مبارك الدويلة

حان وقت التغيير

كلما تشكلت حكومة وبدأت الالسن والاقلام تقيّمها سلبا او ايجابا.. كنا نقول اعطوها فرصة ثم قيّموها.. يحدونا بذلك شيء من التفاؤل!!
اليوم وبعد مرور اكثر من خمسة عشر شهراً على تشكيلها.. لم يعد للتفاؤل مكان.. بل اليقين وليس غيره بأن الحكومة «انتهت صلاحيتها» وحان وقت استبدالها، ولا اقول ذلك تجنّياً.. او تحاملاً.. بل على العكس من ذلك كنت من الكتّاب القليلين الذين امتدحوا بعض اجراءات الحكومة في الفترة الماضية.
اما اليوم فمن الواجب ان نظهر الوجه الاخر للحكومة حتى نؤكد على سلامة ما نقول.
وقبل ان اذكر بعض الامثلة اريد ان اؤكد ان انتقادنا لعمل وزارة ما لا يعني ان الوزير سيئ او انه حرامي حاشا لله.. بل يعني انه عجز عن اصلاح الخلل في وزارته.. وان نيته الطيبة وخلقه الرفيع لم يسعفاه في ادارته لوزارته واقرب مثال وزير الداخلية الذي أكاد اجزم بنظافة يده وبحسن مقصده، لكن ذلك كله لم يشفع له في هذا التراكم الرهيب من الاخفاقات المتتالية، وكنت اتمنى ان يتصرف بجرأة اكبر ويقيل من تسبب بهذه الاخفاقات، خصوصا ان من يعرف «ابو نواف» يدرك أن الشجاعة لا تنقصه، لكن دفاعه عن وزارته والمسؤولين فيها جعل اللوم كله يقع عليه.
< وزير التجارة يريد ان يدافع عن قضية حق (قانون غرفة التجارة) لكنه لم يحسن التعامل مع مجلس الامة، كما انه ترك ظهره مكشوفا دون غطاء.. فأصبح من عناصر التأزيم التي يجب علاجها مع انه بطبعه هادئ ونظيف اليد كما علمنا.
< وزيرة التربية.. دكتورة «مالية كرسيها» كما يقولون.. وادارتها حازمة.. لكن انتماءها الحزبي لم يرحمها، ويبدو ان هذا الانتماء سيطر على تفكيرها، وبالتالي على قراراتها!! لقد كانت صامدة طوال تلك السنين الماضية واثبتت انها تعمل بهدوء وبعيدا عن الحسابات السياسية، لكن هذا الصمود لم يدم طويلا.. وها هو ينهار عند اول اختبار حقيقي في وزارة التربية.
< وزير الشؤون.. من افضل الوزراء على الاطلاق.. طيب.. خلوق.. مستقيم.. فاهم.. واعٍ.. مخلص، بذل كل ما يمكن من اجل الوصول بالسفينة الى بر الامان.. لكن الرياح عاتية.. والالغام في وجه السفينة اكبر من حنكة القبطان وخبرة الربان.. واصبحت وزارته ملعبا لاصحاب المصالح المتناقضة والاهواء المتنافرة.. وطبعا لم يجد من يستند اليه ويدعمه في عملية الاصلاح التي بدأها فأصبح هدفاً لكل رامٍ!!
< هذه امثلة فقط.. والا فالقائمة عندي طويلة، لكن المقام لا يسمح بالاطالة.. المهم انه حان وقت التغيير!!
***
لفتة كريمة
< الزميل صلاح منتصر اكتشف اخيراً سراً خطراً!! فقد وقعت يداه على اعترافات المدعو محمود عبداللطيف المتهم بمحاولة اغتيال الرئيس عبد الناصر في حادثة المنشية الشهيرة في منتصف القرن الماضي!! والتي ع‍لى اثرها حل جماعة الاخوان المسلمين، وذكر الزميل ان الاعترافات بأن الحادث من تدبير الاخوان قرأها في مذكرات محمد حسنين هيكل الرجل الاول لعبد الناصر آنذاك.
فعلا اكتشاف خطر.. واعتراف اخطر!!

مبارك فهد الدويلة

سعيد محمد سعيد

يوميات مواطن مرهق… مشكلتي!

 

قبل أن يخلد إلى النوم، قرر «مواطن مرهق» أن يتوكل على الله ويبكر في الذهاب إلى مكتب المسئول في الصباح الباكر ليعرض عليه مشكلته… علّه يجد حلاً حين بلغ الإرهاق والتعب والدوران في حلقات مفرغة منه مبلغاً كبيراً بلا فائدة… في الغد، ربما يفتح طريق الحل على يد المسئول الذي، أتمنى ألا يقصر معي، ويساعدني في حل مشكلتي.

كانت الساعة تشير إلى الثامنة صباحاً عندما وقف المواطن المرهق أمام موظفة الاستقبال سائلاً عن الطريق إلى مكتب المسئول، فسألته: «يبه عندك موعد؟»، طبعاً ليس لديه موعد مسبق، ولكنه يمر بمشكلة تتطلب توقيعاً من مسئول وهو لا يعرف عن ذلك المسئول إلا ما كان يكرره في الصحافة بأن قلبه مفتوح للجميع قبل بابه، لكن الموظفة عطفت عليه وأرادت مساعدته في الاتصال بمدير مكتب المسئول الذي يبدو أنه طلب منها أن (تصرفه)، لكنها تلطفت في الحديث راجيةً منه أن يستقبله في مكتبه ويستمع إليه، فوافق على مضض.

في مكتب المدير، وقف المواطن المرهق يشرح له مشكلته وأنه ربما يجد الحل لديهم، وعلى رغم أن ذلك المدير كان متعاوناً كثيراً مع الموظف لدرجة أنه كان يكرر عبارة: «تامر حجي… تامر» وهو يلعب بأصابعه على أحد مواقع الإنترنت التي تظهر جداول ونتائج المباريات، ولم ينظر إلى المواطن المرهق إلا من طرف عينه، لكنه أبلغه بأن يكتب رسالة ويتركها لأن المسئول لم يصل بعد، وربما وصل بعد الساعة التاسعة… وربما لن يحضر اليوم لارتباطه بمشاغل كثيرة خارج المكتب… وهو سيقوم بإيصالها له حال وصوله وسيتم الاتصال به.

فرح المواطن المرهق بما سمع، فهي خطوة جيدة بالنسبة له ملأى بالتفاؤل… الرسالة كانت جاهزة، وما كان يتوجب عليه إلا تسليمها للمدير وانتظار الفرج… مرت ثلاثة أيام… أسبوع… أسبوعان… لا حس ولا خبر…عاد الكرة مرة أخرى وتوجه إلى مكتب المدير… فطلب منه أن يراجع مكتب علان… ذهب إلى مكتب علان… طلب الأخير منه أن يراجع مكتب فلان… ذهب إلى مكتب فلان، وكان فلان أكثر تعاوناً لأنه طلب من المواطن المرهق أن يذهب إلى مكتب فلان، وإن لم يجده فليذهب إلى مكتب فلان الفلاني، وإذا لم يجده ليرجع مرة أخرى إلى مكتب علان.. وبين فلان وعلان، سيكون هناك بارقة أمل.

لا بأس، فالمواطن المرهق، لن يرهقه كثيراً أن يعود إلى علان ويراجع معه معاملته، فالكل متعاون، من علان إلى فلان الفلاني، وأبوابهم جميعهم مفتوحة، وهل هناك أغلى وأثمن من المواطن! على أية حال، عاد المواطن المرهق إلى مكتب علان وسأله عن معاملته فقال له: «أي معاملة يبه… ما هي مشكلتك… لم يصلنا شيء؟» …إذاً، يحتاج الأمر إلى واسطة كبيرة، أو شخص سليط اللسان، والمواطن المرهق لا يملك لساناً سليطاً ولا واسطة إلا الله سبحانه وتعالى وأنعم بها واسطة… لكن، لا بأس، غداً سيتجه إلى إحدى الصحف وسينشر مشكلته… ذهب إلى الأولى فرفضت نشر الموضوع، والثانية كذلك، والثالثة نشرته ليقرأ بعد كم يوم رداً على شكواه: «مشكلة المواطن مرهق حلت من زمان، ويتوجب على الصحافة أن تتحرى الدقة»

سامي النصف

معرض الكتاب وحكاية كل عام

الكتاب في نهاية الأمر سلعة مثله مثل الطماطم والخيار والبصل.. إلخ، له موسم بيع يستفيد منه المستثمرون في ذلك القطاع حتى يمكنهم بعد انتهاء الموسم ان يستردوا اموالهم ويواصلوا نشاطهم وإنتاجهم لذا فأسوأ ما يمكن أن يفعله المرء للإضرار بسلعة ما هو ضربها في عز موسم بيعها وهذا ما يحدث كل عام مع معرض الكويت للكتاب.

فدائما ما يصاحب المعرض صراع وصراخ وتخندق حول قضايا الرقابة على الكتب وينتج عن ذلك الصراع عادة انصراف الناس عن الزيارة وشراء الكتب لاعتقاد كثير منهم ان قضية المنع قد افرغت المعرض من كنوزه وهو امر غير صحيح على الاطلاق فكثير من الكتب الممنوعة لو وجدت لما اثارت اهتمام احد خاصة في ظل وجود عشرات الآلاف من الكتب الاخرى التي لم تمنع، ان الناشرين واصحاب المكتبات ومؤلفي الكتب يصارعون للبقاء وسط ظروف صعبة لذا لتتوقف كل الاطراف عن الاضرار بهم عبر ترحيل تلك الخلافات الى ايام السنة الأخرى بعيدا عن موسم البيع.

ولنا بعض الملاحظات على قضايا الرقابة التي لا خلاف على وجودها ويعترض البعض على تعسفها في اداء عملها اما عبر اعتقادها بأن الناس سذج يسهل افسادهم بهذه الكلمة او تلك، او قيامها بدور الملك أكثر من الملك نفسه، عبر منعها كتبا تنتقد دولا صديقة في وقت تسمح فيه تلك الدول بها، ان ملاحظاتنا تتلخص في الآتي:

ـ ليس صحيحا ما يقوله بعض الإسلاميين من ان الليبراليين يدعون لإباحة كتب التعري والجنس وسب الذات الإلهية والرسل والتهجم على عقائد الآخرين ومن ثم يقومون هم بالرد على تلك الدعاوى التي لم يقل بها احد، وفي هذا السياق على الإسلاميين التوقف عن اختلاق المعارك ومهاجمة الليبراليين ثم التباكي بعد ذلك على عدم وقوفهم معهم حيث لا نرى مثل هذا الهجوم لدى اصحاب الديانات الاخرى مما يقويها ويوحد الصفوف خلفها.

ـ ليس صحيحا ما يطلبه بعض الليبراليين من إحالة الكتب للمحكمة لإصدار حكم قضائي بمنعها من عدمه، فالقضاة لديهم من القضايا الجسام ما يمنعهم من التفرغ لقراءة مئات أو آلاف الكتب والروايات والقصص بحثا عن كلمة هنا وكلمة هناك.

ـ وليس صحيحا ما يقوله بعض الإسلاميين من ان اعداد الكتب الممنوعة هي 25 كتابا فقط، حيث يخبرني كثير من الناشرين أنهم يتوقفون عن ارسال كتب سبق منعها في الكويت توفيرا للنفقات لذا فما هو ممنوع هو مجموع ما تم منعه في السنوات الماضية إضافة الى ما يعتقد الناشرون حسب خبرتهم بالتشدد الكويتي انه سيمنع لذا فنحن نتكلم عن آلاف الكتب التي يسمح بها في جميع الدول العربية والخليجية وتمنع في بلدنا.

ـ ليس صحيحا اعتقاد الرقيب بأن كلمة في كتاب ستفسد اخلاق اهل الكويت جميعا كون احسن كتاب لا يزيد عدد من يشتريه على 10 اشخاص ومن يقرأه 5 منهم، ثم لو كانت قراءة كتاب من تلك الكتب تفسد الاخلاق وتسبب الانحلال فلماذا لا تفسد اخلاق السادة الرقباء النبلاء رغم انهم يقرأون جميع الاصدارات الممنوعة؟!

ـ وليس صحيحا جعل الكتاب وهو مادة ثقافية اداة للاستجوابات السياسية كما حدث عام 98 عندما قام شخص (….) بتجميع كلمات هنا وهناك ووضعها ضمن ملزمة انتشرت بين الناس وكان واجبا ان يحاسب من قام بذلك العمل القميء بتهمة نشر الفاحشة لا محاسبة الوزير.

آخر محطة:

(1) تحية طيبة لمرشد الثورة الاسلامية في ايران السيد علي خامنئي على فتواه بتجريم الاساءة لأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أو النيل من رموز أهل السنة والجماعة.

(2) نشر موقع الحزب الوطني الديموقراطي الحاكم في مصر كلمة للمرشد السيد علي خامنئي بمناسبة الذكرى الأربعين لوفاة الرئيس جمال عبدالناصر قال فيها: كنت معتقلا في سجون الشاه ولاحظت حالة ابتهاج في السجن بين الضباط والحراس وعندما سألت علمت بوفاة الرئيس جمال عبدالناصر وأقسم بالله انني بكيت عليه كما لم أبك على أبي وأمي فقد كان الزعيم الوحيد الذي ساعد الإمام الخوميني وأمد الثورة بالمال والسلاح والتدريب، لقد مثل رحيله خسارة فادحة للعالمين العربي والاسلامي وللعالم بأسره (للمعلومة في عام 63 اتهم شاه ايراه في خطاب معلن مصر بدعم ثورة الإمام الخوميني آنذاك والتي انتهت بنفيه للخارج بعد ان كانت هناك نية لإعدامه لولا تدخل المراجع الكبرى في إيران والعالم الاسلامي).

 

احمد الصراف

انتظام الانتباه

أكملنا قبل أيام 65 من العمر، وبموجب حسابات صحية وعلمية محددة سنعيش حتى منتصف التسعين، وهذا معناه اننا اجتزنا ثلثي العمر بسلام، ولم يتبق غير الثلث الاخير الذي عادة ما يكون الاكثر صعوبة من الناحية الصحية، والاكثر انتاجا من الناحية الذهنية، أو هذا ما نتمناه.
من مظاهر الكبر في العمر التي سبق ان كتبنا عنها هو زيادة عدد من ينادونك ب‍يا «عم» أو يا «حاج»، او يعطونك مقاعدهم في صالات الانتظار والحافلات والحفلات، أو يفسحون لك الطريق، أو عندما تبدأ بالاهتمام اكثر باطفاء الاضواء ليس لزيادة جرعة الرومانسية لديك، بل توفيرا للطاقة.
وتبين أخيرا ان الكبار في العمر يصابون بمرض يشار اليه ب‍ AAADD وهو اختصار طريف ل‍ Age Activated Attention Deficit Disorder ويعني: عدم انتظام الانتباه مع التقدم في العمر! واعراضه تبدأ عادة عند الاستيقاظ مبكرا والجميع نيام، حيث يقرر البعض ان عليه قراءة صحف الصباح واحضارها من الصندوق الخاص بها، وفي الطريق يكشف صاحبنا ان حنفية مياه الحديقة مفتوحة، فيتجه صوبها ليغلقها، فيلفت نظره منظر تراكم غبار عاصفة الليلة الماضية على مركبته، فيقرر ان يوجه خرطوم المياه نحوها ليزيل ما تراكم عليها من تراب، وهنا يتبين له انه بحاجة لاحضار مفتاح الباب الخارجي، فيعود ادراجه إلى الداخل لاحضاره، فتلفت نظره بضع رسائل بريد تحت الباب فيلتقطها، وعند محاولته قراءتها يكتشف انه لا يستطيع ذلك من غير نظارته الطبية، فيتجه إلى غرفة المكتب، حيث سبق ان وضعها في الليلة السابقة، فلا يجدها فيضع الرسائل على المكتب، ويصعد إلى غرفة النوم لجلب نظارته، ولكنه يكتشف ان سلة المهملات في المكتب ملأى بأوراق كثيرة، وبعضها ذات طبيعة خاصة، فيقرر ان يذهب بالسلة الى المطبخ ليفرغها في كيس الزبالة، وهناك يتبين له ان الكيس ممتلئ ويتطلب تفريغه، ووضع كيس جديد مكانه، وحيث انه في المطبخ، فإنه سيؤدي كل تلك الامور بعد ان يعد لنفسه فنجانا من القهوة، فهو لا يزال «على الريق» يضع «الركوة» على الغاز لتسخينها، وهنا يقول لنفسه ان القهوة ستكون اكثر متعة لو صاحبتها سيجارة تسهل دخوله، او خروجه من الحمام، فيصعد إلى غرفة النوم لجلب سجائره فتوقظ الجلبة التي احدثها زوجته المتوعكة، فتقوم من نومها وتطلب منه ان يحضر لها كوبا من الماء لتتناول ادويتها، وفي طريقه إلى براد الماء في الممر يتذكر انه نسي الركوة على سخان الغاز، فينزل الدرج مهرولا لاطفائه، وفي المطبخ يكتشف انه لم يشعل الغاز اصلا، فيترك المطبخ ويتجه إلى غرفة النوم لتلبية طلب زوجته، وفي منتصف الدرج يتوقف ليتذكر ما طلبته، ولكنه يستمر في الصعود ليسألها عن طلبها، هناك يرى انها قد عادت للنوم فلم يرد ايقاظها، ويتركها لحالها وينزل الدرج ببطء فقد تشوش ذهنه كثيراً، وفجأة تذكر ان كيس الزبالة الذي أصبحت رائحته تملأ البيت يحتاج الى ان يحكم ربطه ويأخذه إلى الخارج، وفي المطبخ يتذكر قهوته، وينسى سيجارته فيسخن الماء ويضع ملعقتي قهوة في «الركوة» ويحركها وما ان تغلي حتى يسكبها في الفنجان، وحيث انه عادة ما يفضلها باردة فقد وضعها جانبا لكي تبرد، وهنا تذكر انه لم يقم بقراءة بريده، فربما تكون هناك رسالة ذات اهمية خاصة، فيقرر الذهاب الى غرفة النوم لاحضار نظارته، وعند بداية الدرج تلفت «فازة» الزهور الجميلة -التي أرسلها الجيران لزوجته البارحة بسبب مرضها والتي أعجبتها كثيراً- نظره، ويلاحظ جفاف اوراقها وانها بحاجة الى الماء، فيعود الى المطبخ لجلب البعض منه، وعند وقوفه امام نافذة المطبخ، وهو يملأ الخزان الصغير يرى من خلال النافذة انه لم يغلق حنفية الماء، ولم يقرأ صحف الصباح، فيضع الماء جانبا ويتجه إلى الخارج، فيسمع مواء القطة تناديه، بصوت لا تصدره الا اذا كانت جائعة فيعود الى غرفة «المونة» ليحضر علبة طعامها، وهناك يكتشف ان النمل قد تسرب الى طعام القطة، وملأ المكان، فيأخذ العلبة إلى المغسلة ويفرغها هناك، وتجمد يده وهو ساهم، متسائلا: لقد نسيت القيام بشيء ما، وعليّ الجلوس لتذكره!
والآن قد يكون البعض منكم قد وصل الى هذه المرحلة، وهذا ليس بالأمر الخطر، فستكون قد نسيت كل ما قرأته قبل لحظات، وقد تكون في منتصف المرحلة، وعليك ان تجد للأمر حلا، وقد تضحك من القصة لاعتقادك انك بعيد عنها، ولكن سرعان ما ستكتشف انك تقترب من اعراضها بقوة دفع خارجية لا تعرف سببها، اثناء ذلك ما علينا جميعاً الا ان نبتسم، فالحياة جميلة ويجب ألا نترك السفهاء والطغاة والمتشددين منا يجعلونها غير ذلك.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

الحرب بين الشعب والطماطم

رسالة غاضبة صادقة معبرة وصلتني من مجموعة من "الكويتيين الحفّاي"(1)، كما عبروا عن أنفسهم، أنقل خلاصتها دون أن أسرّح شعرها أو أهندم ثيابها: "الطماط ين وقعد، نبي نقاطع الخضرة، اكتب للناس خلتحركون، الأسعار كلتنا". ولغير المتحدثين باللهجة الخليجية أترجم: "الطماطم أصيبت بالجنون (إشارة إلى الارتفاع الجنوني لأسعارها)، وسنقاطع الخضراوات، اكتب للناس كي يتحركوا، فالتجار التهمونا".
والطماطم "ين وطار" ليته "ين وقعد"، لكن ليش نكبّر القصة وهي صغيرة؟ على بركة الله، سنقاطع الخضراوات بدءاً من الغد، الجمعة. ومن يعتقد أن الطماطم، حتى لو ساندَتها بقية الخضراوات، لا يمكن الاستغناء عنها فهو واهم. الخبز والأجبان تنادي، والعيش (الرز) المسلوق عبقري وجميل، والبيض المسلوق "ماشبوشي"(2) على رأي اللبنانيين، ولن نموت.
ورحم الله جنون البقر أمام جنون الطماطم. وكان الله في عون البسطاء، من المواطنين والمقيمين، المدهوسين تحت عجلات جنون الأسعار، لكنهم يستحقون الدهس إذا لم يتحركوا ويرسموا خريطة الأسعار بأنفسهم.
ستستمر المقاطعة إلى يوم الخميس المقبل، وما لم تخفض الأسعار، فيتراجع سعر كرتون الطماطم الكبير إلى أقل من نصف دينار (سعره الآن أربعة دنانير) فسنعلن بدءَ التظاهرات أمام مبنى البرلمان تحت عنوان "تظاهرات الطماط"، وسنرفع – حينذاك – مطالبنا لتشمل محاسبة وزير التجارة برلمانياً، ومقاطعة تجار الخضراوات بعد أن ننشر أسماءهم وأسماء شركاتهم وعقودها في كل المجالات… وقد تهتز كراسي بعض المسؤولين بسبب "الطماط" وتظاهراته، وقد تتطور الأمور وتنتفخ فتهتز كراسي الحكومة كاملة، وقد تكتب الصحف المحلية والأجنبية بعد فترة: "الشعب الكويتي يسقط الحكومة بالطماطم"، وقد ترسخ نتيجة ذلك في ذهن الحكومة التالية فتشكّل لها كابوساً مرعباً، فتعقد اجتماعاتها، لو تكرر الأمر، في "شبرة الخضرة"، ما بين البقدونس والخيار، لتراقب بنفسها الأسعار عن قرب، وقد تصبح الطماطم سبباً لإعادة تلاحم هذا الشعب المفتت، الذي أيقن اللصوص و"اللهيبية" أن الوقت لدهسه وهرسه قد حان وآن.
وإذا كانت قوة شمشون الجبار في شعره، فلتكن قوتنا في بطوننا لتعرف الحكومة أن الاقتراب من أساسيات المطبخ يجلب الريح العاتية والعواصف الكاسحة، ويسبب تساقط الشعر والمناصب.
وستتحمل الصحف والفضائيات مسؤولياتها وستضع أيديها بأيدينا، فإن خذلتنا فلدينا من كتّاب الأعمدة من يضربون على زنودهم، و"يدقّون" صدورهم… وقبل هذا وذاك، ستشتعل المدونات، وستنتفض المنتديات والمواقع الإلكترونية، وستقرع الديوانيات الطبول.
وكنت، وماأزال، على تواصل مع إحدى الأسر البسيطة المتعففة، التي لا تعرف خطة التنمية، ولا تتابع معرض الكتاب، ولا تهتم بمن يرأس اتحاد كرة القدم… وما إن وصلتني رسالة "الحفّاي" حتى اتصلت بالأسرة تلك، وسألت: "شخباركم مع الطماط؟"، فأجابتني السيدة المتعففة ببساطتها المعهودة: "هذا غضب يا ولدي عسى الله يحمينا. الكويتيون بالتأكيد عملوا ما يغضب الله فانتقم منهم فرفع أسعار الخضراوات التي هي أحد جنوده". تفسير نقي مسالم لكنه يؤكد فداحة الأمر.
عوداً على بدء، سنقاطع الطماطم وبقية الخضراوات بدءاً من الغد، كما طلبتم، وسيتولى البسطاء هذه المرة القيادة، وسنتبعهم… على بركة الله.
***
الحفاي: أي حفاة الأقدام، والمقصود منها البسطاء أو الفقراء.
ماشبوشي: لا يعيبه شيء.       

احمد الصراف

متى يصمت الجهلة المتعصبون؟

لا يهمني أمر ابراء ساحتي من اتهامات الشعوبية والطائفية والعمالة لايران، واحيانا لاميركا وبريطانيا، فأنا أعرف من اكون ولمن يخضع انتمائي، وهذا يكفيني! أقول ذلك على الرغم من كل ما يربطني بالشعب الايراني من وشائج ومشاعر نفسية وعائلية، والتي لم تكن سببا لان ازور ايران اكثر من مرة واحدة خلال 40 عاماً! ولكن ما يقلقني حقا هو مصير ومشاعر كل جموع المواطنين الذين تعود اصول «اجداد اجدادهم» إلى إيران، والذين تدفعهم آلة التخلف والتعصب إلى الارتماء في احضانها هرباً من سيل الاتهامات والعمالة التي تكال إليهم يومياً، وما تتبعه «السلطة» من سياسة متعمدة في التعامل معهم بتفرقة واضحة، ومنعهم من العمل في جهات حكومية محددة!
وفي هذا الصدد يقول عبدالرحمن الراشد، رئيس تحرير جريدة الشرق الاوسط السعودية سابقاً، والكاتب فيها حالياً: «والحقيقة ان افضل كتيبة تعمل في خدمة ايران اليوم، ليست الجماعات الشيعية الموالية لايران في المنطقة العربية، بل الجماعات السنية المتطرفة التي تساعد ايران بشكل منهجي، بدفع مواطنيها الشيعة في مربع الشك والرفض، هذه الجماعات المتطرفة هي التي تخدم ايران باشاعة الخوف بين الشيعة في الخليج، ورمي شبابهم في احضان ايران». (انتهى).
وهذا الكلام دقيق وصحيح الى درجة كبيرة، فدفع المواطن الشيعي، بمصادفة تاريخية بحتة، إلى التطرف من خلال الشك في مواقفه، وتضييق سبل العيش امامه، وممارسة التمييز ضده، سوف يدفعه بالفعل إلى منح ولائه لاي طرف خارجي، وليس بالضرورة لايران، وبالتالي هناك خطر امني داخلي اكبر في اتباع هذه السياسة، من خطر تواجد «هؤلاء» في مؤسسات حساسة محددة، فمجرد وجودهم تحت المجهر كاف لمراقبتهم والتأكد من سلامة مواقفهم، كما هي الحال مع العاملين في وكالة الاستخبارات في اي دولة مثلا، والذين تخضع تصرفاتهم للمراقبة المستمرة. اما عدم تشغيلهم وتركهم قنابل متنقلة من غير معرفة او رقابة فهو الخطر بعينه، وهنا نحن لا نفترض ان كل شيعي مشكوك في تصرفه وولائه، بل قد يكون العكس هو الاقرب كثيراً للصحة، فنسبة وليس عدد من قاوم وقتل من الشيعة، وبالذات من الذين تتحدر اصول اجداد اجدادهم من ايران، تفوق نسبة اي مجموعة اخرى!
ويقول الزميل عبدالرحمن الراشد في مكان آخر من مقاله: «ومن المتوقع ان تعمد السلطات الايرانية الى وضع كل خططها للايقاع بأكبر عدد من المتعاطفين معها من الشيعة الخليجيين، واستخدامهم لاغراضها داخل دولهم، وايران في محنتها الحالية تعتقد انها لا تملك قوة تواجه بها اي هجوم اميركي الا قوة الفوضى والارهاب، وليس من المستغرب ابدا ان توقظ خلاياها في الخليج عندما تحين ساعة الصفر، وهنا سيكون من السذاجة الاعتقاد بأن خلاياها هم شيعة فقط، بل بينهم سنة وعرب من جنسيات متعددة».

أحمد الصراف

سامي النصف

الرأي الآخر وحاكم كويتي لمصر!

أسوأ ما يمكن أن ينتهي إليه وضع أمة هو أن تعتمد على أذنها لا عقلها فتجري مع الجارين وتقف مع الواقفين كحال البقرة الشهيرة «شقرا» التي كلما انطلقت الخيل انطلقت معها حتى قيل «مع الخيل يا شقرا» ومن ذلك:

معروف أن الكويت مجتمع محافظ وقد جرت العادة منذ عقود طوال عند القبض على فتاة كويتية أن يؤخذ عليها «تعهد» ولا تسجل بحقها قضية تطبيقا للمبدأ الإسلامي الذي يحث على الستر لا الفضح وما قد ينتهي الأمر فيه بالقتل كما حدث مؤخرا في المملكة العربية السعودية عندما قبض على فتاتين تجلسان مع شابين في سيارتهما على هامش أحد الأفراح.

سجلت بحق الفتاتين قضية واستدعي والدهما في الصباح لتسلمهما فلحقه شقيقهما وأطلق عليهما النار وقتلهما عند باب المخفر وانهار الأب بعد فقدانه ابنتيه وابنه ومعرفته بالفضيحة الكبرى التي ستمس شرف العائلة إلى الابد، لقد تحرى رجل الأمن الكبير في الكويت بحكم خبرته وسنه المصلحة العامة والمفهوم الإسلامي بالستر بينما بحث آخرون عن المصالح الشخصية والبطولات الفارغة فانتهى الأمر بالفضيحة القائمة والإخلال الصارخ بالانضباط العسكري بعد استقواء الرتب الأقل بالنواب على الرتب الأعلى.

وسؤالنا للناخبين الكويتيين من إناث وذكور وهم المسؤولون عن تصرفات نوابهم: هل يرضون بترسيخ مبدأ «تسجيل» القضايا على الفتيات الكويتيات عند أي زلة ومن ثم فضحهن وتدمير سمعة عائلاتهن دون ذنب، أم الأخذ بمبدأ «التعهد» والستر الذي استفادت منه فتيات كثيرات خلال السنوات الماضية حتى أصبح البعض منهن الآن زوجات وأمهات وربما جدات؟! وشخصيا لم اهتم بالسؤال حتى عن أسماء أطراف القضية من ضباط ومتهمين، فالقضية أكبر من المتاجرة السياسية والتصيد والمزايدة.

تتميز إدارة المعهد التطبيقي ممثلة بالدكتور يعقوب الرفاعي وطاقمه المساعد، بالكفاءة الشديدة وطهارة اليد المتميزة، وقد سكب د.الرفاعي الماء البارد على من أراد الصيد في الماء العكر عندما أعلن الدكتور أنه لا مناقصة تتم في المعهد دون الشفافية المطلقة وعرضها على الجهات الرقابية وبذلك سحب البساط من الباحثين عن البطولات وخلق الأزمات.

الوضع الحالي في إدارة الجامعة لا يقبله أحد، وقد كان الواجب إما التمديد لأربع سنوات للدكتور الفهيد خاصة أنه لا مأخذ عليه فيما يخص كفاءته أو أمانته عدا أنه لا يخضع لضغوط بعض النواب، أو أن يتم في المقابل إخباره قبلها بوقت كاف بعدم التمديد وإعطاؤه تفرغا علميا كحال نوابه واختيار البديل له لتتم عملية التسلم والتسليم المعتادة، الأمران لم يتما وقد يكون الخيار الأفضل ضمن المعطى القائم أن يمدد للفهيد أربع سنوات مع طلب وضع استقالته تحت تصرف الوزيرة لتفعيلها في الوقت الذي تراه مناسبا وهذا أضعف الإيمان.

آخر محطة :

 1 ـ أتتني ردود كثيرة على سلسلة مقالات الأستاذ هيكل وسأحاول تخصيص أحد المقالات المستقبلية لتلك الردود.

2 ـ بعيدا عن ترهات هيكل التاريخية فقد تعرضت مصر قبل 6 عقود لحالة من الاختلاف الشديد وعدم الاستقرار السياسي وكان أحد الاقتراحات التي طرحت آنذاك لتوحيد الصفوف وترسيخ الاستقرار، مفاتحة شخصية كويتية معروفة كملك على مصر وسنتناول تلك الحقيقة التاريخية واسم تلك الشخصية في مقال قادم.

3 ـ وإلى الحاضر فقد اقترب عام 2011 ولم يتصاعد الدخان الأبيض فوق أرض الكنانة حول القيادة القادمة التي نتمنى أن تكون تمديدا للرئيس مبارك كي يستخدم خبرته وحكمته ونفوذه واتصالاته الدولية لحل معضل مياه النيل الخطير الذي يهدد الشعب المصري بالعطش والمنطقة بالحروب والتشتت والانقسام.

احمد الصراف

الهيلق والفكر الخرب (2 – 2)

ورد عن الشيخ يوسف بن عيسى في كتابه «صفحات من تاريخ الكويت» ص 65: الهيلك: ليس لهذا الاسم اصل بالعربية، وانما هو اصطلاحي ومعناه ان خلقا من اهل فارس اصابتهم مجاعة وجاء عدد كبير منهم الى الكويت وسموا بهذا الاسم (!!) وهذه المجاعة حدثت سنة 1285هـ، وانتهت سنة 1288هـ. وقد قام اهل الكويت بالاعمال الجليلة من اطعام المساكين وانقاذهم من التهلكة. وقد بلغت الحالة ببعض اهل فارس ان باعوا بناتهم، وشربوا الدم، وممن صارت لهم شهرة طيبة بالاطعام، سالم بن سلطان، وعبداللطيف العتيقي، ويوسف البدر، ويوسف بن صبيح، وبيت ابن ابراهيم.
ثم جاء المرحوم حمد السعيدان ليقول في موسوعته ص 1610 «سنة الهيلك»: سنة ارّخ بها الكويتيون حدوث مجاعة عظيمة في فارس والجزيرة العربية (!) حيث عمت المجاعة المنطقة ثلاث سنوات عجاف، من 1868 حتى 1871 (!) وهاجر كثير من ابناء فارس والقحطان الى الكويت، وقام المحسنون هنا بنثر الطعام في الاسواق والطرقات، وقد اشتهر من اولئك المحسنين يوسف البدر، يوسف الصبيح، عبداللطيف العتيقي، سالم بن سلطان وبيت معرفي وبيت ابن ابراهيم وغيرهم.
وهناك مراجع أخرى عديدة تتداخل وتتضارب أحداثها وتواريخها مع ما ذكرناه أعلاه، وفيها تتنوع أسماء المحسنين والمناطق التي قدم منها «الهيلق»، فتارة تذكر مناطق نجد والجزيرة العربية، وتارة فارس أو إيران أو المنطقتين.. وهكذا!
فإذا كنا بكل هذا الضياع والاختلاف وعدم الدقة في رواية أحداث جسام وقعت قبل أقل من 150 عاما بكثير، وتمثلت في مجاعة مخيفة ضربت الكويت ومناطق مجاورة عدة لأكثر من 1000 يوم، فكيف يمكن أن نصدق أن هناك من يمتلك المعرفة والحقيقة عن أحداث أكثر جسامة وضبابية وقعت قبل 1500 عام، في زمن لم يكن يعرف القراءة فيه الا قلة القلة، ومن قرأ منهم لم يكن بكاتب ومن كتب فليس بالضرورة صادقا وخالياً من المآرب؟ وكيف يمكن أن نصدق أن هؤلاء الذين اختلفوا اليوم على ما سبق أن اختلف عليه الملايين ممن سبقوهم بقرون وقرون، على أحداث شديدة التضارب والاختلاف هم فعلا حسنو النية خالون من كل هدف خبيث، وعجبي لمن يصر على السير وراءهم ويصدق اقوالهم.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

رضيتم أم أبيتم.. شعبنا متديّن ومحافظ

بعد إعلان وزارة الاعلام عن اسباب منع 25 كتابا من دخول معرض الكتاب العربي وجب على الجميع ان يسكت ويغلق ملف الاعتراض على هذا المنع – هذا بالنسبة الى المتطرفين من اصحاب الفكر الليبرالي – اما عقلاء الناس وعامة المثقفين فعليهم ان يقفوا للوزارة وقرارها اجلالاً واكباراً واحتراماً.
ذكرت الوزارة في بيانها ان الكتب الخمسة والعشرين منعت للاسباب التالية: إما تطاولت على الذات الالهية او تعرضت للانبياء والصحابة!! او انها كتب اباحية!! واخيراً فيها اساءة لدولة الكويت او الدول الشقيقة!! اذا كانت هذه مبررات المنع فما الذي يزعج البعض من ذلك؟!
رابطة الادباء رابطة لم يدخلها عضو مجلس ادارة ملتزم بالفكر الاسلامي الحركي منذ تأسست الى اليوم، بل كانت بيتا للقوميين والعروبيين منذ سنوات طويلة!! اصدرت بيانا اوضحت فيه ان الاساءة الى الكويت في بيان اتحاد الكتاب العرب ليس لها ما يبررها، لان قرار المنع لم يكن واسعا او مقصودا فيه كتاب بعينه، فكل كاتب ممن ذكرت اسماؤهم منع له كتاب واحد واجيزت له عشرات الكتب!! اذن الكاتب بحد ذاته غير مقصود، وجاء بيان رابطة الادباء انتصاراً لاحدى المؤسسات الحكومية الكويتية (وزارة الاعلام) وانطلاقا من واجبها المهني وليس لان «الافكار المتحجرة مسيطرة عليها» او انها تخضع لتيار ديني معين!!
المتطرفون من اصحاب الفكر الليبرالي لم يعجبهم قرار وزارة الاعلام التوضيحي ولا بيان رابطة الادباء المنطقي، فشنوا هجوما لاذعا على الجميع وفي جميع الاتجاهات، ووجدوها فرصة لاستمرار النيل من التوجهات الاسلامية والمحافظة في هذا البلد.
واقول للزملاء الخصوم من اصحاب هذا الفكر: ان الكويت مهما قلتم عنها ومهما رأيتم منها تظل بلداً اسلامياً محافظاً بأغلبية اهله وساكنيه!! قد تشاهدون هنا وهناك بعض مظاهر التحلل من بعض السلوكيات لكنها تظل شاذة ونادرة، اما اغلبية سلوكيات اهلها فتنطلق من موروثهم الديني والاجتماعي، ولعل ما حدث في الايام الماضية من احداث اظهر المعدن الاصيل لهذا الشعب المحافظ المتدين.
ان مواقفكم من منع الكتب فضحت لديكم نفسية الحقد الدفين على الظاهرة الدينية والكره الشديد للارث التاريخي للتقاليد الاسلامية وثوابت العقيدة، فاستروا على ما تبقى لديكم من سمعة طيبة واحترام الاخرين لكم.

***

لفتة كريمة
«اذا لم تستح فاصنع ما شئت».
(حديث شريف)

مبارك فهد الدويلة

محمد الوشيحي

«بو عزّوز» الهندوراسي

إلى الحضانة الفرنسية، اصطحبت المدعو "بو عزّوز"، الطفل الطاعن في الشر، صديق الدم وجليس الكوارث، واسمه سعود الوشيحي ذو الشعر الأكرت والأعوام الثلاثة. وهو ابن محمد الوشيحي الذي يجري البحث عنه الآن في مصر، كما يقول أحد المحامين، والذي دوّخ الداخلية المصرية السبع دوخات، وعلى وشك الثامنة. وهو (أي بو عزّوز) ابن حفيد حسين الوشيحي أول مَن جسّد وحدة الخليج العربي على أرض الواقع، عندما طاردته الكويت والسعودية فلجأ إلى البحرين. وهو حفيد حفيد عايض الوشيحي الذي طاردته الدولة العثمانية بعد أن كرّ على موكب "الكومندان العثماني" وطعنه وقتل مساعده، ولاذ بالفرار إلى هذه اللحظة، ويبدو أنه لايزال يجري هارباً إلى اليوم، وربما وصل إلى الهند وتزوّج ورزقه الله بأبناء هندوس، وربما توقف في إيران للاستراحة، فراقت له إحدى النساء فتزوّجها وأنجب أبناء انضمّوا لاحقاً إلى الباسيج، أو ربما اتجه جنوباً إلى اليمن، حيث أجداد الأجداد، فتزوج فأنجب مجموعة من الحوثيين، أو قد يكون اتجه غرباً إلى السودان، فتزوج فأنجب مجموعة من الانفصاليين أنصار "جون غارانغ"… الله أعلم.
اصطحبتُ ابن المطاريد هذا إلى الحضانة الفرنسية وأنا أرفع صوتي بأهازيج الحرب وهو يردد خلفي: "جيناكم والموت جاكم، جيناكم ننتف لحاكم"، اصطحبته وكلّي أمل أن يتعلم الموسيقى وثقافات الشعوب المحترمة وأسباب تطورها، ويتفهم طبيعة اختلاف الأديان والمذاهب والطوائف، فلا يحمل عُقَداً ولا ضغينة على أحد، وكلي عشم أن يُصبح ليبرالياً، فيتهمه أقرباؤه أبناء المدارس الحكومية بالانسلاخ من جلده و"التلزّق" بالحضر، على اعتبار أن "الحضر" هم الذين اخترعوا الليبرالية وهم ملّاكها الحصريون (من بين كل الحضر ستجد سبعة ليبراليين بحق وحقيق، والبقية أدعياء ومزوّرون في أوراق الليبرالية وتجار شنطة، ومن بين كل البدو ستجد تسعة ليبراليين حقيقيين لا غير، ليبراليتهم "منقّبة" لا يظهر منها إلا عيناها، خشية أن يتبرأ منهم أقرباؤهم، ومن بين الشيعة كلهم ستجد ليبرالياً واحداً فقط هو الكاتب أحمد الصراف… آخر قطعة).
وفي قاعة الاستقبال شاهد بو عزوز مجموعة من الأطفال مع أمهاتهم، فاقترح عليّ فكرة: "أطقّهم؟" أي أضربهم؟، فرفضت اقتراحه رغم وجاهته، وتمعّنت في وجوه ضحايا المستقبل، وقرأت عليهم الفاتحة مقدماً، وأدرت عينيّ في المبنى أتفقده قبل وقوع الأضرار… لكن لحسن حظ الضحايا والمبنى اعتذرَت إدارة الحضانة عن عدم تسجيله لامتلاء الفصول، فالتفتّ إليه وقلت بصوت "ينتّع" لم يتبقّ منه إلا قطرتان لا ثالث لهما: "مشينا، وسألحِقك برياض الحكومة ومدارسها، كي تتخرج طائفياً، فتقتل أحدهم وتهرب إلى "الهندوراس" وتتعرف على لصوص استثماراتنا المقيمين هناك".