احمد الصراف

الهويات القاتلة

«.. منذ ان غادرت لبنان عام 1976 لأقيم في فرنسا، كم مرة سئلت، وعن حسن نية، اذا كنت اعتبر نفسي فرنسيا اكثر ام لبنانيا، او العكس، وكنت اجيب على الدوام: الاثنان معا، وغير ذلك كذب، فإن ما يجعلني على ما انا عليه وليس شخصا آخر هو وقوفي على تخوم بلدين ولغتين او ثلاث وعدد من التقاليد، هذا بالضبط ما يحدد هويتي، فهل اكون اكثر اصالة لو اقتطعت جزءا مما انا عليه؟ وهل انا نصف فرنسي ونصف لبناني؟ ابدا، فالهوية لا تتجزأ!».
هذا ما كتبه الاديب الفرنسي أمين المعلوف في كتابه القيم «الهويات القاتلة»، الذي ذكر فيه ان الذي يحمل هوية مركبة يجد نفسه بالتالي مهمشا، فالشاب المولود في فرنسا من أبوين جزائريين يحمل هويتين واضحتين، ويجب ان يكون قادرا على الاضطلاع بهما معا، ولكن مكونات شخصيته اعمق من ذلك بكثير، فسواء تعلق الامر باللغة او المعتقد او نمط الحياة او العلاقات والأذواق فإن المؤثرات الاوروبية الغربية تختلط لديه بالمؤثرات العربية والبربرية والافريقية الاسلامية، وانها مغامرة غنية وخصبة لو تمكن هذا الشاب من خوضها بحرية، ولو وجد من يشجعه على تبني تنوعه كاملا. وعلى العكس قد يكون مساره مليئا بالصدمات اذا ما نظر اليه البعض في كل مرة يعلن فيها انه فرنسي كأنه خائن ومرتد، ويصطدم في كل مرة يشهر فيها روابطه مع الجزائر وتاريخه وثقافته ودينه بعدم التفهم والتشكيك والعدائية، وهناك امثلة عديدة اخرى، ففي كل فرد تجتمع انتماءات متعددة تتعارض احيانا في ما بينها فترغمه على خيارات مؤلمة!. ويتساءل المعلوف: هل تبقى مجتمعاتنا خاضعة ابدا للتوترات وسورات العنف لمجرد ان الناس المتعايشين معا ليسوا من الدين نفسه او اللون او المنبت الثقافي؟ وهل هناك من قانون طبيعي او شرعة تاريخية تلزم الناس التقاتل باسم هويتها؟
لو نظرنا الى المجتمع الكويتي لوجدنا مدى انطباق كلام الاديب الفرنسي على اوضاعه، وكيف ان الخوف من التخوين والولاء للخارج دفع الكثيرين من مزدوجي الثقافة اما الى الانطواء او المزايدة في الانتماء للاكثرية، لكننا في جميع الاحوال قتلنا روح الابداع داخل هؤلاء، التي كان من الممكن ان تكون مصدر ثراء للمجتمع برمته، فمن خلال تجاربي الشخصية اعرف الكثيرين ممن لهم اعمال ابداعية في الادب الفارسي او الغناء العراقي او الفنون الغربية بشكل عام، اما نتيجة الميلاد او اصل الام او مكان الدراسية، الا ان ابداعاتهم طمست بطريقة او باخرى نتيجة الضغوط الاجتماعية التي تميل الى عدم الترحيب بمثل هذه الابداعات وغيرها انها «اجنبية وعدوة»! واتذكر في زمن الصبا والتسامح الجميل ان اصحاب الثقافات المتعددة من الطلبة الهنود والفلسطينيين والايرانيين وغيرهم، وحتى الكويتيين من طلبة «المدرسة الجعفرية» الذين انتقلوا الىالمدارس الحكومية، كانوا اكثر استيعابا للمهارات اللغوية والرياضيات مقارنة بغيرهم، وكانوا بشكل عام اكثر فهما وابداعا، الى ان جاءت موجات التعصب القومية ومن بعدها «الصحوة الدينية» لتجذر الاختلافات بين الجميع، و«تدفن» كل ابداع. فهل سيعود الزمنالجميل؟ لاأعتقد ذلك!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

Stays in Tunis

مشكلتنا، بل أزمتنا واضحة، وهي أزمة تطبيق أمور بعيدة عن الدستور واستحداثها فحسب، فكم من قانون انتهك وينتهك يوميا بإشراف الحكومة وبتنفيذ ممثلي الأمة هو العلّة، وكم من مفردة ومصطلح يسعى البعض الحكومي والنيابي إلى ترسيخها هم المعضلة. ثورة عادلة بلا شك تلك التي حدثت في تونس، وتسببت في إقصاء حاكم جمهوري دائم كحال كل الجمهوريات العربية، بدأت بمصادرة عربة خضار كان يسترزق عليها الشاب الجامعي العاطل عن العمل بسبب سوء النظام محمد البوعزيزي، ولم تجدِ أي محاولة لتظلّمه فقام بإحراق نفسه احتجاجا على الظلم مختتما حياته بكلمات أخيرة وجهها لأمة يقول فيها إنه مسافر من دون رجعة. يحدوني الأمل بأن ثورة البوعزيزي ستولّد نظاما عادلا منصفا لتونس يعيش فيه الشعب التونسي بعدالة وحرية وأمان واستقرار، ولا تنتقل السلطة من حاكم ظالم إلى حاكم آخر يتحول إلى حاكم جمهوري على الطريقة العربية مجددا. لكن، هل يمكن أن نُسقط ما حدث في تونس على الكويت؟ هل يجوز أن يدلي بعض النوّاب بتصريحات تلمّح بالاتعاظ من ثورة تونس؟ هل يعقل أن نمنّي النفس بانتقال حالة تونس للكويت؟ ما حدث في تونس حالة فريدة وبعيدة عن نظام دستوري كويتي واضح الملامح والتقاسيم، فأزمتنا ليست كتونس، فالعمل مكفول والعدالة الاجتماعية منصوص عليها دستوريا، والحرية قوام الدولة، كلها نصوص وركائز قامت عليها الكويت قبل الدستور وبعده، وليس من المنطقي أو المقبول أبدا أي غمز أو حتى تلميح أو تشبيه للحالة الكويتية بالتونسية. مشكلتنا، بل أزمتنا واضحة، وهي أزمة تطبيق أمور بعيدة عن الدستور واستحداثها فحسب، فكم من قانون انتهك وينتهك يوميا بإشراف الحكومة وبتنفيذ ممثلي الأمة هو العلّة، وكم من مفردة ومصطلح يسعى البعض الحكومي والنيابي إلى ترسيخها هم المعضلة. فالقانون مستباح من الدولة، والمسطرة مطاطية قابلة للطي عند رؤية «البشت» أو الدينار أو الحنجرة، والخنوع يسعى البعض إلى ترسيخه بدين وفتوى، تلك المشكلة وأي تأويل لها يكون ظلما للكويت وأهلها. إن الدستور رسخ نظام الحكم في الكويت وآلياته وطرقه وسبله، ونظّم العلاقة وطرق التغيير والرقابة والتشريع والتنفيذ، وأي خروج عن النص يعد تعدّياً على الدستور ولن نقبله أبدا، فالدستور هو ما ارتضيناه وليس من المنطقي أبدا أن نقبل بكلام بعيد عنه، خصوصا ممن رفعوا شعار «إلا الدستور» قبل أيام أو من غيرهم، فتعالوا لنبارك ما حدث في تونس دون تلميح بتصدير لثورة أو تغيير خارج نظامنا الدستوري الذي ندافع عنه.

سامي النصف

غيوم الحرب

غادر الوفد الاعلامي الكويتي صباح أمس غزة الصامدة بعد أن التقينا قياداتها السياسية وعلى رأسها رئيس حكومتها المقالة د.إسماعيل هنية في لقاء ودي مطول استمر لثلاث ساعات نقل خلاله تحياته للكويت أميرا وحكومة وشعبا لدعمهم المتواصل للقضية الفلسطينية، وقال هنية إن التهديدات العسكرية للقطاع جدية، خاصة أن حرب الاستنزاف التي تشنها إسرائيل لم تتوقف مع توقف حرب الفرقان عام 2009، وأعلن أنه لا دولة فلسطينية مستقلة في غزة، كما أنه لا دولة فلسطينية مستقلة دون غزة.

وقدّر أبوالعبد كما يكنى الرئيس هنية دور الجمعيات الخيرية الكويتية في دعم صمود الشعب الفلسطيني عبر عشرات المشاريع التي تقوم بها في القطاع، وخص بالشكر الهيئة الاسلامية الخيرية العالمية وجمعية الرحمة العالمية بالكويت وجمعية إحياء التراث وجمعية الاصلاح الاجتماعي وجمعية الكتاب والسنة على المشاريع الاسكانية والتعليمية والصحية والمعيشية الضخمة التي تقوم بها في غزة.

وكان الوفد الاعلامي الكويتي قد شارك في افتتاح ووضع حجر الاساس لمئات الوحدات السكنية وزار مدرسة ابن عثيمين ومسجد موضي السلطان ومخابز الرحمة وجمعية الكتاب والسنة ومصنع مطاحن السلام ومزارع بيروحاء وحدائق ذات بهجة ومشاريع حفر الآبار ومزارع تربية الابقار، وتهدف جميع تلك المشاريع الخيرة للمساعدة في عملية الاكتفاء الذاتي للقطاع وتشغيل الايدي العاملة وتأهيل الصغار تعليميا وتقنيا لمواجهة تحديات المستقبل.

وقد يصعب على المراقب فهم المنطق الاسرائيلي فيما يحدث، فعمليات الحصار وتوالي العمليات العسكرية وإغلاق المعابر وتدمير مقومات العيش الكريم كالمسكن (الذي يبنى في 40 عاما ويدمر في 40 ثانية)، والمصنع وتجريف المزارع والطرق ومنع الصيادين من الصيد، يولد في النفس الحقد بدلا من الحب والحلم بالموت بدلا من عشق الحياة والرغبة في العيش بسلام مع الجيران.

وبعيدا عن السياسة، مساحة القطاع 360 كم2 أي نصف مساحة مملكة البحرين ويسكنه 1.5 مليون نسمة مما يعتبر «احصائيا» الأكثر اكتظاظا بالسكان في العالم، ورغم أن الأخبار الواردة منه تنحصر في الأغلب في العمليات العسكرية، إلا أننا لم نلحظ ذلك الاكتظاظ السكاني في الشوارع والاسواق والاماكن العامة كالحال عند زيارة المدن العالمية المزدحمة، كذلك ففي القطاع أماكن أثرية وفنادق وشوارع وأسواق ومحلات تستحق الزيارة، وقد قمت والصديق العزيز المحب لعمل الخير د.عصام الفليج بزيارة البعض منها كالمسجد العمري الاثري، ولولا الحروب لكان للقطاع شأن كبير كونه يطل على البحر الابيض المتوسط، ويقع جغرافيا على خطوط التماس بين أفريقيا وآسيا.

آخر محطة:

سألت مراسل تلفزيون الكويت في العراق إن كان قد زار الكويت فأجاب بالنفي، وسألت مراسلة تلفزيون الكويت في غزة النشطة سعاد إمام (أم طلال) إن كانت زارت الكويت فأجابت بالنفي كذلك، نرجو مخلصين من قيادات وزارة الإعلام توجيه الدعوة لهذين المراسلين (وغيرهما) لزيارة البلد الذي يمثلونه إعلاميا كل يوم، وقد تكون مناسباتنا الوطنية هذا العام فرصة لتوجيه مثل تلك الدعوة، آملين أن نراهم قريبا في الكويت.

احمد الصراف

ثورة محمد البوعزيزي

ما إن نجح الخميني في قيادة ثورة الشارع الإيراني من منفاه على حكم الشاه حتى انتابتني مشاعر متضاربة وتوجس وخوف من المصير القاتم الذي ينتظر المنطقة، بعد تولي رجل دين صارم لقيادة واحدة من أكبر واكثر دول المنطقة طموحا، ولكن ما حصل بعد ذلك من أهوال فاق توقعاتي! وبالرغم من ذلك لا يمكن إلا الاعتراف بأن ثورة الشعب الإيراني الأعزل وغالي تضحياته هما اللذان أديا في النهاية الى الإطاحة بواحد من أشرس الأنظمة، وتعتبر الثورة الشعبية الثالثة من نوعها في التاريخ الحديث بعد الثورة الفرنسية والروسية! أحداث تونس الأخيرة التي استطاع فيها الشعب الأعزل، ومن خلال تضحيات الكثيرين من أبنائه بأرواحهم ودمائهم، من اسقاط نظام مخابراتي فاسد، سوف تعتبر بحكم التاريخ مقاربة في مظاهرها الثورة الإيرانية، فالبدايات الاجتماعية لانتفاضة الشعب التونسي هي التي أدت للنهايات السياسية على الساحة، والتي قضت على خرافة الاستقرار السياسي والاقتصادي لتونس! وإن ما حصل ما هو إلا نتيجة لفشل القيادة في قراءة معطيات عصر الاتصالات السريعة والإنترنت الذي نعيشه، الذي جعل من الصعب على اي حاكم الاستمرار في نكران حقوق شعبه في الحرية والكرامة والعمل، أسوة بما تتمتع به غالبية دول العالم! فقيام محمد البوعزيزي، الذي ادت تضحيته الغالية التي تمثلت بإشعال النار في نفسه أمام بلدية منطقته، بعد أن تعرض للإهانة ومصادرة عربة نقل الخضار التي يرتزق منها، وهو الخريج الجامعي العاطل عن العمل، أدت الى اطلاق شرارة ثورة الشارع التونسي، وكشف الواقع البائس الذي يعيشه نصف مليون شاب عاطل ومحروم من كافة حقوقه الإنسانية والسياسية منذ عقود طويلة، فالإنسان لا يحيا بالخبز وحده، وانتحار البوعزيزي ورفاقه حرقا أدى الى هرب زين العابدين بن علي، رجل المخابرات القوي، الى الخارج، بعد أن عاث في وطنه فسادا وكاد ينجح في قتل كرامتهم التي انتفض من أجلها البوعزيزي ورفاقه!
إن ما حصل في تونس، التي كان البعض، وإلى وقت قريب، يعتقد أنها واحة حرية وأمان، يجب ان يكون درسا لكل دكتاتور يعتقد أن وضعه استثنائي وأنه في مأمن من كل خطر، ففي هذا العالم الذي نعيش فيه تسبق الحرية أمور حيوية كثيرة، ولا يمكن استمرار أي نظام قمعي إلى الأبد، فكيف يسمح رئيس لنفسه بالاستمرار في السلطة، وهناك مئات الآلاف الذين لا يجدون ما يسد رمقهم، وكيف يرضى بالبقاء في السلطة من دون انتخاب ولا ديموقراطية ولا خيار شعبي إلى الأبد، خاصة أن اسلوب القتل والضرب أصبح غير مضمون النتائج في عالم اليوم، ونهاية صدام خير مثال، ويفوز فوزا عظيما من اتعظ من أخطاء غيره! لكن الخوف الآن من سيطرة الاحزاب الدينية.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

عربة بقدونس دهست فرعون تونس

وإذا استشارني ثوار تونس فسأشير عليهم أن يبحثوا عن المسؤول الذي أمر بنقل بوعزيزي من المستشفى المتهالك، بعد أن أحرق نفسه، إلى أكبر مستشفيات تونس تحضيراً لزيارة الفرعون المخلوع، ثم سأشير بأصبعي إلى قضاة فرعون ومستشاريه القانونيين، الذين غلّفوا جرائم ربّهم بغلاف من القانون.

على أن المسؤولين الجبناء يتفقون على أمر واحد، مهما اختلفت جنسياتهم، وهو سرعة التضحية بالأعوان، الواحد تلو الآخر، لضمان البقاء.

ويا ويل الحكومات التي تتحدى الشعوب وتنتهك كراماتها، ويا ويل المسؤولين الذين يجيّرون أجهزة الدولة الأمنية لخدمتهم. يا ويلهم من الشعوب التي تنتظر لحظة إزالة «مسمار الأمان» من على رأس القنبلة.

قاعة محمد غزّاي المطيري

بعد مضي أيام من موت المغدور محمد غزاي الميموني تحت تعذيب المباحث، أستغربُ كيف لم تعتذر الحكومة إلى هذه اللحظة ولم تُدِن الجريمة! بل حتى وزير الداخلية لم يعتذر إلى الشعب ولا إلى أهل المغدور، في حين أنها الحكومة نفسها التي سارعت إلى استنكار «الاعتداء» على أحد المستفزين من أتباعها في بيانها الرسمي، وهو الذي تعرض لسجحات وكدمات، في مسرحية مكشوفة الفصول… يبدو أن سجحة هذا أغلى من دم ذاك. تبّاً لميزان الحكومة، وتبّاً لمستشاريها الذين لم ينصحوها بتدارك الموقف، وأظنهم قريباً سيندمون بعد أن «يفور الإبريق» فتتخلى عنهم الحكومة وتتهمهم بـ»تضليلها» كما هي الموضة في العالم العربي هذه الأيام، قبل أن تعلن رضوخها وإذعانها لمطالب الناس العادلة، لكن بعد أن يسقط «غطاء الإبريق» الحكومي من قوة البخار.

عموماً، لسنا بالسذاجة التي تجعلنا ننتظر من القاتل إدانة نفسه، لكننا سنطلب من نوابنا أن يطلقوا على قاعة لجنة الداخلية والدفاع في مجلس الأمة اسم «قاعة محمد غزّاي الميموني»، كي يقرأها كل وزير داخلية لاحق فور دخوله القاعة، فيتذكر جيداً حقوق المتهمين.
ويا محمد غزّاي، أقسم لك بالله أن هول الصدمة مايزال يهز أيدينا بعدما هزّ قلوبنا وعقولنا، ومازالت دموع النساء والصبايا تنهمر بعد أن تكشفت لهن التفاصيل، فقط نتمنى عليك أن تمهلنا حتى نسترد اتزاننا، وعهدٌ علينا أن نجفف دموعك في قبرك بعد أن نجبر الحكومة على تسديد الفاتورة كاملة… كاش.

سامي النصف

هل بدأ تفكيك دول المنطقة؟!

في عز فرحة شعوبنا بوصول الرئيس أوباما إلى سدة الحكم كتبت وذكرت ضمن عدة مقالات ولقاءات ان علينا العودة إلى الماضي لقراءة ما سيجري مستقبلا في المنطقة فالإدارة الأميركية الحالية «عرابها» الرئيسي هو من يمثل فكر اليسار الأميركي « زبنغيو بريجنسكي» مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس كارتر (1977 ـ 1981) الذي دعم عمليات إسقاط سلسلة من الأنظمة اليمينية وعلى رأسها نظام شاه إيران الذي رفضت عدة دول صديقة للولايات المتحدة استقبال الطائرة التي تقله قبل ان ينتهي به المطاف في مصر حيث دفن.

وتذكر صحيفة الديلي ميل البريطانية واسعة الانتشار وذات التوجه اليميني ان سقوط نظام الرئيس التونسي هو أول انعكاسات تسريبات وثائق الخارجية الأميركية (ويكيليكس) حيث تحدثت عن الفساد مما أثار حنق الشارع وحرك نقابات العمل.

ان على من استعجل وأبدى فرحه المسبق بما يجري في تونس ان ينتظر، فالتغيير الوحيد المسموح به في المنطقة هو من السيئ إلى الأسوأ، وسلسلة كتب بريجنسكي تتحدث عن الفوضى وتفكيك العديد من دول أوراسيا والشرق الأوسط وحدوث اضطرابات وحروب قد تستخدم فيها الأسلحة غير التقليدية و.. رب يوم بكيت فيه فلما صرت في غيره بكيت عليه.

ان استفتاء السودان التي أسميناها يوغوسلافيا الجديدة لن يتوقف عن خيار الدولتين بل سيمتد إلى طلب تقرير المصير لبقية أقاليم السودان وانتشار الفوضى والحروب فيه لتمتد بعد ذلك الى بقية دول منطقة الشرق الأوسط الملتهبة والتي ستستبدل الأمر الإلهي للشعوب والقبائل (لتعارفوا) بـ «لتعاركوا» ولا حول ولا قوة إلا بالله.

آخر محطة:

هناك ضرر مباشر على الكويتيين من تحول تونس العلمانية الليبرالية المستقرة سياسيا واقتصاديا الى حالة الفوضى العارمة لحقيقة وجود استثمارات كويتية عامة وخاصة في تونس تقارب الـ10 مليارات دولار.. واقبض من..!

احمد الصراف

حلمك معنا يا سيدي

تتطلب شروط النشر كتابة المقال قبل يومين، ولا أدري ما سيحدث بين ساعة كتابة وارسال هذا المقال للجريدة ونشره، ولكن تعليقا على حادثة وفاة المواطن «المطيري» في أحد المخافر، وما سبقته من وفيات أخرى ربما، لمواطنين ومقيمين لم نسمع بها، وما تبع ذلك من استقالة وزير الداخلية لفشله في «تنظيف» وزارته، فانني أعتقد أن الوزير جابر الخالد الصباح واحد من أكثر وزراء الداخلية اخلاصا وفهما لعمله، واستقالته دليل على ذلك، فقد امتلك الشجاعة لأن يسجل سابقة في تاريخ الكويت، وأن يعترف بفشله! وهنا أعتقد أن من الصعب على أي وزير قادم اصلاح هذه الوزارة التي تراكمت مشاكلها على مدى نصف قرن، من دون امتلاك التفويض الواضح من القيادة العليا بتغيير ما يشاء، مع امتلاك القدرة والنية والعلم على احداث التغيير! وأعتقد أن علة الداخلية الأساسية تكمن في ثلاث مشاكل، الأولى: جزر النفوذ المستقلة والمتعددة داخلها والتي يسيطر عليها ابناء الأسرة الحاكمة، والذين يتجنب أي وزير اغضابهم أو التدخل في عملهم، الا في أضيق الحدود لأنهم مدعّمون. ومن المهم بالتالي التقليل من هذه السياسة الى الحد الأدنى، فمحاسبة غيرهم اسهل بكثير، ويكونون عادة أكثر تمسكا بالقوانين!
والمشكلة الثانية تكمن في تشدد الوزارة غير المبرر في الكثير من الأمور، وهو التشدد الذي نراه يتكسر يوميا على صخور الرشى، مثل التشدد في اعطاء اجازات قيادة مركبات، ومنع جنسيات معينة من الزيارات العائلية وغيرها الكثير، والتي ليس من الصعب وقفها، ان توافرت النية! أما الثالثة فتكمن في التساهل المخيف وغير المبرر في التعامل مع مرتكبي المخالفات، وحتى الجرائم، نتيجة تدخل متنفذ أو توسط نائب، وقد رأينا مؤخرا كيف تدخل النائب «محمد الهايف» للافراج عن متهم باغتصاب أطفال، وغير ذلك. وطوال نصف قرن ونحن نسمع عن مئات من جرائم تهريب شحنات من الممنوعات، ولم نقرأ مرة اسم المواطن الذي أرسلت له. كما نشاهد صور مهربي مخدرات في المنافذ، ولكن ولا مرة قرأنا اسم من كفل هؤلاء وسهل قدومهم! كما يعلم الجميع بوجود متاجرين بالبشر بيننا، ولكن ولا مرة كشفت اي جهة اسم متورط واحد، فهل نحن شعب من الملائكة؟ وماذا عن كل هذا التساهل في جرائم الأمن الخطرة مثل الاعتداء المسلح على المخافر ورجال الشرطة واتلاف مركباتهم، والتي لم نسمع بتقديم أحد من اطرافها للمحاكمة حتى الآن، وطوال السنوات العشر الأخيرة على الأقل!
ومن هنا يبدأ الاصلاح!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

استقالة الخالد.. بلد يحترم شعبه

بعد أحداث ديوان الحربش.. صار عند الناس في الداخل والمراقبين في الخارج، انطباع ان المواطن في الكويت مهان، وأنه لا كرامة له خاصة بعد ان شاهدوا رجال القوات الخاصة يضربون نواب الامة، ويسحلون أساتذة الجامعة، ويداهمون البيوت الآمنة، مما اضطر عددا كبيرا من هؤلاء النواب إلى أن يتقدموا باستجواب لرئيس الحكومة لوضع حدّ لتجاوزات رجال الأمن على المواطنين، وقد وصلت رسالة النواب الى أولي الأمر من خلال نتيجة التصويت على طلب عدم التعاون، ولكن يبدو أن الله أراد أن يعجّل بالانتصار لكرامة البشر، فقدر سبحانه ما كان من ضرب مواطن كويتي ضربا افضى الى الموت، مما يعدّ انتهاكا صارخا لحقوق المواطنين وتعدياً على كراماتهم، فما كان من الأخ وزير الداخلية إلا أن يحترم تعهدا تعهد به أمام مجلس الأمة، ويقدم استقالته.
استقالة معالي وزير الداخلية لها عدة مدلولات:
ــ الأول أن الوزير يحترم تعهداته، عندما قال «لا أتشرف بإدارة وزارة تعذب المواطنين».
ــ الثاني أن الاستقالة رسالة قوية إلى كل رجال الأمن ان مثل هذه التصرفات غير مقبولة ومرفوضة في بلد ديموقراطي، المواطن فيه يمارس حقوقه وواجباته وفقا للدستور.
ــ الثالث أن هذه الاستقالة ستعطي انطباعا عند كل المراقبين في الخارج ان الكويت بلد يحترم شعبه، وان المواطن فيه له قيمة وكرامة، وأي مساس بهما يعتبر خطا احمر، وان ادى الى استقالة وزير الداخلية ابن الاسرة الحاكمة!
انا اعرف ان الشيخ جابر الخالد ذو خلق ودين، لكن هذا لا يكفي!
انا اعرف ان الشيخ جابر الخالد لديه النية الصادقة لحفظ الامن واستتبابه، لكن هذا وحده لا يكفي، انا اعرف انه جاد في تطوير اجهزة الوزارة وتحسين ادائها، لكن هذا ايضا لا يكفي! فالنية الطيبة والقلب الطيب.. كل هذا مطلوب، لكنه وحده لا يحقق المراد، بل لا بد من ارادة وعزيمة وحزم وسيطرة شاملة على كل اجهزة الوزارة حتى يتحقق الهدف المطلوب.
شيخ طيب نعم.. وزير محترم نعم.. لكن من الواضح ان بعض القيادات لا تخضع له! لذلك اعتقد أن قبول استقالته اصبح امرا حتميا، اذا اردنا ان نحفظ الأمن.
***
لفتة كريمة
رحم الله شهيد خفر السواحل، وألهم ذويه الصبر والسلوان، وغفر الله لضحية مخفر الشرطة.. وعظم أجر ذويه.
قال تعالى: «وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا» صدق الله العظيم.

سعيد محمد سعيد

يا حكام العرب… الاضطرابات قادمة!

 

(الخبز خط أحمر)… ذلك هو الشعار الذي رفعه آلاف الأردنيين يوم أمس الأول الجمعة في عمان ومدن أخرى في موجة احتجاجية على البطالة وغلاء الأسعار، وكانت المحطة الأولى لانطلاق تلك الموجة الاحتجاجية هي فترة ما بعد صلاة الجمعة.

ويوم الجمعة ذاته، الرابع عشر من يناير/ كانون الثاني 2011، شهد أولى وأكبر مفاجآت العام الجديد في العالم العربي، بعد أن أطاحت الانتفاضة الشعبية التي شهدتها تونس بالرئيس زين العابدين بن علي، ليتولى رئيس الوزراء محمد الغنوشي السلطة في تونس بشكل مؤقت، وعد فيها بتنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أعلن عنها مسبقاً بالتشاور مع قوى المعارضة.

ويبدو أن الكثير من الحكام العرب على موعد مع الاضطرابات الشعبية بعد أن ضجّت الشعوب العربية من مسكنات الألم (المؤقت) لكل الأوجاع التي تعاني منها تلك الشعوب بدءاً من الخبز انتهاءً بحقوقهم الكاملة في الحياة، وقد أوجزت صحيفة «البلاد» الجزائرية في افتتاحيتها القصيرة يوم الجمعة أيضاً التحذير من اتساع نهر الدماء في تونس وتساءلت عن سبب اغتياظ الحكومات العربية من مطالب الشعوب، فتزايد سقوط الضحايا والإفراط في استخدام القوة ضد المتظاهرين مؤشر على أن الأوضاع تتفاقم من يوم لآخر، وطرحت الصحيفة عدة تساؤلات: «لماذا تغتاظ الحكومات في بلادنا العربية من مطالب الشعوب المنادية بالديمقراطية وفتح المجالين السياسي والإعلامي؟ لماذا تنفتح هذه الحكومات اقتصادياً وتنغلق سياسياً؟ ولماذا تزيد الديمقراطية من قوة الأمم والشعوب في الغرب بينما يعتبرها الحكام العرب عاملاً من عوامل تقويض الوحدة والانقسام؟

ولعلني أشرت في عمود يوم الخميس الماضي: «طبائع الاستبداد العربي المزمن… كأكبر خطر لانعدام الاستقرار»، إلى أن لا مناصّ من أن تدرك كل الأنظمة بأن تحقيق الأمن والاستقرار لا يتأتى إلا في ظل إرساء الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية… لكن ما يثير القلق بدرجة أكبر، هو أن غالبية المشاركين الخليجيين والعرب أجمعوا على أن النتيجة الحتمية هي ظهور المزيد من الاضطرابات والصدامات والتوترات خلال السنوات المقبلة، لأن الأنظمة العربية لن ولن تسمح بأن تغيّر طبائع الاستبداد.

التحذير للحكام العرب جاء واضحاً في بيان (البرنامج العربي لنشطاء حقوق الإنسان) الصادر في مطلع شهر يناير الجاري والذي أعرب فيه عن القلق البالغ لتطورات الأوضاع في عدد من البلدان العربية على خلفية ازدياد حالات الفقر وتدهور الأوضاع الاقتصادية لجموع المواطنين العرب والغلاء الفاحش، وجاء في بيان البرنامج: «في ظل انتهاج الحكومات العربية المختلفة لسياسات اقتصادية ظالمة متحيزة لفئات بعينها داخل البلدان ولا تضع في حسبانها الغالبية الساحقة فضلاً عن عجز الموازنات الحكومية العربية بسبب الفساد والرشوة والاختلاس وغيرها من الجرائم، لن يؤدي إلا لمزيد من الاحتقان الموجود أصلاً بسبب الأنظمة السياسية القابعة على قمة الهرم السياسي منذ عقود، فضلاً عن الانتهاك الممنهج واليومي لحقوق الإنسان في العالم العربي، وهو الأمر الذي ينذر بثورة جياع حقيقية لا يستطيع الأمن القبض على زمام الأمور فيها».

والنقطة الأهم في بيان برنامج النشطاء هو النداء الموجه إلى الأنظمة العربية، حيث ناشدها بضرورة المراجعة والإصلاح الحقيقي النابع من القاعدة الشعبية، وفتح حوار جاد مع القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني لإقرار إصلاح سياسي واقتصادي واجتماعي يزيل الاحتقان من جذوره، ويعيد الطمأنينة والثقة للمواطنين على اعتبار أنهم شركاء في أوطانهم

سامي النصف

أن تعي معنى التضحية

الساعة الثامنة والنصف ليلة قبل البارحة الخميس، واشباح مكونة من الزملاء عدنان الراشد وعصام الفليج ووائل الحساوي واحمد الكوس ومحمد البحر وسامي الخليفي، تتحرك في احد أزقة حي الشجاعية المظلمة في غزة الصامدة للقاء خنساء فلسطين السيدة ام نضال فرحات لتروي لنا قصة استشهاد ابنائها الثلاثة: نضال ومحمد ورواد وزوج ابنتها اضافة الى استشهاد «اسطورة غزة» عماد عقل في بيتها عام 93.

ولم تكتف ام نضال بذلك بل ارسلت ابنها الرابع وسام للقيام بعملية استشهادية قائلة له: انت غالٍ الا ان الاسلام اغلى منك، وقد فشلت العملية الاستشهادية وحكم عليه بالسجن المؤبد واطلق سراحه بعد 11 عاما من الاعتقال، وتذكر ان وصيتها الدائمة له ولابنائها: اريدكم منتصرين او شهداء محمولين فوق الاكتاف.. وتثني في ختام لقائها معنا على الكويت وتقول: لولا دعمكم لضاع ابناء الشهداء.

وخرجنا الى ممرات مظلمة اخرى للقاء اعلامي وغير مسبوق مع السيدة «ام علي» التي قام ابنها الشهيد محمد عزام فراونة بالعملية الفدائية التي نتج عنها اسر الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط الذي يتم التفاوض على اطلاق سراح آلاف الاسرى الفلسطينيين كثمن لاعادته، ومرة اخرى نقف امام سيدة صلبة وحالة انسانية مؤثرة لتروي لنا كيفية استشهاد ابنها محمد.

تقول «ام علي» ان محمدا كان اقرب ابنائها الى قلبها حيث كان شديد الاعتناء بها حتى انه ما ان ينهي دراسته الجامعية حتى يقوم بمساعدتها في عملها المختص بالعناية بمعاقي الحرب، وكثيرا ما كان يخجلها امام العاملين الآخرين معها عندما يقبل رأسها ويدها ولا يغادر الا معها حال انتهاء عملها.

وتضيف انه قبل استشهاده كان كلما اكل طعاما وسألته عنه قال لها انه شهي الا ان طعام الجنة اشهى، وظل يطلب منها ان تسمح له بالاستشهاد وهي ترفض حتى بكى امامها ذات يوم فقالت له: انني وهبتك لله، وقد حضر بعد تلك الموافقة بيومين وقام بتنظيف المنزل وترتيبه واصلاح الاجهزة المعطلة فيه وشعرت شقيقته بما ينتويه فطلبت منه تأجيل ما يعتزمه لمدة شهرين حتى يحضر حفل زواجها الا انه رفض وخرج ليسمعوا بعملية استشهاده، وتقول ام علي انها تطلب من ابنائها ان يعيشوا سعداء او يموتوا شهداء.

آخر محطة:

في وقت تضحي فيه نساء العالم لاجل اوطانهن، وما سيرة خنساء الكويت، رحمها الله، التي ضحت بثلاثة من ابنائها لاجل تحرير الكويت ومعها السيرة العطرة للشهيدتين اسرار القبندي ووفاء العامر ومن سار في ركب الشهادة معهن، نسمع بقانون المرأة الاكتع في مجلس الامة الكفيل بالتضحية بمستقبل الوطن لاجل قلة من النساء.. والحديث ذو شجون..