حسن العيسى

دروب الثوابت لتورا بورا

كارثة الدولة اليوم ليست في ياسر حبيب وما كتبه في موقعه الإلكتروني، فبالأمس كان ياسر، وغداً سيخرج علينا ألف واحد من شاكلة ياسر مفصل على مقاس التطرف الجعفري، وسيقابله أكثر من ألفين من جماعات التطرف السني، وعندنا "خير وايد" من الطرفين، كارثتنا الآن في ردود الفعل على ياسر من "الأغلبية" الأصولية المهيمنة على ثقافة المجتمع.صور نشرتها جريدة الوطن بالأمس عن "التجمع الحاشد" (بتعبير الوطن) لندوة "ثوابت الأمة" لا تختلف في رمزيتها عن حشود مماثلة جرت في باكستان وأفغانستان وعدد من الدول الإسلامية. هناك في تلك الدول، التي تقبع في الدرك الأسفل من التخلف الثقافي والاجتماعي، سرعان مما تتطور الأمور فيها إلى عمليات حرق دور عبادة وعمليات تفجير انتحارية وقتل جماعي لقبائل "التوتسي" الجعفرية (رواندا وزائير في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي)، أقصد وأعي تماماً أن قبائل "الهوتو والتوتسي" في زائير (الكونغو سابقاً) لا علاقة لها بالإسلام ولا بطوائفه الدينية، لكنها تتحد وتتماثل في العقلية القبلية العنصرية سواء أفصحت عن نفسها بالنعرة القبلية أو تسترت بالرداء الديني أو الطائفي، فالجوهر واحد اسمه "أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب…" و"أنا" وحدي صاحب الدين الحقيقي، وأنا وحدي ذو المذهب الأصيل، وأنا وحدي مالك الحقيقة الكاملة، وتاريخي وتاريخ علمائي (فقهائي) هو التاريخ الصحيح… فنعلن الحرب على "الآخر" الخارج عن الملة… الخارج عن الدين… الخارج عن القبيلة… الخارج عنا وعن الجماعة ونحن الجماعة لا غيرنا…!

ماذا بعد… وماذا ننتظر من "ثوابت الأمة"، والثوابت لا تعني غير أن الزمن لا يتقدم ولا يمضي، والتاريخ تم تحنيطه منذ أكثر من ألف وأربعمئة سنة… لنقف ونسأل السادة النواب الذين تجمعوا في ندوة "الثوابت" الحاشدة ماذا يريدون؟ وماذا تركتم للعقل ولحكم القانون بعد أن زايدتم وأججتم العواطف المذهبية والدينية…؟ نسألكم ما إذا كنتم مجرد انعكاس وصور باهتة تتماهى مع مشاعر الناخبين وعواطفهم أم أنكم قادة عقل وحكمة رأي ترفعون مشاعل التنوير والوحدة الوطنية وقبلها "الوحدة الإنسانية" للأمة…؟ أعتقد أنكم تعرفون الإجابة… فقد أشعلتم النار في حطب التخلف بالدولة… فليزد لهيبها لتنير لكم الطريق لكهوف تورا بورا.

احمد الصراف

أيها الغافلون فوق التراب 2/2

تعتبر إيران من الدول النادرة جدا بمناخها وثرواتها المعدنية والطبيعية والزراعية وحتى الصناعية، اضافة لغناها بالثروة المادية والغذائية، كما أن تعداد شعبها كبير نسبيا. وقد أعطت، طوال تاريخها، البشرية والإسلام بالذات، الشيء الكثير، كما يصعب حصر الشخصيات الفارسية البارزة في كل مجال وميدان من علماء وفنانين وفلاسفة وأطباء وفلكيين ومؤرخين وروائيين وشعراء من أمثال سعدي ومهيار الديلمي وغيرهما الكثير. ولو وضعنا هذه الدولة المميزة بتاريخها الإمبراطوري العريق وأنغام سنتورها التي شنفت كل أذن و«جلو كبابها» الذي أسال ريق كل متذوق، وملاحمها التاريخية التي أبهرت الأجيال وقصائد نوابغ شعرائها التي أعجبت الكل، ومنجزات علمائها التي أشاد بها البعيد قبل القريب، وما حققته من إنجازات رياضية في كل ميدان وطبيعتها الساحرة الغناء، ووضعنا كل ذلك في كفة، وفي الكفة الثانية وضعنا وطنا لا يعود تاريخه لأكثر من 300 عام وبأرض لا تجاوز مساحتها 18 الف كلم ومناخ تختلط عواصفه الرملية برطوبته القاتلة في عقاد ابدي طوال اشهر عدة من كل عام، وحرارة طقسه الأشد في العالم وموقعه الشديد الحساسية وضعفه العسكري وبساطة عيشه، وبكل منغصاته النيابية ولجانه المتخصصة بمراقبة سلوكياتنا،، وبكل ما يتسبب به محمد هايف ووليد الطبطبائي ومحمد المهري من منغصات يومية لا تنتهي، لما اخترت، شخصيا، ولا اعتقد ان الآخرين الذين في مثل وضعي سيختلف اختيارهم عني، ومن دون أي تردد الكفة الثانية، الأكثر تواضعا، بالرغم من كل ما تعنيه إيران لي. فالكويت وطني والعربية لغتي وثقافتي، وهنا بيئتي ومنها استمد محبتي وألفتي، وهنا الأرض التي عمد الدم الغالي علاقتنا بها للأبد، هنا وطن الجميع شاء من شاء وأبى من أبى، من متكبر وغافل، وبالتالي فليصمت الواهمون مدعو العروبة مشتتو الشمل، فقد كنا هنا قبلهم هم بالذات، وبالرغم من ان هذا لا يعني الكثير، ولكن يبدو ان هذا الذي يحرق قلوبهم، وبالتالي فلا فضل لفريق على آخر، ومهما حاول الآخرون استفزازنا فلن ينالوا مرادهم، وسيظل ولاؤنا لهذا الوطن الأم التي رعتنا جميعا، ومن ينكر علينا وطنيتنا واخلاصنا لا يعرف حتما من هي امه، وسنبقى هنا ما بقيت هذه الأرض الطيبة، بترابها وغبارها!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

«تحريض» المنتديات الطائفية… هوس البطولات الوهمية

 

سنحت لي الفرصة لأن أزور مجلس وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة يوم عيد الفطر السعيد، وكما هو المعتاد، فإنك في هذا المجلس الكريم، يطيب لك أن تلتقي بالكثير من المواطنين من مختلف مناطق وقرى البحرين، بل والأهم من ذلك كله، أن الناس اعتادوا أن يطرحوا على الوزير الكثير من الملاحظات ووجهات النظر المرتبطة بقضايا الوطن دون حواجز أو موانع حتى في مجالس التهنئة، بل قد تجد مواطناً أخذ من وقت الوزير مدة وهو يطرح ما لديه من رأي بكل حرية.

هذا ما نحتاجه من كبار المسئولين اليوم، وهو أن تكون قلوبهم قبل مكاتبهم مفتوحة للناس أياً كان مستواهم، وسواء كان ذلك الإنسان مواطناً عادياً أم عالم دين أم ناشطاً أم حقوقياً فمن بين هؤلاء الكثير من المخلصين الذين لا يريدون سوى مصلحة الوطن ولا يبحثون عن مصالح شخصية أو فئوية، ولهذا تحدثت مع أحد كبار المسئولين الأمنيين في شأن الاتهامات التي يطلقها البعض على أهالي القرى وخصوصاً فيما يتعلق بالتشكيك في إخلاصهم لوطنهم، وطرحت عليه نماذج من الأنشطة التي يقوم بها الشباب والقائمون على اللجان والمآتم وكذلك المجالس الأهلية من عمل يركز على توجيه الشباب الى المشاركة في الحياة العامة بما يتوافق مع ما كفله الدستور من حقوق وواجبات، بعيداً عن أعمال العنف والتخريب والحرق والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة، والتحذير من خطابات التحريض والفتنة والدمار أياً كان مصدرها، وبالصيغة التي تتيح طرح المطالب والاحتياجات وإيصالها إلى المسئولين.

الحديث انتقل إلى كم هائل من أساليب التحريض التي تعج بها بعض المنتديات الإلكترونية البحرينية المرخصة البعيدة عن الحجب، فبعض تلك المنتديات تتبنى منهجاً تحريضياً مدمراً أيضاً ولابد من إيقافها سواء كان القائمون عليها منتمون إلى هذه الطائفة أو تلك، ومع أن تلك المنتديات لا تمثل في حقيقتها صورة المجتمع البحريني، إلا أنها على أي حال، جزء من المجتمع ويشارك فيها آلاف الناس وتطرح فيها الكثير من المواضيع وتنشر فيها معلومات وبيانات ومشاركات تهدف إلى إشعال الفتنة والتصادم وتأجيج أبناء المجتمع.

قبل أيام، راسلت إدارتي اثنين من المنتديات التي نشطت في الآونة الأخيرة على تأجيج الصراع الطائفي حول موقف الإدارة من الموضوعات الخطيرة والمدمرة التي يطرحها جيش هائل من الأسماء المستعارة، وحتى هذه اللحظة لم أتسلم أية إجابة! وقبل ذلك، تحدثت مع أحد المسئولين بوزارة الثقافة والإعلام آنذاك عن خطورة ما يطرح في تلك المنتديات، ومع تأكيده أن هناك مراقبة لما يطرح من مواضيع طائفية خطيرة، لكن لم يتخذ في شأنها أي إجراء.

على أي حال، لا يمكن اعتبار أسلوب التحريض والشتم والحملات الطائفية البغيضة في تلك المنتديات على أنها صورة من صور التعبير عن الرأي، فما هي إلا حالة من حالات هوس البطولات الوهمية الخطيرة التي تسهم في تأجيج الأوضاع في البلد، وإذا كان كبار المسئولين يفتحون المجال للناس لأن يطرحوا وجهات نظرهم وآرائهم بكل حرية، فإن تلك المستنقعات الإلكترونية القذرة، تفعل فعلاً مشيناً، وحسناً فعلت هيئة شئون الإعلام حين أغلقت كلاً من موقع «ملتقى مملكة البحرين» وموقع «مملكة البحرين العربية» وذلك لما يتضمنه هذان الموقعان من مواضيع تمس الوحدة الوطنية وتعمل على التفرقة بين أبناء الشعب الواحد، كما يتضمن كل من الموقعين الإلكترونيين مواضيع ومقالات تثير الفتنة والانشقاق في المجتمع، ولكن، هل سيأتي الدور على منتديات أخرى لاتزال تصب الزيت على النار؟

سامي النصف

غش تجاري

يقال انك لو رميت عملة معدنية في الهواء في تجمع للبشر في كوريا لسقطت على الارجح على رأس واحد يدعى «لي»، ولو رميتها في الصين لوقعت على «وانغ»، وفي الهند على «راج»، وفي أميركا على «جون» وبريطانيا «جاك» وروسيا «ايفان» واوكرانيــــا «نزار» وجورجيا «مريم» وآيسلندا «سارة» وتونــــس «مهدي» والمغرب «فاطمة» وايران ومصر «محمــــد» والخليج «عبدالله» وايرلندا «صوفيا» والبوسنة «امينة».

في الكويت لو رميت مائة فلس في الهواء في تجمع لرجال كويتيين لسقطت على الارجح على حامل شهادة ماجستير او دكتوراه مشتراة بالمال ويتسبب ذلك الغش التجاري في الضرر واهدار الموارد بأكثر من اي عملية غش تجاري اخرى كونه ينخر في اساس العنصر البشري الذي تقوم على قدراته وكفاءته الحضارات وعمليات التنمية في البلدان، فيتم نتيجة لذلك الغش عزل وابعاد الكفاءات الكويتية الحقيقية وتقديم اصحاب الشهادات المضروبة.

والحل في الكويت وغيرها من دول مجلس التعاون التي صدرنا المرض المدمر اليها هو بإنشاء هيئة خليجية اكاديمية مختصة تقوم بتقييم الشهادات والجامعات ولا تقبل اي شهادة في الخليج دون تصديق تلك الهيئة عليها، حيث من الاستحالة بمكان انشاء هيئة كويتية مختصة لخضوعها في النهاية لعمليات الترضيات والطبخات التي اصبحت تتدخل في كل شيء.

ويخبرني الصديق العزيز سيد انور الرفاعي ان الغش التجاري وصل الى الانساب، فهناك شهادات عليها دمغات يوضع عليها اسم من يريد مقابل مبلغ من المال، فيصبح منتسبا للاشراف والسادة متصلا بنسب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وهو للمعلومة اختراع صدامي بامتياز بعد ان اوصل صدام نسبه للدوحة النبوية الشريفة بشهادات مماثلة.

في الصين وكنتيجة للتحقيق في حادث سقوط طائرة شركة «هانون» شمال الصين، اكتشف مؤخرا وجود 200 طيار صيني في تلك الشركة قاموا بتزوير شهادات طيرانهم، وهناك امر مشابه حدث قبل سنوات في «الكويتية» عندما تم توظيف طيار اميركي على انه كابتن بينما كان في حقيقة الامر مساعد طيار ولم يكتشف الامر الا كنتيجة لوشاية زميل له، وقد تم انهاء عقده وتسفيره في ليل اظلم حفاظا على التقاليد الكويتية.. المعتادة!

احد القائمين على مؤسسة استثمارية تساهم بها الدولة استطاع بعمليات (…) بارعة ان يخلق لذاته منصبين يتسلم عليهما راتبين شهريين يفوقان في مجموعهما رواتب مجلس الوزراء بأكمله، ذلك الراتب المزدوج يتسلمه كجائزة له على تسببه في خسارة للمنشأة التي يديرها بأكثر من مليار دينار وتطفيشه للكفاءات الكويتية، ولنا.. عودة!

آخر محطة:

آخر ابتكارات الغش التجاري في الكويت قيام بعض المكاتب بالتلاعب في عدادات السيارات الرقمية وارجاعها من مئات الآلاف الى آلاف قليلة ثم بيعها بأضعاف سعرها المفترض بعد عمليات التجميل والترقيع المعتادة لها ليبتلش بها المشترون من المواطنين والمقيمين.. وعلى عينك يا تاجر!

 

احمد الصراف

أيها الغافلون فوق التراب (1/2)

تعتبر فارس أول امبراطورية في الشرق، وربما في التاريخ، ولكنها لم تعرف الاستقرار السياسي إلا على يد قورش الكبير عام 500 ق.م. وكانت لأكثر من الف عام تدين بالزرادشتية قبل ان يطيح المسلمون العرب بنظام حكمها ودينهم في الفترة من 656/633 م ليخضعوا للأمويين، ثم العباسيين، قبل ان يعود الحكم لهم لتصل الى الصفويين في 1501، والذين قلبوا مذهب الدولة السني الى الشيعي، لينتهي حكمهم عام 1722، ويأتي بعدهم الافشار، والزنديون، ثم القاجار الذي حكموا حتى 1925 عندما استولى الضابط رضا خان على الحكم، واطلق على نفسه لقب «بهلوي»، وهو اسم اسرة حاكمة قديمة، وليغير اسم فارس الى ايران، انسجاما مع شوفينيته، لان الاسم مشتق من «آريون» وتعني «الجنس الأكثر نقاء»، والذي اطلقه هتلر بعدها على عرق شعبه وصنف العالم من تحته.
وقد عزل الحلفاء رضا شاه بعد الحرب العالمية الثانية، ونصبوا ابنه محمد رضا على عرش الطاووس، ليطرده الخميني عام 1979، ويؤسس جمهورية اسلامية، ويطبق نظام ولاية الفقيه.
خلال هذه الفترة، وحتى مجيء الخميني، طرأت تغييرات عدة على طريقة عيش الايراني، من لباس وتصرف وطعام، وطال التغيير التقويم الفارسي وطريقة كتابة الارقام، كما استبدلت الأحرف الفارسية القديمة، «بهلوي»، بالأحرف العربية، ولكن كل تلك التغيرات حدثت بلمسة فارسية واضحة، فبالرغم من ان اللغة الفارسية دخلتها كلمات عربية عدة، فانها حافظت على تميزها بالابقاء على حروفها الاربعة الاضافية التي لا تعرفها العربية، كما استمر الشعب الايراني في الاحتفال بأعياده الوثنية والزرادشتية القديمة، والتي اوقف النظام الحالي الاحتفال بها، ولو بصورة مؤقتة، اما التقويم فقد اختاروا ان يكون هجريا وشمسيا في الوقت نفسه، فالأشهر شمسية وفق تقويم وضعه عمر الخيام، اما السنة فهجرية وتعادل 1431 لدينا.
وخلال فترة حكم المغول، كانت اللغة الفارسية لغة القارة الهندية الرسمية، وبقيت متداولة في كشمير حتى عام 1900، كما كانت لغة رسمية في تركيا لبعض الوقت، واليوم يتكلم بها 130 مليون نسمة في افغانستان وطاجيكستان اضافة لإيران، وبسبب كبر مساحة ايران (1648000 كم 2) فهي تجاور باكستان وافغانستان وتركمانستان وارمينيا واذربيجان وتركيا والعراق والخليج العربي (الفارسي) وخليج عمان، وقد تأثرت ايران بها جميعا، ولكن تأثيرها عليها لغة وعادات وتقاليد ودينا ومذهبا وفنا كان اكبر بكثير. ويبلغ عدد سكانها ثمانين مليونا وجميعهم مسلمون، عدا 2 – 3 في المائة مسيحيين ويهود وبهائيين وزرادشتيين.
ويعتقد غالبية مؤرخي الاسلام ان المجتمع الايراني في بداية القرن السابع كان آيلا للسقوط بسبب انتشار الفوضى والفساد فيه قبيل الغزو العربي، وان الفرس رحبوا بالجيوش الاسلامية، ولكن آخرين يعتقدون العكس، ان الايرانيين حاربوا العرب بشراسة، وعندما انهزموا وجهوا جهودهم نحو احتواء الاسلام بطريقتهم الخاصة ومعارضة النفوذ العربي الثقافي، ونجحوا الى حد كبير في فرض اساليبهم وطرق معيشتهم المرفهة على الغزاة، بالرغم من تضارب مشاعر الكثيرين، فقد وجد فيه البعض الرحمة والخلاص من الضياع الديني، والاستدلال على الايمان الصحيح، فيما رآه آخرون امرا مهينا واستسلاما لقوى غازية، وكلتا وجهتي النظر، وفق قول المؤرخ والفيلسوف برنار لويس، صحيحة. ويقول كذلك ان ايران بالرغم من تقبلها الاسلمة، فانها رفضت «التعريب»، فبعد فترة صمت او خمود، خرجت بنسخة مختلفة من الاسلام، ولكن من دون الخروج عن مبادئه، بحيث اضافت كثيرا له ثقافيا وسياسيا وحتى دينيا، وهذا النوع المعدل من الاسلام، الاكثر تسامحا من العادات والتقاليد المحلية، هو الذي انتشر بعدها في تركيا ودول آسيا الوسطى والهند وافغانستان، كما لا يمكن تجاهل دور ايران الحيوي في الثقافة والعلوم الاسلامية وتأثيرها البالغ في كل حقل، بما في ذلك الشعر العربي، والذي نحل فيه الشعراء الايرانيون باللغة العربية الشيء الكثير، وأصبح تأثيرهم كبيرا الى درجة اطلق عليه برنار لويس وصف «الاسلام الاعجمي»، وهو الذي تقبله غير العرب بترحاب اكبر، عوضا عن الاسلام العربي الاكثر تشدداً، والاعجمي هنا تعني غير العربي، وليس الفارسي فقط، كما يشاع خطأ.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

ياسر.. والخيانة العظمى

عندما طعن «ياسر» في شرف الرسول، صلى الله عليه وسلم، وشكك في عصمته ثارت ثائرة المسلمين من سنة وشيعة انتصاراً لدينهم ولعرض نبيهم عليه الصلاة والسلام، كما فعلوا في ردة فعلهم على تصرفات المعتوه قس فلوريدا الذي اعلن عن نيته حرق نسخ من المصحف الشريف!! ومع هذا قلنا ان امره الى الله ينتقم منه يوم القيامة وذلك لعدم وجود حكم شرعي مطبق في البلاد بشكل سليم، الا ان «ياسر» هذا قام بفعل شنيع آخر عندما طالب بانشاء دولة شيعية في منطقة الخليج العربي تقتطع اجزاء من شرق الشقيقة المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين وجنوب العراق!! فهو بهذا الاقتراح احرج الكويت- وهو احد ابنائها- مع جيرانها، مما حدا بالسعودية والبحرين لتقديم اعتراضهما على ما قال، بل ان باقتراحه هذا مسح بلده الكويت الذي ينتمي اليه من الخريطة واعلن في تصريح خطر انه سيدخلها فاتحا!! لهذه التصريحات طالب البعض من الغيورين على دينهم ونبيهم وبلدهم بمعاقبته بسحب جنسيته باعتبار ان ما قام به يعد من الخيانة العظمى للبلاد، وايضا عمل عملا يهدد الأمن القومي بتعكير صفو علاقة الكويت مع جيرانها، واتمنى ان اسمع رأيا قانونيا مختصا في هذه الجزئية، خصوصا ان سابقة سليمان غيث ما زالت في اذهاننا!! وبهذه المناسبة اشكر الاخوة الشيعة العقلاء – وما اكثرهم- الذين تبرأوا من فعل هذا الزنديق وبرأوا أم المؤمنين من اتهاماته الشنيعة، علما بان براءتها نزلت من سابع سماء قبل 14 قرنا من الزمان «والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات اولئك مبرأون مما يقولون» صدق الله العظيم.
>>>>
تعليقا على ما كتبه البعض بشأن سماحة الاميركان والغرب مع الدين الاسلامي في قضية معتوه فلوريدا ومطالبتهم بمراعاة مشاعر المسيحيين مثل ما نطالبهم نحن بمراعاة مشاعرنا!!
أقول، نحن كمسلمين نحترم الأديان السماوية، ولم يحدث ان طالب مسلم عاقل بحرق الانجيل مع ادراكنا ان انجيل اليوم محرف عن الانجيل الذي انزله الله على عيسى عليه السلام.
نحن كمسلمين نؤمن بان عيسى نبي الله ورسوله ونؤمن بان الله انزل عليه كتابا مقدسا ونعتبر الايمان بعيسى والانجيل من مستلزمات الايمان بالله تعالى «آمن الرسول بما انزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين احد من رسله» صدق الله العظيم.
البعض الآخر استكثر على المسلمين ردة الفعل القوية لقضية يعتبرها «تافهة»، ونقول ان ردة الفعل هذه مطلوبة لردع من قد تسول له نفسه بالتعدي على دين الله، فان سكتنا اليوم عن هذا الامر فسنجد غدا من عظائم الأمور ما لم نتمكن من صده ورده.

(لفتة كريمة)
قال تعالى: «ان تنصروا الله ينصركم»
فما احوجنا الى نصر الله في هذه الزحمة من الهزائم المتتالية!!

مبارك فهد الدويلة

محمد الوشيحي

زعماؤنا الأتقياء… بركة

الأوروبيون واليابانيون والأميركان بطبيعتهم لا يعتمدون على الخدم، وليس لعماراتهم التي يقطنونها حراس. قد تجد رجل أمن، أو رجال أمن على مدخل البناية، لكنك لن تجد "عم زينهم" بجلابيته وعمامته يمسح الدرج ويسكن في بئر السلم، وروح يا عم زينهم للسوبر ماركت، وتعال يا عم زينهم شيل وحط.

وقبل نحو أسبوع، اصطحب الرئيس الألماني كريستيان فولف زوجته وراحا يبحثان عن حضانة يضعان طفلهما فيها، ليقضي هناك الفترة الصباحية، أثناء انشغالهما في وظيفتيهما، كحال غالبية الألمان، لكنهما لم يجدا مقعداً للطفل، فسجّلا اسمه في قائمة الانتظار، فراحت الصحف تسخر منه: "كاك كاك كاك تستاهل أنت وحكومتك التي لم توفر حضانات بعدد كاف"… ورغم "بروتوكولية" منصبه فإنّ الصحف سنّت رماحها "وزعْفَرَت" خيلها وشنّت عليه غاراتها الساخرة إلى هذه اللحظة.

وقبل نحو سنة، فقدت المحللة الاقتصادية "سوزان شميت" ابنة مستشار ألمانيا الأسبق (أي رئيس الوزراء) هيلموت شميت وظيفتها الصحافية بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، فبحثت عن وظيفة أخرى، وبحثت، وبحثت، فأعياها البحث، فألّفت كتاباً أسمته "سوق بلا أخلاق"، فرزقها الله من حيث لم تحتسب.

وفي أميركا، عجز صاحب المنصب الأكبر في العالم، الرئيس الأميركي باراك أوباما، عن الحصول على فيزا لعمّته كي يدخلها أميركا ويتولى رعايتها وعلاجها.

ولو لعب أحد الرئيسين، الألماني أو الأميركي، بذيله واستخدم نفوذه بصورة غير قانونية لأخذ على قفاه الكريم، ولعلّقته الصحف من كراعينه، ولضحك عليه المارة وعابرو السبيل إلى أن يتساقطوا على ظهورهم وجباههم وجنوبهم… معلش، أنت تتحدث عن شعوب لها كبرياؤها وأنفتها وشموخها المرعب، وتتحدث عن قانون له أشناب وهيبة مخيفة. وإن كنت "ناسي" أفكرك بما فعله الفرنسيون في رئيسهم ساركوزي، الذي تهوّر ومنح ابنه جان، رغم أحقيته وأهليّته، منصب محافظ مدينة "لاديفانس"، وقد كتبتُ عن هذا سابقاً في هذه الجريدة، وكتبتُ عن مانشيتات الصحف الفرنسية وكاريكاتيراتها الساخرة في مقالة بعنوان "البطيخ أحلى من التفاح". ابحث عن المقالة إذا كان الأمر يهمك، وستجدها في أكثر من مئة موقع عربي، لتكتشف شدة عطش العرب.

وفي بلداننا العربية، حيث يتشدق الزعماء بالدين وتعاليم الدين والحلال والحرام، وتلتقط الكاميرات صورهم في صلاة العيد (أخذتُ جولة على الصحافة العربية ثاني أيام العيد فهالني منظر صور الزعماء العرب الأتقياء وهم يتصدرون الصفوف الأمامية في المساجد، فضحكت وضحكت وضحكت حتى جفت دموعي)، أقول، في بلداننا المتديّنة يفعل سكرتير الوزير (لم أقل الوزير ولا الرئيس) ما لا يفعله باراك أوباما وساركوزي وميركل مجتمعين، فتطأطئ الصحف ويركع الصحافيون، فيعارض صحافي "مقرود" فتتهمه "صحافة هياتم" بالخيانة وقلة الأدب والتطاول على سكرتير وزير ولاة الأمر… هاهاها.

وفي اليابان، اخترع العلماء أثاث بيت تكنولوجياً متعدد الاستخدامات، فاخترع زعماؤنا المسلمون ديناً متعدد الاستخدامات، فهو مرّة قناع، ومرة "بشت"، ومرة عصا، ومرة إبرة مخدر، ومرة حبل مشنقة، ومرة مفتاح خزينة… أعز الله دينه عنّا، نحن المسلمين، وعن صحافتنا الراقصة.

حسن العيسى

لستم وحدكم الكويت

لا جديد غير شريط أولياء الدين والعادات والتقاليد، يعيدون ترديده مرة ثانية وثالثة… وألف مرة، من دون ملل ولا تعب، ولا يتركون للبشر حتى فسحة صغيرة يتنفّسون منها، يستلذّون تماماً في جَلْدِنا بالملل وتفاهة قضاياهم الكبرى حين يتدخلون في أدقِّ خصوصيات الناس، يحشرون أنوفهم في أبسط حقوق خلق الله، ويصدرون أحكام الإدانة الاجتماعية من غير سماع أقوال المتهمين المبتلين بهم. صاروا قضاةً من دون قانون ولا عدالة، فهم ليسوا مشرّعين فقط، بل قضاة وفقهاء وعلماء دين وأساتذة في علوم الاجتماع، وهم الآباء الأوصياء علينا نحن القُصَّر المشمولين برعايتهم وعصيّهم حين ترتفع إلى الأعلى وتهوي على ظهورنا من دون رحمة، فهم وسطاء الرحمة وهم من لديهم مفاتيح أبواب الحلال والحرام، الجائز وغير الجائز، هم "لويس الرابع عشر" بعباءة التقوى الدينية والتزمّت الاجتماعي، فهم الدولة والدولة هي هم.
خبر بسيط فتح شهية الأولياء من بعض نواب الأمة ليلتهموا منه قضيتهم "وحقوق" الولاية التعيسة المفروضة علينا…!
تم "ضبط" عسكري وعسكرية في وضع "مثير" بسيارة مظلّلة النوافذ بأكثر من ظلال هذه الثقافة التي ننهل منها، وركض النائب محمد هايف معايراً وزارة  الداخلية وشامِتاً بها ومذكِّراً إياها بنصائحه وتحذيراته السابقة بعدم التزام الشرطة النسائية "أصول اللباس الشرعي"! والود وده وود غيره من جماعته أن يقول لهذه الوزارة وبقية مؤسسات الدولة: لماذا تعمل النساء أساساً؟ ولِمَ لا "يقرن في بيوتهم" يجتررن عطالة الفكر وبطالة الفراغ وينتظرن الرجال القوامين عليهن للقيام بالواجب المفروض؟ هل اللباس العسكري "للمتهمَين"، وهما متهمان قبل حكم القانون، يعد سبباً قاطعاً لتحصينهما من الخطأ أو "الخطيئة" كما يريد حضرة النائب؟ فهل سمعتَ دفاعهما؟ وهل عرفتَ ظروفهما، وهل قطعتَ بحكم الإدانة وفضح خلق الله من غير داعٍ…؟
ماذا تركتَ لهما يا حضرة النائب من دفاع وبيان حقيقة ما حدث، وهل ستستقيم أخلاق المجتمع من جريرة "العصاة" حين مسكت أبواق الفضائح تنفخ بها لهيباً حارقاً على الأفراد بعدما حدث…؟ وهل سيصير مجتمعنا هو الكامل وجمهورية أفلاطون الفاضلة حين تقلبه إلى قندهار ثانية…؟
الأبطال الأولياء هنا في "جريمة الفعل الفاضح المخل بالحياء العام"، هم ذواتهم الأبطال في رغاء ياسر حبيب ونبشه تاريخ الفتن! نسي أبطالنا أن الدولة الكويتية لم تعد هي الدولة سابقاً قبل "تحرير" العراق وقبل قيام الثورة الإيرانية، كانت الكويت تعيش "قليلاً" من التسامح الاجتماعي، وقليلاً من التسامح الديني، لكنها لم تعرف في تاريخها -على عكس ما يتصور الحالمون بالماضي "الليبرالي"- متسامحةً في أساسها… لكن اليوم وببركات الأولياء ومفسّري الأحلام ومروّجي حبة البركة ونجوم حلقات الوعظ الديني في تلفزيونات الإعلانات الفجة وأسواق الاستهلاك، أضحت على شفا الهاوية الطائفية، وقرب بداية الحروب الدينية، بعد أن كُرِّست ثقافة عنوانها الكبير "نحن وحدنا أصحاب الحقيقة المطلقة، ونحن وحدنا الناجون من النار والبقية في جهنم وبئس المصير…".
ليتكم قرأتم تاريخ "الحروب الدينية" أو حرب المئة عام في أوروبا العصور الوسطى، وهي حرب القوميات المتشظّية والعصبيات الدينية بعد ظهور مارتن لوثر ونشر البروتستانتية في أوروبا.
ليتكم تتابعون ما جرى ويجري في العراق وقبله في لبنان واليمن وباكستان والصومال… هل سنتحول إلى صومال جديد أم يمن تعيس…؟ ارحمونا يا ناس وارحموا هذا الوطن… وكلمة شكر أقولها لرئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الأمة، فقد كانا أكثر وعياً وأكثر حصافةً وإدراكاً لحكم القانون من نواب الأمة في تصريحاتهم بدعوات سحب الجنسية عن ياسر حبيب… ركدوا أنفسكم وركدوا ناخبيكم، فلستم وحدكم الدولة ولستم وحدكم الكويت.

احمد الصراف

الشكر للقس الأخرق

عندما التقيت المرحوم أحمد البغدادي لأول مرة، كان ذلك بعد التحرير بسنتين، سألته عما يدفعه إلى الكتابة، فقال باختصار شديد: لإبراء الذمة! ومنه تعلمت ذلك، وهنا أكتب اليوم لأبرئ ذمتي، فنحن أحوج ما نكون، كأفراد ومجتمعات، إلى أن نقوم بذلك، ونصرح بما نعتقده أنه الصواب، حتى ولو لم يعجب ذلك البعض منا، فالشرور في العالم لم تحدث فقط لوجود أشرار، بل وأيضا لأن غيرهم اختار الصمت، وفي هذا السياق تعتبر قصة القس الألماني مارتن نيموللر، الذي توفي قبل ربع قرن عن 92 عاما، الأشهر في هذا المجال. كان نيموللر ناشطا اجتماعيا ألمانياً يميل للمحافظة، وبالرغم من أنه أيّد النازية في بداية حياته، إلا أنه اختلف معها تاليا، وأسس كنيسة «الاعتراف» التي عارضت تحويل ألمانيا للإيمان بالفكر النازي، خاصة ما تعلق بسمو الجنس الآري، وقال انه ادعاء لا يتفق والقيم المسيحية، وقد عانى كثيرا نتيجة مواقفه، ونجا من الموت بأعجوبة، ولكن قضى 8 سنوات صعبة في معسكرات الاعتقال النازية حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث أبدى بعدها أسفه الشديد لعدم قيامه بفعل ما يكفي لمساعدة ضحايا النازية، وقد غير فكره الوطني، وأصبح أمميا أكثر ومناوئا للحروب، وداعيا إلى نزع أسلحة الدمار الشامل. وعلى الرغم من مواقفه من النازية، فإن البعض رأى فيها انتهازية واضحة، فهو لم يتحرك إلا بعد أن هاجم هتلر الكنائس! ما يهمنا من سيرة الرجل ما قاله بعدها، والذي اعتبر ابلغ ما قيل في موضوع إبراء الذمة، وعدم السكوت عن الخطأ: «… لم اشعر بارتياح كبير عندما تعرض الشيوعيون في ألمانيا للهجوم والتصفية من قبل النازيين، ولكني لم أحرك ساكنا، فلم أكن على أي حال شيوعيا. وعندما داروا على الاشتراكيين لم أفعل شيئا أيضا، ثم اتجهوا بهجومهم وتخريبهم وسيطرتهم على المدارس والصحافة واليهود وهكذا، وكنت خلالها أشعر بالضيق، ولكني لم افعل شيئا، ثم بدأوا بمهاجمة الكنائس، وكنت قسا لاحداها، وهنا قررت التحرك والاعتراض، ولكن هنا لم يتبق أحد ليقف معي في محنتي، فقد تحركت متأخرا جدا». اليوم، لو نظرنا لكل ردود الفعل الغاضبة التي صدرت عن العالم الإسلامي والمظاهرات وحرق الأعلام الأميركية والتهديدات بقتل المسيحيين وتخريب مصالحهم، بسبب ما أبداه قس أميركي أخرق من نية في حرق نسخ من القرآن، لتبين لنا كم الحساسية المفرطة التي أبديناها تجاه ذلك الحدث، وكيف أن القرآن عزيز على النفوس وجدير بالتقدير، ولكننا وطوال عقود وقرون لم نكتشف، أو ننتبه، أو حتى نشك بأن للآخرين أيضا كتبهم ومقدساتهم وآلهم وأصحابهم، ولو بمفهومهم الخاص. وإن كانت مبادئ حرية القول والنشر في البلاد الغربية تسمح لوسائل إعلامهم والغير بانتقاد رموزهم الدينية، أو التعامل باستخفاف مع كتبهم المقدسة، فهذا لا يعني أن مشاعرهم جميعا متساوية، فالغالبية ترى عكس ذلك وتؤمن بقداسة شخصياتهم الدينية، ولا يزال الإنجيل هو الذي يؤدى القسم عليه في المحاكم الغربية من دون استثناء، وفي مراسم تنصيب الرؤساء وكبار مسؤولي الدولة. كما نجد نسخاً منه في كل غرفة من فنادق أوروبا وأميركا، وبالتالي إذا أراد المسلمون، والجهلة المتعصبون منهم بالذات، وما أكثرهم، من الآخرين احترام مقدساتهم، فعليهم احترام مقدسات هؤلاء وشجب وإدانة كل تعد عليها، فكم من هؤلاء دان تفجير تمثالي بوذا في أفغانستان، واعترض على حرق كتب المسيحيين واليهود في شوارع باكستان وشجب، فقط شجب، قتل المدنيين الأبرياء في عديد من الدول الإسلامية لمجرد أنهم غير مسلمين، وماذا عن الشتائم المقذعة التي تصدر عن كثير من أئمة المساجد والقنوات التلفزيونية بحق كل من ليس على مذهبهم. فإذا كانت مشاعرنا رقيقة كالزجاج، فيجب ألا نرمي مشاعر الآخرين بالحجر، وهنا ربما علينا شكر القس الأخرق على فعلته التي لم تتم، لأنها بينت كم تطرفنا ومدى حاجتنا لاحترام الغير ومقدساته!

أحمد الصراف

سامي النصف

بن لادن وصدام ليسا آخر الفرسان

بعد كارثة 11 سبتمبر 2001 التي تمر علينا هذه الأيام ذكراها التاسعة والتي يسميها البعض بأحداث سبتمبر تزييفا للواقع وتخفيفا مما حدث، كحال تسمية هزيمة 67 بالنكسة وغزو الكويت المدمر بالدخول وكأنه باب قد طرق وفتح، التقتنا قناة الجزيرة ومما قلناه آنذاك ان ما حدث زلزال فتح صندوق باندورا للشرور على عالمنا الاسلامي سيطول الزمن حتى يتم غلقه هذا إذا اغلق اصلا ولم يبق جرحا نازفا يكبر مع مرور الزمن.

لقد مرت تسع سنوات عجاف على عالمنا الاسلامي لم نر خلالها من التنظيم الإرهابي الذي قام بذلك العمل الجبان الذي قتل آلاف الابرياء والآمنين وجعل دول الارض تتكالب على أمتنا، الا كل «شر وقر» فمذابح هنا وتفجيرات هناك و99% من الضحايا مسلمون يقتلون من قبل التنظيم بحجة.. الدفاع عن الاسلام والمسلمين!

ومازلت أذكر ردود الفعل الخاطئة والمتعاطفة آنذاك مع فارس الأمة الجديد أسامة بن لادن بعد أن قارب نجم فارسها الآخر صدام حسين على الأفول، وكيف نرتجي الخير من جموع تمجد الطغاة وتعز وتود الارهابيين، وتسير خلفهم بغفلة شديدة ليقودوها من كارثة إلى كارثة ومن فاجعة إلى فاجعة ومن هزيمة إلى هزيمة تصدق ما تسمع وتكذب ما ترى؟!

إن الفكر القاعدي ليس ملاذ الأمة وحصنها الحصين ورجاله ليسوا آخر فرسانها بل هم أشر أعدائها حيث يعملون لتشطير دولنا لا دول الآخرين وخلق الحروب الأهلية فيها، فتفجيراتهم تفجر أوطاننا وتستبيح مواردنا وتخلق لنا أمة من الأرامل والايتام والثكالى، سنوات مرت ومازالت الجراح نازفة ومازال البعض يتردد في إدانة ما يجب إدانته.

إننا بحاجة لوقفة قاسية مع النفس لمحاسبة مضللي ومغرري وخادعي الامة ممن يوردونها المهالك تحت رايات حق يراد بها باطل، محولين احلامها إلى كوابيس وضعفها الى موت عبر نهج خلط الاوراق الذي يجب ان نرفضه جميعا فجريمة قتل الابرياء في نيويورك، وقبلها غزو الكويت، لا تبررها ولا تبرئها أحداث فلسطين فلا يمكن ان يقبل العالم أو أي نظام عربي بمبدأ عدم محاسبة مجرم لوجود مجرم آخر طليق.

آخر محطة:

أخشى أننا بتنا أشبه بأمة تجلس في قطار يقوده جهالها ومضللوها ومتطرفوها الى الهاوية وسط ضجيج اعلامي شديد يزدري العقل ويكره الحكمة، وكل يوم يمر علينا دون تغيير ذلك المسار يقترب بنا من النهاية المحتومة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.