احمد الصراف

سامح وسلوك السباق

تظهر الطريقة التي يتصرف بها شخص ما الكثير من جوانب شخصيته، كما تبين الأسماء التي نطلقها على أبنائنا أو ممتلكاتنا حقيقة الشخصيات التي تأثرنا بها أو كان لها دور في حياتنا، وكل ذلك جزء من ثقافة الفرد والمجتمع، وكلما كان المجتمع بدائياً كانت الرتابة في التسمية وتقليد الآخر اكثر شيوعاً. (من مقال مايو 2005).
نظم البنك الوطني، كعادته السنوية، سباق مشي لمسافة طويلة على طول شارع «الخليج العربي»، وكان سباق هذا العام الاكثر مشاركة والابعد تقيداً بالنظافة، حيث ضعف سلوك الكثير من المتسابقين وتسببوا في ملء طريق السباق المطل على البحر الجميل والمناطق الخضراء المزروعة منه وارصفة الطريق بعشرات آلاف قناني المياه والمشروبات الفارغة والمناديل الورقية، وكان منظرا مؤسفا يدل على خلل في السلوك! وهنا نتمنى على ادارة البنك الاهتمام اكثر بموضوع النظافة في السنة القادمة، كما يفضل فرض رسم اختياري على كل مشترك في السباق ومساهمة البنك في مبلغ يساوي لما يتم جمعه ليصرف على اعمال النظافة او لجهة خيرية. وبالرغم من اننا نستخدم كلمة «سلوك» في حياتنا فان الكلمة لا تعطي بالعربية المعنى الدقيق والشامل مثل ما تعطيه كلمة Manner في الانكليزية، وربما يعود سبب ذلك لقلة اهمية مثل هذه الامور في سلم اولوياتنا وعدم اتساقها وبيئتنا مقارنة بالوضع في الدول المتقدمة التي للخصوصية الفردية اهميتها، والتي منها ينطلق السلوك الحسن في التعامل مع الآخرين، حيث يقومون بالتعامل مع الآخرين بطريقة لطيفة رغبة في ان يعاملهم الآخرون بالطريقة المهذبة والحسنة نفسها.
وسبق ان كتبت قبل ايام مقالا عن السلوك لقي تجاوبا كبيرا، ربما لأنه لمس جوانب حساسة في حياة الكثيرين الذين تؤلمهم تصرفات الغير الجارحة او غير «اللطيفة»، وخصوصا من السيدات. وتقول القارئة «سعاد» ان طريقة تصرفنا في الحياة واتباع السلوك الحسن هو الفارق بين التحضر وعكسه، وان من المؤسف ان السلوك مسألة «ثقافة»، وبالتالي من الصعب الطلب من الآخرين التصرف بطريقة لائقة، اذا لم يكونوا قد سمعوا بمثل هذه الأمور من قبل، والتي لا تشكل اهمية في حياتهم.
ويقول سامح انه عاش في الكويت لسنوات، وهاجر لأميركا وعمل في شركة وبسبب تفانيه واخلاصه تحسن وضعه كثيرا، وفي يوم طلب رئيس الشركة مقابلته وقال له ان الاختيار وقع عليه للترقية لوظيفة اعلى، ولكن عليه تغيير سلوكه، فهو قليل الابتسام، لا بل دائم التجهم، وهذا يسيء لعلاقات الشركة مع عملائها! وهنا اكتشف سامح ان رئيسه محق وانه اكتسب التجهم من الكويت التي تعلم فيها ان للابتسامة اكثر من معنى، وسيئ غالباً، وانه تعرض للمضايقة اكثر من مرة بسبب سوء تفسير ابتسامته من الغير، وبخاصة من الشباب، والفتيات الكويتيات بالذات، وهكذا دخل في دورة لتعلم الابتسام. ويقول انه عندما عاد للكويت قبل فترة في زيارة قصيرة نسي نفسه واستمر في الابتسام للجميع، وهنا بادره اول عسكري في مطار الكويت الدولي بالقول: اشفيك تضحك مثل الاهبل؟ فعاد فورا لتهجمه السابق، وهذا يعني ان عليه دخول دورة تعلم ابتسام جديدة عندما يعود لأميركا!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

«عراد» تدق ناقوس الخطر (1)

 

أكثر ما يثير القلق جراء صراع المراهقين الأسبوعي في «عراد» هو غياب أولياء الأمور عن ساحة الحوادث الدامية التي لا يمكن حصر مسئولية التصدي لها لرجال الشرطة فقط، فهناك مجموعات على هيئة «عصابات» من المراهقين والشباب وصغار السن الذين يقدمون لنا نموذجا مخيفا جدا لفئة تهوى العنف والدماء والصدام بكل ما يقع في يدها من أدوات.

قرية «عراد» تدق ناقوس الخطر لأهلها أولا، وعلى رأسهم أولياء أمور تلك الفئة من الشبان والمراهقين والناشئة، فلم تعد المشكلة كما يصفها البعض «شجار طلابي» معتاد! ففي كل مدارس الدنيا تقع مناوشات وشجار بين الطلبة، لكن أن يتحول الشجار إلى (طلقة انطلاق) تدوي في المعهد أو المدرسة ثم تنتقل إلى الشوارع التجارية والأحياء السكنية ويختلط فيها (العبث الصبياني) ذو الحدة الطبيعية – إذا جاز لنا التعبير – بالـ(صدام الطائفي) ذي الحدة الخطيرة على السلم الاجتماعي، فهذه واحدة من بشائر التأجيج الطائفي التي سعت إلى إ شعالها أطراف تنشط في الظلام كما هي عادتها.

ولن نظلم بعض أولياء الأمور ووجوه الخير من أهالي عراد ممن تحركوا لتطويق فتنة (عصابات الهوس العنفي)، لكن مع شديد الأسف، تلك الصدامات لا تكاد تختفي حتى تعود مرة أخرى وخصوصا في إجازة نهاية الأسبوع وكأنما الشباب في البحرين بدأوا يؤقلمون أنفسهم على إحياء طقوس موجعة في أيام الإجازة، وهذه طبعا لن تختفي وراء فراغ الشباب وإهمال الشباب ونقص مرافق الشباب، ذلك أن تلك الفئة، لا تعجبها إلا فكرة سلوك (الفايكنج) و(الهوليغينز) في نسخة بحرينية للتمرد وتكوين العصابات لشن الاعتداءات والهجوم، وهنا مكمن الخطر.

ما يضاعف حدة القلق، من خلال المعلومات المتوفرة، هو أن بعض الشباب ينظمون صفوفهم من خلال الاتصالات والاتفاق على نقطة الانطلاق وحمل ما يمكن الاستعانة به من أدوات حادة وأخشاب ثم يتجهون إلى الموقع المستهدف للانتقام، وحتى الآن، لا يبدو أن أولياء الأمور الذين تم استدعاء بعضهم إلى مراكز الشرطة قادرين على كبح جماح أبنائهم، كما أنه لا توجد حتى الآن إشارات على أن هناك تحركا من جانب علماء الدين أو الوجهاء أو العقلاء ذوي الكلمة المسموعة، للتدخل بكثافة.

والأخطر، أن الصراع لم يقتصر على عراد، كما حدث مساء الخميس الماضي في الساحة القريبة من القلعة، بل إن هناك مجموعات أخرى من الشباب تثير المشاكل في الحد والبسيتين والدير باتفاق فيما بينها، وقد تحدثت شخصيا مع العضو البلدي الأخ علي المقلة في شأن مخاطر ما يجري خصوصا وأنه يسعى مع بعض الشخصيات ليحُولوا دون اتساع رقعة ذلك الصراع الذي – حسب وصف المقلة – لم يكن معروفا إطلاقا في مدينة المحرق بكل مناطقها بين الكبار من الطائفتين الكريمتين، لكنه لم يخفِ قلقه مما يحدث متمنيا من أولياء الأمور أولا، أن يكون لهم دور في تطويق الظاهرة

سامي النصف

قلة العمل وكثرة الجدل

لكل مجتمع إنساني خصائصه التي تميزه عن غيره، فبعض الشعوب تحب النكتة والمرح، وشعوب أخرى تعشق الفن والجمال، وثالثة شديدة التذوق للأكل والشراب، ورابعة للمعارك والاحتراب، وخامسة للمال والأعمال، وسادسة أيدي أبنائها خضراء للزراعة، وسابعة مبدعة في فنون الصناعة.

إذا كان الشعب الياباني ومعه اغلب شعوب العالم المتقدم يعشق كثرة العمل وقلة الجدل، فإن شعبنا الكويتي الهمام بات يختص بعشق الجدل وقلة العمل ووفرة الغضب ولا يمكن لأمة هذا ديدنها ومسلكها ان تأمل بمستقبل زاهر وغد باهر وأيام مشرقة مقبلة خير من الحاضر.

لقد وصل صراخنا ومشاحناتنا التي لا تنتهي الى شركائنا في عالم القرية الصغيرة وتعداهم الى الكواكب السيارة في المجرات الأخرى، فعجبوا وحزنوا مما يسمعون ويرون، فلم يقصد قط من الحراك السياسي والمسار الديموقراطي ان ينتهي بتسببه في شلل تام في مفاصل الدولة بعد ان «تدوده» الناس من الكوابيس النهارية اليوميـــة التــي نعيشهـــا.

آخر محطة:

 1 ـ حل إشكالية ازدواجية الجنسية واطفاء نار فتنتها يتم عبر دعم ما اقترحه النائب الفاضل علي الراشد من إعطاء مدة عام لتعديل أوضاع من يحمل جنسيتين، فالقصد بالنهاية هو حصد العنب وليس إحراج الناطور.

2 ـ أصبحنا نصدّر للبرلمانات الأخرى بعض ممارساتنا الخاطئة، ومن ذلك تكشف فضائح ملفات العلاج في الخارج بمصر والتي اتضح من خلالها ان أحد النواب أرسل حالات تجاوزت كلفتها الـ 400 مليون جنيه على المال العام (نفس كلفة بناء السد العالي) ونائب آخر أرسل سيدة لديها إشكالات صحية في.. البروستاتا! كما أتى في جريدة «المصــري اليــوم».

3 ـ أخيرا، إذا ما استمر المسلسل الكوميدي القائم تحت قبة البرلمان، فأقترح ان يبدأ ببيـــع تذاكر حضـــور الجلسات حتى نطلـــع على الأقـــل بشـــيء مفيـــد للمال العـــام، ولا حــول ولا قـــوة إلا باللــه.

محمد الوشيحي

استضراس

شنو هذا؟ ما حكاية ضرس العقل الذي نبت فجأة في أفواه الكويتيين ونوابهم وحكومتهم؟ تمشي في الشارع فتُفاجأ بالناس كلّ واحد منهم فاغر فاه على أقصاه لكبر حجم ضرس العقل… النائب مسلم البراك فسّر الماء بأنه ماء، ولم يأتِ بجديد، عندما تحدث عن مساومات الحكومة للنواب في التصويت على طرح الثقة بوزير الإعلام، فضحكنا وأجبناه بالمثل المغربي: «آجي يا أمي نوريكِ بيت خالي»! نحن الأم والبرلمان أخوها، والأم تعرف تفاصيل بيت أخيها قبل أن يولد ابنها. ولو أنك أوقفت سيارتك عند أي إشارة مرور وسألت الذي يقف بجانبك: كم سعر الرأس؟ لأجابك… فما الذي أغضب نوابنا وحكومتنا وكتّابها فجأة، وجعلهم يتحدثون جميعاً عن العقل وضرس العقل.

خلاص، لن نشك في النواب، من باب العقل وضرسه، ولن يشكّ النواب في الحكومة، من باب الوزير محمد البصيري، ولن يشكّ الكتّاب في وزارة الداخلية، من باب العقيد محمد الصبر، خلاص، كل واحد يروح بيته، ونترك أبوابنا مفتوحة، ومفاتيح سياراتنا فيها، ونترك الحكومة ترجع أنصاص الليالي، فلا نسألها أين كانت ومع من، ونترك البرلمان يطيل شعره ويتسكّع في المولات التجارية والمراقص كما يشتهي وفي جيبه مصروف العائلة، وننام، لا شك ولا شكشكة.

وكنا قد قرأنا أن الحكومة، ما بين جلستي الاستجواب وطرح الثقة، اجتمعت مع عدد من النواب، فاتهمها البراك بأنها تساومهم وتغازلهم، بينما الصحيح أنها كانت تتدارس معهم القرآن الكريم، ثم قاموا جميعاً يتوضؤون لركعتي تهجّد، تأسّياً بالصحابة رضوان الله عليهم، فغافلهم السفاح مسلم البراك، يا ويله من الله، ومياه الوضوء تتقاطر من وجوههم وأذرعهم، وضربهم باتهامه على جباههم، في مكان السجود بالضبط.

لذا صَرّحت النائبة معصومة المبارك: «عيب عليك يا البراك اتهام زملائك النواب»، وانا أقول لها إنني تلقيت اتصالاً لم أرد عليه لانشغالي، فجاءتني بعده رسالة: «أنا معصومة المبارك، أرجو الاتصال»، فهاتفتها (كان ذلك بعد استقالتها من الوزارة وقبل نجاحها في الانتخابات) فراحت تعلّق على مقالتي يومذاك، وتثني، وكيف أنني «أبرّد الجبد»، ثم تحدثت هي عن كمية الفساد في البرلمان والحكومة لدرجة أنها أخجلتني وأشعرتني أنني متسامح في نقدي لبعض النواب، فقلت وأنا أشعر بالخجل: «بعضهم يتهمني بالتجنّي والقسوة، ليتهم يستمعون إلى كلامك الآن يا دكتورة»، فأجابتني ضاحكة: «هاهاها، عيل اللي يسوونه يا محمد بالشعب والبلد شنو اسمه؟ مو قسوة؟»، وكانت تقصد الحكومة وبعض النواب. فهل هي أنتِ التي اتصلت بي، أم أنه تشابه أسماء وأصوات يا دكتورة؟

ولا أظن أن الدكتورة ستنكر اتصالها ذاك، وإن أنكرت فلتضع يدها معي على المصحف وليُشهد كلّ منا الله على كلامه، ونترك الباقي على علاّم الغيوب، لكنها لن تنكر. فهل اتهام الحكومة والبرلمان بتبادل الفساد حلال عليكِ يا دكتورتنا المفضالة أنتِ ووزير الإعلام، وحرام على البراك؟ يجوز.

ويا أيها النائب البراك «لا تورّينا بيت أخينا، فنحن نعرف البيت ومداخله وصالته ونعرف موقع الطواليط، أجلك وأجلّنا الله. وأرجوك، لا تقطع مرة أخرى جلسات الذكر وقراءة القرآن التي تجلسها الحكومة – قبل طرح الثقة بأحد وزرائها – مع النواب التقاة الورعين الزهّاد، ولا تعترض طريق المتوضئين». 

حسن العيسى

الشيخ أحمد الفهد: أنا موجود

الشيخ أحمد الفهد يقول بصوت واضح لمن لا يحسن الإنصات إنه موجود، وإلا فكيف نفهم الخبيصة السياسية في دولة "هذه الكويت صلِّ على النبي"؟ فالنائب مسلم البراك يؤكد أن النائبة أسيل العوضي في لقائها سمو رئيس الحكومة عرض عليها أن ترفع الحكومة قانون منع الاختلاط إلى المحكمة الدستورية مقابل تصويتها على عدم طرح الثقة بوزير الإعلام، أسيل نفت، وأكدت أن موقفها من القانون مبدئي برفضه وعدم دستوريته! البراك يؤكد وأسيل تنفي…! من نصدق كيف نبتلع "عافور" الغبار من الحكومة ومن النواب؟ مرجعيتنا هنا… الشيخ أحمد الفهد، كان حاضراً في لقاء سمو رئيس الحكومة والنائبة أسيل… وبالتالي فهو يقول بحزم للمتناسين، إنه موجود، وأكثر من فاعل في السياسة، سياسة الصفقات أو المساومات، وليسمها فقهاء السياسة كما يريدون، المهم أنها السياسة، ويعرفونها في العالم بأنها "فن الممكن"، ونعرفها في الكويت بأنها فن المقايضات، وفن أنا الموجود وأنصتوا إلي جيداً.
أيضاً، النائب مسلم البراك مرة ثانية وثالثة يتهم الحكومة بلعبة المقايضات في  طرح الثقة بالوزير، ويقول إن الحكومة عرضت على النائب حسن جوهر اقتلاع مدير التطبيقي ومدير الجامعة والمقابل معروف. النائب حسن جوهر لا يعقب بالتأكيد أو النفي صراحة، ولكنه يؤكد أن شهادة مدير التطبيقي مزورة، وأن جامعته غير معترف بها، أما مدير الجامعة فهو غير لائق صحياً…
د. حسن جوهر ضمناً أكد ما نسبه إليه النائب البراك… ولكن تم مثل ذلك العرض المغري من الحكومة أو لم يتم فحسن جوهر سيمضي في ملاحقة وإصلاح العوج في وزارة التعليم العالي.
صفقات، مساومات، مقايضات، كلها تتم خلف الستار غاية بعضها لا وسيلتها مشروعة، مثل طرح قانون منع الاختلاط على "الدستورية"، هذا واجب على الحكومة وعلى كل نائب يؤمن بروح الدستور، هذا القانون وغيره عشرات القوانين من قانون المطبوعات والنشر إلى منع القضاء من النظر في مسائل الجنسية ودور العبادة والإبعاد… فيها غاية مشروعة بإعمال روح الدستور   لكن ثمنها بخس متى ولجت لعبة الصفقات… كيف تسير الأمور بهذه الدولة؟… لا أدري… ما أعرفه تأكيداً أن الشيخ أحمد الفهد موجود بقوة… ويا رب غير علينا.

احمد الصراف

الأصيل والبيسري

تنتشر في مجتمعات كثيرة، ومنها المجتمع الإنكليزي، ظاهرة الطبقية، فهناك من تعتبرهم مجتمعاتهم أعلى أو أدنى طبقة من غيرهم، إما لأسباب اجتماعية، قبلية، عرقية أو دينية مذهبية وذلك حسب طبيعة كل مجتمع وظروفه. ففي المجتمعات الصحراوية أو الرعوية مثلا يكون الانتماء للقبيلة هو الفيصل، وغير المنتمي يصبح أضعف من غيره لانعدام من يقف معه إن تعرضت حياته للخطر مثلا، خاصة مع غياب أو ضعف الحكومات. وفي المجتمعات المدنية، وبالذات في الدول المتخلفة يكون المنتمون لدين أو عرق الأقلية أقل شأنا اجتماعيا، ولكن أهمية الانتماء القبلي أو العشائري تصبح أقل مع تقدم المجتمعات وصدور القوانين الضامنة لحقوق الأفراد. وفي الكويت كان للأصل والفصل أهمية كبيرة ولكن مع الوقت فقدت الكثير من أهميتها مع تعاظم دور الدولة وزيادة التعليم وثراء الأسر والأفراد المنتمين لطبقات أدنى، ولكن حلت التفرقة المذهبية محلها في العقود القليلة الأخيرة، وربما فاقتها أهمية. وفي أنحاء كثيرة من الجزيرة العربية يشار للمنتمين لقبائل محددة بالأصيلين أما غيرهم فهم بياسر، أو بيسري. وأفادنا الزميل عبدالله العتيبي، «الموسوعة الحية» بأن هذه التسمية يقصد بها عادة الانتقاص من عائلة أو شخص ما، ولا يعرف أصلها بالدقة، ففي «لسان العرب» ورد ما معناه أن «بيسرة» قوم جاؤوا من السند، وأنهم من الذين يؤجرون أنفسهم لأصحاب المراكب أو للعمل كمرتزقة. وفي المعجم الذهبي الفارسي «بيسري» تعني «بلا رأس»، أو «بي سر» أو بلا أساس أو أصل. وجاء في موسوعة حمد السعيدان الكويتية: يطلق بيسري على الشخص الذي لا ينتمي لقبيلة أو عشيرة معينة، أو لا ينتسب أصلا للعرب (!) ويقال هو شخص بيسري أي لا أصل له في الأنساب العربية، وبيسري كلمة فارسية «بي سار» أي بلا رأس.
ومن المعروف أنه حدثت في فترة من التاريخ تحركات ديموغرافية ما بين الخليج وشبه القارة الهندية، وفي الاتجاهين، كان من نتائجها نزوح أقوام من الهند باتجاه الخليج أولاً ومن ثم باتجاه مناطق مثل البصرة وبلاد الشام، وعمل هؤلاء كمقاتلين أو حراس على ظهور السفن الملاحية الخليجية أو كخدم للتجار ومالكي المراكب، ومن أبرز هذه الأقوام من يسمون في التاريخ العربي بالزط ويسمون في الأدبيات التاريخية الهندية بالجات. ولئن كان الزطوط هم أبرز من ذكروا من بين المهاجرين الهنود الأوائل إلى ديار العرب، فان هناك أيضاً أقواماً أخرى مثل السيابجة أو البياسرة. وأول من أشار إلى البياسرة من المؤرخين هو أبو الحسن المسعودي في الجزء الأول من كتابه «مروج الذهب»، لكن المسعودي لم يبين أصل كلمة بيسري أو بياسرة، واكتفى بالقول انها تطلق على من ولدوا من المسلمين بأرض الهند. ويرجح أن تكون الكلمة هندية كوجراتية وتعني الخليط، مما يقودنا إلى فرضية أن البياسرة طائفة تكونت نتيجة زيجات مختلطة ما بين المهاجرين الأوائل إلى الهند من الخليج الفارسي واليمن والعراق والحبشة، أو ما بين هؤلاء وشعوب الهند.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

احلف بـ «صلاة أمك وأبيك»!

 

منذ الصباح الباكر، كان الموظف المسكين يشعر بأن أمرا لا محالة واقع في ذلك اليوم الذي بدا منحوسا منذ شروق شمسه والعياذ بالله… فلا إفطار له وللأطفال بسبب اسطوانة الغاز التي سرقت البارحة على ما يبدو، ولا مجال لاستعمال السيارة التي (نامت بطاريتها) فرفضت الاستيقاظ.

تذكر أنه قبل أيام، كان يجلس مع مجموعة من الموظفين والموظفات الذين اجتمعوا لشرب الشاي في الاستراحة، وتناقشوا في معنى كلمة (فساد)، ومرادفاتها ومضامينها ونماذجها، وكان الحديث ممتعا بالنسبة له، هذا ما دار في خلده، لكن لماذا استدعاه الـ (بيك بوس) قبل قليل إلى مكتبه؟

استدعاه ليصفعه بصرخة مدوية هزت أركانه: «ألا تستحي على وجهك يا أسود الوجه؟ تريد أن تفضحني على رؤوس الأشهاد وتتهمني بالفساد وعدم نظافة اليد؟!»

خارت قوى ذلك الموظف المسكين، وكاد يبكي من شدة خوفه وخنوعه فقال: «مو أنا… صدقني مو أنا»، وأراد أن يحلف بصلاته لكنه لم يتمكن لأنه لا يصلي فوجد سبيلا آخر: «بصلاة أمي وأبوي مو أنا»، وأراد أن يضيف أدلة على خفوت صوته فقال: «صوتي لا يسمعه أحد إطلاقا… عمري ما رفعت صوتي… عمري… ولا مرة… ربما كانت المرة الأولى التي رفعت صوتي فيها وأنا أشجع المنتخب… بس والله العظيم صدقني».

كل تلك المحاولات باءت بالفشل، فالكلام كثير، والجيوب التي تمتلئ بالمال و(الظنون) والشكوك تصبح هي الأخرى، من مصائب الحياة الدنيا… لكن، هل يمكن أن تشتعل نار الفضيحة على يد هذا الموظف البسيط، الذي لا تتعدى مهام وظيفته تسجيل الصادر والوارد من البريد!

تقول بـ «صلاة أمك وأبيك أنك لست من تحدث عن (…) في إدارتي!»

هكذا رمقه بنظرة (خاطفة) وجد فيها المسكين لين جانب ففرح قائلا: لا يمكن أن أبوح بالأسرار! وما هي إلا أسابيع حتى ترقى ذلك الموظف «الكتوم» لينال جزاءه بالترقيات والعطاءات والكرامات نظير إخلاصه في العمل!

سامي النصف

القذف من خلف ستار الحصانة!

بعد تصريح النائب حسن جوهر الشهير بأنه سيشهد أمام لجان حقوق الإنسان الدولية ضد بلده الكويت، عاد بالأمس للطعن في أبناء بلده المخلصين القائمين على الجامعة و«التطبيقي»، مما يدل بشكل قاطع على أن الدكتورين الفاضلين الفهيد والرفاعي يسيران ويخدمان بلدهما بالشكل الصحيح، فلو كان الاثنان ممن يغيبون ضمائرهم ويقبلون توسط من لا يستحق لحصدوا ثقة البعض ولاستبدل العداء بالثناء الشديد.

 

إن الطعن في الشهادات قد حسمته المحاكم ـ كما يعلم النائب ـ لصالح مدير عام التطبيقي حين أصدرت أحكامها النهائية من محكمة التمييز ضد من طعن في شهادته العلمية، ولو كان ذلك الطعن صحيحا ـ وهو جزما غير ذلك ـ لأدان النائب قبل المدير لسكوته طوال الأعوام الماضية التي تردد خلالها على المدير في مكتبه، مما يعني اعترافا صريحا بشهادته ومكانته، وقبل ذلك عندما كان النائب عضوا في اللجنة التعليمية لمجلس الأمة، وكان الدكتور عميدا لكلية الدراسات التجارية لمدة ست سنوات طوال، ولو كانت الدعوى محقة لطالب كعضو في تلك اللجنة بإقالته من ذلك المنصب الأكاديمي الرفيع.

 

إن الحقائق الجلية تظهر أن الدكتور الفاضل يعقوب الرفاعي قد حصل على البكالوريوس بدرجة جيد جدا من جامعة الكويت، ثم أُرسل في بعثة حكومية، حيث حصل على الماجستير وبعدها ـ لا قبلها ـ الدكتوراه من جامعة كليرمونت الشهيرة التي تخرج فيها كثير من رجال الدولة الكبار الذين لم يطعن أحد في شهادتهم أو في أهلية تلك الجامعة العريقة، وأما الدكتور الفهيد فموقفه وهو مريض ـ إن صح الادعاء ـ خير من موقف ألف من الأصحاء المجاملين.

 

ويعلم الجميع أن التعليم قد دُمر في الماضي بسبب المجاملات وقبول الوساطات فيها لا يجوز التوسط فيه ونعني القضايا الأكاديمية والتعليمية، ويأتي هجوم من تغيرت عليه الأوضاع كشهادة وصك براءة لمسؤولي الجامعة والتطبيقي، ونأمل أن يكون الرد الحاسم على الهجوم غير المبرر هو الإسراع بإعلان التمديد للدكتورين الفاضلين كأمر مستحق ولتعزيز هيبة السلطة التنفيذية تجاه من يحاول القفز على مواد الدستور وسلب صلاحياتها.

 

لقد ضجت الناس ومجت من عمليات الابتزاز والتشهير القائمة على معطى «حقق لي مطالب وافعل بعدها ما تشاء»، أو بالمقابل إن رفضت ما أطالب به فسأستخدم حصانتي البرلمانية في غير موضعها وسأجعلها ستارا أقذف من خلفه الآمنين بالأحجار والدعاوى الكاذبة الزائفة. ولا حول ولا وقوة إلا بالله.

 

آخر محطة: الحمد على سلامة الزميل العزيز فؤاد الهاشم ونتمنى عودته قريبا لأهله وبلده وقرائه الكثر، وما تشوف شر يا بوعبدالرحمن.

احمد الصراف

الوطن العائم 3 ـــ 3

ما إن انتهت عملية التحرير وسارت السفينة في طريقها تتهادى بكل جلال حتى هبت ريح شمالية قوية عليها، ما لبثت ان تحولت لشرقية عاتية قبل ان تنتهي لجنوبية قاتلة ارتفع خلالها الموج عاليا، ولكن الأمور هدأت فجأة ولكن بعد ان تركت وراءها عددا من الضحايا والخسائر المادية، وبيّنت، وما سبقها من تجربة الاحتلال، مدى الحاجة لمشاركة الآخرين الرأي وعدم التفرد به، وان العودة لبرنامج التعاون السابق على الاحتلال هو الافضل. وعلى الرغم من اتفاق الجميع على ذلك فان التعاون لم يستمر طويلا، حيث اعتقد كل طرف ان الطرف الآخر يعتدي على «صلاحياته»، مما اضطر لحل لجان التعاون والتفرد، فساد التذمر والاحتجاج، ولكن مقاومة الركاب وبعض البحارة السلبية اعادت اللجان للعمل بروحية جديدة، مما كان له احسن الأثر في احداث تغيرات ايجابية ساهمت في تطمين النفوس القلقة، وتبين انه كان القرار الافضل لسلامة المركب وبحارته وقاطنيه.
سارت الامور على ما يرام لفترة، ولكن دوام الحال من المحال، فقد بدأت العلاقة بين الطرفين بالتخلخل، بعد ان اكتشف احد اعضاء اللجان الفرعية قيام بعض البحارة بالاستحواذ على كميات من طعام اكثر من حاجتهم، وقيام بحارة آخرين بالضغط على الربان لاعطائهم مساحات اكبر من السفينة لمزاولة تجارتهم ورغد عيشهم. وهنا بدأت عمليات الشد والجذب واضطر النوخذة للتدخل ووضع حل لخلافات البحارة والركاب، ولكنه غض الطرف عن بعض التجاوزات، مما ترك اثرا سيئاً في نفوس البعض وزادت الاعتراضات السلمية على ما يرتكب من مخالفات، الامر الذي دفع الربان لحل اللجنة مرة اخرى، لم يقبل الركاب بالوضع واستمر الشد والجذب بين الطرفين وانتهى الامر بتشكيل لجنة رئيسية جديدة.
سارت الامور لفترة على ما يرام ولكن النوخذة وبحارته احسوا ان من الافضل شراء ولاء فئة من الركاب لمساعدتهم في السيطرة على الاوضاع في السفينة، وهكذا سهلوا امر فئة محددة واطلقت يدها في العديد من المجالات، وبدأ هؤلاء بمصادرة كل الآلات الموسيقية بحجة انها «حرام» ثم تبعوها بأوراق اللعب وصادروا الكتب ومنع الجديد منها، وأصبح اداء الشعائر الدينية اجباريا وتم تقنين المؤن الغذائية بحيث تكون الاولوية في التوزيع للمرضي عنهم، وسنت انظمة تحرم الكثير على الاقليات وصودرت صحون التقاط القنوات، وطلب من النهام الجديد، الذي تحول سلفه لمؤذن، الابتعاد عن الشدو بأغاني الامس لاحتوائها على ما يخدش مشاعر البعض، ومنعت الافلام والمسرحيات وحتى الصور المتحركة لكونها مفسدة للاخلاق، وقصروا اطوال ملابسهم واطالوا لحاهم واستبدلوا فراشي الاسنان بمساويك، ولم تلق اعتراضات الركاب اذنا مصغية، وتدنى مستوى المعيشة وغادر البعض السفينة وفضل آخرون الانزواء والتفرغ لاعمالهم والسكوت على كل تجاوزات الملالي الجدد، وهذا افسح المجال للقطط السمان بحيث اصبح «المخامط» السمة السائدة، واصبح الملالي سادة الساحة وأصبحت السفينة، ولأول مرة، معرضة للخطر من الداخل، فهل ستنجو من هذه الكارثة؟

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

طلال الفهد


عزفت عن متابعة مقابلة السيد طلال الفهد في إحدى القنوات المحلية قبل أيام، ولم ينبع عزوفي عن متابعة طلال لرفضي سماع الرأي المعارض لرأيي، بل أعزو المسألة لاعتقادي الراسخ بأن من لا يجرؤ حتى على مواجهة المكالمات التليفونية، بل يشترط ألا تتضمن مقابلاته أي مواجهة مهما كان نوعها، فهذا يعني أن كلامه ومنطقه هش لا يتحمل أبسط أنواع المعارضة. على الرغم من هذا العزوف، فإنني أجبرت للأسف على مشاهدة تسجيل هذا اللقاء بعدما وجدت أن البعض ممن هم حولي انطلت عليهم بعض أقاويل الرئيس السابق وأسلوبه في طرح قضيته ورؤاه. إليكم بعض ما قاله السيد طلال الفهد مع التفنيد: – بدأ حديثه بتهنئة اتحاده الشرعي، على حد تعبيره، على وصول المنتخب إلى نهائيات كأس آسيا! على الرغم من عدم اعتراف أي جهة في العالم محلية كانت أو دولية بما يسميه الاتحاد الشرعي، وهو ما يعني أن «صاحبنا» يفتقر حتى لأبسط أنواع المنطق التي تجعل المرء يتمكن من سماعه. – في معرض تعليقه على حكم المحكمة الدستورية الذي ينص على عدم جواز إقالة من يجمع بين منصبين رياضيين دون أن يتم تخييره، ذكر أن الحكم الحالي يسمح له بالجمع بين المناصب، وهو تدليس على حكم رسمي صادر من السلطة القضائية، والذي كما ذكرت بأنه ينص على التخيير، أي أنه لا يمكن للمرء الجمع بين منصبين رياضيين حتى بعد حكم المحكمة الدستورية على عكس ما دلسه طلال الفهد. – ادعى بأن من ساهم في مشاركة منتخب الكويت في كأس الخليج هو وزير التنمية أحمد الفهد، وهو تحوير بيِّن للحقائق التي تثبت أن قرار المشاركة كان قد اتخذ قبل تحرك وزير التنمية. هذا جزء فحسب من ادعاءات الرئيس السابق في تلك المقابلة، أما الشق الآخر من المقابلة فقد كان مساحة لفتل العضلات الوهمية التي مازال يعتبرها الكثيرون شجاعة وبطولة وقوة، فالسيد طلال يقول في معرض حديثه إنه «سيلسّب» رئيس الهيئة العامة للشباب والرياضة قضائياً، نعم المصطلح كما قرأتموه صدر من شخصية كانت قيادية قبل أشهر تجاه لواء متقاعد قدم الكثير لبلده على الصعيد الرياضي والعملي. لا أستهدف في هذا المقال نقد شخصية هي برأيي من أسوأ أمثلة القيادات التي مرت على هذا البلد أخيرا، بل لكي تتضح الصورة للعقول عن مدى ضحالة طرح من يفاخر البعض بوجوده كشخصية رياضية. نعم نجح طلال الفهد نجاحاً باهراً في الإدارة الرياضية في بعض الأحيان «نادي القادسية» وفشل فشلاً ذريعاً في أحيان أخرى «اتحاد كرة السلة سابقاً»، ولكن لا الفشل ولا النجاح يجعلانه يستمرئ التدليس والانحدار في الطرح لهذه الدرجة. ضمن نطاق التغطية: لجأ إلى القضاء في قضية خلعه من رئاسة نادي القادسية، ولجأ إلى المحكمة الدستورية للطعن في عدم دستورية قانون عدم الجمع بين المناصب، وفي الحالتين طبق القانون ومن ثم اشتكى، إلا أن الشخص نفسه رفض أن يطبق قانون انتخاب الاتحادات ولم يلجأ إلى القضاء، بل أدخل الكويت ومازال في دوامة رياضية أمدها ثلاث سنوات، هل مازال البعض يعتقد أنه يهدف إلى الإصلاح؟