محمد الوشيحي

أيها الصالح


اثنان لا واحد، أدين لهما بدَين لا خلاص لي منه ولا فكاك. دَين مثل دين بنوكنا الذي تسدده فيكبر، فتسدده فيكبر، فتموت وتورّثه لأجيالك القادمة، ويموت أصحاب البنك ويورّثون دينك لأجيالهم، وهكذا تنقرض أجيال وتعيش أجيال ليس لها في الحياة إلا تسديد قرضك الذي «انطسيت على عينك» واقترضته قبل ثلاثمئة وأربع وخمسين سنة. وفي الكويت، من يقترض كمن يدخل سجن أبوغريب، يقف عارياً على الكرتون، وتسحبه امرأة مربعة ضئيلة، تشبه بيوت المنقف. وهذه هي الحياة، قاتل ومقتول، وآكل ومأكول. والتسمية الحقيقية لقانون إسقاط الفوائد هي «قانون فك رقبة».

أقول، اثنان أدين لهما، الأول هو أستاذي أحمد الديين (لاحظ أن اسم «الديين» هو تصغير لـ»الدين» من باب التلطيف وجر الرجل إلى أن توقّع على عقد الاقتراض فتروح في ستين داهية)، والثاني هو المهاجر صالح الشايجي. وصالح سيصحح لك إذا ناديته بكنيته «أبو ناصر»، وسيسألك: لماذا ألغيت اسمي ونسبتني إلى ابني؟ لذا نحن نناديه «الصالح». وأقول «نحن» لأن للصالح مريدين ومحبين وعشاقاً ودراويش من الكتّاب وغيرهم، لو أني عددتهم لما انتهيت. لماذا؟ لأنه صادق، نقي، مثقف بلا تنطع، كويتي القلب بلا استعراض «سكوبي» ولا «عدالي».

الصالح، كتب يوم الثلاثاء مقالة ينصح فيها «الزملاء وعلى رأسهم الصديق محمد الوشيحي» أن نبتعد ما أمكننا عن السياسة، باعتبار أن السياسة في الكويت لم تعد سياسة. وهو صادق. وسأضيف إلى كلامه: والإعلام لم يعد إعلاماً، والشعر لم يعد شعراً، والاقتصاد لم يعد اقتصاداً ووو، إلى أن نصل إلى «الكويت لم تعد كويتاً». وكل شيء في الكويت أصبح سياسياً، الإعلام والرياضة والاقتصاد والشعر والتمثيل، ووو. حتى الحديث عن الزهور، وهي الزهور، حديث سياسي. فالزهور مسؤولية «هيئة الزراعة»، والهيئة تتبع وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء. ونقد قذارة الشوارع هو نقد للبلدية، وفوق أنه حديث سياسي هو حديث طائفي، أجارنا الله وإياك. ومن ينتقد البلدية «يشق الوحدة الوطنية شقاً» لأن الوزير شيعي، واسأل سماحة السمح محمد باقر المهري.

أيها الصالح، أنت في منفاك الاختياري، لا أظنك تابعت سعي الفجّار إلى السيطرة على الإعلام، ومن ثم السيطرة على السياسة، فالسيطرة على البلد كله. وقومي مشغولون بالتوافه. ولك أن تقرأ «سقوط الأندلس» بعدما انشغل كبارها بأنفسهم وبثرواتهم وبالتافه من الأمور، وصار التنافس على اختيار أفضل الألقاب، فهذا «صمصام الأمة»، وذاك «شمس المعالي»، والثالث «زين الأيام والليالي»، ووو، وسقطت الأندلس.

لكن على هامش الحفل، دعني أفضفض لك… شعرتُ في الفترة الماضية أنني اقتربت شيئاً فشيئاً من قرص الشمس اللاهب، بلا ذنب مني، فكل ما أكتب يُتداول بشراسة وينفد بسرعة من على أرفف المحلات التجارية، ويباع في السوق السوداء، فحاولت الابتعاد قليلاً لأتفادى الحرق، وكتبت عن الجراد في البراري والربيان في «البحاري»، وخففت التوابل الهندية في المقالات، وحجبتُ المفردات المترفات، كي أهدأ قليلاً، ويهدأ الضجيج والصخب من حولي، فأستمتع بقراءة دواوين الشعر التي تستجديني استجداء الأيتام المعوزين، لكن الضجيج علا والصخب طغى والوطيس حمي أكثر وأكثر… فما الحل وما الحيلة؟ 

سامي النصف

المئذنة الحمراء

أهداني أحد الأصدقاء الأعزاء كتاب «المئذنة الحمراء»، وهي سيرة ذاتية للأستاذ إبراهيم غوشة الناطق الرسمي باسم حركة حماس سابقا (1991 – 1999) وقد شدني في المذكرات بعض الأمور الهامة التي تخص بلدنا في أحد أحرج وأصعب الأوقات التي مر بها ونعني الغزو الصدامي الغاشم.

للتذكير، فمع بداية الغزو دعت بعض الأنظمة العربية والقوى القومية والإسلامية القيادة السعودية لرفض تواجد القوات الدولية على أرضها «مقابل» إقناع الطاغية صدام بالانسحاب من الكويت أي ما سمي بالحل العربي، وفي ذلك يقول د.غوشة ان الوفد المشكل منه ومن الترابي (السودان) والغنوشي (تونس) والنحناح (الجزائر) واربكان (تركيا) وياسين (اليمن) وشكري وحسين (مصر) ومنير شفيق (فلسطين) وكامل الشريف وخليفة (الأردن) وقاضي حسين (باكستان)، توجه للسعودية في منتصف سبتمبر 90.

ويضيف غوشة ان اللقاء الرسمي مع الملك فهد، رحمه الله، كان ناجحا واستغرق 3 ساعات في الحديث عن سحب القوات، وقال ان الملك ذكر لهم انه لو كان يعلم بأن مفاوضات جدة ستفشل لدفع 3 أو 4 مليارات لصدام لإنجاحها ولمنع الأذى عن الكويت، بعد انتهاء اللقاء توجهوا لرابطة العالم الإسلامي في جدة حيث حاول الترابي والغنوشي إقناع القائمين على الرابطة بتحريم الاستعانة بالقوات الدولية (وتروح الكويت بالطبع في داهية)، بعد انتهاء تلك الزيارة توجهوا لعمان ومنها لبغداد حيث المفاجأة الكبرى وسيرة خزي جديدة لهيكل وأمثاله ممن ادعوا ان صدام كان مستعدا للانسحاب ضمن أكذوبة «الحل العربي».

حسب رواية الغوشة وصل الوفد الكبير لبغداد والتقى صدام فيما يفترض أن يكون محاولة لإقناعه بالانسحاب، وننقل نصا ما نقله شاهد العصر غوشة حول ذلك اللقاء «تحدث الترابي ومحمد خليفة والغنوشي وشكري والآخرون ولكنهم جميعا أخذوا «يشيدون» بصدام حسين ولم يطرحوا إطلاقا المهمة التي جئنا لأجلها – أي الانسحاب من الكويت! وكاد بالطبع الاجتماع ان ينتهي لولا الباكستاني قاضي حسين الذي صعق لربما بكم النفاق العربي والإسلامي فقال لصدام بوضوح وصراحة «نحن نطلب يا سيادة الرئيس أن تعطوا أوامركم بعودة الكويت كما كانت قبل 2/8/90» وكان جواب صدام القاطع «بأنه لو ظل ألف سنة فلا يمكن أن ينسحب شبرا من الكويت»، للمعلومة انسحب سيئ الذكر «الدكر» صدام بعد أقل من 6 أشهر من تلك المقابلة والتعهد الرجولي التاريخي وهكذا «الدكورة»، كما يدعي بكري، ولا بلاش.

والمستغرب، كما جاء في المذكرات، ان الوفد التقى بالرئيس القذافي الذي فتح النار بقسوة على حركة الإخوان المسلمين ولم يرد أحد فاضطر غوشة وهو الأصغر سنا أن يرد، والمستغرب أكثر أن الوفد خرج من ليبيا بطائرة خاصة أواخر شهر ديسمبر 90، أقلت نفس القيادات مرة أخرى لبغداد لإقناع صدام – من تاني – بالانسحاب من الكويت وتكرر الشيء ذاته حيث تفرغ المتحدثون – من تاني كذلك – للثناء الشديد على صدام (يده سخية وجيوبهم وضمائرهم واسعة) ونسوا ما قدموا لأجله واضطر غوشة هذه المرة لأن يكون المذكر بأن هدف الزيارة هو حث صدام على الانسحاب من الكويت.

آخر محطة:

بعد انتهاء ندوة الصالون الإعلامي يوم الاثنين الماضي التي استضافت السيد عبدالعزيز البابطين استنطقه بعض الضيوف على مائدة العشاء للحديث عن دوره ابان الغزو الصدامي الغاشم وكانت الإجابة مسهبة وتحتاج إلى أن تعلن وتدون بماء الذهب لما احتوت عليه من أعمال شجاعة وحكمة وكرم.

 

احمد الصراف

فضيحة الأوقاف

أعترف بأن غصة انتابتني وحزنا غريبا غمر قلبي عندما قرأت حيثيات المؤتمر الصحفي الذي عقده وكيل الأوقاف، السيد عادل الفلاح، مع وزير الإعلام(!!) الشيشاني في 2009/11/21 (جريدة الوطن)، وما ورد في المؤتمر من أن الوكيل قدم دراسة لمجلس الوزراء للصرف على إنشاء مستشفى للأطراف الصناعية في….البوسنة! وأن الوكيل، الذي لا يعلم أحد متى ستنتهي وكالته، قطع خطوات عملية كبيرة لإنشاء مركز للوسطية، ليس في البصرة أو طرابلس أو الجهراء أو حتى في الخرطوم بل في.. روسيا! وتساءلت عن سبب اختيار روسيا بالذات، وعن سبب تصدي «الأوقاف»، وليس الصحة مثلا، لإنشاء مستشفى في البوسنة، والاتفاق مع وزير إعلامها، وهل لدينا في الكويت أصلا ما يماثل هذا المستشفى؟
زالت الغصة واختفى الحزن بعدما قرأت ما ورد في الصفحة الأولى من القبس (3/2) بأن وزارة المالية خفضت ميزانية وزارة الأوقاف من 131 مليون دينار إلى 11 مليونا بسبب المبالغة الكبيرة في تقدير ميزانيات المشاريع، حسب كلام المالية، وهذا يعني إضافة الى كونها المرة الأولى التي تتعرض فيها ميزانية وزارة لمثل هذا التخفيض المخجل بحق من أعد أرقامها، فإنها تتضمن صفعة واتهاما بالتبذير المتعمد لمن أقر أرقامها!
وبقراءة سريعة لبعض بنودها يتبين سبب التخفيض المسيء والمخجل:
8 ملايين دينار للصرف على إعلاء فكر وثقافة الوسطية في المجتمع، وتعزيز حوار الحضارات! وهذا المبلغ كان سيضيع مع مبلغ العشرة ملايين التي صرفت على الموضوع نفسه والنتيجة صفر، ومع هذا خصصت له المالية مليونا و600 ألف دينار (يا حرام!).
مليون دينار لإنشاء مراكز لذوي الاحتياجات الخاصة، والمالية لم تعتمد المبلغ لانتفاء علاقة الأوقاف بمثل هذه الأنشطة (عيب!)
أكثر من 4 ملايين للصرف على الرعاية الشرعية والتربوية (من غير تحديد!) وصرف مبلغ مماثل على توجيه الثقافة الإسلامية (!).
وخصص مبلغ 600 ألف لإعادة تأهيل عدد من المساجد، وصرف مبلغ أربعة ملايين ونصف المليون على «تجديد» عدد من المساجد، و35 مليون دينار لصيانة المساجد!!
ثم تأتي الطامة في صرف 19 مليون دينار لتطوير الأداء المؤسسي ورعاية الإبداع والتميز في وزارة الأوقاف(!!) ولو افترضنا أن عدد موظفي الوزارة الذين بحاجة لتطوير أدائهم يبلغ 500 موظف فمعنى ذلك أن نصيب الفرد سيكون بحدود 38 ألف دينار، أي 130 ألف دولار، وهذا يساوي 16 ضعف تكلفة دراسة الهندسة في أي جامعة عالمية، وليس تدريبا لا تزيد ساعاته على ثلاث في وزارة كالأوقاف، وخاصة أن المحاضرين سيكونون حتما من قيادات الوزارة.

***
• ملاحظة: طرحت وزارة التربية مناقصة شراء 71 ألف جهاز كمبيوتر لتوزيعها على طلبة المرحلة الثانوية خلال العام الدراسي القادم. شكرا للوزيرة السيدة موضي الحمود التي أصبحت مكانتها أقرب كثيرا لعبد العزيز حسين التركيت، رائد التعليم الحديث في الكويت.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

قبل الصلاة… اغتسل!

 

إذا استمر المجتمع البحريني، وخصوصا بالنسبة لعلماء الدين والخطباء والفئة المثقفة، في إرهاق الناس بالسياسة وحربها الضروس داخل أروقة المجلس النيابي وخارجه، وانشغلوا أو اشتغلوا بما يدور من عواصف قطباها موالاة ومعارضة، وتفرغوا لمتابعة مشهد التفكيك المتعمد المستمر بين فئات الناس، وأهملوا المجتمع وتركوا مسئولياتهم في التصدي للظواهر والممارسات المنافية للدين والعرف، فإننا سنكون أمام خطر داهم خفي بدأ يظهر شيئا فشيئا.

استقرار الأسرة البحرينية – من وجهة نظري – أهم بكثير من حملات الموالاة ضد المعارضة، وأهم بكثير من حوائط صد المعارضة ضد الموالاة، وأهم أكثر وأكثر من بيانات الكتل البرلمانية ضد بعضها البعض، فالناس تتطلع لحياة معيشية مستقرة هادئة، وتتطلع للأمن والأمان ولقمة العيش الهانئة، وليس لبيانات تشعل العداوة، ولا لصحف تبتعد عن قضايا الناس وهمومهم لتنضم إلى عرس (المواطنة الصالحة) الكاذب في شعاراته وممارساته، والصادق في تحقيق مكاسب فئوية وشخصية.

شخصيا، لا يهمني إذا اجتمعت كتلة برلمانية ما بسفير عربي أو غربي، سريا كان أم جهريا، بقدر اهتمامي بتعرض طفل بريء لاعتداء جنسي مثلا، وبالمناسبة، يبدو أن هناك عاملا مشتركا بين مثيري الفتنة والطائفية ومرتكبي الجرائم الأخلاقية في المجتمع فكلاهما يتحدث باسم الدين! فعلى سبيل المثال، حين ينشغل نائب هنا وآخر هناك بإثارة البغضاء باسم الدفاع عن الوطن والدين، فهو لا يختلف عن ذلك الشخص الذي حكمت عليه المحكمة بالسجن عشر سنوات في قضية اعتداء على عرض طفل يبلغ من العمر 9 سنوات بعد أن استدرجه إلى مكان الواقعة وحسر عنه ملابسه واعتدى على شرفه، ثم أعطاه 500 فلس وطلب منه عدم إخبار أحد بالأمر وطلب منه الاغتسال قبل الصلاة إذا كان يصلي!

فأقطاب إثارة الفتنة يخادعون الناس باسم حب الوطن والدفاع عن الدين، ويحذرونهم من 500 محذور وأكثر من شركائهم في الوطن، ثم يطلبون منهم أن (يغتسلوا) أو (يغسلوا) أيديهم من هدف واحد يصب في مصلحة الناس.

وحال الأصوات التي تحاول تأليب الناس على بعضها البعض، ويدعون أنهم يسعون للتصدي (للخلافات) وأنهم بمثابة الحصن الحصين للوطن وأهله، لا يختلف عن ذلك الشخص الذي اصطحب فتاة قاصرا إلى إحدى الشقق وعاشرها معاشرة الأزواج وفض بكارتها فقط لأنها لجأت إليه هربا من (خلافات) عائلية… هكذا هي حال من يدعون أنهم أولياء الله الصالحين الأتقياء، حماة الدين والوطن الذين ليس لديهم هدف إلا هتك أعراض المجتمع بالطائفية البغيضة وتنظيم الحملات العدائية تلو الأخرى، وإثارة حالة مستمرة من انعدام الثقة بين الحكومة والمواطنين… ولا ندري إن كانوا يغتسلون بعد كل هذا أم لا؟

سامي النصف

شيء من الحقيقة

التباين في المجتمعات الديموقراطية ظاهرة حميدة، واختلاف الاراء يثريها بل انه الفارق الاساسي والرئيسي بين تلك المجتمعات الصحية متعددة المشارب والاطروحات ومجتمعات القيادات القمعية الملهمة (الضرورة)، على ان يلتزم اللاعبون في اللعبة الديموقراطية بقواعد اللعبة عبر التقيد بقول الصدق والحقيقة وعدم اللجوء لمبدأ «الغاية تبرر الوسيلة».

تنص احدى اشهر مواد الدستور، ونعني المادة 50، على «الزامية» فصل السلطات وتعاونها ومن ثم لا نجد من التعاون في شيء محاولة احد النواب الافاضل القفز على صلاحيات السلطة التنفيذية المقررة بالدستور عبر مقترح تشكيل لجان تقوم بتعيين مدراء الجامعة والمعهد التطبيقي اللذين يداران هذه الايام بكفاءة واحتراف شديدين لا يحوجان معهما قيادتي الجامعة و«التطبيقي» الحازمتين القائمتين للتغيير خاصة ان مثل تلك التغييرات العبثية السريعة القائمة على «الشخصنة» لا تخلق ولا تطور الخبرات التي يحتاجها البلد.

على من يريد ان يناقش «الفرعيات» ان يلتزم الصدق ولا يصور ابناء البلد المخلصين من رجال «الداخلية» على انهم ظالمون ويتعاملون بازدواجية المعايير، كما ان عليه ان يعطي المجال في ندوته للرأي الآخر حتى لا يغرر بالحضور ولا يستفز المشاعر حتى لا ينتهي الامر بحرق الاوطان وتحويل امننا القائم الى خوف دائم.

فلم تجر للمعلومة فرعيات بالحسينيات بل نزل للانتخابات اعداد كبيرة من ابناء السنة والشيعة، ولم تجر فرعيات بالتحالف الوطني ناهيك عن ان تكون تحت رعاية الشرطة، ولو جرت فهي للمعلومة «تصفيات سياسية» قائمة في العالم اجمع ولا يجرمها «القانون الكويتي» الذي يدين الانتخابات التي تجرى على معطى «الفئة والطائفة» فقط وليس غيرها.

ومما لم يقل به محاضرو الندوة ان الفرعيات ستضر بابناء القبائل الكرام قبل غيرهم، ففي الوضع الحالي تخرج الدائرتان 4 و5 نواب قبائل بنسبة 100%، كما ان التزام الدوائر الثلاث الباقية بقانون منع الفرعيات يتسبب في نجاح ابناء القبائل بتلك الدوائر ولو اسقط القانون لفتح الباب لاجراء فرعيات «مضادة» آجلا او عاجلا في الدوائر الثلاث الاولى وحتى في الدائرتين 4 و5 مما سيقلل العدد الكلي لنواب القبائل الكرام بدلا من زيادته.

قرر محمد الفايد اخيرا الاستقرار في «سويسرا» بعد ان قضى نصف قرن في بريطانيا دون ان يحصل على جنسيتها لسبب واحد هو شك دائرة الهجرة في انه زيف بعض المعلومات التي ادلى بها عن بداياته، بالمقابل تسابق البعض لدينا على نشر اخبار قال انها تبرئ احد الاشخاص والذي صدر مرسوم اميري بإسقاط جنسيته واتهمت الكويت بالظلم على معطى ذلك الحكم الاولي (وليس النهائي) من قبل بعض الزملاء، فأين الحقيقة؟

اوراق تلك القضية تظهر عكس ما قيل فبعض التهم ذكر الحكم عدم الاختصاص بالنظر فيها وليس التبرئة كونها حدثت في العراق، والبعض الاخر سقط بالتقادم وليس التبرئة، والبعض الثالث بالاحالة للدائرة المختصة للحكم فيه، ومن اوراق الدعوى الرسمية نكتشف ان هناك من سجل اسمه الرباعي منتميا لعائلة تنتمي لقبيلة «الدواسر»، وسجل اسم شقيقه الرباعي بذات الاسماء، الا انها تنتهي بـ «الظفيري» واسماء شقيقين بذات الاسماء الرباعية الا انها تنتهي بـ «العجمي»، فهل هذا امر مقبول لدى القبائل؟! واذا لم يكن هذا تزويرا يحرم الحصول على الجنسية كما حصل مع الفايد فما هو التزوير اذن؟

آخر محطة:

من شهود تلك القضية كل من الافاضل صلاح المطيري وجمال الريش وحسين الهيفي وسالم العجمي وعادل الصبيح وسلطان الرميان ويعقوب السويطي ووائل الزمر، مما يبعد القضية عن «الشخصنة»، ويضعها في موقعها الصحيح من اعتراض يعمل به في العالم اجمع على من ينتحل اسماء لا يمت لها بصلة ولاسباب غير معروفة.

محمد الوشيحي

هنجمة وسمسمة

الهوى يماني. وإلى اليمن واليمنيين يجذبني جاذب. ما هو؟ لا أدري، لعلّه عرْق أجدادي الأولين، أيام بلقيس وسبأ، قبل الهدهد بأسابيع عدداً. الأكيد أنني أعشق لهجتهم اللصيقة بالفصحى، الجدار على الجدار، وينعشني صدقهم وأمانتهم وبساطتهم، وأهيم بأشعارهم وتراثهم الفني الفاحش الثراء. وأجزم وأقسم «وحق الله» أن تراث اليمن الغنائي يعادل تراث الخليج العربي كله، من عقاله إلى حذائه.

ويا سلام على جلسات السمر مع الطلبة اليمنيين، عسكريين ومدنيين، أيام الدراسة الجامعية في القاهرة، والله الله على رقصة «البَرَع» التي درّبوني عليها فأدّيتها معهم على صوت مغنٍّ مراهق نحيل، يتلاعب بعودٍ متهالك عليل، ويرتدي فوق دشداشته الرخيصة جاكيتاً أسود، يضع في جيبه الأعلى – من باب التزيّن بما يليق بالسهرة – قلمين بائسين أحدهما أحمر والثاني أزرق، ويسرح شعره على أحد الجانبين بكثافة لافتة. وهات أشوف «يا أحبة ربى صنعاء، عجب كيف حالكم، وهل عندكم ما حلّ بالعاشق المضنى، وهل تذكرونا مثلما ذِكْرنا لكم، وهل تسألوا مَن جاء إلى أرضكم عنا، لِأنّا وحق الله من شوقنا لكم، نسائل نجوم الليل عنكم إذا جنّا»، يليها جلوس وهدوء واستماع بعيون مغلقة وأفكار طائرة لمراهقين يمنيين مغتربين يهزون رؤوسهم على أحزان العزف المتباطئ ويرددون جميعاً خلف المغني: «وامغرّد بوادي الدور من فوق الأغصان، وامهيّج صبابتي بترجيع الألحان، ما بدا لك تهيّج شجو قلبي والأشجان؟ لا أنت عاشق ولا مثلي مفارق للأوطان»، وهات لنا «خطر غصن القنا»، وهات «لا النوم يشتيني(1) ولا أشتي النوم»، وهات «قد كنت شاصلّي(2) ولا أدركته إلا حين نكع»، وهات وهات وهات… الله على اليمن وعلى شعب فنان بالسليقة.

استمعوا إلى الفن اليمني كي تغسل قلوبكم من الفشل والتراجع والخيبة في كل شيء تقع عليه أعينكم في الكويت، باستثناء فراشة هنا، وعصفورة هناك. استمعوا إلى «لِمَه لِمَه يا منى قلبي لِمَه (3)، تردّ بابك على عابر سبيل، ذا كِبْر منكم وإلا هنجمة، والّا معاكم على هذا دليل؟، ولّا قده طبعكم ذا سَمْسَمة، تعذبوا عاشقاً صبّاً نحيل»، واستمعوا إلى الفنان الرائع علي بن محمد الذي لا أعرف جنسيته، ولا أدري هل هو إماراتي أم سعودي أم يمني، لا يهم، المهم أن «ارتجافة» صوته التلقائية تطرب وتشنّف، خصوصاً في أغنية «مسكين أبو الحضارم».

استمعوا وتهنجموا وتسمسموا وترنموا فـ»كثر السياسة يقل المعرفة».

* * *

أحر التعازي للزميل سعد العجمي لوفاة والدته، تغمدها الله بواسع رحمته وألهم ذويها الصبر والسلوان.

(1) يشتيني: يريدني، وأظنها اختصار «يشتهيني».

(2) شاصلّي: سأصلّي.

(3) لِمَه: لِمَ، أداة استفهام. 

احمد الصراف

الدين المعاملة.. أي معاملة؟

منذ كنا صغارا ونحن نسمع مقولة «الدين المعاملة»! وحيث ان النص لم يحدد معاملة من لمن، وحيث اننا أجلف ما نكون في تعاملنا مع الغير، فمن الطبيعي الافتراض ان المقصود هو تعاملنا بعضنا مع بعض.. كمسلمين! وحيث اننا لسنا بأقل جلافة هنا ايضا فمن حقنا القول اننا، في غالبيتنا، أبعد ما نكون عن مضمون المقولة!
وفي مقال للزميل احمد الاسواني تساءل فيه بحرقة كيف يمكن أن يثور ويشتم ويقيم الدنيا مسلمون على من أساء للإسلام ورموزه برسم تافه أو فيلم متواضع لأن مشاعرهم الدينية «الحساسة» جرحت، ومع هذا لم تهتز تلك المشاعر نفسها قط لمناظر ذبح وقتل الآخرين وتفجير الانتحاريين لأنفسهم في النساء والأطفال من عاصمة غربية لأخرى، ومن مدينة شيعية لجارة سنية شاملين الرياض بمدريد بلندن بالكويت وبمدن العراق وأفغانستان وباكستان باسم الإسلام، مسيئين لوضع ومستقبل وحياة ملايين المسلمين الذين طالهم أذى هؤلاء. وكيف يمكن أن نفهم خروج المظاهرة للإشادة بفروسية أسامة بن لادن وشجاعة الظواهري ودهاء الملا عمر، الذين خططوا لغزوتي واشنطن ونيويورك، وننسى أوضاعنا التعليمية والصحية والصناعية القريبة من المأساة، أو اشد احيانا، و«عشرات آلاف مساجين الحرية في الكثير من سجوننا الأكثر شهرة من جامعاتنا»؟
ويستطرد الأسواني، مدرس الفيزياء في أسوان، في القول ان من يسيء للرسول هو رجل مثل القرضاوي الذي يحرض على قتل الأطفال اليهود في أرحام أمهاتهم (محاضرة بنقابة الصحافيين المصرية سنة 1996)، ويحرض على العمليات الانتحارية باسم الدين، ويعلن الجهاد في العراق؟ من يسيء الى الرسول هم من ينادون العالم لإصدار قرار بمنع ازدراء الأديان وهم يمارسونه مع كل صلاة في مساجدهم وفي مدارسهم وفي فضائياتهم، وخاصة مع المسيحيين واليهود ويدعون عليهم في كل صلاة. (…)
من يسيء الى الإسلام هو من يعتقد ان المرأة عورة، وانها تقطع الصلاة مثلها مثل الكلب والحمار كما جاء في أحد الصحاح، وان المرأة ناقصة عقل ودين، وينساها أما وأختا وحبيبة وابنة وزوجة. ومن المؤسف ان غالبية المسلمات يؤمن بصحة هذه الأحاديث.
من يسيء الى الرسول هم من ينشرون الخرافات بين المسلمين مثل الطب النبوي وتفسير الأحلام ويدعون أتباعهم لسنة النبي الكريم لينشروا الجهل والتخلف.
من يسيء الى الإسلام هم أولئك الحكام الذين حولوا دولهم الى معاقل الطغيان والدكتاتورية، وقاموا بتطويع النصوص الدينية لتبرر جرائمهم. من يسيء الى الرسول ليس الغرب بل نحن، لفرضنا النموذج الإرهابي المنافق الكاره للحياة، الذي يتغذى من قتل الآخرين باسم الجهاد ومحاربة الرأي الحر بحجة ثوابت الأمة، وهي لا تعني إلا التخلف والتحجر.
•••
• ملاحظة: على الرغم من الضعف البدني الذي يشعر به من هو في حالته، والذي يمنعه من التواصل المستمر مع محبيه وقرائه، فإن الصديق الاستاذ أحمد البغدادي يتمتع بمعنويات عالية، وصحته في تحسن مستمر، وخسر إيجابيا الكثير من وزنه الزائد، وأصبح بإمكانه الخروج من المستشفى قليلا والتريض خارجها، وسيعود لنا جميعا قريبا معافى.
نذكر ذلك ردا على كمّ الاستفسارات التي تردني كل يوم لتسأل عن أحواله.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

يعني نقدر بليّاكم !!

أنا هنا لا أقلل مما تحقق أبدا، بل أعلم جيدا أننا نتكلم عن متغيرات عصفت بالعالم بشكل عام وبالمنطقة بشكل خاص، إلا نحن راوحنا في أماكننا، فمازال لاعبونا هواة تشغل تفكيرهم الوظيفة أو الدراسة، ومازلنا نبحث عن الأرخص في استعداداتنا. على الرغم من كل هذه الإحباطات تمكنا من الصعود والتأهل على حساب الأستراليين والعمانيين أصحاب الظروف الأفضل منا والإمكانات الأقوى، فهنيئا لنا برجال بلدنا الذين تحاملوا على أنفسهم وعلى إحباطاتهم من أجل أن يسعدوا الكويت وشعبها ومحبيها.

هذا ليس مربط الفرس، بل ما حدث خلال ثلاثة أعوام كاملة هو المحرض لكتابة هذا المقال، فقد أثاروا الزوبعة تلو الأخرى ولايزالون في عملهم هذا، وكرروا: أبعدوا الساسة عن الرياضة، وأصروا أن سبب التخلف والتراجع الرياضي هم الساسة، وما إن ابتعدوا لأربعة أشهر فحسب حتى خطونا هذه الخطوة العملاقة سواء في تصنيفات الفيفا الشهرية أو على صعيد النتائج، فمنتخبنا لم يخسر منذ أن رفعوا أيديهم عن الكرة، وفكرة أن الرياضة لا تزدهر إلا بوجود أبناء الشهيد باتت فكرة بالية رثة لا يستطيع أفضل المحامين الدفاع عنها، بل ليس الأمر كذلك فحسب، فإنه بعدم وجود أبناء الشهيد أو بعض أدواتهم، مع احترامنا لأشخاصهم وقدراتهم، أصبح الوضع أفضل وأجمل.

لقد قال لي الدكتور أحمد الخطيب ذات مرة إن «جمال الأسر الحاكمة وسر ديمومتها والتفاف الناس حولها هو أن تكون الملجأ في حال الخصام، لا أن تكون أحد أطرافه»، وهو الأمر الذي فعلا نفتقده في الكويت، خصوصا في الشق الرياضي، فالشهيد فهد الأحمد استن سنّة، وإن كانت بنوايا طيبة إلا أنها أنتجت القليل جدا من الزهور والكثير جدا جدا من الشوك الذي مزق الأيادي، فالرياضة ليست حكرا على أحد والنجاح غير مقرون بأشخاص بل بعطاءات، ورجال الكويت قادرون على هذا الأمر ليس عن طريق النزاع والخصومة، بل بلغة القانون والنظام.

هذا جل ما نصبو إليه فإن استمرت الحال وفق هذه الطريقة فأقولها بكل ثقة إن الوعد في الدوحة 2011.

ضمن نطاق التغطية:

السيد ناصر الخرافي تبرع بمليون دولار للأشقاء في المنتخب المصري حين فاوزا بكأس إفريقيا.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

أبناء يغْنون عن الأعداء!

إذا كان أذى الكويت وقهرها قد تسبب فيه سابقا سيئ الذكر الدكر صدام، فقد تكفل للأسف الشديد بعض ساستنا وكتابنا بتكملة مسيرة الأذى عبر ما يقولونه ويخطونه في وسائل الإعلام متناسين خير الكويت على مواطنيها من وظائف ورواتب وخدمات صحية وتعليمية وسكنية وحرية معتقد وأمن وديموقراطية ورفاه ورغد في العيش قل وجوده في بلد آخر، وبدلا من الحمد والشكر على النعم نجد الإساءات المتعمدة والضرر الشديد بالقول والكلمة والذي يستخدمه الاعداء ضدنا على طريقة «وشهد شاهد من أهلها».

 

أعلن كاتب على رؤوس الأشهاد عن قيامه بالشهادة ضد بلده الكويت فيما يخص حقوق الإنسان وهو العالم قبل غيره من موقعه كنائب بأن بلده هي الأرحم والأكثر رأفة بمواطنيها ومقيميها من أي بلد آخر في العالم، وأنه بشهادته تلك سيفقد بلدنا الكويت الكثير من الدعم العالمي لها والذي تعتمد عليه في بقائها وسط الصراعات الحادة القائمة في المنطقة، وقد تعرضها الإدانة للعقوبات الاقتصادية والمالية.

 

كاتب كويتي آخر كتب مقالا طيرته الصحافة العربية والإسلامية فحواه أن في الكويت شواطئ عراة وأن الفتيات الكويتيات يكشفن عوراتهن في الأسواق العامة كي يقوم الرجال الآسيويون برسم الوشم عليها! وبالطبع أصبحت تلك الشهادة الكاذبة وسيلة للهجوم على الكويت وسبيلا يفقدها تعاطف الشعوب الإسلامية معها.

 

وكاتب كويتي (صادق) آخر استغل ذات مرة عز الحملة العالمية ضد الإرهاب وضد الإرهابي أسامة بن لادن ليكذب ويطبخ ويزيف استفتاء ذكر ان 90% من الكويتيين يؤيدون الإرهابي أسامة بن لادن وأن الشباب الكويتي يلبس «التي شيرتات» التي تحمل صورته، مظهرا إحداها، وفيما بعد اختلق كذبة أخرى مسيئة للكويت عن تفشي عبدة الشيطان بين شبابنا عبر رشوته بعض الصغار بالمال وإظهارهم في أحد برامجه.

 

كاتب لم يخجل ذات مرة من أن يعيرنا بمقال منشور في الصحف بأن ولاءنا لا يتعدى العبدلي والسالمي والنويصيب أي حدود الكويت ولم يخبرنا إلى أين يمتد ولاؤه الشخصي، كاتب آخر عتب علينا انتقادنا احدى الدول الخليجية لاستخدامها الطاقة النووية التي انصرف عنها العالم منذ عقود، مدافعا عن تلك الدولة عبر استشهاده بنية الكويت استخدام تلك الطاقة (تحت الدراسة) متناسيا أن تلك الرغبة الكويتية والسعودية أتت كرد فعل وليست فعلا بذاته وتلك عينة بسيطة مما يكتب ولدينا ما هو أنكى وأدهى وأمر.

 

آخر محطة: هل يمكن أن يضع بعض هؤلاء حبة ملح في عيونهم ويبدأوا كنوع من «التغيير» المستحب الدفاع عن الكويت بدلا من الإساءة المتكررة لها.

 

احمد الصراف

متى سينتهي البلاء في كربلاء؟

كتب الكربلائي، نسبة لكربلاء العراق، كاظم حبيب مقالا بعنوان «متى سينتهي البكاء في مسقط رأس الحسين؟» قال في مقدمته: «يعيش أهل كربلاء، مسقط رأسي، في كرب وبلاء دائمين، يعيش بنوها وبناتها في هم قاتل وفي محنة لا تنتهي، استشهد فيها الحسين وصحبه في صراعهم ضد الظلم والطغيان، فحوّل شيوخ الدين تلك الشهادة الى مآتم لا تنتهي بدلاً من جعلها مشهداً يجسد انتصار الانسان على الظلم عبر الاستشهاد، وأصبحت المدينة سنة بعد أخرى مرتعاً للحزن الدائم واللطم القاهر وسيل من الدماء، وكل هذا يعيش عليه ومن خلاله كثير من البشر..».
أكتب ذلك بمناسبة شريط خطبة مسجلة للداعية عبدالحميد المهاجر يقول فيها أمام جمهرة من المستمعين بأنه أصيب بمرض عام 1984، ونقل الى لندن لتلقي العلاج، وهناك قام طبيب يهودي صهيوني باعطائه ابرة نتج عنها اصابته بشلل تام، وانه كان قادرا فقط على تحريك يديه، وقد اخبره رئيس المستشفى، وذكر اسما انكليزيا، انه سيبقى كذلك حتى نهاية عمره! وقال المهاجر انه عندما اختلى بنفسه اضاء ضوء الغرفة الأحمر الذي يمنع دخول أحد عليه وتوجه بالدعاء للسيدة فاطمة الزهراء، فما لبثت ان لبت النداء وشفته من شلله وها هو الآن في تمام صحته!
انتهى المهاجر من خطبته وسط تهليل وتكبير جمهوره وسيل عارم من الدموع تملأ مآقيهم، من دون ان يكلف أحدهم نفسه سؤال الخطيب عن ملابسات ما ذكر او التيقن من حقيقة روايته أو مجرد التساؤل عن معناها.
والقصة، بكل تلفيقاتها، تتضمن اساءة غير مباشرة لمقام فاطمة، فكيف نصدق انها ترضى ببقاء العراق، وكربلاء بالذات، من دون ماء نظيف ولا كهرباء مستمرة ولا شوارع مرصوفة، ولا مدارس جيدة ولا معاهد علمية ولا صناعة، حتى نصف متقدمة ولا منازل كافية، ويعاني شعبها من البطالة والعجز والمرض والفقر ويعيش الحزن طوال قرون، كيف نرضى انها تقبل بكل هذا البؤس وتذهب الى لندن لتعالج السيد عبدالحميد المهاجر من شلله؟
ان صناعة الحزن واستدرار الدموع ولطم الصدور وشق الرؤوس لن تتوقف طالما بقي امثال هؤلاء، فمثله والمئات غيره لم يحاولوا يوماً تجيير ملحمة الحسين لتنمية الوطن أو رفع شأنه، وبث الحماسة على العمل الجاد في نفوس أهله وتقدم مجتمعه، لان جميع هذه الأمور «لا توكل خبزا» بالنسبة إليهم ولا تحافظ على مكانتهم، ويهمهم بالتالي بقاء الاوضاع على ما هي عليه، أو حتى زيادة جرعتها، مثل ما أصبحنا نراه من مواكب دينية مليونية في العراق وغيرها.

أحمد الصراف