محمد الوشيحي

لو كانت السعودية امرأة لراقصتها

اليوم يوم السعودية الوطني. اليوم عيد ميلاد الفاتنة. حماها الله من أعدائها ومن دراويشها المهووسين الذين يتصوّرونها ويصوّرونها "دولة لا قضية فيها إلا قضية الاختلاط".

فنقرأ في موقع للمتدروشين المهووسين بالجنس "صاحب محل ملابس داخلية نسائية في منطقة الجوف يعرض بضاعته على الواجهة… الله يسترنا بستره"، ومرفق مع الخبر صورة لبعض الملابس النسائية الخارجية لا الداخلية، وتحت الصورة والخبر خذ التعليقات المهووسة: "أخزاه الله هذا المنحرف / الله يستر على حريمنا / عندما يتم الاستهتار بأعراضنا إلى هذه الدرجة فلا تستبعدون قيام القيامة / أين الهيئة والشرفاء على أعراض هذه الأمة من هذا المنحل المنحرف التغريبي؟…"، هؤلاء هم بقايا المهووسين، الذين يجب أن نتعامل معهم كما نتعامل مع بقايا الطعام.

وجاء الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وفتح الباب للنساء الراغبات في المساهمة في بناء البلد، وأسس "جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا" وهي جامعة مختلطة، ولم تتساقط جدران الرياض ولم تتهاوَ بيوت جدة ولا احترقت مزارع الأحساء… ولم يتوقف الملك عند هذا، وهو الذي يعلم أن البناء يحتاج أولاً إلى إزالة الركام، وأن التغيير لا يتم هكذا بطرقعة أصبع، لذا أصدر أوامره بقصر الإفتاء على المختصين، فخرست بعض الألسن التي أساءت إلى الإسلام أكثر من القس الأميركي الحقير الذي أراد حرق القرآن. وقد قرأ بعضنا آخر استهبالات المفتين الزعاطيط الباحثين عن الشهرة: "السؤال، ما حكم قتل الذباب بالصاعق الكهربائي الذي انتشر في المساجد؟ الجواب، حرام ويُفضّل قتله بالفليت" أي والله! والمفتي مدرس في المدرسة الابتدائية، وخطيب احتياطي في مدينة شقراء كما يعرّف نفسه. وقرأنا أيضاً: "السؤال، ما حكم ارتداء المرأة (الكت) والتنورة القصيرة بين النساء؟ الجواب، الكت الذي هو قميص بأكمام قصيرة، وكذلك التنورة القصيرة، يُحرم ارتداؤهما على المرأة حتى وهي بين النساء".

ومن يقرأ فتاوى هؤلاء الزعاطيط، يظن أن السعوديين ما إن تطأ أقدامهم أرض دولة حتى يتسابقوا على فاترينات المحلات النسائية، وهات يا لحس وتقبيل الزجاج ليطفئوا شهوتهم وشبقهم… ما هذا العته الذي سيطر على عقول الدراويش.

خلاص، اكتشف الناس ألاعيب الزعاطيط هؤلاء فوبّخوهم وسخروا منهم، وها هي المملكة ترتدي ثياب الليبرالية العاقلة، لتخرج لنا السعودية كما يتمنى محبّوها، سعودية المشايخ الفضلاء الذين يرفعون الدين وينزّهونه عن عبث العابثين… سعودية الأدباء وعمالقة الاقتصاد وعباقرة الفن والطب والهندسة والعلوم، سعودية عبدالرحمن الراشد وتركي الحمد ويوسف المحيميد وعبده خال وزميلي اللذيذ في هذه الجريدة خلف الحربي، الذي يشعرك أن المبدع المصري المرحوم محمد عفيفي لم يمت، وآخرين… سعودية الصعلوك الرائع الكاتب الشاعر محمد الرطيّان، الذي يؤكد ما قلته سابقاً "يجب ألا يكتب في الصحف إلا شاعر، فإن لم يكن فعاشق للشعر، فإن لم يكن فمتذوق له، وذلك أضعف الإبداع"، وأنا هنا أستعين ببلاغة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو رسولي كما هو رسول المتدروشين الذين يريدون احتكاره والتحدث باسمه لشتم خصومهم ولعنهم.

السعودية اليوم… بلد تفرّغ لزراعة حديقة منزله لا للعبث بحدائق الآخرين وبساتينهم، كما يفعل بعض الجيران. ولو كانت السعودية امرأة لكانت فاتنة، ولتزاحمنا على مراقصتها في عيد ميلادها.

سعادة السفير الدكتور عبدالعزيز الفايز… كل عام والسعودية بروعة ورقيّ، وعقبال إلغاء منصبك، لنتوحد كخليجيين في سياستنا الخارجية والمالية والعسكرية… قل: "آمين".

حسن العيسى

خرابكم منكم وفيكم

التخلف والتعصب الديني والمذهبي والقبلي كلها أمور لم تنزل من السماء، ولم تفرض علينا، والخراب منا وفينا، فعندنا حكومة أخذت قيلولة من حكم العقل منذ زمن بعيد، وعندنا مجلس يعيش أيام حرب البسوس وداحس والغبراء! ومادام الفكر ممنوعاً فالعقل والتفكير الحر لا يوجدان، ومادامت هناك جماعة متسلطة تملي علينا ماذا نقرأ وما لا تجوز قراءته، فلا أمل ولا حلم بأن تتغير حالتنا العقلية، وسنظل على "طمام المرحوم". موضوع تعيد الصحافة نشره كل سنة في مثل هذا الوقت عن الكتب والكتاب الممنوعين من معرض الطبخ ونواقض الوضوء وتفسير الأحلام.

هذه المرة "زادت الجيلة" من المحرمات، فاتخذ الروائي السعودي عبده خال، صاحب رواية "ترمي بشرر"، موقفاً مشرفاً بمقاطعة معرض الكتاب الكويتي القادم، ويتمنى أن يحذو بقية الكتاب حذوه، ونشرت جريدة الراي: "إن اللافت للنظر هذه السنة (نقلاً عن دور النشر) هو "أهمية أسماء الذين تم رفض مؤلفاتهم، ومن بينهم جلال أمين وجمال بدوي وجمال الغيطاني…" وغيرهم من كبار الكتاب العرب.

ماذا بعد؟ وماذا بقي من "فكر" غير ممنوع وغير محرم؟ ألا يكفي أن دور النشر في دولنا العربية نشرت وترجمت في حدود ألف عام أقل مما نشرته دولة واحدة مثل إسبانيا في سنة واحدة…؟! ويتساءلون لماذا نحن متخلفون؟ ولماذا نراوح مكاننا ونغرق شيئاً فشيئاً في مستنقعات العصبية الطائفية والقبلية، ونقبل خاضعين للمستبدين بأنظمة الحكم والمتسلطين على حرية العقل.

أخبرني الزميل صلاح الهاشم أنه سيرفع دعوى على وزارة الإعلام، يسألها عن مبررات المنع، وأسبابه، ولماذا تعاملنا هذه الوزارة كأطفال، وتمارس الدولة علينا سلطتها "الأبوية" وكأننا قصر؟ ويسأل صلاح لماذا تصمت جمعيات النفع العام عن مأساة الحجر على العقول؟ وأين هي رابطة الأدباء وكذلك جمعية الصحافيين…؟ ويقول صلاح إنه لا يكترث بنتيجة هذه الدعوى بالخسارة أو الربح، فالمهم المبادرة بالفعل الايجابي ولا نكتفي بسلبية النقد لمعارض الكتاب في صفحات الجرائد، وسنلقي بالغد حجراً في مياهنا الراكدة… "فعمك أصمخ" في النهاية، ونحن ننفخ بقربة مقطوعة… ويسجل صلاح رقم فاكسه، وهو 22407959، لمن يريد الانضمام إليه في الدعوى ضد الوزارة… وسأنضم معه… فقد تعبنا من ولاية الحكومة الرسمية، وسئمنا من ولاية محتسبة الدين والرجعية.

لا تسألوا اليوم لماذا تفرخ الأرض أمثال ياسر حبيب ونواب "فوق الخيل" الذين حكموا الحكومة بإرهاب السياسة لا بحكم القانون والدستور… فحين تغيب حرية العقل تغيب معها الإنسانية… وسلامات يا دولة المركز المالي والثقافي في المنطقة… وقولوا لنا نكتة "بايخة" غيرها!

احمد الصراف

مبادرة القبس.. وهدية عيدي

قامت القبس – من منطلق إحساسها الكبير بالمسؤولية الاجتماعية – بحملة إعلانية على صفحاتها ضد التدخين، وقد دفعتني مبادرتها للبحث أكثر في موضوع التدخين، فهالني ما وجدته، سواء من ناحية المضار الصحية او التكلفة المالية على الاقتصاد. والحقيقة ان من الصعب تفهم موقف الحكومة من هذه الآفة التي تأكل في أرواح الكثيرين منا من دون أن يفكر مسؤول في فعل شيء إزاء التقليل من خطرها، ولا نقول القضاء عليها، وقد يكون لشركات السجائر دخل في تقاعس الحكومة، ولكن السبب الاول يعود لتخلفنا وجهلنا بخطورة التدخين، فما الذي يمنع الحكومة بكل أجهزتها من تفعيل قانون منع التدخين في الأماكن العامة؟ وكيف تسبقنا دبي وسوريا والأردن في مكافحته ونحن لا نزال ننتظر دورنا؟ ولماذا لا يمنع عندنا حتى في مكاتب كل الشركات والمقاهي والمطاعم والنوادي الرياضية وغيرها؟ فهذه «الأوامر» لا تحتاج لا لمجلس ولا لأمة لوضعها موضع التنفيذ، مع العمل على زيادة الرسوم الجمركية على استيراد كل أنواع التبغ!
تتضمن شهادات الوفاة في كثير من دول العالم فقرة تتعلق بسبب الوفاة، فلو كان المتوفى مدخنا شرها، فما السبب الذي سيذكره ذووه: الموت انتحارا، قتلا، اهمالا ام نتيجة الحمق؟! اقول ذلك بمناسبة ما اكتشفته عن مدى مضار هذه العادة السخيفة، التي كنت عبداً لها في وقت من الأوقات، فعدد الوفيات الناتجة عن التدخين أمر لا يصدق، فطبقا للإحصائيات الأميركية، التي ربما تنطبق على الكثير من دول العالم، فإن رقم الوفيات الناتجة عن التدخين تزيد عن عدد وفيات الايدز والانتحار وتناول الكحول وحوادث السيارات والقتل مجتمعة في السنة الواحدة، ومع هذا لا احد يود ان يفعل شيئا في الكويت لمحاربة التدخين. كما تتكلف أميركا -وحدها- 92 مليار دولار نتيجة أمراض التدخين، وعلى الرغم من أنها وبريطانيا تعتبران من أكبر منتجي السجائر في العالم، لكنهما أصبحتا في الفترة الاخيرة على قائمة الدول التي يقل فيها عدد المدخنين شهرا بعد آخر، ولكن التدخين في جانب آخر في ازدياد مستمر، خاصة في الدول الفقيرة والمتخلفة، كأوطاننا. فشركات التبغ تنتج سنويا 5 تريليونات سيجارة تكفي لتوزيع 750 سيجارة لكل نفس على كوكب الأرض، أي بمعدل سيجارتين يوميا. ويبلغ عدد المدخنين في الصين 300 مليون، وهذا يزيد على عدد سكان الولايات المتحدة.
كما يدمن 195 مليونا في الهند على التبغ، ويموت منهم مليون مدخن سنويا.
وعلى الرغم من تعدد طرق التدخين من سيجار وبايب وأرجيلة، لكن السيجارة اكثرها انتشارا، وهي تصنع بإضافة آلاف المواد المُحسّ.نة والملونة والنكهات المنشطة لها، التي ينتج عن استنشاقها رد فعل كيميائي يغشى الاعصاب ويتسبب في ارتفاع دقات القلب وتنشيط الذاكرة وزيادة الوعي، وكل هذه تشعر المدخن بالمتعة، وحيث ان غالبية المدخنين يبدأون التدخين في سن مبكرة فإن هذا الشعور بالمتعة المؤقتة يصبح إدمانا في الكبر يصعب التخلص منه بسهولة!
البحث طويل ويغطي عشرات آلاف الصفحات، وقد شاركني فيه محمد، أصغر أبنائنا، وكانت النتيجة انه قرر اهدائي في عيد ميلادي الــ66، الذي تصادف قبل أيام، هدية تمثلت في قراره التوقف عن التدخين، بعد عشر سنوات إدمان! وكان ذلك اجمل هدية تلقيتها في حياتي، والفضل يعود في جزء كبير لحملة القبس!

***
ملاحظة: ولم يثلج خبرٌ صدرَ جمعيات مكافحة السرطان والإدمان على النيكوتين مثل ذلك الذي تعلق بوفاة اثنين من أشهر من ظهروا في إعلانات سجائر «المارلبورو» بصورة «الكاوبوي»، حيث مات ديفيد ماكليرن بسرطان الرئة، وتبعه واين ماكلارن للسبب نفسه وعمره 51 عاما. ويقال على سبيل التفكه، ان حصانيهما نفقا بعدهما بفترة نتيجة التدخين السلبي Passive smoking.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

طبعي… طبع ابن البحرين!

 

نحتاج دائماً وأبداً إلى فسحة من الترفيه نطيح بها ما تراكم في القلوب والنفوس من مقالات وكتابات وأخبار وتقارير ولقاءات فضائية لا طائل من ورائها إلا ضغط النفس حول ما يجري في بلادنا الغالية، ولربما أصبحت فسحة الترفيه تلك موجعة وأكثر إيلاماً من سواها…

بالنسبة إلى القراء الذين تساءلوا عن موقفي تجاه ما يجري في البلد، فإنني من الناس الذين يعترفون بقدر أنفسهم ولا أجد في نفسي شخصاً ينتظر الناس منه إعلان موقف، ومع ذلك، فقد أشرت في كتابات كثيرة إلى أن كل مواطن بحريني يؤيد الخطوات التي يوجه لها حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى لحفظ الأمن والاستقرار، وكل مواطن حريص على مصلحة البلد لابد وأن يفرق بين المطالبة المشروعة بالحقوق وأساليبها، وبين معاول الهدم من خطابات تحريض وفتنة وتحريق وتخريب واعتداءات وتهديدات وتشكيك في الانتماء وافتراءات على المواطنين.

ومع تأييد كل الخطوات التي من شأنها تجنيب بلادنا الغالية من كل مكروه، ندعو أيضاً إلى عدم أخذ السقيم بالصحيح أو السماح بدعوات العقاب الجماعي أو اعتبار كل بحريني يعيش في قرية، متهماً مشكوكاً في ولائه لبلاده وقيادته، لكن مع ذلك، ولأن طبعي طبع ابن البحريين فإن كل ما يقال في هذا الشأن، مشكوك فيه من أبواب عدة منها التقية والنفاق وإظهار خلاف ما نبطن… شيء عجيب والله.

***

في مقال يوم الخميس 16 سبتمبر/ أيلول وتحت عنوان: «تحريض المنتديات الطائفية… هوس البطولات الوهمية»، أثنيت، كما أثنى غيري، على خطوة هيئة شئون الإعلام بإغلاق، واستمرار إغلاق المواقع الإلكترونية التي تنشر مواضيع تمس الوحدة الوطنية وتعمل على التفرقة بين أبناء الشعب الواحد، وتساءلتُ عما إذا كان الدور سيأتي على منتديات أخرى لاتزال تصب الزيت على النار، حتى المغلق منها، لأجد واحداً منها، وفي قمة الجهل والتخلف والهمجية ونوايا الشر بالوطن وأهله، ينشر موضوعاً بعنوان: «اصنع قنبلة بنفسك»، فينبري بعض خفافيش الظلام ليهاجموا عضواً دعا إلى التصدي لمثل هذه الأفكار النارية بدلاً من أن يهاجموا كاتب الموضوع المجهول، وكما فعلتُ شخصياً مع منتديات أخرى، خاطبتُ إدارة ذلك المنتدى حول مدى وجود (عقل) في رؤوسهم لكي يقبلوا بنشر مثل ذلك الموضوع الغبي، ولم أتلقَّ رداً، لكن الموضوع ألغي بالفعل ولله الحمد، ولأن طبعي طبع بحريني، فإن كل من يهاجم مثل تلك الأفكار والموضوعات المدسوسة يصبح مندساً أو جاسوساً أو مضاداً لحركة النضال! أما سلامة الوطن بالنسبة لأولئك الخفافيش فهي لا تعنيهم، ولكنها تعني كل بحريني مخلص.

***

في البحرين، وكذلك في المملكة العربية السعودية ودولة الكويت، صدرت بيانات من علماء ومثقفين من الطائفة الشيعية ترفض الإساءة إلى أم المؤمنين عائشة (رض)، وتلك المواقف، أخضعت أيضاً لدى شريحة من ذوي الطباع الطائفية العدوانية تحت عنوان (التقية)… بمعنى أن أي موقف أو بيان ما هو إلا كذب محض، ولأن طبعي طبع ابن البحرين، فإن القوم لن ينفكوا من تشويه كل موقف كريم يدافع عن نبي الأمة (ص) وعن أمهات المؤمنين وعن أهل البيت عليهم السلام… لكن كل ذلك لا يهم، إنما الأعمال بالنيات.

***

يخطئ من يعتقد أن الدولة تترصد للمعارضين أو الناشطين الذين ينتقدون أداء الدولة ويفتحون ملفات مهمة تدخل ضمن الحرص على «المصلحة العليا للوطن» بموضوعية واحترام للنظام وللقوانين، ولذلك، لم يرق للبعض أن يشارك أمين عام جمعية «وعد» إبراهيم شريف في حوار بإحدى القنوات الفضائية، ثم يسيء للدولة حسب زعمهم، ويعود إلى بلاده بكل حرية بعد تلك الإساءات، متناسين أن الدولة قبلت على مدى سنين طويلة أطروحات مختلفة الحدة من قبل المتصدين للعمل السياسي ولم ولن ترفض المعتدل منها في الطرح، وهنا، ليس في مقدور أولئك التفريق بين الانتقاد البناء المقبول، وبين التحريض على العنف والتخريب والحرق والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة والنيل من استقرار البلد وهو مرفوض… ولأن طبعي طبع ابن البحرين، فلا يمكن أن أقبل دعوات الفتنة ومعاول هدم المجتمع، وفي الوقت ذاته، لا يمكن أن أقبل بخنق كل صوت بحريني يتحدث بكل موضوعية وصراحة ونية صادقة لخدمة الوطن وخصوصاً أن لب المشروع الإصلاحي لجلالة العاهل، فتح المجال للمعارضة الوطنية المخلصة لأن تعمل في مسار تصونه الدولة بكل حرية وأمان.

سامي النصف

النار التي تحت الرماد

الفائز الاول في احداث الفتنة الاخيرة هو الحكومة والقرارات السريعة والحازمة التي اتخذتها في منع اقامة تجمعات وحشود طائفية تزيد النيران اشتعالا، وكانت ستؤدي الى مزيد من الفرقة والتشرذم وبدء متوالية اقوال مؤججة ومدغدغة هنا تقابلها اقوال مؤججة ومدغدغة هناك حتى تنقسم الكويت سريعا الى معسكرين او خندقين متضادين تحكمهما العواطف لا العقول ويختطف القرار فيهما المتشددون لا الحكماء، وينتهي الامر بنا كما انتهى في دول كثيرة بالمنطقة الى تفجير وقتل وخطف على الهوية، فلسنا اكثر ذكاء وحكمة وفطنة من اخوتنا في العراق ولبنان والجزائر وغيرها.

ومثير الفتنة هذه المرة مثله مثل من ذهب من متطرفينا ومتشددينا الى تورابورا والشيشان وكوسوفو وجزيرة فيلكا ومكة فهم جميعا ابناء المدارس والمعاهد والمناهج وتربية المجتمع الكويتي وثقافته العامة التي يفترض ان يكون المسار الديموقراطي القائم بها منذ نصف قرن حتى الآن قد شذب وهذب تصرفات من يعيش فيه وعلّمه أن حل المشكلات لا يتم بالتشدد والتطرف والفزعة الجاهلية والتفجير وحمل السلاح بل بالحوار الهادئ والعقلاني الذي هو اهم سمات المجتمعات الديموقراطية، ومن دونه لا ديموقراطية في مجتمع مهما ادعى حواريوه ومفكروه.

أليس مستغربا اننا لم نسمع بمقاتلين او متطرفين اندونيسيين وماليزيين في تورابورا والشيشان وكوسوفو وغيرها، بينما نسمع في الوقت ذاته بمتشددين ومتطرفين كويتيين من سنة وشيعة في كل إشكال يحدث في العالم رغم ان اعدادنا لا تزيد عن مليون نسمة اي اننا لا نقدم ولا نؤخر في حل الاشكالات السياسية العالمية القائمة، وما يفترض من تشربنا لمفاهيم التسامح والتعقل؟!

في الخلاصة ان ما حدث سيتكرر فأعواد الثقاب كثيرة وستبقى النار تحت الرماد ما لم نبدأ بتحويل الديموقراطية من لباس خارجي لامع لا علاقة له بالجسد الى مفاهيم تستقر في العقول والافئدة وتقبل بها النفوس فتحيلنا من مفهوم دولة البحيرة النفطية القابلة للاشتعال في اي لحظة الى مفهوم بحيرة المياه العذبة التي لا تؤثر فيها اعواد الثقاب المشتعلة مهما كثرت.

آخر محطة:

ان كان لإسقاط الجنسية عمن يثير الفتنة فائدة فهي ردعه لمن ينوي مستقبلا السير في طريق اثارة روح البغض والكراهية وتدمير المجتمع، فليس كل من ينوي القيام بذلك يحمل جنسية اخرى حتى يقيد الاسقاط بذلك الامر، والأحكام في كل مكان وزمان يقصد منها الردع ومنع الضرر قبل اي شيء آخر.

 

احمد الصراف

عندما سقطت الخيمة (4/4)

11ــــ محاولة إشراك جميع المواطنين في أسهم الشركات المساهمة الجديدة بهدف توزيع الثروة لن ينتج عنها غير ما نتج عن مساهمات مماثلة، حيث سيقوم الغالبية بالتخلص من أسهمهم عند أول فرصة وصرف الناتج على التافه من الأمور، وبالتالي خلق تضخم غير محمود والتسبب في خلخلة أسرية. ويحتاج الأمر بالتالي إلى تشريعات تمنع بيع الأسهم قبل 5 سنوات، علما بأن البيع المبكر يخلع «الشعبية» عن الخطة.
12ــــ عدم وضوح ما تتطلبه الخطة من أموال، فجهات تقول إن المبلغ يقارب الــ 37 مليار دينار، بينما تقرير غرفة التجارة الذي صدر في 9/5 يقول غير ذلك، وإن حجم الاستثمارات المستهدفة يصل إلى 30 ملياراً، وجزء كبير منه ضمانات وكفالات مصرفية وأموال يضخها الموردون والمقاولون، ولن يكون على دفعة واحدة بل موزعا على سنوات طويلة حسب حجم كل مشروع، وهذا الغموض في مبلغ الخطة يدعو إلى الشك.
13ــــ الشك في الجدوى الاقتصادية لبعض مشاريع التنمية، وهذا سيجعل منها عبئا على الاقتصاد الوطني، ونزفا دائما للمال العام.
14ــــ محاولة مؤيدي التمويل الحكومي أو الموازي للمشاريع، التركيز على نقطة سلبية واحدة تتعلق بارتفاع الكلفة التمويلية من دون النظر إلى معايير الجدوى والملاءمة، وعناصر تحسين ربحية الشركات.
15ــــ شروط الإذعان التي تفرضها عقود الكثير من المناقصات، والتي قد لا تشجع الكثيرين على المشاركة في مشاريع الخطة، مثل رفض البنك المركزي اعتبار حوالات الحق ضمن الضمانات المصرفية، وانخفاض سقف القروض للمدين الواحد، إضافة إلى حاجة المصارف لرفع رؤوس أموالها، أو إصدار سندات ذات آجال طويلة لرفع قدرات المصارف، وتسهيل خلق كيانات مصرفية أكبر، وكل هذا يتطلب الكثير من الوقت.
16ــــ إعادة النظر بصورة شاملة في قانون البناء والتشغيل والتحويل B.O.T ليكون أكثر واقعية وتجاوبا مع الاحتياجات الفعلية، وبالتالي تسهيل إقراض هذه المشاريع، وهذا ما ينطبق أيضا على قانون الخصخصة لمعالجة ما اعتراه من شروط مرهقة نتيجة الضغوط السياسية وتسويات اللحظة الأخيرة.
17ــــ طول الدورة المستندية في ترسية المشاريع، وتأخير صرف دفعات المقاولين.
18ــــ غياب أي معايير واضحة تسمح بتعويض المقاولين عن ارتفاع أسعار المواد الإنشائية بأكثر من نسبة محددة، وخاصة عندما تمتد الفترة الفاصلة بين طرح المناقصة وإرسائها.
19ــــ غموض ضمانات حقوق المصارف المقرضة، إذا ما سحبت الجهات الرسمية المعنية المشروع من المقاول. مع حق هذه الجهات في العودة على المقاول في ذلك، إذا كان سحب المشروع منسجما مع نصوص عقد المقاولة.
20ــــ تنص خطة التنمية على أن نسبة الحكومة في شركات المساهمة لن تزيد على %24 وحصة الشريك الاستراتيجي لن تزيد على %26، ويطرح الباقي للاكتتاب العام، ولكن ما العمل إن لم تتقدم أي شركة، أو إن طالبت بحصة أكبر؟
21ــــ لا تملك هذه الشركات المزمع إنشاؤها احتياطيات من سنوات سابقة، ولن يكون لديها تدفقات نقدية لسنوات عديدة قادمة، وليس لديها خبرات في تنفيذ المشاريع وإدارتها يُحكم على كفاءتها من خلالها، مما يجعل حصولها على تسهيلات ائتمانية وقروض نقدية كافية أمراً صعباً ما لم تحظ بضمانة المال العام. كما أن حصولها على المشاريع لن يخضع لاعتبارات المنافسة العادلة والفرص المتكافئة.
22ــــ وهنا لا نحاول وضع العصي في عجلة الخطة التي لم تتحرك حتى الآن، ولكن دورنا هنا هو التوعية لما يحيط بها من مخاطر، لكي لا تتحول الأخطاء إلى انحرافات خطرة.
23ــــ وأخيرا، يجب أن نتذكر دائما أن الحكومة، وليس المجلس، ولا اي جهة أخرى، هي التي أوصلت البلاد إلى هذا الوضع الاقتصادي والإنمائي المتردي، وهي التي تحاول الآن إخراجنا منه، وبالتالي نعتقد مخلصين أن تدخلها في تنفيذ الخطة يجب أن يكون، في جميع الظروف والمراحل، في حده الأدنى. وليس غريبا أن نقرأ أن %90 من العمارات و%65 من بيوت السكن مخالفة لشروط البناء، بسبب الإهمال الحكومي والفساد الإداري الذي سيمتد حتما الى مشاريع الخطة.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

حدث في 42 ساعة

في 27 رمضان اصدرت الحركة الدستورية الإسلامية بيانا نددت فيه بتصريحات زنديق لندن، ويوم 4 شوال لم يتمكن نائب الحركة وممثلها في البرلمان د. جمعان الحربش من المشاركة في ندوة الفردوس لوجوده خارج البلاد. ويوم 8 شوال أرسلت الحركة معاذ الدويلة عضو المكتب السياسي ليلقي كلمة الحركة في الجهراء عند ديوان الشليمي، الا ان الحكومة ألغت الندوة مما حدا بالحركة الى الدعوة لعقد الاجتماع في ديوان الدويلة يوم 10 شوال، وذلك بعد ان ساءها ما تعذرت به الحكومة من تطبيق قانون التجمعات وأعلنت انها لن تستأذن أحدا!! وفي مساء السبت – اي قبل موعد الندوة بيوم واحد اتصل بي رئيس الحكومة بالنيابة وطلب مني تأجيل اللقاء لمدة 24 ساعة فقط متعهدا بتنفيذ ما يطالب به الناس من عقاب زنديق لندن، فأخبرته اننا إن أجلنا الندوة ولم تصدر قرارات تردع المجرم وتنتصر لأم المؤمنين رضي الله عنها فسنضطر لعقد الندوة في اليوم التالي وفي الزمان والمكان أنفسهما. وفعلاً اجتمعت الأمانة العامة للحركة صباح الاحد وقررت اعطاء الحكومة فرصة لمدة 24 ساعة لعلاج الموضوع، حيث اننا نريد العنب ولا نريد قتل الناطور كما يقولون!! وفعلا التزمت الحكومة بتعهدها للحركة واصدرت قراراً بسحب جنسية الزنديق وفقا للمادة 13 من قانون الجنسية وملاحقته قانونيا. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
وتأتي اهمية سحب الجنسية من كونها رادعاً لكل من تسوّل له نفسه الطعن في ثوابت العقيدة الإسلامية في المستقبل، مثل احد الزملاء الخصوم الذي قال عن السيدة عائشة رضي الله عنها في القبس عدد الاثنين الماضي: «فالقضية ليست عرضنا وليست أمنا»!! ولو لم يتم ردع هذا الزنديق لخرج علينا كل يوم زنديق جديد يكره الدين وثوابته كما يكره المسلم اليهودي!!
وقد يقول قائل ان سحب الجنسية ليس له علاقة بحرية التعبير، ونقول ان سحب جنسية هذا الزنديق تمت وفقا للمادة 13 من قانون الجنسية وليس لها علاقة بالفكر المنحرف الذي تبناه، لكن هذا الانحراف نبّه الناس الى بقية أفعاله النكراء مثل مطالبته بمسح الكويت من الخارطة في دولة طائفية!!
ولعل من ايجابيات هذه الحملة ان وحدت مواقف اهل الكويت سنة وشيعة في وجه الزندقة واثبتت ان اهل الكويت غيّورون على دينهم وثوابتهم كما اثبتت ان الشيعة يحترمون الآل والأصحاب وان لأمهات المؤمنين عندهم حظوة وتقديرا وليس كما يشاع عنهم، لذلك اعتقد انه قد آن الاوان لطي هذه الصفحة والتفكير في البناء والتنمية، ونتمنى من الاخوة العلمانيين والمتطرفين من كل الاطراف عدم اشغالنا في قضايا ليست من ثوابتنا ودخيلة على تراثنا، فقد اثبتت الأيام الماضية ان اهل الكويت لن يسكتوا عن الذبّ عن دينهم ورسولهم، صلى الله عليه وسلم.

لفتة كريمة
ما قامت به الحكومة هو انتصار لدين الله واحترام وتعاطف مع مشاعر اهل الكويت سنة وشيعة، ونقول لمن انزعج من هذه الخطوة الحكومية المباركة ان الهجرة الى بلاد الحريات اريح لكم من البقاء في بلد السلف والتلف والتخلف والرجعية كما تسمونها!! ويا حلوها عندنا هي ورجعيتها!!

مبارك فهد الدويلة

محمد الوشيحي

زعماء تحرير الصحف

الكويتيون شعب مبالغ فيه. يحتاج من يتعامل معنا إلى كاتالوج. ولا يضحكني شيء كما تضحكني اجتماعات "رؤساء التحرير"، مع التقدير، التي هي الابنة الكبرى لاجتماعات "القمة العربية"، والتي هي مثل ذاكرتي، لا يعوّل عليها. على أن صورة رؤساء التحرير مجتمعين كانت مفيدة، فقد عرفت أن رئيس تحرير جريدتنا، الزميل خالد الهلال، دقّ الشنب، أو هو خففه بعد أن كان كثّاً غليظاً، ويبدو أنه قرّر التوغل أكثر في الليبرالية والعياذ بالله (تعريف الليبرالية في الكويت هو "دق الشنب")، أقول ذلك وأنا لم ألتقِه منذ أكثر من شهرين. وعرفت أيضاً أن رئيس تحرير جريدة "الراي" الشقيقة، الزميل يوسف الجلاهمة، هو الأطول بين الرؤساء وزعماء الصحافة. وعرفت أن رئيس تحرير "القبس"، الزميل وليد النصف، مستعجل وعلى وجه سفر، كعادته، ولا وقت لديه لترتيب غترته ووضع نظارته في جيبه. وعرفت من خلال نظرة نائب رئيس تحرير جريدة "الوطن"، الزميل وليد الجاسم (رئيس التحرير الزميل خليفة العلي لا يحضر إلا اجتماعات صاحب السمو أمير البلاد فقط، كما أظن)، أقول وليد الجاسم، من خلال نظراته الواضحة في الصورة، يفكر كيف يوفّر كميات هائلة من البنزين، لزوم المرحلة المقبلة، فهذا هو ملعب "الوطن". وعاش "بو خالد" وعاش من قال.

أما رئيس تحرير "عالم اليوم"، الزميل عبد الحميد الدعاس، ذو الابتسامة الشاسعة، فيبدو أنه كان أسعد الحضور في هذا الاجتماع (حديثي كله عن اجتماع رئيس مجلس الوزراء بالنيابة معالي الشيخ جابر المبارك مع رؤساء التحرير)، ولا أدري ما سبب كل هذه الابتسامة المترامية الأطراف على وجه "أبي يوسف" في حين أن الأخ الواقف على الطرف، الذي هو أقصر الموجودين، والذي لا أعرف من هو، كان في حالة تكشيرة مرعبة، "دير بالك عليه بو يوسف".

أما الأخ قبل الأخير، الواقف بجانب الأخ المكشر، فيبدو أنه الزميل بركات الهديبان، رئيس تحرير جريدة "الصباح"، أو الجريدة التي تخصصت في أمرين لا ثالث لهما، مدح سمو رئيس الحكومة الشيخ ناصر، والهجوم على النائب الدكتور فيصل المسلم، وقد قرأتها مرة وتبت توبة نصوحاً.أما رئيس تحرير جريدة "النهار" الزميل عماد بوخمسين، فكان كجريدته تماماً، مبتسماً مسالماً محترماً، في حين أثبت الزميل عدنان الراشد، نائب رئيس تحرير جريدة "الأنباء" أنه "قريب من السلطة"، حتى في الصورة… ويذكرني بالرواية الروسية "الحياة أجمل في الدفء".

ولا أدري أيّ الحضور هو رئيس تحرير جريدة "الدار"، كي أستفسر منه عن سعر البنزين بعد أن استحوذ عليه كله، وترك نائب رئيس تحرير "الوطن" وليد الجاسم في العراء. يالله معلش يا بو خالد… "قزّرها بالقاز"، ومن لم يجد الماء فليتيمّم.

حسن العيسى

حتى يمشون تحت الساس

الحكومة في ورطة، فهي تريد منع التجمّعات "التحريضية" ضد الشيعة والتي تقودها التيارات الدينية السنّية، والقانون لا يسعفها، مع ملاحظة أن تلك التجمّعات الأصولية السنّية تلفق مزاعمَ بأن ما يحدث هو دفاع عن أمِّ المؤمنين من افتراءات الأصولي الجعفري ياسر حبيب، لكن الحقيقة هي أن تلك الجماعات الأصولية وجدتها مناسبة لقمع الجماعات الجعفرية حتى "تمشي تحت الساس"، وكانت ملاحظة الزميل عبداللطيف الدعيج في مكانها عن تصريح الشيخ ناظم المسباح، بأن أمام المرجعيات الشيعية الآن فرصة تاريخية للتبرؤ من كل الكتب والمصادر التي يستقي منها ياسر حبيب…"! وهذه العبارة لا تعبّر عن رأي الشيخ ناظم المسباح فقط، بل هي من أصول فكر مشايخ "قادة الرأي" المتحجّر في الدولة الآن، ولم يكُن ياسر حبيب ولا من هُمْ على شاكلته غير فرصة لدولة الأصوليات السنّية المستترة لترفع أعلامها وتفرض "مذهبها" ونظامها، ليس على الحياة الاجتماعية فقط، كما هو حاصل الآن بالتواطؤ مع نظام الحكم، بل على شيعة الكويت، وإذا لم تكُن عبارة الشيخ ناظم المسباح بدعوته إلى قبر التراث الشيعي سوى محكمة تفتيش حديثة في الدولة، مع ما تحمله من مضامين امتداد "حرب الثلاثين عاماً" الدينية من لبنان والعراق وبقية دول الطوائف والقبائل العربية حتى الكويت.

الحكومة في ورطة كبيرة، ولم تكُن تصريحات وزارة الداخلية عن إعمال قانون التجمّعات موفقة، فلا فرق في المعنى بين "الاجتماعات العامة" كما وردت في المرسوم بقانون رقم 65 والتجمّعات، وحكم المحكمة الدستورية عام 2006 بعدم دستورية المواد 1 و2 و3 و4 من هذا المرسوم، هدَمَ الأساس الذي قام عليه، ولا يصح أن يصدر من وزارة الداخلية ولا من الحكومة تصريحات مثل "بأن هناك ثغرات في القانون مازالت قائمة ويحق للأجهزة الأمنية تفعيلها… فالسلطة مهمّتها إعمال القانون واحترام حكم المحكمة الدستورية، لا البحث عن ثغرات فيه.

الحكومة في مأزق لا تُحسَد عليه، والدولة بكاملها على حافة هاوية، بعد أن غاب العقل وساد التعصب المذهبي. هذا المأزق هو نتاج السلطة التي رعت تلك التيارات الأصولية وتركتها تصول وتجول في الساحة وتحالفت معها قبل عقود طويلة، وهي الآن أمام مواجهة محتملة معها لا تعرف كيف تخرج منها، وخشْيتنا كبيرة أن يُطاح القليل المتبقي من هامش الحريات بسبب "عوير وزوير" السلف.

احمد الصراف

عندما سقطت الخيمة (3/4)

هنا نجد أننا نواجه الملاحظات التالية، وهي غيض من فيض، والتي لا يمكن تجاهلها بسهولة، إن أردنا تجنيب الخطة أكبر قدر من المشاكل والمعوقات:
1 – لا توجد فلسفة واضحة وراء الخطة: هل هي الصرف من أجل التنمية لكي تسير عجلة الاقتصاد، أم تعديل التركيبة السكانية، أم توفير المساكن لعشرات آلاف الطلبات، أم إعطاء التعليم ما يستحقه من اهتمام أم تكليف القطاع الخاص بدور أكبر في إدارة الدولة وتقليص دور الحكومة، أم تنفيع الجميع من خلال خطة توزيع أموال، ومن ثم نترك كل شيء لقانون البقاء للأصلح؟
2 – معروف أن القدرة التنفيذية والاستيعابية لكل أجهزة الدولة والقطاع الخاص لا تزيد في أحسن الأحوال على 550 مليون دينار. وصرف مليارات الدولارات في السنة الواحدة ستنتج عنه اختلالات وتبعات خطيرة على الجميع، وسنأتي لشرح ذلك لاحقا.
3 – يشكو قطاع البناء والتشييد من محدودية عدد شركات المقاولات المؤهلة. كما أن نسبة منها مؤهلة ورقيا فقط، فلا طواقم فنية ولا رؤوس أموال ولا قدرة على إصدار الكفالات لديها، كما يعاني بعضها من ديون مصرفية كبيرة.
4 – ندرة الأيدي العاملة والفنية والإدارية في السوق المحلي، وجلب مزيد من هؤلاء ستنتج عنه إصابة التركيبة السكانية بخلل أخطر مما هي عليه الآن.
5 – ندرة مواد البناء في السوق المحلي ومحدودية القدرة التخزينية في الظروف الحالية، وسينتج عن استيراد ما تتطلبه الخطة من مواد ضغط أشد على طلب المخازن، وارتفاع أسعار المعروض منها.
6 – ضعف قدرة الموانئ على التخليص والتخزين وضعف بقية أجهزة الدولة من جمارك ومراقبة الأغذية وإدارات العمل والهجرة والكهرباء والماء والطرقات على مواجهة تدفق مئات آلاف الأيدي العاملة لتنفيذ مشاريع بأكثر من خمسين مليار دولار في سوق محدود وصغير كالسوق الكويتي. وسينتج عن كل ذلك تضخم خطير قد لا يستطيع صاحب الدخل المتوسط التعامل معه، فكيف بصاحب الدخل الأقل؟!
7 – حاجة الجهة المناط بها حاليا تطبيق الخطة لمصداقية أكبر، فقد صرح الوزير الشيخ أحمد الفهد أن %25 من خطة التنمية قد تم انجازها وتبعه بعد أيام وزير الأشغال والبلدية بالقول إن ما أنجز من الخطة وصل إلى %27 ليصرح بعدهما النائب أحمد السعدون بأيام، ويقول إن ما أنجز لا يتعدى الصفر! والحقيقة أن المشاريع التي تكلم عنها الوزيران سبق وان تم إقرارها ورصد ميزانياتها قبل سنوات، وتم الانتهاء من تنفيذها أخيرا فقط ولا علاقة لخطة التنمية بها أصلا!
8 – من الواضح أن الحكومة، أو من يمثلها هنا، لا يمانع من قيام القطاع المصرفي بعملية تمويل احتياجات الشركات المساهمة الجديدة، مع قيامها بدعم جزء من الفوائد، شريطة عدم التزام المصارف حرفيا بأساسيات العمل المصرفي من تحليل ائتماني ودراسة الجدوى والرهونات والتدفقات النقدية، لأن هذه الأمور بنظرها، ستأخذ كثيرا من الوقت وتؤخر التنفيذ، ورفض البنوك ذلك سيدفع الحكومة إلى أن «تعتقد» بأن فوائد البنوك عالية ومن غير المجدي الاقتراض منها! علما بأن جهات قوية في مجلس الأمة تعارض استخدام المال العام في تغطية الفرق بين ما تطلبه البنوك، وما تقبله الشركات من أسعار فائدة.
9 – خلاف ذلك يعني تدخل الدولة مباشرة في عملية التمويل الضخمة بنسب فائدة متدنية، وتكمن في ذلك خطورة خلق كيانات مالية كبيرة تخضع للتدخلات والتأثيرات السياسية المباشرة في توزيع التمويل والتدخل في تحديد كلفته وشروطه. كما أن إخراج البنوك من عملية التمويل يعني غياب معايير التمويل الجيدة ودراسات الجدوى والضمانات، وهذا سيخلق أيضا كيانات بيروقراطية ضخمة لا تمتلك الكفاءة، ولا مقومات الاستمرار. كما ستعطي المشرف على تنفيذ الخطة دورا مهماً في عملية التعيينات الإدارية العليا، وكيفية عمل الشركات الجديدة.
10 – خلق مدن جديدة قد ينتج عنه توجيه فئات معينة للسكن فيها، وبالتالي زيادة فرقة المجتمع وفصله عرقيا ومذهبيا وقبليا لتسهل السيطرة عليه انتخابيا، ولكن فقط على المدى القصير.
نكمل غدا.

أحمد الصراف