احمد الصراف

التجارة الدينية

نشرت «الحياة» في طبعتها السعودية (12/14)، مقالاً لهاني الظاهري، تعلق بتعدد مناصب رجال الدين في الهيئات واللجان الشرعية للبنوك والشركات، وتقاضيهم نظير ذلك مبالغ تكفي لإعالة أسر كثيرة تتضور جوعاً في مختلف الدول الإسلامية! وقال انه استقى معلوماته من تقرير صدر عن المجلس العام للبنوك والمؤسسات المالية الإسلامية في السعودية، والذي ورد فيه أن الشيخ عبدالستار أبو غدة مثلا يشغل 104 مناصب «دينية» في 20 دولة، وأن الشيخ نظام يعقوبي يشغل 94 منصباً في الهيئات الشرعية موزعة على 15‏ دولة، ويشغل محمد القرى 87 منصبا.. وهكذا. وتساءل عن الآلية التي تمكن «أصحاب الفضيلة» هؤلاء من أداء مهام كل هذه المناصب في وقت واحد؟ وحاول الربط بين قدرتهم وما سبق أن تحلى به الأولياء من كرامات! وأضاف ساخرا أنه يفكر في تأسيس شركة استشارات مالية شرعية ومن ثم تدبير واسطة لاعتمادها كمرجع للتصديق على شرعية التعاملات المالية في المؤسسات المالية والبنوك، على أن يتم طرح %70 من أسهمها للاكتتاب!
ما تشكو منه السعودية موجود لدينا في الكويت بشكل صارخ، فبعض الأسماء تتكرر كثيرا، لغير سبب معروف. والغريب أن هذه المهنة الاستشارية، التي لم يكن لها وجود قبل 25 عاما، أصبحت فجأة ذات أهمية! ولا يجب هنا الادعاء بأن تعقد الحياة والتعاملات تطلب وجودها الآن، فالحقيقة أن الحياة في كل مرحلة من مراحلها كانت معقدة بمقاييس عصرها، فلماذا لم يكن لدينا في فترة الغوص على اللؤلؤ مثلا ما يماثل هذه اللجان، بالرغم من تعقيدات التعامل المالي بين تجار اللؤلؤ مع مختلف مستويات العاملين في السفينة وما يتضمنه الأمر من اقراض ورهن؟ وللتدليل على أن الوظائف الدينية أصبحت تخلق عمدا أن حجاج هذه الأيام أصبحوا فجأة بحاجة لمن يرشدهم لكيفية أداء المناسك، بالرغم من انتشار التعليم بينهم وتوافر المعلومات لديهم. فوظيفة «المطوف» لم يحتج إليها المسلمون على مدى قرون، يوم كانت الأمية تشمل الجميع تقريبا، فكيف أصبح المسلم، بعد انتشار التعليم والطباعة والكتيبات والإنترنت بحاجة إلى من يدله على المناسك؟ ولو شغّل المسلمون العرب الأجزاء العليا من رؤوسهم، على الأقل، بشكل أفضل لاكتشفوا، من خلال القراءة فقط، أنهم ليسوا بحاجة لأشياء كثيرة في حياتهم. ولكن من تعنيهم هذه الرسالة لا يقرأون هذه الزاوية أصلا!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

العلّة

سأشير إلى الجرح وأضع كل أصابعي عليه ولن تكفي أيضاً، وهو رأيي الخاص وإيماني المطلق، فالعلّة برأيي ليست في سمو رئيس الوزراء كصانع للأزمات، وأنا أثق يقينا بأنه ليس هو من يصنعها ولكنه يقبل بها كما أرى. يتم الاعتداء على وزير بالحكومة الحالية لفظاً وأمام الملأ من نائب في المجلس لا دور له سوى تمجيد أبناء الشهيد؛ بسبب ومن غير سبب، فيكون موقف الحكومة هو الانسحاب من جلسة رفع الحصانة عنه كي يخرج منها سليماً معافى مقابل أنين وزير الحكومة! يتم تنصيب شقيق نائب لا دور له (أقصد النائب) سوى الوقوف ضد من ينتقد الابن الأكبر للشهيد داخل قبة البرلمان، أقول يتم تنصيب شقيق ذلك النائب مختارا لمنطقة سيخوض فيها شقيقه الانتخابات المقبلة! يتم استبدال عقوبة نائب سابق ورئيس لجنة المسابقات السابق في اتحاد كرة القدم في زمان الابن الأكبر للشهيد؛ على الرغم من صدور حكم نهائي بحبسه لاعتدائه على رجل من رجالات الداخلية مشهود له بالكفاءة وحسن العمل، والأغرب أن يصدر تبديل العقوبة من وزارة الداخلية نفسها التي تم الاعتداء على أحد رجالها! لا تتم إحالة رئيس الهيئة العامة للشباب والرياضة على الرغم من بلوغه السن القانونية منذ أمد بعيد لمجرد أنه صديق الابن الأكبر للشهيد، ولا مبرر سوى ذلك، فلا إنجاز يذكر في عهده ولا تطوّر. يشتكي وزير من تدخلات لجنة المناقصات المركزية بشكل غير حيادي لإرساء المناقصات على مؤسسات غير مؤهلة كما يدّعي، ويكون الكلام موجهاً مباشرة للابن الأكبر للشهيد! يترأس الابن الأكبر للشهيد أعلى مؤسسة رياضية آسيوية فتكون النتيجة أن تحرم الكويت من رفع علمها ووضعه على الصدور لأول مرة في تاريخ الكويت الرياضي في بطولة تنظمها تلك المؤسسة الرياضية الآسيوية، لفرض رسالة واهية مفادها أن مَن يعارض ممارسات أبناء الشهيد هم من ورط الكويت! تتم تنحية رجال دولة دافعوا عن قوانين الكويت، وحرصوا على تطبيقها في الهيئة العامة للشباب والرياضة بـ»برشامة» ليلية، ليحل محلهم رفاق الابن الأكبر للشهيد ودون أي مسوّغ قانوني، ولكنهم- ولأنهم رجال دولة- لم يشتكوا هذا الجور والظلم للقضاء فهم لا يشتكون حكوماتهم. تتراجع الحكومة عن وثيقة وآلية تطبيق للقانون تم الاتفاق عليها بين رئيس مجلس الأمة ورئيس الوزراء بالإنابة لمجرد أنها لا توافق أهواء أبناء الشهيد! تأجير أرض بمساحة 18000 متر مربع بـ18 ديناراً سنوياً وفي منطقة كالسالمية لمؤسسة رياضية يترأسها الابن الأكبر للشهيد! كل هذه الرسائل وغيرها تسعى إلى إيصال فكرة واحدة بأن الشيخ أحمد الفهد ومن يقف معه هم الفرقة الناجية وغيرهم متضررون، لا يهم إن تجاوزتم القانون أو كسرتم الأعراف، فكل ما يهم هو وجودكم بجانبه وفي صفه وأنتم الناجون. أكرر بأن سمو الرئيس لم يخطط لكل ذلك ولكنه حتماً قبل به إلى اليوم، وهو ليس مجرد رأي بل هي حقائق موثقة وليست أمورا مخفية، فقد وصلت بنا الحال إلى أن التجاوزات ترتكب نهاراً جهاراً ويعلم بها القاصي والداني. تلك هي علّة الكويت وطريقة عمل حكوماتها المتعاقبة، ولن تنصلح الحال بإقالتها أو رحيلها بل بكف الأيدي ووقف تلك التصرفات «العلّة».

سامي النصف

العنب أم الناطور؟!

في فلوريدا تنتظر السيدة ستيفاني سكيس حكما بالسجن لمدة عام وغرامة ألف دولار، كونها اعتدت على حصان للشرطة رغم إنكارها ذلك الاعتداء وادعائها انها أرادت فقط إزاحة الحصان عن طريقها، في الكويت يتم التعدي على اللواء كامل العوضي وهو يؤدي مهامه بمكتبه وينتهي الأمر بتحويل حكم السجن إلى خدمة مجتمع وهو أمر مناط في الدول المتقدمة بالقاضي المصدر للحكم لا بالجهة المنفذة، كما انه يقتصر عادة على صغار السن ممن يخشى أن يدمر السجن مستقبلهم.

يصعب على أحد فهم المواءمة والملاءمة السياسية لذلك القرار، ففي حين يكسب منه المسؤول المعني ود نائب «سابق» إلا أنه يخسره في الوقت ذاته دعم 6 نواب في المجلس الحالي هم الأقرب إليه عادة في المواقف وهو الأكثر حاجة لهم في الاستجواب الذي قد يقدم ضده في المستقبل القريب، ونعني نواب كتلة العمل الوطني، الأيام ستبدي ما كان خافيا وتظهر صحة أو خطأ قرار استبدال السجن بالخدمة المجتمعية.

ونرجو ألا يعتبر المجرمون هذه الأيام موسم صيد وتصفية حسابات وتشويه سمعة للمسؤولين الأمنيين في وزارة الداخلية، فليس كل ما يدعيه مجرم أو أفاق، صحيحا ويستحق النشر في الجرائد، فما أسهل أن يحرق أحد نفسه أو يؤذي ذاته ثم يوجه الاتهام الظالم للمخلصين من رجال الأمن، إن بلدنا هو أحد أكثر بلدان العالم أمنا حيث ينام الناس وأبواب بيوتهم مفتوحة، ولا ترتكب جريمة إلا ويتم القبض على الفاعل خلال ساعات أو أيام قليلة، لذا يجب الحرص على ألا نحد من تحرك رجال الأمن للإمساك بالمفسدين والخارجين على القانون، فما أسهل العمل المكتبي المريح وما أصعب العمل الميداني المضني، ولا تدفعوا رجال الأمن لرفع شعار «مالي شغل» الخالد.

مازالت مطالبة أعضاء مجلس الأمة في قضايا سابقة ترن في الأسماع بألا يعلن اسم أو تنشر صورة مرتكب الجريمة حتى صدور الأحكام النهائية ضده من مبدأ ان المتهم بريء حتى تثبت إدانته، هذه الأيام تعرض أسماء وصور رجال الأمن على صدر صفحات الصحف قبل ان نعرف المذنب من البريء فهل يتصور أحد حال عائلاتهم وأبنائهم وأصدقائهم خاصة من ستثبت براءته في النهاية منهم؟!

(1) ما يطلبه الناس حقا هو العنب لا الناطور أي إصلاح مسار وزارة هامة كالداخلية وألا تتكرر سلسلة الأخطاء الشنيعة التي انتهت بجريمة وفضيحة، فلا يعقل أن يحدث ما حدث بسبب.. هواش مغازلجية..!

(2) نرجو من اللواء كامل العوضي ان يتراجع عن قرار استقالته ومن الوزير ألا يقبلها بل ان تتم ترقيته لموقفه المشرف في الدفاع عن سمعة الوزارة وقياداتها.

احمد الصراف

قرابة الشيخ بالمسؤول

كل هجوم على مسؤول كان يقابل بدفاع ما، والاستثناء كان في ما كتبناه عن أسلوب إدارة أمين عام المجلس الوطني للثقافة، فقد كان الاتفاق كاسحا على سوء إدارته، وكشف مهرجان القرين الثقافي مدى بؤس حال أوضاع المجلس، وحالة التذمر التي يعيشها موظفوه، وما اصاب ضيوف المهرجان الأخير من حيرة حول سبب دعوتهم. حيث لم يلتفت الى وجود غالبيتهم أحد، وغادروا من دون ان يعلموا سبب دعوتهم، أما نشرات المهرجان فقد امتلأت بالاخطاء المطبعية، وطغت على صفحاتها صور الأمين في مختلف الأوضاع، الأمر الذي أثار اشمئزاز الكثيرين وكشف حالة «مسح الجوخ ومدى تورم (أنا) الأمين»! هذا غير خلو تلك المطويات من أي رقم هاتف أو فاكس أو حتى إيميل للاستفسار على الأقل عن أماكن إقامة أنشطة المهرجان! حتى الموقع الإلكتروني للمجلس البائس لم تمتد يد التحديث اليه منذ 400 يوم تقريبا، وهذه فضيحة أدبية وفنية بحد ذاتها. والحقيقة أنني لم أكن اعرف سبب إصرار النائب الأول لرئيس الوزراء، الشيخ أحمد الفهد، على التمسك بأمين المجلس، إلى أن كشف سؤال للنائب أسيل العوضي عن صلة القرابة الأسرية القوية التي تربط بينهما، والتي قد تكون دفعت الشيخ أحمد الى تجميد قرار مجلس الوزراء والتسبب في إحراج ابن عمه، الشيخ أحمد العبد الله، وزير الإعلام، والمسؤول عن أعمال المجلس الوطني، الذي سبق أن طلب من مجلس إنهاء خدمات الأمين! وما كنا نود صدور مثل هذا الاعتراض على إنهاء خدمة الأمين فقط لأن هناك صلة قرابة، بصرف النظر عن الكفاءة والأهلية! وكان يجب على من يمتلك مثل طموح الشيخ أحمد الفهد المستقبلي، النأي بنفسه عن مثل هذه الشبهات، فإن كانت هذه هي البداية فما الذي ستؤول إليه الأمور «إن تمكن منها جيدا»؟

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

الوزير… يغني لوردة الجزائرية

الحكومة، رغم الدم المنثور والخطأ غير المغفور، رفضت استقالة وزير الداخلية «عِنداً» بمسلم البراك، قبل أن تدلدل لسانها له وهي تفرك قبضة يدها اليمنى على كف يدها اليسرى، والوزير يغني للبراك أغنية وردة الجزائرية بكلمات عبدالوهاب محمد وألحان العظيم بليغ: «روح روح عدّ أوراق الشجر، روح روح عد حبات المطر، عد النجوم عد البشر، وتعالى تعالى هنا وتلاقيني أنا» ويغني لعلي الراشد: «ولولاك ما كان عمري اغتنى، أُنس وهَنا، ولا دندنة، ولا كنت حسيت بالربيع، في كل أيام السنة». والوزير ضَمِنَ فأمِنَ فنام. ضَمِنَ النواب فأمِنَ الكرسي فنام وترك القرعة ترعى.

وإلى هذه اللحظة لم أكتشف سر «استذباح» علي الراشد في الدفاع عن الوزير، مع أنه سوف «يلصق» بالوزير الجديد قبل أن يرتد إليه طرفه، كما هدهد سليمان. وجريدة «الراي» الشقيقة، عبر زاوية «ثرثرة» تلمّح إلى أن «طرفة بن العبد» شاعر المعلقات، وصاحب قصيدتي «يا أرنبتي» و«قطوتي يا قطوتي»، المواطن الكحّيتي، يمنّي نفسه بالمنصب، ويسوّق اسمه، ويقف على المسرح يستعرض قوامه الممشوق، كما كان يفعل غانم الصالح في مسرحية «باي باي لندن»: «هذا أنا من قدّام، وهذا أنا من ورى، وهذا أنا كلّي»، ويبدو أنه نظم قصيدة فخرٍ نونية استعداداً لهذه المناسبة: «دندونة يا دندونة، وزارتي المزيونة، فيها جبنة وصمونة، وأصغر عقد بمليونة».

وسابقاً كانوا يقولون: «رئيس الوزراء ليس المسؤول عن أحداث الصليبيخات، والأصحّ أن تستجوبوا وزير الداخلية»، واليوم يقولون: «وزير الداخلية لم يكن يمتلك السلطة الكاملة على وزارته، واليوم امتلكها وسينظفها، فامنحوه الفرصة»، أي أن علينا أن نتحمل، نحن لا هو، خطأ قبوله المنصب من دون صلاحيات، والجلوس على الكرسي لتكملة العدد بما يخالف مواد الدستور وروحه، فالمهم هو «البشت» والمسمى الوظيفي.

وغداً سيتكرر السيناريو، فتصوت كتلتا «الشعبي والتنمية» مع طرح الثقة، وسيصوت معهما عدد من نواب المعارضة، وستعقد كتلة «الوطني» أربعة اجتماعات، ثم تصوّت ناقصة، وسيرفض بعض المشايخ النواب طرح الثقة بالوزير التزاماً بـ«فتوى» نهَت عن ذلك، ووو، وسيستمر الوزير، وسيُقتل مواطنٌ آخر، فتثور ثائرة الناس، ويحتج نواب «التأزيم»، فتتشكل لجنة تحقيق برلمانية، يتنازل فيها النائب عسكر للنائب العمير، فلا فرق، وتعقد كتلة «الوطني» أربعة اجتماعات، ويبدأ سوق الحراج، وتنتشر «تجارة الدم»، فيحصل هذا على منصب لأخيه، ويحصل ذاك على عقد صيانة، ويثري الثالث والرابع والخامس، ويفشل الاستجواب، فيُقتل مواطن ثالث، فيحتج النواب، فتشكل لجنة تحقيق برلمانية، وتبدأ تجارة الدم…

وتجارة الدم ليس كمثلها تجارة، فلا رواتب موظفين ولا إيجار ولا تكلفة مواد خام ولا طاق ولا طرباق، «ارفض واربح»، ارفض طرح الثقة وستحلق فوق رأسك العصافير الملونة.

سامي النصف

الوطنية ليست مقتصرة على المعارضة

كان المجرم صدام يعتقد أن نظامه يمثل أجلّ صور الديموقراطية حيث كان يحتوي على أحزاب وانتخابات واستفتاءات ومجلس شعب، وأن ما يمثله هو وحزبه هو الحق كله كونه يدعو للحرية والاشتراكية والوحدة العربية، وهي شعارات براقة جميلة، إلا أن نظامه في حقيقته لم يكن إلا نظاما ديكتاتوريا قمعيا رغم شعاراته المدغدغة كونه يمثل «الرأي الواحد» ولا يقبل بتعدد الآراء أو ما يسمى بالرأي والرأي الآخر، الذي هو الفيصل بين الديموقراطية والديكتاتورية، ايا كانت المسميات والمؤسسات التي تتدثر بها الأخيرة.

في الكويت اختلق الأحباء من «القمعيين الجدد» الذين يدعون ويصدحون بعشق الديموقراطية والحرص على الدستور شعارا مماثلا يعكس فهمهم العقيم والسقيم للديموقراطية ملخصه إما أن تروا ما نرى وتغمضوا عيونكم وتغلقوا عقولكم عما عداه فنحن من يفكر ويقرر عنكم، او نتهمكم عبر إعلامنا الفاسد وتعليقاته الزائفة بكل الموبقات من تخوين شخصي ووطني ونسقط عليكم بالعلن ما نمارسه بالسر من عقد صفقات مشبوهة وقبض رشاوى ضخمة وبيع مواقف وضمائر واقلام في اسواق النخاسة المحلية والاقليمية و… «ليس يوم حليمة بسر» كما يقول المثل العربي.

فتحت رايات ديموقراطية الرأي الواحد الجديدة، وبأحبار اقلام ومواقع تتسم بالزور والفجور في الخصومة، يتم اطلاق ابشع الصفات على من يعلمون هم قبل غيرهم بأنهم اكثر منهم وطنية وأصفى ضميرا وأنقى سريرة، بعد ان احال اصحاب الرأي القمعي الواحد ديموقراطية القدوة الحسنة العاقلة التي رفعت شأن الكويت في السابق الى ما يقارب مصاف دول العالم الأول، إلى ديموقراطية القدوة السيئة المتأزمة القائمة التي جعلتنا نتخلف حتى عن معدلات التنمية في دول العالم الثالث القريبة والبعيدة.

وضمن مفاهيم «القمعيين الجدد» وأصحاب الرأي الواحد ان صكوك الوطنية المخبأة في جيوبهم وبين ثنايا ملابسهم لا توزع إلا على من يعارض بالصاعد والنازل، بالحق أو بالباطل، اما من يخالفهم الرأي ويرى ان مصلحة الوطن ومستقبله توجب التهدئة، فوطنيته حسب رأيهم الأوحد، في شك كبير، وضميره تتنازعه الشياطين الكفيلون هم ككهنة المعبد بتطهير ذلك الضمير المعذب وجعل صاحبه حواريا آخر من الحواريين المصطفين ـ دون عقل ـ خلفهم.

إن قصر الوطنية على المعارضة يعني اخراج اكبر الشخصيات الوطنية الكويتية واكثرها اخلاصا للبلد من مفهوم الوطنية الجديد! فهل يستطيع احد ان يزايد على وطنية شخصيات مثل عبدالعزيز الصقر وحمود الزيد الخالد ومحمد العدساني ومحمد النصف وغيرهم كثير ممن استبدلوا مفهوم المعارضة السابق بالمعارضة الإيجابية البناءة ودخلوا الوزارات والمؤسسات الحكومية وهم نظفاء المظهر والمخبر وخرجوا بمثل ما دخلوا به من سمعة طيبة وسيرة حسنة؟!

آخر محطة:

(1) تزور الكويت هذه الأيام شخصية عدلية وقانونية رائعة ممثلة في القاضي ورجل القانون منير الحداد الذي عرف عنه حكمه الشهير على صدام بالإعدام، نقول للقاضي الجليل حللت اهلا بين اهلك، وبودنا ان تتحول زيارتكم العابرة الى إقامة دائمة في بلدكم الثاني الكويت كي يمكن الاستفادة من خبراتكم القضائية والقانونية والعدلية.

(2) مرحبا بالزميلة العزيزة منى العياف التي تشتهر بوطنيتها الخالصة وحسها الاعلامي المرهف ككاتبة على صفحات «الأنباء» والجميع في انتظار مقالاتها المميزة التي تعكس مواقفها الصادقة والعاقلة في زمن قل فيه العقل والحكمة التي تمثلها ام مناف.

حسن العيسى

نحن المتغربلين معاكم

وزارات الداخلية في دول التخلف المتسلطة، والكويت ليست استثناء وإن اختلفت الدرجة، هي سيف النظام للدفاع عنه والحفاظ على هيبته، والهيبة هنا بمعنى الخوف والترويع «للرعية»، وعلى ذلك فليس من مهام تلك الوزارات المخيفة تطبيق حكم القانون، وليس من شأنها بصفة أساسية كفالة حقوق الأفراد وحماية كراماتهم، وإن حدث هذا فإنه يكون على سبيل الاستثناء، والقاعدة هي حفظ النظام ورجال النظام الذين وفرت لهم السلطة حصانة وضمانات على غير مقتضى القانون، فهم فوق القانون وفوق الشبهات، ولأجل هذا، فالعائلة الحاكمة يجب أن يكون لها نصيب الأسد في مراكز الوزارة وقياداتها، فمن غير المعقول في منطق النظام أن يوكل مسألة أمنه إلى غير أبنائه، فهم دون غيرهم أهل الثقة لأمن النظام، وهم ولا أحد سواهم يجب أن يكونوا في المراكز العليا للوزارة. ولأنهم من أبناء الأسرة الحاكمة فالسيادة تمتد من الدولة، وهي الكائن المعنوي الوحيد الذي له صفة السيادة بالمعنى القانوني، لتشمل أفراد أسرة الحكم، ومن هؤلاء الأفراد تتمدد السلطة إلى المقربين والذين يدورون في فلك أصحاب الأمر والنهي.

فهل كان من حق أي مشتبه فيه مثل القتيل محمد المطيري أن يسأل «الأشاوس» الذين هجموا عليه في مكانه إن كان عندهم أمر بالضبط والتفتيش؟ وإذا كانت «روشتة» الضبط والتفتيش جاهزة مقدماً في جيوبهم، فهل كان من حقه «نظرياً» أن يتساءل على أي أساس وعلى أي سند من حكم القانون تم الحصول عليها، غير عبارات «بناء على تحرياتنا الخاصة وعلى مصادرنا السرية»!، والله وحده العالم كيف تتم تحرياتهم الخاصة، ومن تكون «مصادرهم» السرية، وكيف يمكن الفصل بين الكشف عن الجريمة وبين خلقها ولصقها برقبة من يريدون الفتك به…!! وحين سارعت سيارة المباحث برجالها المدججين بالسلاح وأدوات الإرهاب مع الضحية والضحايا فهل كنا نتخيل ونتوهم أنه بإمكان رجل شرطة عادي توقيف هؤلاء «السوبر» أمن لأي سبب وسؤالهم، أين يتجهون وماذا يفعلون «بالجسد» الآدمي المرمى عند أقدامهم…؟ الإجابة قطعاً نافية ومستنكرة، فهم «العين الساهرة» على الأمن، والعين الساهرة هي فوق المساءلة لأنها هي القانون، ويصح لتلك الشاكلة السيئة من رجال القانون ما لا يصح لغيرهم، من كيل الصفعات والبصق على الوجوه إلى حشر «هوزات» التعذيب في مؤخرات الضحايا.

اللواء عبدالحميد العوضي علق بأن المباحث الجنائية بحاجة إلى غربلة…! بس …! بس المباحث الجنائية وحدها التي تحتاج إلى غربلة… ماذا عن قيادات في الوزارة أغمضت العين عن الاعتداء على اللواء كامل العوضي، وألغت عقوبة الحبس عن الجاني لتحل مكانها خدمة المجتمع…! «خوش خدمة» وماذا عن متهمين في قضايا الرأي وحرية الضمير مثل محمد الجاسم والدكتور الوسمي، لماذا لم تتم معاملتهما بالنهج المتسامح ذاته؟… وماذا عن تعيين شقيق النائب سعدون حماد مختاراً والنائب الفاضل عضو في لجنة المجلس للتحقيق في جريمة قتل محمد المطيري، أليس هذا عيباً كبيراً؟… ماذا عن تراخيص قيادات السيارات التي لها سعر معروف في أسواق الفساد، ماذا عن «التكاسي» الجوالة ومن الكفلاء لها… ماذا عن تجار الإقامات… ماذا عن آلاف القضايا الشائكة في وزارتكم منذ سنين «الطواعين»…؟!

ليست إدارة المباحث وحدها من تحتاج إلى غربلة… الوزارة كلها دون استثناء تحتاج إلى غربلة… وليس هذا كفاية فالدولة كلها بحاجة إلى غربلة… وحتى تأتي لحظة «الغربلة» الموعودة سنظل نحن «متغربلين» بحرياتنا وكراماتنا معكم.

احمد الصراف

خرب النصف.. فانقذوا الباقي!

تساءل الكثيرون عما يحدث في المخيمات الربيعية التي تنتشر مع دخول الشتاء، وطبعا لم يتبرع أحد بالإجابة، لكن «طراطيش» مما يجري فيها تمكن قراءته في الصحف بين الفترة والأخرى، ففي ظل كل هذا الحرمان الذي تعيشه مجتمعاتنا، والفئة العمرية من الشباب الذين يستهدفهم منظمو هذه المخيمات العقائدية، وغياب أي نوع من الرقابة عليها، بسبب سيطرة المتشددين في الجهات الحكومية المعنية، كهيئة الشباب ووزارة الشؤون، يفتح المجال لكل أنواع الاستغلال. وقد صرح أحد مسؤولي «الأوقاف» لـ القبس بأن هذه المخيمات لا تخضع للرقابة، وأن ميزانياتها ضخمة، ولا سلطة لأحد على ما يتم تلقينه للمشاركين فيها من المراهقين.
وتعليقا على ما يحدث من أفعال شائنة في المخيمات الربيعية، كتب الزميل فؤاد الهاشم قبل فترة، («الوطن» 11/14)، ما يلي: «.. من يرد تفاصيل أكثر عن موضوع «المخيمات الربيعية» التي اغتصب فيها صبية صغار، فعليه الاتصال بالزميل الإسلامي والسلفي «أ. ف»، إذ لديه الخبر اليقين بالتفصيل لتسمعوها منه، حتى يشهد شاهد من أهلها، ولكي لا يدعي هؤلاء «المطاوعة» بأن الخبر كاذب»!
وحتى الآن لم تقم لا وزارة الشؤون ولا الأوقاف ولا الجهة «الخيرية» المعنية بتكذيب الخبر! ولا ننسى أيضا ما نشر قبل ايام في كل الصحف عن توسط أحد نواب اللحى لإخراج متهم بانتهاك عرض أطفال وصاحب سوابق من المخفر، فما هو مصير الذين لا يعرفون نائبا؟
محزن أن يتعرض أطفال في مثل هذا العمر الغض، والذين يشكلون أمل المستقبل وعماده، لكل هذه الانتهاكات لخصوصياتهم، والتعرض للمؤثرات السلبية والضغط النفسي والتدريب العقائدي من قبل دعاة متطرفين، محليين وزائرين، لتلقينهم الخطر من الكلام من دون رقابة من أي جهة. وغني عن القول ان دروس هذه المخيمات ومحاضراتها، كما أكد حمد السلامة ـــ أحد محرري القبس ـــ تخلو تماما من أي أنشطة او مسابقات علمية أو ثقافية تدعو لنبذ القبلية والطائفية والتعصب! و«أنا» أجزم هنا بأنها تدعو الى عكس ذلك تماما.
فيا وزارة ويا معنيون بالشباب تحركوا، فالنصف قد خرب، عقليا وجسديا، وعلينا بإنقاذ النصف الآخر، والكويت بحاجة الى قرار يمنع أي جهة دينية من إقامة او الصرف أو الاشراف على أي مخيمات عقائدية مستقبلا!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الصامتون يتكلمون

حادثة مقتل الميموني تحت التعذيب في مبنى تابع لإدارة المباحث العامة لم تكن الأولى، وان كنا نتمنى ان تكون الأخيرة! هذه الحادثة كشفت المستور، وهذا المستور بشع وقبيح ومهول، وأنا متأكد ان مئات المواطنين والمقيمين في الكويت يتمنون ان يفتح لهم المجال للادلاء بشهاداتهم ضد ضباط وزارة الداخلية في حوادث مشابهة سابقة، لكن قدر الله لم يكن قد حان لوفاتهم، بل أكاد أجزم ان الكثير من حالات الجثث المتعفنة التي سجلت جرائم ضد مجهول هي لبعض هؤلاء الذين انيط بهم حفظ للأمن فإذا بهم يتحولون الى معول لهدم الأمن، ذكروني برجال القوات الخاصة الذين انيط بهم منع الشغب فاذا بهم في ديوان الحربش يتحولون الى مثيرين للشغب.
مقتل الميموني ليس نهاية المطاف، ويجب ألا نتوقف عنده، بل علينا ان اردنا الخير لبلادنا ان نجعل منه منطلقاً للاصلاح الشامل في وزارة الداخلية! فقد اثبتت الحادثة البشعة ان عدداً غير قليل من رجال الداخلية نزعوا صفة البشرية عنهم وتحولوا الى وحوش كاسرة لا ضمائر لها ولا احساس.
«العدل أساس الملك»، عبارة نقرأها على رؤوس القضاة في المحاكم، فان كان المواطن تلفق له التهمة وتكال له المؤامرات وترتب له الجرائم المعلبة، فأين العدل؟ بل ما حال «غير المواطن»؟
لولا ان وراء هذا الوضع الشاذ أكبرها واسمنها لما وصلت الامور من الوقاحة والجرأة الى مقتل مواطن رفض الخضوع لطلبات الابتزاز!
كم شريط سجل لرجل شريف كي يتم ابتزازه؟! كم مكالمة دبرت لامرأة طاهرة لاخضاعها لشهواتهم الحيوانية؟! كم رسالة تهديد وصلت الى رجال اعمال لتحويل اموالهم؟؟ كم وكم وكم؟
أنا أطالب مجلس الأمة ــــ لجنة حقوق الإنسان ــــ بفتح الباب أمام المواطنين والمقيمين للادلاء بشهاداتهم في ما مضى من حوادث، سنجد الطوابير واقفة أمام هذه اللجنة بعد ان ضمنت الحيادية والأمن على عيالها وقوتها، أعطوا المجال للصامتين يتكلمون، أعطوا المجال للقابضين على الجمر يتحدثون، سنجد العجب العجاب، وهنا فقط سيتم اصلاح حقيقي لوزارة الداخلية.. وهنا فقط نكون قد وضعنا قدمنا على طريق الاصلاح.. وسيقول الجميع: رحمة الله عليك يا محمد غزاي حيا وميتا.
***
لفتة كريمة
خرزة مسباح وانفلّت.. فهل وزير الداخلية الحالي قادر على نظمها من جديد؟!

سعيد محمد سعيد

مشاهد «الدولة البوليسية»… يخرب بيتك يا بِكباشي!

 

نقل أحد الصحافيين المصريين الظرفاء وهو يتواصل مع مجموعة من الزملاء عبر البريد الإلكتروني، ويتبادلون اللطائف التي تفرج شيئاً من الهموم في ظل الترقب والقلق والاحتقان الذي تشهده عدد من الدول العربية كأكبر أثر من آثار انتفاضة الياسمين التونسية، قصة أحد المخبرين المتجبرين المتسلطين الذي طالما تفاخر أمام الناس بأنه (مخبر ما يخافش من ربنا) في جلسته التي اعتاد عليها في أحد المقاهي الشعبية.

ففي ظل الوضع المقلق وأحاديث المواطن العربي المقهور المنطحن تحت سطوة أنظمة تحكم بالنار والحديد، كان ذلك المخبر جالساً مع مجموعة من رفاقه المخبرين فيما كانت شاشة التلفزيون تعرض فيلم (حسن أبوعلي)، وهو من بطولة الفنانين كريم عبدالعزيز ومنى زكي، ولمن لم يشاهده، فإن الفيلم احتوى على مشاهد كثيرة لمخبرين وضباط متجبرين يتسلطون على (من لا ظهر لهم من المواطنين) وينكلون بهم، فما كان من ذلك المخبر إلا أن تلفت يميناً وشمالاً، على غير العادة، ليقول: «يخرب بيتك يا بكباشي… هو وقته الكلام ده»! فذلك المخبر تيقن بأن مثل هذه المشاهد التلفزيونية التي تصور الدولة البوليسية، ستثير دون شك غضب الناس وحنقهم وخصوصاً أن الظروف مواتية ومهيأة للغضب والانتقام من أولئك المتجبرين الذين لا يمكن لهم – بأي حال من الأحوال – تحمل موجة انفجار غضب من تعرضوا لظلمهم وافتراءاتهم وتنكيلهم.

والغريب، أنه كان لكل زميل من الزملاء الصحافيين الذين تابعوا القصة، حكايات أخرى مماثلة… من مصر وتونس والجزائر وليبيا وفلسطين ولبنان والأردن بل ومن دول الخليج وسائر الدول العربية والإسلامية…نماذج من بشر مفترسة كان من المفترض أن يكونوا أمناء على الأوطان والشعوب، فتحولوا إلى سيف مسلط على رقاب الناس… فما من أحد يستطيع أن يتفوّه بكلمة في وجه (سيادة المخبر)، ولهذا، تصدق مقولة أن المباحث و(القراريص) في دول القانون يحتفظون بالسرية، إلا في الدول العربية التي يخرج فيها المخبر ليقول للناس أنه مخبر!

ولعل التنفيس في الصحافة العربية لم يتوقف في جبر خواطر القراء العرب بقصص تفضح سلوكيات رجال الدول البوليسية في العالم العربي، وإطلاق اليد لهم في التجبر والتسلط على بسطاء الناس والتنكيل بهم، ولعل من أبرز تلك النماذج سلسلة الكاتب الكبير محمود السعدني: «مغامرات الولد الشقي في إسطبل الحمير»، ومقالات الكاتب التونسي إبراهيم درغوثي: «مغامرات السندباد العربي في بلد الثلوج»، وغيرها من الكتابات التي كانت ترفع الرسائل تلو الأخرى إلى الأنظمة المتسلطة المستبدة لإيقاف المتجبرين البوليسيين عند حدهم و(عمك أصمخ)! حتى إذا حانت لحظة الانتفاضة، هرب المتسلط تاركاً ذيوله تداس تحت أقدام من صبروا على الظلم طويلاً.

لا يمكن إنكار أهمية دور الأجهزة الأمنية والعسكرية في تطبيق القانون واستتباب الأمن في كل الدول… العربية منها والغربية، على ألا يكونوا سيوفاً مسلطة على رقاب خلق الله…غير أن ثورة الياسمين التونسية ذاتها، جاءت بمشهد ما كان ليصدقه أحد يوماً ما في العالم العربي… فقد عبر المواطنون التونسيون عن العرفان للجيش الذي رفض إطلاق الرصاص بمسئولية وطنية صادقة على أهل البلد، فحمل أهل البلد الزهور ليضعونها في فوهات البنادق.

زهور في فوهات بنادق… أي مفارقة تلك؟