احمد الصراف

أقوال القاضي وليم يونغ

y>في غمرة الهلع الذي كانت تعيشه أميركا بعد أحداث 11 سبتمبر، القت السلطات الأميركية القبض على البريطاني رتشارد ريد، بعدها ببضعة أشهر لمحاولته تفجير طائرة أميركية كانت تقله ومئات الآخرين إلى أميركا، بعد أن كشفت المضيفة محاولته إشعال المتفجرات في كعب حذائه المبتل. اعترف ريد بجريمته وبولائه لأسامة بن لادن وللإسلام، وبأنه لا ينوي الاعتذار عن فعلته وأنه يعتبر نفسه في حرب مع أميركا! وهنا خاطبه القاضي يونغ قائلا: لقد حكمنا عليك بالسجن 130 عاما، وبغرامة مليوني دولار. والآن دعني أبين لك أننا يا سيد ريد لا نخاف منك ولا من كل الذين تآمروا علينا معك، فقد مررنا بأوقات عصيبة كثيرة طوال تاريخنا، ونحن هنا في هذه القاعة نتعامل مع الجميع كبشر لنصل إلى العدالة، وأنت لست في حرب معنا، كما تقول، ولست جنديا في جيش بل أنت إرهابي، ولا تستحق غير ذلك من صفة، ونحن هنا لا نتعامل أو نتفاوض مع إرهابيين أو نعقد اتفاقيات معهم، بل نتتبعهم ونحضرهم أمام العدالة. قد تكون شخصا ضخم الجثة (193سم) ولكنك لست بالمحارب، بل أنت إرهابي ومجرم تسعى لقتل أرواح بريئة، ومن كان بانتظارك في المطار لإلقاء القبض عليك كان على حق عندما قال لك بأنك لا تعني الكثير لأحد عندما تساءلت عن سبب عدم وجود صحافة وتلفزيون بانتظارك لحظة وصولك للمطار! ما يقلقني حقا هو السبب الذي دفعك للاقدام على فعل إجرامي كهذا، وقد استمعت لك بكل احترام، ولكن يبدوا أن الشيء الوحيد الذي تبغضه فينا هو حريتنا، وهي أثمن ما نملك، حريتنا في أن نعيش كما نحب ونرغب، لأن نؤمن أو لا نؤمن بما نريد، ففي هذا المجتمع كل نسمة ريح تحمل معها الحرية، ولهذا أنت تقف هنا في هذه القاعة الجميلة لتنال حقك في محاكمة عادلة، ولو تطلب الأمر حضور رئيس الدولة، من خلال ممثليه، لهذه القاعة للشهادة معك أو ضدك، لتم ذلك حتما، فلا أحد هنا فوق القانون. انتهى.
ولو بحثنا في خلفية ريد لوجدنا أنه من مواليد 1973، وينتمي لأسرة مفككة، وعاطل عن العمل وترك المدرسة في سن 16، أمه إنكليزية ووالده من جامايكا وخريج سجون ومعروف بتعدد جرائمه، كما أدين ريد بعشر جرائم ضد أشخاص وممتلكات!!
وهذه هي النوعية التي يجندها «القاعدة»، الذي تخلصنا من مؤسسها إلى الأبد، في زرع الدمار والخراب في كل مكان باسم الدين.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

لا علاقة للتنمية بالتوتر

ألا يمكن أن تسير أمور البلد بشكل طبيعي مع وجود هذا التأزيم في العلاقة بين السلطتين؟!
ما دخل وكيل وزارة خدمات ووكلاء وزارته ومديريه في المشاكل القائمة بين النواب والحكومة؟! لماذا كلما صرخ مسلم تعطلت الخدمات؟ ما علاقة تهديد فيصل المسلم واستجواب ابورمية بتسهيل معاملات المواطنين وأداء موظف جالس في مكتبه في مجمع الوزارات؟! لماذا نعول كل مشاكلنا وتخلفنا على العلاقة بين السلطتين؟
ما علاقة تنفيذ قانون الشركات المساهمة الجديد بهوشة الصواغ وعدنان المطوع؟ ما علاقة تنفيذ جسر جابر بإحالة استجواب الفهد إلى التشريعية؟ ما علاقة إنشاء تسعة مستشفيات تم الانتهاء من مناقصاتها بموضوع المحكمة الدستورية ونظرها في استجواب المحمد؟!
كل دول العالم فيها من التوتر بين السلطتين أكثر مما لدينا، ومع هذا لم يتعللوا بما تعللنا به من أسباب تعطل عجلة التنمية؟!
الذي عطل عجلة التنمية يا سادة هو الكسل وسوء الإدارة وانتظار الفرص المناسبة للنهش والهبش وليس له أي علاقة بما يجري في ساحة الإرادة أو قاعة مجلس الأمة؟!
صحيح «ما حد راضي» عن تردي العلاقة بين المجلس والحكومة، لكن لا أجد مبررا لتعليق تخلفنا على شماعة هذا التردي.

أحمد الفهد
يعجبني في الشيخ أحمد الفهد شخصيته وقوة ارادته وعزيمته، لكن مذكرته التي تبناها في اعتبار الاستجواب غير دستوري لا يمكن أن تكون معتمدة من عقلية مثل عقليته!! فالطالب في الثانوي يدرك من أول اطلاع على هذه المذكرة انها كتبت بعيدا عن المهنية وأصول اللعبة. فقد كتبها واحد قال للشيخ «انت عاوز ايه يا فندم؟» ثم كتبها!!
ولا أريد ان أكرر ما ذكره الزميل عبداللطيف الدعيج في نقده للمذكرة بالأمس، لكن أقول للشيخ أحمد ان هذه الخطوة مو منك ولا هي من أسلوبك اللي اعتقد اني أكثر واحد اعرفه وأكثر واحد عانى منه في التسعينات ومطلع القرن الجديد.

احمد الصراف

بناء الجسم في التسعين

يقول جين بول لوزا*: عندما كنت صغيرا كنت أشكو من الصداع وأمراض اللوز، وتسبب هذا في بطء نموي وشحوب بشرتي وشعوري المستمر بالإرهاق، وكان اقراني أطول واقوى مني. في سن الــ13 أزلت لوزتي فتحسنت صحتي وزاد نشاطي، فانخرطت في الملاكمة والتجديف وقررت أن ابقى سليم الجسد إلى الأبد.
تخرجت طبيب اسنان، ولكن الرياضة كانت شاغلي، ولكن مع الأربعين تماهت طريقة حياتي مع طريقة حياة زوجتي وأصبحت أكثر كسلا، فقد كنا نقضي الساعات دون فعل شيء، وتسبب ذلك في رفع ضغط دمي، وفي يوم شعرت بآلام في قدمي وببروز عروقها فعدت الى الرياضة كما في السابق. مضت بي الحياة وانفصلت عن زوجتي في الــ60 والتحقت بفريق التجديف وأصبحت أشارك في المسابقات الدولية، وكسبت 36 ميدالية ذهبية. وفي عامي الــ 75 بدأ الموت بخطف رفاقي، وكان الكل من حولي يكبر بالسن، وكنت على وشك التقاعد، ولكني استمررت في ممارسة التجديف، وفي الــ82 بدأت بإصدار مجلة تعنى بشؤون الفم والأسنان، وفي الــ85 واجهتني مشكلة، فقد نظرت لنفسي في المرآة ورأيت رجلا كهلا بقامة غير مستقيمة ووزن زائد وقطع الجلد تتدلى من اطرافه، وكنت أبدو كحطام سفينة غارقة، وشعرت بأن الموت قد اقترب مني، وكنت أعلم بأن عليّ أن أهدئ من نشاطي ولكني كنت اشعر بالقلق، فقد فقدت ذلك الجسم الذي كان يلفت الأنظار، وكنت وقتها لا أزال أمارس رياضة التجديف 6 أيام في الأسبوع وليس هناك ما يمنع من أن ابذل جهدا أكبر، وهكذا قمت في أواخر الثمانينات من عمري بالانضمام الى نادي بناء الأجسام، واكتشفت أن ليس لديهم اي تعليمات تتعلق بطريقة التعامل بمن هم في سني، وكان عليهم المرور بالتجربة والخطأ وهكذا قمت بممارسة رفع الأثقال، وتناول أنواع من البروتينات، وبدأ جسمي بالتحول وأصبحت أسمع تعليقات الاعجاب مرة أخرى، وخاصة من السيدات، وكيف انني أبدو أصغر بكثير من عمري. وبدأت بممارسة الجودو لتعلم تفادي السقطات المميتة، وهذا حسّن من الدورة الدموية لدي، كما تبين لي أن بناء العضلات سيحميني من خطر الألزهايمر، وعندما بلغت الــ 90 توقفت عن التفكير في الموت وأصبحت أركز أكثر على استعادة شكل جسمي القديم، وفي عام 2008 دخلت أولى بطولاتي الرياضية المتعددة متحديا من هم أصغر سنا مني بكثير، وكان الترحيب بي كبيرا، وحصلت على أعلى درجات من كل السيدات المشاركات، وكثير من الرجال، وفي مسابقة السنة الماضية في ألمانيا تفوقت بدرجاتي على الجميع.
أنا لا أجري وراء الشبوبية، بل أجري وراء الصحة، فالناس غسلوا عقولهم باعتقادهم أن الحياة تنتهي في الــ65 من العمر. كما قيل لنا ان الشيخوخة تعني التدهور المستمر في الصحة وفي وظائف الأعضاء، وعلينا التوقف عن أداء اي شيء، أو أداؤه بحذر وبطء، استعدادا للموت، وأنا أخالف ذلك تماما فأنا ابلغ الآن الــ92 وقانون الطبيعة لا يخيفني، فقد أقنعت نفسي بأن متى ما جاء الموت فلا مفر منه، ولكن حتى ذلك الوقت سأستمر في التركيز على أن يكون شكلي رياضيا ومعدتي مسطحة.
*مقابلة مع «الغارديان» اللندنية ـ 2011/4/24

أحمد الصراف
[email protected]

محمد الوشيحي

محمد الرطيان… ليس لديه فروع أخرى

تشاهده فتجرّك ذاكرتك من قفاك إلى أولئك الذين يحتلون صفحات التعارف وجمع الطوابع في مجلات الثمانينيات… تقرأ له فتدمنه والعياذ بالله.. كتاباته فتنة سامح الله من أيقظها.
هو صعلوك سعودي أحياناً… وهو شيخ الطريقة الرطيّانية دائماً… له مريدون وأتباع، من هنا إلى هناااااك، يقرأون له وهم يهزون رؤوسهم، وينتظرون «أوراده» بجوعٍ مرموق… وليس لديه فروع أخرى.
يعرّف نفسه لمن يعرفه:
السلام عليكم. أنا محمد الرطيان. أعمل في شركة الاتصالات السعودية (لن أتردد لحظة واحدة في مهاجمتها لو شعرت أنها رفعت فواتيري أو فواتيركم !) أعيش في مدينة رفحاء العظيمة في شمال البلاد، وولدت فيها في عام النكسة (كل الأعوام العربية منذ عام 48م هي أعوام نكسات ونكبات… فاختاروا من التواريخ ما تشاءون!) متزوج ورزقني الله ستة أطفال رائعين ولهم أحلام رائعة: « سيف» ويحلم أن يسافر من رفحاء إلى جيزان عبر القطار! «سلطان» ويحلم أن يذهب إلى أحد مراكز الاقتراع ليدلي بصوته عن أي شيء! «أحمد» ولديه أحلام خطيرة لا تصلح للنشر! «فاطمة» تحلم أن يكف اليمين واليسار عن التحدث بالنيابة عنها، وتسلّم عليهم، وتقول لهم: إذا فيكم خير تجاوزوا الحديث عن «قيادة المرأة للسيارة» للحديث عما هو أهمّ وأخطر! «مريم» لا تحلم… ولكنها تخاف عليّ من المبالغة في الأحلام الكبرى! «الحميدي» يحلم بتغيير اسمه!… وطبعًا سأقول له وبكل ديمقراطية: «معصي»!! وأرجو أن تجدوا على مائدتي ما لذّ وطاب من المقالات والأفكار الطازجة والشهية. ولن أعدكم بشيء… فقط أعدكم بأنني سأحاول: أن نغني معاً للبلاد… أن نشتم القبح علانية… وننحاز للجمال… أن نفتح نافذة (ولو صغيرة) لضوء سماوي… أن نرفع السقف (ولو قليلاً) عن رؤوسنا… أن نفضح الأشياء التي تستحق الفضح، ونحتفي بالأشياء التي تستحق الاحتفاء… أنا «محمد الرطيان»… أردت أن أصافحكم بحرارة وأقول لكم: كم أنا مشتاق لكم.
يهلوس ربما:
• كل مدينة أنثى، لهذا أرى أن العواصم والمدن الكبرى لسن سوى عاهرات، والمدن الصغرى: أمهات.
• رائحتك تجعل العالم كله يتحول إلى أنف.
• الحياة مثل البيانو لا يكتمل لحنها فقط بالمفاتيح البيضاء… لا بد من استخدام المفاتيح السوداء أيضا!
• لي صديق – جزاه الله خيراً – إذا أصابتني مصيبة قال إنها «عقاب» وإذا أصابته مصيبة قال إنها «ابتلاء»… كأنني جدة.. وكأنه الرياض.
• في رأسك ألف باب صغير لم يُفتح من قبل… اكتفيتَ بفتح الأبواب التي ورثتَ مفاتيحها من الأهل والأقارب والكتب الأولى… جرب أن تفتح الأبواب الأخرى. لا تخف من الهواء الجديد.
• جهلك ببعض الأشياء فيك لا يعني أنها غير موجودة لديك… اخرج منك. لتراك بشكل جيد.
• «صح» مطبعي: لكل مجتهد «نسيب».
• الجبناء يرون أن أي فعل شجاع هو تهور… والبخلاء يرون أن أي فعل كريم هو إسراف وبذخ… لا تستشر الجبناء والبخلاء في أمور الشجاعة والكرم.
ويقهقه الرطيان:
• «يا كثر النفافيخ اللي تبي تطق بـ 2011 م!
ولا نملك في هذه اللحظة التاريخية، التي تعصف بأمتنا العظيمة، إلا أن نردد مع زكية زكريا: «هات البلالين يا نجاتي».
ونقهقه معه…

حسن العيسى

وكلاء الأمة ووكلاء الشيوخ

صراعات القصر ليست مسألة جديدة على التاريخ الكويتي بصفة خاصة، وعلى تاريخ الحكم الملكي بصفة عامة، قبل أن تعرف هذه الأنظمة مبدأ الملكية الدستورية، فشغف الاستئثار بالحكم وتنحية المنافسين المرشحين للخلافة عبر المكيدة والحيلة أو من خلال انقلابات دموية، كلها مسائل يضج بها تاريخ الملوك والأمراء. في التاريخ القريب كانت هناك خلافات وصراعات بين أفراد الأسرة الحاكمة على منصب الإمارة، فلم يكن سراً التنافس بين المرحومين الشيخ جابر العلي والأمير الراحل جابر الأحمد حتى قبل أن يتولى الأخير منصب الإمارة، وبعدها، وحتى اللحظات الحرجة قبل تولي المرحوم الشيخ سعد منصب ولاية العهد، وقبل هذا التاريخ وقبل العصر الذهبي للدولة مع عبدالله السالم وأثناء حياته كانت هناك خلافات بين أفراد الأسرة بشأن مَن سيكون الرجل الثاني والثالث على سلم الحكم بالدولة.

بعد العمل بالدستور وقانون توارث الإمارة يفترض (والافتراض لا يطابق الحقائق التاريخية) أن تنتهي الدولة من صراعات الطامحين إلى منصب الرجل الثاني أو الثالث في أولويات القادمين إلى الحكم، لكن هذا لم يحدث، وليس لأحد أن يحاكم التاريخ، وإنما لنا كل الحق اليوم أن نطالب بوقف هذا العبث السياسي في صراعات القصر، فليست الكويت اليوم هي كويت الأمس وما قبله، والتحديات التي تواجه الدولة الآن ليست كما كانت بالأمس، والمنطقة العربية تعيش فوق بركان يغلي بتغيرات في أنظمة الحكم، وحطمت شعوب المنطقة حاجز الخوف الذي حال دون تغيير الأنظمة القمعية، وعلى النظام الذكي الذي يريد إطالة عمره أن يقرأ التغيرات ويستوعبها كي يتواءم معها، وإلا فنهايته ونهاية الدولة مسألة محسومة، فاحتمال «صوملة» اليمن و»بلقنة» ليبيا ليست بالمسائل البعيدة، والقادم في دول أخرى مثل سورية أمره مجهول وفي علم الغيب السياسي. في الكويت لولا الدستور ووجود نظام شبه ديمقراطي لما اختلفت أمورنا عن الغير، ومن يتصور في الدول البترولية الثرية أن سياسة العطاء المالي ورشوة الشعوب، ومن يمثلها في برلمانات الأتباع من دون حساب غير حساب إفلاس المستقبل، ستضمن له البقاء فهو واهم.

بعد جلسة أمس الأول، على المتشدقين بوحدة مواقف الأسرة الحاكمة أن يكفوا عن هذا الابتذال الخطابي، فقد رأينا كيف يدار صراع الاستجوابات بالوكالة عبر نواب الأمة ووكلاء الشيوخ. فكان هناك شيخ يستجوب وآخر يستجوب ضده من ابن عمه وقريبه أو يتملص من مشروع استجوابه عبر الوكلاء أيضاً، فهل انتهت تحديات وجود الدولة ومستقبلها الآن لنتفرغ لمشاهدة مسرحيات شكسبيرية عن صراعات القصر؟! ارحموا مستقبل البلد فالتاريخ لا يرحم أبداً.

احمد الصراف

الوهم المفيد والحقيقة الضارة

لا يمكن أن يتحضر مجتمع بشري من غير جهد ووقت ومال، والأمم لا تتحضر وتتطور من غير سبب، أو محرك، وليس هناك أكثر أهمية من التعليم الصحيح لجعل التحضر والتطور ثابتين ومستمرين، وبالتالي يصبح للتعليم الفضل الأكبر ويقف وراء مثل هذا النوع من التطور النوعي في تركيبة أي مجتمع، وهذا التعليم لا يمكن أن ينجح بغير حفظ حقوق الجميع والاهتمام بالضمان الاجتماعي وضمان حرية الفرد بشكل مطلق. أما التقدم الحقيقي واللحاق بالأمم المتقدمة فيتطلبان إطلاق العنان للفكر البشري لينطلق إلى ما شاء.
ولو استعرضنا وضع دول العالم لوجدنا ان أفضلها على البشرية واكثرها تطورا وتحضرا وتقدما ومساهمة في الفكر الإنساني في الوقت نفسه هي الأقل تعلقا بالعقائد وبمعتقدات الماضي، والعكس صحيح، فكلما تخلف المجتمع زاد تمسكه بمعتقداته وتقاليده وأعرافه بسبب ارتباط معيشة نسبة كبيرة من المجتمع ببقاء مثل هذه المعتقدات من دون تغيير، فلو افترضنا أن جهة علمية موثوقة ما اكتشفت مثلا أن قبر السيد البدوي في مصر، الذي يحظى بما يقارب القدسية فيها، لا يحتوي على أي رفات بشرية، أو أي شيء آخر، فإن أول المشككين في مثل هذا الكشف العلمي هم الذين تعتمد مصالحهم ومعيشتهم، بل وحياتهم برمتها، على بقاء «الوهم» على حاله، فمجتمعاتنا بشكل عام تفضل «وهما مفيدا على حقيقة ضارة»! فمعيشة عشرات آلاف الأفراد، كسدنة المزارات والوكلاء والحراس واصحاب المحال التجارية في المنطقة ومصنعي وباعة التعاويذ والأدعية والتذكارات والمطاعم وشركات النقل واصحاب عشرات المهن الأخرى واسرهم، تعتمد بشكل كلي على بقاء الوضع، أو الوهم على ما هو عليه لأهميته للاقتصاد والمجتمع وحتى أمن الوطن!

أحمد الصراف
[email protected]

احمد الصراف

عزيزنا الشيخ أحمد

«.. يتكلم الكثيرون عن خطة التنمية، وكأنها ستكون حلاً يساعد على تنويع موارد الاقتصاد الكويتي، في حين أنني أرى فيها زيادة في مصروفات الدولة، فالخطة بحقيقتها هي خطة لانشاء وتمويل البنية التحتية بتكلفة 30 مليار دينار لغاية 2035، شاملة بناء المستشفيات ومحطات الكهرباء والمباني المدرسية والمناطق السكنية والطرق وغيرها، وهي تحتاج، بعد استكمال انشائها، الى مبالغ ضخمة لادارتها، وهذه ستُدرج في الميزانية العامة للدولة، وبالتالي ستشكل عبئاً آخر على الميزانية»!
(حمزة عباس حسين ـ أول محافظ لبنك الكويت المركزي).
***
لم يحدث في تاريخ الكويت السياسي الحديث أن جاء مسؤول وامتلك كل هذه القوة السياسية، داخل البرلمان وخارجه، كما أعطي للشيخ الوزير أحمد الفهد الصباح، الذي امتلك السلطة الادارية والرغبة العارمة في تحقيق شيء ما لتاريخه السياسي، ولوطنه. ولكن هذا الهرم أو الصرح الذي يسعى لبنائه، إنْ لمصلحته أو لمصلحة وطنه، لا يمكن أن يقام على أرضية رخوة، اذا اريد لهذا الهرم أن يبقى قادرا على مقاومة الأعاصير. ولو كان هذا الهرم يتمثل في خطة التنمية العملاقة، التي انيط أمر تنفيذها بالشيخ أحمد، والتي قدرتها الحكومة «نظريا» بما يقارب المائة مليار دولار، لوجدنا أن الهرم، لكي يبقى، يحتاج الى أرضية خالية من الفساد المالي أو التسيب الاداري! ولكن واقع الحال في كل مرافق الدولة واداراتها عكس ذلك تماما، فالفساد والرشوة والتسيب منتشرة بشكل مخيف، وبالتالي محكوم على الخطة، التي لم يتم تنفيذ شيء منها، بالفشل الذريع، هذا ان نفذ منها شيء في موعده!! ونرى بالتالي أن أرضية الهرم تحتاج الى تحضير مسبق لاقامة بناء التنمية عليها، وما لدى الشيخ أحمد من صلاحيات كفيل بتحقيق ذلك، ولكن انشغاله بسياسة ترضية كل الأطراف، وكسب قبولهم ورضاهم على الخطة سيقضي عليها في النهاية، كما أن ترك الاختلالات الادارية والفساد المالي والاداري والمتاجرة بالبشر من دون علاج سيؤثر حتما في الخطة ويقضي على اي امل في نجاحها مستقبلا، هذا ناهيك عما تواجهه الوحدة الوطنية من تصدع، وما اصبحت تتمتع به القوى السياسية الدينية من قوة مناهضة لأي تقدم، هذا بخلاف حزمة القوانين التي تتطلب التطبيق أو التعديل والتي لا يود احد الالتفات اليها، كقانون الـ«بي أو تي» الكسيح، وخصخصة «الكويتية» ورفع الدعم عن الكهرباء والماء والخبز ووقود السيارات، وغير ذلك الكثير المؤثر سلبا في اي خطة تنمية جديرة بالاحترام.

أحمد الصراف
[email protected]

مبارك الدويلة

محور جديد لاستجواب الصحة

قال لي صديق:
قادني قدري الى ان اجري فحوصات طبية في احد المراكز الصحية التابعة لمنطقة الصباح الصحية، وأثناء الفحص سألت الممرضة، وكانت من الجنسية الهندية، عن طريقة قدومها للعمل في الكويت، فكان الجواب الصدمة: تعهدت بدفع 2500 د.ك. للوسيط كي يتم اختياري ضمن القادمات إلى الكويت! طبعا لم أصدق ما قالت، فبادرتها بهذا السؤال المحرج والمفحم: وكيف أمكن لممرضة لا تعمل ان تدبر هذا المبلغ الكبير؟ فكان جوابها أنها وقعت على تعهد بخصم مبلغ مائة دينار شهرياً من راتبها في الكويت للوكيل المتعهد! وبعد البحث والتقصي تبين لي ما يلي:
منذ أن تأسست الوزارة إلى ما قبل سنتين أو أقل والوزارة تستقدم ممرضات من خارج الكويت ومن السوق المحلي، خصوصا ممن لديهن خبرة في القطاع الخاص الكويتي، ولكن أخيراً صدرت توجيهات بعدم استقدام عمالة من السوق المحلي! بل ان الاستقدام الخارجي يجب ان ينحصر في الهند فقط!
وإذا عرف السبب بطل العجب! يقال ـــ والعهدة على الراوي ـــ ان وكيل الاستقدام من الخارج له علاقة مباشرة بأحد المسؤولين في وزارة الصحة، لذلك منع الاستقدام المحلي.
الغريب ان هذا الموضوع طرح على وزير الصحة فأيد وجهة نظر المسؤول بحصر الاستقدام من الخارج!
هل تعلم عزيزي القارئ الفرق بين التوظيف المحلي والتوظيف الخارجي للممرضات؟
التوظيف الخارجي تتحمل الوزارة تكاليف: تذاكرها ـــ سكنها ـــ نقلها ـــ طعامها وشرابها ـــ ملابسها.
التوظيف المحلي: توفر الدولة كل ذلك، حيث تتحمله الممرضة نفسها التي يتم تعيينها بالراتب نفسه؟! بمعنى ان الوزارة في حال التعيين المحلي توفر 500 د.ك. شهرياً عن كل ممرضة، فكيف إذا كانت تستقدم ممرضات بالآلاف سنويا؟!
«الذيب ما يهرول عبث».. قد تكون قراراتنا بريئة في ظاهرها.. وتنطلق من المصلحة العامة في شكلها.. لكن المشكلة في هالمصلحة العامة اللي كل يتعلق فيها.. فتذبح البراءة والنية الطيبة بسكين المصلحة العامة.
أتمنى من الأخ وزير الصحة المبادرة إلى تصحيح هذا الوضع الفاضح المشين، قبل أن يدرج كأحد محاور استجواب ينوي بعض النواب تقديمه إليه، عندها أعلم جيدا ان العناد والمكابرة سيكونان سيدي الموقف.
• • •
• كلمة أخيرة.. نبارك للشعب الكويتي سلامة سمو الأمير، كما نهنئ معالي النائب الأول وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك على عودته سالما الى ارض الوطن. حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.

محمد الوشيحي


إلى الشقراء… 
تلك

أنا الشرق، أنا العرب، أنا النفط، أنا الثروة، أنا الرفاه، أنا التخلف، أنا الثورة، أنا السفيه في عين حكّامي.

سيدتي الشقراء الأوروبية، يا من تعرفت بك بعد أن قدموكِ إلي «مهندسة ديكور داخلي من السويد» وقدموني إليك «كويتي جورناليست» أو صحافي كويتي، أخطأوا هم في تعريفي، وكذبوا عليك لجهلهم… قالوا جورناليست ولم يقولوا صعلوكيست متمرّديست من الميدل ايست، لا يعيش بلا نساءايست، وفي حضور الجمال قد ينسى التنفس فيموت إن لم يذكّره أحد، لكنه لا يميل إلى اللون الأشقر فافرحي أو احزني…

ماذا أيضاً؟ أحدثك أكثر؟… أنا المتناقضات… أنا الفوضى كما هي حالت هذه المقالة… أنا الشرق، ألا تعرفين الشرق، حيث الشعوذة حقيقة والحقيقة شعوذة؟ حيث تفسير الأحلام يدر دخلاً أضعاف الدخل من الاختراعات الهندسية؟ أنا العرب، حيث الشعوب ملك للحكام يورثونها أبناءهم كالعقار والأبقار؟ أنا من العرب، حيث لا يوفر لنا حكّامنا أطباء فنلجأ إلى العلاج بالبصق، قبل أن نشكر الحاكم ونحمده على جزيل نعمه ووافر فضله… أنا من العرب، حيث لا نرفض أمراً لحكامنا إلا إذا نهضنا لتحيتهم والتصفيق لهم فيأمروننا بالجلوس فلا نقبل… أنا من الشعوب تلك، حيث لا يتحدث حكامنا إلا إلى الفضائيات الأجنبية، وبالتوقيت الأميركي، الذي يوافق موعد نومتنا السابعة، فالمواطن الأميركي هو المخاطب لا نحن.

أنا من مصر الحرة يا سيدتي الشقراء، حيث نجح الضعفاء في كسر أنف أبي الهول… أنا من ليبيا، حيث الحاكم الذي وضع إبهامه وسبابته في رقبة شعبه اثنين وأربعين عاماً، وعندما دفع الشعب يدي الخناق بعيداً عن رقبته، تساءل الخنّاق مذهولاً: «من أنتم؟»، هو كان يخنق والسلام، لم يكن يعرف هوية المخنوق.

من أنا؟ أحدثك أكثر؟… أنا سورية، حيث مقاومة إسرائيل أربع مرات يومياً في نشرات الأخبار تكفي وتفيض. أنا من سورية حيث الطفل «حمزة» أحرج «عطران الشوارب»، حيث استُبدل العلاج بالبصق بالعلاج بالقصف… من أنا؟ أنا درعا لا أمّ لكِ، حيث يعلو صوت الربابة وغناء أمهات الشهداء على دوي المدافع… اخفضي عينيك يا سيدتي إجلالاً وانحني إكراماً فأنتِ في حضرة درعا، حيث الكرم هنا بإراقة دماء أولادنا قبل أن تنبت شواربهم عندما يعتقد الخليجيون أن الكرم يكون بإراقة دماء الأكباش والأنعام ويفاخرون بذلك… أنا من درعا أيتها الشقراء، حيث تخجل الجبال من ثباتي… أنا يا خضراء العينين درعاوي، أنا ابن السابعة عشرة الذي غنّت لي أمي أغنية العرس عندما بلغها خبر استشهادي، وعندما مر بي أصحابي وهم يحملون أشلائي أمام منزلنا، خرجت لهم أمي وأطلقت زغرودة حااااارة رددتها معها السماء… «أوييييييييها ليليليليليش».

من أنا بالتفصيل؟ أنا الكويت، حيث الحرية التي كانت، والريادة التي كانت، والخجل الذي كان، والفن الذي كان، والوحدة الوطنية التي كانت… أنا من الكويت، حيث يُضرب النواب والأكاديميون ويتم سجن المضروب. لا تضحكي، انتظري قليلاً… أنا من الكويت حيث يُطلب من المضروب أن يحمد الله بكرة وأصيلاً لأنهم اكتفوا بضربه وسحله وامتهان كرامته فقط، وآه «لو كنتَ في دولة من الدول اللي بالي بالك»، هكذا نطقوها.

أنا من الكويت لا أبا لكِ، إن كنتِ تعرفين أباك… أنا من الكويت، حيث يحكمنا أسرة نحبها، إلا أن خطاياها تناثرت من «الكيس» في الفترة الأخيرة لكثرتها… أنا من الكويت، حيث تطاير الدستور كدخان سيجارتي، هكذا، هوووووف… أنا يا شقراء يا بنت الأشقر من الكويت، حيث قرر الأحرار ذوو الدماء الحارة استعادة وطنهم رغماً عن أنف الوباء المنتشر في الأجواء.

أنا كل هؤلاء وأكثر… فمن أنتِ؟

احمد الصراف

ماذا قالت وفاء؟ (2/2)

تقول وفاء سلطان: ان المراقب العادي لمجريات الأحداث قد يعتقد أن هذا الهيجان الجماهيري ما هو إلا تعبير عن رفض تلك الحركات للقمع الممارس عليها، الذي طال أمده، ومطالبة بحريات مستحقة منذ أمد، و‎قد يكون في الأمر بعض الصحة، لكنني لا أستطيع هنا أن أميز بين شكل وآخر من أشكال الحرية، فالحرية مهما تعددت أشكالها تبقى واحدة ولا يمكن الفصل بينها، فكيف تطالب تلك الحركات بالحريات السياسية، ولا تطالب في الوقت نفسه بحرية الاعتقاد والتعبير؟ و‎هل يعقل أن ذلك الشاب الذي خرج لتوه من صلاة الجمعة وراح يهتف «الله أكبر» هو في حقيقة الأمر يطالب بالحرية كحق شخصي، وبغض النظر عن شكل تلك الحرية؟ ‎إن كان الأمر كذلك، فلماذا لم نر عبر التاريخ الإسلامي حركات تطالب بإنصاف الأقليات كبشر لهم الحقوق نفسها؟ أو بإنصاف النساء كبشر لهن الحقوق نفسها؟ فتقارير الأمم المتحدة تكشف أن مئات، إن لم يكن آلاف، من النساء المسلمات يقتلن كل عام ‎»دفاعا» عن الشرف، فأين هي الحركات التي ثارت ضد هذا الظلم الذي لا يمكن أن يقابله ظلم آخر؟
‎إن الحرية مبدأ لا يتجزأ، وكما نطالب بتحررنا من قبضة الدكتاتور، كذلك يجب أن نطالب أولا بتحررنا من ثقافة كرست وجود ذلك الدكتاتور، وكرست كره الإنسان لأخيه الإنسان في الوطن الواحد! ولا شيء يبرهن على نضوج الإنسان في فهمه للحرية، إلا إيمانه بحق غيره في أن يمارس تلك الحرية، وبالتالي لا يمكن أن أصدق أن ذلك «الثائر»، وهو يهتف «الله أكبر» يؤمن بحق الإنسان الذي لا يشاطره قناعاته الدينية في أن يستمتع بحرياته؟ وأن هؤلاء النسوة اللاتي يطالبن بحقهن في ممارسة الحرية السياسية، لا يمانعن من أن تمارس وفاء سلطان حقها في حرية التعبير؟ فلم يسمعهن أحد يوما يحتججن على ضرب المرأة في ديارنا أو على أنها ناقصة عقل وليس من حقها الشهادة منفردة وحصتها أقل في الميراث، فما الذي يقنعني بأن استيعابهن لمفهوم الحرية، كمفهوم شامل ومقدس، هو استيعاب ناضج وحقيقي؟
‎ ‎لم يحدث أن تغير مجتمع بشري تغييرا جذريا من خلال ثورة من دون أن يسبق تلك الثورة تطور ثقافي تدريجي، وبالتالي فان هذه الثورات هي في الغالب ثورة جياع ومحرومين وليست ثورة أحرار، وهذا يكسبها أهمية إنسانية أكثر، ولا يقلل أبدا منها، فالجوع والحرمان أشد إيلاما للروح البشرية من القمع، إنها غريزة البقاء التي هي أقوى الغرائز وأقدسها، فقد يُقمع الإنسان ويظل حرا داخل عقله ومحتفظا بمعنوياته، أما أن يجوع أو يجوع أطفاله أمامه، ولا يستطيع أن يفعل شيئا، وخصوصا عندما يجد نفسه محاطا بغيلان تأكل ‎الدجاجة بعظامها والبيضة وقشرتها، فالقهر عندها يسحق نفسه وروحه معا.
المقال طويل ومثير وبإمكان المهتمين البحث عنه في الإنترنت.

أحمد الصراف
[email protected]