سعيد محمد سعيد

حكاية الكلب مع الحمامة… تعزِّي حكاية الحصان والناقة؟

 

ذات ليلة، جلس الحصان المغلوب على أمره مع جارته الناقة المكسورة الخاطر يبكيان بكاءً شديداً على ما حلَّ بهما رغماً عنهما! ففي يوم كئيب كالح السواد عليهما وعلى بعض معارفهما من الخيول والنياق والجمال، تم إجبارها جميعاً من قبل عصابة شريرة مجرمة من (البلطجية)، لأن يخرجوا من إسطبلاتها ومضاربها من أجل أن تمارس (القمع)!

كان ذلك اليوم، هو اليوم الأول في حياة الحصان والناقة الذي عرفا فيه معنى (القمع) والهمجية والشر المستطير الذي لم يعرفاه طيلة حياتهما – وإن كانا يعلمان أن من أجدادهما وسلالاتهما في العهود الغابرة، من شارك في حروب وغزوات ونهب وسلب – لكنهما يعلمان أيضاً أن تلك العهود ولَّت إلى غير رجعة! وعلى الرغم من أن كلاً من الحصان والناقة كانا يعلمان جيداً أن هناك بشراً أقل منهما مستوىً، كونهما (بهيمتان) ينشدان الأمان والسلام والعيش بطمأنينة ويكتفيان ببعض العشب والعلف وإسطبل متواضع، في حين أن أولئك البشر (البلطجية) يعيشون وفق شريعة الغاب، ويتوقون لشرب الدماء وترويع الأبرياء.

قال الحصان بزفرة حارة مخاطباً جارته الناقة: «قاتلهم الله… أرأيتِ يا جارتي العزيزة ما الذي حلَّ بنا اليوم على أيدي أولئك المجرمين السفلة؟ كنا في حالنا فإذا بهم يخرجوننا من منازلنا على حين غفلة… كنت أظن أن الأمر طبيعي كما اعتدنا، لكنني فوجئت بأننا وسط ألوف مؤلفة من البشر… بعضهم يصرخ وآخر يهتف وثالث يرمي الحجارة ورابع دمه يسيل… هي المرة الأولى يا جارتي العزيزة التي شعرت فيها بأنني (حيوان حقير)! لكنها المرة الأولى التي أكتشف فيها أن من كان يجلس على ظهري (حيوان) أيضاً».

تنهّدت الناقة بحسرة لكنها وبّخت جارها الحصان بقولها: «يا جاري العزيز… لا تقل عمّن كان يجلس على ظهرك إنه (حيوان)! فالكثير من الحيوانات أكرم منه… ألست تذكر حكاية الكلب مع الحمامة… تشهد للجنسين بالكرامة… وأنا مثلك تماماً يا جاري العزيز… وجدت نفسي أركض وسط ميدان لأقمع الناس كما كان البلطجية يقمعون… أدوس كما كانوا يدوسون… ثم أهرب كما كانوا يهربون… لكن الفرق بيني وبينهم… أن بعض الناس انهالوا عليهم بالضرب لكنهم لم يضربوني… بصقوا في وجوههم لكنهم لم يبصقوا في وجهي… وصفوهم بالعار وبالخيانة وبالغدر وبالإجرام… لكنهم لم يصفوني بذلك».

وعلى رغم الألم والوجع الذي كان يشعر به الحصان لكنه تبسم قائلاً: «يا جارتي الناقة… أشكرك لأنك تسلّيني وتعزّيني بحكاية صديقنا الكلب وحبيبتنا الحمامة… ياااااااااااه… ما أجملها من قصة أين عنها بني البشر؟ وجزى الله عنا أمير الشعراء أحمد شوقي خيراً.. ابن مصر العظيمة الذي خلد تلك القصة في قصيدته… فعلاً، أظن أنني أخطأت بوصف من كان يجلس على ظهري بأنه حيوان! لكنها اللوعة يا جارتي… اللوعة… لقد شاهدت أمراً جللاً لم أشاهده طيلة حياتي… ما ذنبنا نحن الحيوانات يا جارتي… ما ذنبنا حين نكون أشرف من البلطجية وأعلى مقاماً؟»… ثم أنشدا بضع أبيات:

حكاية الكلب مع الحمامة

تشهد للجنسين بالكرامة

يقال كان الكلب ذات يوم

بين الرياض غارقاً في النوم

فجاء من ورائه الثعبان

منتفخاً كأنه الشيطان

وهمَّ أن يغدر بالأمين

فرقَّت الورقاء للمسكين

إلى أن قالا:

هذا هو المعروف يا أهل الفطن

الناس بالناس ومن يُعِن يُعَن

سامي النصف

موقعة الجمل

مع الفارق الكبير بالطبع، في عام 1988 اضطرت ايران لوقف الحرب مع العراق واعلن صدام حسين حينها انتصاره الكبير وكان بامكانه ان يتقاعد انذاك ويجعل التاريخ يحفظ له انجازه ويغفر له زلاته، الا انه وفي اقل من عامين قام بغزو جار آمن آخر هو الكويت مما جعله يفقد كل ما انجزه.

ذكرنا في مقال الاربعاء الماضي ان على المحيطين بالرئيس حسني مبارك ان يحافظوا على تاريخه الناصع كأحد اكبر الحكام المنجزين في تاريخ مصر الا ان البعض من هؤلاء ابى الا ان يشوّه صورة القيادة المصرية عبر اعمال «البلطجة» التي شهدها ميدان التحرير وخاصة مع دخول الخيول والجمال «الكرنفالي» لارعاب الحشود.

وواضح ان امثال هؤلاء لا يهتمون كثيرا بسمعة وتاريخ الرئيس حسني مبارك بقدر اهتمامهم بمصالحهم الخاصة ومحاولتهم اعادة العجلة الى الخلف، ولو كانوا حريصين على تلك السمعة والسيرة الحسنة لنصحوه باصدار قرارات تاريخية تقدم وتبكر من تاريخ اعتزاله الحكم فقد امتلأت حقبة 30 عاما بالانجازات الكبرى ولن يضيف لها شيئا على الاطلاق سبعة اشهر اخرى من الحكم.

وكان بالامكان كذلك سحب البساط بأكمله من تحت ارجل المعارضة حتى لا يبقى لها سبب للتجمهر والتظاهر عبر اصدار قرارات اخيرة من قبل الرئيس مبارك قبل اعتزاله الحكم تفرض تشكيل حكومة وحدة وطنية يناط بها اجراء انتخابات حرة باشراف القضاة والمراقبين الدوليين خلال الشهرين المقبلين، يتلوها قيام المجلس النيابي الجديد بتعديل الدستور لفتح الباب لمن يريد الترشح لرئاسة الجمهورية دون قيد او شرط ومعه إلغاء قانون الطوارئ.

ثم يستريح القائد حسني مبارك في شرم الشيخ بلده المفضل وأحد انجازاته الكبرى «وما اكثر انجازاته» دون حاجة لاصدار قرار عفو عام كونه ليس مدانا بشيء حيث لم يرتكب اي جريمة ولا توجد مقابر جماعية في مصر، ولو ثبت وقوع اخطاء في السجون فالمسؤول عنها هو فاعلها لا رئيس الجمهورية كالحال في الولايات المتحدة وغيرها من الدول، ويترك مبارك الجمل بما حمل للحكومة الجديدة التي سيكتشف الشعب المصري وخلال فترة قياسية قصيرة انها غير قادرة على حل مشاكل الفقر والبطالة والفساد والقمع والصحة والتعليم.. الخ، وان الاوضاع ستزداد سوءا!

آخر محطة:

التهنئة القلبية لمدير الجامعة الجديد د.عبداللطيف البدر الذي هو بحق الرجل المناسب في المكان المناسب حيث عرف عنه الكفاءة الشديدة وعدم المجاملة في الحق والمطلوب فقط تركه يعمل لرفع مستوى اداء الدكاترة والطلبة.

احمد الصراف

20 و50 سنة

بينت دراسة قامت بها مجلة «الإيكونوميست» البريطانية مؤخرا، أن الوضع السياسي لــ 167دولة في العالم يثير القلق، وأن الديموقراطية في انحسار، وهي الديموقراطية التي تعتمد أساسا على مدى عمق الحريات المدنية في كل دولة وطريقة عمل الحكومات، واتساق نطاق المشاركة السياسية، وثقافة الدولة السياسية، والنظام الانتخابي المعمول به، وبناء عليه تم تصنيف الدول لأربعة أنظمة: ديموقراطيات كاملة، ديموقراطيات ناقصة، ديموقراطيات هجينة، وأنظمة سلطوية. وعلى الرغم من أن الانتخابات الحرة والعادلة وتوافر الحريات المدنية أمران ضروريان لأي ديموقراطية، فإنهما غير كافيين إن لم تصاحبهما شفافية عالية وحكومة فعالة ومشاركة سياسية مدعومة بثقافة سياسية. كما لا يمكن الركون الى استقرار ديموقراطية في مجتمع من غير توفير ما يصونها ويحميها، فهي إن اهملت تآكلت وخربت، كما حدث في الكويت ربما! ومنذ ما يتعارف عليه بـ«الموجة الثالثة» التي بدأت في 1974 وما تبع ذلك بأقل من عقدين من انهيار جدار برلين، كان تقدم الديموقراطية وانتشارها مبهرين في العالم، ولكن، وعلى الرغم من تمتع نصف دول العالم الآن بنوع ما من الديموقراطية، أو الحرية السياسية، فإن الديموقرايطة، ومنذ 2008 بدأت بالتراجع، وقد ساعد الانهيار الاقتصادي العالمي الأخير في زيادة أزمتها.
بيَّن جدول «الإيكونوميست» أن الديموقراطية الكويتية مثلا تقع، طبقا لشروط المجلة وتصنيفاتها، ضمن الأنظمة السلطوية، وفي مرتبة متدنية جدا تتبعها بقية الدول العربية والإسلامية بمراتب ادنى بكثير، ولا تسبق الكويت، من بين مجموعتنا، إلا ديموقراطية ماليزيا وبنغلادش ولبنان وتركيا وتونس وباكستان والعراق! وقد فوجئت قليلا بوضعنا المتدني، ولكن بعد تطبيق معايير الصحيفة الدقيقة التي على أساسها تم تقسيم الأنظمة ودرجة ديموقراطيتها، مقارنة بأوضاعنا في الكويت وبمن سبقنا ومن لحق بنا، وجدت أننا لا نستحق تصنيفا أفضل، وهذا أمر قد يدعو للأسف بعد نصف قرن من الوهم، ونحن على أبواب الاحتفال بعشرين سنة تحرير وخمسين سنة استقلال، ولكنه يجب أن يكون هذا حافزا لنا لكي نعمل على زيادة ترسيخ الديموقراطية في وطننا، ولكن هذا موضوع آخر!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

الراجل يختلف عن الريّال

أدينا بندردش، وعليّ النعمة أشعر برغبة في الكتابة سبع سنين بلا انقطاع، فغيوم الفكر ملأى بالمطر، والقلم يجلس على إحدى ركبتيه ويثني الأخرى، كما يفعل العداؤون الأولمبيون قبل صافرة الانطلاق، والولاعة تتحرش جنسياً بسجائر «دافيدوف» وتراودها عن نفسها، والقهوة تغمز لي بطرفها الصنعاني… والله يرحمك يا «طاغور» ويغمد روحك الجنة، يا فيلسوف العالم وشاعر الهند، ما أروعك عندما قلت: «آهات المظلومين كالقطرات، تتكاثر مع كل مظلمة، فإذا تُركت تحولت إلى سيل جارف يقتلع عروش الطغاة»، والذين يشبّهون الأوضاع في الكويت بالأوضاع في مصر وتونس، أقول لهم «تعقبون ويخسأ الخاسئون». ولأن معرفتنا بتونس «معرفة وجه وسلام من بعيد»، فسنقارن أوضاعنا بمصر التي نحفظها ونسمعها عن ظهر غيب.

ولكن لنتفق أولاً على أن الحديث في المقالة عن «البعض» لا «الكل»، أكرر لمن في عينه صمم ومن في عقله رِمَمُ، وأقول بصوت واضح «يلق لق»: «المقالة تتحدث عن البعض لا الكل»… ففي أقسام شرطة مصر، يستقبلك الضابط بكفّ على مقاس قفاك، ويبدأ حواره معك بـ«عامل فيها راجل»، أما في أقسام الشرطة عندنا فلا كف على القفا، بل «شواية»، احتراماً لكرامتك، ولا «عامل فيها راجل» بل «مسوي روحك ريّال». الوضع يختلف.

وفي مصر، قتلت الشرطة شاباً اسمه «خالد سعيد» رحمه الله تحت التعذيب، أما في الكويت فالمقتول شاب اسمه «محمد غزاي»، الاسم يختلف كما هو واضح. وفي مصر ثار الناس مطالبين باستقالة الحكومة انتقاماً للمغدور، ثم تنازلوا فطالبوا باستقالة وزير الداخلية، فردت الحكومة عليهم: «لديكم نواب في البرلمان، فليستخدموا أدواتهم الدستورية»، أما في الكويت فثار الناس ونوابهم القلة، فاستقال الوزير وخرج من الباب الكبير، ثم عاد من البوابة رقم ثلاثة، فغضب الناس، فانزعجت الحكومة وصرخت: «يعني الواحد ما يقدر ينام؟! عندكم نوابكم»، فصرخنا: «نوابك أكثر من نوابنا»، فأشارت إلى أقرب حائط، فتوكلنا على الله ونطحناه. الوضع يختلف.

في مصر، اتهمت الداخلية المغدور خالد سعيد بترويج المخدرات، أما في الكويت فقد اتهموا المغدور بترويج الخمور. والمخدرات تختلف عن الخمور كما تعرفون، لذا فالوضع يختلف. في مصر، ملف خالد سعيد الجنائي كان خالياً من أي تهمة، أما ملف محمد غزاي فكان يحتوي على بعض المخالفات المرورية «ممنوع الوقوف». الوضع يختلف.

وفي مصر، رئيس البرلمان ورئيس الحكومة «صبّه حقنه»، أما في الكويت فـ«حقنه صبّه»، الوضع يختلف… في مصر يقولون «رئيس البرلمان (أشد) علينا من رئيس الحكومة»، ونحن نقول «رئيس البرلمان (أنكى) علينا من رئيس الحكومة». الوضع يختلف… في مصر استحوذ أحمد عز، أمين تنظيم الحزب الوطني الديمقراطي وزعيم الأغلبية، على البرلمان، فساعد هذا وزوّر لذاك، ولعب بالبيضة والحجر، وسلب إرادة الناس، وجاء بنواب يقومون بدور المكنسة الألمانية، أما في الكويت فليس لدينا «أحمد عز» بل «أحمد الفهد»، الذي استورد مكانس صينية. الاسم يختلف، والمصانع تختلف، والوضع يختلف.

في مصر، جمعية حقوق الإنسان ضد الحكومة، لكنها محاربة ومقموعة إعلامياً، أما في الكويت، فجمعية حقوق الإنسان بنت الحكومة، وشقيقة وزارة الداخلية، ورئيس الجمعية يرأس مجلس إدارة شركة استثمارية. الوضع يختلف.

في مصر، استفز سفلة الإعلام الناس، بتشجيع من الحكومة، فانتفخت صدور الناس غيظاً، وفي الكويت، استفز سفلة الإعلام الناس، فتورّمت أكبادهم غضباً. الوضع يختلف. في مصر، تتحكحك أحزاب المعارضة بأقدام النظام، وفي الكويت، تتحكحك غالبية التيارات السياسية بأحذية الحكومة. والأقدام تختلف عن الأحذية، والوضع يختلف. في مصر يدّعي النظام الظالم يومياً أنه يتحسس مشاكل الناس، وفي الكويت تدّعي الحكومة الفاسدة أنها تتلمس مشاكل الناس وتلمّس عليها.

في مصر، تجمعوا في ميدان التحرير يوم 25 يناير، وفي الكويت سنتجمع أمام مجلس الأمة يوم 8 فبراير، المكان يختلف، والموعد يختلف، والوضع يختلف… موعدنا 8 فبراير لنسقط هذه الحكومة، تحت قيادة هؤلاء الشبّان الأحرار، الذين استعانوا بأسلحة الدمار الشامل «الفيس بوك والتويتر»، واستصرخوا فينا «كويتيتنا». يا معين.

حسن العيسى

باي باي لأنظمة البتكس

ببركة شباب تونس ثم شباب مصر نطق الرئيس اليمني علي عبدالله صالح وتعهد بعدم ترشيح نفسه بعد سنتين، وننتظر أن تمتد عدوى الحريات إلى بقية أنظمة «البتكس»، أي الأنظمة التي يلتصق فيها الحكام على الكراسي بغراء «البتكس» الأبدي ولا يحركهم غير عزرائيل، فهم من الكراسي إلى القبور. فكم نحن مدينون لشباب ساحة التحرير و«عربة خضار» الشهيد «بوعزيزي» بتعبير الزميل خلف الحربي.

رياح التغيير قادمة على المنطقة العربية دون استثناء ولن يوقفها أحد، وهي قد لا تكون في صالح دول الغرب، فأنظمة «البتكس» العربية روجت شعار إما نحن أو الإسلاميون، والدول الغربية وتابعهم «قفة» من أشباه الليبراليين صدقوا هذا الشعار، وعملوا على ديمومة هذه الأنظمة بحجة أن البديل سيكون الأسوأ لدنيا الحريات الفردية وسيكون في غير مصلحة الغرب، وربما يكون هذا صحيحاً إلى درجة ما، لكن ما الحل، غير السكوت على الأنظمة التسلطية والرضا بفسادها وفساد الحاشية الملتفة حولها؟! فهل يمكن القبول بهذا الخيار إلى ما لا نهاية؟!

بعد ثورتي تونس ومصر سقطت ورقة التوت التي يفترض أن تستر عورات الأنظمة، فلا مكان اليوم للتضحية بحريات الشعوب بحجة الاستقرار السياسي، وهو ليس إلا استقرار الفساد حين أنتج لنا طبقة من الأثرياء بثروات خيالية ليست وليدة العمل والجهد الإنساني، بل هي نتيجة صفقات الفساد مع الأنظمة الحاكمة، وهي ناتج أريحية وخيرات الريع وصدقات الحكام الذين يهوون فنون النفاق، ولم تكن تلك الصدقات من جيوب الحكام بل من شقاء وفقر الأغلبية التي لا تعرف التسول عند أبواب القصور.

وصفات الإصلاح لا يجوز قصرها على دعم السلع الاستهلاكية وتوفير فرص العمل للشباب العاطلين حتى ينتقلوا من بطالة حقيقية إلى بطالة مقنعة، فهذه حلول ترقيعية ولن تنفع على المدى الطويل، بل البداية تكون بمحاربة الفساد السياسي والاحتكام إلى دولة القانون والمؤسسات الدستورية، فهل ستعي أنظمة «البتكس» تلك الحقائق أم ستنتظر عاصفة التغيير القادمة لتقلعهم هم وكراسيهم؟!

سعيد محمد سعيد

الخريجون الجامعيون… الثروة المعطلة!

 

من حق الخريجين الجامعيين العاطلين عن العمل أن يطالبوا بحقهم في الحصول على وظائف تناسب تخصصاتهم، ولهم كل الحق أن يواصلوا رفع أصواتهم لتصل الى المسئولين في الدولة سواء من خلال الاعتصام أو من خلال الندوات واللقاءات التي يشرحون فيها معاناتهم القاسية، ومن حقنا أن نتساءل معهم: «لماذا يتوجب على 1912 خريجاً جامعياً أن يعيشوا (بهدلة)؟ ولماذا يتوجب عليهم أن يخضعوا رغماً عنهم لوظائف متدنية وبأجور متدنية والحال أن قطاعات كثيرة لا تزال تستوعب غير البحرينيين وتجزل لهم العطاء؟».

لقد دعمنا بكل قوة توجهات وزارة العمل وديوان الخدمة المدنية في برنامج توظيف العاطلين وإيجاد برامج تدريب وتأهيل لكل العاطلين، من الجامعيين وغيرهم، أملاً في أن تنفرج هذه المعضلة ويبدأ أولئك الآلاف من أبناء الوطن حياتهم المهنية ويكسبوا رزقهم ولقمة عيش ذويهم ويتجاوزوا الكثير من المحن المعيشية التي لا يعلم عنها الكثير من المسئولين.

على سبيل المثال، تابعت شخصياً مع أحد الخريجين الجامعيين، وعلى مدى ثلاث سنوات، أسباب عدم إنهاء اجراءات توظيفه في إحدى الوزارات، على رغم أنه مؤهل للوظيفة بل وقضى فترة تدريب لا بأس بها في الإدارة التي يستعد للعمل فيها، لكن اجراءات توظيفه تأخرت والسبب في ذلك (البصمات)! ومع ذلك، تابعنا معاً قصة البصمات مع وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني، وتبين أن ملفه سليم ولا توجد أي مشكلة تعوق توظيفه! فما هو السبب يا ترى في تجميد توظيف ذلك الخريج؟ ثم عدنا من جديد للمتابعة مع الإدارة التي وعدته بتوظيفه بعد أن تبين عدم وجود مشكلة، ولكن جهد السنوات الثلاث عاد الى المربع الأول بإعادة أوراقه من جديد الى ديوان الخدمة المدنية!

هذه القصة غيض من فيض!فهل يتوجب على أبناء البلد من الخريجين الجامعيين وسائر العاطلين أن يواجهوا هذه البهدلة وظروفهم المعيشية تزداد سوءاً؟ ولماذا لا يحترم بعض المسئولين توجيهات القيادة الرشيدة بإيجاد الوظائف المناسبة للباحثين عن عمل على وجه السرعة؟ لماذا تبقى هذه الثروة معطلة على رغم استعدادهم للعمل في حين يحظى بعض الوافدين بوظائف وأجور مجزية لا يحلم بها البحريني؟ نحن لسنا ضد حق كل من جاء الى بلادنا في أن يكسب رزقه، لكن من غير المعقول أن يكون أولئك هم المقدمون على أبناء البلد.

لقد عاد العاطلون الجامعيون يوم أمس الأول الثلثاء (1 فبراير/ شباط 2011) للاعتصام أمام مجلس النواب… لا من أجل (التسلية) وقضاء وقت الفراغ في (برنامج) يروق لهم، بل لأنهم، وبعد انتظار شهور كثيرة أملاً في تنفيذ الوعود بتوظيفهم، وجدوا أنفسهم صفر اليدين!فلا وظائف جيدة عرضت عليهم، ولا تحرك ملموس يطمئنهم بأن هناك شواغر في القطاعين العام والخاص، وبأجور مجزية، ستكون من نصيبهم.

وفق ذلك، نضم صوتنا الى صوت الخريجين المطالبين بإصلاح آلية التوظيف والتقييم في كل الوزارات، ومحاسبة أي طرف تسبب في تعطيل توظيفهم، فكل طرف تقاعس عن مسئوليته الوطنية تجاه أولئك الخريجين والعاطلين عموماً، لابد وأن يتعرض للمساءلة وخصوصاً من جانب مجلس النواب، فأكبر خطأ هنا هو مخالفة توجيهات قيادة البلاد الرشيدة في توظيف أبناء البلد الباحثين عن عمل.

احمد الصراف

فضائح الإنترنت

بلغ عدد مستخدمي الإنترنت عام2007 ثلاثمائة مليون، منهم نصف مليون في الصين. أما الآن فقد وصل عددهم في الصين وحدها 470 مليوناً. ويعتبر اليوتيوب والشركات التي تقدم خدمات مماثلة لها، من أقوى المراجع على النت سواء للحصول على المعلومة أو التسلية، هذا غير الفيسبوك والتويتر. ومثلما ساهمت أشرطة الكاسيت في الترويج لثورة الخميني في نهاية السبعينات، فقد ساهمت الإنترنت، ومشتقاتها، في الترويج لثورة تونس، وربما لغيرها! وقد تحول اليوتيوب مع الوقت من أداة تسلية إلى مرجع لتوثيق المعلومات، سهل الرجوع إليه والبحث فيه، نقول هذا على الرغم من إمكانية التلاعب في بعض مواده وإظهارها على غير حقيقتها. وكمثال بسيط جداً فإن من الممكن من خلال  www.criticalpast.com، مشاهدة أكثر من 57 ألف فيلم وثائقي يعود بعضها إلى عام 1890، ومنها فيلم عن نزول الجيوش البريطانية في الكويت لمواجهة تهديد عبدالكريم قاسم بغزوها في 1960. كما يمكن مشاهدة ملايين الصور المتنوعة من خلال الموقع نفسه. كما تتضمن الإنترنت مواقع عديدة لتزيل الكثير من الكتب المهمة والنادرة، ومنها موقع مكتبة الإسكندرية الذي يتضمن 20 ألف كتاب جاهز للتنزيل مجاناً. وفي حال وجود شك في أي معلومة أو قصة أو خبر على الإنترنت فيمكن التأكد من مصداقيته من خلال إدخال معلوماته إلى موقع:  www.snopes.com.
كما أصبح اليوتيوب يتسبب في الكثير من الإحراج، خصوصاً للسياسيين من أصحاب الذكرة الضعيفة والذمة الأضعف، ففي أحداث المواجهة الأخيرة بين الشرطة ورواد ديوانية النائب الحربش، صرح النائب الطبطبائي في مقابلة تلفزيونية بأن ما تعرض له من قبل الشرطة الكويتية لا يوازي ما ناله من الإسرائيليين من ضرب عندما كان على سفينة الحرية! وقد التقط البعض هذا التصريح وفضحه من خلال بث تصريحاته بعد عودته من أحداث السفينة التركية، وكيف اتهم الإسرائيليين بالوحشية والقتل واستخدام القوة المفرطة والقنابل الدخانية والغازية! وحدث الأمر ذاته مع النائب الوعلان الذي صرح بعد أحداث الديوانية بأن ما رآه من أحداث في تلك الليلة فاق ما اقترفه الجنود العراقيون من إجرام في فترة الغزو والاحتلال! وهنا أيضاً تم الرد عليه وإسكاته وإظهار مدى المبالغة في كلامه.
فيا سياسيين، خذوا حذركم، فاليوتيوب لكم بالمرصاد.

أحمد الصراف

سامي النصف

ليالٍ غاب فيها القمر عن مصر

الرئيس محمد حسني مبارك عزيز علينا في الكويت بسبب موقفه التاريخي والشجاع إبان الغزو الصدامي لبلدنا، ومصر والشعب المصري أغلى منه لأن الشعوب هي الباقية والأفراد زائلون، لذا فمقالنا اليوم هو لمصر ولشعبها قبل ان يكون لقيادتها وللحقيقة وللتاريخ أيضا.

يحسب لحقبة الرئيس مبارك انها استرجعت أرض مصر التي فرط فيها من ترفع صورهم هذه الأيام، ويحسب له كذلك انه أوقف استنزاف ثروة مصر في الحروب والمعارك التي تنتهي بالهزائم المروعة، كما يحسب له توثيقه لعلاقات مصر مع الدول العربية والإسلامية والغربية والمجتمع الدولي بعد ان ساءت كثيرا إبان عهود سلفيه ناصر والسادات، ما أتاح الفرصة لعمل ملايين المصريين في الخارج، كما فتح الباب واسعا لعودة رؤوس الأموال المصرية المهاجرة.

كما يحسب للرئيس مبارك عمليات التنمية الضخمة التي لم تشهد لها مصر مثيلا منذ نشأتها الأولى، وفتح الأبواب للاستثمارات الغربية والعربية والخليجية والمصرية في طول البلاد وعرضها، وفتحه المجال للإعلام الحر من صحف وفضائيات الذي انفرد بشتم النظام واستقصاء الرئيس مبارك وتسويد صورته دون ان يحاسب او يسجن او يعدم من يقوم بذلك كحال عهود من سبقه.

وإبان نظام الرئيس مبارك ارتفع عدد السائحين من أقل من مليون الى 15 مليونا، كما حافظ على ارتفاع سنوي لمؤشر التنمية الاقتصادية يتجاوز 5% حتى في أحلك الظروف المالية العالمية (2008 وما بعدها)، حيث لم يتأثر الاقتصاد المصري المتين بها، وفي عهده حصل كثير من المصريين وللمرة الأولى في تاريخ مصر على العديد من جوائز نوبل، كما حصدوا العديد من البطولات الرياضية الإقليمية والقارية والعالمية.

هذا الإنجاز التاريخي غير المسبوق يوجب من الرئيس مبارك ان يحسب خطواته القادمة بميزان الذهب، كي لا يخدش هذا السجل الرائع الذي اعتقد ان قرونا ستمضي قبل ان يحقق رئيس آخر إنجازا مثله، ان الحفاظ على تاريخ الرئيس يجب ان يكون الشغل الشاغل لمن حوله، فوصفات و«روشتات» الأيام الأخيرة لم تكن بمستوى الأحداث والمتغيرات، والخطوة «الصح» ان تأخرت تحولت الى خطأ.

آخر محطة:

(1) وصول حكم ديني سني مؤدلج في مصر قد يمهد لانفصال الأقباط وغيرهم كما سيتسبب في إساءة العلاقة مع اثيوبيا القبطية المتحكمة في منابع النيل والنزاع مع إيران الشيعية.

(2) كيف يمكن تقبل حقيقة ان المتحف المصري الذي يحتوي على أغلب آثار العالم لا يملك أجهزة حراسة إلكترونية متقدمة تقفل الأبواب والشبابيك بشكل أوتوماتيكي، وعيب يا زاهي حواس، أما كفاك سرقة لوحة زهرة الخشخاش قبل أشهر؟!

(3) إحدى أكثر الجرائم الغامضة التي أثارت حنق الشارع المصري هي جريمة قتل الفنانة سوزان تميم، وإن خروج او هروب هشام طلعت مصطفى ومحسن السكري هذه الأيام ضمن الاضطرابات الحالية يعطي دلالات واستنتاجات خطيرة لتلك الجريمة غير المفهومة.

احمد الصراف

تعقيب وإعلان

تعقيباً على ما ذكرته عن طريقة تعامل قناتي أبوظبي والعربية معي، اتصل بي صديق ليخبرني بأنه أجرى اتصالا بقناة ابوظبي الفضائية لتزويده بشريط مقابلة سبق أن أجرتها القناة مع المفكر الراحل أحمد البغدادي، لتضمينها فيلما وثائقيا يتم انتاجه عن حياة الفقيد، فطلبت القناة مبلغ 17 الف دينار، أو 60 ألف دولار، مقابل ذلك، علما بأن الفيلم ينتج تطوعا، ولا يهدف منتجوه الى تحقيق ربح من ورائه. وعندما اتصل بقناة «الحرة» وطلب تسجيلا مماثلا، ارسلت له القناة الشريط من واشنطن من دون مقابل.
كما اخبرني زميل معروف بظهوره على القنوات الفضائية بأنه عندما كان يتم الاتصال به لإجراء مقابلة، ويتصادف وجوده في القاهرة مثلا، فإن القناة هناك تقوم بدفع مبلغ يقارب عشرة أضعاف ما يدفع له مقابل المقابلة نفسها ان أجريت في الكويت! وقال ان هذا يعني ان القنوات العربية، بشكل عام، تحسب حساب وقت الضيف وتدفع له ما يستحقه، وانها لا تعتقد أن هذا يسري على الضيف أو المعلق ان كان في الكويت!
نتمنى أن يتبرع أحد من قناة «العربية»، التي نكن لها الاحترام، بإعطاء تفسير لهذه الازدواجية في التعامل مع ضيوفها في الكويت وفي غيرها من العواصم العربية!
كما أخبرني زميل في القبس بأنه تعرض للمقلب ذاته مع قناة أبو ظبي التي {أكلت} عليه حقوقه، كما ذكر اسم صديق له تعرض لمقلب مماثل. الأسماء موجودة لدي إذا تطوع احد من القناة للسؤال عن صحة ادعاتنا!
ملاحظة: أعلنت «نفط الكويت»، اكبر شركات المنطقة، عن مسابقة تصوير يبلغ اجمالي جوائزها 400 دينار، وهو مبلغ يقل عن تكلفة الاعلان في صحف عدة! على أن يسلم المشاركون فيها الصور على اقراص مدمجة، مع الاصل والنيغاتيف بقياس 40X30، باليد في مقر الشركة، علما بأن الصور المشاركة غير قابلة للرد، مع حق الشركة في استخدامها في أعمالها المتعددة!
كنا نتمنى من شركة نفطنا «العزيزة» أن تكون اكثر كرما في مثل هذه المواضيع.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

عودة الغنوشي

لنبتعد قليلاً عن أحداث مصر ونرجع الى تونس ـــ ملهمة الثوار ـــ لنرقب عودة راشد الغنوشي، مؤسس حركة الاخوان المسلمين فيها، والذي حكم عليه الطاغية بن علي بالاعدام لترؤسه حزباً دينياً في دولة ليس للدين فيها أي اعتبار، مما اضطره إلى السفر خلسة هارباً من بلاده الى بلاد اخرى عاش فيها عشرين عاماً ويزيد، وعينه على تونس ينتظر الفرج ويحدوه الأمل بأن الباطل مهما استشرى وطغى فلا بد ان يتغير ولا بد لليل ان ينجلي ولا بد للصبح ان يعود.
«وتلك الأيام نداولها بين الناس» صدق الله العظيم.
وتدور الأيام، وينفذ الله حكمته ويطرد الشعبُ الطاغيةَ شر طردة! ويهرب كما هرب الغنوشي خلسة، لكن الفرق ان الغنوشي وجد كل الدول تفتح له أبوابها، بينما بن علي لم يجد غير أرض الحرمين تستقبله لانها أرض الأمن والأمان.
ويعود الغنوشي بعد 21 عاماً، ويستقبله الآلاف استقبال الأبطال ولسانه يقول «والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون».
عندما فتح المسلمون بلاد فارس وتهاوت مدنها واحدة تلو الأخرى، وجدوا فيها كنوز الأرض وخيراتها التي تركها الفرس غنيمة للمسلمين، وتقدم قائد المسلمين يؤم المسلمين في الصلاة، فقرأ قوله تعالى «كم تركوا من جنات ونعيم وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قوماً آخرين فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين». فبكى القائد وبكى المسلمون خلفه وهم يرون ارادة الله تعالى تتحقق على أرض الوقع «ولن تجد لسنة الله تبديلاً».
نعم، انها سنة الله في الأرض، مهما طغى الطاغية وتكبر، ونسي ان الله الذي يهب الملك لمن يشاء وينزعه ممن يشاء، وانه سبحانه يعز من يشاء ويذل من يشاء، عندما ينسى الحاكم هذه السنن الكونية ويعتمد على دعم اميركا له وحرص اسرائيل على بقائه، عندما يعتمد على اعلامه الفاسد الذي يشوه عمل الصالحين ويزين عمل المفسدين، عند ذلك ينفذ الله فيه امره «إن أخذه أليم شديد».
عودة الغنوشي فيها من العبرة والمعاني ما ينفع كل ذي قلب سليم.

***
لفتة كريمة
لو كل شعب يعاني من الظلم والقهر يثور على حكامه، أتوقع ما يبقى من دول بني يعرب إلا الخليج وأهله، الله يعزك يا كويت.