سامي النصف

ألا ليت الاستعمار يعود يوماً

استفتاء مع بداية العام في السودان ينتهي كما هو متوقع بانفصال جنوبه الأخضر الذي تبلغ مساحته 600 ألف كم2 (للمقارنة مساحة فلسطين التاريخية التي بكينا دما عليها لا تزيد على 27 ألف كم2)، ويحتوي الجنوب السوداني على 75% من النفط و90% من مياه الامطار في ظل تناقص حاد في حصص مياه النيل بسبب استخدامات وسدود دول المنبع، ومازالت عملية التقسيم في بدايتها، حيث ينتظر أن تنفصل بقية الأقاليم تباعا عبر مشروع يوغوسلافيا أفريقية دموية جديدة.

وانفجار آخر في العراق وسط مواكب عزاء دينية يذهب ضحيته عشرات الفقراء والبسطاء، مما يهدد مع خروج القوات الاميركية هذا العام بحروب أهلية مستقبلية لا تبقي ولا تذر، ولا يستطيع أحد أن يفهم الفائدة التي يجنيها سنّة العراق ـ الابرياء من تلك التفجيرات الشنيعة ـ مما يقوم به التكفيريون وأزلام مخابرات النظام السابق، حيث تمهد تلك الجرائم النكراء لجعلهم عرضة لمذابح قادمة وبكاء دمعه دماء حين لا ينفع الأسى والندم.

في لبنان أحداث كبرى جسام قادمة جعلت السعودية وتركيا وقطر ترفع أيديها عما سيحدث في ذلك البلد الاخضر، ولم يعد السؤال المطروح هو «من» قتل الشهيد الحريري؟ بل «لماذا» قُتل؟ بعد أن كشفت الاحداث اللاحقة مسار الاخطار الماحقة التي حلت ببلده منذ رحيله.

وفي تونس التي أطيح برئيسها الذي اشتهر بقبضته البوليسية والأمنية لا القمعية أو الابادية، حيث لم يعرف عن نظامه عمليات الابادة أو الاختفاء أو المقابر الجماعية كحال بعض الانظمة التسلطية في المنطقة، بدأت الفوضى تعم والاقتصاد يتوقف والسائحون والمستثمرون يغادرون، والخوف هو من تكرار حكاية السودانيين مع ديكتاتورهم الطيب إبراهيم عبود الذي تظاهروا ضده حتى أسقطوه وعندما ساءت الاوضاع بعده خرجت نفس المظاهرات لبيته رافعة شعار «ضيعناك وضعنا معاك» والأمور بخواتيمها لا ببدايتها.

فلسطين وغيوم حرب مدمرة أخرى على القطاع قد تدفع الشعوب العربية لحافة الانفجار بسبب عجز النظام العربي عن رد الأذى عن نفسه، وهو إخفاق أتاح للدول المحيطة بعالمنا العربي (إسرائيل، إيران، تركيا، اثيوبيا) ان تمد نفوذها ومصالحها الاستراتيجية على حساب مصالح العرب القومية و… أمجاد يا عرب أمجاد!

آخر محطة: اتفاقية سايكس ـ بيكو ومرحلة الاستعمار التي بحت حناجر العرب في لعنها هي التي ضمت الموصل الى العراق وأبقت السودان، جنوبه وشماله، جزءا من مصر، كما جعلت سيناء الآسيوية جزءا من مصر الافريقية رغم تفريط الزعامات الوطنية فيها (أضاعها حكم عبدالناصر الوطني مرتين لا غير) كما غلّب رئيس الحزب الوطني مصطفى كامل حسه الاسلامي على مصريته، فطالب ضمن سلسلة مقالات في جريدة «اللواء» في أعداد 22 أبريل و8 مايو 1906 بضم سيناء الى ولاية فلسطين العثمانية و«ان مصر لا ولاية لها على سيناء» ولولا إصرار اللورد كرومر آنذاك وفيما بعد تحرك الرئيسين أنور السادات وحسني مبارك، لذهب منجم الذهب المتمثل في سيناء إلى إسرائيل، ويا ليت الاستعمار يعود يوما فنخبره بما فعل الحكم الوطني لبلدانه العربية من قتل وقمع وتهجير وتفتيت وتشطير.

احمد الصراف

كتاب يوم الحشر والصحة المدرسية

قام الملك الإنكليزي وليام الفاتح William the conqueror في عام 1086، بناء على نصيحة مالية تتعلق أساسا بتحصيل الضرائب، بحصر وتدوين كل تفاصيل العقارات الزراعية والسكنية والزرائب في إنكلترا وبيان ملاكها وموقع كل قطعة في سجل سمي Doomsdays book، أو: كتاب يوم الحشر، والمكون من جزأين، والذي تضمن كذلك جردا تفصيليا للأبواب والشبابيك، وللماشية، بما فيها الحيوانات الأليفة والطيور، والعربات، وكل ما يمتلك، من أجل فرض الضرائب عليها. وبعد ألف عام تقريبا لا يزال هذا السجل في حالته الأصلية معروضا في المتحف البريطاني، بالرغم من كل ما مر بانكلترا من حروب وأهوال، ويطّلع عليه سنويا الملايين، ونسبة كبيرة من طلبة المدارس.
وفي الكويت، ناشد «مركز البحوث والدراسات»، في سعيه لطبع مجلات ثقافية واجتماعية تكاد تفقد من المكتبات، وحتى لدى العامة والمهتمين بقضايا الثقافة والتراث، من لديه بعض أعداد مجلة «الصحة المدرسية»، التي صدر العدد الأول منها عام 1959، التقدم بها للمركز لتكملة عملها التوثيقي، والذي يصبح بغيرها العمل ناقصا.
لقد عجزنا عن حفظ تاريخنا ومطبوعاتنا التي تعود لنصف قرن فقط، فكيف الحال بتلك التي تعود لعشرات القرون؟ أليس هذا دليلا دامغا على تخلفنا حضاريا؟ فإنكلترا التي حكمت نصف العالم لقرون، والتي فرضت لغتها وثقافتها على نصفه الآخر، لم تنجح في تحقيق ذلك بالمدفع فقط، كما فعلت سيوفنا وسنابك خيلنا، وما أرقناه من دماء، بل بحرصها على ثقافتها وتاريخها وتدوين وتوثيق وحفظ كل صغيرة وكبيرة بصرف النظر عن أهميته، والاحتفاظ به بشكل سليم يسهل الرجوع له، فسجل أحوال الطقس ودرجات الحرارة مثلا يعود لــ300 سنة تقريبا!
إن الحضارات لا تكتب بدماء الضحايا، ولا تطبع تحت سنابك الخيل، بل بمداد أقلام المفكرين والمثقفين والمؤرخين. فمتى نتعلم من الآخرين شيئا من الحضارة التي لم نمسك يوما بتلابيبها؟
***
ملاحظة: من العبث طبعا توقع قيام «المجلس الوطني للاثقافة والنوم» بعمل شيء في هذا الصدد، فسياسة المسؤولين عنه تتلخص بعدم العمل، وفي ذلك منتهى السلامة…. والراحة!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

خدّام المجتمع

يبدو أن وزير الداخلية متأثر جداً ببرنامج الكاميرا الخفية، فما إن استقال حتى استدار «يو تيرن» ورجع فوق حدر وهو يضحك ويشير بأصبعه إلى الكاميرا المختبئة خلف الشجرة. وطبعاً هو وزير إصلاحي بشهادة النواب العقلاء.

وأنصح الناس، خصوصاً النساء، بالتوقف عن قراءة تفاصيل جريمة قتل محمد غزاي على أيدي مجرمي المباحث، كي لا تتقطع حبال قلوبهن. ويقول مواطن: «كانت شقيقتي تقود سيارتها عندما لمحت دورية الشرطة فأجهشت بالبكاء رعباً رغم أن أحداً لم يتعرض لها»، ويضيف: «كانت شقيقتي تتابع كل ما يُنشر عن جريمة قتل محمد غزاي، فتسألني مذهولة: معقولة عندنا ناس بهذه البشاعة؟»، والحمد لله أنها لم تتابع قضية المصري الذي «اعترف» باختطاف مراهقة باكستانية وقتلها بعد أن اغتصبها، ليتبين لاحقاً أنها هاربة مع صديقها، ولم تقرأ كذلك حكاية الحدث السعودي، وبقية جرائم بعض منتسبي المباحث، وأكرر «بعض المنتسبين» الذين تفوقوا على الشيطان وأذاعوا بيانهم رقم واحد.

وأنصح هذه الشابة أن لا تقرأ حكاية أحد كبار السن الكويتيين – التي لم تنشرها الصحافة بعد -مع المباحث، ما دفعه إلى الوقوف أمام مبنى مجلس الأمة قبل أيام والصراخ: «احموني من المباحث أنا وأبنائي وبناتي قبل أن أتحول إلى انتحاري»، وقصة هذا الشايب تبكي أحجار الأهرامات، سأتحدث عنها في المقالة المقبلة ما لم تنشرها الصحف.

ومع كل ذا، فالوزير إصلاحي، وكل يوم يمر نتأكد من «إصلاحيته» التي لا تخرّ منها المية من بين يديها ولا من خلفها، خصوصاً بعد أن عيّن شقيق النائب سعدون حماد مختاراً في إحدى المناطق. وصاحبنا المختار من ذوي السيرة العطرة، إذ لن يسمح له ضميره الحي بنقل أي صوت انتخابي إلى المنطقة ما لم يكن من سكانها.

وللمصادفة جاء هذا التعيين بعد يوم واحد من «تزكية» النائب سعدون حماد عضواً في اللجنة البرلمانية التي ستحقق مع وزير الداخلية وقيادييها. وأنعم بها من لجنة. والمضحك، أنه في يوم تعيين «صاحبنا المختار» استقال العميد كامل العوضي مدير عام الهجرة بعد أن وافقت الحكومة على استبدال عقوبة النائب السابق بادي الدوسري، الذي اعتدى عليه بالشتم والضرب، من الحبس ثلاثة أشهر إلى «خدمة المجتمع».

وأنا لست من المعترضين على استبدال الحبس بخدمة المجتمع، بل على العكس، الحبس لن يفيدنا كما تفيدنا خدمة المجتمع، لهذا أتمنى أن أشاهد بادي الدوسري صباحاً وهو يحمل سطلاً ويرتدي «البلسوت» ويصبغ أسوار المدارس، ومساءً يحمل كيساً بلاستيكياً وينظف الشوارع والشواطئ… خدمة مجتمع.

والطريقة نفسها – أي استبدال الحبس بخدمة المجتمع – استخدمت مع الشيخ صباح المحمد، وخلال أيام ستمتلئ الشواطئ بأصدقاء الحكومة، خدّام المجتمع، يرتدون البلسوتات ويحملون أكياساً سوداء، فالحكومة لا تعرف «الغشمرة» في القانون، ورئيسها يردد مراراً وتكراراً «القانون يُطبق على الكبير قبل الصغير».

وسمّعوني زغروطة، يرحم أبوكم سمعوني زغروطة، بعد أن أصبحت أقصى أمانينا أن نموت في حادث سيارة أو بطلقة رصاصة، بعيداً عن أيدي بعض مجرمي المباحث (لا يعني هذا أن كل رجال المباحث مجرمون) و«شوايتهم» وتشويههم سمعتنا بعد موتنا. على أن المسؤول الأول عما تم هو وسائل الإعلام «المدعومة» وبعض النواب العقلاء، وسأشرح ذلك لاحقاً.

حسن العيسى

غسلوا أيديكم من هذه الحكومة

من غير المفهوم أن يتردد أعضاء العمل الوطني في كتلة «إلا الدستور» في حسم موضوع استقالة وزير الداخلية، لا خلاف أن الوزير لم يرضَ بجريمة تعذيب وقتل محمد المطيري، وأنه لم يكن موافقاً في الماضي على أي من أعمال التعذيب التي تجري على قدم وساق في إمبراطورية «دون كيلوني»، وهو رجل المافيا صاحب النفوذ في مؤسسات الدولة في فيلم العراب، هذه مسألة محسومة ولا أحد يحمّل الوزير وزرها، لكنه يتحمل سياسياً وأدبياً في كل الظروف، مثل تلك الجرائم البشعة التي يرتكبها رجال يفترض أنهم حماة القانون، وهم في الحقيقة ليسوا إلّا مجرمين يتلقون أوامر التصفيات الجسدية من رؤسائهم المجهولين حتى هذه اللحظة، ونتمنى أن تكشف تحقيقات النيابة ولجنة التحقيق بمجلس الأمة عن «دون كليونيات» وزارة الداخلية. كان أولى لسمو رئيس الوزراء قبول استقالة وزير الداخلية بمجرد تقديمها، ولو حدث أنه لم يقدمها لكان يتعين على سموه إقالته دون تردد، فماذا يعني اليوم الإصرار على رفض الاستقالة وحشر الدولة في استجواب للوزير لم يكن له داعٍ لو تم قبول استقالته المستحقة؟

هل هي مسألة عناد وغطرسة حكومية وغياب أبسط مبادئ الحصافة السياسية أم ماذا تكون؟! استقالة الوزير أو إقالته ستعني أن القيادة السياسية لم تكن ترضى عن أبشع انتهاك لحقوق الإنسان، وخروج الوزير هو أبسط تعبير للتكفير عن «خطيئة» الوزارة، وما أكثر خطاياها… لكن الحكومة وأتباعها من حملة الدفوف والطيران في مجلس الأمة وصحافة «نستقبل الهدايا» دون خجل، تكابر دون مبرر، وتفتح على نفسها أبواب المساءلة السياسية لرئيس الحكومة ذاته دون مقتضٍ..! ليت الأمور وقفت عند هذا الحد من المكابرة والعناد، فوزير الداخلية عين أخيراً شقيق النائب سعدون حماد مختاراً، وهذا النائب عضو في لجنة التحقيق في ملابسات قتل المواطن المطيري! فسرها لنا يا سعادة الوزير! اشرح لنا طال عمرك ماذا يحدث؟ عضو مجلس يحقق في قضية ضرب مفضٍ إلى الموت متهم فيها ضباط يتبعون وزارتك، وتقوم أنت بتعيين شقيق «محقق وقاضٍ» حكماً في منصب مختار… هل تفهم «الحياد» القانوني وحكم العدالة بهذا المعنى وإلّا فكيف تفسر مثل هذا التعيين! سأكرر مقولة د. عبدالله النفيسي، فلنغسل اليد من حكومتنا.

احمد الصراف

الخراب الزراعي والحيواني

لم تتعرض جهة لسوء الاستخدام كالحيازات الزراعية وقسائم تربية الماشية (الزرائب)، إضافة لما صاحب توزيعها مجانا من فضائح تعلقت بشراء ذمم نواب أو تنفيع البعض الآخر! كما استغلت هذه القسائم للحصول على أعلاف مدعومة وبيعها في السوق السوداء. أكتب ذلك مع بدء هيئة الزراعة حملة تفتيش للتأكد من صحة استغلال هذه المزارع والزرائب في الأغراض المخصصة لها. وأكاد أجزم، من واقع خبرتي البسيطة، أن أكثرها، وخاصة الزرائب، مخالف لشروط الاستغلال. أما ما صدر عن الهيئة من تهديد بوقف الدعم وقطع الكهرباء عن المخالف منها، فقد سبق ان سمعنا عنه الكثير، ونتمنى أن تكون الهيئة هذه المرة جادة بعد أن بلغ سيل المخالفات في كل قطاع الزبى وأبو أبو الزبى! ولكن حتى لو طبقت الهيئة عقوباتها، من دون مصادرة الحيازة، فلن يتغير الكثير، فبإمكان هؤلاء تدبير أمورهم من غير دعم مادي أو كهرباء يسهل الحصول عليها من الجار. وبالتالي لا يمكن ضبط الأمور بغير تفعيل بنود العقد وسحب الحيازة من المخالف، فاشتراط احتفاظ المالك بخمسين خروفا مثلا لا يزيد ثمنها على 5000 دولار، لكي تستمر حيازته لعقار يزيد ثمنه على المليون دولار، أمر مضحك! وبالتالي يتطلب الأمر انقلابا كاملا في سياسة منح هذه الحيازات واستغلالها، لفرز المستثمر الجاد من مستغل المكان كاستراحة أو لتأجيره الى الغير، علما بأن لا صحة لمدعي مالكيها من أنهم يوفرون «الأمن الغذائي» للبلاد، فما يأتي منها لا يسد حتى يمثل شيئا مقارنة بالحاجة الفعلية للحوم والخضروات. كما أن مخالفات البناء في هذه الأماكن كثيرة، ومساكن العمال فيها تفتقد شروطا صحية عدة. أما الوضع الأمني فحدث ولا حرج، فالهيئة بحاجة لقوة امنية كبيرة لترافقها أثناء التفتيش، وإلا عرضت حياة أفرادها للخطر، فعالم المزارع والزرائب، في جزء كبير منه، يقع خارج دولة القانون، سواء بمخالفاته أو برفضه دفع إيجارات الدولة، وحادثة تعذيب المرحوم محمد المطيري في احداها، وتكرار ورود اسم «الجواخير» في صفحة الحوادث، خير دليل على وضعها الأمني الخرب، فمتى نرى الحزم؟

***
ملاحظة: الشكر لكل من يعلق على ما أكتب، وحيث إنه ليس من السهل الرد على الجميع، فالرجاء ممن يريد إجابة عن تعليقه مراسلتي على عنواني الإلكتروني أدناه.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

أبعاد لقاء جلالة الملك برؤساء المآتم

 

لا شك في أن لقاء جلالة العاهل برؤساء وإداريي مآتم قرى البحرين يوم أمس الأول الثلثاء، له أكثر من بعد مهم للغاية، ولعل أبرز هذه الأبعاد هو تعزيز التواصل بين القيادة الرشيدة ومختلف مكونات المجتمع البحريني، وما يترتب على هذا التواصل من مساحات شاسعة للتعبير عن الرأي وتبادل المشورة في جو من الاحترام والثقة والتعاون بين أبناء البحرين كما أكد جلالته حفظه الله.

لقد كان موسم عاشوراء هذا العام متميزاً من جميع النواحي، بل من اللازم الإشارة الى أن مواسم عاشوراء السابقة كانت تشهد تميزاً ملحوظاً عاماً بعد عام، ليس من ناحية توفير ما أمكن من تسهيلات خدمية حكومية لإنجاح الموسم فحسب، بل من ناحية تضافر الجهود الحكومية والأهلية في التنظيم والقيام بالأدوار، وهنا، يشرفنا أن نرفع جزيل الشكر والثناء الى جلالة العاهل حفظه الله ورعاه لإتاحة الفرصة لممثلي المآتم لحضور هذا اللقاء الكريم، ولتقدير جلالته للجهود والتسهيلات التي قدمتها وزارات ومؤسسات الدولة للمشاركين في الموسم الذي شهد تعاوناً كريماً لإحياء هذه المناسبة الدينية المكانة العالية ذاتها في نفوس المواطنين.

ومن الأبعاد المهمة للقاء، والتي يجب استثمارها بصورة تسهم في تغيير الأفكار المغلوطة عن دور المأتم الحسيني، هو احترام الاختلاف في وجهات النظر، وفي الوقت ذاته، إعطاء الفرصة للجميع للتعبير عن رأيهم وإبداء المشورة، وهذه النقطة تحديداً، لفت جلالته إليها بالقول إن المشورة موضع تقدير، وهذا يعني أن يكون المنبر الحسيني منطلقاً لطرح القضايا التي يتوجب إيصالها الى قيادة البلاد، ولكن بالصورة التي يمكن من خلالها تحقيق مصلحة الوطن والمواطنين.

ومن هذا البعد، يمكن أن نفهم بجلاء، أن القضايا والملفات المهمة والمطالب المشروعة حين يتناولها المنبر الحسيني، فإنها تأتي بثمارها إذا كان أسلوب الطرح والمعالجة يرقى الى مستوى تقديم المصلحة العليا من جهة، وتفهم المسئولين المعنيين لحسن نوايا هذا الطرح من جهة أخرى… وكلما انعدمت الثقة، كلما تضاعفت احتمالات النفور والصدام التي ينتج عنها وضعاً مضطرباً.

لقد تميز الكثير من الخطباء هذا العام في تناول قضايا ومواضيع ذات صلة بالحياة اليومية:السياسية والثقافية والاجتماعية والفكرية، بصورة تعكس الرغبة في الخروج من الأزمات وإنهاء المشكلات القائمة، لكن هذا الطرح، يلزم أن يقابل من الجهات المعنية بسعة صدر ونوايا حسنة، وأن يتعامل كبار المسئولين المعنيين في مختلف الأجهزة الحكومية مع هذه الحالة الصحية من باب (القيام بالمسئولية الوطنية لخدمة المجتمع)، وهذا ما طرحه جلالة العاهل بقوله إن البحرين لن تألو جهداً في سبيل تسهيل جميع الإجراءات المتصلة بالمناسبات الدينية والمساعدة في إحيائها بما يحقق أهدافها في ترسيخ قيم التضامن والمحبة والتعاون بين أبناء البحرين جميعاً.

إذاً، الخطاب المنبري المعتدل البعيد عن التحريض والتأليب والكراهية والتصادم، والمخلص في طرح قضايا الناس وإيصالها الى القيادة، هو أصل المنبر الحسيني الذي يشيع المحبة والتلاقي وتجاوز المحن والخلافات، وهذا هو العهد دائماً في الرسالة المنبرية… كل الشكر لجلالة العاهل المفدى، ولكل الجهات التي أسهمت في نجاح الموسم، ونسأل الله أن يعيد الجميع على هذه المناسبة العزيزة، والبحرين، ملكاً وحكومةً وشعباً، في تقدم ورفعة وأمن وسلام.

سامي النصف

المكرمة الأميرية وقضية «الداخلية»

واقع الكويت قيادة حكيمة وشعب مخلص يستحق كل خير، ومكرمة تعزز وتثبت وضعنا الفريد كبلد الرحمة والتآخي والرفاه، ما يفرض علينا أن نشعر بالنعمة الوافرة التي نعيشها ونصبح بالتبعية أسعد الشعوب وأقلها غضبا وتأزما.

منذ قيام الثورة الفرنسية وبعدها البلشفية والإيرانية وعمليات الغضب ترتبط بالفقر والعوز والبطالة وغياب الديموقراطية والحرية وتفشي القمع والظلم، لذا لا مبرر على الإطلاق لمن أطلق التصريحات الساخنة وغير العاقلة التي تحاول مقارنة أوضاع لا تحتمل المقارنة.. وعيب!

قضية قتل المواطن محمد الميموني جريمة شنعاء لا يختلف عليها اثنان وتلك الجريمة الشنعاء إن كانت القاعدة لدى الأنظمة الاستبدادية إلا انها الاستثناء الفريد والوحيد لدينا، حيث لم يشهد تاريخنا قضايا قتل تحت التعذيب من قبل رجال أمننا المؤتمنين على الحفاظ على أرواح المواطنين والمقيمين لا إزهاقها، لذا يجب عدم التهاون أو التراخي في محاسبة من ارتكب تلك الجريمة غير المسبوقة مهما تزايد العدد أو ارتفعت الرتب، في الوقت ذاته، علينا ألا نعمم الخطأ أو نزايد على إخلاص الأغلبية المطلقة من رجال أمننا أو نحاول خدش الصورة الزاهية لرجال الداخلية الساهرين على راحتنا، فلا يجزع من رجال الأمن إلا المجرمون والمتجاوزون على القانون.

ومن المتابعة وتضارب الأقوال المتلاحقة نجد أن هناك احتمالين، الأول: ان الضحية لم يكن تاجر خمور وانما ضحية لعراك حدث له مع أحد رجال الأمن، كما ذكرت احدى الصحف، وان بعض رجال الأمن أرادوا تأديبه على تلك الفعلة عبر قتله! والثاني: ان يكون الضحية كما أتى في بيان الداخلية تاجر خمور والمفروض في تلك الحالة ان تسجل بحقه قضية ويتم التعامل معه في المخافر لا ان يعذب في الجواخير، ما لم يكن الهدف الحقيقي من التعذيب هو الحصول منه على الخمور لا للمصادرة بل للاستخدام الشخصي بدلالة ان القضية لم تسجل رسميا، وفي الحالتين كلما أميط اللثام عن حقائق جديدة زادت بشاعة القضية.

الأحداث الأخيرة في وزارة الداخلية ومنها مقتل شهيد الواجب عبدالرحمن العنزي وتعذيب محمد الميموني تعطي دلالات أكيدة على الحاجة الماسة في الوزارة لعمليات تطهير وتدريب وضبط وربط وتحسين صورة، ولدينا يقين ان وكيل الوزارة الجديد اللواء غازي العمر وما اشتهر عنه من كفاءة وقدرة كفيل مع وجود القرار السياسي بتصحيح تلك الأوضاع الخاطئة كي لا تذهب دماء الضحايا سدى.

آخر محطة:

للحقيقة فقط، هناك فارق كبير بين تاجر المخدرات الذي يتسبب في موت المئات من الشباب والمطارد في جميع دول العالم الأخرى، حيث يحكم عليه عادة بالإعدام، وتاجر الخمور الممنوعة فقط في 4 دول مما مجموعه 200 دولة تباع فيها الخمور ـ كما هو معروف ـ في المطاعم والفنادق والأسواق دون محاسبة البائعين وعليه لم تكن تهمة الميموني ـ لو صدقت ـ تستحق ذلك النوع من التعامل الشرس وغير الإنساني.

احمد الصراف

مونديال الإصلاحات

تكملة لما كتبنا عن الأولويات التي على الحكومة الاهتمام بها، قبل أن يبدأ مونديال قطر عام 2022، وحتى ذلك الحين نتمنى الانتهاء من أعمال تجديد مطارنا المتهالك، وامتناع الشرطة عن التدخين في ممراته، وانتهاء «الكويتية» من تحديث أسطولها وخصخصته، وأن نكون خلال 11 عاما قد انتهينا من تسوية مخالفات المنطقة الحرة، وأقر مجلس الأمة قانون مخالفات الأغذية الفاسدة بسرعة اقرار قانون لحى العسكريين نفسها! وعند أول ركلة كرة في 2022 نتمنى أن يكون محمد البدر قد نجح في ازالة مليون مخالفة، وأن ملف تطوير جزيرة فيلكا قد وصل إلى مجلس الوزراء، وألا يبقى المجلس حائرا حتى يومها في ترسية جسر جابر ومدينة الخياش! كما نتمنى، قبل سفر وفدنا لمونديال 2022، أن تكون البلدية قد انتهت من استيراد مختبر فحص الأغذية، وأنه سيبدأ العمل بعد انتهاء المباريات مباشرة، وأن الحكومة ستنجح في وضع حد للتلاعب في القسائم الصناعية والجواخير والمتاجرة بالعلف المدعوم، وأن المشكلة بين هيئة الشباب والنوادي الرياضية في طريقها إلى الحل، وأن «الأوقاف» ستعترف بأن مشاريع الوسطية كانت «خرطي في خرطي»، وأن الحكومة ستنتهي قبل 2022 من اقرار برنامج تمويل خطة التنمية. كما نتمنى أن يكون سمو الرئيس، أيا كان في حينه، قد انتهى من تدشين مشروع الميكنة الحكومية وقضى على تداخل أعمال الوزارات، وانتهت «الأشغال» من بناء جامعة الشدادية، وتم البدء في احصاء «البدون»، وقضي تماما على الاتجار بالبشر، وتم الانتهاء من مخططات المدن العمالية، وتم تسليم جميع ادارات بلدية الكويت لشركة سويدية «شريفة» لتديرها، وأن الحكومة اقتنعت قبل عام 2022 بأن تقرير بلير لم يطبق منه شيء، وبعد كل ذلك سنرى أن الحكومة لو قامت ولو ببعض هذه المهام المستعجلة التي لا تحتاج الى غير بعض العزم والمال والكثير من الرغبة في الحل، لاختفت شعبية فيصل أحمد مسلم، ولما احتجنا لاستجوابات وتأزيم وهراوات الشرطة، ولا لمزايدات النواب ولا شيكات شراء ولاءات نواب وذممهم ولا سجناء رأي ولا مقالات عدائية ولا اغلاق قنوات، وسنكون بحق دولة مسالمة ونموذجية، خصوصا اننا نمتلك كل مستلزمات التقدم والتنمية، فهل سنسبق المونديال، أم سيأتي وينتهي ونحن على طمام المرحوم؟

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

المملكة.. ملاذ من لا ملاذ له

عندما قدم وزير الداخلية استقالته قلنا انها خطوة شجاعة لأنه ادرك أن المسؤولية سياسية وليست جنائية. فلا يوجد عاقل في الكويت يتهم الوزير بالتورط في مقتل الضحية، لكن مسؤوليته عن كل اجهزة الوزارة تلقي اللوم عليه، كذلك اعلانه عن عدم قدرته وسيطرته على بعض القيادات يجعل استمراره امراً غير مقبول، ناهيك عن تورطه في الاستعجال والدفاع عن رجال المباحث، ونفيه القاطع للحادثة امام مجلس الامة، كل هذا يجعل قبول استقالته أمراً حتمياً ونزعاً لفتيل أزمة جديدة، خصوصا أن مجلس الامة شكل لجنة تحقيق في الحادثة!!
اذاً، الاستكبار ورفض قبول الاستقالة، بخلفية الاغلبية البرلمانية الموجودة في جيب الحكومة، هما ما سيؤدي، بالتأكيد، الى استمرار توتر الاوضاع، وكأن الحكومة تتعمد التأزيم وعدم ترك البلد «يركد» ولو لفترة بسيطة.
* * *
بعض كُتّابنا في بعض الصحف استمرأ الكتابة شبه اليومية عن بعض الدول الصديقة والشقيقة، منتقدا بشكل استفزازي وساخر قياداتها، ومتهما إياها بالطالعة والنازلة!! هذا النوع من الكُتّاب ليس لديه أدنى شعور وطني بالحرص على مصلحة الكويت في علاقاتها بجيرانها! يتحدث وكأن الكويت ليس فيها إلا هو فقط، ليشخط بحكام هذه الدول دون ادنى حصافة او لباقة او احترام لحاكم دولة من دول مجلس التعاون، او جارة صديقة وكبيرة مثل ايران. اقول لصاحبنا هذا انتقد كما تشاء في السياسات العامة، لكن لا تحقر ولا تسخر ولا تكيل الاكاذيب على من يهمنا استمرار علاقتنا معهم مستقرة!! من اجل الكويت وليس من أجل احد، فقد اثبت التاريخ ان شرنا من بعض جيراننا، لذلك لا نعيل حتى ما ينعال علينا.
* * *
المملكة العربية السعودية بلد الحرمين الشريفين.. ومهبط الوحي.. وملاذ كل من لا ملاذ له.. وتسعى دائما الى احترام التاريخ وتقديره، لذلك هي دائما تتبع سياسة «ارحموا عزيز قوم ذل!!» فتجد فيها كل الرؤساء المخلوعين كما قال ابننا معاذ في تصريحه الذي اطلقه بعد ان علم بوصول بن علي الى المملكة مستدركاً فيه تصريحه الاول الذي اطلقه بعد ان علم ان بن علي اتجه الى فرنسا، فرأينا في المملكة وحكامها لا يزايد علينا فيه احد، فيكفي انها احتضنت كاتب هذا المقال وعائلته طيلة فترة احتلال العراق للكويت، والاصطياد بالماء العكر اسلوب الضعفاء والمتلونين، والله غالب على امره.
***
لفتة كريمة
«ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين» صدق الله العظيم.

حسن العيسى

حلوها يا شيوخ الديرة

استقالة وزير الداخلية وقبول الاستقالة من رئيس مجلس الوزراء يفترض أن تكون مسألة محسومة وغير قابلة للنقاش لا من مجلس الوزراء ولا من مجلس النواب، ولا يغني عن استقالة وزير الداخلية اشتراطاته بإطلاق يده لإصلاح وزارة الداخلية، كما جاء في مانشيت «القبس» أمس… فتلك مجرد أعذار تتلمسها الحكومة للإبقاء على الوزير، فهو «شيخ» والشيوخ يبدو في عرف سلطة الحكم فوق المساءلة السياسية. ليس الوزير مع كل التقدير لمحاولاته الإصلاحية كما يتشدق بها نواب الحكومة في معرض المساومة على الاستقالة، فهناك ضحية بالأمس اسمه محمد المطيري مات من التعذيب، وهناك قبل محمد عشرات ومئات المتهمين الذين يتم التحقيق معهم عبر الهراوات «والهوزات» وغيرها من وسائل التعذيب التي استقرت عليها أعراف وزارة القهر منذ خلقها، ربما ينقص أبطال الوزارة التعذيب بالكهرباء كي نتساوى مع «جمهورية الرعب» الآفلة لصدام حسين.  
ما معنى أن يطلب الوزير السماح له «بنفض» الوزارة، وكأن شخصاً غيره كان في أعلى قمة الهرم الإداري لوزارته، وإذا كانت هناك جماعات نفوذ ومراكز قوى فاسدة في الوزارة لم يكن باستطاعة الوزير قلعها فلماذا لم يقدم الوزير استقالته إلى رئيسه منذ البداية، ثم يصارح الناس عبر الإعلام والقنوات القانونية «بالخمال» المعتق في وزارة الداخلية، عندها سنؤمن بأن هذا الوزير وغيره من الوزراء جاؤوا للإصلاح، ولكن قوى الفساد كانت أقوى منهم، ولم يكن هناك من خيار سوى تقديم الاستقالات وفضح تلك الجماعات وعوراتها  وتعرية من يتستر عليها مهما علت مراكزهم. الزميل عبداللطيف الدعيج اختصر مأساة هذا الوضع المزري بعبارة «وهذا وزير شيخ»، فإذا كان الوزراء الشيوخ «مربوطة» أيديهم وهم الوزراء «الديلوكس»، وهم «حكومة الحكومة»، كما أسميتهم منذ سنوات، فماذا عن بقية الوزراء العاديين، الذين يتركون الوزارة بعد سنوات من «محاولات» الإصلاح الفاشلة بعد صدهم بحوائط الفساد وقوى النفوذ، ليصبحوا مستشارين عند الحكومة (إذا كانوا من المرضي عنهم) بطبيعة الحال، أو ننساهم مع الزمن حتى يأتي اليوم الذي يتذكرهم فيه أهل الحل والعقد ليضعوهم في مركز ما كنوع من التعويض عن سنوات النسيان.
لم يعد للكويت متسع من الوقت لسياسات «الهون أبرك ما يكون»، وليست الكويت بحاجة إلى المزيد من «المحامين» النواب الذين لا هم ولا عمل لديهم غير «الترقيع» للحكومة والتماس الأعذار لها أو لوزرائها، وتحميل مجلس الأمة كل أسباب التخلف والتأخر وهدر كرامات الناس، فهذه قضية لم تعد تخص شيوخنا الأفاضل، بل قضيتنا وهي قضية هذا الوطن الصغير، فحاضره لا يتسع لمزيد من نزاعات السلطة ولا مكان في مستقبله لطموحات وأحلام التفرد في السلطان.