احمد الصراف

عودة مؤقتة أم دائمة؟

بكيت بحرقة في يونيو 1967 بسبب سذاجتي وقلة خبرتي، بعد أن عرفت حجم الهزيمة والكارثة اللتين حلتا بنا في حرب الأيام الستة مع إسرائيل! ولم يمر وقت طويل لأكتشف كم كنت مخدوعا لأنني كنت أقرأ لفكر واحد وفي اتجاه واحد، وبالتالي لم يكن مستغربا أن يقع الطلاق بيني وبين محيطي، وهو الطلاق الذي دام 44 عاما، إلى أن أعادتني، إلى حد ما، احداث تونس وثورة مصر، الى المحيط القديم الذي طال رفضي له لسوء كيانه وتخلف تكويناته. أقول ذلك بحذر شديد، فقد علمتني الأيام أن ليس كل ما نراه صحيحاً وليس كل ما نتمناه سنحصل عليه أو سيستمر، فنهاية هذه الثورة تكمن في طهارتها وعفويتها، ولن يطول الوقت قبل أن تجهض أو على الأرجح تختطف من قبل جهة ما وتجيرها لمصلحتها، حدث ذلك في روسيا وقبلها في فرنسا وبعدها في إيران وعشرات الأماكن الأخرى! نقول ذلك من دون أن نبخس الشباب الحق في ما اثبتوه من أن ليس بالإمكان الضحك على الأمم وإنكار حقوقها في الحرية والديموقراطية إلى الأبد، ولكن هذه نادرا ما تأتي مع الجيش أو المخابرات! ولو طالعنا ما أصبح ينشر ويبث على الإنترنت من مستندات وأفلام وتسجيلات قديمة تتعلق بأحداث الأيام الماضية، لشاهدنا كيف انقلبت آراء الكثير من رجال السياسة والإعلام، من امثال عمرو اديب وعمرو خالد وعمرو موسى وغيرهم، من النقيض إلى النقيض، وكيف أن أحلام الشباب يمكن أن تختطف بسهولة من الفئات المنافقة والمتسلقة، ليحلوا محل من سبقهم من الفاسدين. وبالتالي فإن الثورة الشبابية المصرية بحاجة للتحصين، وهذا لا يمكن أن يأتي بغير كشف هؤلاء والتحذير منهم، كما حدث لأحد المطربين الذي حاول الاستفادة من الأحداث والمشاركة في التظاهرات، فكشف هؤلاء سابق مواقفه المشينة من ثورتهم، وناله ما يستحق من عقاب. كما يجب الحذر من أية رغبة يبديها النظام العسكري الحالي للبقاء في السلطة أكثر مما يتطلبه التحضير لنظام مدني عصري جديد، نقول هذا مع تقديرنا الشخصي الكبير للقيادة العسكرية المصرية التي رفضت الانجرار لطلبات القيادة السابقة، وحقنت دماء أبناء الشعب بقدر الإمكان، وكان لها الفضل الكبير في نجاح ثورة الشباب.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

ضعنا بين التهديد والعناد

الكويت ليست تونس.. والنظام في الكويت ليس نظام حسني مبارك، هذه حقائق لا ينكرها احد، لذلك نتمنى ألا يزايد احد على احد في هذه الحقائق. هذا أولاً.. أما ثانيا فإن التكسب الشعبي والانتخابي لا يجوز ان يكون على حساب المصلحة العامة.. فعندما يسرّ قطب حكومي كبير لبعض السياسيين من ان هناك نية لاجراء تغييرات جذرية في الحكومة بعد الأعياد، لا يجوز لهؤلاء أن يقيموا ندوة ليصرحوا بها أن حكومة الشيخ ناصر لن تبقى بعد احتفالات فبراير بل يحددوا تاريخ 3/8!! ويصل الأمر بأحدهم الى التهديد اذا بقيت فسنسقطها، وكأنه يريد ان يستبق الأحداث ليسجل له التاريخ انه من اسقط حكومة الكويت بتهديده الذي ارجف النظام!
كلنا نعرف ان النظام لن يقبل التهديد.. فالتهديد واستباق الاحداث جعلا د. عبيد الوسمي يبقى في السجن طوال تلك الفترة!! والتهديد قد يخيف الحكومات، لكنه بالتأكيد لن يخيف النظام.. لذلك نتمنى ألا نعطي فرصة للنظام للعناد والتحدي على حساب المصلحة العامة ومن اجل الايحاء بأننا أرعدناهم وخوفناهم.

لفتة كريمة
التزمت طوال الفترة الماضية بنصيحة الاخوة في القبس وبعض المحبين بأن أترك هذا «الشخص» لحاله واتفرغ لما ينفع الناس. لكن المذكور أبى إلا استمراره في الكذب والافتراء علي دون رادع من ضمير أو خلق!! بالامس ذكر أنني بنيت بيتا دون ترخيص او مخالفا لانظمة البناء مما اضطر البلدية الى وقف البناء عندي، فأظهرت للمشاهدين في احدى القنوات الفضائية تقريرا حديثا من البلدية يؤكد عدم وجود مخالفات في المبنى!! ثم اتهمني بأنني ممنوع من دخول مصر فاجرى تلفزيون الكويت معي مقابلة أثناء عودتي من القاهرة الشهر الماضي، واستنكر حصولي على ترخيص مكتب هندسي وانا مهندس ميكانيك، فاذا بي احصل على رئاسة المكاتب الهندسية العربية قبل اسبوعين!! واليوم يتهمني بانني اخذت ارضا زراعية مصرية مع احد المستثمرين المصريين من دون وجه حق وورطت الناس بها، علما بأنني استدعيت لرئاسة الشركة المالكة للارض بعد ان اصبحت الارض ملكا لها ولم أكن طرفا في شرائها.
اقول هذا الكلام نزولا عند رغبة اخ قال ان تكرار الاتهامات يؤثر في الناس ما لم يكن هناك رد، وأقول عندي لهذا الدعيّ ملف كامل عنه فيه 30 قضية صدرت ضده فيها احكام قضائية تدل على ان مجاراته والرد عليه مضيعة للوقت، لذلك سأرجع إلى التزامي السابق بأن اكتفي بما كتبته.

محمد الوشيحي

شعبٌ… مفعولٌ به

الشعوب الأوروبية ذات الهيبة يتنافس مسؤولوها على إرضائها، والشعوب العربية ذات الخيبة تتنافس على إرضاء مسؤوليها… والشعب الأميركي الشامخ تهابه حكومته وتتمسح بحذائه، والشعب العربي الماصخ يهاب حكومته ويتمسح بحذائها… والشعب الياباني الصادق يتسابق وزراؤه على وسائل الإعلام لتبيان مواقفهم ورؤاهم، وتُخصص كل وزارة متحدثاً باسمها يملأ وسائل الإعلام حركة، ويجيب عن كل الأسئلة، وينزع كل علامات الاستفهام من أذهان اليابانيين، ويخنق الشائعة وهي في مهدها، والشعب العربي المنافق تضع حكومته متحدثاً باسمها كـ»عازل الضوء» كي تتمكن من النوم، وتدفع للمرتزقة من الإعلاميين ليتولوا مهمة «عازل الصوت»، الذين ينثرون الكذب على الناس وعلى الحكومة ذاتها.
الشعوب الكريمة إذا استمرأ قياديوها ارتكاب الخطايا سحبت الواحد منهم من قفاه الكريم، وزجّت به في السجن العتيم، والشعوب العربية إذا استمرأ قياديوها ارتكاب الآثام العظام وأهانوا الكرام وأعزوا اللئام، بررت لهم وبحثت عن أعذار تنجيهم من عذاب النار، واعتلى خطباؤها المنابر «اللهم أصلح البطانة».
الشعوب الشامخة تختار لبرلمانها خيرة القوم، «وإذا الحكومة في أمها خير» فلتحاول أن تتدخل لمصلحة هذا أو لعرقلة ذاك، كي ينقلب الشعب الهادئ إلى شعب مؤزم، أما الشعوب الراكعة ذلاً فيلعب في حسبة انتخاباتها وزير أو تاجر كبير، فيساعد هذا المرشح المتدين كي يفتي لاحقاً لمصلحة ولاة الأمر، ويساعد ذاك المرشح الليبرالي، أو المرشحة الليبرالية «يا تؤبرني» كي تصوّت معه في الوقت الذي تسلّ فيه منشارها وتنتشر في مؤسسات البلد الاقتصادية، هي وأقاربها، وهات يا هبش وهات يا مشاريع ألذ من أطباق «التبولة».
الشعوب الأوروبية الأبيّة تسيطر على جمعيات النفع العام وتحوّلها إلى عصا غليظة فوق رؤوس الأنظمة، والشعوب العربية الغبية تسيطر حكوماتها على جمعيات النفع العام، و»تعيّن» أعضاء مجالس الإدارات أو تشتريهم وتحوّلهم إلى عصيّ غليظة فوق رؤوس الشعوب البليدة العبدة.
الشعوب الفاعلة تنتفض غضباً على أجهزة الأمن إذا تمادت في غيها، والشعوب المفعول بها تنتفض هلعاً من أجهزة الأمن كلما زاد غيّها… الشعوب العظيمة تنشئ وسائل إعلامها الخاصة، والشعوب «البهيمة» تُجبر على تناول علف «وزارات الإعلام»، ولا يسمح لها بإنشاء وسائل إعلامها إلا إذا كان نباحها يطرب الأذن الحكومية.
شعوب تختلف عن شعوب، والحمد لله أن الشعب الكويتي من الشعوب الكريمة العظيمة الشامخة الأبية… كح كح كح، عفواً. 
 ***
الرئيس أحمد السعدون يحلّق ويبدع على صفحات تويتر… يتحدث عن المقترح الفلاني الذي تقدم به، وما حدث بخصوصه، ويبلغ المتابعين نتائجَ هذا المقترح وذاك المشروع، بكل ثقة وصدق… أما حكومتنا فلا تريد أن تتسخ يداها عند الكتابة للشعب «واي ويع».
  ***
الزملاء المصريون هاتفوني يسألون عن مشاريع «لصوص الكويت» المقامة على أرض مصر، ويطلبون أي معلومة قد تفيدهم في «عملية التطهير والاسترداد»… لذا أتمنى على كل من يملك معلومة مؤكدة، أو شبه مؤكدة، أن يراسلني على الإيميل المنشور هنا في هذه الصفحة، أو على موقعي في تويتر «@alwashi7i»… مع الشكر والنفاذ.
ونصيحة قبل أن أنسى… «توتروا» يا أيها المؤمنون، ففي «تويتر» لا يردك إلا لسانك، وها أنا ذا أتحدث مع أكثر من 11000 «متابع» وجهاً لوجه… توتروا لا أم لكم. 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

حسن العيسى

لا نريد هدايا بل نطلب حقاً

سحب طلب التفسير من الحكومة وتنازلها عن الدعاوى، سواء تلك التي رفعها سمو رئيس مجلس الوزراء أو التي حركتها وزارة الإعلام ضد أصحاب الرأي، مسألة تستحق التقدير والشكر للحكومة، وبصرف النظر عما كان يمكن أن تنتهي به الأحكام في تلك الدعاوى لمصلحة المشكو في حقهم أو ربما ضدهم فإن ممارسة الملاحقات السياسية حين تلبس رداء القانون هي بذاتها سياسة تسلطية تتنافى مع أبسط مبادئ حقوق التعبير ونقد الشخصيات العامة. يبقى ما هو أهم من تلك الهدايا الوقتية التي قدمتها الحكومة إلى المشكو في حقهم. فليست هي قضية محمد الجاسم أو عبيد الوسمي وماذا قالا في ندوة أو كتبا في مدونة ما- فتلك مسائل فردية وإن مدت بظلالها على كل صاحب رأي حر- بل يبقى آخر الأمر تلك القوانين الجائرة مثل قانون المطبوعات والنشر وبعض نصوص قانون الجزاء وأمن الدولة وما يتبعها مثل قانون المرئي والمسموع… فتلك القوانين فتحت أبواب جهنم على أصحاب الرأي، وهي  التي شدت من أزر السلطة لتأديب أصحاب الرأي وتدجين الإعلام بشكل عام، فخلقت بذلك الوحش القبيح واسمه «الرقيب الذاتي» في قلب كل كاتب حر، وأضحينا نحسب لكل كلمة حسابها، وما إذا كانت تهز أركان «الدولة وأمنها وطوائفها وثوابتها» أم لا! وما إذا كانت تسيء إلى علاقتنا بدول صديقة أو شقيقة أم لا…! طبعاً في عرفنا الشرقي الدول الشقيقة والصديقة هي «ممشة زفر» لتحصين أنظمتها السلطوية الفاسدة من النقد…! وخير مثال حالة التيه التي أصابت معظم كتابنا أيام ثورة 25 يناير العظيمة بمصر أو قبلها بتونس، فلا يمكن نقد قيادة الرئيس حسني مبارك، ولا يمكن طبعاً أن نفعل أي شيء حتى تستقر الأمور ونعرف من هو الملك القادم، لنهلل له حين تهلل الحكومة أو نصمت بخجل حين تصمت الحكومة. 
«البلوي» القادمة، وكأن سلطتنا لا تعرف شيئاً عن ثورة التويتر والفيس بوك وغوغل، هي مشاريع القوانين التي قدمتها الحكومة لزيادة حجم العقوبات على وسائل الإعلام الخاصة، وأعدت غرامات بأرقام فلكية وعقوبات بالحبس لأي تفكير عقلي حر إذا كان يمس يقينيات طوائف أهل الخير والصلاح…! تلك وصمة عار لبلد يتنطع فيه البعض بحرية الرأي والديمقراطية، متناسين أنها ديمقراطية أعور بين عميان… لا نريد هدايا وتنازلات وقتية… بل نريد حقوقنا الثابتة في التفكير والنقد، ورمي قوانين «دراكو» ومشاريعه في مزبلة التاريخ.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

احمد الصراف

محامي الشيطان

كانت الكنيسة الكاثوليكية تعيّن من يقوم بالبحث في سيرة من تود تطويبه ورفعه لمرتبة القداسة، والتأكد من صحة ما نسب له من معجزات، وكان من يقوم بهذا يسمى محامي الشيطان Devil’s Advocate. ولو اعتبرنا اسرائيل عدوة لنا، مع العلم أننا أشد عداء بعضنا لبعض، وعلى ضوء أحداث الثورة التونسية والمصرية، واحتمالات وقوع ما يماثلها في دول أخرى، وما يعنيه ذلك من احتمال اعادة النظر أو حتى الغاء الاتفاقيات والمعاهدات السابقة، فان رفض اسرائيل المسبق للسلام معنا على طريقتنا يبدو أمرا مبررا، وشكها في مكانه من أنظمتنا، فاصرارها على مناقشة أدق التفاصيل في أية اتفاقية يمكن قبوله! ولو كان الفلسطينيون مكان الاسرائيليين لما فعلوا غير ما تفعل! فكيف يمكن لدولة بمثل وضعها الاستراتيجي الهش الوثوق بمن لا يثقون بأنفسهم وأنظمة حكمهم، خاصة بعد أن ربطت غالبية الدول العربية نفسها بالقضية الفلسطينية، أو العكس؟ وكان الأمر يهون لو تُرك الفلسطينيون لتدبير أوضاعهم مع اليهود منذ البداية، لانتهت مشاكل الطرفين منذ زمن، ولكن هذا الربط العربي بفلسطين جعل اسرائيل تخاف السلام مع أنظمة غير مستقرة متعددة المصالح والأهواء، وبالتالي فان الصلح بيننا وبينها لن يتم حتى نتصالح نحن مع أنظمتنا، وتصبح شعوبنا حرة، وقتها ستزول اسرائيل أو تذوب في المحيط الأكبر، ان رفضت السلام، وحتى ذلك اليوم دعونا «نغني» مع أحمد مطر:
أنا السببْ، في كل ما جرى لكم يا أيها العربْ. سلبتكم أنهاركم والتين والزيتون والعنبْ. أنا الذي اغتصبت أرضكم، وعرضكم، وكل غال عندكم، أنا الذي طردتكم من هضبة الجولان والجليل والنقبْ. والقدس، في ضياعها كنت أنا السببْ. نعم أنا.. أنا السببْ. أنا الذي لما أتيت المسجد الأقصى ذهبْ، أنا الذي أمرت جيشي في الحروب كلها بالانسحاب فانسحبْ. أنا الذي هزمتكم، أنا الذي شردتكم وبعتكم في السوق مثل عيدان القصبْ، أنا الذي كنت أقول للذي يفتح منكم فمه Shut up. نعم أنا .. أنا السببْ. في كل ما جرى لكم يا أيها العربْ وكل من قال لكم، غير الذي أقوله، فقد كذبْ، فمن لأرضكم سلبْ؟ ومن لمالكم نهبْ؟ ومن سواي مثلما اغتصبتكم قد اغتصبْ؟ أقولها صريحةً بكل ما أوتيت من وقاحة وجرأة وقلة في الذوق والأدبْ، أنا الذي أخذت منكم كل ما هب ودبْ، ولا أخاف أحدا، ألست رغم أنفكم، أنا الزعيم المنتخبْ؟ لم ينتخبني أحد لكنني اذا طلبت منكم في ذات يوم طلباً هل يستطيع واحد منكم أن يرفض لي الطلبْ؟ أشنقه، أقتله، أجعله يغوص في دمائه حتى الركبْ، فلتقبلوني، هكذا كما أنا أو فاشربوا «من بحر العربْ»، ما دام لم يعجبكم العجبْ ولا الصيام في رجبْ، فلتغضبوا اذا استطعتم بعدما قتلت في نفوسكم روح التحدي والغضبْ، وبعدما شجعتكم على الفسوق والمجون والطربْ، وبعدما أقنعتكم، أن المظاهرات فوضى ليس إلا وشغبْ، وبعدما علمتكم أن السكوت من ذهبْ، وبعدما حولتكم الى جليد وحديد وخشبْ، وبعدما أرهقتكم، وبعدما أتعبتكم، حتى قضى عليكم الارهاق والتعبْ، يا من غدوتم في يدي كالدمى وكاللعبْ، نعم أنا.. أنا السببْ، في كل ما جرى لكم فلتشتموني في الفضائيات ان أردتم والخطبْ، وادعوا عليّ في صلاتكم ورددوا: تبت يداه مثلما تبت يدا أبي لهبْ!!
**
ملاحظة: نشكر الحكومة على تعيين امين عام جديد للمجلس الوطني ونتمنى ان يكون احسن من سلفه، ونشكر الشيخة امثال على ازالة لوحة «انا كويتي وافتخر» المعيبة من زينة الطريق السادس.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

في ذكرى الفالنتاين

لا أحد ينكر أنه أجمل شيء في الوجود على الإطلاق، فهو بكل أشكاله جميل، وهو بكل حالاته رائع، لعل ما يميزه هو أنك تتذوق من خلاله طعم الحياة فتذوق الفرح والحزن والمرارة والشوق والحنان والزعل وغيرها من أطباق الحياة الشهية.

نعم هو الحب، الذي لا يوجد مخلوق في الدنيا إلا يبحث ويناضل من أجل الحصول عليه والوصول إليه.

إن ما يميز الحب عن غيره من أمور أنه لا يخضع للوائح أو قوانين بل إن لذته هي أن يكون بلا قانون، حراً طليقاً لا يعرف قيداً أو أسراً، هي أن تجده يأتي فجاة ولا يرحل وإن رحل جسدك، هي أن تبتسم لا إرادياً متى ما مرّت كلمة حب أو صورة جميلة تذكرك بمن تحب، هي أن تغمرك الفرحة حينما ترى من تهواه في مكان دون أن تتوقع أنك ستراه، هي أن تكتشف طعماً فريداً لا تشبعه.

ولكي تكتمل صورة الحب بأبهى صورها فهي تستوجب أن يجد الإنسان أن من يهواه بجنون يبادله الإحساس نفسه، فمن منا لم يحب؟ ومن منا لم يتمنَّ أن يكون شخصاً ما هو نصفه الآخر؟! وكم منكم يتخيل شخصاً ما بعينه وهو يقرأ هذي الكلمات، أعتقد أن مسألة الحب غير مقتصرة على مدى حبنا للطرف الآخر أو مدى استعدادنا لمنحه كل ما تزخر به أفئدتنا من عاطفة، بل هو مقدار ما هو ممكن من أن نتبادل العطاء معا لا أن يكون هناك مانح، وهناك متلق فحسب، وهنا تكمن المعادلة الصعبة جدا، قد يعتقد البعض أن حبه للطرف الآخر من الممكن أن يجبر ذلك الطرف على أن يبادله نفس الحب، ولكننا سنعود بذلك إلى نقطة البداية وهي الإجبار على الحب، وهو أمر غير صحيح، فكما قلنا إن الحب لا يخضع لقانون أو معادلة رياضية.

«اعشق بجنون+ قدم كل ما تستطيع لمن تحب= أن يعاملك من تحب بنفس الطريقة».

هذه المعادلة غير صحيحة أبداً في الحب، وكذلك هي الحال مع «لكل فعل ردة فعل» لنيوتن، فهو أمر لا ينطبق على الحب، فلا يكابر أحدكم ويعتقد أنه سيجبر من يحب على أن يحبه، اصرفوا النظر عن هذه الحالة التي إن نجحت فسوف تكون زائفة وغير واقعية أبداً.

الحل إذن أن تجد من يستهويك قلبه بقدر ما يستهويه قلبك، وهو بحث قد يكون شاقاً للبعض، وقد يكون سهلاً للبعض الآخر، ولكنه الحل الوحيد وتبعاته تفوق الوصف في الروعة.

آخر الكلام:

(الحب إنسان… وعنده لسان… ويتكلّم… ويعرف يفرح ويتألم… بس يختلف عن بقية البشر… ما يعرف يخون… ولا عمره غدر… وعنده إحساس.. . قدر «وايد» يحطم ناس… كان الخوف عنوانهم… وكلمة ياس نيشانهم… «بس اهوا» ما يعرف الياس… ولا يعرف له أي عنوان.

الحب إنسان… فيه بركان… من الشوق ومن الذوق… وحرية ما لها أي طوق… الحب «غريبة أطباعه»… ولا يهمّه «منو باعه»… و«إهو زعلان… يظل فرحان».

الحب إنسان… ما يعرفك لمصلحة… ولا بفلوسك تربحه… و»محّد قدر» يلغيه أو يمسحه… وما يسلاك لمّا تموت… ولا يعتبرك من الماضي تمر وتفوت… ولا يعرف أبد نسيان.

الحب إنسان… الحب حلم وواقع… ومهما صار يظل عن نفسه يدافع… هذا الحب يا السامع… ياليت منّه تتعلم… «كيف الواحد يكون إنسان»).

ملاحظة: الأسطر السابقة مقال قديم لي في مجلة «أبواب» العزيزة مع بعض التعديلات رأيت أن يوم 14-2 موعداً مناسبا لنشرها… وكل عام ومن نحب بخير.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

سامي النصف

لماذا حدث ما حدث في مصر؟!

الجماهير الملايينية التي خرجت تطالب مبارك بالرحيل تعادل في عددها الجماهير الملايينية التي خرجت إما لتطالب عبد الناصر بالعدول عن استقالته (يونيو 1967)، او لتودعه عند رحيله (سبتمبر 1970)، الغريب ان المعادلة الصحيحة والمنطقية كانت تقتضي العكس، فقد خسر ناصر السودان وبعدها سورية وسيناء وغزة مرتين، وأدخل مصر في سلسلة حروب وهزائم عسكرية وقمع وزوار فجر، وكان مستوى العيش لـ 20 مليون مصري يقل كثيرا عن مستوى عيش 84 مليون مصري إبان حكم مبارك الذي حرر الأرض وأوقف الحروب وأدار عجلة التنمية والاستثمار بأقصى سرعتها وزاد عدد السائحين من عشرات الألوف إبان عهد ناصر الى عشرات الملايين في عهده.فما سبب نجاح الأول وفشل الثاني؟! (واضح ان الانجاز ومنح الحريات لا يكسب بذاته قلوب شعوبنا التي تحركها العاطفة لا العقل).

أول أسباب ما حدث مؤخرا هو «متوازية الفساد وحرية الإعلام» ففي عهد عبدالناصر كان فساد المشير عامر وصلاح نصر وزمرة ضباطه أكثر استشراء واتساعا دون مردود على الدولة، الا ان الشعب لم يغضب او يثر، كونه لا يعلم عنه شيئا لسيطرة النظام على الإعلام، بينما سمح عهد مبارك بالحريات الإعلامية من صحف وفضائيات التي تابعت كشف ـ بحق او باطل ـ قضايا الفساد دون رد من النظام بتصحيح المسار او بتفنيد الادعاءات، حتى تكونت صورة شديدة القتامة والسواد عن العهد، اختفت داخلها انجازاته ولم يسمع احد صوت وزير الإعلام أنس الفقي قط حتى سقوط النظام إلا عندما اتصل بالأمس ليرد على د.مصطفى الفقي.

(تجارب الشاه وبن علي ومبارك تدل على ان دعاوى الفساد هي الأكثر اثارة لمشاعر وغضب العامة حتى مع وفرة الانجاز حيث يصدق الناس أحيانا ما يسمعون ويكذبون ما يرون).

سبب آخر هو عدم استخدام العقلاء والحكماء والأذكياء للقراءة الصحيحة للأحداث وخلق ما هو أشبه برادارات الانذار المبكر، مما نتج عنه قراءات خاطئة تماما لأحداث تونس التي لو بدأ الاصلاح مبكرا ومتوازيا معها لتغيرت الأوضاع بشكل جذري، ومثل تلك القراءات الخاطئة لتداعيات تزوير نتائج الانتخابات الأخيرة والحصول على 100% من الكراسي النيابية مما أثار ضيق وغضب الشارع وقواه السياسية، وفي مرحلة لاحقة خطأ ارسال البلطجية والخيول والجمال الى ساحة التحرير، وسحب رجال الأمن من الشوارع، وخطب الرئيس الخاطئة في المضمون والتوقيت وأفضل منها لو انه تنحى ـ كما كتبنا في مقال سابق ـ في وقت مبكر وخرج محافظا على سمعته وكرامته وانجازاته.

ومن الأمثلة الصارخة على نجاح عمليات تسويد الصورة بشكل غير معقول، تصديق الشعب المصري لاكذوبة جريدة «الغارديان» الغوبلزية التي يقصد منها زيادة النار اشتعالا بأن الرئيس مبارك اختلس 70 مليار دولار (420 مليار جنيه مصري) علما بأن الميزانية المصرية تدقق من قبل 6 جهات رقابية يرأسها الشريف جودت الملط، بينما لم تثر للمعلومة الشعوب على حكومات «ثورية» في المنطقة يستولي بعضها على دخل النفط بأكمله وبعضها الآخر على ميزانية الدولة بأكملها، كما ان مشاريع الوزراء أحمد المغربي وزهير جرانة هي في الأعم اقامة مدن اسكانية خاسرة في الأغلب فكيف لهم ان يكوّنوا المليارات المدعاة؟ (ان الأنظمة لا تنهار فجأة بل تتآكل تدريجيا مع كل دعوى فساد او اخفاق لا تحارب او ترد او تصحح).

وقد استطاع عبدالناصر بالأمس وإيران اليوم تعويض اخفاقات الداخل بنجاحات السياسة الخارجية، لذا كان ناصر والثورة الايرانية مؤثرين بشكل مباشر في أوضاع العراق وسورية ولبنان وفلسطين واليمن وباقي دول المنطقة، في وقت اختفى فيه دور مصر الخارجي في أفريقيا والمنطقة العربية في السنوات الأخيرة حتى أصبح لا يزيد عن دور دول عربية صغيرة كجيبوتي وغيرها (الشعوب لا تمانع أحيانا ان تبيت جائعة لو وعدتها الأنظمة بالكرامة والأحلام الوردية المستقبلية).

آخر محطة

(1): أظهر مؤشر عدم الاستقرار لدول المنطقة في عدد مجلة الايكونومست الانجليزية الرصينة ان اليمن (88%) وليبيا (72%) يأتيان في مقدمة البلدان المرشحة لعدم الاستقرار القادم وقطر والكويت في آخرها بنسب تقارب (20%) (طبق الأصل).

(2) مع سقوط دولة الوزير حبيب العادلي نرجو ان يماط اللثام عن مصير زميلنا في «الأنباء» والأهرام الصحافي الميت الحي رضا هلال فلم يعد هناك سر في مصر.

(3) صدر عن الاخوان المسلمين بيان رائع أكدوا فيه دعوتهم للدولة المدنية وان الدولة الدينية ضد الإسلام فكيف يقفون معها؟ أفلحوا ان صدقوا.

(4) من الدروس المستفادة حاجة الدول المنجزة المستقرة الى عمل اعلامي مدروس ومنظم لتحسين الصورة، فالانجاز وحده لا يكفي.. والحديث ذو شجون!

احمد الصراف

دورك يا وزير الداخلية

معالي وزير الداخلية، لا شك لدي في اخلاصك واخلاص من سبقك. وأعتقد، من سابق خبرتك، أنك تعرف أن الداخلية مخترقة من محترفي دفع الرشوة ومن العناصر الفاسدة، وما نقرأه يوميا عن مخالفات رجال الأمن، ومنها قضية الميموني، إلا مثال صارخ على مدى تردي وضع الوزارة وضرورة تدخلك لوضع حد لكل هذا التشدد المفرط في جهات، ولين مفرط في جهات أخرى. فقرارات الوزارة مثلا تمنع دخول جنسيات معينة للبلاد إلا ضمن أضيق الحدود. كما تتشدد في منح استمارة أو إجازة قيادة مركبات لفئات من المقيمين، وتمنع التعليمات تعذيب المتهمين، وأخرى تمنع دخول المتسولين، وغير ذلك الكثير. ولكننا نرى أن كل هذه غير معمول بها بصورة سليمة، فالمركبات غير الصالحة تملأ الطرقات، ومنح الاستمارات وإجازات القيادة لغير مستحقيها مستمر، و«غير المرحب» بهم من جنسيات محددة يملأون البلاد، كما يسرح المتسولون من اصحاب «المشاريع الخيرية» في كل مكان ومناسبة دينية، ويحدث كل ذلك بلا شك، أكرر بلا شك، لأن هناك من يدفع وهناك من يقبض، أو لوجود واسطة، ولوجود من لا يتردد في مخالفة التعليمات وتعذيب المعتقلين في المخافر وجهات التحقيق وضمن جدران المباحث وسجون أمن الدولة!
نحن لا ننادي هنا بفتح أبواب الزيارة أمام المتسولين ومواطني الدول «المزعول عليها»، وإعطاء إجازة القيادة لكل طالب لها، والتراخي في التعامل مع المتهمين، ولكن نطالبكم من موقعكم الحساس بالعمل على القضاء، أو البدء في القضاء على الفساد المستشري في وزارة الداخلية، من خلال تخفيف إجراءات الزيارة وتطوير عملية مراقبة الزوار من خلال أحدث التقنيات، فلا يعقل أن يرفض طلب زيارة ابناء لوالديهم من دون دفع المقسوم أو التعرض لمذلة الواسطة! والقصص المماثلة كثيرة، وما عليك سوى تشكيل لجنة للنظر في الموافقات الحالية لتعرف من الذي يقبض ويسهل ما ستتشدد أنت، أو من سبقك في المنصب، فيه!
أما اللين فيكمن في طريقة التعامل مع تجاوزات العاملين في وزارة الداخلية، سواء ما تعلق بتجاوزاتهم الأمنية التي تملأ صفحات الحوادث يوميا، أو ما يتعلق بانتهاكات حقوق المتهمين الإنسانية، وطريق الإصلاح واضح ومعروف ولا يحتاج الأمر غير السير فيه، عدم الرد على اعتراضات أصحاب المصلحة في بقاء الأوضاع على ما هي عليه.

أحمد الصراف

سامي النصف

الليلة الكبيرة

في التراث والموروث المصري هناك ما يسمى باحتفالية المولد أو «الليلة الكبيرة» وهي ليلة تحتشد فيها الجموع وتمتلئ بالحركة والأنوار والأصوات وتسعد بها الجموع، إشكالية تلك الليلة تأتي عادة في صباح اليوم الذي يليها عندما يكتشف بعض المشاركين فيها انه صرف كل ما يملك ولم يعد لديه ما يكفيه لنهاية الشهر، ويكتشف آخر انه سُرق أو نُشل إبان نشوته أو فرحته وتذهب حقائق وأرقام اليوم التالي بسعادة وفرحة تلك الليلة.. الكبيرة!

في عام 1882 فرح الشعب المصري بالليلة الكبيرة التي أقامها أحمد عرابي وفي اليوم التالي اكتشفت الجموع ضمن كشف حساب الصباح ان الاسكندرية قد احرقت ونهبت وان الجيش المصري قد دمر في معركة التل الكبير أمام الجيش البريطاني بقيادة «ولسلي» الذي أسرى بجنده ليلا من الغرب إلى الشرق بتعاون وتخاذل من القائد «خنفس» في جيش عرابي وبدأ هجومه فجرا من حيث لا يحتسبون وبدأ مع الانتصار الاحتلال الانجليزي الذي دام سبعين عاما، لذا ما ان عاد عرابي لمصر عام 1901 حتى سمع قصائد الهجاء من شوقي والتخوين من الزعيم مصطفى كامل فدخل بيته ولم يخرج حتى مماته.

في 28 مارس 1954 وبعد «الليلة الكبيرة» التي حدثت في يوليو 1952 انقسم مجلس قيادة الثورة الى من يدعو لعودة الجيش للثكنات وعودة الديموقراطية والعمل بدستور 1923 الذي أوقفه وزير الداخلية سليمان حافظ بمعاونة محسن حافظ رئيس الفتوى والتشريع لاحقا بالكويت، ومن يدعو الى إيقاف الديموقراطية، وخرجت أغرب مظاهرات ملايينية في التاريخ تدعو لسقوط الديموقراطية وإيقاف الحرية وإبقاء الجيش الذي لم يعد لثكناته بعد ذلك وتعرضت مصر في حساب اليوم التالي الى القمع وزوار الفجر وفتح المعتقلات وتتالي الهزائم العسكرية والنكبات.

في 15 مايو 1971 أطلق الرئيس محمد أنور السادات ليلته الكبيرة أو ما أسماه بثورة مايو التصحيحية استبدل خلالها الأنظمة والقوانين القمعية بقوانين أكثر قمعا منها ابتدأها بإصدار أحكام بالإعدام والحبس المؤبد على من أسماهم حليفه هيكل بـ «مراكز القوى» كونهم فقط تقدموا باستقالاتهم من مناصبهم (!) وكرت السبحة بقوانين العيب وقمع مظاهرات الخبز وانتهت بسجنه لقيادات التوجهات السياسية المختلفة والمخالفة لنهجه، ما أدى الى اغتياله في 6 أكتوبر 1981 وتولي الرئيس «السابق» حسني مبارك لمقاليد الحكم وتعهده بأن يترك الحكم بعد دورة رئاسية واحدة (استمرت 31 عاما!).

آخر محطة:

(1) تسبب تعليق الدساتير والقوانين في سجن سليمان حافظ وهيكل من قبل نفس الأنظمة التي طبلا وهللا لها عند استباحتها للتشريعات.

(2) طالب هيكل في لقائه مع الإعلامية الجميلة منى الشاذلي بأن يكون رئيس الجمهورية كملكة بريطانيا لا يتدخل في شؤون البلاد ولا يرسم سياستها بل يتم الرجوع له عند الخلاف.. لماذا يطبل هيكل لعبدالناصر الذي قام بعكس ذلك تماما؟! ولماذا لا يعتذر عن ذلك الخطأ الفادح من قبله؟! وما أكثر تنظيرات هيكل الخاطئة التي لا يعتذر عنها قط!

احمد الصراف

ما الذي حدث؟

تاريخيا، عارض رجال الدين التعليم، وخاصة للإناث. وواجهت خطط توفير التعليم للبنات في السعودية مثلا، في سبعينات القرن الماضي، معارضة شديدة منهم بحجة أنهن سيتعرضن للمضايقة في الطريق، فتعهدت الدولة بتوفير الحافلات، سكتوا، ثم اعترضوا بحجة امكان تلفظ المارة عليهن بما يسيء وهن في الحافلات، فظللوا زجاجها بما يمنع الرؤية، فسكتوا ثم اعترضوا أيضا بحجة عدم معرفة ما يجري في داخلها، وخطورة اختلاء السائق بهن، فتم توظيف زوجات السائقين كمرافقات لمنع الاعتداء! هذا ليس خيالا، بل هذا ما رواه لي «أبوعطيش» الذي كان والده يعمل سائق حافلة في ذلك الوقت، وكانت أمه مراقبة له على الحافلة نفسها!
هلع رجال الدين، ورفضهم تعليم الفتيات لم يكن من منطلق الخوف عليهن، بل الخوف منهن! فقد سبقه خوفهم واعتراضهم على تعليم الذكور، وعندما توفر التعليم لهؤلاء ركزوا جهودهم على منع تدريس مواد كالكيمياء والفيزياء والمنطق والفلسفة، ولا يزال الكثير منهم يحرم تعلم الإنكليزية، لما يؤدي إليه تعلمها من انكشاف على «الكفار»! كما أن اعتراضاتهم هذه تنبع أيضا من رغبتهم في الاحتفاظ بمكانتهم كـ«علماء»، وأن يبقوا مصدر العلم والمعرفة الوحيد. وأتذكر، عندما عملت لدينا خادمة، أن البعض حذرنا من السماح لها بعطلة الأحد، لأنها ستتعلم وتطالب بحقوقها! وهذا يعني أنه كلما زاد جهل العامل، أو حتى الابن أو الابنة، والمواطن بشكل عام، سهلت قيادته، ومن هذه الزاوية يمكن تفهم سبب اعتراض «الملالوة» على تلقي العامة للعلم من على يد غيرهم!!
ما حدث في تونس ومصر أكد ويؤكد صحة مخاوف رجال الدين، فبغير العلم والانفتاح على العالم وتعلم لغاته والاحتكاك بثقافاته ما كان لهؤلاء الشباب أن ينهضوا ويطالبوا بحقوقهم المدنية والإنسانية، فهؤلاء لم يكونوا في غالبيتهم مجموعة من الغوغاء الجوعى العاطلين عن العمل، بل عكس ذلك تماما، فما تلقوه من تعليم وما اكتسبوه من ثقافة ومعارف جعلهم يعقدون المقارنة تلو الأخرى ويطرحون السؤال بعد الآخر عن سبب كل هذا الظلم الذي يحيط بهم، وكل هذا الفساد المالي والإداري الذي لا يسمع به في الغرب مثلا، ولماذا تتداول السلطة في دول العالم وليس في بلدانهم؟ ولماذا تتمتع شعوب متواضعة، تاريخا وإمكانات، بكل هذه الحريات، ولا يوجد ما يقترب منها لدى أحفاد هنيبعل والفراعنة؟ ولماذا يعيش الناس كالبشر هناك ولا يوجد ما يماثل ذلك هنا؟ وغير ذلك العشرات من الأسئلة التي فجرها التعليم في أذهان هؤلاء ومكنهم من رؤية ما يجري في العالم وتحليله والاستفادة من تقنيات الاتصال الحديثة التي جعلت العالم قرية صغيرة.

أحمد الصراف
[email protected]