محمد الوشيحي

الخرتيت

سامح الله أخي وحبيبي شهر يوليو، تأخر هذه السنة، والغائب عذره معه، والكويتيون المحبطون يغزلون النسيج في انتظاره، وأنا أنهض بين دقيقة وأخرى وأطل من الشرفة، علّه أو لعلّه.

وشهر يوليو يختلف عن بقية شهور السنة كما تختلف تلك الصبية عن بقية الصبايا، وآه يا تلك الصبية، وآه يا شهر يوليو، شهر غسْل الأكباد، شهر الهرب من إدارة الدولة بعقليات العرب، عقلية الشيوخ، أو بعض الشيوخ، الذين أصابهم الحول فقرروا إعادتنا إلى زمن «المشيخة»، وتعاملوا معنا بنظام العلف والشعير، وعليك أن تبلع من البرسيم و«تسرط» الشعير، وتثغو حمداً لله وشكراً، ماذا وإلا فستثغو عليك «خرفانهم» التي ربّوها فأحسنوا تربيتها، وتخور عليك أبقارهم التي سمّنوها حتى أصبحت تزحف لفرط سمنتها، ويا ويلك ويا سواد ليلك من كذب خرفانهم وافتراء أبقارهم.

أين أنت يا يوليو؟ تعطرنا لك وتزكرتنا فلا تتأخر كي لا يتلاشى العطر، والعرب تقول «لا تُسرج قبل أن تُلجم» ونحن لفرط شوقنا إليك أسرجنا خيلنا في انتظارك قبل أن نلجمها، ونزار قباني يقول: «اشتقت إليك فعلمني ألا أشتاق»، وها أنذا أحذرك، فإن تأخرت أكثر فلا تلومن إلا نفسك، إذ لم يبقَ إلا أن تتسلم نائبة تسييس السياسة، التي تصرّح وتصفق لنفسها، منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير العدل ووزير المالية، كي نكتب في أسفل الصفحة الأخيرة «تمت بحمد الله… الطبعة الأخيرة» ونغلق غلاف الرواية.

تعال بسرعة يا عزيزي يوليو فنحن نعيش في رواية، رواية مسلية، لكنها على عكس النسق المعروف في الروايات التي تبدأ حزينة وتنتهي بفرح، هنا بدأنا بفرح وسننتهي بأختنا المسيسة وزيرة.

عجّل يا يوليو، فقد كمن الذئب الأدعق واختبأ، وبرز «الخرتيت» وتمادى، وبدلاً من أن يهاجم خصمه في وسيلته الإعلامية، كما يفعل غيره، راح يسخر من قبيلته ويعيد التاريخ إلى ما قبل القانون والعلم! وأنت تعلم يا يوليو، بل أنت خير من يعلم، أنه لو كان يعيش في عصر ما قبل القانون، والتقى مع أحد من أبناء القبيلة تلك في «صحصحٍ خالٍ» أو في صحراء، وحدهما، لعرف كلّ منهما حجمه، ولزاول كلّ منهما هوايته، فللذئب هواية وموقف يختلفان كثيراً عن هواية الخرتيت وموقفه.

أيها العزيز يوليو، لقد تكاثر الذباب وتعالى نباح الكلاب، وانتثر الملح على الجرح، وارتدى الخرتيت جلد النمر وراح يصرخ مطالباً بأن يُعاملَ معاملة النمر، وأن يتقدم مسيرة ذوات المخلب والناب، فضحكت الغابة حتى سقطت على ظهرها، وحكّت القردة رؤوسها دهشة، وأخرجت الزواحف ألسنتها سخرية، وصفقت السناجب الكف بالكف حسرة… تباً للخرتيت ما أغباه، وتباً للبرسيم الذي أفقده عقله.

حسن العيسى

قولوا خيراً أو اصمتوا

قدم النواب هايف والطبطبائي والوعلان أكبر هدية لحكومة الشيخ ناصر المحمد باستجوابهم البائس لرئيسها، فليس هناك مادة للاستجواب غير اتهام رئيس الحكومة بالتواطؤ مع النظام الإيراني، بكل ما تحمله هذه العبارة من ظلم وفقدان لأبسط معايير العدالة نحو رئيس الحكومة. فلا يبدو أن المستجوبين على وعي بما تحمله عبارات شائنة مثل «الإضرار بالأمن الخليجي، والإضرار بالعلاقات مع دول مجلس التعاون، والإهمال أمام التغلغل الإيراني…» من اتهامات صريحة لرئيس الحكومة تكاد تقارب تهم الخيانة الوطنية…! وخلط المستجوبون بين «العلاقة الشخصية»، أو أياً كان وصفها، بين رئيس الحكومة وبعض الأفراد، وبين ما هو مستحق فعلاً من مساءلة سياسية وقانونية معاً ضد رئيس الحكومة.

حدثوا العاقل بما يعقل، وحدثونا يا حضرات النواب بالمعقول بشأن «تواطؤ» رئيس الحكومة مع النظام الإيراني، كما جاء بفحوى استجوابكم…! فهل كان من المفروض على رئيس الحكومة أن يبعث بالأساطيل والجيوش الكويتية لنجدة البحرين، وكأن البحرين كانت في مواجهة عدوان خارجي واستيلاء على السلطة هناك؟! أم كان من واجب الشيخ ناصر إعلان الحرب «الاستباقية» على إيران «الصفوية» دون انتظار إشارة قبول من الولايات المتحدة، وذلك كي تكون الكويت متسقة مع مفهوم الأمن الوطني ومنفذة التزاماتها مع دول درع الجزيرة؟! أخبرونا ماذا تريدون؟ ونحن هنا نفترض حيادكم في إعمال حكم القانون، وأنكم لا تقصدون بأي حال فرض الوجه الطائفي البشع على الدولة، حين تصبح إيران وتطلعاتها بالهيمنة تكئه وسبباً لاستصغار شيعة الكويت، وكأن هؤلاء وكلاء رسميون للجمهورية الإيرانية.

ماذا كان مطلوباً من رئيس الحكومة نحو إيران ودول مجلس التعاون الخليجي حتى يثار مثل ذلك الاستجواب المقيت. هناك عشرات ومئات الأسباب لمساءلة رئيس الحكومة والسلطة كلها وأعوانها بمجلس «الخدمات» النيابي على الحالة الكويتية اليوم وبالأمس القريب. إلا أن تصوير رئيس الحكومة بالشخص المتخاذل والمتواطئ مع إيران، كما جاء في استجوابكم، مسألة صعبة ولا يمكن هضمها تحت أي حال، ابحثوا لكم همومنا الكبيرة، وما أكثرها، بداية من غياب أبسط مبادئ حكم القانون في الدولة، مروراً بحفلات الرشاوى السياسية التي تدفعها السلطة إلى أمة الاستهلاك ونوابها المبجلين، مع انتشار وباء الفساد في معظم أجهزة الدولة من غير استثناء، ونهاية باحتقار روح الدستور والمساءلة السياسية من الحكومة وأذنابها، كأن يحذف استجواب سياسي مدة سنة كاملة بحجة «الألفاظ» الدستورية مع تغييب متعمد للمعنى والمقصد الدستوريين! ابحثوا لكم عما ينقذ الوطن من محنته معكم ومع هذه السلطة… من غير أن تضيعوا أعمارنا في تلك الترهات… قولوا خيراً أو اصمتوا.

احمد الصراف

يا وزيري.. ارحمني!!

تقول القارئة عبير انها لاحظت بكل أسف مدى تجاهل الدولة لوضع حساس وذي بعد ديني وإنساني عميق، وهو المتعلق بمجهولي الأبوين، وما تبذله مجموعة صغيرة جداً من السيدات الواعيات في المجتمع من جهد للتفاعل مع مشكلتهم وتقديم يد العون لهم ولمن يرغب في تبنيهم. وقالت انها سعدت لقيامي بالتصدي للمشكلة، وطالبتني بعدم التوقف عن الكتابة عنها بسبب كل التقصير واللامبالاة اللذين تتبعهما أجهزة وزارة الشؤون، سواء ما تعلق بطول فترة انتظار الحاضن أو المتبني لطفل مجهول الأب والأم، التي قد تمتد لأشهر فقط لكي تتفضل باحثة اجتماعية لزيارة منزل طالب التبني لتكملة المعلومات المطلوب ادراجها ضمن الطلب، وهو تأخير غير مبرر، مع كثرة الموظفات في القسم! وقالت انه اضافة لذلك فإن لجنة البت في طلبات التبني أو الاحتضان، لا تجتمع عادة سوى 4 مرات في السنة، واحيانا 3، وعادة لا يسمح لها وقتها، بسبب انشغالها بقضايا أخرى، بالبت في كل الطلبات. وتضيف عبير أن الدولة لا تقوم عادة بمساعدة الحاضن ماديا، خوفا من استغلال المسألة، وهذه تصب في مصلحة الطفل المحتضن أو المتبني لكي تتوافر له فرصة العيش ضمن مناخ طبيعي يعرف من خلاله معاني الحب والحنان وتلبية احتياجاته النفسية التي يفتقدها بشدة في دور الرعاية، التي تعج بأشكال وألوان من المشرفين والعاملين من كلا الجنسين، الذين يتناوبون على «رعايته» على مدى 24 ساعة في ثلاث ورديات يوميا، كل على طريقته ومزاجه، هذا غير حالات التعدي جسديا وجنسيا على هؤلاء، التي تكتشف بين الفترة والأخرى!
وقالت سيدة أخرى، مهتمة بقضية هؤلاء الأطفال، ان الوزارة أوقفت منذ 3 سنوات اعطاء الأوراق الثبوتية لهؤلاء، مثل شهادة الميلاد والجنسية والمدنية، وهذا يعني ببساطة أن الدولة، ممثلة بوزير الشؤون، تساهم في خلق «اطفال بدون»، وتزيد بالتالي من حجم مشكلة البدون، وهذا المنع يصعب كثيرا من سهولة احتضان او تبني هؤلاء الأطفال.
ان وزير الشؤون، المعروف بمواقفه الطيبة، مطالب بتشجيع الاحتضان وتذليل العقبات أمام الحاضنين لاتاحة الفرصة أمام عشرات الأطفال الموجودين في دار الرعاية لأخذ فرصتهم بانتشالهم من بيئتهم الكئيبة، التي يحاول بعض «المسؤولين» بهرجتها لاستمرار استغلالهم أوضاع هؤلاء، فهدف دور الرعاية ليس تكديس الأطفال لديها وتعريضهم لمختلف المؤثرات السلبية في بيئة غير طبيعية، بل رعايتهم لفترة قصيرة ومن ثم تسهيل دمجهم في المجتمع ليصبحوا مواطنين قادرين على العيش بصورة طبيعية كغيرهم. كما أن اضطرار البعض للانتظار لفترة تزيد على 4 سنوات للبت في طلباتهم بتبني طفل عملية غير مجدية، فهذا أدى في حالات كثيرة الى تغيير المتبنين لرغباتهم بعد كل ذلك الانتظار، وبعد أن يصبح الطفل في سن غير ملائمة، ويكون قد تأثر نفسيا وعقليا بصورة سلبية، نتيجة أجواء دور الرعاية غير المناسبة.
فهل يجد هؤلاء عند وزير الشؤون.. والعدل حلا عادلا؟ نتمنى ذلك!
***
ملاحظة:‍ لا أميل للعسكر، فقد نكبنا بما يكفي منهم، ولكن ما يجري على الساحة المحلية في هذه الايام من دعوات للاعتصام في مختلف الساحات وتشكيل المسيرات، التي تقف خلفها قوى تصف نفسها بـ«الشعبية»، يعتبر كارثة امنية وسياسية واقتصادية، وأجد نفسي مجبرا على تأييد اجراءات الداخلية في التعامل مع هذه المظاهر المخربة، التي تهدف الى تحقيق مآرب بعض النواب الذين اختاروا نقل خلافاتهم مع رئيس الحكومة الى الشارع، بعد ان خذلهم زملاؤهم، وندعو هنا الى تعاون الجميع مع القانون وعدم المشاركة في الاعتصامات والتجمعات والمسيرات التي دعت اليها قوى التخلف والردة والتعصب الفئوي.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

اردى من مؤتمر الداخلية

ارجعوا بالذاكرة قليلا إلى المؤتمر الصحفي الأشهر، الذي عقدته وزارة الداخلية على خلفية أحداث ديوان الحربش في ديسمبر الماضي، حينما ظهرت القيادات العليا في «الداخلية» وبررت ضرب الناس والاعتداء عليهم بتبريرات أقل ما يقال عنها إنها مضحكة، وأبرزها على الإطلاق أن الرصيف هو من اعتدى على الناس وتسبب في إيذائهم. كل عاقل غير متمصلح ضحك في ذلك الحين على هذا التبرير الواهي غير المقنع والمزيف لما حدث في الديوان، وعلى الرغم من ذلك التبرير الساذج فإن «الداخلية» آنذاك لم تتجرأ على أن تدلي بمبرر آخر لما حدث؛ كأن تقول مثلا إن حضور الندوة تلفظوا على رجال «الداخلية» بألفاظ غير لائقة أو مستفزة. وعلى الرغم من أن ذلك التبرير كان من الصعب إنكاره، فإن الحضور في ديوان الحربش كانوا بالمئات ومن الصعب جدا إن لم يكن مستحيلا إثبات أن الحضور شتموا رجال «الداخلية» من عدمه. لكن مؤتمر «الداخلية» لم يلجأ إلى هذا العذر لأنهم حسبما أعتقد لم يروا أن هذا العذر شفيع لهم ليبرروا الضرب تجاه النواب والمواطنين، بل اعتقدوا أن عذر رد الشتم بالضرب فجّ وكريه وغير منطقي؛ لدرجة أنهم لجؤوا إلى الرصيف كحجة بدلا من رد السبب إلى الضرب. أما «الأفاضل» الأكارم الأماجد نوّاب الأمة، وبالمناسبة معظمهم هم من ضُربوا في ديوان الحربش رأوا غير ذلك، وقرروا أن يتعدّوا بالضرب على من يشتمهم، وأين في قاعة مجلس الأمة!! وأنا هنا لا أدافع عن العضو سيد حسين القلاف، فالقلاف القديم بالنسبة إلي قد ووريت أفكاره الثرى، وحلّ بديلا عنه شخص لا يشبهه سوى بالشكل مع اختفاء للمنطق السليم منذ زمن بعيد. ولكن أدافع عن حقي في قاعة عبدالله السالم التي ما فتئ النوّاب يعيدون ويكررون أنها بيت للأمة والشعب، وها هم يهينون بيتي أمام العالم أجمع، بل يتمادون في غيّهم بتصريح من العضو وليد الطبطبائي، بقوله: إن مشاركته في الضرب «شرف لا يدّعيه»!! والمصيبة الأكبر أن من استخدم اليد و»العقال» هم أنفسهم كرروا بعد الحادثة أن ما قام به القلاف في تلك الجلسة المشؤومة عمل مدبر ومخطط له لتخريب الجلسة، وأنا أتفق معهم في ذلك، ولكن ما لا أفهمه هو لماذا ساهمتم في عمله المدبر وأنجحتموه؟ فإما أن تكونوا مشاركين بمخطط القلاف، وإما أن تكونوا من السذاجة بمكان بأن تقوموا بفعل أرعن كالذي قمتم به. لقد أثبت النوّاب المضروبون في الأمس القريب في ديوان الحربش أنهم لا يؤمنون لا بدستور ولا بقوانين ولا بلوائح سوى لغة الذراع إن كانت صادرة منهم وليست عليهم، ويؤمنون بالدستور فقط حينما يوافق أهواءهم ومطالبهم. وهذا التناقض الذي يعيشونه بل يعيشه أكثر من نصف أعضاء مجلس الأمة الحاليين هو ما يجعل الحكومة تنتهك الدستور وتتعدى عليه بمختلف الأشكال والسُبل دون خوف أو وجل، فحماة الدستور متناقضون ومنتهكون له، فعلامَ نستغرب رقصهم على القوانين ما دمنا بالدفّ ضاربين؟!

احمد الصراف

بدأت بناصر

كتب المعلق البريطاني توماس ملين في «الغارديان» ان مصير العرب (الانظمة العربية) ستحدده مصر وليس ليبيا او غيرها، واضاف ان تمكن المصريون من بناء نظام ديموقراطي شعبي فإن الانظمة الدكتاتورية في المنطقة ستتساقط مثل احجار الدومينو! وهذا صحيح الى حد كبير، فهذه الانظمة التي شاعت في المنطقة، في العقود الخمسة الماضية، ما كان لها ان تستمر لولا استمرار «الشقيقة مصر» في دكتاتوريتها العسكرية، عهدا بعد آخر، فقد وصلت شعبية جمال عبد الناصر، بعد الهزيمة 67 الكبرى الى اوج لم يبلغه زعيم آخر، وكان باستطاعته وقتها تحويل مصر الى نظام ديموقراطي بعيدا عن دكتاتورية العسكر، والسماح بحزبين سياسيين مثلا واجراء انتخابات حرة والترشح لها وهو مطمئن بأن المصريين سيختارونه رئيسا المرة تلو الاخرى، حتى «يزهق»! ولكن خطيئته كانت في اختياره استمرار الحكم الفردي المطلق في ظل قانون طوارئ صارم ونظام مخابراتي شديد السطوة والفساد، وهذا جر ع‍لى مصر وبقية دول المنطقة الويلات والحروب والمآسي وحطم نفسيات شعوبها! فالقرارات المصيرية كانت تتخذ بناء على اهواء واوهام عنترية شخصية، وكانت كل هزيمة اقتصادية او عسكرية تدفع الحاكم الفرد لتشديد قبضته اكثر على الحكم، واذلال الناس من خلال اكثر اجهزة الامن والمخابرات وإلهائهم بـ«التافه» من الامور، كالرياضة وحفلات الست، او تجويعهم واشغالهم بتأمين لقمة العيش.
ان استمرار اختيار القيادات العربية والعسكرية السابقة، وفي مصر بالذات، للدكتاتورية كنظام حكم جاء بسبب طبيعة هؤلاء ونشأتهم العسكرية، فهم لم يعرفوا طريقة افضل للحكم! كما لم يعرف عن المحيطين بهم، من امثال محمد حسنين هيكل، انهم حاولوا ولو مرة اسداء النصح لهم بالتحول للديموقراطية، فلم يرد في اي من كتابات هيكل، منظر ومثقف النظام الاقرب لقلب واذن الرئيس ناصر، انه ناقش رئيسه او نصحه باتباع النظام الديموقراطي في الحكم، ان لم يكن قد شارك شخصيا في تكريس الدكتاتورية في عهد رئيسه ومن جاء بعده! وتقاعس ناصر في التحول نحو نظام اكثر ليبرالية هو الذي تسبب في نهاية الامر في ان تدفع الدول العربية، بما فيها مصر، ثمنا باهظا للحصول على حريتها والتخلص من الجاثم على صدرها، وهو ومن سبقه، هم الذين حولوا شعوبهم الى مجموعة من الهتيفة المهزومين الصاغرين الأذلاء.

أحمد الصراف

حسن العيسى

تعليقاً على ما حدث

أظهر نواب الصفعات في جلسة الأسبوع الماضي سواد وجه الأمة، وليس سواد وجوههم فقط، فلم تكن تلك «النخب» البرلمانية المتعاركة بالشتم والصفعات تمثل نفسها، وتنفس عن احتقاناتها الطائفية والعنصرية، بقدر ما كانت تعبر عن إرادة «الأمة» الطائفية، التي وجدت في ممثلي الطوائف والقبليات والشلل خير تعبير عن إرادتها المتعالية والمتغطرسة، بعد أن صورت «الآخر» الغير بمنظار الاحتقار الديني «الخارج عن الملة والجماعة»… وهذا أبسط أولويات الاعتقاد التي تضج في الصدر الديني المتزمت، اعتقاد خارج العقل لا يفرق بين «شهيد» الأمة بن لادن أو نواب الشهيد عند ممثلي الأمة الكويتية.

حدث الضرب في المجلس، وفقدان القدرة على الحوار المتزن في بيت الطوائف السائر بهدي السلطة الحاكمة لم يكن بحد ذاته مهماً، بقدر ما كان معبراً عن الحالة الطائفية والانقسامات الاجتماعية التي تجتاح الدولة في السنوات الأخيرة. وهي تدق جرس الخطر من التفجر الطائفي والحرب الأهلية القادمة، مادام الفكر الحاكم الذي خلقها بداية ما زال ينظر إليها بالمنظار القديم المتخلف ذاته، متصورا أنها «ظاهرة صحية»، بالنسبة إليه، يستطيع أن يمسك عبرها بزمام الحكم من دون منافس حين يعلي من نفسه، وكأنه فوق تلك التشوهات الدينية والمذهبية، وكأنه رمز «الحياد القانوني» وفوق الشبهات! بينما يدرك أي واع أنه المسؤول الأول عنها، فقد كانت البداية بتقسيم الدوائر السابق حسب التفريعات الطائفية والعشائرية، ثم كان هناك الميل بممالأة الاتجاهات التعصبية الدينية، الذي تجلى في «بعثات» الجهاد إلى أفغانستان المناضلة ضد «الكفار» الشيوعيين، ثم ما تبع ذلك من أحداث بعد انتصار الجهاد والإرهاب معا تمثلت في تشجيع سافر لقوى التطرف الديني، وأصبح وعاظ آخر زمن نجوماً على شاشات التلفزيون والإعلام الرسمي وغير الرسمي، وأصبحوا خير وسيلة، من ناحية أخرى، لترويج السلع التجارية مختومة بأختام المباركة الدينية.

لم نكن بحاجة إلى كل ذلك الهوج الديني، والتقسيمات الاجتماعية، فالكويت ليست العراق، وهي أيضا ليست البحرين ولا مصر، ولا مثل أي من شقيقاتها العربيات المبتلاة بنقص الموارد الطبيعية، وحجم سكاني كبير نسبيا. كانت الكويت، مع بعض التحفظ، وعاء صهر مصغرا، لأعراق مختلفة، جاء أهلها من الجزيرة العربية، ومن بلاد الرافدين، ومن بلاد فارس… فهل أضحينا بعد تلك العقود الممتدة غير متآلفين وعاجزين عن قبول بعضنا بعضا؟ من المسؤول عن هذه الخبيصة؟ وهل يعلم النافخون في جمر التقسيمات المذهبية والعرقية أي منقلب سينقلبون؟!

احمد الصراف

الإدارة وليس الذرة

قرر المركز الاستشاري للتنمية المستدامة في بريطانيا قبل سنوات رفض فكرة بناء جيل جديد من المفاعلات النووية، على الرغم من دعم الحكومة للفكرة، لان بناءها لا يشكل الرد المناسب للتحديات التي افرزها التغير في المناخ والاغراض الأمنية. واشار تقرير المركز الى وجود مجموعة سلبيات رئيسية للطاقة النووية وهي: عدم وجود استراتيجية طويلة الأمد للتعامل مع التلوث الذي سينتج عن استخدام الغاز النووي السام، فالعمر النصفي لعنصر البلوتونيوم الناتج عن مخلفات الوقود الذي تستهلكه محطات الطاقة، يقدر بحوالي 24 الف سنة، اضافة الى عدم التيقن من مدى كلفة بناء محطات نووية جديدة ومقدار المخاطرة الذي سيتعرض له دافعو الضرائب، وهناك ايضا الخطر المحدق ببريطانيا نتيجة استخدام هذه الاستراتيجية النووية، والذي قد يضعها في مواجهة نظام مركزي لتوزيع الطاقة المخصصة للخمسين سنة المقبلة، اضافة إلى الخطر الذي يتهدد الجهود المبذولة لتطوير كفاءة اداء الطاقة القائمة بسبب البرنامج النووي الجديد، واخيرا الخوف من هجمات ارهابية والتعرض للاشعاعات النووية في حال قامت دول اخرى ذات معايير امنية متدنية باتباع النموذج البريطاني!
كل هذا في بريطانيا، فكيف الامر في دولة متخلفة تقنيا وصغيرة حجما وسكانا كالكويت؟ علما بان بريطانيا تحصل الآن على %20 من حاجتها من الطاقة من مصادر نووية، ولكن بحلول 2020، ستنخفض النسبة الى %7 قبل ان يتم اغلاق محطات توليد الطاقة الحالية نهائيا في عام 2035. وقد حثت مفوضية المركز الاستشاري الحكومة على دعم مزيد من التوسع في البحث عن مصادر جديدة وبديلة للطاقة واتخاذ اجراءات جديدة من شأنها تعزيز كفاءة اداء الطاقة وتطوير تكنولوجيات حديثة مثل تقنية «امتصاص الكربون» للتعامل مع التهديد البيئي الناتج عن محطات الوقود. وقالت المفوضية انه بالرغم من فوائد الطاقة النووية، فإنها لا تقارن بالسلبيات الجدية، وان على الحكومة التوقف عن البحث عن حل سهل لمشكلة التغير في مناخنا وازمات الطاقة، والتي لا تقتصر على مشكلة واحدة ببساطة، وانه يجب البحث عن مصادر بديلة للطاقة مثل الرياح والامواج والديزل والوقود العضوي، الخالية جميعها من الكربون، والتي يمكن ان تولد ما نسبته %68 – %87 من الطاقة الكهربائية اللازمة لبريطانيا في حال تم استغلالها بشكل جيد، وبالتالي فما نحتاج اليه في الكويت في الخمسين سنة المقبلة هو محطات طاقة محلية صغيرة، متعددة المصادر من رياح ووقود نفطي وطاقة شمسية، كما يتطلب الامر تقنين استخدام الكهرباء فوراً من خلال رفع الدعم عنها او توفيرها بنظام الشرائح، فما نشكو منه من هدر مخيف، بلغ الاعلى في العالم للكهرباء والماء، لا يمكن ان يستمر الى الابد.
إننا أكثر حاجة لإدارة فعالة منا لمفاعل نووي.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

ابليس دخل المجلس

كانت الجلسة هادئة.. والنقاش فيها موضوعياً ومنطقياً.. والاسلوب في الطرح كان راقياً.. وتسابق النواب في اثبات حق ابنائنا في الدفاع عن انفسهم.. وحقهم في محاكمة عادلة في بلدانهم.. وكادت الجلسة تنتهي من هذا الموضوع باجماع غير مسبوق، حيث شارك في النقاش الشيعة والسنة والبدو والحضر والاسلامي والعلماني، وكلهم يطالبون الحكومة الكويتية بالسعي عند الحكومة الاميركية للافراج عن ابناء الكويت، وعددهم اثنان، ومحاكمتهما في بلادهما.
لكن ابليس ما يهون عليه يشوف الناس مجتمعين على خير، فدخل عليهم في اخر لحظة على هيئة احدهم، وطالب الرئيس بالحديث، وهنا بدأ في اثارة الفتن والنعرات بهدف تخريب هذا الانجاز الرائع، وعندما لم يحقق مراده وجاءه بعض زملائه يطالبونه بأن يتقي الله في ابناء الكويت، وجدها فرصة للوصول الى مبتغاه فرفع العصا في وجه احدهم وشتم الاخر بألفاظ سوقية مما افقد الاخرين اعصابهم وحصل ما حصل.
انا ضد كل ما حصل مهما كانت اسبابه، ونحمّل المسؤولية لكل من كان في القاعة من الرئيس الى المتفرج، لكن لا بد من وضع دوائر حمراء وعلامات استفهام على تصريحات هذا النائب الذي «ما فتئ» يثير النعرات بين الحين والاخر.
المجتمع الكويتي عانى الكثير من بلاويه التي يثيرها هو ووكيل مراجعه بين الحين والاخر، وكما ذكرت في مقال سابق إن كان عندكم مجانين فعندنا اكثر، لكن اربطوا مجانينكم حتى نتمكن من ربط اللي عندنا، وبما انه ذو منزلة عالية لديهم فلم يتمكن احد من ان يقول له قف عند حدك الكويت اولى! لذلك كان سببا في اثارة بعضنا والرد عليه بمثل ما يقول.
اتمنى من سمو الامير، حفظه الله، والذي لا اشك لحظة في انه سيختم هذه الفتنة بالشمع الاحمر، ان يطلب من القائم مقام (….) ان يوقف تصريحاته الاستفزازية ويراعي مصلحة الكويت بدلا من ان يراعي مصلحة معزبه عندها صدقوني سيخرج ابليس من القاعة.

***
ميناء مبارك الكبير.. اثار مشكلة غير متوقعة مع العراق.. قد تكون مصطنعة.. وقد تكون عفوية.. المهم لا نتجاهل الموضوع.. ولا نهمش مطالب الجيران لو كانت غير منطقية.. يجب اعطاء الموضوع حقه من النقاش والحوار الهادئ وتغليب مصالحنا القومية والوطنية.. والتي لا شك من اهمها ان نعيش بسلام مع جيراننا.
بصراحة لا نريد ان نكرر مأساة اكاذيب صدام بسرقة النفط من حقل الرميلة، اليوم عندنا فرصة نمنع الاسوأ من ان يتكرر.. فقط قليل من الاهتمام والانتباه.

احمد الصراف

مارتن لوثر واوباما

طالما لا يوجد فصل بن الدين والدولة، وطالما ان منزلة الشخص في المجتمع تقوم على اسس مذهبية او دينية عرقية او قبلية، وليس على الكفاءة والاخلاص، فلا يمكن لمثل هذا المجتمع ان يعيش في سلام ورخاء، او حتى ان يزدهر. (القارئ محمد ثابت).
***
ولد القس الاميركي وداعية حقوق الانسان مارتن لوثر كينك جونير في يناير 1929 واغتيل في 4 ابريل 1968 وبالرغم من قصر حياته فانها كانت مملوءة بالاحداث، ولا شك ان الرئيس اوباما لم يكن ليصل للبيت الابيض لولا جهود مارتن لوثر وكفاحه السلمي في سبيل المساواة بين مختلف الاعراق في اميركا. كان كينك من المؤمنين بمدى اللاعنف، الذي اخذه من ملهمه مهاتما غاندي ويعتبر كينك اليوم من ابطال الحرية في التاريخ الاميركي، فقد اصبح داعية حقوق مدنية في السنوات المبكرة من حياته، بعد انهاء دراسته للحقوق، وقاد حركة «حافلات ولاية مونتغمري» في عام 1955 وبلغ اوج شهرته بعد خطبته الشهيرة «انا لدي حلم»I Have a Deram التي القاها بحضور اكثر من مليون مشارك، وبلغ فيها القمة نصا والقاء، وعبر فيها عن حلم كل افريقي اميركي بمجتمع يخلو من التفرقة والعنف والتعصب.
وفي عام 1964 حصل كينك على جائزة نوبل للسلام وكان اصغر من حصل عليها في تاريخ الجائزة، وربما حتى اليوم، وذلك لجهوده في مناهضة التفرقة ومحاربة الفقر ومعارضته السلمية لحرب فيتنام، ونال بعد اغتياله عدة اوسمة رئاسية ومن الكونغرس واصبح يوم مولده عيدا قوميا في اميركا.
من اقوال كينك: ان الظلام لا يمكن ان يطرد الظلام، الضوء فقط بإمكانه فعل ذلك، والكراهية لا يمكن ان تقضي على الكراهية ولكن الحب هو الذي يقضي عليها، والكراهية تضاعف الكراهية والعنف يضاعف العنف والقسوة لا يمكن ان تقابل الا بقسوة اشد لتستمر دوامة تصاعد الهدم والتخريب.. كما قال ان علينا ان نتعلم العيش كإخوة، او الفناء معاً.. كأغبياء! ومن اشهر اقواله: اننا لن نتذكر كلمات اعدائنا، بل حتما سنتذكر صمت اصدقائنا.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

السيدات والسادة… القائدات والقادة

ويبرز السؤال القديم مجدداً: «هل عضو البرلمان يمثل الناس أم يقودهم أم يمثلهم ويقودهم في آن واحد؟»… النائبة الفاخرة سلوى الجسار تقول إن النائب يقود الأمة، والدستور في المادة 108 ينص على أن «النائب يمثل الأمة…»، بمعنى أن النائب سعدون حماد يمثلني، والنائب عدنان المطوع يمثل سعود العصفور، والنائبة رولا دشتي تمثل سائقي تاكسي المطار… وهذا عليك الله «كلام ما معدول وما نقدر نختّوا في روسنا» كما يقول السوداني المبدع الطيب صالح رحمه الله.

فلو كان سعدون يمثلني لتعلّمت الكاراتيه كي أتفاهم معه بطريقتي الخاصة، ولو كان المطوع عدنان يمثل سعود العصفور لراح عدنان «من صيد أمس»، فسعود ضخم البنيان عريض الكليتين، كفه جرافة من جرافات فريق الإزالة، ولا يحتمل أبو عبدالعزيز «حركات الصكصكة» على رأي أهل مكة المكرمة، التي يمارسها المطوع، وسائقو التاكسي «ما وراهم إلا الفقر» فلا عقود مليونية ولا هذي ولا ذيّة، فعلامَ تضيع رولا وقتها الثمين معهم.

إذاً، على أرض الواقع النائب لا يمثل الأمة بأسرها، بل إنه، وهذا هو الغالب، قد يمثل الشيطان الرجيم في عيون بعض أبناء الأمة في حين يمثل الملاك الرحيم في عيون البعض الآخر، لذا يجب أن يتم تعديل المادة 108 لتصبح «النائب يمثل ناخبيه فقط…».

طيب هذا من ناحية التمثيل، فماذا عن القيادة؟ بمعنى، هل عضو الجمعية التعاونية، الذي جاء بالانتخاب أيضاً، أو عضو النادي الرياضي، أو أي عضو منتخب، يقود ناخبيه، كل في مجاله، فالبرلماني يقود الأمة في التشريع والرقابة، والتعاوني يقود المنطقة في المجال التعاوني… هل هذا الكلام صحيح؟ الجواب بحسب رأيي: لا.

ثم ماذا عن الكتّاب والمفكرين الذين يقودون فكر الأمة ويوجهونه، أو هكذا يفترض؟ وإذا كان عدد النواب خمسين نائباً فإن عدد كتاب المقالات يفوق الأربعمئة كاتب رأي بخلاف المؤلفين وكتّاب السيناريوهات والشعراء ووو؟ فمن الأولى بالقيادة؟ وهل نحن بحاجة إلى قائدات وقادة أيها السيدات والسادة؟ الجواب بحسب رأيي: أيضاً لا.

وبالعودة إلى السؤال في الأعلى، الإجابة كالتالي: كلّ يؤدي دوره في مجاله، فلا أحد يقود أحداً، ولا أحد يمثل إلا من انتخبه. نقطة على السطر.

***

النائب حسين القلاف حضر نحو ست جلسات منذ بدء الفصل التشريعي، ولا أظنه حضر أو شارك في أي لجنة لصياغة القوانين ومتابعة مصالح الناس. وفي كل مرة يحضر إلى قاعة البرلمان تنشب معركة هو شرارتها وشعلتها، ثم يبدأ بالشكوى من التكفيريين والطائفيين! وأظن أن على رئيس البرلمان أن يمنع دخوله بالعصا إلى القاعة، وأن يكلف الرئيس «حَكَماً رابعاً» كما في كرة القدم يقف عند مدخل القاعة ليتفقد أحذية النواب خوفاً من أن تكون مدببة أو تحمل مسامير… فالسالفة علْقت، على رأي اللبنانيين.