احمد الصراف

الدولة الدينية القبلية

عدد من يستحق التقدير والاحترام بين كبار ضباط وزارة الداخلية ليس بالكبير، وليس في الأمر غرابة، فالكويت من دول العالم المتخلف، وهذه سمة من سمات هذه الدول، فالضابط فيها يمتلك البقالات وصالونات الحلاقة ويضارب في بورصة الأسهم ويتاجر في الإقامات ويستخرج رخص القيادة «للمحتاجين» مقابل رشوة، وأحيانا كثيرة يُقبض عليه متلبسا بجريمة أو بأخرى، ولا يُلام هؤلاء على ضعفهم بقدر ما يلام النظام القبلي والديني الذي أصبح يلفنا بعباءته الخشنة من كل جانب.
يعتبر الفريق أحمد الرجيب، وكيل وزارة الداخلية، من القلة التي تحظى بالتقدير والاحترام، وبالرغم من أن تصريحه الأخير، الذي سنأتي على ذكره لاحقا، بيّن مدى ما يشعر به من ضعف، فإنه أظهر أيضا حقيقة معدنه ورفضه للطريقة التي يدار بها الكثير من الأمور في الوزارة، وإيمانه بدولة القانون وضرورة اتباع القيادات الأمنية لكافة الإجراءات القانونية قبل دهم أي بيت أو حفل خاص.
ففي انتقاد لاذع يندر صدوره عن وكيل الداخلية، قال الفريق الرجيب إن على مديري الأمن الامتناع عن القيام بأعمال لا تدخل في صلب اختصاصهم، كمداهمة أوكار مشبوهة أو اقتحام حفلات خاصة بحجة وجود أفراد من الجنس الثالث فيها، وكل ذلك بناء على وشايات أو شبه تعليمات من نواب! وقال، وهذا مصدر اعتراضنا على تصريحه، ان هذه التدخلات في شؤون الناس غير المدعومة ببلاغات رسمية أو بأوامر قضائية تضعف موقف الوزارة ضد مرتكبي الجرائم وستبرئهم مستقبلا، وإن كانوا غير ذلك، وقد ينتج عنها ايضا رفع قضايا تعويض على الوزارة!!
وبالرغم من وضوح تصريح الوكيل الرجيب، فإنه أغفل أمرا أساسيا، فقد كان حريا به، وهو المسؤول المتمرس، لفت نظر قادة الأمن الى واجب الالتزام بالدستور وقوانين البلاد. فدعم موقف الوزارة أمر مهم، ولكن احترام خصوصيات الأفراد، من مواطنين ومقيمين، شيء أكثر أهمية، وهذا ما يجب أن يعيه رجل الأمن ويعمل حسابه لا ان يخاف من دفع تعويض مادي للمتضرر نتيجة خطأ في الإجراءات.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا يتعلق بالسبب الذي يجعل وكيل الداخلية يصرح بمثل هذا التصريح، «المخملي» نسبيا، بشأن مخالفات دستورية صدرت عن ضباط كبار لم يكن من المفترض ارتكابهم لها، ولماذا أطلق الفريق الرجيب تصريحه علنا، ولماذا لم يقم بإحالة واحد على الأقل من هؤلاء الضباط للمحكمة العسكرية، أو تجميده ونقله لإدارة غير تنفيذية؟
نعتقد بأن علانية التصريح، الذي تضمن اتهامات خطيرة لضباط كبار، مقصودة، وأن في الأمر شيئا ما، وأن الكيل ربما طفح بالوكيل، بحيث رأى أن من الضروري نقل الخلاف للعلن. وبيّن تصريحه أن من يدير الوزارة أمنيا ليس الوكيل الحريص على عدم تعريضها لما هي في غنى عنه، بل جهة أخرى! وبيّن ايضا أن كل ما يقال عن الدولة المدنية والدستورية أمر غير صحيح، فقد تحولنا منذ عقود لدولة «دينية قبلية» تدير الأجهزة الأمنية من خلال شبكة علاقات شخصية لا من خلال إجراءات قانونية ومواد دستورية، فهذا آخر ما تؤمن به.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

حراس بلدية المنامة… الكر والفر

 

أكثر ما يجعل المتابع لمطالب مجموعة من حراس أمن بلدية العاصمة الوظيفية يشعر بالاستغراب، هو عدم اكتراث المسئولين، لا بوزارة شئون البلديات والزراعة، ولا ببلدية العاصمة بالنظر في مطالبهم بشكل جدي، وبالتالي، التوافق على حل جذري للإشكال القائم بدلا من تبادل التصريح والتصريح الصحافي المضاد، وكأن أولئك الحراس يؤذنون في مالطة، مع يقينهم بأن وزير شئون البلديات والزراعة جمعة أحمد الكعبي تابع الكثير من التفاصيل وتفهم الوضع.

وإذا سنحت الفرصة لحراس الأمن ببلدية العاصمة للالتقاء بالوزير مجددا، فإنه سيكون اللقاء الثاني، ولا أحد يستطيع الجزم بأن هناك حلولا جذرية لمجموعة منهم لايزالون يجأرون بالشكوى من حرمانهم من الترقي والحصول على الدرجات التي يستحقونها دون القفز عليهم والإصرار على وضع المبررات والمسوغات التي تمثل مانعا بينهم وبين الهدف الذي يسعون إليه، وعلى ما يبدو أن هناك حالة من الصراع الخفي بينهم وبين عدد من المسئولين كان المحرك لتنظيم اعتصام ولقاءات متكررة ووساطات وشكاوى في الصحافة، قابلته حالة من التحدي لأن تبقى تلك المجموعة على حالها مهما فعلت، ولا أدري حقيقة، لماذا لا يتم وضع حد لهذه المشكلة؟ ولماذا لا يتم الجلوس مع الحراس في جلسة مكاشفة يقدم فيها كل طرف ما لديه بكل جرأة؟

فإن كان الحراس هم المدانون وهم المقصرون وهم الذين لا يستحقون الترقية وهم المتسببون في المشاكل، فلتلقى في وجوههم التهم مباشرة، وإذا كانوا غير ذلك، فما المانع من إنصافهم بدل الكر والفر؟ ولننظر إلى ما نشرته الصحافة خلال الأسبوع الماضي فيما يتعلق بشكوى الحراس، وجاء فيما جاء أنهم يرفضون الاستهزاء والمماطلة والتمطيط في تحقيق حقوقهم الوظيفية، مطالبين الوزير بالتدخل لإنهاء المشكلة وخصوصا أن الوزير اطلع على تفاصيل المشكلة منذ طرحها لأول مرة في العام 2007، متسائلين عن المعايير التي على أساسها تتم الترقيات.

بعدها مباشرة، وفي يوم الخميس الماضي، جاء رد بلدية المنامة بالقول «إن البلدية تقوم بشكل مستمر بترقية الموظفين وفق الشواغر الوظيفية المتاحة، وبحسب الهيكل التنظيمي المعتمد لحراس الأمن، إذ إن نظام الترقيات يأتي وفق أنظمة وقانون ديوان الخدمة المدنية»، وهذا رد عام، حتى بالقول إن هناك توجيهات لدراسة أوضاع حراس الأمن والاهتمام بأصحاب الكفاءات والخبرات الموجودة، لكن ليس واضحا في الرد، هل هؤلاء مستحقون أم لا؟ وبالتالي، لم يقدم الرد إجابات على ما طرحه الحراس، منها على الأقل نفي ما قالوه من أن هناك مماطلة وتمطيطا.

إذا كانت المسألة مسألة تعامل بندية فهذا خطأ جسيم! وإذا كانت هناك أمور (خفية) لا تود البلدية إعلانها، فإنها بذلك لن تحل المشكلة، ومنها ما يعتقده البعض أنها خطوات تسبق (خصخصة) هذا القطاع… ومع الاحترام للمسئولين والحراس على حد سواء، إلا أن الأوان مناسب للتحدث بصراحة وجها لوجه، دون مواراة، فما المانع في ذلك؟

سامي النصف

الولاء للكويت لا لبنكها المركزي

الكويت بلد صغير له مصلحة مباشرة في أن يستضيف على أرضه بشكل دائم الكم الأكبر من المنظمات الخليجية والعربية والآسيوية والإسلامية والدولية، وهو أمر قائم بالفعل عبر ما نراه من منح الدولة لأراض والقيام ببناء مقرات عربية للمدن والتخطيط والتنمية الاقتصادية ورعاية الطفولة وغيرها من عمليات استضافة وتوطين ناجحة.

وعليه فما الخطأ في منح الدولة أرضا لإقامة مقر للمجلس الأولمبي الآسيوي الذي يمثل أكبر قارة في العالم تضم 53 دولة (ربع دول العالم) و4 مليارات نسمة (أكثر من نصف سكان العالم)؟! وللمعلومة وجود مشاريع تجارية ومكاتب ضمن المشروع لتمويله بدلا من ان يموله المال العام أمر يجب ان يقتدى به لا أن يحارب.

يفرح البعض بكل فشل يصيب مشاريعنا الكبرى ويحزن بشدة لكل نجاح في تلك المشاريع بينما تفرض المواطنة الحقة المتباكى عليها ان نفرح لنجاح مشاريعنا ونحزن لفشلها، ومن ذلك فلقد سررنا بالمؤتمر الصحافي الذي عقد بالأمس وأظهر حقيقة ان ستاد جابر الأحمد قد أنشئ طبقا لأحدث المواصفات الدولية وانه لا يعاني، كما أشيع، من هبوط أرضية الملعب او تصدع مدرجاته، كما لم تزد كلفته الإجمالية على كلفة «صيانة» ستاد آخر في احدى الدول الشقيقة، على شركاتنا الخاصة ان تبتعد عن نهج وزاراتنا العتيد المؤمنة بأن «الصمت حكمة» و«السكوت من ذهب» وان تفعّل إدارات الإعلام والعلاقات العامة فيها.

كلنا وبقوة مع زيادة دخل الأسرة الكويتية وتنمية مدخراتها إلا ان غير المقبول هو الدفع بعملية الاكتتاب العام في كل مشروع جديد لا يعلم احد ان كان سيربح ام سيخسر، فـ «الكويتية»، على سبيل المثال، والتي يفترض ان يتم الاكتتاب بـ 50% من ملكيتها، لاتزال تخسر مئات ملايين الدولارات كل عام وتلك الخسارة تمتد لشركات الطيران الخاصة في البلد رغم انها غير مكبلة بالعمالة الفائضة وتعمل على خطوط اقتصادية قصيرة بطائرات حديثة، الخوف هو من «مناحة» جديدة شبيهة بمناحة القروض بعد عام او عامين ومن ثم اتهام الجهات الرسمية بأنها من سوقت وخدعت المكتتبين في تلك الاكتتابات العامة «ويللا» عوضونا ـ من تاني ـ عن خسائرنا!

في هذا السياق، هناك من يلوم البنك المركزي وينتقده بشدة في «قميص عثمان» القروض إلا ان هذا البعض ذاته من كتاب ونواب يظهر الولاء الشديد للبنك المركزي وما يطبعه من دنانير ونقود في وقت يفترض فيه ان يكون الولاء خالصا للكويت، حيث يجب ان يتوقف السيل الجارف من المقترحات المالية المدغدغة التي تدمر حاضرها ومستقبلها.

آخر محطة:

(1) «قد» نفهم ان يكون هناك مقترح منحة مالية قدرها 10 آلاف دينار «كبديل» لإسقاط القروض او فوائدها، ما لا نفهمه على الإطلاق هو ان «يضاف» المبلغ للكلفة الباهظة لمعالجة تلك القضية «المصطنعة» وغير المسبوقة في اي دولة اخرى تشاركنا العيش على كوكب الأرض.

(2) لو كان للوطن حنجرة لسمعت الكواكب السيارة والمجرات البعيدة صرخات أمنا الكويت وهي تنحر من الوريد الى الوريد بمثل تلك المقترحات وفي أعيادها الوطنية!

احمد الصراف

آه.. ما أجمل النسيان!

ذهب الرجل وزوجته للطبيب بسبب حالات النسيان التي أصبحت تنتابهما فأخبرهما هذا بأن كبر السن له علاقة بالأمر وان عليهما تقبل الوضع ومحاولة التغلب على المشكلة بتدوين كل ما يودان تذكره، والأفضل الاحتفاظ بورقة وقلم لهذا الغرض. في الليلة نفسها واثناء مشاهدة الزوجين للتلفزيون قام الزوج ليحضر وجبة عشاء خفيفة لنفسه فطلبت منه زوجته أن يحضر لها شطيرة جبنة بيضاء مع خيار، وطلبت منه تدوين ذلك في ورقته لكي لا ينسى، ولكنه قال ان طلبها سهل ولن ينساه، فأكدت أنه حتما سينسى ما طلبته خصوصا أنها تريد شطيرة مع حبتي زيتون، فقال انه لم يصل الى درجة الخرف، وأصر على عدم التدوين وأصرت على انه لن يتذكر ما طلبته. عاد بعد نصف ساعة يحمل ما حضره لنفسه وطبقا فيه بيضتان مقليتان لزوجته فنظرت اليه معاتبة وقالت: لقد قلت لك ان تدون الطلب وأنك ستنسى ما طلبت لكنك أصررت على موقفك. فنظر اليها بدهشة وهو يقول: ألم تطلبي بيضا؟ فقالت: نعم هذا ما طلبت ولكنك نسيت البطاطا!
تذكرت هذه الطرفة وأنا أقرأ طرفة أخرى عن النسيان عن مجموعة من الأصدقاء من طلاب جامعة أميركية اتفقوا يوم تخرجهم على البقاء على اتصال بعضهم ببعض مدى الحياة. وفي لقائهم الدوري، وكانوا جميعا قد بلغوا الأربعين من العمر، قرروا تناول العشاء في مطعم «جوستاف» لأن فيه نادلة صبوحة الوجه وجميلة القوام. بعد عشر سنوات التقت المجموعة ذاتها وقرروا تناول العشاء في مطعم «جوستاف» لأن لحومه طيبة المذاق، وقائمة مشروباته ثرية. وفي لقائهم الثالث بعد عشر سنوات أخرى، وبعد أن أصبحوا في الستين، قرروا، بعد نقاش قصير، تناول عشاء لقائهم الدوري في مطعم «جوستاف» لأنه مطعم يمتاز بجوه الهادئ، كما أنه يخلو من المدخنين والشباب الصاخب. وفي اللقاء السبعيني، وبعد التئام شملهم، قرروا بالاجماع تناول العشاء في مطعم «جوستاف» لسبب مهم حيث إنه مناسب لأصحاب الإعاقات وبالذات من مستخدمي الكراسي المتحركة، كما أن فيه مصعدا. وفي اللقاء الخامس بعد أن أصبحوا في الثمانين، تم الاتفاق بالاجماع، بين من بقي منهم على قيد الحياة، تناول العشاء في مطعم «جوستاف» لان الجميع يتحدث عنه، ولم يسبق لهم ان تعشوا به من قبل.

أحمد الصراف
[email protected]

محمد الوشيحي

قرط مقارَط

المزاج اليوم مغربي، أعانكم الله. وأنا لم أزر المغرب إلا يوماً ونصف يوم، "طرانزيت"، قبل أن أضع أسفل ثوبي في فمي وأجري مغرب شمس، باتجاه "فرانصا"، لكن إنتاج الزملاء المغاربة الأدبي والصحافي يعجب ويُبَهبِه. ولا تسألني عن البهبهة، ولن أسالك أنا. ولولا أنهم يوغلون في العامية المغربية لما رفعت رأسي عن كتبهم وصحفهم، لكنني ما إن أندمج في موضوع لأحدهم حتى ينحرف بي شمالاً فأصطدم بالحائط فتتورم جبهتي الكريمة: "والطفل يبقى دركاش عبوساً تقريطة محنان"! لا إله إلا الله، انتبهوا على أطفالكم. أجل تقريطة محنان، هاه؟ المحنان وربي هو من يقرأ لك مرة أخرى.

ومنذ "دجنبر أو نونبر"، كما يقول المغاربة، أي ديسمبر أو نوفمبر، والدوقة النائبة الدكتورة سلوى الجسار تشد شعر وزيرة التربية الدكتورة موضي الحمود وترفع سكين المطبخ في وجهها مهددة باستجوابها. ليش؟ لأنها تريد أن تلعب معها الشطرنج، فتزيحها عن كرسي الوزارة لتحتله هي، كما أظن وأجزم وأقسم.

وطرْحُ الثقة بالوزيرة يحتاج إلى خمسة وعشرين نائباً مما تعدون، وسلوى لن يقف معها إلا النائب محمد هايف، وهو عن ألف فارس من بني ثغيل بن طوقان، وهو سيساندها لسبب لا تعرفه هي، وهو أن موضي لا ترتدي الحجاب، لكنه سيضرب على جبهته حائراً، ثم يقرر طرح الثقة بالاثنتين معاً، الوزيرة والنائبة، الأولى بسبب الحجاب، والثانية بسبب صوتها العورة، وقد يضطر إلى الالتفات إلى رولا وأسيل، النائبتين غير المحجبتين، ليشملهما بمكرمته، وقد يخلع عقاله، وقد تتعالى أصوات النساء والأطفال فيحتمون بالجبل، ويتساقط القتلى والجرحى، وبخٍ بخٍ، وليلة طويلة، وحصار ومنجنيق، وتستسلم خراسان! ومحمد هايف، سواء أحببته أم أبغضته، لا يمكنك أن تطعن في مصداقيته وشجاعته وبساطته.

حتى زملاء سلوى في "العمل الوطني" لن يلتفتوا إليها، فموضي الحمود أقرب إليهم منها. ثم إنهم مشغولون الآن بتحدي الشيخ طلال الفهد في الرياضة، ولسان حالهم يقول بالمغربي لسلوى التي تستجديهم: "شكون اللي داير فيكي يا الروينة نهار العيد"، أي مَن سيهتم بكِ والناس مشغولون بالتزيّن في نهار العيد.

وبشكل عام، الوقت هذا ليس وقت استجوابات في نظر الأغلبية، فخطة التنمية أم 37 ملياراً على الأبواب والنوافذ، والناس في تصادم. وأعرف نائباً اجتمع قبل يومين مع وزير، في مكتب الأخير، الساعة السادسة والربع صباحاً، والناس هُجّع نيام، هرباً من أعين الحساد والعذال، ولولا عدم وجود دليل مادي بحوزتي لذكرت اسميهما.

ولو استمعَت سلوى إلى نصيحتي، لساومَت زميليها مرزوق وصالح: "استجوابي مقابل استجوابكما للعفاسي، وزير الشؤون". فهُما محتاسان حوسة أم الأيتام في أروقة وزارة الشؤون قبل وصول العفاسي، ويعلمان أن الوزير لا يحتاج حتى إلى "لزاق جروح"، بعد الاستجواب، بينما سيقضيان ليلتهما في مستشفى الرازي للعظام.

والعفاسي كتلة من الشهامة والرجولة والجدية والصلاح ترتدي غترة وعقالاً. وهو متألم لحال الرياضة، أكثر من المتضادين، الشيخ طلال الفهد ومرزوق الغانم، اللذين يتباكيان عليها، ويهدد كل منهما باستجوابه بسببها، طلال سيستجوب عن طريق دليهي الهاجري، وخصمه مرزوق الغانم سيستجوب بمساندة جناحه الأيمن صالح الملا. ولأن "حلاة البيع جملة"، حبذا لو استجوب الاثنان الوزيرَ معاً، أو لو استجوب أحدهما الآخر، والفائز منهما يقابل الوزير، كي ننتهي من هذا التقريط المحنان، وتعود إلينا رياضتنا.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

شهادة كابتن عراقي بحق المقاومة الكويتية

يذكر الكابتن العراقي مازن وهو قبطان رحلة الجامبو العراقية البوينغ 747 التي ضربتها المقاومة الكويتية ظهر يوم الاربعاء 3/10/1990 تفاصيل تلك الرحلة المثيرة، حيث يذكر ان الرحلة كانت من نوع COMPI أي تحمل في الكابينة الرئيسية الثلثين ركابا والثلث الأخير للشحن، والطائرة موجودة الآن في احدى العواصم العربية.

 

تأخر اقلاع الرحلة نصف ساعة من الكويت انتظارا لوصول ثلة من كبار المسؤولين الصداميين من ضمنهم السكرتير الخاص لصدام حسين الذي كان يحمل رسائل هامة من محافظ الكويت آنذاك الجزار علي حسن المجيد، وكان الركاب في أغلبيتهم العظمى حسب قول الكابتن من كبار العسكريين وقلة من تجار المسروقات (شهادة هامة تثبت ان المقاومة الكويتية لم تستقصد ركابا مدنيين أبرياء كما أشيع) اما الحمولة فكانت جميعها من المسروقات التي نهبت دون وجه حق من الكويت.

 

أقلعت الطائرة من الممر الشمالي ولم تصل الى ارتفاع 80 قدما حتى اصاب صاروخ المقاومة الأول الذي أطلق من فوق سطح إحدى عمارات الفروانية قلب المحرك رقم 3 فدمره تماما، وتلاه على الفور صاروخ آخر أصاب الغطاء الخارجي للمحرك رقم 4 فتم ايقافه ولم تستطع الطائرة، التي أصاب الرعب الشديد قلب ركابها، العودة للكويت خشية التعرض للمزيد من صواريخ المقاومة فاضطر الكابتن للتوجه للبصرة، إلا ان الأوامر الرئاسية وصلت بالتوجه مباشرة لبغداد حتى مع تعطل المحركين 3 و4 بسبب أهمية الركاب وأهمية الرسائل وكذلك أهمية المسروقات!

 

كان من النتائج المباشرة لذلك العمل المقاومي المجيد ان سقطت أكذوبة قبول الكويت بالاحتلال، او ان الطاغية علي حسن المجيد (الكيماوي) استطاع ان يخضع الكويت لرغباته وأوامره، كما تم اغلاق مطار الكويت منذ تلك اللحظة أمام الملاحة الصدامية فصعبت عملية ترحال قادته وجنوده وسرقاته حتى تحررت الكويت فأعيد العمل سريعا بالمطار.

 

شريط ذلك العمل الذي قامت به المقاومة الكويتية موجود في الأرشيف ويمكن ان تعرضه احدى المحطات الفضائية وتستضيف طرفي الحدث اي رجال المقاومة الكويتية وكابتن الطائرة كشهود للعصر، وفي هذا السياق بودنا ان تطلق افلام المقاومة الكويتية للعلن وان يكرم من قام بها وتدون شهادتهم للتاريخ فهذا ما تقوم به دول العالم أجمع.

 

آخر محطة: (1) بودنا ان يستضاف كذلك الطيارون الكويتيون العسكريون والمدنيون (طيارو «الكويتية») الذين ساهموا في حرب تحرير الكويت لسماع شهادتهم للتاريخ.

(2) حادث الطائرة العراقية مسجل بطريقة مغلوطة ضمن احد اشهر كتب حوادث الطيران المسمى «AVIATION DISASTERS» ص222، حيث يذكر ان الطائرة العراقية هي من نوع اليوشن 76 وانها تحطمت بعد ان أصابتها المقاومة الكويتية بصاروخ أرض ـ جو مما نتج عنه قتل جميع ركابها البالغ عددهم 130.

احمد الصراف

دخان المركبات والمشعوذ السوري

تعرض بعض العاملين معي لمصادرة مركباتهم واجازاتهم وحجزها لعشرة أيام قبل تسليمهم السيارات لإصلاح مخالفاتها، كخروج أدخنة من عوادمها، ومن ثم عرضها على الفحص الفني وتسليمهم الاجازات ودفتر الملكية بعد الكشف عليها. كما غرموا مبالغ كبيرة مقارنة برواتبهم! وبالرغم من قسوة العقوبة فإنني رفضت التدخل لمصلحتهم لوضوح مواد قانون المرور. ولكن لو تفحصنا بتمعن حالة المركبات التي تسير في الشارع لوجدنا ان الكثير منها، وبالذات سيارات أجرة المطار التقليدية القديمة، في حال يرثى لها، ولكن بسبب ما لأصحابها من «واسطات» مع أقربائهم من الشرطة فإنها تستمر في تجاوز الفحص الفني سنة بعد أخرى. ولو أرادت جهة ما القضاء على الفساد في المرور مثلاً فليس أسهل من طلب هذه المركبات ومراجعة من قام بإجازتها في آخر فحص فني، وسيكتشف العجب. ولكن المرور أو الداخلية بشكل عام تريد بقاء «خمالها» فيها.
وفي الجانب الآخر، قام رجال مباحث الهجرة مشكورين بإلقاء القبض على مقيم سوري مصاب بمرض الكبد الوبائي، المعدي والمميت. وتبين ان لديه شهادة صحية تثبت لياقته. وكانت المفاجأة بعد استجوابه اكتشاف انه يعمل في مجال «القراءة والنفث في الماء» ليسقيه لمرضاه المؤمنين بقدراته، وهو أمر كاف لإصابتهم بنفس المرض المعدي والمميت. «كلعتهم».
وبالرغم من الجهود الجبارة التي بذلتها الداخلية من خلال العدد الكبير من العسكريين الذين شاركوا في القبض على هذا المشعوذ، الذي ربما تعلم سر الإثراء السريع من أقرانه الكويتيين وغيرهم من قراء الطالع والبخت وتفسير الأحلام، فإنه لا أحد فكر في الكيفية التي قبلت بها جهات في إدارة فحص العمالة ووزارة الداخلية وربما الشؤون شهادة اللياقة الصحية التي حصل عليها هذا المشعوذ! وأيضاً هنا كل طرف يود التغطية على نفسه، ولو قام مسؤول كبير، وما أكثرهم وأقل قيمتهم، بتتبع مسار هذه الشهادة ضمن دوائر حكومية محددة لاكتشف العجب، ولكن هذه الجهات، كما سبق ان ذكرنا، يبدو ان بعضها يتستر على بعضها الآخر، فتغطي إهمالها من منطلق «أنا وابن عمي على الغريب».
نعود لقصة العلاج بالرقية، المتمثل لدى الكثيرين بالنفث أو البصق في الماء المقروء عليه، فنحزن لحالنا بعد مئات الملايين التي صرفتها الدولة طوال 60 عاماً على التعليم الذي لا شك كان متخلفاً، ولا يزال، وعاجزاً حتى عن إظهار مدى خطورة مثل هذه الشعوذة التي يقتات منها المحتالون، وما أكثرهم في.. الوطن!!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

خريجون وخريجات… تضيع أمامهم الفرص

 

كنت قد اتفقت مع مجموعة من الأخوة والأخوات العاطلين عن العمل، من اتصلوا غاضبين على الحلقة الأولى التي جاءت بعنوان: «خريجون وخريجات (لا يريدون) وظائف»، والذين قالوا إنهم كانوا ولايزالون عاطلين عن العمل لسنين تتراوح بين 3 إلى خمس سنوات من دون بارقة أمل لتوظيفهم بسبب التمييز والطائفية والتجنيس، على أن أجري لقاءات مع كل واحد منهم على حدة وننشرها ليطرحوا فيها معاناتهم كاملة، ومن بين 8 أشخاص، لم يبادر إلا شخص واحد فقط!

وبودي أن تعيد المجموعة، وغيرها، النظر في الموضوع ويبادروا من جديد للتعاون فنحن في «الوسط» على استعداد دائم لنشر معاناتهم وإيصالها إلى المسئولين، ولا نريد سوى خدمتهم ونيل الثواب من الله سبحانه وتعالى، هذا أولا، أما الناحية المهمة الأخرى في الموضوع، فإن ما يشبه المنتدى المصغر، جرى بيني وبين مجموعة من الجامعيين الذين طرحوا نقاطا في غاية الأهمية سنأتي عليها هنا، وهي تستحق بالفعل إيصالها إلى المسئولين بالدولة، لا سيما ديوان الخدمة المدنية ووزارة العمل.

أولى تلك النقاط، أن الجامعيين الذين تم توظيفهم ضمن مشروع «تمكين» لا يشعرون بالاستقرار الوظيفي، ولعل الكثيرين منهم قلقون مما سيكون عليه حالهم بعد انقضاء فترة العامين، وهي فترة التأهيل الوظيفي، فلربما عادوا إلى التعطل مرة أخرى، وهذه نقطة نتمنى أن نحصل بشأنها على توضيح متكامل من القائمين على مشروع توظيف الجامعيين.

نقطة أخرى مهمة ألا وهي حرمان الجامعيين البحرينيين من الفرص المغرية المتاحة أمامهم في بعض القطاعات، لكنها تذهب إلى غير البحرينيين الذين هم أقل منهم من الناحية الأكاديمية والإبداع المهني! وفي هذه الحالة، لا يجد الجامعي المؤهل والمستحق للوظيفة جهة يلجأ إليها لإنصافه، ذلك أن مكان عمله حين يرفض ترشيحه، لا يجد قناة أخرى تدعمه، ولا أظن أن هناك أصلا جهة يمكنها فرض هذا البحريني المستحق في الوظيفة الشاغرة التي سيغادرها غير البحريني وسيحل محله غير البحريني، ويبقى البحريني يلوك الهم والحسرة وهو يشاهد الفرصة تضيع أمامه.

بعض المؤسسات في القطاع الخاص، وكأنها تتعمد إجحاف حق أبناء البلد، فيتم توظيف غير البحرينيين في ذات الوظائف التي يعمل بها البحريني ولكن بأجور وامتيازات تجعل البحريني يتمنى لو أنه كان (غير مواطن) فلربما نال ولو شيئا يسيرا من تلك الامتيازات، كتعليم الأبناء على حساب تلك المؤسسة، والتأمين الصحي وتذاكر السفر والزيادات السنوية المجزية وبدلات السكن والمعيشة وغيرها.

حين يتم فرض ظروف (التطفيش) القسرية على أبناء البلد في الكثير من المؤسسات، سواء كان على الإداريين القياديين من البحرينيين أم غير البحرينيين، ومن ثم إساءة تقارير التقييم السنوية لهم، وحرمانهم من الترقي، فإن ذلك يمثل تهديدا خطيرا للاستقرار الوظيفي لمواطنين يعيلون أسرا ولديهم التزامات مالية لا تنتهي، وكل ما يمكن عمله في هذا الاتجاه كمقترح، هو فتح المجال في القطاعين العام والخاص للبحرينيين الذين يتعرضون للحرمان من الحقوق الوظيفية والوقوف معهم، وننتظر رأي الجهات المعنية في هذا الشأن.

سامي النصف

هل الحل مجلس أعلى للصحافة؟!

حضرت هذا الأسبوع ندوتين حول الإعلام، الأولى في دار معرفي الكرام بالدسمة وحاضر فيها الزميل الحكيم سعود السبيعي رئيس تحرير جريدة «الرؤية»، والثانية في الصالون الإعلامي للزميل ماضي الخميس وحاضر فيها الزملاء د.محمد الرميحي ووليد النصف واحمد الجارالله رؤساء تحرير «أوان» و«القبس» و«السياسة».

ودارت جميع تلك الندوات حول إشكالات الصحافة الكويتية، واتفق الجميع فيها على قضية غياب أو ضعف المهنية بسبب نقص عمليات التدريب الفني والمهني للصحافي الكويتي والمقيم، وهي قضية تمتد – للعلم – لجميع مناحي الحياة الأخرى، فندر وجود أعمال تدريب وتأهيل مبدئية ومستمرة للحرفيين والمهنيين الكويتيين في جميع المجالات مما أثر بشدة على مستوى الأداء في القطاعين العام والخاص.

ففي الإشكال القائم حول تعديلات قانون المرئي والمسموع، يتفق الجميع على ضرورة تخفيف العقوبات وهو طلب محق ولكن لا أحد يقدم البديل، فما الذي يمنع جهة إعلامية ما من التسبب في إشعال حرب أهلية كما حدث في لبنان الشقيق؟! وما الذي يحمي الوحدة الوطنية من الممارسات الممزقة لها؟! ومن يحمي كرامات الناس من التشهير والنقد غير البناء من قبل من لا يعي خطورة ما يكتب أو يعرض؟!

لقد خلقت بعض الدول الأخرى «مجلسا» أعلى للصحافة والإعلام والنشر الإلكتروني.. ليصبح بمثابة وسيط مخفف للأزمات والصدمات بين الدولة والإعلام الأهلي ويكون ضمن واجباته تدريب العاملين بالقطاع الإعلامي الأهلي والعام مما يؤدي للاحتراف الذي يقلل التجاوزات، كما يرصد أي مخالفات تحدث في الصحف والفضائيات والمواقع الإلكترونية ويكتب لأصحابها للتنبيه لخطورتها فإذا لم يحل الإشكال يحال الأمر للقضاء الذي يستعين عادة بتقارير المجلس حول عدد ونوع مخالفات الصحيفة أو الفضائية المعنية مقارنة بزميلاتها قبل تقرير نوع الحكم.

ومن الملاحظات التي ترصد من قبل المجلس وترسل للصحف والفضائيات على شكل جداول مقارنة، ما يختص بإثارة الكراهية والعنصرية والتفرقة، والمساس بالوحدة الوطنية والتعرض لكرامات الناس وعدم الاهتمام بالمصدر، وعدم توازن الشكل والمضمون وعدم الاعتذار عند الخطأ وعدم مراعاة ضوابط الصور الصحافية وعدم الالتزام بحقوق الملكية الفكرية وعدم مراعاة الدقة في الأخبار أو الخلط بين الرأي والخبر والإيحاءات الجنسية والترويج للدجل والشعوذة.. الخ.

آخر محطة:
 
(1) كتبت يوم الاثنين 25/1 أطالب الدولة بتخصيص أراض للشباب من محبي سباق السيارات كحال أرض الفورمولا في البحرين التي تمنع الحوادث والأذى عنهم، في يوم الثلاثاء 26/1 فجعت الكويت بحادث وصلة الدوحة الذي ذهب ضحيته 5 من الشباب، مرة أخرى نرجو تنظيم حلقات لتلك السباقات تقوم على شكل علمي ويكون ضمنها الاهتمام بأمور السلامة والميكانيكا وقوانين المرور.

(2) وصلني صباح الأمس اتصال – دون سابق معرفة – من كابتن الطائرة العراقية الجامبو التي ضربتها المقاومة الكويتية (مجموعة الشيخ عذبي الفهد) وقد شرح لي بإسهاب ما جرى في تلك الرحلة المثيرة (التفاصيل في مقال لاحق) وما يختص بركابها وحمولتها مبديا إعجابه بالمقاومة الكويتية التي أسقطت، حسب قوله، بذلك العمل المجيد أكذوبة ان الكويت قابلة بالاحتلال وبحكم حاكمها آنذاك علي حسن المجيد ومبديا استعداده لزيارة الكويت والإدلاء بشهادته خاصة انه يحمل جواز سفر سويديا، الشكر المسبق للكابتن ومنا لأمن الدولة الذي يرأسه الشيخ عذبي الفهد لإصدار التصريح ولمركز الدراسات والبحوث لتدوين تلك الشهادة المهمة.

احمد الصراف

جرائم القرف.. لا الشرف

كانت المرأة طوال التاريخ البشري الطرف الأضعف في المعادلة الإنسانية، وذلك لعوامل فيزيولوجية معروفة. وبسبب هذا الضعف «العضلي» أساء الرجل للمرأة وسخرها لخدمته وإشباع شهواته واعتبرها من متع الحياة الدنيا، كأي قطعة جميلة، وحتى الفلسفات والإيمانيات القديمة لم تراع. ضعفها ومتطلباتها النفسية والجسدية، بسبب سيطرة الفكر الذكوري على تلك الأفكار. ولاستمرار سيطرة الرجل على المرأة وإخضاعها للعادي والشاذ من رغباته فقد ربط سعادتها، وأحيانا كثيرة، كامل وجودها، بالجانب الجنسي منها وأصبح للشرف معنى لديه يرتبط ببكارة المرأة وبإخلاصها لرجلها، قبل الزواج سواء كان أخا أو أبا، وبعد الزواج بهؤلاء جميعا إضافة للزوج وبقية ذكور العائلة. وبالتالي ربط الرجل شرف العائلة والقبيلة، وأحيانا الدولة، كما رأينا في أكثر من مثال عبر التاريخ، بالطريقة التي تتصرف بها المرأة وهذا جعلها تعيش في هاجس جنسي مستمر من فقد العذرية خارج مؤسسة الزواج، والتعرض لمختلف الإهانات والمخاطر التي تصل في حالات كثيرة الى القتل.
ولو قمنا باستعراض الدول التي تتعرض فيها النساء لمختلف أنواع القهر والاستغلال والضرب والتشويه الجسدي وحتى القتل لأتفه الأسباب لوجدنا أن القائمة تشمل دولا كثيرة، غالبيتها إسلامية. ففي كل يوم تقع جريمة قتل بسبب عدم طاعة المرأة لرجلها أو لأن الرجل، زوجا، أخا أو أبا، أو حتى خالا أو عما، شك في سيرتها وليس بغير القتل وقطع الرأس يمكن للشرف الرفيع أن يصان من الأذى! وسكوت مجتمعاتنا الواضح عن هذه الانتهاكات والجرائم، واعتبارها أمورا شخصية وقضايا عادية، لا يعني إلا قبولنا ومشاركتنا غير المباشرة بتلك الجرائم والمساهمة في زيادة حالات الاعتداءات غير المشروعة وغير الإنسانية على المرأة، ولا شك أن الكثيرات من النساء يتم اضطهادهن في عالمنا البائس هذا وينتظرن لحظة الاعتداء اللفظي عليهن أو ضربهن واستغلالهن من قريب باسم الشرع أو عادات المجتمع وتقاليده.
وقد سعت منظمات دولية عدة، من خارج عالمنا الأكثر شرفا، معنية أساسا بصحة الجنس البشري وسلامته للتقليل من جرائم الاعتداء على المرأة والفتيات الصغيرات بالذات في مجتمعاتنا، سعت لإصدار بيانات عالمية تندد بسوء المعاملة هذه وتطالب بوضع حد لما يسمى بجرائم الشرف، وذلك ضمن برنامج يسعى لرفع الظلم عن المرأة. فأي رجولة وشجاعة تلك التي لا تتحقق إلا بنحر طفلة لا تتعدى الثانية عشرة من العمر، وفي الوقت نفسه يتراكض مرتكب الجريمة هلعا من أعدائه الحقيقيين. وكيف تتحقق الرجولة بقتل زانية ويترك شريكها الرجل لأن قبيلته أو جماعته ترفض التخلي عنه، وتترك هي لمصيرها الأسود؟ وأي رجولة تلك التي ترضى بقتل المرهف من مشاعر المرأة وحاجاتها الجنسية بالإصرار على ختانها سعيا لحفظ شرف العائلة؟
ولماذا نسعد ونفتخر بشرفنا ولا نعطي انسانيتنا أي أهمية، هل لأن هؤلاء أقل قيمة من أن يكونوا بشرا حقيقيين؟.

أحمد الصراف