سامي النصف

المواطن الأول

أهم الأمور التي يفتقدها البعض منا في الكويت هو التقييم الصحيح والحكيم للأوضاع العامة أو ما يسمى بالإنجليزي «SITUATION AWARENESS» لذا تجد الكثيرين يغضبون من أمور لا تغضب غيرنا من الشعوب كحال تفاعلنا الحاد مع غلطة فرد أو الحنق الشديد بسبب التباينات السياسية المعتادة بين النواب أو بينهم وبين الحكومة.

نقول هذا ونحن نحاول الإجابة عن تساؤل هام يطرح كثيرا هو هل وضعنا الآن أفضل من حالنا قبل أربع سنوات؟! واعتقد بموضوعية تامة أن الإجابة هي «نعم» قاطعة، فعلى مستوى الأسرة والفرد الكويتي ازدادت دخولهم بالزيادات التي أقرت وبالانخفاض العام للأسعار والتوسع في مواد البطاقة التموينية الحكومية إضافة الى إنشاء صندوق المعسرين في وقت يعاني فيه العالم أجمع من تداعيات الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة في التاريخ والتي أودت بدول وحرمت مئات الملايين من مصادر رزقهم.

وفي الفترة ذاتها حازت أربع نساء كويتيات ثقة الناخبين في قفزة حضارية بارزة، كما ارتقى سمو رئيس مجلس الوزراء منصة الاستجواب فأوقف «كرت» ابتزاز كان له أن يوقف، وشهدت البلاد في الأسابيع الماضية حالة هدوء سياسي فريدة ارتاح لها المواطنون، كما تقدمت الحكومة للمرة الأولى بعد ربع قرن ببرنامج تنمية وخطة عمل تقدم بها الشيخ أحمد الفهد كلفتها 37 مليارا استبشرت بها البلاد والعباد، كما أصبح للقانون مخالب وأنياب تمثلت في إزالة التجاوزات على الأراضي العامة للدولة دون تهاون أو مجاملة.

وعلى المستوى السياسي والاقتصادي شهدت البلاد أنشطة القمة الاقتصادية الأولى في تاريخ العرب، ولو بدأ عمل الجامعة العربية عام 1943 بمثل هذا المنحى لكانت الأمة قد قاربت ـ لربما ـ الاتحاد الأوروبي في الإنجاز، كما شهدت الساحة الإقليمية وساطة صاحب السمو الأمير بين الأطراف المتخندقة على المستوى العربي وقد أصبحت تلك الوساطة مرجعية تاريخية للأمة العربية وقد عادت من خلالها الكويت لدورها التاريخي المشهود في إصلاح ما يفسده الخلاف بين الأشقاء.

نذكر ما سبق ونحن نحتفل بمرور 4 أعوام على تسلم صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد مقاليد الحكم، داعين الجميع للتفاؤل، فأوضاعنا العامة وبكل صدق وموضوعية تدعو للسعادة لا التعاسة، وللفرح لا للغضب، والقادم أفضل وأفضل وما نحتاجه هو فقط ألا نخرب زرعنا الأخضر بأيدينا عبر التناحر غير المبرر وضرب أسس وحدتنا الوطنية، الكويت جميلة وهناك الكثير مما يزار فيها، فلنترك الغضب والزعل لمواطني بلدان المجاعات والزلازل والديكتاتوريات، ولنستمتع بالحياة فكل يوم يمر بتعاسة لا تبررها الأوضاع العامة لن يرجع أبدا.

آخر محطة:
يصحّ أن يسمى صاحب السمو بالمواطن أو الموظف الأول حيث يباشر سموه عمله منذ الصباح إلى بعد خروج الموظفين المعتاد ظهرا ويبقى يعمل رغم ما قد يلم بسموه من مرض أو وعكات صحية، فأطال الله في عمره ومنحه الصحة والعافية لخدمة شعبه ووطنه ومبروك على الكويت العيد الرابع.

علي محمود خاجه

… والانسان؟!


أقرت الخطة التنموية في مداولتها الأولى قبل أيام، ولا أعلم أمانة إن كانت تلك هي نفس الخطة التي كتبت شخصياً عنها في أكتوبر الماضي، والتي تضمنت بين طياتها القيام بأنشطة سياحية وبيئية وسفاري، وأنشطة سياحة علاجية أيضاً. وسأكذّب نفسي وأصدق بأن الخطة ستنفذ على أكمل وجه أو على نصف وجه في أسوأ الأحوال، ولكن أين الإنسان من الخطة؟ وكيف يكون لدينا تنمية بلا بناء بشري صلب؟ كيف تبنى الأوطان، والسواعد مكسورة والنفوس مهشمة والعقول مندحرة؟ هل اطلع المخططون والمصوتون لمصلحة المخططين على ما تحمله مناهجنا التي نقضي فيها اثني عشر عاما على أقل تقدير من غضب وكره تجاه الآخر؟ هل عرفوا أن بعض العلوم تحذف والنظريات العلمية الشائعة تلغى لأنها لا تتوافق مع الدين الإسلامي حسبما يفسره البعض؟ وهل يعلم الفرحون بالخطة بأن التربية الوطنية مقرر واحد على مدار الأعوام الاثني عشر؟ لنبتعد عن المناهج وكوارث التعليم، هل يعلم مَن صوّت أن هناك نفوساً كويتية مكسورة من دون ذنب سوى أن الأم ارتبطت بغير كويتي، وهو أمر فرضه واقع أعداد النساء في الكويت مقارنة مع الرجال، فكل 3 كويتيات يقابلهن رجل واحد، فالخيارات هي: العنوسة، أو القبول بأن تكون زوجة ثالثة لكويتي، أو الزواج من غير الكويتي… وعلى الرغم من أن الخيار الثالث هو الأكثر منطقية، فإن ابن هذه الزيجة يعاقب برفض وطنه له حتى إن ترمّلت أمه الكويتية أو طُلقت؟! كيف لنا أن ننمو يا أصحاب التنمية ونحن نعلم أن بيننا من هم في السلطة ويؤمن إيماناً مطلقاً بأن الكويت ليست للكويتيين، بل للشيوخ ومن حولهم ممن يناصرونهم في الصواب والخطأ؟ كيف لنا أن ننتزع حقوقنا فيهم الخصم والتحكيم؟ أولم يتفكر نواب وحكومة التنمية بعبارة «من جد وجد ومن زرع حصد»؟ كيف لنا أن ننمو ونحن نقضي كل حياتنا بالمجان إن أردنا؟ فنولد في مستشفى الحكومة وتُصرف لنا خمسون ديناراً منذ يومنا الأول، فندخل الروضة، ونأكل ونشرب ونلعب مجاناً، وندرس مجانا، لنُـقبل بعد ذلك في وظيفة مكتبية لا يهم فيها الحضور والغياب أو العمل، فنحصل على الأموال من جراء ذلك بل على الامتيازات أحياناً، فنتزوج ونمنح الأموال والمنزل ولو بعد حين، ونعيش كذلك إلى أن تؤخذ الأمانة فندفن مجاناً… فلا قلق ولا خوف من المستقبل حتى إن كنا أقل من غيرنا في المجتمع إلا أننا سنعيش، ومن ثم يطلب منا أن نجتهد لتنمو الكويت؟ لماذا نبحث عن اللقمة الصعبة مادامت اللقمة السهلة في أيدينا؟ لن يتمكن الإنسان لدينا من أن يكون إنساناً أبداً، بل هو مجرد جسد يأكل ويشرب وأحيانا قليلة يفكر في شيء ذي قيمة للمجتمع… لن ننمو ولن تنجح أي تنمية مادام الإنسان متخلفاً. 

سامي النصف

الواجهة البحرية و«المحاكم الاقتصادية»

في طريقي لزيارة معرض السيارات الكلاسيكية الذي اقيم في المارينا شاهدت على شاطئ البدع في السالمية مجموعة اطفال يسبحون بالبحر في شهر يناير، اي عز شتاء اثبتت الاحصاءات انه الادفأ منذ نصف قرن، وفي هذا رد واضح على غير المؤمنين بالعناية بالبيئة والحفاظ عليها.

ومع نهاية شارع البدع وبدء شارع الخليج العربي هناك لوحة تجسد وتمثل بحق تأثير البيروقراطية والحسد الكويتي على وقف عمليات الإعمار والتنمية في البلاد حيث مازال مشروع المبدع محمد السنعوسي يراوح في مكانه في وقت يفترض به ان يكون قد انتهى العمل به واستفاد المواطنون والزائرون من ذلك المشروع الواعد، نرجو سرعة حسم ذلك الخلاف غير المبرر حتى لا يتسبب في اعطاء الكويت سمعة غير طيبة عند المستثمرين الاجانب، كما نرجو سرعة تفعيل مشروع «المحاكم الاقتصادية» المختصة التي يفترض الا تبقى القضايا معلقة في دهاليزها الا اياما او اسابيع قليلة.

وصلت لمعرض السيارات الكلاسيكية الذي يفوق مجموع اثمانها المائة مليون دولار، وقاد ساعد دفء الجو على اضافة مزيد من المتعة على المعرض، وقد رافقني مشكورا د.طارق الريس مدير عام المشروع في جولة معلوماتية مفيدة، وقد وددت لو اضيف لكل لوحة تعريف كثير من المعلومات الوافية عن السيارة حيث لا يستطيع د.طارق وبعض المنظمين الآخرين تزويد كل الزائرين بتلك المعلومات القيمة، كما نرجو ان يقام متحف دائم لتلك السيارات التي تحظى بقبول كبير من الجمهور ويزورها كثير من السائحين.

وفي هذا السياق اخبرني احد الشباب بأنهم يقومون كل عام بتأجير ارض الفورمولا بالبحرين ثم يستضيفون الشباب الكويتي للتدرب على السباقات فيها، نرجو ان «تتبحبح» الدولة في أراضيها العامة والا يحوجوا شبابنا للسفر لممارسة هواية سباق السيارات، ومثل ذلك الحاجة لتخصيص اراض في مختلف مناطق البلاد وفتح ملاعب مدارس وزارة التربية لاستعمالها كملاعب كرة قدم حيث يضطر كثير من الشباب لتأجير ملاعب خاصة في ساعات الفجر الاولى للعب عليها لكثرة الطلب وندرة العرض في وقت نعلم فيه ان 90% من اراضي الدولة غير مستغلة!

آخر محطة:
واجهة الكويت البحرية التي يزورها الملايين من المواطنين والمقيمين كل عام هي وبحق واجهة شديدة الجمال والابهار ويمكن مقارنتها بأجمل واجهات العالم الاخرى وقد نحتاج العمارات المطلة على شارع الخليج للسماح لها بوضع لوحات اعلانات تجارية ضخمة بالنيون تجعل الواجهة مضيئة مساء كحال خليج هونغ كونغ او شارع «البرودواي» في نيويورك.

 

احمد الصراف

72 ألف شلوت

كنت في جلسة مسائية مع صديق عندما رن جرس الهاتف وكان المتحدث مديرا شابا في أحد المصارف طالبا مقابلتي، ولعدم حاجتي الى سماع شيء منه، فقد تعللت بأنني في بيت صديق ومشغول بحديث خاص، فقال ان مقابلته ستكون لخمس دقائق فقط، ووجود صديق سيساعد في الأمر، وعندما حضر دخل في الموضوع مباشرة، حيث عرض علينا فرصة لربح نصف مليون دينار بسهولة من خلال فكرة بسيطة، فبإمكان كل واحد منا اقتراض مبلغ خمسين ألف دينار من البنك بكفالة الآخر، أو بضمان حساباته الأخرى مع البنك، ثم حفظ مبلغ القرض في حساب وديعة والقيام مقابلها بضمان قرض فرد آخر من العائلة، وهكذا نحصل في نهاية الأمر على عشرة قروض، بعدد أفراد عائلتينا، يبلغ مجموعها نصف مليون دينار، وحيث أن مجلس الأمة يسعى جاهدا لالغاء كل قروض المواطنين، وأن عضوا بارزا في المجلس أكد له أن القروض ساقطة ساقطة، فان من المجدي المخاطرة ببعض الفوائد، في حال عدم الموافقة على القانون، وان لم يحدث ذلك حصلنا على ما يعادل مليون وثمانمائة ألف دولار اميركي……. ببلاش!
قلت للمدير ان أول وآخر قرض تورطت في اقتراضه كان عام 1965، وقمت بسداده قبل موعده، وبذلت جهدا خلال ما يقارب نصف القرن في المحافظة على سمعتي، وبالتالي لست في وارد تقبل عرضه بالرغم من كل جوانبه المغرية، خصوصا لمن عرف ومارس المغامرة المالية طوال حياته. فلا أخلاقية القرض والعرض واضحة وتتضمن نهباً للمال العام، وضميري، الذي يصفه سفهاء والبعض من الساسة، بأنه غير سوي، لا يرضى بالموافقة على مثل هذا العرض، وأن ما نشرته «القبس» على صفحتها الأولى أمس الاول عن وجود 72 ألف حالة ضبط واحضار بحق مقترضين يجب ألا يلام عليها من تقاعس في استدعاء هؤلاء وضبطهم، ولا من اقترض من هؤلاء واسترخص مال الدولة العام، بل يجب أن تكون درسا لكل من سولت له نفسه المريضة استغلال ضعف النفوس للتربح سياسيا من مثل هذه القضايا، وبالتالي على جميع المقترضين الذين غرر بهم نوابهم عدم الاكتفاء بعدم انتخابهم مرة ثانية بل بالاتفاق على صفعهم بـ 72 ألف صفعة بسبب تغريرهم بهم وسعيهم لسرقة أموال أبنائنا وأحفادنا التي سيكون الجميع بأمس الحاجة اليها عندما ينتهي نفط «الوطن»…… وليس ذلك ببعيد!!

أحمد الصراف

سامي النصف

نجاد ونجد

المنطقة متوترة ومتضررة بسبب تشدد الرئيس نجاد السياسي، وتطرف بعض علماء نجد غير الرسميين الديني، وبعد الطرفين عن حقائق الحياة وفقه الواقع وتأثير اقوالهم وافعالهم على وحدة الاوطان الخليجية والعربية والاسلامية وانشغال شعوبنا بالتبعية بالازمات والاشكالات السياسية والامنية والاقتصادية مما يعرقل نموها وتطورها.

فمن شمال لبنان الى صعدة وشمال البصرة فشمال باكستان وجنوب طهران وشرق افغانستان، تستغل المشاعر الاسلامية لبسطاء الناس أسوأ استغلال من قبل المتشددين سياسيا والمتطرفين دينيا من كل المذاهب والملل حتى بتنا نشك في أنهم ينسقون فيما بينهم رغم ادعائهم العداء الظاهر، حيث انهم الكاسب الاكبر والمستفيد الاول من تخندق شعوبنا وغياب العقل عن حكمائنا مما قد يتسبب بالتبعية في انشطار اوطاننا.

والملاحظ ان القاسم المشترك في الحروب الاهلية التي اشعلها قتلة الزرقاوي وميليشيات مقتدى الصدر وجماعة فتح الاسلام وقبائل الحوثيين وغيرهم، انها معارك لا امل لهم بالنصر فيها، بل تسوق ويغرى بها الغر الصغار ممن يعانون من الجهل والفقر وشظف العيش عبر اقناعهم بأنها الطريق الاقصر للتخلص من عذاب الدنيا الزائلة والتمتع بجنات الخلد الباقية، لذا نجدهم يتسابقون في الاغلب للموت دون ان يسألوا قياداتهم عن سبب هروبهم او اختفائهم، وهو ما يطيل من امد تلك الحروب والمعاناة المصاحبة لها رغم نتائجها المحسومة والمعلومة سلفا.

وقد شغلت الكويت قبل مدة قصيرة بإشكالين سياسيين تسبب فيهما كل من السيد الفالي والشيخ العريفي، وقد تابعت بعض ما قالاه فلم ار صحة فيما طرحاه، فالسيد الفالي على سبيل المثال تحدث في احد لقاءاته عن مدينة «فاطمة» البرتغالية التي زرتها واعرف تاريخها تماما، وقد جانبه الصواب والصحة فيما قال، كما تابعت لقاء المسيحي «جورج» ضمن برنامج د.العريفي وقد احرجه وأفحمه الشيخ بالاسئلة والمعلومات ردا على مداخلته الهاتفية والتي انهاها المتصل جورج بمقولة «جزاك الله كل خير يا شيخ»، فانكشف الملعوب، فكيف نصدق بعد ذلك من لا يصدق في قوله او عمله وكيف نقبل من يفشي دعاوى الكراهية بيننا ويتسبب في أزماتنا السياسية الطاحنة؟!

آخر محطة: 1 ـ لينظر بعض نوابنا وكتابنا الافاضل لخارطة الكويت وموقعها الجغرافي حيث يحدنا اهلنا السنة جنوبا وغربا واهلنا الشيعة شمالا وشرقا، فأين الحكمة في اساءة علاقتنا بأي طرف منهما؟! لست أدري.

2 ـ على «اليوتيوب» مكالمة مسجلة لمتشدد اسلامي كويتي مع سفير دولة عربية في الكويت تدور على ارضها حرب اهلية هذه الايام، ضمن التسجيل كلام خطير حيث يدعي المتشدد سهولة اختراق حدود الكويت بالمال! كما يبلغ السفير بأن جماعة القاعدة ستصعد ضد بلده، السؤال: بأي صفة يتحدث المتشدد وكيف علم بتصعيد العمليات القادم لذلك البلد الشقيق؟!

احمد الصراف

البريعصي والروبوت

تمتاز السحالي (وبالذات البريعصي) بقدرتها على السير على الجدران والأسقف بأنواعها، من دون أن تتعرض للسقوط. وقد حيرت هذه الخاصية العلماء لسنوات طويلة إلى أن اكتشف العلم أخيرا أن لدى السحالي قدرة التفاعل الذري مع السطح الذي تزحف أو تسير عليه، حيث توجد في أرجلها ذرات بالغة الصغر تمكنها من التفاعل مع ذرات السطح الذي تسير عليه، من دون استخدام أي مواد لاصقة أو خاصة، وهذه الخاصة اللاصقة، إن صح التعبير، تمكنها من السير على أي سطح بكل سهولة وسرعة.
وفي جانب آخر، نجح علماء دول العالم المتقدم، واليابان على الأخص، في نصف القرن الماضي في تطوير طريقة عمل «الروبوت» أو الإنسان الآلي الذي بإمكانه أداء مختلف الوظائف والأعمال الميكانيكية المعقدة من دون تدخل بشري. وفي المجال ذاته نجح مهندسون علماء من جامعة «ديفيد بن غورين» في إسرائيل في صنع جهاز بإمكانه السير على الحوائط والجدران بأنواعها، وتسلقها من دون مخالب أو مواد لاصقة أو حتى بخاصية التفريغ الهوائي. وقد أبدى الجيش الإسرائيلي اهتماما شديدا بهذا الاختراع الجديد، وغير المسبوق، والذي سيساعده في القيام بعمليات عسكرية متعددة كان يصعب عليه حتى تخيل أدائها في الماضي.
أما في بلداننا، فلا تزال القواعد العسكرية لكثير منها تحتوي على صناديق أسلحة تقليدية كثيرة، وقطع غيار غير لازمة، تم شراؤها بقوت الشعوب المغلوبة على أمرها، وتم قبض عمولاتها، وستبقى كذلك إلى أن تتحول إلى قطع أثرية، وهنا سيتلقفها يوسف العميري في يوم ما لكي يستخدمها في تعبئة متحفه، أو بيته الكويتي العائلي الوطني!
يحدث ذلك في إسرائيل، أما في جانبنا فنحن لا نزال على خلاف على قضية بناء الجدار الحديدي الحاجز، الظاهر منه والمدفون، بين قطاع غزة ومصر، وهل نعزز بناءه أم نقاومه ونزيله؟ علما بأن بناءه سيمنع حتى سحالي غزة من دخول مصر…إلا بإذنها!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

البضائع الرخيصة المجانية:فضائح السنة والشيعة (3)

 

من خلال التواصل مع القراء الكرام، عبرالسيل الكبير من الاتصالات الهاتفية أو اللقاءات، حتى العابرة أو اللحظية منها، التي تمحورت بشأن موضوع “البضائع المجانية الرخيصة”، يمكن أن نكتشف تلك النفسية البحرينية والإسلامية الحقيقية التي ترفض العبث بالعلاقات بين أبناء المجتمع بمختلف طوائفهم، على أيدي مثيري الفتن المتفننون في بث السموم والجراثيم عبر اليوتيوب خصوصا، والمواقع الإلكترونية عموما.

ولعلني شخصيا، أكن كل الاحترام والتقدير للقراء الكرام، من الطائفتين الكريمتين، الذين لم يألوا جهدا في التحدث معي مباشرة أو الالتقاء بي هنا وهناك وهم يجمعون على أن مثل تلك البضائع التي تملأ الدكاكين الطائفية كثيرة، ولكنها، إنصافا تصدر من العابثين والمؤدلجين من أبناء الطائفتين، وإن بدرجات متفاوتة، ولا يمكن تبرئة أي طرف يأتي بذات الفعل، خصوصا وأنه ليس فعلا وعظيا أو إنسانيا أو أخويا صادقا، فتبقى مقاطع التكفير والدعوات للقتل ونشر العداوة والبغضاء والتناحر والتخويف والتخوين والتشكيك في الولاء والانتماء والاستهزاء بالمعتقدات، هي السلع الأكثر انتشارا، ولها زبائنها، لكنهم لا يختلفون إطلاقا عن زبائن الدكاكين النتنة وبيوت الخسّة.

المهم، أن الصورة المشرفة التي وقفت عليها شخصيا، وهي مكنونة لديّ من قبل، هي أن أصحاب الضمائر الحية والنفوس المطمئنة، من السنة والشيعة، لا يرتضون بمثل هذه البضائع الكريهة، انطلاقا من احترام معتقدات كل البشر، ولهذا، اختتمت عمود يوم الخميس الماضي بهذا التساؤل :”لماذا؟ وما هي أسباب ودوافع هذه الخطابات؟”، ولعلني أجيب عليه باختصار.

وقبل أن أجيب، اطلعت على أحد المواقع الإلكترونية الطائفية الشهيرة، وهو ليس موقعا بحرينيا على أي حال، ووجدت فيها نقاشا بشأن ما كتبته في الحلقتين الماضيتين، ووجدت ولله الحمد، أن هناك من اعترف بأنه عمل وسعى واجتهد لإصدار نماذج من المقاطع والأعمال التي تثير العداوة بين أبناء الأمة الإسلامية، وانتبه في لحظة من اللحظات بأن ما يفعله أمر خطير، ومع صحوة الضمير، يأتي الاعتراف (الفاضل) بأن لكل مسلم الحق في اتباع المذهب الذي يرتضيه، وأن أي ممارسات سيئة بغيضة تكفيرية أو عدائية، لا يمكن أن تنسب إلى المذهبين الكريمين، إنما تنسب إلى المرضى من المنحرفين عن الخط القويم.

ولذلك أجيب بالقول أن الأسباب والدوافع ليست صادقة النية في الدفاع عن الدين كما يبرر تجّار تلك البضائع الوضيعة، إنما هناك، وببساطة، من يدفع الأموال الطائلة ويخصص المواقع والمراكز المجهزة، ويستخدم في العمل فئة من الشباب المتطرفين ذوي الأدمغة المغسولة، ويدفع لهم الأعطيات الكبيرة والهدايا ويبارك عملهم، ويمزج تلك النوايا بشعارات القتل والنيل من الإسلام، فيما يشرب رؤوس الفتنة من مشايخ التشدد والتطرف نخب الانتصار فرحين بما يشاهدون، لكنهم يستاءون حينما يجدون أن هناك مدّا كبيرا من المخلصين، يتصدون لفضح تلك البضائع.

في إمكان الأجهزة الحكومية المختصة في كل الدول العربية والإسلامية، إن كانت تؤمن بمبدأ استقرار أوطانها، أن تترصد لمثل أولئك التجار، وكما كان متاحا منح المواقع الإباحية النجسة، بالإمكان أيضا التصدي لمثل هذه النجاسات، لكن هل من قرار؟

سامي النصف

د.العريفي والسيد السيستاني

نتفهم ان ينتقد د.محمد عبدالرحمن العريفي جماعة الحوثيين المنشقة، فبلده ومعه اليمن في حرب معهم، وهم لا يختلفون كثيرا عن جماعة فتح الاسلام المتشددة التي قاتلها الجيش اللبناني حتى اخضعها لسلطة الدولة، ما لا يقبل من د.العريفي هو ان يتسبب في ضرب الوحدة الوطنية للمملكة العربية السعودية عبر تعديه غير المبرر على الشيعة من امامية وزيدية واسماعيلية وهم من تدور رحى الحرب في مناطقهم، فهل في ذلك تقوية للمملكة ام إضعاف لها؟!

كما انه ليس مقبولا على الاطلاق التعدي على احد كبار رجال الدين المسلمين كحال السيد علي السيستاني ممن اشتهر بالتسامح والطيبة ودعمه القوي للوحدة الوطنية في العراق والتآخي بين السنة والشيعة، ورفضه القاطع عبر فتاواه لدعاوى الفتنة والاقتتال الطائفي، حيث اصدر جملة فتاوى عقب تفجير مرقدي الامامين العسكريين في سامراء رفض خلالها التعدي على السنة ومساجدهم كوسيلة للانتقام، وقال ان عدم الانتقام يمتد حتى لو تم التعدي عليه شخصيا، فهل بعد ذلك التسامح تسامح؟!

كما اصدر قبل ذلك فتوى ردا على سؤال عن جواز اقتحام مساجد السنة وطرد ائمة الجماعة منها بالقول نصا «هذا العمل مرفوض تماما ولابد من رفع التجاوز وتوفير الحماية لامام الجماعة واعادته الى مسجده معززا مكرما»، كما وقف موقفا مشرفا من مقتل الشيخ خالد السعدون امام مسجد اسامة بن زيد في الزبير، واصدر فتوى بتحريم مثل تلك التعديات حتى اسماه بعض السنة «ابا العراق».

كما رفض في فتاواه قتل منضوي حزب البعث او الاجهزة الامنية السابقة وكاتبي التقارير ضد المؤمنين، كما اتى في احد الاسئلة، وطالب بتسليمهم للاجهزة المعنية، ورفض تعليق صوره على المباني وافتى بحرمة حيازة الآثار المسروقة، وطالب باعادتها للمتحف الوطني، كما حث على تحاب وتواد العراقيين من كل الاديان والطوائف حفاظا على الوطن، فهل يستحق من يقوم بتلك الاعمال الجليلة التي تخدم كل المسلمين الشكر والمدح أم الذم والقدح؟!

يتبقى ان علينا في الكويت ان نضع «مسطرة واحدة» للتعامل مع من يتعدى على عقائد الآخرين، فإما رفض دخولهم جميعا دون ضجة او افتعال ازمة سياسية كوسيلة لردعهم املا ان تشاركنا الدول الاخرى ذلك الفعل الحافظ للوحدة الوطنية في بلداننا، او ان نسمح بدخولهم جميعا مع اعطاء الفرصة لمن لا يتفق معهم بمناظرتهم وانتقادهم في الصحافة ووسائل الاعلام.

آخر محطة:
 
1 ـ العزاء الحار لآل المرزوق الكرام بوفاة المغفور له صلاح المرزوق، فللفقيد الرحمة والمغفرة ولاهله وذويه الصبر والسلوان.

2 ـ العزاء الحار للصديق العزيز د.عبدالعزيز الفايز سفير المملكة العربية السعودية في الكويت بوفاة المغفور له خاله عبدالله الصالح، فللفقيد الرحمة والمغفرة ولاهله وذويه الصبر والسلوان.

3 ـ واطال الله في عمر الزميل د.احمد البغدادي الذي أعتقد ان وصيته التي نشرت كمقالة هي قضية خاصة تم نشرها بـ «الخطأ»، حيث ان وصايا المثقفين توجه عادة للامة قاطبة ولا تعكس توصيات شخصية كحال الافراد العاديين.

4 ـ دعوة لزيارة مدينة الاحمدي في المساء حيث يذهل الزائر من معالم الزينة الرائعة لتلك المدينة التاريخية، فالشكر الجزيل لمحافظها الشيخ د.ابراهيم الدعيج ولمؤسسة البترول ولشركة نفط الكويت المحدودة.

احمد الصراف

الوحدة الدينية النفعية

ابتسمتُ وأنا أقرأ بداية تصريح رجل الدين راضي حبيب في «الوطن» الاسبوع الماضي، الذي استنكر فيه قيام النائب رولا دشتي برفع دعوى قضائية ضد زميلها سعدون حماد العتيبي! واتسعت ابتسامتي اكثر ومعها نظراتي وانا اقرأ كلامه بان النائب رولا كانت تحض ناخباتها في ندواتها الانتخابية لمجلس الامة، على المشاركة السياسية والتعبير عن آرائهن بحرية تطبيقا لمواد الدستور، ولكنها عادت الآن وناقضت نفسها برفع دعوى على النائب سعدون حماد الذي اختلف معها في الرأي(!!).
وعند قراءة الفقرة الاخيرة من التصريح لم أتمالك نفسي من القهقهة بصوت عال عندما وصلت الى الفقرة التي «أكد» فيها الشيخ راضي ان النائب سعدون حماد «معروف بحرصه الشديد وتفانيه في حفظ الاموال العامة»! وانه لا يلام على كشف الحقائق عن الوضع السيئ الذي تمر به الدولة، وما تمثله جهوده من تحقيق لمطالب «الشعب» والدستور والمحافظة على ممتلكات الدولة وحمايتها من العبث!
لا ادري، كيف وصف الشيخ راضي اتهام النائب سعدون حماد لزميلته رولا دشتي باقتراض، او لهف 50 مليون دينار من البنك الصناعي، بانه مجرد اختلاف في الرأي ووجهات النظر، ولا ادري على ماذا اعتمد؟ وهل سيعتبر مثلا اعتدائي اللفظي عليه، او القول مثلا بانه مدفوع من سعدون حماد لقول هذا الكلام بحق زميلة ايضا مجرد اختلاف في الرأي، ام انه سيفكر في الاعتراض قضائيا؟
نعترف هنا بان من الصعب -تحت الظروف الحالية- السير خطوة واحدة في طريق علمنة الدولة، او ان تكون لنا القدرة على قطع الحبل السري الذي يربط «المؤسسات الدينية» باطراف متنفذة في الحكومة، كما اننا نفتقد القدرة على التخفيف من نفوذ رجال الدين، والسياسيين والمتشددين منهم بالذات، في تسيير امور الدولة بغير الكتابة، وبالتالي فكل احلامنا وامانينا صعبة التحقق والمنال، في الوقت الحاضر على الاقل، ولكن ألا يحق لنا وألا تستحق هذه الامة رجال دين من نوعية افضل واحسن؟ وهل «كتب علينا» ان نعاني من مثل هذه العقليات الى الابد؟ وبعدين «كجا مرحبا» الشيخ راضي حبيب بمسألة الدفاع عن سعدون حماد.. بالذات؟ هل في الامر وحدة نفعية بعد ان سقطت الوحدة الوطنية بالضربة القاضية؟

أحمد الصراف

احمد الصراف

قراءة في الزمن الجميل

خرج المواطن (..) وزوجته من حفل دبلوماسي، وبسبب زيادة ما تناوله من مشروبات، فقد شعر بأنه غير قادر على قيادة سيارته بطريقة سليمة، ولعدم معرفة زوجته بالقيادة قرر الوقوف بجانب الطريق لبعض الوقت، وما هي إلا لحظات حتى وقفت دورية شرطة وسأله العسكري عن سبب توقفه، وعندما عرفه طلب منه -باحترام كبير- التنحي عن مقعد القيادة، واشار الى زميله بان يتبعهم، وقاد الشرطي السيارة حتى بيت المواطن في العديلية، وودعه من دون ان يكلف نفسه حتى طلب أوراق ثبوتية منه!
حدث ذلك في نهاية ثمانينات القرن الماضي، اي قبل اقل من 20 عاماً، وعلى الرغم من قصر المدة، فان من الصعب تصور حجم الانقلاب الكبير الذي اكتسح حياتنا في زمن «الصحوة»، التي سادت المجتمع، فمن الصعب حتى تخيل صدور مثل هذا التصرف الراقي الآن من غالبية شرطتنا، كما ان احصائيات الجرائم الكبيرة، والاخلاقية بالذات، تبين اننا ابعد ما نكون عن الاستقامة التي سبق ان عرف بها الكويتي، بعد ان تغيرت التركيبة والعقلية في الكثير من مراكز اتخاذ القرار، وربما تكون اجراءات إلقاء القبض على المواطن محمد الجويهل -التي تخللها «اقتحام» الطائرة وتصفيده امام الجميع واقتياده كالمجرم الخطر، وسط خوف وهلع الركاب واستنكارهم من كم العنف الذي استخدم معه- دليلا على نوعية «السلوك» الذي اصبح مسيطرا على المناط بهم حفظ الأمن.
وبهذه المناسبة، ورد في مقال للكاتب العراقي أحمد الحبوبي ان النائبة مها الدوري طالبت حكومتها بان تحذو حذو محافظة البصرة وتمنع تناول الخمر في العراق جميعه، وقد سخر الكاتب من طلبها قائلا انه يأتي بعد انتهاء مشاكل العراق، واصبح الماء وفيرا والكهرباء مستمرة والأمن مستتبا والشوارع «مبلطة» والمدارس مفتوحة، والاقتصاد مزدهرا والاتصالات والمواصلات ممتازة، وبعد ان ضمنوا للجميع حياة هانئة، وبالتالي لم يبق للسلطات الا الانشغال بارسال الناس الى الجنة من خلال منع بيع الخمور، متناسين انه حيثما منع الخمر وجد العقل البشري بطريقة بديلة وفعالة للالتفاف على القرار، اما بتهريبه او صنعه «محلياً»، او بايجاد طرق اكثر كلفة وخطرا، والامثلة من الدول المجاورة للعراق اكثر من ان تحصى، ففيها يمنع تعاطي المشروبات، ولكن تنتشر فيها المخدرات وحبوب الهلوسة السهلة التهريب! وقال الكاتب ان العراق، منذ الدولة الاموية وحتى اليوم، كانت فيه مشروبات روحية، ولم يسمع قط ان شخصا خرج من حانة لينفد عملية ارهابية يقتل فيها المئات. وينهي الكاتب مقاله بالقسم بانه ليس ضد الدين، ولكن هكذا كانت الحال في العراق، وليس هناك ما يثبت انه سيصبح احسن ان منع الخمر فيه، وان الوضع الأمني الهش والحدود المستباحة وتفشي الرشوة في كل مفاصل الدولة وسعي مافيا المخدرات لفتح اسواق جديدة تفرض على السلطات تجنيب قواها الامنية حملا ثقيلاً لا تحتمله!
ولو نظرنا لحالنا في الكويت، منذ تطبيق قانون حظر المشروبات في ستينات القرن الماضي، لوجدنا ان جميع القوانين والاجراءات المتخذة من السلطة لم تُجْد. نفعا في منع دخولها البلاد وتوافرها لمن شاء بسهولة نسبية، وان الفرق كان في السعر المرتفع لمصلحة المهرب، المتنفذ عادة! اضافة الى ما نتج عن المنع من زيادة هائلة في استهلاك المخدرات وحبوب الهلوسة وارتفاع عدد ضحاياها، فهل هناك من يريد ان يفهم..؟!

أحمد الصراف