علي محمود خاجه

اثنيناتكم تفشلون

قانون الخصخصة الذي أقر في مداولته الأولى في الأيام الماضية هو قضية المرحلة في الكويت، ولا أعتقد إطلاقا أن الأمور ستهدأ بالانتهاء من الإقرار في المداولة الأولى، بل قد تتسبب هذه الخصخصة بأزمات وسهام متطايرة من كل جانب.

لم يتسن لي حتى لحظة كتابة هذا المقال أن أحصل على نسخة متكاملة للقانون المقر، وأنا على يقين بأن الحديث سيطول حول هذا القانون ونصوصه بعد حين، ولكن الحديث عن خصخصة قطاعات الدولة ليس بالحل الجديد للبعض، ولكنه غريب بالنسبة لمضامينه كما أراها أنا.

فتخصيص القطاع العام كله أو جزء كبير منه يعني أن القطاع العام فاشل في الإدارة، وعليه فيجب أن يستبدل بقطاع خاص يتمكن من إصلاح مكامن الخلل والفساد المتفشي بالقطاع العام، ولكي نترجم هذا الكلام إلى لغة أبسط فإن هذا يعني أن الحكومة، وهي المهيمنة على القطاع العام، فاسدة وفاشلة وغير قادرة على الإدارة.

وهذا ما يعني أيضا أن الحكومة الموقرة، وبتصويتها في المداولة الأولى على قانون الخصخصة، كانت أول المؤيدين لفشلها وعدم قدرتها على إدارة الدولة، مما يجعلها تحتاج إلى إدارة خارج نطاقاتها للتمكن من إنقاذ الوضع، والطريف حقا هو أن الدولة فرحة جداً بما يسمى السهم الذهبي الذي تمتلكه في مسألة التخصيص مما يجعلنا نعود إلى نقطة البداية، فالحكومة فاشلة في الإدارة وفي الوقت ذاته تريد أن تتسلم زمام مسألة الخصخصة، وهو ما يعني الفشل مجدداً بكل تأكيد.

المصيبة حقاً، هي أن من صوّت في هذا الاتجاه من النواب وعددهم عشرون نائباً، لم يعوا، أو بالأصح تجاهلوا، نقطة فشل الحكومة وباركوا تصويتها مع أن تأييدهم لهذا القرار يؤكد الفشل الحكومي العام، ويجب أن يعلنوا عدم التعاون مع الحكومة الفاشلة في إدارة القطاع العام.

نأتي إلى الصوت النيابي المعارض للخصخصة وتخوفه الرئيس كما قرأت من تفاصيل الجلسة ينقسم إلى شقين: الأول، هو أن تخصص ثرواتنا الطبيعية والصحة والتعليم، مما يجعلها عرضة للنهب المنظم من بعض أصحاب النفوذ الاقتصادي، وهو حجة رفض معقولة ومقبولة في رأييّ. أما الحجة الثانية، فهي الخوف على البسطاء من أن تقطع أرزاقهم في حال الخصخصة، وهو أيضا ما يعني اعتراف ضمني بأن كل الموظفين من الكويتيين ليسوا أكفاء، ويستحقون البقاء في مناصبهم، ومتى ما طُبّقت الخصخصة، فإن الكثير سيخسرون وظائفهم لعدم أهليتهم، فمن المستحيل أن يتم الاستغناء عن المنتجين من الموظفين مهما كانت دكتاتورية القطاع الخاص، فمن يحقق الفوائد والإنتاج المتميز من المستحيل أن يتم الاستغناء عنه، فالإنتاج يعني الأرباح، وهو هدف القطاع الخاص.

إذن فالمحصلة هي اعتراف المجلس والحكومة بأن الحكومة فاشلة في الإدارة، وأن الشعب الكويتي أو جزء كبير منه غير منتج وعالة على الأعمال، وهو ما يعني أن الخصخصة والتأميم ليسا هما الحل، بل بناء مجتمع مؤهل قادر على استحضار ماضينا القريب الذي كان الكل فيه يبني ويعمّر وينتج من أجل هذا البلد، وهذا خير من ألف قانون تنمية وقانون إصلاح سياسي.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

الطيران والبركان والبهتان

يقول خبراء سلامة الطيران في العالم للطيارين على سبيل المزاح: ان من يبحث عن السلامة المطلقة عليه ألا يقلع بطائرته ويبقى في المقابل ببيته كي لا يتعرض للعواصف والغيوم البركانية والرعدية والمطبات الهوائية والأعطال الفنية وأخطاء الطيارين..إلخ.

كنا نعتقد أن خيار البقاء في البيت للحفاظ على السلامة هو مزحة حتى وافتنا الأنباء بتوقف عمليات الطيران في شمال أوروبا بدعوى الحرص على سلامة الركاب عن طريق إبقاء الطائرات على الأرض كي لا تصطدم بالسحب البركانية المحملة بالرماد والمعادن المذابة المضرة.

رغم مرور أكثر من مائة عام على بدء عمليات النقل الجوي ووجود آلاف البراكين المتفجرة بالعالم وقيام ملايين الرحلات خلال تلك المدة إلا أن مجموع الحالات التي تعرضت فيها الطائرات لإشكالات مع السحب المصاحبة لثورة البراكين لا يزيد على 80 حالة فقط لم يصب أو يقتل أحد بسببها رغم خطورتها كونها تسببت سابقا في إيقاف مؤقت لمحركات الطائرة البريطانية (عام 82 فوق إندونيسيا) والهولندية (عام 89 فوق الاسكا) وقد تم تشغيل المحركات والهبوط بسلام في كلتا الحالتين.

إن هناك ما يقارب 100 بركان ثائر في أيسلندا وحدها، وهناك كذلك مئات البراكين الساخنة في إندونيسيا وهاواي وغيرهما من أصقاع الأرض فهل سيتم إيقاف حركة الطيران دوليا عند كل انفجار بركاني؟!

ومعروف كذلك أن السحب البركانية لا يتوقف ضررها على المنطقة الجغرافية المحيطة بالبركان بل تنتقل تلك السحب الساخنة للاجواء العليا، ثم تنزل بعد ذلك على مناطق تبعد عشرات آلاف الأميال من مناطق البراكين فهل سيُمنع الطيران في العالم أجمع مع كل بركان يثور؟!

لقد سقطت قبل أشهر قليلة طائرة الإيرباص الفرنسية بسبب مضاعفات الدخول في غيوم رعدية معتادة وما نتج عنه كما يعتقد من تجمد أنابيب قياس السرعة وما تبعه من عدم قدرة الطيار على التحكم في سرعة الطائرة وتفككها وتحطمها ومقتل المئات من ركابها، وقبل ذلك تحطمت عشرات الطائرات بسبب عمليات التغيير المفاجئ في سرعة وتوجه الرياح عند الإقلاع والهبوط (WIND SHEAR) فهل ستغلق المطارات عند وجود غيوم رعدية أو تغيير في الهواء كونها تسببت في العديد من الحوادث في وقت لم تتسبب فيه غيوم البراكين في حادث واحد؟

آخر محطة:

مصائب قوم عند قوم فوائد، فانهيار أسعار أسهم شركات الطيران بسبب قرارات الإغلاق غير المتوقعة صاحبه ارتفاع وجني أرباح هائلة للعديد من القطاعات الأخرى، نرجو أن تكون رقابتهم على بورصتهم أفضل من الرقابة غير الموجودة على بورصتنا.

احمد الصراف

الإجرام في حق الأنوثة المسلمة

باستعراض التاريخ البشري في الألفي سنة الماضية، يمكن ملاحظة ان جميع المجتمعات البشرية تقريباً اضطهدت المرأة ومارست مختلف صنوف الظلم والتعسف ضدها، تارة باسم العادات والتقاليد و«تارات» باسم الدين. وقد تخلت كل المجاميع البشرية عن «ذكوريتها» وسعت جاهدة، خاصة في السنوات المائة الأخيرة، لمساواتها مع الرجل، وحدها المجموعة الإسلامية المباركة، باستثناء تونس وتركيا، وإلى حد ما لبنان، لم تكتف بالاستمرار في ممارسة شتى صنوف الاضطهاد والتعسف ضدها، بل وأصبح الظلم أكبر وأشد وطأة على الأنثى بشكل عام. فوضعها مثلاً في أفغانستان وإيران وباكستان (الهند سابقاً) ومصر، وحتى الجزيرة العربية، كان أفضل بكثير قبل نصف قرن منه الآن (!).
والمحزن ان العديد من الدول النفطية الإسلامية ترسل آلاف الدعاة وتطبع ملايين المنشورات وتصرف مليارات الدولارات لنصرة الدين وإعلاء شأنه، ثم تأتي حادثة واحدة ضد طفلة بريئة ترتكب باسم الدين، لكي تنسف جهود سنوات، المأساة ان لا أحد من المعنيين «شرعاً»، وفي أي مذهب، على استعداد للتصدي لهذه الظاهرة المؤسفة والمطالبة بوضع حد لها!
ففي إحدى محافظات اليمن «السعيد» أدخلت طفلة لا يتجاوز عمرها 11 عاماً، أي دون سن المراهقة، المستشفى بسبب تعرضها لتمزق خطير في جهازها التناسلي نتيجة اعتداء زوجها عليها. كما لقيت فتاة أخرى في الثالثة عشرة من العمر حتفها اثر اعتداء زوجها جنسياً عليها. وقد تطرق كثير من وسائل الإعلام الغربية إلى هاتين الحادثتين المؤسفتين بإسهاب كبير، وورد في إحداها ان الضحية الأولى قبل والدها «الفاضل» تزويجها قبل عام شريطة عدم دخول زوجها بها قبل بلوغها (يا لجمال التعبير)، غير ان الزوج لم يستطع الانتظار، كما هو متوقع، فتسبب عنفه الجنسي وجهله في وفاة الفتاة. والمرعب ان زيجات كثيرة مثل هذه تتم في مناطق إسلامية عدة مثل باكستان وموريتانيا وأفغانستان والدول الخليجية ومناطق طالبان وإيران، ولكن بسبب سوء أوضاع اليمن سياسياً واقتصادياً، فإن وسائل الإعلام الغربية ركزت عليها أكثر من غيرها في الفترة الأخيرة.
وتقول أمل باشا، رئيسة مؤتمر النساء العربيات، ان %50 من نساء اليمن يتزوجن قبل سن 18، وبعضهم يتم تزويجهن في سن الثامنة. وورد في وكالة أنباء الاسوشيتد برس ان زوج الفتاة اليمنية التي لقيت حتفها نتيجة قيامه (البالغ من العمر 23 عاماً) باغتصابها، موقوف على ذمة التحقيق! ولا أعتقد شخصياً انه سيتعرض للأذى، فالشرع اليماني يحميه، فهو لم يتصرف بغير حلاله!
* * *
• ملاحظة: يقيم الفلكي عادل السعدون اليوم معرضاً لمجموعته من الخرائط التاريخية، وأقدمها خريطة نادرة رسمها «بطليموس» سنة 100م وأعيدت طباعتها سنة 1482م. وللمعرض أهميته من ناحية تثبيت حقوق الكويت نحو جيرانها، وحسم الجدل حول بعض التسميات المتنازع عليها.
يقام المعرض في صالة أحمد العدواني، ضاحية عبدالله السالم، مركز الضاحية، ويستمر لأسبوع من 9 صباحاً وحتى 1 ظهراً ومن 5 إلى 7 مساء.

أحمد الصراف
[email protected]

محمد الوشيحي

وبراءة التجار 
في عينيه

لم أعد أميز الحق عن شقيقه الباطل، ولا الصدق عن شقيقه الكذب، فتبكّمت، على رأي الزول السوداني «الطيب صالح». أتحدث هنا عن أهم القوانين في تاريخ الكويت، قانون الخصخصة. لذا أعدت قراءة القانون بإمعان، ثم ولّيت وجهي شطر الرئيس أحمد السعدون، أبي القانون ومتعهّده من المهد إلى اللحد (المعلومة الملتبسة عند الناس أن السعدون وافق على القانون فقط، بينما الحق أنه هو من أطعمه وكساه وتعهد برعايته)، واستمعت إلى رأيه، فاقتنعت، ويممت وجهي شطر منزل النائب الفذ خالد الطاحوس. وفي الطريق استمعت، هاتفياً، إلى حجة الزميل سعود العصفور الرافضة رفضاً قاطعاً لقانون «الخسخسة»، وبيّن لي مثالبه وثغراته والخطر الماحق الذي سيحيق بالبلد والناس في حال تمريره. وسعود العصفور دقيق، دقّته تجلب المرض لي ولأمثالي من الفوضويين والبوهيميين وأنصار «يا عمي عدّيها» وعشاق «هوّنها وتهون».

وفي منزل الطاحوس، بيّن لي أبو مشعان أسباب رفضه القانون، وهي أسباب وجيهة وبنت حسب ونسب. ثم عدت إلى منزلي وراجعت ما كتبه الأستاذ أحمد الديين عن خطورة القانون، فاختلط حابلي بنابلي، وتذكرت «الزجل اللبناني» الذي يتنافس فيه شاعران على قوة الحجة، إذ يمتدح هذا الماء ويذم النار، فيمتدح ذاك النار ويذم الماء، أو يمتدح أحدهما الجبل ويذم السهل، فيمتدح الآخر السهل ويذم الجبل، وما إن ينتهي أحد الشاعرين من رده حتى تقتنع بما قاله فتصفق له وترثي لحال الآخر، فيرد الآخر فيقنعك فتصفق له وترثي لحال الأول، وهكذا.

باختصار، كانت ليلة صداع من الطراز الفاخر، فقد دخلت في تفاصيل اقتصادية ونِسَب مئوية وقضايا قانونية وبلاوي زرقاء باهت لونها، لا أول لها ولا آخر، ولم أتوصل، حتى اللحظة، إلى إجابة قاطعة عن سؤالي الوحيد: «هل نحن أمام خصخصة أم خسخسة؟».

على أن المضحك هو ما قاله لي أحد التجار الظرفاء المتحمسين للقانون، وبراءة التجار في عينيه، وقد كنت أظن التجار ثقلاء دم، ملحوسي مخ، إلا من رحم ربي، فخيّب هو ظني وأزال الغشاوة عني. إذ شبّه حفظه الله تجارنا بتجار أوروبا، وساوى بين حكومتنا وحكومات أوروبا، وعندما سألته عن سلطة الرقابة أجابني بجدية: «الحكومة، عبر المجلس الأعلى للتخصيص، ستراقب حركات الشركات وسكناتها، وستحاسبها بقسوة». لا إله إلا الله.

عموماً، لم يقل لي السعدون كل شيء، بسبب ضيق الوقت، لكنني قرأت ما بين سطوره، أكرر، لم يقل لي وإنما قرأت ما بين سطوره، وأزعم أنه يخشى من أن يتمكن بعض تجار النهب، بمساعدة نواب الحكحكة، من إقرار قانون مائع دلّوع يمسح على رأس المخطئ، ويكون أقصى عقابه «لا تعودها»، أي لا تكررها، لذا صاغ هو بنفسه القانون، ورسم الخطوط الأرضية، وغلّظ العقوبات، والباقي على ربنا ومولانا. ولا يعني هذا تأييدي له، إلا أنني أحد الذين يثمّنون اجتهاده وعمله وسهره الدؤوب، وعلى مَن يشك في ذلك أن يناقشه، ليس في القانون هذا فحسب، وإنما في قوانين الدول المتقدمة، ليغرقه الرئيس السعدون في سيل من المعلومات والمقارنات. وأشهد أن السعدون بذل جهده، وفوق جهده، وأشهد أن إحدى عينيه كانت مفتوحة على صياغة القانون، والأخرى على المواطن. فشكر الله سعيك يا أبا عبدالعزيز، حتى وإن خالفناك. 

سامي النصف

كلمات في الخصخصة

من الامور التي اعتدناها حتى الثمالة في الكويت الاخطاء الفادحة في التشاريع والمشاريع وعدم الاستماع لمن يحذرنا من الحفر حتى نقع فيها على رؤوسنا وندفع بعدها ثمن ذلك السقوط المؤلم ونقول «آه لقد كانت هناك اذن حفرة عميقة في الطريق» والغريب اننا نرجع سريعا لصمم آذاننا عمن يحذرنا من السقوط في الحفر اللاحقة حتى نسقط مرة اخرى وهكذا يستمر المشوار.

 طمأنة الناس عبر ضمان سنوات العمل القليلة بالقطاعات المزمع خصخصتها، او اعطاء سنوات خدمة اعتبارية او حتى مزايا مالية كلها تصب في مصلحة كبار السن ممن هم على حافة التقاعد ولكن ماذا عن صغار ومتوسطي السن وهم القطاع الاكبر في الدولة؟ وماذا ستنفعهم وحدها تلك السنوات القليلة التي ستنقضي سريعا؟!

 ان على الدولة وقد اغلق باب التوظيف الا قليلا للشباب والرجال الكويتيين عبر مشروع الخصخصة المقبل حيث لا يوجد بصيص امل في ان القطاع الخاص الذي ستؤول اليه ملكيات القطاعات الخدماتية او المستثمر الاجنبي سيفتح باب التوظيف لهؤلاء المواطنين، ان تبادر بخلق قوانين وتشريعات فاعلة تكسر الاحتكارات الرسمية وغير الرسمية وتخلق آلاف الفرص لملكية المشروعات الصغيرة مضمونة الربح والتي تدر دخولا اكثر بعشرات المرات من رواتب الحكومة ورواتب الشركات المساهمة الخاصة ومن ثم ستحيل الكويتي من موظف الى مالك وخالق للوظيفة.

 ان الشاب الكويتي لا يستطيع هذه الايام، وعلى سبيل المثال لا الحصر، ان يفتح محلا يدر عليه آلاف الدنانير كل شهر يقوم خلاله بوضع عمال يستبدلون تواير السيارات، او بيع خضار بسوق الخضار او خلق شركات للنقل او الدخول لأسواق التجزئة او مقاولات بناء الفلل او تشطيبها ..الخ، بسبب احتكار تلك القطاعات من جاليات تفلس، تحت سمع وبصر الحكومة الرشيدة، كل من يحاول الدخول لتلك الانشطة مضمونة الربح والدخل.

والحال كذلك مع الجمعيات التعاونية التي تمنح انشطة افرعها لا للشباب الكويتي المستقل بل لشركات تحتكر تلك الانشطة والتي يعرف البعض منها كيف يدفع الرشاوى للادارات الفاسدة من تحت الطاولة للحصول على الافرع، ومثل ذلك ضرورة ان تكتفي الوكالات الكبرى للانشطة المختلفة من مطاعم والكترونيات وسيارات ومحطات وقود ..الخ، بأخذ نسبتها المالية المقررة من البيع وافساح المجال، كما يحدث في الدول الاخرى للمواطنين للمشاركة في الافرع والتجزئة، فكل فرع هو مشاركة بين الشركة او الوكالة الأم ومواطن حتى تعم الفائدة ويربح الجميع.

 كما يجب منع الاحتكار والاغراق والتفتيت اي منع الوكالات الكبرى من البيع المباشر الذي قضى على فرص الشباب في فتح محلات لبيع التجزئة عبر عمليات الاغراق والاحتكار، كما يجب العمل التدريجي لتحويل الاسواق المركزية للجمعيات التعاونية، التي تفتتت ارباحها الملايينية الى مبالغ زهيدة لا يستفيد منها احد، الى اسواق مركزية متنافسة يملكها افراد او شركات عائلية صغيرة (لا مساهمة) كي تصبح كذلك موارد رزق لآلاف الكويتيين الآخرين ويمكن الحصول على اموال التمويل من قروض البنوك حتى لا تصبح حكرا على الاثرياء وللموضوع صلة.

آخر محطة:

اسوأ حجة استمعت لها في محاربة الخصخصة هي الكلام المدغدغ وغير المفيد القائل: ان الخصخصة هي «بيع للدولة» وإنها تعني ان يعمل الناس «صبيان» لدى التجار، فبئس الكلام المحرض هذا! فهل سمع عاقل بمن يصف من يعمل في شركات سوني او مرسيدس او جنرال موتورز بأنه «صبي» لدى ملاك الاسهم فيها؟! بودنا من بعض «لوردات» مجلس الامة ان يجعلوا من التجار الوطنيين قدوة لهم بدلا من مهاجمتهم، وان يتبرعوا بجزء من ثروتهم كحالهم لاعمال الخير وبناء الاجنحة في المستشفيات ..الخ.

حسن العيسى

حدث في صباح الجمعة


المصعد في مبنى العقارات المتحدة بسوق الصالحية كان يتحدث الإنكليزية بلكنة "فلبينية"، حاولت صباح الجمعة الماضية أن أفهم لغة "الأسانسير" في الصعود إلى المواقف أو النزول إلى السوق فلم أوفق، كانت جماهير الخدم أسرع إدراكاً مني في فهم اللكنة، فلم أتردد في الاستعانة بهم لمعرفة أي دور كنت فيه، وما الخطأ إن حدث هذا عرضاً يوم الجمعة، فأنا والعائلة الكريمة (كريمة في الكسل والتواكل) نعتمد على الأبطال الأربعة من الخدم في كل صغيرة وكبيرة، من تحضير القهوة حتى ملء كروش أهل المنزل وضيوفهم. من يقول إن هؤلاء عمالة هامشية وغير منتجة كاذب… فهؤلاء يشكلون 70 في المئة من إجمالي قوة العمل حسب الإحصائيات الرسمية، أي هناك خادمة لكل 1.7 فرد في الكويت، وكيف تكون هذه العمالة هامشية حين تكنس المنازل وتنظف الشوارع، وتطبخ وتربي أجيالنا القادمة… الصحيح هو أننا نحن الهامشيون ونحن غير المنتجين… وليست هذه جنايتنا بل هي جناية رشة النفط علينا…


لم أشاهد حتى "دشداشة" واحدة في سوق المتحدة، كان الخليط من الألوان الداكنة من القادمين من شبه القارة الهندية يتآلفون بصمت مع بياض بشرة جنوب آسيا… بنطلونات جينز ضيقة التصقت بخصور نحيلة لفلبينيات تخبرنا عن كذبة أخرى لبرامج الرجيم التي يروجها خبراء التغذية لشعوب بني نفط المتخمة… فهذه العمالة غير الهامشية لا تعاني أمراض السمنة… ولا تعرف شيئاً اسمه "لو كالوري دايت" أو "هاي بروتين دايت"، هم لا يعرفون غير "اخدم واعمل دايت" وهذا ما لا نعرفه تماماً… كما لا أتصور أن هؤلاء العمال يعانون حالة الملل التي نتجرعها يومياً في دولة الضوابط واللهو البريء… فالسأم هو نتاج وقت الفراغ واللاعمل، وغلق شباك الحريات الفردية للبرجوازية النفطية، أما هؤلاء الخدم فليس لديهم أي من امتيازات ساعات الفراغ أو مساحات الراحة… فهم مشغولون بالخدمة ولا تنتابهم غير هواجس تجديد الإقامة والسفر والمبلغ الذي يجب توفيره لتجار الإقامات في بعض الأحيان.


هن وهم لا يشربون من كؤوس الملل، هم يتجرعون كأس المعاناة معظم الوقت… وإن زادت الجرعة على حدودها… فلا بأس من القفز من شباك الأدوار العليا في العمارة… أو الشنق على شجرة جدباء كجدب أرواحنا في وطن البهجة.


تركت سوق المتحدة الفلبيني… وسرت نحو شارع الخليج… هناك على شواطئ بحرنا الرائق الذي تتغذى مياهه من شط العرب الناشف وشط محطة مشرف لمخلفات الفساد… كانت المشاهد مختلفة قليلاً… فكان هناك لزوم تكامل الشخصية الخليجية من أبناء وبنات الهند منتشرين على امتداد شواطئ اللهو البريء… ومعهم إخواننا من عائلات الأمة العربية… الرجال جلسوا على العشب الطري ونساؤهم بقربهم يقمن بإشعال الفحم… لشواء الكباب… تخصص منه جمرة صغيرة للأرجيلة… وتتصاعد الأدخنة السوداء من "المناقل" عالياً إلى السماء… ويتصاعد معها خيالي البائس عن الدخان الأسود من بركان آيسلندا… فقد منع الطيران في معظم العواصم الأوروبية… ماذا سيفعل هؤلاء الأوروبيون… بعد أن حرموا السفر… مساكين…! "جمعتهم" كانت كـ "جمعتي" قضوها باللهو البريء في مطاراتهم… وأنا قضيتها بالفرجة البريئة… في سوق المتحدة وعلى شواطئ السأم.


 


كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء


يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة


احمد الصراف

«الناس تخاف لكن لا تستحي»

كان شارلز بلم Charles Plump يعمل طيارا في البحرية الاميركية خلال حرب فيتنام، وعند قيامه بالطلعة 75 تمكن الفيتناميون من اسقاط طائرته بصاروخ ارضي، ولكنه نجح قبل تحطمها في القفز منها والهبوط بمظلته (براشوته) بسلام على الارض، ولكن الفيتناميين كانوا بانتظاره، حيث ظل مسجونا لديهم 6 سنوات، وبعد معاناة طويلة اطلق سراحه.
وفي يوم كان جالسا وزوجته في احد المقاهي عندما تقدم منه رجل وقال له: انت «شارلز بلم» اليس كذلك؟ وكنت طيارا حربيا في فيتنام، وتم اسقاط طائرتك! فسأله شارلز كيف عرفت ذلك، فرد قائلا: انا الذي وضب وعبأ لك مظلتك الجوية، ويبدو انها عملت بشكل جيد! هنا شعر شارلز بتسارع دقات قلبه ووقف ليشد على يد الرجل شاكرا له اخلاصه في عمله، وابدى شديد امتنانه، فلو اهمل، ولو قليلا، في عمله لما تسنى له ان يعيش يومه!
لم يستطع شارلز النوم في تلك الليلة، وهو يفكر في ذلك الرجل، متخيلا هيئته على حاملة الطائرات تلك وهو بملابسه البحرية الاميركية البسيطة وقبعته المتواضعة، واخذ يتساءل بينه وبين نفسه كم مرة مر بذلك البحار من دون ان يعيره اي اهتمام او ينتبه له او يلقي عليه التحية او حتى يبتسم له؟
فقد كان هو قائد مقاتلة حربية، اما الرجل فبحار بسيط. كما فكر في الساعات التي قضاها ذلك البحار على طاولات خشبية، وهو يعمل على تجهيز المظلات وفك خيوطها وترتيب عملية فتحها والعناية بتفاصيلها الصغيرة والمهمة من دون ان يعرف من الذي سيستعين بها في نهاية الامر، وتكون سببا في انقاذ حياته!
والآن، من الذي وضب لك براشوتك اليوم؟ ففي حياة كل فرد منا هناك من يقوم بتوضيب براشوت او اكثر لنا، وربما يكونون اناسا لم نلتق بهم او نعرفهم، فهم يقومون بعملهم بصمت من دون ان نشعر بذلك، فموظف مراقبة جودة المياه مثلا في اي محطة تقطير مسؤول عن توضيب وتجهيز براشوتاتنا، وفني صيانة المصاعد في اي عمارة، ومهندسو الطيران الذين يسهرون على صيانة طائراتنا، ومراقبو الحركة الجوية في المطار، وجيش آخر من الممرضين والاطباء والمدرسين الذين يعتنون بتعليم ابنائنا والذين يكمن دورهم في تجهيز وتحضير المظلة الجيدة التي نستطيع جميعا من خلالها مواجهة متاعب الحياة ومصاعبها والهبوط بسلام، وجميع المخلصين في عملهم من هؤلاء يستحقون منا كل الشكر ووافر التقدير.
ولكن لو نظرنا إلى الوظائف التي يقوم بها مئات آلاف موظفي الدولة، وتساءلنا كم نسبة ما يؤدى منها بضمير بحيث يمكن لمتلقي الخدمة الشعور بالاطمئنان بان النصيحة التي سمعها هي الصحيحة، لانتابنا الخوف من تواضعها، فنسبة كبيرة ينطبق عليها المثل المصري: ناس تخاف بس ما تختشيش!

أحمد الصراف
[email protected]

سعيد محمد سعيد

السعودية والبحرين: نحو ترسيخ الرؤية المنهجية

 

بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، مقومات ومشتركات لها خصوصيتها بين البلدين بدرجة خاصة تختلف عن سائر دول مجلس التعاون الأخرى تاريخيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا، ما يمكن وصفه بأنه علاقة تجاوزت الحدود الجغرافية وبلغت مبلغا – يمكن وصفه أيضا – بأنه جمع المملكتين في وطن واحد، على رغم التطلعات الكثيرة لدى أبناء البلدين لإزالة ما هو قائم من معوقات على الصعيد الاقتصادي وكذلك على صعيد بعض المعاملات الإجرائية القابلة للتيسير.

زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، عاهل المملكة العربية السعودية إلى البحرين اليوم ونزوله ضيفا كبيرا على جلالة عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة وعلى شعب البحرين الكريم، ستفتح آفاقا أوسع لتدعيم هذه العلاقة، وخصوصا أن العمق الإستراتيجي المهم الذي تمثله السعودية والبحرين في منطقة الشرق الأوسط والعالم، لا يقتصر على العلاقات الثنائية فحسب، فهناك الكثير من الملفات الإقليمية المهمة التي تتطلب توحيد الجهود وفقا لحكمة العاهلين، وحرصهما على مسيرة دول مجلس التعاون والمنطقة العربية.

إن حساسية القضايا المشتركة في هذه المنطقة، والمرور بتحولات مقلقة على صعيد الأمن الإستراتيجي أولا، ومستقبل اقتصاديات المنطقة ثانيا، ألقت بظلالها على الداخل الخليجي، وعلى وجه الخصوص تلك المرتبطة بالقضية الفلسطينية والعلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية وملفات إيران والعراق ولبنان وانعكاساتها على الأوضاع الداخلية، ليس في البحرين والسعودية فحسب، بل في كل دول مجلس التعاون والدول العربية، وما برز خلال العقدين الماضيين من الزمن على الأقل، من مخاطر داخلية عنوانها الطائفية والإرهاب والخطاب الديني والإعلامي المدمر… كل ذلك يستوجب خطة عمل مشتركة وحازمة لمنع تجاوزها حدودها الحالية والتي لا يستهان بخطورتها.

ومن وجهة نظري المتواضعة، فإن أهمية الملفات السالفة الذكر، لا يمكن أن تكون أهم من إصلاح الداخل الخليجي أولا، ولعل البداية، بشارة خير بلقاء العاهلين عبدالله وحمد، نحو ترسيخ رؤية منهجية تعيد تأسيس (المواطنة والوطنية) على الصعيدين الوطني والخليجي للتحصن ضد مخاطر تلك الملفات، ذلك أن تقديم وطنية أبناء الوطن الواحد بمختلف مذاهبهم واتجاهاتهم وأعراقهم، هي اللبنة الأساسية للانطلاق نحو معالجة القضايا الأخرى، فلا يمكن أن يكتمل بناء البيت الواحد وسط انفلات خطاب التناحر والتأجيج والمساس بالأمن الوطني، وليس لذلك المنهج من رادع إلا بوجود قرار سياسي يقدم المصلحة العليا بناء على المواطنة والوطنية الخالصة من شوائب الطائفية والإرهاب والتآمر. السعودية والبحرين، لديهما هذا التوجه، فهنا في بلادنا، لدينا مشروع إصلاحي أطلقه جلالة العاهل، وهذا المشروع لا يمكن أن يجمد في حدود زمنية ولا بأس من العودة إلى أساسه والعمل وفق متطلبات كل مرحلة، وفي السعودية، برزت تجربة الحوار الوطني التي انطلقت في شهر يونيو/ حزيران من العام 2003 بمبادرة من جلالة الملك عبدالله، وكان أول محاورها: الوحدة الوطنية، ثم انتقل الحوار إلى محور آخر هو: «الغلو والاعتدال: رؤية منهجية شاملة»، أسست لمعالجة قضايا كالعنف والإرهاب والتطرف، والدعوة إلى الوسطية والتسامح باعتبارها المنقذ من المخاطر التي تهدد استقرار الداخل.

هذه زيارة تاريخية كبيرة ومهمة… الآمال والتطلعات أيضا كبيرة ومهمة، أما حكمة القائدين، فهي البوابة التي يمكن أن ننتقل من خلالها إلى صورة جديدة ترسم واجهة المستقبل.

سامي النصف

الخصخصة بين أخطاء الحكومة والمعارضة

من يريد الفوز في لعبة كرة القدم لا يلعبها مستعينا بقواعد كرة السلة ولا يحضر معه عصا لعبة الهوكي للملعب، اللعبة الديموقراطية يقوم صلبها على تنافس الحكومة والمعارضة في الفوز بود المواطن عبر منهاجية الرأي والرأي الآخر وشرح الحكومة بشكل مسبق لخططها وتشريعاتها للناخبين وقيام المعارضة في المقابل بالموافقة على بعض ما يطرح، وتفنيدها للبعض الآخر، فلا توجد معارضة دائمة لكل ما يأتي من الحكومات.

كان يفترض بالحكومة قبل ان تتقدم بقانون الخصخصة ـ وقبله صندوق المعسرين وغيره من تشريعات ـ ان توزع وزراءها ومستشاريها لمدة شهر كامل على وسائط الإعلام ـ وهذا تماما ما تقوم به للعلم الديموقراطيات الأخرى ـ لشرح خططها للخصخصة وألا تكتفي كالعادة بحسبة تجنيدها للنواب ممن «سيحرقهم» تصويتهم المتكرر معها أمام ناخبيهم ممن لم يشرح لهم أحد فوائد ومزايا ما يطرح.

هذا الغياب الحكومي لقواعد اللعبة السياسية القائمة على الحوار والرأي والرأي الآخر يقابله خطأ مماثل لدى بعض أطراف المعارضة ممن يعتمد على تهييج وتحريض الناس بشكل متواصل على مواضيع اما لم يتم استيعابها منهم بشكل صحيح أو تتم معارضتها كونها أتت من الحكومة، اي المعارضة لأجل المعارضة فقط دون التفكير بفائدتها للبلد، ومثل ذلك المعارضة بشكل مطلق لقضايا قابلة للنقاش والأخذ والعطاء.

ان خطأي الحكومة والمعارضة سالفي الذكر يدفع ثمنهما الوطن واستقراره، فالإخفاق الحكومي المتكرر في تسويق قضاياه ـ القروض والخصخصة كمثال ـ بسبب تراخي وإحجام المسؤولين عن شرح مشاريعهم في وسائط الإعلام إلا ما ندر، وترك الباب مفتوحا على مصراعيه للمحرضين والمدغدغين، بات يخلق شعورا عاما بالإحباط والظلم سينتهي بدءا بما سنراه من إضرابات مدمرة قادمة وقد ينتهي بما لا تحمد عقباه على امن البلد.

ان وضع ناطق (صامت) رسمي للحكومة لن يحل إلا جانبا صغيرا من المشكلة القائمة، والواجب ان تستنهض الحكومة «كل» مسؤوليها للانتشار الواسع في وسائل الإعلام الحكومي والأهلي، المشاهد والمقروء والمسموع لخلق حالة حوار متواصل للمشاريع المقترحة كي تحظى برضا ودعم الجمهور وترش الماء البارد بالتبعية على حالات التحريض وإشعال النيران التي يعلم مشعلها كيفية بدئها إلا انه لا يعلم الى اين ستمتد حرائقها.

آخر محطة:

(1) كتب الزميل الحكيم فالح ماجد المطيري مقالا صباح امس الجمعة في جريدة «الجريدة» أسماه «إلغاء القبيلة» عقّب فيه على مقال سابق لنا، وكان بودي ان ينتبه الصديق بوماجد لاننا طالبنا بإلغاء اسم العائلة قبل اسم القبيلة كوسيلة لتعزيز أواصر الوحدة الوطنية وخلق دولة تكافؤ الفرص التي نجح بمثلها أمثال الرئيس باراك حسين أوباما.

(2) ومقال للزميل ضاري الجطيلي في جريدة «الجريدة» أيضا عقب فيه على مداخلتنا في ندوة جمعية الخريجين حول شركات الطيران المحلية التي يرى ان معاناتها مرتبطة بالأوضاع الاقتصادية العالمية، وبودي لو استمع الزميل لرئيس إحداها وهو الأخ عبدالسلام البحر في ندوة الصالون الإعلامي، ومما قاله ان سبب معاناة تلك الشركات الوطنية هو عدم تحضير الأرضية المناسبة للمنافسة، لذا لا أرى شخصيا ان أوضاعها ستستقر اذا ما أخفينا معاناتها الحقيقية تحت سجادة الأزمة العالمية.

محمد الوشيحي

خيبة السبت والأحد

إذا كان يوما الثلاثاء والأربعاء هما الأسوأ للحكومة، إذ تُعقد جلسات البرلمان، فإن أسوأ الأيام بالنسبة للصحف الكويتية، هما السبت والأحد. على أن مصيبة السبت أهون، فهو يأتي بعد يوم عطلة، أما الأحد فيأتي بعد يومَي عطلة، أي أن كارثته كارثتان، وخيبته خيبتان. ولو كان الأمر بيد الصحف لانتزعت هذين اليومين من الروزنامة، ولرمتهما إلى الكلاب الضالة. فأيام الأسبوع العادية ملأى وحبلى بالمشادات والمشاحنات، وغالبية الناس، من وادي الذهب في تشيلي إلى وادي الصفيح في الصين، تبحث عن الإثارة، عن الأكشن، عن الأخبار المالحة، الحامضة، في حين أن يوم الأحد يوم أقرع ماصخ، لا ملح فيه ولا ليمون. وكان الفنان أحمد بدير يؤدي دور السبّاك في أحد الأفلام، عندما مرّت عليه أيام عجاف لم يُرزق فيها، فرفع يديه إلى السماء ودعا بدعاء السبّاكين: «اللهم بوّظ (بوّز) حنفيات الشعب، اللهم اكسر بايباتهم». والصحافة، كأحمد بدير، تنتعش في أيام الحنفيات المكسورة سياسيّاً، والبايبات المطعوجة اجتماعياً.

هذا اليوم، الأحد، أثقل على الصحافيين منه على القراء. والأحد في روزنامة الصحافة هو السبت، أي أنه يوم عمل للصحافيين، ويوم كآبة ليس كمثلها كآبة، لذا تكثر فيه المشاكل بين شباب الصحافة، أو بصورة أخرى «هو اليوم الأكثر تشويشاً»، ولو حاول باحث اجتماعي نشط لهلوب التفتيشَ عن أسباب المشاكل التي تنشأ بين الصحافيين في الكويت وتوقيت حدوثها، لوجد أن معظمها يحدث يوم السبت عصراً ولأسباب سخيفة، بينما السبب الحقيقي هو «قلّة المحصول».

والحمل الأكبر يقع على أكتاف رؤساء التحرير، إذ يحكّون رؤوسهم حكّاً مبيناً، بحثاً عما يملأ بطون المطابع الجائعة، ولو بساندويتش حاف، ويسد رمق عيون القراء الدامعة، ولو بوردة ذابلة. ولو كنت رئيس تحرير، لا قدر الله، لخصصت الأحد، كل أحد، للتحقيقات الصحافية، ولجعلت المانشيت شاملاً أهم أحداث الأسبوع، مثلاً: «عهد الخصخصة… يستيقظ من نومه»، أو «الكويت… بين الاشتراكية والرأسمالية»، أو ما شابه، قبل أن أسطر تحت المانشيت آراء مختلفة للمتخصصين. على أن أحرص على أن أكتب افتتاحيتي في أيام الأحد.

ويمكن التفكير في جعل هذا اليوم خالياً من السياسة وطاهراً من النجاسة. فتطلب الصحيفة من قرائها إرسال مقترحاتهم طوال الأسبوع عن أهم القضايا التي يجب أن تُناقش، أو أن يكتب المانشيت أديب من خارج الوسط السياسي، أو فنان، عبدالحسين عبدالرضا أو سعد الفرج أو سناء الخراز، أو لاعب له جمهوره، أو أو أو، بمساعدة رئيس التحرير طبعاً.

المهم أن أقلب الأمر، وأبدِّل الأحد من يومٍ باهت يتحمّله القراء على مضض ومرض، إلى يوم رشيق ينتظره القراء على جمر الغضى.