سامي النصف

مصر الطلابية ومصر الطلبانية!

وصلت الى مطار القاهرة وقد لاحظت ان قلة السائحين قد تسببت في وفرة المهللين من رافعي الشعار الشهير «السائح العبيط اهوه» فقد تناوب 8 اشخاص بالتمام والكمال على حمل شنطتي اليتيمة الخفيفة التي لم اطلب من احد حملها، بل خُطفت خطفاً من يدي، وقد التقطت صورة طريفة لأربعة رجال طوال ملتفين حول السيارة وأربعة آخرين ملتمين حول الشنطة احدهم يرفعها من الارض الى ارتفاع 10سم، والثاني من 10 الى 20 وهكذا حتى تستقر الشنطة المدللة في العربية، ارجو عودة السائحين والمغتربين سريعا كي يتوزع حمل السياحة على القبائل ولا ينفرد به شخص واحد.

ركبت الليموزين وقد اعتقد البعض بسبب الزحام الشديد حولي انني المبعوث الدولي القادم بالمليارات المسروقة، تحركت السيارة وسألت السائق كعادة كل اعلامي عن الاحوال فأجاب الحمد لله نعمة فلم يعد شرطي المطار يأخذ مني 5 جنيهات عمولة، قلت لقد حُلت مشكلتك وبدأت في الوقت ذاته.. مشكلة شرطي المطار!

الزميل د.مأمون فندي كتب قبل مدة مقالا رائعا كعادته قال فيه: ان ما حدث في مصر اشبه بمن استبدل سائق سيارة تاكسي عطلانة ومهلهلة ثم اعتقد ان ذلك الاستبدال السهل سيحل المشكلة في وقت يحتاج الامر فيه لأعمال واصلاحات مضنية وجادة في السيارة ذاتها (مصر) كي تبدأ بالعمل وتوفير الموارد المالية التي توفر الحياة الكريمة لاصحابها، ولا يُكتفى باستبدال السواق في كل مرة والذي ثبت انه لا يحل شيئا.

رحب رجل الدين المصري المعروف محمد حسان بالسياحة الاجنبية والعربية الا انه اصر على التحول بمصر للدولة الدينية ومنع المسارح والسينمات والمايوهات والمشروبات الروحية على الاجانب والاقباط وليس على المسلمين فقط (خووش تسامح وخووش سياحة)، الغريب ان الاخوان الذين كانوا قبل الثورة يتحدثون عن التسامح والاقتداء بالمثال التركي، قرروا بالامس في اجتماع حاشد عقدوه في امبابة تحدث فيه د.محمود عزت نائب المرشد العام وم.سعد الحسيني عن السعي لاقامة دولة دينية وتطبيق «الحدود» ورفض الدولة المدنية ما يبشر حال حدوثه، لا سمح الله، بانضمام مصر مستقبلا للخراب القائم في افغانستان وايران والسودان تحت مسمى مصرستان او خرابستان أو بؤسستان ومن ثم تحويل حالة مصر الطلابية القائمة الى مصر الطلبانية القادمة.

أصطحب بشكل دائم الاصدقاء الى المطاعم القائمة على بحيرات «السليمانية» ذلك المنتجع المليء بالناس وملاعب الغولف، ذهبت بالامس بصحبة مدير كونا في القاهرة محمد البحر الى السليمانية فإذا بالمطاعم قد اغلقت والاعمال والمكاتب قد توقفت بسبب القضايا التي رفعت على صاحب المشروع وعلى المئات من اصحاب المشاريع الكبرى ممن جل ذنبهم انهم حولوا الصحاري الصفراء الى جنات خضراء استقطبت ملايين المصريين والسائحين عبر استثمار اموالهم في بلدهم لا خارجها، وفي مشاريع لا يستطيع احد ان يأخذها معه عبر المطار أو يودعها في بنوك سويسرا.. وعجبي!

اصدر المدعي العام المصري قرارا بمنع السفر لرئيس الوزراء السابق عاطف عبيد ولرجل الاعمال الملياردير احمد محمد حسنين هيكل شقيق الملياردير الآخر حسن هيكل ابني الكاتب الثوري المعروف محمد حسنين هيكل الذي طالب عام 90 بتوزيع اموال الخليج على الفقراء العرب.

مجلة «ارابيان بيزنس» الاقتصادية المختصة نشرت قبل مدة قائمة بأسماء اغنى 50 مليارديرا عربيا ضمت اسماء الاخوين احمد وحسن هيكل أصحاب شركتي القلعة وهيرميس، فهل سيقوم والدهما بإثبات مصداقيته عبر توزيع جانب من ثروته الفاحشة وثروات ابنائه على ابناء قريته «البسوس» الذين شبعوا شتما فيه كونه لم يساعدهم ماليا قط، كما اتى في كتاب الباحث مرسي النويشي، ولم يقم بأعمال خير كالتي كان يقوم بها غريمه الفقير مصطفى امين؟!

اشارت بعض التقارير الى ان الاخوين هيكل كانا شريكين بالخفاء للأخوين مبارك وكانا يحصلان عن طريق نفوذ جمال مبارك تحديدا على شركات القطاع العام بالملاليم لبيعها للاجانب بالمليارات، ونفوذ هيكل سيجعلهما يخرجان من تلك التهم كخروج الشعرة من العجين والأيام بيننا..!

آخر محطة:

العزاء الحار لآل الخرافي وآل الرفاعي الكرام وللكويت قاطبة في وفاة الراحل الكبير ناصر محمد الخرافي.

للفقيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان.

«إنا لله وإنا إليه راجعون»

احمد الصراف

التعامل مع الحصان النافق

تقول استراتيجيات الحرب إنك عندما تكتشف أن الحصان الذي تمتطيه قد نفق فعليك استبداله بآخر، ولكن في البيروقراطيات الحكومية يتم اتباع استراتيجيات مختلفة تماما مثل التفكير في شراء سوط أقوى، لعل ذلك يجدي، أو تغيير الفارس بآخر أكثر قوة أو تعيين لجنة لدراسة وضع الحصان النافق واقتراح البدائل، او تشكيل وفد لزيارة الدول الأخرى والاطلاع على تجاربهم في مجال التعامل مع الأحصنة النافقة، أو جعل الاشتراطات أكثر مرونة بحيث يتم قبول استخدام الحصان النافق بطرق مختلفة غير الحمل والجري والكر والفر، أو الاستعانة بمقاولين من خارج الحكومة أكثر دراية بطريقة التعامل مع الأحصنة النافقة، أو تسريج أكثر من حصان نافق لزيادة السرعة، أو عرض محفزات أو دورات تدريب مكثفة لزيادة أداء الحصان الميت، أو التفكير فيما إذا كانت هناك جدوى من الاستعانة بفارس ذي وزن أقل لرفع اداء الحصان النافق، أو الإعلان عن أن الحصان أصبح بغير حاجة لغذاء، وبالتالي حققت موازنة التغذية وفرا، واخيرا رفع مرتبة الحصان النافق إلى وظيفة إشرافية داخل المكتب، بسبب عجزه عن أداء أي عمل خارجه.
ولو أمعنا النظر في كل هذه البدائل والحلول، بالرغم من طابع السخرية فيها، لوجدنا أنها تنطبق كثيرا على نماذج لا تحصى داخل الهرم الحكومي في أية دولة وبدرجات متفاوتة، وهي تمثل حقا التفكير البيروقراطي الذي يعمل بمعزل عن مبادئ الربح والخسارة. ولو نظرنا لقضايا الاعسار، أو الافلاس، التي تعرض لها عدد من المواطنين منذ ما قبل التحرير وحتى الآن، وما جنته جهات معينة من اتعاب نتيجة الاشراف على حسابات هؤلاء وإدارة أملاكهم ومصالحهم لوجدنا أن المطمطة وتغيير البدائل وتجربة حلول جديدة لم تتوقف على مدى عقدين، مع شبه انعدام الرغبة في الوصول لنتائج حاسمة بشأن الكثير منها، لما يدره إبقاء الوضع على ما هو عليه لأطول فترة من فوائد على «القائمين والمشرفين» على ثروات هؤلاء المعسرين. فإبقاء ملفات هؤلاء مفتوحة كل هذه السنوات لا يزال يدر الخير على الكثير من المحامين والمحاسبين القانونيين وموظفي الجهاز الحكومي المعني بمثل هذه القضايا، ولا يضر غير أصحاب المصلحة، ومن الواضح أن لا أحد يود الاعتراف بان الحصان قد نفق وأن من الأفضل استبداله بآخر.

أحمد الصراف

سامي النصف

حكومة التحديات غير المسبوقة

قام انجاز الستينيات والسبعينيات الكويتي على نظرة سياسية وإستراتيجية ثاقبة بعيدة النظر تم من خلالها الاستعانة بالأكفاء ورجال الدولة لتولي المناصب القيادية، وقام هؤلاء بالتبعية باختيار أفضل وأذكى العقول العربية والأجنبية لمساعدتهم في عملهم، فظهر للعيان الانجاز الكويتي الكبير في جميع القطاعات والأنشطة الاقتصادية والعلمية والأدبية والفنية والإعلامية والسياسية والرياضية.. الخ.

في السبعينيات وما بعدها وبسبب الوفرة المالية والنزاعات السياسية، وكوسيلة للترضية تم الابتعاد عن نهج اختيار الأكفأ والأذكى وتم توزير خريجي معاهد قد يصلح أصحابها للوعظ والإرشاد الا انهم لم يكونوا على الإطلاق قادرين على الحفاظ على نهج الريادة الكويتي في القطاعات المختلفة كونهم لا يؤمنون بالكثير منها، في حين بدأ الجيران والأشقاء الخليجيون ينهضون ويأخذون بالليبرالية الاقتصادية والاجتماعية التي ابتعدنا عنها ويستعينون بأفضل العقول المحلية والعربية والأجنبية كحالنا قبل ذلك.

وامتد ترهلنا من العام إلى الخاص، خاصة بعد تحولنا الى نهج الدولة الريعية (المرض الهولندي)، واختفى بالتبعية الجيل الاقتصادي الذي تسببت شطارته المالية وروحه المبادرة الوثابة وقدرته الفائقة على اقتناص الفرص في السمعة الطيبة للتاجر الكويتي والتي كانت تخلق موارد بديلة للدولة، واستبدل ذلك كله بطبقة اقتصادية جديدة تعتمد على الربح السهل والسريع عبر المضاربات بالأسهم وعمليات الاحتيال على البسطاء من المساهمين والمتعاملين دون حسيب او رقيب حتى أضحت أسواقنا المالية الأكثر انهيارا في العالم.

ان الكويت بحاجة حقيقية لحكومة تضم أفضل وأكفأ وأذكى العقول الموجودة في البلد لمواجهة تحديات الأسابيع والأشهر والسنين القادمة، وهي تحديات غير مسبوقة في تاريخ البلد منذ نشأته الأولى حتى انه تصغر أمامها تهديدات قاسم وغزو صدام كونهما قاما على معطى أمور سهل اتخاذ القرار الصائب فيها، أما ما هو قادم فقضايا وأحداث كبرى شديدة التعقيد ترتبط بالداخل الكويتي والخارج والمنطقة والإقليم ولا تحتمل لجسامتها الخطأ في القراءة او القرار.

آخر محطة:

 (1) بودنا ان ترشح كتلة العمل الوطني وبقية الكتل البرلمانية والسياسية أسماء للوزارة ولبقية المؤسسات والشركات الحكومية تقوم على الكفاءة والاقتدار، فالانجاز والاخفاق هما في النهاية منتجان بشريان ولا يصح الانتظار حتى اختيار زيد أو عمرو ثم تضييع الوقت بمحاسبتهما، وقديما قيل: درهم وقاية خير من قنطار علاج.

(2) فاتنا ان نثني في معرض حديثنا عن اختيار الأطباء للوزارة والإدارة على اختيار الدكتور الطبيب عبدالرزاق النفيسي لادارة المعهد التطبيقي الذي يزيد عدد منضويه عن اعداد الكثير من الوزارات.

(3) ضمن حفل عشاء أقامه الزميل ماضي الخميس استمعت لأحد كبار المختصين في قطاع الاتصالات من غير الكويتيين يبدي استغرابه الشديد من دفع شركة كويتية لـ 23 مليار ريال للحصول فقط على «رخصة» شركة اتصالات تعمل في بلده، وتساءل: كيف يمكن لمن يدفع مثل هذا المبلغ ان يتوقع الربح؟!

(4) مثل هذا الكلام استمعت له من رجل اقتصاد كبير حول شراء شركة كويتية لوكالة سيارة فخمة خاسرة ويقول: إذا كان البائع وهو احدى كبرى شركات السيارات في العالم لم يستطع تسويق تلك السيارة وتحويلها من الخسارة الى الربح، فكيف يمكن لمسؤول الشركة الكويتية ان يفعل ذلك؟! أرجو ألا يكون السبب هو المقولة اللاذعة للوزير البحريني المرحوم يوسف الشيراوي حول حقيقة «غفلة أهل الكويت»!

احمد الصراف

الذرية مرة أخرى

سبق أن ناشدنا زميلنا السابق الأخ أحمد بشارة إبداء رأيه في موضوع التخلي عن البرنامج الحكومي المتعلق باستخدام الطاقة النووية في الكويت، وحيث اننا لم نسمع أو نتلق رداً منه، فإننا نوجه له، ولو بطريقة غير مباشرة، نداء آخر وجهه الكاتب الأردني أحمد الزعبي لرئيس هيئة الطاقة الذرية في الأردن، السيد خالد طوقان، حيث يقول فيه: باسمي وباسم من أمون عليهم من الأردنيين، نسوق عليك الله، ونرجوك رجاء حاراً ان «تمطمط» في تنفيذ مشروع الطاقة النووية قدر الإمكان، وإذا تمكّنت من صرف النظر عنه كلياً تكون قد عملت معنا معروفاً لن ننساه ما حيينا. يا معالي الوزير، إذا كانت اليابان «أم الهمايم» لم تستطع ضبط مخاطر التسرّب، فكلما رقعتها من جهة انفلتت من جهة اخرى، فهل تريد ان تقنعنا أننا قادرون على إحكام مخارج وثقوب «المحروس مفاعلنا» ونحن دولة على البركة؟ يا سيدي الوزير، أنت تعرف أن مجرد إصلاح حنفية، أو استبدال كوع مغسلة، نظل نعاني من التسريب والتنقيط شهراً كاملاً تحت اشراف ثلة من المواسرجية «الخبراء» من دون ان نتمكن من السيطرة عليه.. حتى يتجمع الكلس الطبيعي ويغلق التسريب ذاتياً.. مجرّد تسريب «قلوب» حنفية أو كوع مغسلة «يعجقنا» وننهزم امامه، فكيف لو كان تسريباً نووياً، كمفاعل «فكو ـــ شيما» لا سمح الله.. أي «فكونا» وخلّي بالنا هادئاً.
صحيح، قبل ان اختم.. سمعنا ان مفاعلنا العزيز سيستهلك اكثر من 8 ملايين متر مكعب من المياه سنويا، مما يعني أننا اذا باشرنا بالانتاج ـــ على خيرة وهداة بال ـــ فإننا لن نتوضأ ولن نشرب بس بــ «نبورد» عاليورانيوم، يا ترى الا يوجد، معاليك، في العروض التي استدرجتموها «مفاعل دراي كلين» هون ولا هون؟
قال «فكو ـــ شيما».. «فكو ـــ نا» عاد!! امر الله امضينا عمرنا «منقوعين» في الفقر والطفر.. هل نختمه.. بجلسات كيماوي.. وأمراض «صدرية» و«داخلية» وغيراته؟
***
ويبقى الأمل في تسلم رد أو تعليق من الأخ أحمد بشارة باقيا، وفي الوقت نفسه نتساءل: لماذا لا نتجه للاستفادة من الطاقة الشمسية، وهي الأكثر توافرا ورخصا وأمانا، ولدينا منها ما يكفي طوال السنة لإضاءة كل دول العالم؟ ومعروف أن بعض الدول الاوروبية ذهبت إلى الصحراء الأفريقية الغنية بالطاقة الشمسية ونقلتها لها لمختلف الاستخدامات!!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الإسلام كبير أيها الزملاء

بعض الزملاء عنده عقدة منذ الصغر اسمها «الإسلام» أو «إسلامي» أو «إسلامية» أو «المسلم»، لذلك تجده «ينرفز» بسرعة اذا ذكر له شيء من هذه الألقاب ويتكدّر ويتعكر مزاجه، فإذا كتب عن أي موضوع فلا بد أن يضع بصمة لحقده الدفين على هذا الدين، وكل من ينتسب اليه من جماعات وشعارات وكتل وأحزاب وواجهات وأفراد، وإن كان هو واحدا منهم!! أحياناً تعتقد أنه جهل، وأحيانا تعتقد أنه «حقد» دفين متراكم نتيجة تربية بيئية، وأحيانا تجد فيه الاقتناع بالفكر الإلحادي اللاديني، لذلك هو يكره كل ما يمت بصلة للأديان!!
نموذج من هؤلاء الزملاء في المهنة يكتب منذ فترة طويلة عن انتقاد الظاهرة الاسلامية ـــ لاحظ الإسلامية وليس الدينية ـــ وهو يعتقد ان ما يكتبه مقنع للآخرين، حتى انه كتب عن المؤسسات المالية الاسلامية، وضرب مثلا لفشلها في عملها، مبرراً أن سلوكها للمنهج الاسلامي سبب فشلها، ويتجاهل مخالفة كلامه للواقع، وان نجاح النموذج الاقتصادي الاسلامي جعل اهم المؤسسات الاقتصادية، ممثلة بالبنوك، تنتهج النهج الاسلامي وتتحول بالكامل الى بنوك اسلامية، وبقية البنوك الربوية خصصت لها صناديق تعمل وفقا للشريعة الإسلامية.
نموذج آخر على تطرف هؤلاء في فكرهم المتخلف: كتب أحدهم مقالاً يمتدح داروين، لانه اوجد فكرة اصل الانسان «قرد»، وشطح به الأمر عندما ذكر مثلاً يؤكد فيه صحة نظرية داروين عندما قال «ان الإنسان كان مميزا في عالم الحيوان وخلق لنفسه بيئة…..»، ثم ضرب مثلاً لهذا الخلق ـــ والعياذ بالله ـــ عندما قال «فالدب القطبي مثلاً تطور بتكوين فراء يحميه من البرد»!! وبعد هذا المقال عرفت ان صاحبنا يكتب من خلفية بعيدة عن واقع أهل البلد وانتمائهم وبيئتهم، لذلك ما استغرب عندما يصر على ان خليجنا فارسي وليس عربياً!!
كاتب علماني متحرر يطالب بالحريات واحترام حقوق الإنسان، ويعتبر كبت الحريات ظلماً يجب رفعه، ويرفض قانون اللباس المحتشم، ويعتبر ذلك تعدياً على الحريات الشخصية، وعندما تطبق فرنسا قانون منع لبس النقاب في الأماكن العامة يحوشه «الطرم» والخرس ويصمت صمت الموتى.
كاتب ثالث من المناضلين القدامى، ومن الذين سطروا اسماءهم في سجل النضال العربي ضد الامبريالية والاستعمار، ساءه ما يشاهد من مواقف مشرفة للتيار الاسلامي المحافظ على الساحتين الكويتية والعربية، وبالمقابل انكشاف جماعاته من شرق العالم الى غربه في مواقف مخزية مؤيدة للاستعمار الذي كان يناضل ضده!! فضيع البوصلة وأخذ ينتقد ما كان يدعو اليه بالأمس، وعندما قام هذا التيار الاسلامي بالمطالبة بتغيير رئيس الحكومة أطلق عليه تسمية «جماعة تخلف بلا حدود» فقط لأن الذين يدعون الى ما كان يدعو اليه هم من الاسلاميين الذين «ما يمرون من الزور» مثل ما يقولون!!
< بالمناسبة.. صج الفلوس تسوي كل شيء مثل ما يقولون، حتى جماعة الدفاع عن حقوق الإنسان ما سلموا من هذا المرض، فمن كان واجبه الدفاع عن المظلومين والفقراء والمساكين الذين لا حول لهم ولا قوة صار اليوم يدافع عن ابو الملايين وصاحب أكبر مؤسسة إعلامية في البلاد وصاحب تاريخ قديم وحديث في توريط البلد مع الجيران، ويخلف الله على الإنسان وحقوقه إذا كانت عند هذا وأمثاله.

سعيد محمد سعيد

توظيف القضايا المذهبية في الصراع السياسي (3)

 

في مقابل الدعوات الفتنوية والطائفية التي يحملها الخطاب الديني غير المعتدل، وغير الناظر الى مصلحة الوطن والمواطنين – أياً كانت صبغة ذلك الخطاب المذهبية- تتعالى أهمية وجود خطاب ديني مسئول! وبالطبع، تلك المسئولية هي المهمة الأكبر للعلماء لحفظ البلاد والعباد، خصوصاً حينما تبرز الى السطح تلك الخطابات والدعوات الآثمة لتدمير المجتمع، فيلزم هنا أن يتعالى الصوت المسئول.

لندخل مباشرة الى مقارنة لخطبتي إمام وخطيب جامع السيدة عائشة أم المؤمنين، رئيس تجمع الوحدة الوطنية، الشيخ عبداللطيف المحمود في جمعتين متتاليتين، ففي يوم الجمعة (8 أبريل/ نيسان 2011، حذر الشيخ المحمود من «أن يكون لروح الانتقام مكانة في التحقيق مع المتهمين أو أخذ البريئين بذنوب المجرمين والمسيئين، ومع المحاسبة القانونية والجنائية لكل أصحاب الفتنة الذين ارتكبوا الجرائم في حق الوطن والمواطنين والمقيمين، ومن فعل تلك الأفاعيل في بلدنا ومواطنينا والمقيمين معنا في بلدنا الآمن، لكننا نعلنها صريحة أننا لا نسمح ولا نجيز ولا نرضى عن أي تجاوز للحقوق أو خروج على العدالة».

أما في خطبته أمس الأول (الجمعة 15 أبريل/ نيسان 2011)، فقد كرر الشيخ المحمود ما طرحه في الخطبة السابقة: «إننا مع المحاسبة القانونية والجنائية لكل أصحاب الفتنة الذين ارتكبوا الجرائم في حق الوطن والمواطنين والمقيمين، لكننا نعلنها صريحة أننا لا نسمح ولا نجيز ولا نرضى عن أي تجاوز للحقوق أو خروج على العدالة ونحذر من أن يكون لروح الانتقام مكانة في التحقيق مع المتهمين أو أخذ البريئين بذنوب المجرمين والمسيئين»، وزاد الشيخ تأكيده بعد أن توفي عدد من المقبوض عليهم أثناء التحقيق، بأن «يتم التحقيق المحايد في أسباب وفاة هؤلاء، وندعو المسئولين إلى أن يمكنوا الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان وغيرها من المحايدين للاطلاع على الحقائق، وتتم محاسبة من تسبب في ذلك إذا كان هناك متسبب».

وقد وضع الشيخ المحمود (مسئولية خطابه) لرفض اتهام الناس في المقدمة، بقوله: «لا يجوز أن نضع جميع أتباع الشيعة الجعفرية في سلة واحدة ونوجه لهم كلهم الاتهام عما حدث فإن ذلك من الجور والظلم، وربنا لا يظلم احداً، ولا يجوز لنا أن نظلم أي بريء، فمنهم براء واتضحت براءتهم أثناء الفتنة، ومنهم من سكتوا ولم يظهر منهم أي عداء او عدوان على غيرهم، ولكن من بغى واعتدى»، ويكشف موقع الخطورة بقوله: «ومن هذا الظلم أننا نرى منشورات توصل إلى بعض بيوت الشيعة تطالبهم بالرحيل عن سكنهم وتهدد بقاءهم من غير ذنب ارتكبوه، وذلك لا نقره ولا نرضى به ونرجو من إخواننا الذين يرسلون هذه الرسائل أن يكفوا عن هذا الفعل، وألا تأخذهم العاطفة فيقعوا في ذات الخطأ الذي وقع فيه أصحاب الفتنة الذين لم يكونوا يريدون التعايش مع غيرهم».

وبعد، لابد من الاحتكام الى دستور البلاد الذي كفل في مادته رقم (22) حرية ممارسة الشعائر الدينية، وجاء فيها نصاً: «حرية الضمير مطلقة، وتكفل الدولة حرمة دُور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقاً للعادات المرعية في البلد»، لهذا نشدد على أن المجتمع البحريني، يمتلك إرثاً دينياً واجتماعياً مميزاً بالمساحة الكبيرة المنضوية تحت عنوان التسامح والتعايش الاجتماعي واحترام المذاهب الإسلامية والأديان الأخرى، لكن ثمة محاذير كثيرة شهدتها السنوات الماضية من خلال رصد انحراف الخطاب الديني لدى فئة من الخطباء والمتصدين للجانب الديني وكذلك السياسي سارت في اتجاه الترويج للأفكار التي لا تتواءم مع المجتمع البحريني، سواء كان ذلك بالترويج للفكر الديني المتشدد وإقصاء الآخر، أو من خلال التحريض والدفع في اتجاه اشعال الفتنة بين الناس، أو عبر ذلك الخلط المتزمت بين السياسي والديني الذي يرجى منه تفتيت المجتمع

سامي النصف

وزّروا الأطباء وزوّجوا الطبيبات

مبادرة طيبة وذكية من سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد بدعوة كتلة العمل الوطني للتشاور والوصول لوضع تصورات عمل مشتركة، ونرجو أن تمتد تلك المبادرة الى باقي الكتل والأعضاء، وقد يحتاج البعض منها الى عمل رحلات مكوكية تلين الأجواء قبل اللقاء وتسهل عملية الانفراج التي يأملها كل محب لهذا الوطن، ونرجو في هذا السياق ألا يرفض أحد ذلك التحرك الخير، فالديموقراطية ـ للتذكير ـ تقوم على مبدأ الرأي والرأي الآخر، والسياسة هي فن الممكن لا طلب المستحيل كما ان العمل السياسي يهدف في النهاية لخلق التوافقات لا اصطناع الأزمات ولا منتصر عندما تغرق المراكب..!

كل البضائع في الأسواق من سيارات وتلفزيونات وغيرها تتباين أسعارها بشكل كبير تبعا لجودتها وقدرتها على العمل ولو فرض سعر موحد لها لما اشترى احد الا الأفضل من تلك السلع وهذا أمر أقرب للبديهة.

الكويتيون من رجال ونساء هم كحال تلك البضائع تختلف قدراتهم وجودتهم بشكل كبير، فهناك مسؤول يمكن ان يوفر على الدولة بقدراته المميزة مليار دينار، وهناك مسؤول آخر يمكن ان يكلف الدولة بسبب محدودية القدرة مليار دينار، والجميل ان الاثنين كلفتهما على المال العام واحدة حيث تتساوى رواتب ومكافآت الوزراء، لذا نرجو الحرص على اختيار الأكفاء في الوزارة القادمة حتى تصبح وزارة كفاءات متفق عليها، والبعد عن محدودي القدرات مادام الثمن واحدا.

الذكاء هو اهم الفوارق بين المقتدرين وغير المقتدرين، وأغلب الأذكياء، كما هو معروف، هم من العاملين في مجال الطب، لذا نود ان نرى الكثير منهم في الوزارة المقبلة بعد ان نحافظ على وزراء أمثال د.هلال الساير ونضيف له من تلك العينة على ان يكونوا من المتميزين كحال د.ابراهيم الرشدان ود.خالد الصبيح والعشرات غيرهما ولا يهم التخصص، حيث ان الوزارة في النهاية هي منصب سياسي، كما يجب عدم الاقتصار بالطبع على الطب فهناك مميزون في مجالات الحياة الأخرى والمقتدر يمكن ان يدير بكفاءة شديدة اي وزارة يتحمل مسؤوليتها، كما انه قادر على إقناع الناس بشكل أفضل من غيره.

آخر محطة:

 (1) في كتاب «من الثالث الى الأول» لرئيس وزراء سنغافورة الأسبق لي كوان يقول اننا كشرقيين نود دائما ان تكون الزوجة أقل مكانة من الزوج، لذا تبقى كثير من الطبيبات في بلده ـ وفي بلدنا ـ دون زواج، ما يجعل جينات الذكاء والعبقرية التي يملكنها لا تورث منهن لأجيال لاحقة، لذا كان يحث الدولة على تشجيع مثل تلك الزيجات وهو أمر يجب ان يعمل به في الكويت التي تحتاج بشدة لرفع مستويات الذكاء فيها.

(2) من يتزوج لجمال فالجمال قابل للذبول السريع، ومن يتزوج لمال فصفقة تجارية واحدة تحيل الأثرياء الى فقراء، اما من يتزوج لذكاء فالذكاء باق بل ويورث فاحرص على ذات الذكاء.

احمد الصراف

داروين الإنسان والرق

يعتبر تشارلز داروين واحدا من أعظم علماء البشرية، ولا تزال نظريته عن أصل الأنواع، وبعد 160عاماً، الأكثر جدلا في التاريخ حتى يومنا هذا، ويعتقد أنها وضعت حدا لجدل دام آلاف السنين. لم يكن داروين عالما فذا فحسب، بل صاحب رسالة إنسانية، فقد كان له موقف واضح من الرق سبق به عصره، وهو ما تكون لديه نتيجة مشاهداته على سواحل أميركا الجنوبية من وحشية في التعامل مع الرقيق باسم الكنيسة المسيحية، وكيف أن بعض أولئك البؤساء، وبينهم مسلمون، كانوا أكثر فهما ورقيا مقارنة بسادتهم البيض! وقد شكلت تلك المشاهد لديه البعد الاثني الانساني الانثروبولوجي الذي ساعده لاحقا في التوصل الى نظريته الإنسانية ومواقفه المناهضة لفكرة التفوق العرقي. وقد سعى للكشف عن مظاهر الاخوة الانسانية عبر البحث والاستقصاء العلمي، من دون التورط في أي ممارسات سياسية. ومع وفاته في 1822ودفنه في مقبرة «وستمنستر آبي» للعظماء، وصلت نظرياته عن «أصل الانسان» الى منعطف مهم وحظيت باهتمام العلماء وأصبحت لاحقا المصدر الاساسي للتعرف على طرق التطور واساس النظريات الحديثة. وعلىالرغم من مواقف داروين الإنسانية هذه، فان المتدينين من قومه لم يفوتوا فرصة لدحض أفكاره ومحاولة محوها ومنعها من أن تدرس، وكان أشد المناهضين له أولئك المطالبون ببقاء نظام الرق على ما هو عليه! ومعلوم أن إنكلترا سبقت العالم بتحريم الرق رسميا في 1833، وتضرر من ذلك الكثير من مالكي الرقيق، ومنهم عرب ومسلمون، وكان الرق معروفا في الكويت حتى ما قبل الاستقلال بقليل، وحتى بعد ذلك بسنوات في مناطق أخرى من الجزيرة العربية، وهو ما عاصرته شخصيا خلال عملي المصرفي. وقد بينت الدراسات الحديثة أن الإنسان العصري لم يتوقف عن التطور، ولكنه أصبح أكثر بطئا من ذي قبل، وأن الإنسان كان مميزا في عالم الحيوان وخلق لنفسه بيئة تحميه من تقلبات البيئة بطريقة لم تعرفها الحيوانات الأخرى، فالدب القطبي مثلا تطور بتكوين فراء يحميه من البرد، ولكن الإنسان، بدلا من ذلك، قام بقتل الدب واستخدم فراءه للحصول على الدفء. مما يعني أن التقدم التقني ابطأ من تطورنا الجيني، ولكن لم يوقفه، فلو قمنا بمقارنة جينات مختلف البشر حول العالم لأمكن ملاحظة مدى ما هنالك من اختلاف بين الأجناس البشرية وكيف تطور البعض بمعزل عن الآخر منذ أول ظهور للجنس البشري، وأحد اشكال التطور هذه لون البشرة، كما أن هناك ظاهرة أخرى تتعلق بصعوبة قيام الجهاز الهضمي لدى البشر بهضم مواد معينة وتغلب غيرها عليها وهضمها بسهولة، فمادة السكر في الحليب، أو اللاكتوز، وقبل أن يعرف الإنسان الزراعة قبل عشرة آلاف سنة تقريبا، لم يكن بإمكانه هضمها، ولكن مع التطور البشري أصبح البعض أكثر تقبلا أو تحملا لهذه المادة من غيرهم، فــ %99 من الإيرلنديين مثلا يتحملونها، أما في جنوب شرق آسيا، حيث لا تنتشر بينهم منتجات الحليب، فإن النسبة لا تزيد على %5.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

شعب… بصلعة ونظارة

كان الزعيم العربي الإفريقي الراحل معتاداً أداء صلاة العيد في الجامع القريب من قصره، وفي طريق العودة إلى قصره يسير موكبه ببطء، محاطاً بضباط الحماية الشخصية، كي يتسنى للزعيم تحية الجموع المحتشدة على جانبي الطريق.
وفي أحد الأعياد، وأثناء عودة الموكب من الجامع إلى القصر، فوجئ ضباط الحماية الشخصية برجل أصلع مهيب المنظر، يرتدي بذلة سوداء أنيقة، جسمه رياضي مشيق، نظارة سوداء معتمة تغطي عينيه، وفي أذنيه يضع سماعات صغيرة، ويجري بجانب سيارة الزعيم ويصدر أوامره بصوت عالٍ لضباط الحماية: «انتبه، على يمينك، الشاب ذو القميص الأزرق»، «أنت، ركّز نظرك على هذه السيدة ذات العباءة، في المرة المقبلة لا أريد أن أرى نساءً بعباءات على جانبي الطريق، فالعباءة هي الرداء الأنسب لإخفاء الأسلحة…».
وهكذا ظل الأصلع يصرخ ويوجه أوامره بصوت يسمعه الجميع، والضباط يتبادلون نظرات الدهشة وينفذون الأوامر، دون أن يعرفوا من هو هذا الرئيس الجديد لفريق الحماية، ويتساءلون في أذهانهم وهم يركضون ويتلفتون في محيط الموكب: «لا بد أن الزعيم اختاره دون أن يبلغهم، كان يجب إبلاغهم فهذا أمر لا مجال فيه للخطأ، لكن قد يكون الزعيم أبلغ الجنرال قائد الفريق الأمرَ ونسي الجنرال إبلاغهم، ثم إن هذا الوافد الجديد لم يتدرب بالتأكيد على حماية الشخصيات، إذ من الخطأ إصدار الأوامر بصوت عالٍ، بل بالهمس من خلال المايكروفونات الصغيرة المثبتة على ياقات القمصان».
واصل الموكب مسيره، وصاحبنا الأصلع ذو البذلة السوداء يصرخ هنا وهناك، إلى أن دخل الموكب باحة القصر، وترجل الزعيم من سيارته، واختفى في إحدى الفلل المتناثرة… هنا التفت صاحبنا إلى فريق الحماية وراح يربّت على زنودهم: «أحسنتم صنعاً لكن تذكروا جيداً ما قلته لكم، لا أريد أن أرى نساء بعباءات، ولا أريد كذا، ولا كذا»! تبادل أعضاء الفريق نظرات الدهشة، قبل أن يسأله القائد بأدب جم: «عفواً سيدي لم نعرفك… من أنت؟»، صمت صاحبنا برهة، وصمت معه الكون، ثم أطلق ساقيه للريح في اتجاه البوابة! هنا ارتفع صراخ الحراس وأعضاء فريق الحماية والخدم والمرافقين وهم يعدون خلفه: «قف قف قف» وألقوا القبض عليه، ليتبين أنه لا يحمل مسدساً بل غلاف مسدس خالياً، واكتشفوا لاحقاً أنه «مهووس» بهذا النوع من المغامرات، وبعد تفتيش منزله وجدوا أنه يحتفظ بأشرطة فيديو لهذا النوع من الأفلام والصور التي يظهر فيها كلها بصورة قائد فريق الحماية، وغير ذلك من العَته والهبل المدمس.
تطورت الأمور فتم فصل رئيس فريق الحماية وإنزال عقوبة قصوى عليه، وأُلقي بالمهووس في السجن، وتغير نظام الحماية بالكامل.
كتب بعد ذلك طبيب نفسي: «أرجوكم لا تقسوا عليه، يبدو أنه مصاب بالمرض الفلاني، وراح يشرح أعراض المرض، وكيف أن المصاب به سلمي لا يحب العنف وإن تظاهر به، وكيف أنه يتقمص الشخصية بصدق إلى أن تتلبسه بالكامل، تتلبس تفكيره وجسمه ونبرة صوته، ويكمن علاجه بتكرار شرح الأمر له، وتنبيهه بطرق مختلفة بأنه ليس قائد فريق حماية…
أنا مقتنع أن هذا المرض موجود، وأنه قد يتلبس جماعات وشعوباً، نحن في الكويت شعب كامل مصاب بهذا المرض، صدّقنا أننا في بلد ديمقراطي فرحنا نجري حول موكب الديمقراطية بنظاراتنا السوداء وصلعاتنا اللامعة، وصدقنا أن لدينا أدوات رقابة فجرينا حول موكبها بالسماعات الصغيرة والمايكروفونات المثبتة على ياقات قمصاننا، وصدقنا أن لدينا صحافة حرة فرحنا نصدر الأوامر ونمنع العباءات، وصدقنا وصدقنا وصدقنا، حتى تلبستنا الأوهام وسيطرت على تفكيرنا وجوارحنا ونبرة صوتنا.
بالله عليكم، هل لو كنا في بلد ديمقراطي حقيقي كان يمكن أن تختفي مليارات النفط رغم كل هذه الأجهزة المحاسبية؟ كيف يتم الاستحواذ على أراضي الدولة وتحويلها إلى مشاريع بالترسية المباشرة، وبسعر لا يكاد يُذكر بالعين المجردة، تحت أعين الأجهزة المحاسبية وفوق أنوفها؟… زوروا منطقة «الحزام الأخضر»، رئة الكويت، التي تضم «النافورة الراقصة» وتفرجوا على المشروع التجاري المقام هناك، ثم اسألوا أنفسكم: «مشروع تجاري بهذا الحجم، على أرضٍ في هذا الموقع، بكم كان يجب أن تُباع لو عُرضت على الجميع؟»، وإذا لم تجدوا الإجابة فأعطوني نظارة وسماعة… الله لا يهينكم.

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

احمد الصراف

الدرس الياباني

يميل الياباني، رغم أدبه الجم وأخلاقه العالية وأمانته ونظافته الى الكتمان، ويصعب بالتالي معرفة حقيقة مشاعره بسبب القناع غير المرئي الذي يضعه على وجهه. كما أن اليابانيين يؤمنون عموما بأنهم أفضل من غيرهم بدرجات، وبالتالي لا تمنح الدولة جنسيتها للغير عادة. كما كان الشعب الياباني طوال تاريخه، والعسكري بالذات، يتصف بقسوة كبيرة، وعانت شعوب كثيرة في جنوب شرق آسيا من فظائعهم ومذابحهم واعتداءاتهم الوحشية، ولكن نقطة التحول الرهيبة في تاريخ اليابان الحديث بدأت مع دخول اليابان الحرب العالمية الثانية إلى جانب المانيا وما تبع ذلك من هجومها الجوي على سواحل أميركا في «بيرل هاربر»، الأمر الذي أثار غضب أميركا ودفعها الى إسقاط قنبلتين نوويتين على هيروشيما ونكاساكي ومن بعد ذلك احتلال اليابان وتعيين الجنرال ماك آرثر حاكما عسكريا. وقد كان لماك آرثر الدور الأكبر في خلق صورة اليابان الحديثة، فقد فرض مجموعة من قيمه الغربية على طريقة الحياة اليابانية، وأحدث تحولا هائلا في طريقة التربية، ونتج عن ذلك خلق مفاهيم ومعتقدات جديدة نتج عنها جيل مختلف في طبائعه وأخلاقه ومثله، بحيث أصبح الياباني اكثر ميلا للسلام وإلى المساهمة في مساعدة الغير، بعد ان تخلى تماما عن نزعاته الشوفينية وقلل من دور الدين في حياته وتخلى عن فكرة ألوهية الإمبراطور، وغير ذلك الكثير الذي ساهم في عظمة اليابان الحديثة. وقد بينت الكارثة الأخيرة، التي أصابت هذه الدولة المتقدمة، بعضا من طبائع الشعب الياباني النبيلة، حيث شاهدنا أن طرق تعبيرهم عن أحزانهم عادة ما تكون متحفظة، فلا شق جيوب ولا نتف شعر وضرب صدور وصراخ حتى لمن فقدوا أسرهم بكاملها، كما لم تسجل اي احداث نهب وسرقة وسلب. كما رأينا كيف يقف الياباني في طوابير الأكل والشرب دون تذمر أو تجاوز، وسجل صحافي غربي استغرابه الشديد عندما انقطعت الكهرباء عن سوبر ماركت كان يتواجد فيه، وكيف أن الزبائن أعادوا للأرفف ما بأيديهم من مواد وغادروا بهدوء دون تذمر أو سرقة شيء، وغير ذلك من التضحيات والتصرفات البالغة الدلالة.
فإذا كان بالإمكان تغييرعادات وتقاليد ومثل وأخلاق شعب بكامله من خلال مقررات دراسية، فلماذا لا نستفيد من هذه التجربة الناجحة بكل المقاييس؟ ألا تستحق دولنا جنرالا مثل ماك آرثر أو حتى «ماك موسى كوسا»؟

أحمد الصراف