سامي النصف

هل وصلت كرة النار للخليج؟!

السؤال الاهم الذي يطرحه كل خليجي هذه الايام هو: هل دول الخليج مستهدفة ومستقصدة فيما يجري من متغيرات بمنطقة الشرق الاوسط خاصة بعد احداث دوار اللؤلؤة في البحرين الشقيقة وهل وصلت كرة النار لملاعبنا الخليجية؟! الاجابة صعبة ومختلفة باختلاف مواقع تلك الملاعب سياسيا وجغرافيا ولكن يمكن الحديث عن بعض الرؤى الخليجية «القلقة» مما يجري، ومنها:

هناك من يرى ان المستهدف مما يحدث في منطقة الشرق الاوسط ليس الانظمة الاكثر قمعا وقهرا لشعوبها والاقل تنمية لبلدانها حيث لا تتعرض مثل تلك الانظمة للقلاقل وان تعرضت فهي تنتهي كزوبعة في فنجان، ولكن المستهدف الحقيقي هو الانظمة الاكثر «استقرارا وانجازا» في المنطقة، ويعتقد هؤلاء ان الثورات والاحتجاجات هي نوعان الاول فاعل ويحظى بتغطية اعلامية عالمية واسعة ويستهدف الانظمة المستقرة مما يتسبب في سقوطها او اضعافها، والثاني محدود التأثير ويغطى عادة بأقل كم من الاضواء ويوجه للانظمة الثورية مما يجعله لا يؤثر بها.

ويضيف اصحاب تلك الرؤية ان دلالات استهدافهم هي ما حدث في الاشهر القليلة من متغيرات ضخمة تسببت في ابعاد علاوي في العراق والحريري في لبنان واسقاط نظامي بن علي في تونس وحسني مبارك في مصر وقيام قلاقل شديدة في البحرين واليمن والاردن المحيطة بإحدى دولنا الخليجية الرئيسية، وان الاحداث المتتالية في تلك الانظمة والدول الحليفة او القريبة يصعب تفسيرها او تبريرها بنظرية «الصدفة» الجغرافية او السياسية وان الثورات الحالية في الدول الثورية زادتها قوة بعدما استغلت الظرف وزجت بمعارضيها وخصومها في السجون امام العالم اجمع دون ان يحرك احد ساكنا.

ويسترسلون للقول بأن الدلالات الاولى لما حدث في مصر غير مشجعة على الاطلاق، فالاعلام المصري الذي يشكل الرأي العام في اكبر بلد عربي قد استدار بمقدار 180 درجة واصبح اكثر من يستضاف ويقول بترويج افكاره الثورية هذه الايام هم ساسة واعلاميون امثال هيكل وحمدين صباحي ومصطفى بكري وثلاثي قنديل «حمدي وعبدالحليم ووائل» وان لهؤلاء رؤى مشتركة معادية للانظمة المحافظة وقريبة من رؤى احد القيادات الثورية القريبة جغرافيا من مصر والذي قتل امس وبدم بارد 90 ضحية.

ويستغرب هؤلاء من ادوار الاعلام العالمي ذي الرؤى المزدوجة حيث ينقل ذلك الاعلام قصصا كالخيال تزيد النار اشتعالا كحكاية ثروة الرئيس المصري السابق التي جاوزت حسب زعمهم 70 مليار دولار، ثم اكتشف ان مصدر الخبر هو جريدة «الخبر» الجزائرية وقد نشرته تلك الصحيفة غير المعروفة ابان حرب الفجور الاعلامي بين مصر والجزائر على تداعيات المباراة الكروية بين فريقيهما والتي يعتقد البعض انها حرب كانت منسقة ومتفقا عليها بين الاجهزة الامنية في البلدين، ويتساءل هؤلاء عن سبب عدم تطرق الاعلام العالمي لثروات رجال الثورات والفساد ومنع المظاهرات في بلدانهم بالرصاص وهي امور لم يقم بمثلها النظامان السابقان في مصر وتونس.

آخر محطة:

1 ـ يخبرنا مسؤول خليجي رفيع المستوى ابان جولتنا الخليجية بأن اسقاط نظام صدام تم عبر استمالة وزير نفطه ممن كان يعطيه اخبارا كاذبة عن سرقة الكويت لنفط العراق مما ورطه في غزو الكويت واسقاطه في النهاية.

2 ـ هل تم اسقاط مبارك عبر استمالة وزير داخليته حبيب العادلي الذي افتعل حادثة كنيسة الاسكندرية لاثارة الاقباط ثم سمح بالمظاهرات وسحب رجال الأمن واطلق «البلطجية» وحث على التعدي على ممثلي الصحافة الاجنبية؟! وهل تورط العادلي في اسقاط النظام أمر يدعو للطمأنة؟! حفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه.

حسن العيسى

بدون أمل…

خرجوا متظاهرين ومشاغبين لأنهم يشعرون بالظلم وفقدان الأمل، نسميهم في الكويت "بدون" أو المقيمين بصورة "غير قانونية"، فقدوا الأمل رغم أن المجلس والحكومة أقرا المجلس المركزي لحل معضلة "البشر" المحرومين من الهوية الوطنية، لكنهم يرون أن هذا الجهاز لا يختلف عن سابقه مثل اللجنة التنفيذية للمقيمين بصورة غير قانونية! ومن يخلق القانون، ومن يحكم بعدالته أو جوره هو واحد، وهو الخصم وهو الحكم.

سألت أحد هؤلاء البشر (أو كما يعشق أن يسميهم الكثيرون من أمراء النازية الكويتية بالبدون الكذابين، أو المزورين) عن سبب تظاهرهم أمس الأول، ولمَ قذفوا رجال الأمن بالحجارة، كما يقول عدد من الشهود. أخبرني بأنه ربما كان هناك "محرض" أو "محرضون" غير مقدرين لعواقب الأمور، لكن ليس هذا هو المهم، ما يهم أن عدداً منهم أصيب بالإحباط من كثرة الوعود الورقية، من صعود الأمل ثم خفوته، ولا شيء يحدث على أرض الواقع لحل أزمة الهوية… كل الحلول التي قدمت ترقيعية… ومسكنات ألم مؤقتة… تزيد من مرض فقدان الهوية والوجود الإنساني ولا تستأصله… هناك ما يقارب 93 ألف "بدون" نصفهم تقريباً مسجلون في إحصاء 65 الذي وعدت السلطات بمنحهم الجنسية إذا توافر شرط الإقامة الدائمة وغيره من شروط…! لكن هذا لم يحدث… إحصاء 65 لا يختلف عن قانون منع التدخين في الأماكن العامة… جماعة إحصاء 65 لهم وضع أفضل من غيرهم الذين لا يشملهم الإحصاء ما لم يكن الأخيرون لهم واسطة… فيستحقون ميزات الجنسية أو الجنسية بدون تعب…!! الوضع الأفضل لجماعة إحصاء 65 أن لديهم بطاقة مراجعة. جدوى هذه البطاقة التي لا تخول صاحبها غير هوية اللاهوية مراجعة اللجنة كل سنة أو سنتين… حسب مزاج الإدارة الأمنية… هي لا توفر العلاج ولا فرص الدراسة ولا العمل بصورة عامة… فائدة البطاقة أنها بطاقة تحمل رقماً… لواحد غير محسوب.

أخبرني من تجربة شخصية بحجم محنة البدون… أنه، مثلاً، إذا أراد تسجيل ميلاد طفل… يطلب مني في إدارة تسجيل المواليد أن عليه "مراجعتهم" بعد أسبوعين حتى "تراجع" هذه الإدارة لجنة المقيمين بصورة غير قانونية… فإذا حضرت بعد أسبوعين… قالوا لي نعطيك شهادة الميلاد، لكن عليك توقيع شهادة تقر فيها بأنك سعودي، أو عراقي… أو تنتمي إلى دولة ما…!! يقول لي: لا أمانع التوقيع… لكن ما جدوى هذا الإقرار الذي لا تأخذ به السفارة السعودية فهو لم يصدر عنها… ما فائدته غير فرض واقع إنكار هويتي الوطنية بنفيها بإثبات انتماء جذوري قبل عقود من الزمن إلى دولة ما، لم أولد فيها ولم يكن لي غير الكويت وطن.

هكذا تمضي قضية "البدون" وهكذا نسجل للتاريخ كيف نهرب من الواقع إلى المجهول وإلى الوعود بالأحلام الجميلة التي لم تكن سوى كوابيس مرعبة.

احمد الصراف

لو كانوا يقرأون لاتعظوا!!

لا أعتقد أن أحداً سمع أو شاهد بذخاً احتفالياً كالذي أقامه آخر اباطرة إيران. وقلة من زعماء العالم عاشوا بكل ذلك السمو والعز اللذين عاشهما الشاه الراحل، ومع هذا مات مشردا مريضا بعد أن لفظه الجميع، لا يحيط به إلا البؤس والحزن. ولا أعتقد أن طعم مئات كيلوغرامات الكافيار التي تناولها في حياته، إضافة الى أشهى الأطعمة وأغلاها، ومئات القبلات التي تبادلها مع أجمل نساء العالم، قد خففت في ساعاته الأخيرة من طعم المرارة في فمه. الأمر ذاته سرى على شاوشيسكو، دكتاتور رومانيا، الذي أعدم مع زوجته كالمجرمين بعد انقلاب شعبه عليه، وبينوشيه، دكتاتور تشيلي الذي مات مطاردا، ودكتاتور السودان جعفر النميري، وعيدي أمين (أوغندا)، ونوريغا، (بنما)، ودوفاليه، (هايتي)، الذي عاد لوطنه قبل أيام مفلسا ذليلا، وماركوس الفلبين، وضياء الحق (باكستان)، وصدام حسين، وأخيرا زين العابدين وحسني مبارك وغيرهم الكثير، ولا يمكن أن تخفف متع السلطة وهيبة وروعة حكم الناس على مدى عشرات السنين من جحيم حياتهم، أو ما تبقى منها، إن لفظتهم شعوبهم ورمتهم للذل والمطاردة والخوف والمحاكمة وربما السجن أو الإعدام! ولو كان هؤلاء يقرأون التاريخ، أو يرضون بالتعلم منه، لما أصابهم كل هذا الذل ولما تعرضوا لكل هذا العذاب، ولما خسرت شعوبهم كل تلك الأرواح البريئة والخسائر المادية الطائلة. ومن سمع وقارن خطاب حسني مبارك الأخير، الذي امتلأ بالتحدي والإصرار على البقاء في السلطة، والذي يشبه الخطاب الذي ألقاه شاوشيسكو في آخر أيامه في الحكم، لشعر بمدى انقطاع الصلة بين الدكتاتور وشعبه وبما يجري حوله. فهذا الذي حمل على أكتافه خبرات عسكرية وإدارية ورئاسية امتدت لـ 61 عاما، فشل حتى في صياغة خطاب وداع لائق، وكان فشله دليلا على أنه لم يكن يقرأ ليفهم، أو يفهم ليقرأ!
***
ملاحظة: ترك رجل الدين يوسف القرضاوي لرفاهية عيشه في وطنه «قطر» وسفره لتقشف عيشة مصر لم يكن لغير خطف ثورة شبابها لمصلحة حركة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها! يقول المثل «الذيب ما يهرول عبث».

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

يا بوعيسى… هل نُكافأ بمجزرة؟

 

بوعيسى… ولي العهد نائب القائد الأعلى الأمير سلمان بن حمد آل خليفة… تحدثت مساء الجمعة من قلبك… وبودي أن أتحدث اليك من قلبي… في ظرف خطير مخيف مقلق متأزم لم تشهد له بلادنا الغالية مثيلاً.

يا بوعيسى… شعب البحرين من أطيب وأكرم وأنبل الشعوب في الدنيا…

يا بوعيسى… شعب البحرين من أكثر الشعوب حباً وارتباطاً وانتماءً وعطاءً وتضحيةً للبحرين الغالية.

شعب البحرين… شعب مثقف متحضر توّاق للنمو والتطور وبناء مستقبل زاهر للأجيال القادمة.

شعب البحرين… بطائفتيه الكريمتين أجمع على شرعية الحكم، وكان صادقاً كل الصدق في المشاركة بالمشروع الإصلاحي أملاً في حياة جديدة… قلت يا بوعيسى إنك مواطن بحريني مسلم وطالبت بالعودة للخلق البحريني الأصيل… يا بوعيسى، من المسئول طوال السنوات التي مضت عن التشكيك في انتماء الطائفة الشيعية؟ واعذرني على هذه الكلمة فقد أصبحت فرضاً لا مناص منه… قلت إننا بلد بحرينيين، وكل البحرينيين، يتشرفون ببلادهم ولا يوالون غيرها ولا يحبون غيرها ولا ينتمون إلى غيرها… فمن أين ولماذا ومن سمح بدخول الفيروسات إلى جسد البيت البحريني ليعملوا ليل نهار في إعلامهم وفي منتدياتهم الإلكترونية وفي ندواتهم وأوكارهم لينشروا الاتهامات، ويصفونهم بابشع الصفات، وتصرف لهم الأموال والدعم والغطاء لينشطوا ليل نهار في الإساءة لمواطنين… لماذا يا بوعيسى؟

يا بوعيسى… البحرينيون الشرفاء من السنة والشيعة، كانوا ولازالوا مع بعض على طول المسيرة صادقين في المواقف… شاركنا في الإجماع الوطني ورفضنا دعوات التفتيت والعنف، وشباب البحرين اليوم يسير نحو المشاركة في الحياة العامة بالأسلوب السلمي، ليثبتوا للعالم أنهم أصحاب مطالب سلمية من أجل الوطن، ومن أجل التغيير والإصلاح والتقدم… تلك الصورة السوداء مضت إلى غير رجعة بإيمان الشباب… صورة جيب الشرطة الذي يحترق ولت إلى غير رجعة… وجاءت صورة الجيب الذي ترك في الشارع ليأتي الشباب في حركتهم السلمية ويعلنوا حبهم للوطن بنشر بيرق البحرين على الجيب، فيأتي رجل محسوب على الأمن فيلقيه على الأرض بلا أدنى احترام.

يا بوعيسى… تحدثت مع وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، في المؤتمر الصحافي لوزراء خارجية دول التعاون الخليجي وكنت صادقاً والله في القول بأن الشيعة يؤمنون بشرعية الحكم وكانوا صادقين في دعم المشروع الإصلاحي، وهم صادقون في مطالبهم الإصلاحية، وإن غضبوا واحترقت قلبوهم ورددوا هتافات لأنهم يرون زهور الوطن ذبحوا.

يا بوعيسى شعب البحرين بكال فئاته لايمكن أن يشك أحد في انتماءاته الأصيلة وشعب البحرين كريم نبيل وأنبل ما فيه أنه يقدم دمه من أجل بلاده…

حفظ الله البحرين وأهلها من كل مكروه

سامي النصف

البحرين.. سنوات مضيئة ودموع حزينة

لا يمكن لنا في الكويت ان ننسى مواقف العز والشرف والأخوة الصادقة لمملكة البحرين قيادة وحكومة وشعبا عندما ارسلت سرايا دباباتها ومشاتها لتحرير الكويت عام 91 ومرة أخرى للدفاع عنها ضمن درع الجزيرة عام 2003، مستذكرين مشاركة سلاحها الجوي في مئات الطلعات إبان معارك التحرير وتسخيرها كافة مرافقها لخدمة الكويتيين إبان الغزو الغاشم، وقبل ذلك مشاركة بوارجها البحرية في إزالة الألغام التي كانت تعترض ناقلات النفط الكويتية إبان الحرب العراقية ـ الإيرانية 8(7)1988.

مع تولي جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم في 6/3/1999 اعلن انه يرغب في أن يحكم شعبا سعيدا لا ان يحكم شعبا مقهورا، وبدأ منذ اللحظة الأولى في العمل الجاد لتحويل ذلك الحلم الى حقيقة، فأصدر عفوا عاما عن كل المعتقلين والمبعدين واعاد الجنسية لمن اسقطت عنهم، كما سمح بتأسيس النقابات العمالية والجمعيات السياسية لتعزيز أسس المجتمع المدني وزيادة المشاركة الشعبية، وألغى قوانين ومحاكم أمن الدولة.

في 14/2/2001 وافق الشعب البحريني الشقيق بنسبة 98.4% على ميثاق العمل الوطني وبدأت حياة سياسية وديموقراطية حرة في المملكة يحسدهم عليها الكثيرون، كما تم إنشاء معهد «التنمية السياسية» الأول من نوعه في الخليج بقصد تنمية الوعي السياسي بين المواطنين، كما فتح الباب لأي مواطن بحريني لأن يطعن امام المحكمة الدستورية في أي تشريع يشعر بعدم دستوريته حتى لو اقر التشريع المعني من قبل الحكومة والمجلس البرلماني.

كما صدر الأمر الملكي بإنشاء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وفازت البحرين وبأغلبية ساحقة بعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعد التحقق من سجلها، وأصبحت المملكة تتصدر المؤشرات العالمية في الحريات السياسية والاعلامية والشفافية الاقتصادية، وزاد معدل الدخل تباعا ما بين 2002 و2008 الى ما يقارب الضعف (من 4708 دنانير للفرد الى 7527) كما زاد الناتج القومي من 3.1 مليارات دينار عام 2006 الى 7.2 مليارات دينار عام 2009 وهي ارقام ونسب اقرب للإعجاز في الانجاز ولم تتحقق لأغلب دول العالم الأخرى.

وطالت النهضة وبرامج الاصلاح جميع أوجه الحياة ضمن برنامج رؤية البحرين 2030 القائمة على ترسيخ اسس العدالة والتنافسية والتنمية المستدامة، كما عممت تجربة مدارس المستقبل والتعليم الالكتروني وتوسعت اعمال التدريب المهني (البوليتكنيك) ضمن اصلاح المسار التعليمي، وأنشئ المجلس الأعلى للمرأة وعزز دور ديوان الرقابة المالية وأقيمت عشرات آلاف الوحدات السكنية كما خضعت الخدمة الصحية لرقابة البورد الكندي، كما اقيمت العديد من مشاريع التنمية الضخمة على اراض مسترد اغلبها من البحر مثل ميناء خليفة ومدينة سلمان الصناعية وحلبة البحرين وجسر سترة وغيرها من انجازات كبرى عززت من وجه البحرين الحضاري ودعمت بشكل كبير الدور المالي والمصرفي للمملكة بهدف زيادة الدخل وتحقيق الرفاه وتقليل الاعتماد على النفط.

أخيرا.. إن آخر ما تحتاجه مملكة البحرين الشقيقة ضمن مسار العشر سنوات المضيئة الماضية هو ادوار خفية حالية تستهدف استقرارها السياسي وامنها الوطني، ان المطالب الوطنية في الانظمة الديموقراطية تمر عبر الحوار الجاد تحت قبة البرلمان لا خارجه، فكتلة الوفاق تحتل ما يقارب نصف مقاعده اي انها ليست كتلة مهمشة ولا تحتاج للجوء للشارع وهو امر يضر بالاقتصاد الوطني ويضرب كل انجازات الماضي ويرجع الجميع الى المربع الأول اي مرحلة ما قبل الميثاق، فهل هذا هو القصد والطلب؟!

آخر محطة:

(1) تعاملت هيئة الاعلام البحرينية بقيادة شيخها الشاب فواز بن محمد بشكل محترف مع الاحداث الجارية.

(2) افضل ما يقدم لمملكة البحرين هذه الايام هو دعوات التهدئة والمصالحة بين الاطياف السياسية للحفاظ على المكتسبات الضخمة التي تحققت خلال العقد الماضي، واسوأ ما يقدم هو دعوات التأجيج وتحريض البحريني على البحريني.

(3) العزاء الحار لمملكة البحرين قيادة وشعبا بالشهداء الذين سقطوا في أحداث دوار اللؤلؤة، راجين العودة للحوار لتعزيز السلم الأهلي، فما يضر البحرين يضرنا وما يصيبهم يصيبنا والحكمة الحكمة، فالمتربصون كثر.

احمد الصراف

يستاهلون أهل الكويت!

يقول المفكر الأميركي أفرام تشومسكي «إن وسائل الإعلام العالمية تسعى إلى تشجيع الشعوب على استحسان الرداءة».
***
تتراكم لدى الحكومة منذ عقود فواتير استهلاك كهرباء وماء واتصالات مستحقة على بعض المواطنين تبلغ المليار دولار! وفي محاولة للمزايدة على المطالب النيابية أرسلت الحكومة اشارات تبين استعدادها لمناقشة امر اسقاطها، وفي تعليق للشيخ احمد الفهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، قال ان قرار اسقاط الديون سيعرض على الحكومة وان «أهل الكويت» يستاهلون كل خير!
ونحن إذ نشكر الشيخ احمد مقدما على هذا الكرم والتدليل اللذين لم تنلهما امة في التاريخ، نتساءل من دون براءة: لماذا هذا السعي المحموم لمكافأة المتخلف عن السداد والمتهرب من واجبه كمواطن ومعاقبة من دفع المستحق عليه من التزامات مالية للدولة؟ ولماذا يكون الخير دائما في دفع المال نقداً وليس في التربية والتعليم؟ وإن كان اهل الكويت يستحقون كل خير، فلماذا لم يتمثل ذلك في اداريين اكفاء؟ ولماذا لا يستاهل اهل الكويت بيئة نظيفة ومستشفيات حديثة ومدارس متقدمة، وتسريعاً لمعاملات المواطنين، ومخافر نظيفة وعدالة سريعة التنفيذ؟ ولماذا فقط يستاهل السراق المزيد من المال النقدي من اموال الشعب؟ ألا يستاهل اهل الكويت أن نعلمهم ولو لمرة واحدة، ان من حق الوطن عليهم، وعلى ابنائهم، ان يقوموا بسداد ما عليهم من ديون؟ الا يستحق اهل الديرة ان نبين لهم معنى الشرف في التعامل وأهمية كسب ثقة الآخر، وخلق بيئة يحترم فيها المدين دينه ولا ييأس الدائن من الحصول على حقه؟ ألا يستحق اهل الكويت احترام انسانيتهم وحفظ كرامتهم، من خلال عدم مكافأة المسيء، وحفظ اموال اجيالهم القادمة التي لا تعبأ فئة من المواطنين بها، إما بسبب الجهل أو عدم الثقة ببقاء الدولة بعد رحيلهم وابنائهم عنها؟

***
ملاحظة: سؤال لأي رجل دين مسلم: لو علمنا أنه يحرم قتل النفس العمد، فما هو حكم الشهيد التونسي «البوعزيزي» الذي أشعل بانتحاره، بقصد أو بغيره، شرارة ثورتين طالما اشتقنا لما يماثلهما روعة؟ هل سيكون مآله النار وبئس القرار؟ ام انه سؤال بلا جواب؟

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

بنت العنب… هي السبب

ما الذي يحدث؟ هل تناولت الحكومة كؤوساً من عصير العنب، أو «بنت العنب» كما أسماها الخليفة الأموي المزاجنجي «الوليد بن يزيد»؟ ما الذي دهاها لتفسفس فلوسنا؟ هل يحق لنا الحجر عليها؟

تكفون، من كان منكم على علاقة قرابة مع الحكومة فليخبرها أن ما تفعله مستفز، على أنني أحد المؤمنين بضرورة تدليل الشعب وترفيهه إذا كانت الدولة مقتدرة، لكن بالعقل وعبر زيادات مقبولة ومدروسة لا تؤثر على مستقبل البلد ومستقبل عيالنا، والأهم أن توقف السرقات وتحاسب اللصوص، وتقيم المشاريع الضخمة الفخمة، وتعيد طلاء البيت المتهالك، وتوفر المستشفيات المتطورة، والمدارس الحديثة المناهج والمباني، ووو، لا أن تنثر الأموال على الناس بعبط كي يغضوا الطرف عن فشلها ويتغاضوا عن فسادها.

دعوا عنكم حكاية التنمية فهي «قصور في الهواء»، وكذبة كبرى، سوّقتها الحكومة فصدقناها، إذ إن أول شروط التنمية هو وجود وزراء على كفاءة عالية، يتبعهم قياديون متميزون، وثانيها محاسبة الفاسدين، وأكبر فساد هو إغراق البلد بالأطعمة الفاسدة، وأن يقصفنا العدو بقنابل «النابالم» أهون علينا من أن نعيش على أطعمة فاسدة، فالنابالم سيحرقنا ونموت في لحظتنا، أما الأطعمة الفاسدة فتميتنا تحت التعذيب والألم المتواصل. وتخيلوا ماذا كان سيصيب أبناءنا لو أن أطنان الحليب الفاسد فلتت من الرقابة.

والله لو كانت حكومتنا تحترمنا لعقدت اجتماعاً علنياً مفتوحاً، تطلعنا فيه على تطورات أبشع صفقة فساد في الكويت، وتكشف لنا سر إدخال كل هذه الكميات في وقت وجيز، وكيف كانت الرقابة وآليتها قبل تعيين هذه المديرة النشيطة في البلدية، ثم تكشف لنا عن أسماء تجار الدم، وتحيلهم إلى محكمة الجنايات بسرعة، بتهمة «الشروع في القتل الجماعي»، وترفق بملف التهمة أسماء النواب الذين يستميتون لـ»طمطمة» الموضوع. وهنا نسأل النائبة د. رولا دشتي، رئيسة اللجنة البرلمانية المختصة: «لماذا لم تصرحي بأسماء هؤلاء السفاحين للشعب ليكويتي (كما تنطقينها)؟».

* * *

منتدى الشبكة الوطنية يتبنى حملة إنسانية رائعة تحت عنوان «إلى متى» يطالب فيها المسؤولين بتبديل مبنى المعاقين الحالي، الذي يؤذي المعاقين وأهليهم ويفتقد الشروط الدنيا المطلوبة لمباني المعاقين، بمبنى يراعي ظروف المعاق ويحترمه…

تابعوا الموضوع على هذا الرابط وتمعنوا الصور وحسبلوا وحوقلوا…

http://www.nationalkuwait.com/vb/showthread.php?t=171177

* * *

تلقيت اتصالاً من «عمر العجمي» الذي تحدث عنه الرئيس السعدون والنائب د. فيصل المسلم ونواب آخرون، وذكروا أنه تعرض لتهديد عبر «مسج» هاتفي… ويقول عمر إنه تلقى التهديد بعد أن كتب موضوعاً في منتدى الشبكة الوطنية بعنوان «إسطبل الشهيد الراعي الرسمي لجريدة الآن»، وهذا هو الرابط لمن أراد الاطلاع على الموضوع…

http://www.nationalkuwait.com/vb/showthread.php?t=169875

ويضيف عمر في اتصاله: «وصلتني رسالة تهديد أخرى، مضمونها (أنت لين الحين ما لغيت الموضوع؟ هذا آخر تهديد لك»! عمر أبلغني خشيته من أن يوضع له حشيش أو مخدرات في سيارته أو بيته لتسهل إدانته وتشويه سمعته وسمعة أهله.

لا أظن أن الأمور تسير بهذا الشكل في الكويت يا عمر، وإن كنت لا أرى الأجهزة الأمنية بفساتين بيضاء وورود ملونة… على أية حال، الناس الآن تتابع الموضوع بوعي وتركيز، فنم قرير عين يا عمر، وإن تعرضوا لك، فهذا يعني أن مؤسسات الدولة سقطت، وعلى كلّ منا الاعتماد على زنده الكريم.

احمد الصراف

رجوع الشيخ إلى صباه

بابا الحبيب، سأخاطبك بصراحة كما عودتني، فأنت أعز وأحسن أب. دعني أبثك خلجات نفسي، فهذا ما كنت تطلبه مني دائما. قبل فترة، وقبل أن أبلغ العشرين، شاركت في أحد المؤتمرات الإسلامية، وألقيت مداخلة نالت الاستحسان، وتقدم لي وقتها العلامة «ي.ق» وأشاد بي، وقال إنه مهتم بأمري، وأهداني بعض كتبه، وأخذ يراسلني بمحبة أولا، ثم تحوّلت إلى شوق ثم إلى حب جارف، وأصبحت أشعاره الصريحة التي يظهر فيها هيامه وشوقه ورغبته في الاقتران بي تلاحقني، ومنها قصيدة من 75 بيتا قال فيها: أترى أطمع أن ألمس من فيك الجوابا؟… أترى تصبح آهاتي ألحانا عذابا؟… أترى يغدو بعادي عنك وصلا واقترابا؟… آه ما أحلى الأماني وإن كانت سرابا!… فدعيني في رؤى القرب وإن كانت كذابا!… وافتحي لي في سراديب الغد المجهول بابا!
كما تغزل بي بالقول: يا حبيبي وطبيبي هل لدائي من دواء؟… لا تدعني بالهوى أشقى، أترضى لي الشقاء؟!… لا تدعني أبك.. فالدمع سلاح الضعفاء!… كيف يحلو لي عيش ومقامي عنك ناء؟! لا سلام لا كلام لا اتصال لا لقاء… أنا في الثرى وليلاي الثريا في السماء!
ولكني يا والدي أنا مترددة.. خاصة بعد أن علمت مدى الفارق الكبير بين عمرينا، فهو أواخر ستينياته وله زوجة وابناء، ويكبرني أحفاده بسنوات. لا أدري هل أرفض أم أقبل؟ فهو كرجل دين له أسلوب حياة، وأنت يا والدي علّمتنا أن نعيش منطلقين، إضافة إلى فارق السن والزوجة والأولاد، هناك الغربة واختلاف العادات والتقاليد والثقافة، كما أن له مسؤولياته وسفره المستمر، غير ارتباطاته والتزاماته الدينية والاجتماعية، فما الذي تنصحني به يا والدي العزيز؟
***
ورد في (CNN) العربية نقلا عن «الخبر» الجزائرية أن القضاء القطري سينظر في قضية طلاق الشيخ يوسف القرضاوي البالغ 85 سنة ورئيس مؤتمر علماء الإسلام، من السيدة الجزائرية أسماء بن قادة، وهي قضية الطلاق التي أثارت جدلا إعلاميا كبيرا في الفترة الأخيرة.
ونقلا عن المصدر الموثوق فإن شيخ الأزهر، أحمد محمد الطيب، تدخل لدى القرضاوي لإنهاء الخلاف مع السيدة أسماء بشكل سريع وإعطائها حقها، لما للموضوع من إساءة لمكانة الشيخ، وسوء تداعياتها على صورة علماء المسلمين.
الخبر أعلاه صحيح، حسب مصادره، ولكن ما سبقها من رسالة فهي غير ذلك! فقد تخيلت فيها عما سيكون فيه رد القرضاوي لو أن ابنته هي التي وقع كهل وشيخ دين متزوج ويكبرها بكثير في حبها ويريد الزواج منها، فهل كان سيقبل؟ وهل يجوز لمن في مثل مكانته إرسال قصائد الحب تلك لمن لا تمتّ له بصلة ومحرّمة عليه؟ قد يقول البعض يجوز، وهنا نتساءل: لماذا يحرّمونها على غيرهم إذاً؟

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

البحرين عزيزة… دماء أهلها عزيزة أيضاً!

 

يبدو أنه يتوجب على بعض زملائنا الإعلاميين الأفاضل، وخصوصاً في تلفزيون البحرين، التريث ووزن ما يقولون وما ينقلون من كلام يسيء أكثر ما يطيب، ويفرق أكثر مما يجمع واللبيب بالإشارة يفهم… ففي الوقت الذي يسمع فيه شعب البحرين أجمل كلمات التواضع والقرب من الناس من جلالة الملك حفظه الله، ويجدون فيه موقفاً مواكباً للحوادث للتحقيق في أسباب وفاة شابين واعتذار (شجاع) من قبل وزير الداخلية، وتصريح مهم لنائب رئيس مجلس الوزراء رئيس اللجنة الخاصة للتحقيق، نجد بعض الزملاء وضيوفهم وقد خلطوا الحابل بالنابل والأسود بالأبيض… وليسمح لي القارئ الكريم أن انتقل معه الى عدة مشاهد بعد هذه المقدمة:

* المشهد الأول: يوم الأحد الثالث عشر من شهر فبراير/ شباط الجاري، كانت المشاعر والآراء من قبل عدد من المسئولين والمواطنين من القراء الذين تفاعلوا مع ما كتبته هنا تحت عنوان: «أحضان البحرين المفتوحة بالخير»، فالكل كان متفقاً على أننا قادرون على تجاوز الأزمات والمحن، وإزالة الاحتقان الذي تشهده البلاد بالعودة الى أجواء الميثاق في العام 2001 وفتح قنوات الحوار ومنح الرموز الدينية والسياسية ومنظمات المجتمع المدني دورهم في صياغة الحلول للخروج من هذا الاحتقان.

*المشهد الثاني: مساء يوم الإثنين كان مساءً حزيناً ومقلقاً ومخيباً للآمال في آن واحد! صبيحة ذلك اليوم، وهي الذكرى العاشرة لميثاق العمل الوطني، كانت هادئة أما فترة العصر فقد شهدت الكثير من المسيرات السلمية (وإن كانت غير مرخصة) للمطالبة بإصلاحات سياسية كفلها الدستور شهدت مصادمات عنيفة في عدد من مناطق البلاد، والمحذور الأخطر في ذلك اليوم هو سقوط أحد أبناء البلاد الشاب علي عبدالهادي المشيمع وإصابة الكثيرين في مسيرات سلمية كانت ترفع علم البحرين… في ليل ذلك اليوم عم هدوء غريب مريب… لندخل بذلك مرحلة خطيرة جداً لا يعلم عواقبها إلا الله سبحانه وتعالى، وفي يوم تشييع الشاب مشيمع (صباح الثلثاء 15 فبراير 2011)، قدم شاب آخر من أبنائنا هو الشاب فاضل متروك دمه لبلده… ليفتح الطريق أمام تشييع حاشد وتجمهر كبير اتجه ليستقر في دوار اللؤلؤة.

*المشهد الثالث: البحرين عزيزة، ودماء أهلها عزيزة أيضاً! ولطالما الكل متفق على أنه لا مكان للعنف والتخريب والإضرار بالبلد وبأبناء البلد والحفاظ على الأمن والاستقرار والتلاحم الوطني، فإن الكل متفق أيضاً على شرعية المسيرات والاعتصامات السلمية وحق جميع فئات البلد ومن بينهم الشباب بالطبع في طرح مطالبهم وتطلعاتهم التي يودون ايصالها الى قيادة البلد، دون حاجة الى استخدام للقوة المفرطة والتعامل العنيف مع المواطنين، والاعتماد على المسئولين الأمنيين الوطنيين من الضباط الشرفاء القادرين على التعامل مع هذه الظروف بحكمة ومسئولية، وليس أولئك الذين لا يدركون مخاطر قراراتهم في التعامل مع مظاهر التعبير السلمي، فبدلاً من اعطاء صورة حضارية لتعامل الدولة الديمقراطية مع الاحتجاجات السلمية، يتجهون نحو الوحشية والقمع وسفك الدماء وتشويه صورة الدولة في الداخل والخارج.

المطالبة بالإصلاح السياسي في البلد ليست جريمة، فدستور البلاد منح الجميع حق التعبير عن الرأي، لكن الجريمة هي تلك التي تحرم المواطنين من إبداء الرأي والتعبير في الاحتجاجات السلمية ولصق الاتهامات لهم بالعمالة والخيانة، وتقصد تحويل أي مظهر سلمي الى مواجهة عنف، وتشغيل (مكينة) جاهزة من الأصوات النشاز لشب فتيل الفتنة اعلامياً.

الحكومة اليوم أمام مسئولية وطنية في التحقيق ومساءلة المتورطين في استخدام الرصاص والعنف والقمع والتعاون مع القوى السياسية لإزالة جميع أشكال الاحتقان والتأزيم، وربما بدأت هذه الخطوة بتشكيل لجنة التحقيق الخاصة برئاسة الأستاذ جواد بن سالم العريض وبما أعلنه وزير الداخلية الفريق الركن الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة بالتحفظ على المتسببين في مقتل الشابين، لكن الكل كان يتمنى أن تكون الذكرى العاشرة لميثاق العمل الوطني منطلقاً لتجديد مسيرة الإصلاح التي دعمتها كل شرائح المجتمع ومنظماته المدنية، لا أن تكون عودة مقلقة الى حقبة من القمع والوحشية وسفك الدماء… دماء شباب البلد عزيزة لأن عزها من عز البحرين، وهي القربان الذي يقدم من أجل رفعة الوطن.

سامي النصف

مصر والعرب إلى أين؟!

قبيل الانتخابات الاميركية الاخيرة، استضافنا الزميل د.عبدالله الشايجي ضمن برنامجه الشائق «الطريق الى البيت الابيض» للحديث حول تلك الانتخابات المرتقبة، ومما قلناه ان كتاب الباحث وبستر غرفن تاربلي المعنون بـ «السيرة غير الرسمية لاوباما» يوضح ان مستشار الامن القومي الاسبق د.زبنغيو بريجنسكي سيكون عراب المرحلة، ومن ثم فإن معرفة المستقبل تقتضي منا العودة إلى الماضي وقراءة ما كتبه وما فعله الداهية بريجنسكي.

 

وقد تنبأنا في ذلك الوقت المبكر بتساقط الانظمة الموالية للولايات المتحدة كما حدث في فترة هيمنة بريجنسكي السابقة ابان حكم الرئيس كارتر (1977 ـ 1981) ومعها على الارجح حدوث فوضى عارمة في منطقتي الشرق الاوسط واوراسيا كما ذكر المستشار ضمن مجموعة كتبه واهمها كتاب «الفوضى على اعتاب القرن الواحد والعشرين»، لذا يمكنني القول ان المنطقة ستشهد تساقط المزيد من الانظمة والمزيد من الفوضى السياسية والامنية العارمة.

 

واذا بدأنا بمصر، فإن السيناتور التفاؤلي الذي يظهر ان ارض الكنانة ستصبح الدولة القدوة في المنطقة بالممارسة الديموقراطية والحرية والحراك الاقتصادي (تعيد إلى الاذهان مقولة العراق الدولة القدوة عام 2003) هو احتمال لاتزيد نسبته بنظري عن 10 الى 15%، اما باقي النسبة فستذهب الى سيناريوهات مرعبة او غير طيبة في حدها الادنى لها اسبابها ومبرراتها، فالحالة المالية في مصر هذه الايام ـ ولأجل غير معلوم ـ تشهد رحيل السائحين والمستثمرين ومحاكمة رجال الأعمال المصريين وتوقف المصانع ووسائل الانتاج وتدهور اسعار البورصة مع مطالب جميع القطاعات بزيادات تصل في حدها الأدنى الى 100%.. و«منين يا حسرة»؟!

 

مصر ام الامة العربية بحاجة ماسة الى مشروع مارشال عربي ينشئ مئات معاهد التدريب والتأهيل لشبابها ورجالها ونسائها وقيام مصانع ومراكز سياحة وخدمات كما حدث في الصين، ودون ذلك ستفقد الامة العربية رجالها في مصر كما فقدت اراضيها في السودان وستصبح رغم فرحة هذه الايام امة تعيسة لا بواكي لها.

 

فمعروف تاريخيا ان الثورات تبدأ بشكل جيد ومفرح وموحد ضد الخصم الواحد الذي ما ان يزاح حتى تبدأ الخلافات والصراعات تتزايد بين الكتل والتوجهات السياسية والاجتماعية والدينية والمناطقية، وحتى بين الشعب والجيش، فيما يسمى مرحلة اكل الثورة لابنائها، ويزيد الطين بلة خيبة امل 90% من الناس ممن سيصدمون بحقيقة ان رحيل الرئيس السابق لم يحل شيئا من مشاكلهم المعيشية، بل قد تتفاقم بإحجام السائحين وهروب المستثمرين المصريين والخليجيين والعرب والاجانب بسبب عمليات الحجز والسجن والمصادرة التي يتعرض لها هذه الايام من جل ذنبهم انهم استثمروا أموالهم في بلدهم في تكرار لما حدث بعد ثورة 1952.

 

الدول الخليجية والعربية ستواجهه مشكلة اخرى هي احتمال الانخفاض المستمر لاسعار النفط في المرحلة المقبلة، وهو ما سيصيب بالضرر المباشر المجتمعات النفطية وغير المباشر المجتمعات العربية التي تعتمد بشكل كبير على «البترودولار»، تلك المصاعب الاقتصادية ستفتح الباب واسعا لمرحلة عدم الاستقرار السياسي والامني الذي سيدخل منه تنظيم القاعدة والتنظيمات المتطرفة الاخرى كما حدث في العراق ولن تنجون كثير من دول المنطقة من الحروب والاضطرابات والتشطير والتفتيت وقانا الله جميعا شر تلك المخاطر التي من اولى دلالاتها بدء الانخفاض المستمر لاسعار النفط.

 

آخر محطة: خير ألف مرة ان تحتاط لأسوأ السيناريوهات ويحدث أحسنها بدلا من العكس.