعة واختلافهم التاريخي وهم من دين واحد، ووو. هذه هي طبيعة الأشياء. الاختلاف. اختلاف الشخصيات والمبادئ. ولكلٍّ عذره وحجته.

والبحث عن مبرر هو أسهل الأشياء في هذه الدنيا. أعطني أي قضية تخطر على بالك، وسأتحدث مؤيداً أو معارضاً لها. تعال معي إلى دريد بن الصمة ومحيسن مثلاً، دريد سيقول مبرراً فروسيته وشجاعته إن الأرض والعرض والقبيلة لا يحميها إلا الشجعان، وإن الجبن عارٌ، والتاريخ لا يخلد إلا أسماء الفرسان، و"لا يسلم الشرف الرفيع… إلخ"، ومحيسن سيقول إن الله خلق الإنسان ليعمّر الأرض لا ليقتل الخلق، ولو كان كل الناس مثلي لما كان قتل هناك ولا قتلة، ولعاشَ الناس في وئام تام، وضميري لا يطاوعني على أن أتسبب في يُتم أطفال وقتل معيلهم فيهلكوا من بعده، وسيرد عليه دريد، وسيعقّب محيسن، وستستمر الأرض في دورانها.

وفي قضية فوائد قروض المواطنين، هناك من يطالب بإسقاطها كي لا تختفي الطبقة الوسطى، فيتحول الشعب إلى طبقتين، طبقة فاحشة الثراء وأخرى تنام في العراء، وهناك من يعارض إسقاط الفوائد ويبكي أو يتباكى على مستقبل الأجيال القادمة، ويعتبر أن المواطن المُطالِب بإسقاط الفوائد يتصنع المسكنة، بينما هو في حقيقته مجرم بحواجب كثيفة، يجلس متربعاً، ويمسك فخذ العجل المشوية بيديه الاثنتين، وبين كل نهشة وضحاها يقهقه بأعلى صوته، وأنه لا يوجد مواطن لا يمتلك أربع سيارات على الأقل ويسافر كل صيف.

بعض المعارضين نصدقه، وبعضهم يستعبط، وبعضهم على أهبة الاستعباط، وبعضهم لا تسمع له صوتاً عن الفساد الذي أضاع أضعاف أضعاف تكلفة إسقاط الفوائد. لن تسمع، مثلاً، صوت الفاضل الوزير السابق بدر الحميضي في عقد "استاد جابر"، وستفتقد صوته في حكاية امتداد فترة انتظار السكن إلى ما يزيد على خمسة عشر عاماً، علماً بأن قضية السكن تهم بالدرجة الأولى الأجيال القادمة.

وستجد مسلم البراك يتحدث عن الأجيال القادمة والحالية ويعكف على تقديم المقترحات، وستجد السعدون يصرف من وقته نحو ثماني ساعات يومياً لإيجاد حلول لمشكلة السكن، إلى أن وجدها وتبناها مع كتلة العمل الشعبي وآخرين، ثم صرف وقتاً آخر في إيجاد حلول للحد من العبث بمشاريع البي أو تي، وصاغ مقترحاً تقدم به مع كتلته، وقبل ذلك كسروا احتكار شركة الاتصال فتنافست الشركات على إرضاء العميل، وهكذا. وفي المقابل، لم يتقدم جاسم الخرافي، على سبيل المثال، بأي مقترح يحفظ للأجيال القادمة أموالها، التي يبكي عليها اليوم، ولم يتقدم كذلك بمقترح يؤمّن للأجيال الحالية حتى ولو جبنة، كي لا يتشبهوا بالفئران.

وبالنظر إلى الأسماء سنجد اسمي السعدون والبراك مؤيدين لإسقاط الفوائد، والخرافي والراشد معارضين، فمَن نصدق؟ سنصدق الخرافي طبعاً لأنه حكيم الأمة. وقديماً قيل: "الصدق يبقى والتصنّف جهالة".

وألف مبروك إقرار القانون الذي عرفنا أنه سيُقر منذ أن منحت الحكومة ونوابها رئاسة اللجنة المالية للنائب الزلزلة، ليُسجل حصاد الموسم باسمه، لكننا سكتنا كي لا "نطرف عيننا بأصبعنا".

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

الطريق إلى غزة

ما كان للزيارة التاريخية لوفد جمعية الصحافيين الكويتية لقطاع غزة ان تتم لولا الجهد الطيب والاستثنائي لطاقم السفارة المصرية في الكويت ممثلا بالسفير الفاضل طاهر فرحات والمستشار خالد السحار، وطاقم سفارة دولة الكويت بالقاهرة ممثلا بالسفير الفاضل د.رشيد الحمد والاخوين العزيزين محمد الشرجي ويوسف اليتامى، ودعم الأخوين الفاضلين احمد يوسف بهبهاني وعبدالاله القناعي والسيد فتحي عطية مدير «مصر للطيران» في الكويت، اضافة الى الصحبة الطيبة لرفاق الدرب الاخوة والاخوات عدنان الراشد ود.عصام الفليج ومنى ششتر وبدرية درويش.

وقد بدأ طريقنا الى غزة بالمرور فوق احد معالم مصر المميزة ونعني جسر «سلام مبارك» المبني فوق قناة السويس لنبدأ بعد ذلك بدخول الجزء الآسيوي من مصر الأفريقية عبر طرق سريعة معبدة ومضاءة أوصلتنا لمدينة العريش المطلة على ساحل البحر الأبيض المتوسط والتي لم نكن نتوقع ان تكون بهذا الجمال والحداثة حيث السواحل البيضاء المغطاة بأشجار النخيل وجوز الهند والجامعات والفنادق الراقية.

وشبه جزيرة سيناء منطقة فريدة وتستحق زيارة محبي مصر حيث يحدها جنوبا البحر الأحمر وشمالا البحر المتوسط وشرقا خليج العقبة وغربا خليج وقناة السويس لذا فمناطقها الجنوبية «مشتى» والشمالية «مصيف» وما بين الاثنين من مدن هو بين بين.

وقد يكون من سوء طالع الاخوة الفلسطينيين ان الضفة والقطاع كانتا جزأين من الأردن ومصر عندما كان البلدان بعيدين كل البعد عن مشاريع التنمية والبنى الأساسية «الاقتصادية» والمعمرة، مشغولين بالمطلق بالقضايا «السياسية» المدمرة، هذه الأيام تحولت مصر والأردن الى ورش عمل آمنة تستقطب عشرات الملايين من المستثمرين والسائحين ولنا ان نتصور الفائدة التي كان سيجنيها الاخوة الفلسطينيون فيما لو كانوا لايزالون جزءا من الدولتين اللتين تحظيان بتقدير دولي في انتظار تأسيس الفلسطينيين لدولتهم المستقلة.

بدأنا منذ الصباح بدخول معبر رفح في انجاز أقرب للاعجاز، لأسباب يطول شرحها، وكان للاتصالات المتواصلة التي قام بها الأخ عدنان الراشد دور كبير في تسهيل وتذليل عملية المرور ليتم استقبالنا بشكل طيب من قبل الاخوة الفلسطينيين ولنبدأ على الفور بزيارة مستشفى الرحمة الكويتي ثم لقاء وعشاء مع د.محمود الزهار وزير الخارجية ولقاء في اليوم التالي مع د.إسماعيل هنية رئيس الوزراء ود.أحمد بحر رئيس المجلس التشريعي بالإنابة، ولهذا موضوع آخر.

آخر محطة:
 
(1): الكويت بلد صغير لذا يجب تشجيع كل امتداد كويتي غير رسمي تجاه شعوب الدول الاخرى، ومن ذلك كل التقدير للجنة الرحمة العالمية التابعة لجمعية الاصلاح الكويتية على الدور الطيب والملموس الذي تلعبه لإنشاء مؤسسات مدنية تعنى بالرعاية الصحية ومصالح الأيتام وتوفير الأمن الغذائي للشعب الفلسطيني في غزة والضفة.

(2) في ختام اللقاء مع د.إسماعيل هنية ذكر الزميل عدنان الراشد ان للوفد الكويتي طلبا «صغيرا» وهو لقاء الجندي شاليط مما فجر عاصفة من الضحك بددت الوضع المأساوي الذي يعيشه القطاع هذه الأيام.

(3) إبان سير الوفد بمحاذاة البحر مخترقين مدينة خان يونس حلقت 10 طائرات هيليكوبتر إسرائيلية فوق القطاع وبدأ الراديو ببث تحذيرات من احتمال قيام عمليات قصف وهو ما تم صباح اليوم التالي.

(4) كان الزميل د.عصام الفليج منفتحا وضاحكا مع د.الزهار خاصة بعد انتهاء العشاء وقد التقطنا صورا «فريدة» ومقربة تظهر ذلك الانفتاح الجميل، وجعل الله جميع أيام بوعبدالله سعيدة و… منفتحة!

احمد الصراف

غليون المهاجر

في ندوة بعنوان «التحولات المجتمعية وجدلية الثقافة والقيم» وردت الفقرات التالية على لسان الباحث الفرنسي برهان غليون: إن المشكلة الرئيسية التي تمنعنا من تجاوز أزماتنا تكمن في أن قادة الرأي صاروا أساسا من رجال الدين، وهؤلاء ليس لديهم معرفة حقيقية لا بالمجتمعات ولا بالسياسة، يعني لو نفتح القنوات التلفزيونية لوجدنا رجال الدين مسيطرين عليها، وعلى كل شيء آخر. وليس صحيحا أنهم أقلية. واليوم رجال الفكر ليس لديهم دور. وسلطة رجال الدين المستبدين بالرأي العام العربي الذي أصبح رهينة بيدهم، هي الأعلى، وهؤلاء من كل الأنواع والأطراف، وهناك تحالف موضوعي مصلحي بين الديكتاتوريات السياسية وبين ديكتاتوريات السلطة الدينية، وفي كل الفرق، والذين يقومون بالمستحيل لاستبعاد أصحاب الرأي الآخر، سواء من مفكرين أو مثقفين، عن طريق اتهامهم بالعلمانية والحداثة والتحرر.
وفي شريط مسجل آخر متوافر على «اليوتيوب» وردت القصة التالية على لسان رجل الدين الشيعي السيد عبدالحميد المهاجر، المعروف على نطاق واسع في الكويت والعراق ولبنان، وكان ذلك أمام جمع غفير من محبي الاستماع إليه: يقول السيد المهاجر: رأيت أحد الهنود من السيك (يقصد السيخ) يأتي إلى «حجي كاظم» البغدادي صاحب الحسينية، وكان يدير ميناء «الفاو»، مال السفن واللنجات، والقصة صارت أمامي وأقسم بذلك، وكلما أتذكرها أهتز والله من قلبي. جاء هذا السيك للحجي كاظم، ودخل وسلم عليه ووقف عند الباب، فسلمه الحجي كيسا مملوءا بالترب (جمع تربة، وهي التي يضع المصلي الشيعي جبهته عليها في السجود، وهي من تراب كربلاء)، فقلت له: يا حجي أنت أعطيته ترب الحسين؟ قال: هؤلاء عندهم سفن تضرب في اقاصي البحار فتضربهم الأمواج العاتية ويشرفون على الغرق، وعندهم شيء مجرب، وهو انهم يأخذون تربة الحسين ويرمونها في البحر، فيهدأ ويختفي الموج!
وفي حديث انتشر في الأيام الأخيرة على الإنترنت وُصف آية الله السيستاني بأوصاف عنصرية وقبيحة ومكفرة لم يتوقع الكثيرون سماعها ممن نُسبت إليه، ونحن لسنا من هؤلاء، فقد سبق أن كتبنا عن هذا الرجل أكثر من مرة. والغريب أن السيد السيستاني بالذات هو واحد من أكثر رجال الدين احتراما لنفسه ولمكانته الدينية والسياسية، غير محب للظهور، وكان له دور كبير في تهدئة كل الأطراف في العراق، وبالتالي وصفه بالزنديق والمنحرف والكافر ما كان يليق.
***
محزن جدا أن يكون قادة الرأي الذين يتحكمون بعقول مئات الآلاف، ويمتلكون أفئدة أضعافهم ويشكلون رأي من يستمع إليهم، أن يكونوا من هذه النوعية المتواضعة الفهم، الذين يقتاتون من نشر الجهل والفرقة بين أبناء المجتمع الواحد لأغراض وضيعة في أنفسهم، فمتى نعرف حقيقة هؤلاء، ونمتنع عن الاستماع إليهم، ألا تستحق هذه الأمة رجال دين أفضل من هؤلاء؟ ربما لا هو الجواب..!

أحمد الصراف