احمد الصراف

حلم التمسح بالحرير

قامت الحكومة قبل سنوات بسحب وإلغاء عقد إدارة المنطقة الحرة من إحدى الشركات بحجة وقوع مخالفات منها، ولا ننكر هنا صحة البعض منها! صفق الكثيرون وقتها للخطوة، وباركوها، ولكن، وبعد مرور سنوات لم نجد أن شيئا تغير إلى الأحسن في المنطقة، بعد تولي أجهزة «الحكومة الرشيدة» مهمة إدارتها! وربما «لاشي» تكون مقبولة، ولكن الحقيقة أن وضعها ــ وهنا أكتب بتجرد فلا مصلحة لي مع أي طرف ولست مستأجرا ولا مالكا فيها ــ تدهور فلا عوائد الدولة ارتفعت ولا المخالفات أزيلت ولم تصبح شوارعها أفضل ولا مساحتها المزروعة أجمل ولا طرقاتها أكثر وضوحا بأرقامها وعلاماتها المفقودة أصلا، فلا تعرف كيف تصل لأي مبنى بغير شرح وخريطة واستدلال بمكتب فلان وفندق علان. كما زادت أعماق حفر الشوارع المتهالكة التي لم تعرف الصيانة أبدا، وأصبحت المنطقة عنوانا لفوضى السير، خاصة في ساعات الذروة، وانقطعت الصلة بها وبالهدف الذي انشئت من أجله، فلا تجارة حرة ولا مدينة مستقبلية، ولا تخطيط مستقبلي ولا شيء من هذا القبيل. ولو قام أي شخص بالاطلاع على فكرة المنطقة في بدايتها والتي تضمنت إنشاء الحديث من المباني الذكية والشوارع العالية التخطيط، والمساحات الجميلة الاخضرار، وحرية التجارة والحركة، وقارن كل ذلك بحالها الآن لشعر بحزن. حتى مجرد دخول المنطقة والخروج، من خلال بوابتها الوحيدة، أصبح بائسا ويشكل كابوسا لمراجعي المنطقة ومستغليها، والطريف أنك عندما تنجح في تخطي الازدحام تقابلك لوحة اعلانية ضخمة عن مشروع تأهيل الشريط الساحلي، الذي يبدو أنه لن يتم، بعد أن مرت سنة 2006، وهي سنة الانتهاء من المشروع، دون علم ولا خبر عن موعد تنفيذه!
موضوعنا هنا لا يتعلق بالمنطقة الحرة البائسة، بل كمثال لما يحدث لأي مشروع تتولى الحكومة امره. فهذا المشروع الرائد والحيوي اصبح مكانا نموذجيا لمقاهي الشيشة، والكبائن الخاصة وتداول الممنوعات، كما ورد في خبر أمني نشر اخيرا! ولا تزال المنطقة حتى اليوم تفتقر لمحطة وقود وعيادة طبية ومركز إطفاء، ولو وقع اي حادث خطير فيها أثناء ساعات العمل لصعب على سيارات الشرطة والاطفاء والإسعاف الوصول لداخلها لأسباب عدة! وهكذا أصبحنا نشاهد الموت البطيء لفكرة المنطقة التجارية الحرة!
حديثنا عن هذا المشروع يجرنا الى بناء وإدارة مدينة الحرير، التي تزيد في حجمها وتعقيداتها ومتطلباتها المنطقة الحرة بعشرات المرات. فكيف ستتمكن الحكومة نفسها التي فشلت في إدارة المنطقة الحرة من تنفيذ مشروع مدينة الحرير، أو بقية مشاريع خطة التنمية العملاقة؟ فالأحلام والأماني التي يتحدث عنها المروجون لمشاريع خطة التنمية هي الأحلام والأماني نفسها التي سبق ان تحدثوا عنها عند توقيع عقد المنطقة الحرة، أو مدينة المستقبل!!
وهل يأتي يوم نعي فيه أن الجهاز الحكومي غير قادر على تنفيذ أي مشروع بكفاءة عالية، دع عنك معضلة إدارته بطريقة سليمة؟ ومتى نقتنع أن القطاع الخاص هو الجهة الوحيدة المؤهلة للقيام بمثل هذه المشاريع؟

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

ختنوا نساءهم…وعقولهم

هذه الأيام فرصة لا تعوّض للمطرب الفاشل، للوقوف على خشبة المسرح أمام أي جمهور مهما كبر حجمه، فقد اختفت الطماطم من الأسواق، لذا فهو في مأمن ما لم يستبدل الناس الطماطم بالأحذية.

واختفاء الطماطم بلاء من رب العالمين، تماماً مثل "سيول جدة" التي أرسلها الله عقاباً للشعب الجداوي "كي ينتبهوا ويرعووا ويعودوا إلى المنهج الرباني القويم"، بحسب أحد مشايخ التبرير. على اعتبار أن جدة على وشك أن تصبح "شارع بيغال"، الشارع الفرنسي الأشهر عالمياً في خدمات الدعارة. ومن يخالف قول شيخ التبرير فهو ضال مضل تغريبي داعر. طيب وماذا عن القاضي، رجل الدين، الذي تلقى رشاوى بمئات الملايين من الريالات ليسمح بالتلاعب في الأراضي والخدمات؟ هذا ملبوس من جني فاسد، نسأل الله السلامة.

وفي إيران، تضرر البسطاء الأميون، في قراهم النائية الملقاة في كوع الخريطة، من سوء الخدمات، فلا شوارع، ولا عيادة طبية تنقذهم من جزاري الطب الشعبي، ولا أمن يحمي غنيماتهم من السرقات التي لا تنقطع، ولا ولا ولا، فاشتكوا، فأرسلت إليهم السلطة معمماً يفهم عقليات القرويين الأميين البسطاء ونفسياتهم، فخطب: "أنتم تعلمون أننا الدولة الوحيدة في العالم التي تطبق تعاليم آل البيت عليهم السلام (لاحظ، ابتدأ بالتخدير قبل إجراء العملية)، وكلما قرر الرئيس تخصيص ميزانية لخدمات قريتكم والقرى المجاورة، جاءته في المنام رؤيا ربانية: إني أختبر صبر عبادي من شيعة آل البيت، وإني أعددت لأهل هذه القرية نعيماً ليس كمثله نعيم، وإني أخشى أن تُضلهم مطامع الدنيا عن نعيم الآخرة، فإن كانوا يحبون آل البيت فليصبروا صبراً جميلاً"، فتعالت صيحات كبار السن المساكين واختلطت مع نشيجهم البريء الساذج: "صلوات على محمد وآل محمد" وراحوا يمسحون دموعهم ويستغفرون ربهم من وساوس الشيطان التي كادت تحرمهم نعيم الآخرة.

هذا ما نقله أحد شباب هذه القرى المتعلمين، المقيم في طهران، في مدونته التي ختمها متسائلاً: "لماذا تحرص حكومتنا على رصف شوارع الضاحية الجنوبية في لبنان، لمَ لمْ يصبر أنصار آل البيت هناك ليعوضهم الله الجنة مثلنا؟ وماذا عن حماس التي استنزفت جزءاً من ميزانيتنا، وهي ليست من أنصار آل البيت؟ وماذا عن ملياراتنا التي تنثرها حكومتنا هنا وهناك في أرجاء الأرض؟ وهل استبدل كبار الملالي الجنة بالمستشفيات والطرق والمشاريع الضخمة؟ يبدو أننا الوحيدون الذين سندخل الجنة. ستكون موحشة"… هذا الشاب تم اعتقاله واختفى عن أنظار أهله الذين أهملوه وتركوا أمه وحيدة تبكيه، بعد أن "أغضب آل البيت".

وقبل أربعة أيام، نشرت جريدة جنوب إفريقية اسمها "ميل اند غارديان" خبراً مرعباً: "نسبة النساء اللواتي تم ختانهن في مصر تجاوزت التسعين في المئة". وفي الصعيد الجواني، في سبعينيات القرن الماضي، تحدث أحد الشبان المثقفين عن أن ختان النساء لا يجوز (طبعاً الهدف من ختان المرأة هو حرمانها من الرغبة الجنسية على اعتبار أنها خُلقت لمتعة الرجل، أما هي فلا متعة لها)، ووصف الشاب الختان بأنه ظلم وتخلف، فثار عليه الناس واتهموه أنه يأكل لحم الخنزير الذي قتل الغيرة فيه، وصرخوا في وجهه: "يا ديوث، يا منحل، أتقبل أن تخرج أختك أو بنتك او زوجتك إلى السوق بشهوتها؟"، فانسحب يتلمس رقبته لا يرجو إلا السلامة.

وسابقاً في السودان، كان كل من يعارض النظام، يتم بث الشائعات عنه بأنه يتبع اليهود والنصارى ويعارض ختان النساء، فيتكفل به أهل قريته. وقيل إن بيت أحد معارضي الختان، تعرض لاقتحام من مجموعة من "الصيّع" بحثاً عن النساء فيه، على اعتبار أن رب البيت لا غيرة عنده، فنساؤه غير مختونات، لذا فهن يتحرقن شوقاً لأي رجل عابر.

ولو كنت أنا مسؤولاً كبيراً في الدولة، أي دولة عربية، لما احتجتُ إلا إلى "رجال دين" يصرفون عني عيون الناس، ويختنون عقولهم، فأتفرغ للهبش والهبر والاستحواذ. جزاهم الله خيراً.

سامي النصف

من قتل أول عالم ذرة عربي؟!

كرر قبل مدة الزميل أحمد المسلماني في برنامجه الشائق «الطبعة الأولى» ما كتبه عدد من كبار الكتاب المصريين كالأستاذ عادل حمود وغيره من أن عالم الذرة المصري يحيى المشد الذي اغتيل في باريس عام 1980 لم يكن أول عالم ذرة عربي يتم اغتياله بل سبقته عالمة الذرة المصرية سميرة موسى التي توفيت في حادث سيارة بالولايات المتحدة عام 52 وتم الادعاء بأن للموساد يدا في قتلها.

والحقيقة أن سميرة موسى لم تكن عالمة ذرة بل كانت رغم تفوقها مختصة بالأشعة السينية في مستشفى القصر العيني، أما عالم الذرة المصري والعربي «الأول» والذي يحتاج الى إعادة النظر في أسباب وفاته الغامضة وهو لم يتجاوز الـ 29 من عمره فهو د.إسماعيل أحمد أدهم المولود عام 1911 من أب مصري ذي أصول تركية وأم ألمانية والذي حاز عام 1931 وهو في العشرين من عمره الدكتوراه في الفيزياء الذرية من موسكو وقام بالتدريس في جامعاتها وكان عضوا في مجمع علومها ثم مدرسا في جامعة أتاتورك التركية قبل أن يستقر في مصر منتصف الثلاثينيات ويعرفه الناس عبر العديد من مؤلفاته الأدبية والعلمية.

وفي عام 1940 بدأ جمع كبار علماء الذرة في العالم للبدء في مشروع «منهاتن» الأميركي لصنع القنبلة النووية وفي نفس العام كانت طائرات هتلر تغزو بريطانيا وقوات رومل تكتسح شمال افريقيا وتدق أبواب الاسكندرية التي هجرها أهلها وانتقل اليها بالمقابل الدكتور الشاب إسماعيل أدهم ليستقبل كما قيل الجنرال رومل حال وصوله وينتقل من هناك إلى برلين التي كان على تواصل معها للمشاركة في المشروع النووي النازي.

وفي العدد 366 من مجلة «الرسالة» المصرية الشهيرة الصادر في 8/7/1940 ينتقل د.أدهم من الكتابة الأدبية المعتادة الى مقال احتل 4 صفحات مليء بالمعادلات الفيزيائية المعقدة والمعلومات العلمية أسماه «الذرة وبناؤها الكهربائي» وقد كتبه الدكتور ـ لسوء حظه لربما ـ بالإنجليزي كذلك THE ELECTRICAL STRACTURE OF THE ATOM ذكر ضمنه أن ما وصل إليه العالم الألماني «هينزنبرغ» قد أثبته هو في معامل البحث العلمي في موسكو قبله بسنوات، وأن ما أعلنه البروفيسور الروسي «سكوبلزن» عام 1938 ينسجم مع مبادئ الفيزياء الحديثة التي أثبتها د.أدهم عام 1933.

لم يمر على ذلك المقال «القاتل» إلا أيام قليلة حتى أعلن عن وفاة د.إسماعيل أحمد أدهم غرقا على ساحل «جليم» بالاسكندرية وهو لم يبلغ 29 عاما، وقيل انه وجدت في جيبه رسالة يعلن فيها انتحاره ويطلب حرق جثته وتشريح مخه، ومعروف أن دعوى الانتحار هي أقدم وأشهر وسائل الاغتيال المخابراتي وكان الغريب أن الرسالة لم يبللها ماء البحر وهي في جيب معطفه كما أن من يريد حرق جسده وتشريح دماغه لا يلقي نفسه في البحر حيث قد تختفي الجثة أو تأكلها الأسماك وقد أعلن شقيقه د.إبراهيم أدهم أن جميع أوراق وكتب وأبحاث د.إسماعيل ومنها 3 كتب في الفيزياء والذرة قد اختفت في ظروف غامضة ولا يعرف مكانها أحد.

إن عدم تسليط الضوء على مقتل أول عالم ذرة عربي قد تكون له أسباب عدة منها أن انتحاره أو قتله قد تم قبل 5 سنوات من إلقاء القنبلة الذرية على اليابان، لذا لم يعلم أحد في مصر أهمية علوم الذرة التي كتب عنها د.أدهم، كذلك كان د.أدهم قد أصدر كتابا أسماه «لماذا أنا ملحد» فيما بعد كتب الفيلسوف البريطاني برتراند رسل كتابا بنفس العنوان – مما جعل كثيرين يرون في فاجعته وهو شاب صغير عقابا ربانيا له لا يصح النقاش حوله..

آخر محطة:

 (1) المعلومات السابقة لم يتطرق إليها أحد في مصر من قبل، لذا نرجو أن يعاد فتح ذلك الملف للحقيقة وللتاريخ.

(2) أتى في نفس عدد مجلة الرسالة الصادر عام 1940 مقال مترجم لمستشرق بريطاني تحدث فيه عن وحدة أمة العرب التي لم يبلغ عدد سكانها آنذاك 54.5 مليونا مقسمة كالآتي ولاحظ نسبة عدد سكان الكويت على سبيل المثال مقارنة مع البحرين وقطر وعمان: مصر (15 مليونا)، السعودية (5 ملايين)، العراق (3.5 ملايين)، سورية (3 ملايين)، لبنان (900 ألف)، الكويت (50 ألفا)، البحرين (120 ألفا)، قطر (150 ألفا)، عمان (500 ألف)، الأردن (300 ألف)، فلسطين (1.5 مليون).. الخ

حسن العيسى

إعلامنا المُغتصَب

"إن مسألة تدهور الإعلام هي التي تطرح نفسها على الساحة السياسية"، بهذه العبارة لـ"بيار ريمبير" فتحت مجلة "لوموند دبلوماتيك" في عددها الأخير ملف "زواج القُربى بين الصحافة والسلطة والمال"، ومضت المجلة لتنبش دور الإيديولوجيا المسيطرة في المجتمع في تكريس ذاتها حين تهيمن على الإعلام، حتى لا يسبب الأخير الإزعاج لأي شخص، طبعاً هذا الشخص يُفترَض أن يكون من رموز السلطة أو صاحب المال، أو من حراس العقيدة…، والتعبير الأدق من زواج القُربى بين الصحافة والسلطة والمال هو اغتصاب حريات الضمير (حرية التعبير والاعتقاد والنشر…)، من السلطة السياسية أو من سلطة المال أو من سلطات اجتماعية، فلا يوجد هنا زواج قُربى، بل سلطةٌ غاصبة -من دون تحديد نعتها- ورأي مُغتصَب، والسلطة ليست بالضرورة أن تكون سلطة الحكم الرسمية، فهي أحياناً تكون سلطة المال، حين يُسخِّر صاحب الجريدة أو القناة التلفزيونية أو أي وسيلة إعلام أخرى يملكها جريدتَه أو قناتَه، لمصالحه الخاصة مصوِّراً فسادَه على أنه العدل ويحقق المصلحة العامة…! أو يستغل ملكيته للطعن في خصومه، وهنا يصبح الكاتب أو مُعِدُّ البرنامج مخلبَ القط لأصحاب الملكية.

وقد تكون السلطة اجتماعية مثل سلطة الجماعات الدينية في الكويت على سبيل المثال، فتلك الجماعات وإن لم تمتلكْ وسائل الإعلام، فالأخيرة تتواطأ معها لتكريس حال الغيبوبة العقلية في الدولة، فهناك الصفحات الطويلة لتفسير الأحلام للفقيه ابن الأوهام، وهناك صفحات الترويع والزجر للحرية، تُلبَّس عبارات الأخلاق والعادات والدين… ولا بأس أن تنشر الصحيفة أخباراً رخيصة مثل: الأمن يكشف وكراً للدعارة، القبض على وافد مع مواطنة في وضع "مثير"، أو الأمن يقبض على ثلاثة بنغاليين يصنّعون الخمور المحلية، فهنا الخبر اللاهث خلف "الإثارة" على تفاهته يروِّج لسلطة الدولة الرسمية ومسؤولها الأمني، وفي الوقت ذاته يخدم أصحابُ الخبر -بقصد سيّئ أو ببلاهة السبق الصحافي- القوى المحافظة الدينية حين تتم المبالغة في تصوير الفساد الأخلاقي في الدولة، ولابد حينها من تدخل حراس القيم والعادات لحفظ ثوابت المجتمع… فتبدأ الأسئلة البرلمانية الجوفاء… ويهرول نواب القيم لتقديم الاقتراحات بقوانين لقبر ما تبقى من الحريات الشخصية في الدولة.

صور اغتصاب الحريات من قِبَل السلطات السياسية والاجتماعية عبر وسائل الإعلام لا حصر لها… إذ يكفي أن تفتحوا صفحات بعض جرائدنا اليومية أو تتفرجوا على بعض القنوات التلفزيونية، لتتأملوا كيف يدسُّ آسياد المال والسلطة السُّمَّ في الدسم.

احمد الصراف

دعاة أم مكتشفون؟

تساءل الزميل القطري عبدالحميد الأنصاري، في مقال له بعنوان «دعاة جدد أم رجال أعمال جدد؟»، عما قدمه الدعاة من أمثال عمر عبدالكافي وسلمان العودة، وعمرو خالد، الأكثر غنى بينهم، لمجتمعاتهم؟ ليجيب بأنهم لم يقدموا شيئا حقيقيا ولا معالجة معرفية نقدية للقضايا الرئيسية التي تشكل تحديا لنا جميعا. وقال ان الكويتي طارق سويدان مثلا تباهى بالقول ان الدعاة اليوم يديرون دعوتهم كما يدير التجار أعمالهم!
وقد اتفق اني في يوم اطلاعي على مقال الأنصاري شاهدت محاضرة «جماهيرية» للداعية المصري وجدي غنيم (الجزيرة 2010/8) تحدث فيها عن بعض آداب التصرف التي يجب أن يتحلى بها المسلم في ما يتعلق بالأكل والشرب ودخول الحمام والتثاؤب. وقال ان من المهم ألا نمكث في الحمام طويلا، ليس لأن الجلوس على كرسي التواليت مثلا له مضار صحية وتأثير سلبي على البواسير، وليس بسبب التعرض لروائح ملوثة، بل لأن الحمام، حسب قوله، هو بيت الشيطان ويجب ألا نمكث في بيت الشيطان طويلا، وأن نسارع بالخروج منه، مع الحرص على تقديم الرجل اليمنى عند الخروج(!)
وعندما تكلم عن كيفية التثاؤب طالب جماهير محاضرته بضرورة قيامهم بتغطية افواههم بأيديهم، وهذا أمر جميل، ولكن السبب الذي أعطاه افتقر للمنطق والذوق والأدب، فبدلا من أن يكتفي بالقول ان من آداب التثاؤب تغطية الفم لكي لا يرى من هو أمامك ما بداخل فمك، وما ينتج عن التثاؤب من دفع خارج الفم لهواء قد لا تكون رائحته طيبة، فإنه برر سبب طلبه تغطية الفم بالكف عند التثاؤب بمنع الشيطان من أن يبول في الفم المفتوح! وقدم دليلا علميا على «اكتشافه» بالقول اننا نرى أن من يتثاءبون من غير تغطية افواههم يقومون بعدها مباشرة بتحريك فمهم…. لأنهم يقومون ساعتها بمضغ… البول وبلعه!!
هذه بعض اكتشافات «الدعاة الجدد» وهذه وسائلهم في تحقيق الثروات ومنافسة نجوم السينما والتلفزيون وخلق نجومية لأنفسهم. والحقيقة أنهم لا يلامون على فعلهم بقدر ما تلام الحكومات التي تسمح لاصحاب مثل هذه العقليات والمنطق الفاسد بإلقاء الخطب وإفساد عقليات مستمعيهم، وغالبيتهم من الشباب، بتوافه الأمور التي تفتقر الى المصداقية. والعجيب أنك عندما تنظر لوجوه «جماهير» هذه الندوات تجد أفواه الكثيرين منهم فاغرة من شدة الدهشة والاعجاب، ولكنك لا تجد بينهم من يقوم بأي عملية مضغ.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

ردة الفرسان

حاولت ان أتجنب الخوض في موضوع مقابلات قناة الوطن مع مؤلف كتاب «ردة الفرسان» على مدى أربع حلقات، لاعتقادي أن المؤلف قادر على الرد على الانتقادات الموجهة اليه، خاصة ان الموضوع شخصي بالنسبة إليه، وعسكري بالنسبة الى المؤسسة التي يتحدث عنها. لولا مقالة للأخ المبدع الدكتور عبدالمحسن الخرافي في صحيفة القبس قبل عيد الاضحى، عتب فيها على عائلة المؤلف التي لم تتدخل لوضع حد لما أسماه بمهزلة الاستخفاف بدور الجيش الكويتي اثناء الغزو الغاشم ومعركة التحرير!
ولأنني معني بهذا الانتقاد الأخوي من هذا الكاتب الملهم في كل مقالاته، أجدني مضطرا لأن أبدي رأيا في هذا الموضوع، وهو رأي شخصي لا يمثل إلا من يكتبه الآن ولا يتعداه الى سواه.
أولا: لا أخفيكم أننا كنا نحاور الأخ مؤلف الكتاب قبل وبعد كل حلقة تقييما وتوجيها، وكانت معظم ملاحظاتنا على صمته على مقدم البرنامج الذي اتبع معه اسلوب الاستخفاف بالانجازات والاستهزاء بالارث التاريخي للعائلة في بعض الأحيان، وكان رد الأخ المؤلف أن هذا الانتقاد يوجه الى مقدم البرنامج ومعده ومخرجه، وليس له شخصيا، فإن كان من تقصير في أسلوب الحوار فمن جهة المقدم وهو لا يتحمل أخطاءه.
ثانيا: استنكرنا عليه وضع خارطة لمنطقة الخليج تظهر احتلال الكويت لمناطق شاسعة من إيران والعراق، وهذا ما «يدش العقل»، فأجاب أن الخارطة من تصميم مقدم البرنامج ومعده وليس له دخل في رسمها أو عرضها، وان ما تم احتلاله من ايران والعراق ذكره بالاسم مثل خرم شهر وأم الرصاص وعبادان وغيرها مما ذكرته بعض المراجع التاريخية التي كشف عن اسمها واسم مؤلفها، وناقل الكفر ليس بكافر. وأضاف ان هذا اللبس مثل حادثة سقوط صاروخ على المؤلف دون أن يصاب بأذى، والحقيقة التي ذكرتها أن الصاروخ سقط على مركبة بعض الجنود وليس علي! فالعلة في فهم ما يقال ونقله بشكل مشوه.
ثالثا: استنكرنا عليه تشويه أداء بعض قيادات الجيش وقطاعاته اثناء الغزو ويوم التحرير، فأجاب ان السبب يرجع الى التشويه المتعمد طوال الفترة الماضية لأداء اللواء الخامس والثلاثين من قبل بعض القيادات العسكرية وبعض الاقلام الصحفية، وانه سكت طوال الفترة الماضية ينتظر من المعنيين التعليق وانصاف رجال اللواء، ضباطا وافرادا، كما أن الفترة التي تحدث عنها مر عليها اكثر من عشرين عاما، يعني ما عاد فيه شيء مستور أو كشف أسرار، وما ذكرته حوادث لا تسيء للمؤسسة كمؤسسة، بل تبرز جانبا مضيئا من اداء احد قطاعات هذه المؤسسة العسكرية. فذكر أداء الأبطال يشرف ويرفع الرأس، وليس كما يتصوره البعض تشويه أداء جيشنا الباسل!
رابعا: قلنا له ان هناك من يحاول الغاء المناظرة حتى لا تحدث فتنة أو بلبلة، فأجاب أن المناظرة ستكون بين فريقين.. فريق يعتقد أن ما ذكره المؤلف في كتابه ومقابلاته محض كذب وافتراء، وفريق يرى أن لديه الدليل القطعي على أن كل ما ذكر صحيح ومثبت. اذاً المسألة لا تعدو كونها مظهرا من مظاهر الممارسة الديموقراطية، وسواء نجح هذا الفريق أو ذاك، فالفائز هو المواطن الذي سيعرف حقيقة غائبة عنه لاكثر من عشرين عاما، وستكون تاجا على رؤوس أصحابها. اذا المؤسسة العسكرية غير معنية اليوم بهذا الحوار الديموقراطي الراقي.
ومنا الى الدكتور عبدالمحسن وعشرات الزملاء الذين اتصلوا يستفسرون!

***
«لفتة كريمة»
في النهاية.. ما يصح إلا الصحيح.. ولا تبوق.. لا تخاف.

مبارك فهد الدويلة

سامي النصف

مصر حلواني.. الكويت نفساني

يقال إن مصر بناها حلواني، لذا فدم شعبها شربات، الكويت على الأرجح بناها طبيب نفساني لكثرة العقد النفسية المتفشية فيها والتي تعكس ظواهر عدة منها كثرة المشاكل في العمل وتفشي حالات الطلاق وسرعة الغضب والأزمات السياسية التي لا تنتهي.

أصدرت جمعية الأطباء النفسيين في الولايات المتحدة نتائج دراسة قامت بها الجمعية أثبتت خلالها أن الأزمة الاقتصادية زادت من تفشي الأمراض النفسية وأن النساء أكثر انفتاحا وبنسبة 28% من الرجال بالإشكالات النفسية التي يتعرضن لها مما يساعد على معالجتها، بينما يسود على الرجال ظاهرة الإنكار والمكابرة فيبقى المرض دون علاج حتى يقع الفاس بالراس.

وهناك في منطقتنا خلط واضح وفاضح بين المرض النفسي الذي يحتاج إلى علاج من قبل دكاترة مختصين يتضمن جلسات علاج هادئة وأدوية طبية مجربة، والاعتقاد بالمقابل بتلبس المريض النفسي بالجن والعفاريت التي يتم إخراجها بالتف والصراخ الهستيري واستخدام العصي التي تنتهي في بعض الأحيان بموت المريض من شدة الضرب كما حدث مؤخرا في السعودية حيث يعتقد المعالج الجاهل ـ الذي قد تكون له أساسا ميول سادية تجعله يسعد بالأذى والتعذيب ـ أن من يتلقى الضرب هو الجني وليس الضحية الجالس أمامه.

ولو أدخلت كلمة JINN على «اليوتيوب» لرأيت بعض الممارسات العجيبة لإخراج الجن من مرضى مسلمين ومسيحيين واتباع العديد من الديانات القديمة الأخرى مما يدل على ان الأمراض النفسية التي ينكرها البعض قديمة قدم التاريخ وأن تغيير الصوت والهيئة والشكل دلالة على المرض النفسي لا على العفريت اللاإنسي.

آخر محطة:

في العام 1949 عقد في لندن مؤتمر فلسطين الذي رعته الحكومة البريطانية وحضرته 3 دول عربية منها المتوكلية اليمنية التي مثلها الأمير سيف الإسلام وكان المترجم الدكتور المصري أحمد فريد الرفاعي، أتى الدور على الأمير سيف الاسلام فقال إن سبب مشكلة فلسطين هو العفاريت المسلطة عليهم، فترجمها المترجم الحصيف للغة الإنجليزية بأن سيف الإسلام يقول إن سبب الإشكال هو قلة الانفتاح والتواصل بين الأطراف المعنية، ثم أضاف سيف الإسلام أن الحل هو بالبخور وإحضار المختصين لإخراج العفاريت حتى يتصالح أهل فلسطين واليهود، فترجمها المترجم بأن حل الإشكال هو بخلق فرص عمل والاهتمام بالتعليم ومحاربة البطالة، ثم التفت المترجم الى الأمير المصري محمد عبدالمنعم طالبا منه ان يسكت سيف الإسلام كونه لا يستطيع مواصلة الترجمة الكاذبة، انتهى الإشكال بزعل سيف الإسلام وتركه لندن الى باريس، وعندما سأل مندوبو الصحافة البريطانية د.الرفاعي عن سبب غضب الأمير وتركه الاجتماع أجابهم بأن سموه يرفض أن يساوم على حقوق العرب، وصدرت الصحف الإنجليزية في اليوم التالي على صدر صفحاتها «أمير اليمن لا يقبل التفاوض في حقوق العرب» ويبقى من يسأل: كيف ضاعت فلسطين؟!

سامي النصف

تحت ظلال الدستور

كان تخوّف الآباء المؤسسين كبيرا من الزلات والهنات والثغرات في الدستور الذي يقومون بخلقه حتى ان أحدهم خاطب، حسبما أتى في المحاضر، الخبير الدستوري د.عثمان خليل عثمان قائلا له: انه وبلده (مصر) يتحملون أي مسؤولية مستقبلية عن اي ثغرات او اخطاء في الدستور بحكم اختصاص د.عثمان الخبير الدستوري الوحيد في لجنة الدستور.

وقد اعتقد الآباء جازمين ان الأبناء والأحفاد سيكملون المسيرة ويصححون اي زلات في الدستور لا ان يخدعوا بمن أعطى الدستور القدسية والعصمة الكاذبة كي يستغله ويستفيد منه ويسيء بالتبعية لآبائه المؤسسين، ان هناك امورا نعتقد ان في تطبيقها تحقيقا لرغبة الآباء العظام من مؤسسي الدستور الذي نحتفل هذه الأيام بالعام الـ 48 لبدئه، ومن تلك الأمور: ـ ادخال الدستور في المناهج المدرسية وخلق من محــاضر مجلسه التأسيسي ولجنة الدستور تمثيليات وحوارات يمثل فيها الطلاب شخصيات الآباء المؤسسين كوسيلة لفهم الدستور وتحبيب النشء فيه. ـ جعل عدد النواب ومعهم عدد الوزراء مفتوحا لمتطلبات الزيادة السكانية مع الحفاظ على النسبة الثابتة بينهم. ـ النظر في تعديل الفترة المتاحة لتشكيل الحكومة وإعداد برنامجها حيث ثبت من التجربة العملية ضرورة اطالتها. ـ خلق دورات تدريبية ملزمة للوزراء والنواب الجدد قبل ممارستهم لعملهم السياسي، فضمن متطلبات الدولة الحديثة لا مجال لمنهاج التجربة والخطأ. ـ خلق لجان قيم لمحاسبة النواب على الاثراء غير المشروع والاساءة اللفظية او العملية لسمعة المجلس (في بعض البرلمانات الأخرى يتخانق النواب الا ان هناك محاسبة لاحقة تصل الى حد الفصل من البرلمان). ـ منع عمليات تدمير الجهاز الحكومي عبر التدخل السافر في أعماله كما يحدث الآن كي تصبح الكفاءة لا الواسطة مقياس الترقي. ـ منع الجمع بين النيابة والعمل التجاري خاصة بعد ان اصبح راتب النائب يعادل راتب الوزير مع فارق كم العمل بينهما. ـ اصدار قوانين شفافية ومكافحة الفساد وتطبيق قوانين من اين لك هذا بعد ان اصبحت المجاهرة بأموال الفساد ظاهرة وعلنية دون وجل او خجل. ـ تفعيل دور المحكمة الدستورية حتى يمكن لجوء الناس لها وإسقاط اي تشريعات تخالف الدستور. ـ التقيد بضوابط الاستجواب كما أتى في حكم المحكمة الدستورية التاريخي قبل 5 اعوام كي لا يخرج الاستجواب عن الأهداف الخيرة المرسومة له.

آخر محطة:

يرى احد الزملاء ان دستور 62 كان أقل ديموقراطية من دستور 38، وان صحت تلك المقولة فقد يكون سببها الظروف المحيطة فقد كانــت الكويت تتأثر تاريخيا بما يجري بالعراق ومصر بالدرجة الأولى وبلاد الشام بالدرجة الثانية، وواضح ان في عــام 38 كانت العراق ومصر والشام رغم الاستعمار تتمتع بأنظمة شديدة الديموقراطية، اما في عام 61 فقد قضى الحلم الوطني في البلدان الثلاثة على الديموقراطية وزرع بدلا منها الديكتاتوريات العسكرية لذا يحسب للشيخ عبدالله السالم وللآباء المؤسسين أخذهم بالمسار الديموقراطي الفريد آنذاك بالمنطقة والعالم.

محمد الوشيحي

لحية محمد هايف

إلى أبي عبدالله، النائب محمد هايف المطيري، الذي يبادلني الخصومة، والذي رفض حتى الظهور في برنامجي السابق «لأن الوشيحي ليبرالي، كتاباته في جريدة (الراي) تدل على ذلك»…

الله يشهد أنني أختلف معك من البذرة إلى الثمرة، ومن الحقل إلى المائدة، ومن الدعامية إلى الدعامية، ولن أجلس على رصيفك أرتشف الشاي، ولن تجلس أنت على رصيفي، ولن أسرّح شعري في مرآتك، ولن تهذّب أنت لحيتك في مرآتي… كان هذا موجز النشرة، وإليك الأنباء بالتفصيل.

أبا عبدالله، أعترف أن لحيتك أكرم من أن تدنسها القصة الأخيرة، قصة وساطتك للمتهم باغتصاب طفل. أعرف أنك ذهبت للمطالبة بالتوقف عن تعذيب المتهم، وإحالته فوراً إلى النيابة، بصفتك عضواً في لجنة حقوق الإنسان. بل أرى أنك ملزم بالمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق. أنا بحثت وسألت وتحريت فثبت لي صدق حجتك. مفترون هم، فاجرون في الخصومة، ولا يفجر في خصومته إلا الراقصات وضعيفو الحجة. وأنت لا تحتاج إلى من يفتري عليك، فأفعالك التي تفاخر بها تكفي لإدانتك وزيادة، وثلاجتك مليئة بالفواكه الفاسدة، ليس أفسد منها إلا فواكه المفترين عليك. يقول أحدهم متحمساً: «محد بهدلنا إلا ثوابت الأمة ورئيسها محمد هايف، وثوابت الشيعة ورئيسها اللي كلكم تعرفونه»! هل لاحظت «اللي كلكم تعرفونه»؟ لم يجرؤ على ذكر اسمه. صدقني، ليس أخطر منك ومن حسين القلاف – الوجه الآخر لعُملتك – إلا هذا العنصري المقنّع.

نعم، أنت رجل صادق، لم تحمل الدين في «سامسونايت» وتحوّله إلى عقود «بي أو تي»، كما يفعل غيرك، ولم تتاجر بحقوق الإنسان، فترأس «شركة قابضة»، لكنك من نوعية أخرى، نوعية «دراويش الدين»… أعرف بطولتك ومقاومتك أيام الغزو. الجميع تحدث عن ذلك، ولن أنكره، لكنه لا يمنعني من القول إنك ومن سار معك، صورتم الدين سبعمئة مليون نسخة، ووضعتم نسختين على كل طاولة، وتدخلتم في كل شيء، وأوهمتمونا أن الدين زجاجة من الكريستال المغشوش سريعة العطب سهلة التهشم، فمنعتم الكتب، وقمعتم الحريات، وصورتم لحومكم مسمومة ولحومنا بالكاري والخل، ورفعتم فوق رؤوس الناس هراوتين «افعل» و»لا تفعل»، والناس ولدوا أحراراً يكرهون «الأفعليات واللا تفعليات»، ونثرتم على الأرض جمراً فتقافز الناس حرقاً، فصرختم عابسين: «الرقص حرام»، فتأوّه الناس: «ماذا نفعل إذاً؟»، فأجبتموهم: «احترقوا بصمت».

أمسكتم المنظار بالمقلوب، فشاهدتم الفيل نملة والنملة فيلاً بخرطوم. فحفلة نانسي عجرم وفستانها أهم من مراقبة ميزانية الدولة ومكافحة الواسطة. شغلتمونا بالخرافات، فملأت الفوضى بيوتنا، ورحنا نكنسها ونعيد ترتيبها. «بو عنتر»، ابني سلمان، كان يعتقد أن الدعاء وحده يكفي لأن تصنع الكويت «طيّارات قوية»، والمرحوم والدي منعني – أيام دراستي الثانوية – من السفر إلى مدينة «ليل» في فرنسا – والشهود إخوتي – لتمثيل الكويت في المسابقة العالمية «المتميزون في الرياضيات» (كنت واحداً من الأوائل الثلاثة)، خشية أن «أموت وأنا في ديرة النصارى فأُحشر معهم». كل هذا بسبب تلويثكم عقول كبار السن بسيطي الثقافة، فلوثوا هم بدورهم عقول أبنائهم، فتلوّث المجتمع.

صورتم لنا «الروم» أعداءً، وهيأتمونا لحربهم بحبة البركة وعسل السدر والدعاء. ويأتي «الكريسماس» فتقدّم أمم الأرض ورودها هدية للمسيحيين، ويتبادلون معهم الابتسامات، إلا نحن المسلمين، نقف هناك عابسين، نلعنهم ونلعن من يهديهم الورود، لأنهم أعداؤنا، فيأتي عيد بوذا، فتقدّم أمم الأرض ورودها هدية للبوذيين في عيدهم، مشفوعة بابتساماتهم، إلا نحن المسلمين، نقف هناك عابسين، نلعنهم ونلعن من يهديهم الورود، فهم أعداؤنا، ويأتي دين الهندوس، وووو، وكلهم أعداؤنا، ويأتي عيدنا، فيقدّمون هم لنا الورود، فنصدهم بعبوس قمطرير، ثم يتقدم أحدكم ويمسح لحيته ويخطب: «إن الإسلام دين الوسطية».

سحقاً لمنهجكم يا أبا عبدالله، ولمنهج ذوي العمائم، وسحقاً «للزقمبي» الأكبر الذي قاد مجموعة من ذوي اللحى الطويلة والعقول القصيرة في تظاهرة قبل يومين، لإرهاب إدارة سوق «هايبر بندة» في جدة، اعتراضاً على توظيف النساء «كاشيرات»، فصدّه مدير السوق – البريطاني الجنسية – بعد أن أخرج له قرار وزارة العمل، فاندحر «الزقمبي» خاسئاً وهو حسير، ونشر بياناً إرهابياً تحريضياً عن «النصراني وأعراض نساء المسلمين»! تباً له، أين كان عندما طاول أنين أولئك النسوة السماء من الجوع؟ هو بطريقته هذه يدفعهن إلى المتاجرة بأجسادهن، لكنهن أشرف منه.

يا أبا عبدالله، كلنا في نظركم مشتبه به، وكلنا وقود للنار التي ستشعلها أنت وحسين القلاف، ذو السامسونايت السوداء، وصديقه ذو الفاكس الملعون.

وعيدكم مبارك. 

حسن العيسى

هشوا وكشوا الذبان يا ناس

من نصدق وبمن نثق، هل نصدق الشيخ أحمد الفهد وفريقه من النواب أم نضع بيضنا في سلة البعض من كبار التجار والبنوك؟

والبيض هنا من ذهب باضته الوزة المسحورة، واسمها نفطه بنت الفائض، ولا يعرف أسياد المزرعة الكويتية كيف يوزعون بيضها الذهب في ما بينهم، وهناك منهم من لا يريد الاستئثار بالبيض كله بل ينوي ويعمل للاستحواذ على الوزة ونقلها إلى مزرعته الخاصة…! من نصدق وبمن نثق فقد ضعنا في أدبيات الجدل بين فريق الشيخ أحمد الفهد وخصومه! فأين الحقيقة؟ والحقيقة هنا هي ضمان أن تذهب الأموال الفلكية المخصصة لخطة التنمية في دربها الصحيح، وإذا كان لابد أن تتعرج قليلاً في مسارها نحو اليمين واليسار، وهذا أمر عادي ومتفق عليه بين جمهور فقهاء المزرعة الكويتية، فإن النهاية يجب أن تكون في مصب لا خلاف عليه.

قرأت حججاً قوية لفريق الشيخ أحمد الفهد بأن البنوك لم تمول أو تشددت في التمويل، مثلما حدث مع شركة "المقاولون العرب" في مستشفى جابر، التي لم تجد تمويلاً محلياً فلجأت إلى الخارج (قبس الأحد بعنوان الحلقة المفقودة لأحمد بومرعي)، ويضيف فريق الشيخ حججاً أخرى جاءت بتصريحات تبدو مقنعة من النائبة رولا دشتي والنائب زلزلة، بينما رد المعارضون من أهل الغرفة وأقطاب القطاع الخاص والبنوك ومحافظ البنك المركزي بحجج لا تقل قوة بأن البنوك هي المكان الطبيعي للتمويل، وهي تخضع لرقابة البنك المركزي، وفي ذلك شفافية لا تتوافر في طرح فريق الشيخ أحمد، ويمضي أصحاب هذا الرأي إلى أبعد من ذلك في جدلهم ليقرروا أن خلق نظام مواز للتمويل سيكون ضربة للبنوك والقطاع الخاص في النهاية، وهذا الأخير مازال يترنح من الأزمة المالية العالمية التي حدثت قبل عامين ولم يتعاف حتى الآن.

الجدل وتكتيكات الصراع بين الفريقين لا تنتهي، لكن القدر المتيقن أن فريق الشيخ أحمد الفهد يتحدث بلهجة شعبوية، يهضمها الكثيرون إن لم يكونوا هم الأكثرية التي تريد أن يكون لها مكان تحت شمس الخيرات "التنموية"، يريد هؤلاء أن تكون لهم حصتهم وسهمهم من بيض الوزة، فهم يرون حقيقة أو وهماً أن الكثير فاتهم في الماضي، واليوم جاء دورهم!

هل أمامنا صراع طبقات من غير طبقات رأسمالية ولا عمالية، فلا يوجد غير طبقات من الرمال والصخور تختزن تحتها نفطاً قريب النضوب؟ أم نحن بصدد مواجهة بين الذين يملكون والذين لا يملكون، مع أن كلا الفريقين يملكان وحالهما مستور وأكثر من مستور…؟ من نصدق وبمن نثق لخطة تنمية حوائط الأسمنت وشوارع الزفت…؟ لا أعلم… ولكن أدرك تماماً أن وزه بنت فائض لا تطير وإن طارت فلن تنزل إلا في مطار آخر من مطاراتهم، أما أنتم ومستقبل أجيالكم، فليس لكم غير ذباب مزارع الوفرة "فهشوا وكشوا" يا ناس.