سامي النصف

حكومة الأمس وحكومة الغد

هناك بديهية قائمة في العمل السياسي واي اعمال اخرى ملخصها ان استخدام الطريق نفسه سيؤدي قطعا الى النهاية نفسها، ولو استخدمنا الطريق نفسه الف مرة لانتهينا الى المكان نفسه الف مرة ولن يغير من الامر شيئا تغيير قائد المركبة، فأساس التغيير الصحيح هو تغيير النهج والابتعاد عن خارطة الطريق القديمة التي تثبت انها لا توصل للهدف المطلوب.

واللعبة السياسية حالها كحال اللعبة الرياضية لها قوانين وقواعد وخطط واعراف، ولا يمكن لطرف ان يفوز في مباريات البطولة السياسية ما لم يختر افضل اللاعبين لفريقه (من وزراء ووكلاء ومسؤولين) وألا يتردد في استبدال اللاعب غير المؤهل او غير المقتدر بدلا من الاصرار على بقائه في فريقه وتحمل الخسارة بسببه.

ومما يجب الحرص عليه كسب ود الجمهور، فمن الصعوبة بمكان ان تفوز بمباراة والجمهور الذي يعتبر اللاعب الـ 12 يقف ضد فريقك بقوة، خصوصا وقد بات مقبولا هذه الايام ان ينزل الجمهور الى الملعب ويفرض النتيجة التي يريدها على المباراة، لذا فهناك حاجة ماسة لتغيير النظرة السالبة السائدة لدى الجمهور تجاه الحكومات الكويتية المتعاقبة ـ وهي نظرة لها تداعيات خطرة ـ الى نظرة موجبة عامة، ان الاكثرية التي يجب ان تبحث عنها حكومة الغد هي اكثرية الشعب الكويتي وليست اكثرية نيابية سرابية متقلبة كتقلب الرياح الاربع، كالتي كانت تبحث عنها حكومة الأمس.

ان الناس ينتظرون ميلاد حكومة اذكياء اكفاء امناء، خاصة ان عامل وقت تشكيل الحكومة لم يعد ضاغطا هذه المرة، حكومة ناطقة صادقة بها ما لا يقل عن 10 وزراء ساسة محترفين لا يخشون في الحق لومة لائم، قادرين على مقارعة الحجة بالحجة، متواجدين على الفضائيات والصحف قبل وعند الازمات لشرح وجهة نظر الحكومة، فالديموقراطية تقوم في العالم اجمع ـ عدا الكويت ـ على مبدأ الرأي والرأي الآخر لا رأي واحدا لا يستمع لغيره.

آخر محطة:

 1 ـ الخيار الخطأ للوزراء الذين هم مستودع عقول الحكومة يعني القراءة الخاطئة للاحداث ولتوجيهات الجمهور مما تنتج عنه قرارات خاطئة لم تعد كلفتها بالضرورة ازمة سياسية او خسارة مالية، فأحسنوا الاختيار وابعدوا المجاملة، فالامر جلل.

2 ـ هناك حاجة ماسة كذلك لتغيير قواعد اللعبة السياسية القائمة ومن ثم الانفتاح الكبير على قوى المعارضة للوصول الى ملفات متفق عليها تخفف الازمات وتحفظ حق الكويت وتعرض على الناس كي يلتزم الجميع بها.

3 ـ بودنا لو تمت محاسبة من افشل مشروع «العمل على تغيير النظرة السالبة السائدة في المجتمع الكويتي» الذي بدأ في عهد وزير الاعلام محمد السنعوسي وقتل في مهده بعد تركه لمنصبه، وقد اثبت ذلك المشروع انه سابق لعصره ومتنبئ بشكل جاد بالمتغيرات القائمة في المنطقة، ولو اخذ به لتم تفادي اغلب الازمات السابقة و.. اللاحقة!

حسن العيسى

شيوخنا أبخص

الجديد في السياسة الكويتية أنه لا جديد، الحكومة استقالت لكنها ستعود إن لم يكن بجسدها فبروحها ومنهج فكرها، فبحكم تاريخ الدولة ودستورها يغرف النظام من النبع ذاته فلا تغيير ولا تبديل في سنن اختيار رئيس الوزراء والوزراء، وإذا تغيرت الأسماء والوجوه فسيظل الفكر الحاكم ثابتاً وراسخاً.
لماذا استقالت الحكومة رغم اليقين بأنها ستعود مع بعض الرتوش التي لن تقدم ولن تؤخر؟ الإجابة السهلة أنها استقالت لأن ثلاثة أو أربعة شيوخ «تعرضوا» لمشاريع استجوابات، وإجابة أخرى تخفي الكثير من الخبث السياسي تفسر استقالة الحكومة بضغوط من الشيخ أحمد الفهد، فهذا الأخير وإن كان الأفضل من الشيوخ في قدراته ومواهبه في الحوار والإقناع بالكلام الطيب وغير الكلام الطيب فإن بعض بنود الاستجواب المقدم من كتلة العمل الوطني تتهم الشيخ أحمد بالتربح من المال العام لن يجدي معها ذكاء الشيخ ولن تنفعه مؤهلاته في الإقناع وضبط الأمور كما يجب أن تسير. لكن أياً من الإجابتين لن ينفع في حل عقدة المراوحة السياسية الكويتية، وهذه «العقدة» تتمثل في مسرحيات هزلية يحمل بعضها عنوان اسم نواب التأزيم، والآخر بمسمى نواب التبصيم! لكن حتى هذه الأعذار في إلقاء مسؤوليات الفشل والفساد السياسيين و»التعلث» على هؤلاء النواب «المؤزمين» حسب أبجديات السلطة، أو ضدهم من النواب «البصامين» حسب فقه النواب المعارضين، كل تلك الأعذار والحجج لن تفيد، وتفسر تعاقب الأزمات السياسية وتنامي حجم الفساد الإداري والمالي. وفي مثل ظروف الدولة الكويتية التي لا يجوز للسلطة أن تتعذر بأي سبب في تهاونها ورداءة إدارتها للمرفق العام، فعندها الأموال الطائلة تنبع من «بايبات» النفط من غير حساب، وشعب قليل في عدده نسبياً، فلماذا كلما دق المواطن في «أرض وتد من رداه الحظ وافت (ه) حصاة» بتعبير بن لعبون! حصاة وحصى يدمي العيون من انفجارات زحمات مرورية إلى بيروقراطية قاتلة في الدوائر الحكومية كي ننتهي بتفجرات في ثروات البعض من حساب بند التكسب والتربح من الأموال العامة. 
ما الحل؟ المادة 56 من الدستور تؤكد حق سمو الأمير في
«تعيين رئيس مجلس الوزراء بعد المشاورات التقليدية»، بينما المادة 102 تخول مجلس الأمة سلطة «عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء» فكيف يمكن حل هذا الإشكال من دون التعذر بنكتة أن الدستور الكويتي خليط من النظامين البرلماني والرئاسي! نكتة روجها فقهاؤنا وصدقها الكثيرون، فنحن ليس لدينا أي من النظامين لو راجعنا أسس كل منهما في دول الديمقراطيات الحقيقية! فما الحل غير أن نردد الحكمة الشعبية بأن «الشيوخ أبخص» في النهاية…

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

احمد الصراف

براءة الخارجية الإيرانية

تتمتع ايران، بفضل نظام حكم وضع في عهد الخميني، بمناعة كبيرة ضد الانقلابات، وهذا بالذات سر ضعفها عالميا وعدم قدرتها على خلق صداقات متينة مع أي من دول الجوار، أو التمتع بسمعة دولية مقبولة بسبب تعدد الأجهزة المهمة والخطرة التي تمسك بمفاصل الدولة، والتي تعمل باستقلالية شبه كاملة وبمعزل عن الأجهزة أو الجهات الأخرى. فهناك منصب المرشد الأعلى الذي يفترض أنه يمسك من خلاله بكل خيوط اللعبة، ولكن لا سن المرشد ولا معارفه وقدراته تسمح له بفهم ومتابعة كل ما يجري داخليا وخارجيا في دولة شاسعة غنية متعددة الأعراق واللغات مثل ايران. وهناك رئيس الجمهورية الذي تتفاوت درجة قوته وضعفه بمدى رضا المرشد الأعلى عنه، فخاتمي مثلا كان غير مقبول بعكس الرئيس الحالي. وهناك قيادة الجيش، التي لا سيطرة لها على الحرس الثوري، الذي يفوق الجيش عددا وعتادا، والذي يأتمر بأمر المرشد، ولا سلطة لرئيس الجمهورية أو وزير الدفاع على الجيش أو الحرس الثوري. وهناك أجهزة المخابرات المتعددة التي ورثت كامل تركة «السافاك» الرهيبة، وهذه لا سيطرة فعلية لوزير الداخلية عليها ولا حتى لوزير المخابرات. كما أن هناك مجلس النواب الذي نزع النظام الديني كل مخالبه واسنانه واصبح كالحمل التائه، هذا بخلاف الأجهزة الرقابية العديدة الأخرى كجهاز تشخيص مصلحة النظام.
وبسبب كل هذه الاجهزة الرهيبة في قوتها وموازناتها الضخمة واستقلاليتها شبه المطلقة، فإنني أميل الى تصديق ما ذكرته وزارة الخارجية الايرانية من عدم علمها بشبكة التجسس على الكويت، فلا توجد جهة واحدة تتحكم، وفي الوقت، تعلم بكل ما يجري في ايران! ولكن هل النظام بريء من تهمة التجسس؟ لا أعتقد ذلك!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

مَنْ أسقط الحكومة؟!

تتداول الأوساط الرسمية مقولة ان استجواب وزير الخارجية تسبب في اسقاط الحكومة، نظرا لحساسية الموضوع والمعلومات التي يمكن ان تقال فيه، وبخاصة دور ايران في زعزعة الاوضاع الامنية في دول الخليج، وعلاقة ذلك ببعض الرموز المرتبطة ايديولوجيا بإيران الثورة!!
وسواء كان ذلك صحيحا او مبالغا فيه، فأنا اعتقد ان ما قيل في هذا الموضوع، وبشكل رسمي من كلا الطرفين، الكويتي والايراني، اكثر مما يمكن ان يقال في الاستجواب المذكور. ناهيك عن ان الحكومة كانت تملك ان تطلب جلسة سرية لهذا الاستجواب، وبالتأكيد سيتحقق لها ذلك!!
اما موضوع تأجيج الطائفية فقطعا لن يكون هذا الاستجواب وقودا لهذا التأجيج والشحن الطائفي الذي يتصاعد كل يوم من خلال ما نقرأ وما نرى وما نشاهد من تصريحات من كلا الطرفين.
ولو كانت الحكومة جادة في وقف هذا الجو المشحون لمنعت ـــ بعلاقاتها الخاصة ـــ هذا الدخيل من تكريس امبراطوريته الاعلامية للنفخ في اتون هذه الفتنة.
اذاً لماذا سقطت الحكومة؟!
الجواب المنطقي لهذا السؤال هو ان المعادلة تحت قبة البرلمان تغيرت!! نعم، فقد كانت الحكومة تملك اغلبية مريحة في هذا المجلس بفضل كتلة التسعة، الاسلامي منهم والليبرالي.. المحجبة والسفور.. المعمم منهم والمغتّر، ولم تواجه الحكومة اي مشكلة في اي استجواب مر عليها، حتى ان رئيس الحكومة تعود على صعود المنصة بأريحية غير مسبوقة. لكن انقلاب كتلة التسعة عليه بشكل مفاجئ وغير متوقع خلط الاوراق و«عفسها»، وجعل اي صعود للمنصة من قبل اي وزير مغامرة ولعباً بالنار، لذلك كان الحل الاكثر امانا هو رحيل الحكومة بكرامتها وتحت عذر حساسية بعض الاستجوابات!
>>>
تؤيد ناصر المحمد رئيساً للحكومة الجديدة ام تعارضه؟ هذا السؤال يطرح هذه الايام بكثرة، وانا اعتقد ان الجواب ليس مهما، فالعبرة ليست في من يتولى رئاسة الحكومة بل في طريقة اختياره للوزراء وفي طريقة ادارته لهم!! هنا مربط الفرس!!
>>>
كلما كاد رئيس نظام دولة عربية ان يسقط أخذ يولول: الاخوان المسلمون وراء هذه المؤامرة!! الاسلاميون يريدون الحكم!! «القاعدة» سيتخذكم قاعدة!! وينسى هذا المسكين ان الشعب لم يعد تنطلي عليه هذه الاكاذيب، وان صورة الاسلاميين مرعبة في مخيلته هو فقط، وان نظرة الشعب لهم نظرة ايجابية. الطريف ان الاستفتاء على الدستور المصري الجديد عارضته معظم القوى السياسية المصرية باستثناء الاخوان المسلمين وبعض القوى الصغيرة، وكانت نتيجة الاستفتاء موافقة اكثر من %76 من الشعب المصري على تعديل الدستور. هذا اول الغيث.

سامي النصف

نواب الأمس ونواب الغد

ما يولّد الأزمات في الكويت هو ثقافات سياسية خاطئة قبلناها وتوارثناها حتى أضحت أعرافا سياسية «خاطئة» تختص بها الديموقراطية الكويتية المتعثرة، ولن تحل الأزمات المتلاحقة التي تعطل حال البلد ما لم تحل تلك المفاهيم شديدة الخطأ، وأولى تلك الثقافات او الأعراف القبول بمبدأ الاستجواب على «الهوية» لا «القضية» الذي لا يقوم على مصلحة عامة بل على انتقام شخصي خاص، وقد قبل معه ان يعطل نائب واحد يمثل 2% من عدد الأعضاء عبر اعلانه عن استجواب كرنفالي، أعمال الدولة، وان يعلن النواب دون خوف او وجل من المحاسبة مواقفهم من الاستجوابات حتى قبل ان تقدم.

بعد تفشي عمليات الاستجواب على الهوية، تدافع النواب للدفاع عمن ينتمي لهم فئويا او طائفيا او قبليا لشعورهم بمظلمته، حتى اصبح استجواب الوزير القبلي او الشيعي او الحضري او السني من الصعوبة او الاستحالة بمكان، وبات استجواب الوزراء الشيوخ هو الاستجواب الوحيد المسموح به، واصبحت حيدتهم ووقوفهم على مسافة واحدة من الجميع وبالا عليهم بدلا من ان تكون اضافة لهم.

وللحقيقة وللتاريخ فإن اول من شجّع نهج استجواب الوزراء الشيوخ هم الشيوخ أنفسهم الذين دعموا وحرضوا على مثل تلك الاستجوابات بسبب خلافاتهم وتخندقاتهم، وهو أمر ساعد على كسر هيبتهم والتطاول عليهم وجعل أمراء المستقبل لا يخلون من التجريح عند ممارستهم لعملهم الوزاري الذي يفترض ـ كما نص على ذلك الدستور المتباكى عليه ـ ان يكون وسيلة اعداد ـ لا خدش ـ لهم لتولي مسند الإمارة مستقبلا.

وقد استغلت مقولة حاجة الحكومة لأكثرية نيابية في المجلس أسوأ استغلال، حيث فتحت الباب على مصراعيه للافساد التشريعي الذي باتت رائحته تزكم الأنوف من قبل نواب تحولت جيوبهم الى محلات صرافة من كثر ما يرمى بها من اموال محلية وعملات أجنبية، وكان واجب الحكومة ان تبدأ مسارها الاصلاحي بمحاربة ذلك النهج الذي انتهى بانقلاب نواب «القبض» عليها، واستبداله بالنهج القائم في جميع الديموقراطيات الأخرى من اختيار وزراء أكفاء يستطيعون مقارعة الحجة بالحجة واللجوء لوسائل الإعلام لشرح مشاريع الدولة التي هي مشاريع الشعب لا مشاريعهم الخاصة، حتى اذا منع النواب مشروعا ما قام الناخبون بمحاسبة هؤلاء النواب في الدواوين وعبر صناديق الاقتراع.

آخر محطة

(1): الاختيار الصحيح للمسؤولين سواء على مستوى الوزراء او غيرهم يعني قلة الأخطاء ووفرة الانجاز مما يسهل عملية الدفاع عن اعمال الحكومة، والعكس بالطبع صحيح.

(2): مقال الغد «حكومة الأمس وحكومة الغد»!

احمد الصراف

العوضي وبشارة.. تحية ورجاء

عقد في أسطنبول قبل أيام مؤتمر عالمي لجراحة المخ والأعصاب، ومثل الكويت د. يوسف العوضي، بصفته رئيس قسم جراحة المخ، وبكونه الرئيس الجديد لجمعيات جراحة المخ والأعصاب العربية. وقد اشاد رئيس الوزراء التركي بجهود الكويت ودورها الرائد في عالم جراحة المخ، وبجهود د. العوضي بالذات في هذا المجال، وكان ذلك بحضور كبار اساتذة هذا العلم الطبي المعقد في أميركا وأوروبا. وقد ذكرني ذلك التكريم بمقوله أحد السياسيين المصريين، وربما كان محمد فريد، الذي قال فيه انه لو لم يكن مصريا لتمنى أن يكون كذلك، ود. يوسف العوضي لو لم يكن طبيبا جراحا لتمنى أن يكون طبيبا جراحا! فعندما تختلط بهذا الرجل وتتداخل أفكارك مع أفكاره وتتبادل معه حميم الحديث، يتبين لك مقدار ما يسكنه من حب لمهنته يبلغ درجة الهوس، وبكل الإنسانية التي تكتنف جوارحه وتتملكه بحيث لا يستطيع التفكير في امر خلاف ما يشعر به من واجب اتجاه عمله، وان هذا الواجب هو فوق مستوى المصالح الشخصية والأمور المادية. فتحية من القلب لهذا الرجل الكريم بخلقه والكبير بعلمه.
وطالما نحن بصدد مخاطبة العلماء فإننا نتمنى على الزميل السابق والصديق أحمد بشارة، المسؤول عن ملف مشروع إنتاج الطاقة النووية في الكويت، أن يقص الحق من نفسه، ويبادر بإغلاق هذا الملف الشائك والمرعب، وخاصة بعد الكوارث الزلزالية والتسونامية التي أصابت اليابان مؤخرا، والتي نتج عنها، ضمن نتائج كارثية أخرى، تسرب الاشعاعات النووية من مفاعلاتها، والذي يعني انتهاء علاقة اليابان بمصدر الطاقة هذا إلى الأبد، إضافة لما أقدمت عدة دول أوروبية غربية من وقف لكل برامج التوسع النووي في مجال الطاقة النووية بالرغم من تقدمها التقني الكبير، مقارنة بعجزنا التام عن إصلاح مكنسة كهربائية، إن خربت، فكيف بإصلاح تسرب نووي من محطة إنتاج كهرباء لا تبعد أكثر من 50 كيلومترا من أية منطقة سكنية في الكويت.

أحمد الصراف

حسن العيسى

استجواب أم فش غل؟

ماذا يريد النائب صالح عاشور من استجوابه لوزير الخارجية الكويتي الشيخ محمد الصباح، فهو وزير في الدولة الكويتية لا وزير في مملكة البحرين! وبصفته هذه هو يجلس على قمة إدارة تمثيل الدولة في الخارج ورعاية مصالحها، وليس من شأنه ولا يحق له أن يفرض سيادة الدولة الكويتية على البحرين وغير البحرين، ولا يجوز للكويت ولو كانت دولة عظمى أن تملي إرادتها على دولة أخرى وأجهزتها الإعلامية، بإمكان النائب عاشور مقاضاة تلفزيون البحرين وفق قانون هذه الدولة، ولكن ليس من حقه كنائب في مجلس الأمة أن يفرض أجندته الخاصة على السياسة الخارجية للدولة.

تكررت عبارات مثل «عدم التدخل في الشؤون الداخلية» في استجواب النائب لوزير الخارجية، وجاءت في غير مكانها الصحيح، العكس هو الصحيح، وإذا اعترضت الخارجية الكويتية على ما بثه تلفزيون البحرين فهذا يعد تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، الآية مقلوبة هنا يا حضرة النائب، فما تريده في استجوابك وما تريد إملاءه مسبقاً على الخارجية الكويتية يعد تدخلاً في شؤون دولة أخرى. يمكن تفهم غضب النائب وسخطه على المواقف السياسية للكويت في مظاهرات الشعب البحريني، فالدولة تعاملت مع «الأشقاء» في البحرين كنظام، والنظام في الأعراف الاستبدادية هو الحكم وهو الشعب ولا فرق بينهما، الدولة هنا تبتلع المجتمع، والدولة هي النظام الحاكم بصرف النظر عن طبيعته ومشروعيته، لكن أياً كانت مواقف الدولة هنا التي ترددت وضاعت حكومتها في حيص بيص مظاهرات البحرين وعدم تبصرها بأن شرار النار الطائفية قد تمتد إلى البيت الكويتي، بعدما تركت جماعات الهوس الديني من الضفتين يتلاعبون بمواقفها الرسمية، فإن حتى ذلك بالمنطق الصرف لا يسبغ على استجواب النائب عاشور أي مشروعية دستورية، فهذا الاستجواب مجرد رد فعل غاضب صب جامه على الشخص الخطأ.

احمد الصراف

بيت وخسارة وربح

كأي رجل أعمال، ولو انني أصبحت على مشارف التقاعد، تأثرت ماديا بشكل كبير نتيجة ما اصاب اقتصادات الدول الخليجية، والكويت، من ضرر مالي هائل، إن نتيجة أوضاعها الداخلية أو بسبب انهيار قيمة استثمارات الكويت في دول مثل تونس ومصر والبحرين وغيرها. ولكني مع هذا لم أشعر بنفس الحسرة أو الخيبة أو الحزن على الخسارة هذه المرة كما في المرات السابقة، خلال ما يقارب نصف القرن من العمل والاستثمار، لأنني أحسست أن الخسارة المادية، رغم فداحتها، كان لها جانب إيجابي، ولو غير مباشر. فما جرى في تونس ومصر وما يجري في اليمن وليبيا والبحرين والسعودية والكويت وسوريا وغيرها، وبالدور يا عرب، سيصب في نهاية الأمر في مصلحة شعوب المنطقة ورفاهيتها المعيشية والفكرية وحقوقها الإنسانية. ومهما كان حجم الخوف من إمكانية سيطرة قوى دينية متشددة على مقاليد الأمور في بعض الدكتاتوريات السابقة إلا أن من الإنصاف القول ان الوضع تغير إلى حد كبير، وأصبح من الصعب الاستمرار في الضحك على الشعوب إلى الأبد بشعارات عقائدية أو دينية أو غير ذلك، وقد شاهدنا كيف أن حزب الإخوان المسلمين الحاكم في تركيا، التي زرتها قبل أيام، وهي الخامسة خلال 37 عاما، لم يستطع فعل الكثير لتغيير علمانية الدولة واضطرار الحزب للتعايش مع الوضع، مع تغييرات شكلية بسيطة. كما أن قيادة الحزب أصبحت تعلم ان استمرارها في الحكم مرتبط باستمرار ازدهار الاقتصاد التركي وليس لأسباب عاطفية او دينية أخرى، هي والوهم سواء.
دعونا نستبشر خيرا ونأمل في الأحسن، فما حدث من تغير في بضع دول عربية كبير وهائل ويستحق التضحية بالكثير من الجميع، وإن مرغمين!!

أحمد الصراف

سامي النصف

ملوك يوحّدون وثوار يفتتون

  وحّد الملك عبدالعزيز الجزيرة العربية، ووحد الشيخ زايد دولة الامارات ووحد الملك فاروق مصر وضم لها السودان وغزة وكانت مساحة المملكة المصرية تفوق 3.5 ملايين كم2، ووحد الملك فيصل الاول العراق وضم لها قضاء الموصل بمساعدة الانجليز رغم اعتراض تركيا، وكان الملك فيصل قبل ذلك قد وحد سورية، ووحد الملك ادريس السنوسي ليبيا عبر مرحلتين، الاولى فور الاستقلال عام 51 حيث اقام خلالها وحدة فيدرالية بين اقاليمها الثلاثة والأخرى في منتصف الستينيات حيث تحول الى الوحدة الاندماجية الكاملة بدلا من الفيدرالية.

تسبب الحكم الوحدوي الثوري الذي تسلم مقاليد الحكم في مصر عام 52 وفي اعوام قليلة بانفصال السودان وخسارة غزة ومعها سيناء مرتين، وتسبب الحكم الوحدوي الثوري في سورية عام 67 في فقد الجولان، وتسبب الحكم الثوري القومي الاسلامي في السودان بفقدان جنوبه هذا العام، كما تسبب الحكم الوحدوي الثوري في العراق بفقدان شماله وجنوبه ولم يبق الا تقاسم بغداد وكركوك، كما يعمل القذافي جاهدا هذه الايام لتقسيم وتشطير ليبيا، وما حادثة الاعتداء على المحامية البنغازية ايمان العبيدي، الا عمل قذافي شيطاني يراد منه الاسراع بالتفتيت والتشطير عبر الاعتداء الوحشي عليها ثم السماح لها بعرض مظلمتها على وسائل الاعلام في فندقهم المحاط بحراسة أمنية شديدة، مما يستفز مشاعر اهل بنغازي خاصة ان الامر يتعلق بشرف امرأة بنغازية وهو امر شديد الحساسية.

وكتب الزميل حامد عزالدين مقالا حذر فيه، وبواقعية شديدة، من احتمال تقسيم مصر العزيزة تحت رايات الانفعال الحالية، مذكرا بدعوة لويس برنارد لتقسيم الوطن العربي الى 82 دويلة، وحذر عزالدين في مقاله من قيام دويلات للنوبة في الجنوب المصري والشمال السوداني وللقبائل في سيناء وللاقباط في الجنوب والغرب وللمسلمين في القاهرة ويمكن اضافة دويلة اخرى في اقصى الغرب تنضم الى ما تبقى من ليبيا، والحذر وافتراض الاسوأ هذه الايام حكمة ما بعدها حكمة.

ويقول بعض الاحباء والحكماء الكويتيين ان ديموقراطيتنا هي حصننا الحصين ضد التشتيت والتفتيت والتشرذم ولا يعطون كالعادة اي تفاصيل او اثباتات لدعاواهم لمعرفتهم أن الواقع المعيش يثبت تماما عكس ما يقولونه، فأحداث البحرين على سبيل المثال لم تفرق اهل قطر او الامارات او عمان بينما تسببت في قسمة خطيرة في بلدنا مازلنا نعاني من آثارها، وقبل ذلك ما تسببت فيه اقوال ياسر الحبيب والجويهل وغيرهما، ان الاكتفاء بغطاء الشعارات والمقولات قد يكشف ذلك الغطاء بأسرع مما نتصور خاصة ان ديموقراطيتنا لم توقف عنا في السابق الخروقات الامنية والنكبات الاقتصادية والازمات السياسية الطاحنة التي انفردنا بها من دون دول الخليج في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات.

آخر محطة:

كتب الكاتب الاشهر في أميركا، لربما في العالم، توماس فريدمان مقالا اسماه «قبائل لها أعلام»، قال فيه ان السعودية والعراق وليبيا والاردن وسورية واليمن ودول الخليج هي.. قبائل لها أعلام وليست دولا!

الكاتب قريب في توجهه السياسي من الادارة الحالية، والحر تكفيه الاشارة!

احمد الصراف

تقرير “سري للغاية” للخارجية

تتساءل القارئة د. بورتويان عن سبب هذا الخلاف حول تسمية خليجنا، في الوقت الذي نرى ان الذراع المائية التي تفصل بريطانيا عن أوروبا يسميها الانكليز «القنال الانكليزي» أو The Channel، أما الفرنسيون فيسمونها بحر المانش La Manche، ولا تتذكر بورتويان اختلاف الطرفين على التسمية في العقود القليلة الماضية. ملاحظتها ذكرتني بقصة رواها المرحوم أحمد الربعي عندما زار عدن، قبل وفاته بقليل، عندما فوجئ بما آلت اليه اوضاع عدن، خصوصا سوق سمكها الشهير، الذي كان قبلة زوار المدينة بسبب غناه وتنوع اسماكه ورخص اسعاره ونظافته، وكيف أصبح، بعد أن غادر الانكليز عدن، واستلام الوطنيين للإدارة، عنوان القذارة والروائح الكريهة وندرة الأسماك وارتفاع اسعارها! وقال الربعي انه اشتكى للمدير عن هذا التباين الحاد، وكيف رد عليه المدير العدني العجوز قائلا: يا أحمد، رجع الانكليز وخذ سوق نظيف وسمك طازة ورخيص! وهنا نقول للدكتورة: هاتي شعبين متحضرين على جانبي الخليج، وستحل مسألة التسمية نفسها تلقائيا، فالخلاف ليس على أي التسميتين أصح، بل بما في الصدور من شكوك، فالإيرانيون يقولون، بكل براءة.. ربما!! ان لا غاية لهم ولا هدف قومياً أو امبراطورياً يسعون الى تحقيقه من وراء اصرارهم على التسمية، وانه حق يودون ابقاءه على حاله، بعد ان شاع في السنوات المائة الأخيرة، على الأقل! أما معارضوهم فانهم يقولون ان ليس في الأمر تغيير ما، فالخليج سبق ان عرف، من خرائط كثيرة، بالعربي، فلماذا لا يعود له اسمه القديم، وان ليس في الأمر تعصب أو شوفينية أو تعال عرقي بل مجرد إعادة الوضع الى ما كان عليه، فغالبية سكان الخليج ودوله من العرب! والطريف ان العراقيين لم يدخلوا طرفا في التسمية، على الرغم من ان الخليج كان يعرف في مرحلة ما بخليج البصرة، وهنا نجد من الأفضل، ان كنا بذلك الرقي الذي ندعي، ان نحاول التعايش مع التسميتين، ولكن من يضمن عدم تطرف جانب ضد الآخر والعودة الى إطلاق شتى الاتهامات.
حل المسألة قد يكون أسهل مما نتصور، فبإمكان لجنة من دول مجلس التعاون التوصل الى حل وسط يتفق عليه مع ايران، او الاتفاق على ان من حق كل طرف استخدام ما يشاء من دون ضغائن، كما في حالة القنال الانكليزي أو المانش. أقول ذلك ولا أزال على رأيي السابق، من ان مطالباتنا بالجزر الاماراتية المتنازع عليها مع ايران لا يمكن ان تحل الا بالحوار، وأي لجنة حوار لا يمكن ان تقرر لمن تعود ملكية تلك الجزر بغير العودة الى الخرائط، وتلاعبنا في الخرائط الدولية المعتمدة حاليا بتسمية محددة، سيضعف من موقفنا التفاوضي، وان كان بالإمكان تجاوز هذه النقطة، فلا توجد مشكلة اذا، ومن حق الامارات، وليس حقي، أخذ هذه النقطة بالاعتبار أو تجاهلها!

أحمد الصراف