احمد الصراف

الجالية الكويتية في الكويت!

كتب الفريق المتقاعد أحمد الرجيب، وكيل الداخلية السابق، مقالا في «الأنباء» ملأه بالحسرة والألم، تطرق فيه الى ظاهرة تحوّل الكويتيين لأقلية في وطنهم، بعد تزايد نسبة المقيمين بينهم، التي نعتقد أنها ستكون في حدود %72 لمصلحة هؤلاء مع ظهور نتائج التعداد! وقال إنه شارك في عدة لجان خرجت بتصورات واضحة للمشكلة، لكن الحكومة تجاهلتها، على الرغم من خطورة الوضع. وقال إن وراء المشكلة المواطن والشركات.. والحكومة!
اسمح لنا يا أخي الكريم أن نختلف معك هنا.
أولا: لا يتحمّل أي فرد أو شركة مسؤولية مباشرة عن الخلل، بل هي لعبة سياسية حكومية صادرة عن سلطة خفية داخلها تتحكم في قرارها، وهي التي فرغت مؤسسات الدولة من كل مضامينها! فحق استقدام العمالة بالجملة، أو غض النظر عمن يطلبها، مثلها مثل أي عملية تنفيع أخرى، كأعلاف الماشية المدعومة وتوزيع الزرائب وزيادة مساحة الحيازات الزراعية والتعامي عن مخالفات البناء وتكليفات شراء مباشرة وتلزيم أداء مختلف الخدمات من دون مناقصات، ما هي إلا وسائل سهلة و«مجانية»، وإن على حساب المال العام، لشراء ولاء النواب وإسكات الخصوم وإرضاء الأحباب! وبالتالي ليس من العدل أن تضع اللوم على المواطن، الذي كان، ولا يزال لدى «الجهاز الأمني» تعليمات بتسهيل طلبات نوابه، وطلبات المتنفذين الآخرين المتعلقة باستقدام العمالة الرثة والمتاجرة بها جهراً!
كنت ستصبح يا سيدي الكريم، على الرغم من كل خصالك الطيبة وأمانتك، شخصا كبيرا طالما انتظرنا سماع صرخته، لو كنت تقدّمت باستقالة مسببة من منصبك، احتجاجا على قيام السلطة، أو لنقل الحكومة، بتجاهل كل التحذيرات والتقارير الأمنية، التي صدرت عنك وعن غيرك، منذ ما بعد التحرير وحتى اليوم، والمتعلقة بطرق علاج هذه المشكلة الخطيرة، ولكن..!
وبالتالي، فالخلل في التركيبة السكانية ليس خطرا مقارنة بخطر التركيبة الحكومية، وتشجعها لشهية الكسب غير المشروع، لدى الكثيرين، على حساب أمن الوطن والمواطن.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

ثورة في إجازة!

وهي دعوة صادقة بتحديد مكان وزمان للشباب فقط، وأكرر للشباب وليس للنواب أو فهد الخنة لنجلس ونتحاور، ونحدد أهدافنا وكيفية تحقيقها لإصلاح ما أفسده الجيل السيئ . أكتب من باب الحرص لا من باب الهجوم، لأني أعتبر تحرك الشباب الكويتي، بغض النظر عن الوسائل والأسباب، أمرا حميدا يجب أن يستمر، ويصقل، ويستمع، ويستفيد، ويتعلم من أخطائه.
كان لي موقف مبدئي حول ما يقوم به الشباب باختلاف مسمياتهم من “نهج” إلى “كافي” إلى “السور الخامس” وغيرها من مسميات لا أعلم اختلافاتها ولا هويات قياداتها، إلا أن الموقف الذي كان ولا يزال ثابتاً أن أي تحرك ما لم يكن له هدف واقعي وموضوعي وغير مختطف لن يعبر لا عن الشباب ولا عن غيرهم، إلا أصحاب المصالح الضيقة، وبعض المتسلقين ممن ينتهز حماس الشباب.
وها هي إجازة مجاميع أيام الجمعة تثبت ما أقول، فالكويتيون هم أول أناس في العالم يأخذون إجازة من ثورتهم، ويؤجلونها إلى ما بعد الإجازة الصيفية وعيد الفطر! هذه الإجازة التي أتت طوعاً دون أي وعد حكومي بالإصلاح ترسخ أن ما حدث في الأيام الماضية هو مجرد استنساخ من ثورات المنطقة ومواكبة لها دون أرضية صلبة ومطلب راسخ مقنع.
فتغيير سمو الرئيس هو المطلب الوحيد الثابت لديهم، وتغيير شخص لن يغير واقعا سيئا نعيشه أبداً، فسمو الرئيس ليس أول رئيس للوزراء في تاريخ الكويت، بل سبقه أربعة رؤساء مختلفون، والكويت لم تكن وردية مع معظمهم وفي عهدهم، وهو ما يثبت أن العلة لن تحل في رحيله بل في نهج وخط واضحين؛ قد يزعجان الكثير ممن اعتصموا وسيعتصمون بعد الصيف.
إن الثورة الحقيقة في الكويت يجب أن تكون في سبيل السعي إلى تطبيق الدستور الكويتي المغيّب عمداً من النواب والشعب قبل الحكومة والوزراء، فلا وليد ولا هايف ولا الطاحوس ولا غيرهم ممن ضجت الساحات بصرخاتهم يؤمنون بالدستور فعلاً، وأفعالهم تفضحهم، وشباب “أيام الجمع” يهللون لهم! وهذا الوضع غير قويم وغير منطقي أو مقبول أبداً، بل إنه قد يكون سبباً رئيساً في عدم استجابة السلطة لمطالب الشباب.
أنا مؤمن بأن الشباب يسعون إلى الإصلاح فعلا، ولكنهم للأسف لم يعرفوا من يختارون كمحام وحام لنوايا إصلاحهم، وهو ما ضيع البوصلة وأفقد حراكهم المعنى الذي يجب أن يكون عليه.
وهي دعوة صادقة بتحديد مكان وزمان للشباب فقط، وأكرر للشباب وليس للنواب أو فهد الخنة لنجلس ونتحاور، ونحدد أهدافنا وكيفية تحقيقها لإصلاح ما أفسده الجيل السيئ الذي لم يحافظ على هدية الآباء وهي الدستور ومعانيه.

خارج نطاق التغطية:
طالبني الكثيرون بأن أكتب رداً على ما تفوه به النائب محمد هايف تجاه الدكتور أحمد الخطيب، وردي هو أن أي ذكر للدكتور أحمد للرد على النائب محمد هايف هو عدم تقدير لما قدمه الدكتور ولا يزال يقدمه لبلده وأبناء وطنه… هذا من جانب، أما السبب الآخر لعدم كتابتي أي رد على ما قاله النائب هايف، هو أني لا أجادل أو أرد على نائب قدم استجواباً كاملاً بسبب “قوطي كلينكس”.

احمد الصراف

فضيحة بيت العميري

أجرت صحيفة «عالم اليوم» مقابلة مع السيد يوسف العميري ووصفته بــ «الشخصية الوطنية بامتياز»! وذلك بمناسبة تجدد اعتراض المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، بإدارته الوطنية الجديدة، على مشروع «بيت الكويت للأعمال الوطنية»، وهو المشروع المضحك الذي سبق أن كتبنا عنه وعن استمراره بالعمل وجمع الأموال بطريقة غير قانونية ولا شرعية واستقبال الزوار، على مدى 14 عاما من دون مسوغ أو اعتراف من اي جهة كانت، بسبب كل ما احيط بتأسيسه وإدارته منذ اليوم الأول من ملابسات وفضائح لا تعد ولا تحصى!
لقد كان من الممكن أن ينتهي وضع «البيت» قبل سنوات لولا التدخل المفاجئ لرئيس الوزراء، الشيخ ناصر المحمد، وأمره بوقف هدم البيت، بكل مخالفاته، وفوق ذلك إصدار تعليماته بمنح المشرف عليه أرضا بمساحة كبيرة ليقيم عليها «بيتا جديدا للأعمال الوطنية»، وأيضا من دون أي اساس قانوني أو منطقي، فحتى الآن لا يزال البيت وما فيه من دون اعتراف من اي جهة.
إننا لا نختلف على حقيقة أن فترة الغزو العراقي للكويت بحاجة للتوثيق، ولكن ما تم تنفيذه من عمل مشوه وبطريقة اكثر من مشبوهة لا يعدو إلا أن يكون فضيحة بحق الوطن والحدث وبحق رئيس مجلس الوزراء، وبالتالي لا نتمنى على سموه إلا بالتكرم وسؤال آخر ثلاثة أمناء للمجلس الوطني للثقافة عن سبب اعتراضهم على وجود «بيت الكويت للأعمال الوطنية»، ورفضهم، بعد 14 عاما، الاعتراف به، وإجابتهم، إضافة إلى ما بحوزتنا من مستندات دامغة، كفيلة بإقناع سموه بتغيير رأيه في البيت و«ساكنه»، ووقف تدخله الذي عرقل تنفيذ جميع قرارات البلدية المتعلقة بهدم مبناه المخالف. وبخلاف ذلك فإن بإمكان سموه الاعتراف بالبيت كجمعية أهلية، أو جهة تابعة للمجلس الوطني، وتعيين مجلس لإدارته بطريقة محترفة. أما بقاء الوضع على ما هو عليه فلا يعدو أن يكون فضيحة ووضعا مخجلا يجب ألا يستمر ويسيء أكثر لسمعة سمو رئيس مجلس الوزراء.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

ثوروا لا رحم أبوكم

نحن أجيال تستلم وتسلّم من دون أي إضافة ولا تعديل، وإذا عدّلنا أو أضفنا فإلى الأسوأ.. نحن أجيال جبانة، رعديدة، دجاجة صقعاء، لا تملك القدرة على المبادرة، حتى في تغيير بعض العادات الغبية.
فالعادات والتقاليد ليست إلا تصرفات قام بها الأولون بناء على طبيعة حياتهم واحتياجاتهم وما كان متوافراً عندهم، فنقلناها نحن منهم بالحرف، تماماً كما يفعل التلميذ البليد في الامتحانات وهو يمد رقبته إلى ورقة الجالس إلى جواره… لذا اعتمد رجال الماضي «الذبيحة»، وهي في منطقة الخليج تعني ذبح الكبش للضيف، رمزاً للكرم، ولأن غيمة الجوع كانت تغطي الجميع، فقد قرر الأولون دعوة الجيران والأقارب إلى الوليمة. وجاءت أجيال اليوم لتنقل حرفياً تلك العادة، واعتبرت أن من لا يذبح كبشاً لضيفه بخيل لا يعرف «المراجل».
ويحدثني صديق: «أبلغني اثنان من أقربائي في السعودية رغبتهما في زيارة الكويت، فحجزت لهما غرفتين في فندق فاخر، واستقبلتهما ووضعت سيارتي الحديثة وسائق منزلي تحت تصرفهما، واستأجرت لنفسي سيارة صغيرة، وتفرغت لهما تفرغاً تاماً، وتنقلت بهما بين أفضل مطاعم الكويت، على سوئها، إلى أن غادرا، فبلغني أن أحدهما غاضب لأنني لم أقم بواجب الضيافة كما يجب، ولم أذبح لهما كبشاً كما فعلا عندما زرتهما»، ويوضّح صديقي: «عندما زرتهما لم يتكفلا إلا بذبح الكبش، فيما تكفلت أنا باستئجار السيارة والفندق، أي أن تكلفة استضافتهما لي لم تتجاوز المئة دينار، في حين كلفتني ضيافتهما أكثر من ألف دينار… فعن أي كرم يتحدثان؟».
قلت له: «يا سيدي، هي هكذا، إكرام الضيف بذبح الكبش، نقطة على السطر… ليش؟ لأن آباءنا كانوا يفعلون ذلك، ونحن نحمل أسفاراً لا نقرأها، كالحمير».
حتى لباسنا… يشبّ الواحد منا فيرغمه المجتمع على ارتداء الغترة والعقال، أو فليحسب حسابه أنه خارج دائرة «المرجلة»، ببساطة، رغم أن ارتداء الغترة لا ذوق فيه، وفوق ذلك يعوق الحركة… لكن عدم ارتدائها يُسقط عنك أحد أركان المرجلة، أما الجلوس عند رُكب المسؤولين والشيوخ وتقبيل أنوفهم وشفط أيديهم شفطاً مبيناً وتدبيج قصائد النفاق فيهم فشطارة ما بعدها شطارة.
ولا نكتفي بعادات الأكل والشرب واللبس، بل حتى الأفكار ننقلها كما هي بعد أن أرحنا عقولنا من التفكير ورقابنا من التلفّت حولنا لرؤية الشعوب الأخرى، فاليهود جبناء رعاديد، كما يقول أجدادنا، ينفخ عليهم العربي «هوووف» فيهربون وهم يولولون ويختبئون خلف أمهاتهم… لولا أميركا، آه بس لولا أميركا التي تساعد أولاد القردة، لكنّا فعلنا فيهم وعملنا…  في حين تتندر شعوب الأرض على جُبن العربي وخوفه من حكامه وتكيّفه مع الذل والعبودية، وهو ما يثبته الواقع، لكننا لن نصدق الواقع الملعون، لأن آباءنا لم يحدثونا عن ذلك.
يا سيدي، المراجل «باكيج» كامل، والعادات مرتبطة بتفوقك أو تخلفك اقتصادياً وعسكرياً وثقافياً ورياضياً ووو… لا تقل لي من أي دولة أنت، فقط حدثني عن عاداتك وسأبلغك إن كنت تنتمي إلى دولة محترمة أم لا، فإذا كنت من شعب يحترم من يدبج قصائد المديح في كبار المسؤولين، وإذا كان الكرم له لائحة تنفيذية وطريقة تناول كتبها لك الأولون لا تحيد عنها، وإذا كنت تدعي الشموخ وتحصل على حقوقك بالتذلل للآخرين… فأنت للأسف تنتمي إلى شعب «مهوب رجال»… اللي بعده.
عاداتكم فاشلة يا قوم، فثوروا عليها لا رحم أبوكم… ثوروا تكفون يا عيال.

حسن العيسى

يا جبل ما يهزك ريح

يرى المتشائمون في الربيع العربي أن «الدول العربية ليست مثل دول أوروبا الشرقية التي نهضت اقتصادياً بعد ثوراتها الأخيرة، فالدول العربية دون استثناء سواء نفطية غنية أو بلا نفط كلها تتبنى اقتصاداً رأسمالياً، الذي تلعب فيه الأسعار والقطاع الخاص دوراً محورياً، لكنه مشوه، فهو اقتصاد رأسمالي «بطركي» (ابوي ويهيمن عليه الأب الحاكم) تحت قبضة السلطة الحاكمة التي تهب وتغني من تشاء وتحرم من تشاء، وهناك القيود البيروقراطية المعقدة مع دعم كبير للسلع. كل هذا شرع الأبواب لعالم الفساد وجمود التنمية، وترك ملايين الشباب بلا عمل، وهيأت أسعار البترول العالية الوسيلة لنفخ جيوب وتسكين الناس (وربما تخديرهم مؤقتاً) أما الدول العربية الفقيرة فلها حكم آخر» الفقرة السابقة اقتبستها وترجمتها بتصرف من العدد الأخير لجريدة الإيكونومست، وكأن خطابها وتحليلها موجه إلى دول الخليج ويهمنا القول إن الكويت كنموذج ديمقراطي بالنسبة إلى بقية دول الخليج يصيبها خطاب الجريدة في الصميم، فكي لا تنطلق حناجر وتطالب بتحقيق ديمقراطية صحيحة وتواجه الفساد والإدارة السيئة انهالت العطايا «الكاش» وهدايا تمويل السلع الأساسية وغير الأساسية تصرف كل شهر من مراكز الجملة في الجمعيات التعاونية، والتي تشعر أي إنسان لديه القليل من المسؤولية وبقايا إحساس قلق بأن ما يحدث هو جريمة بحق مستقبل الدولة، ويؤكد أن السلطة ومن يدور في فلكها غارقون في هموم تصفية حساباتهم الخاصة أو أنهم لا يرون في الدولة غير أنها حالة مؤقتة! فليغتنم هؤلاء رياح النفط بعد أن هبت عالية، وللغد والقادم المجهولين حين يتخرج مئات الآلاف من المواطنين في الجامعات وتتناقص ثروة الدولة ولا يجد هؤلاء غير دهاليز البطالة فعندها يحلها ألف حلال… بهذا المنطق القاصر تسير الدولة تحت ظلال الملل اليومي واللامبالاة، فلخصت كل قضاياها وهمومها بحكايات هذا الشيخ ومن معه، وذاك الشيخ ومن والاه أو من عاداه، وبين الاثنين تسير قافلة من الاستجوابات نحو رئيس الحكومة بعضها ممتلئ وبعضها فارغ، لكن في النهاية سنردد مقولة: يا جبل الحكومة ما يهزك ريح.
ملاحظة: تصورت أننا انتهينا من عنتريات النمور والنسور لضباط الداخلية وأفرادها بعد حظر وزيرها الجاد الشيخ أحمد الحمود نشر أخبار وصور عالم «ناشنال جيوغرافك» في الصحافة، إلا أن خبر مقتل الرائد العسكري علمنا أن لـ«الداخلية» أذناً من طين وأخرى من عجين!

احمد الصراف

مؤشرا الحياة (2/2)

إضافة إلى كل ذلك يدفع الدين المجتمعات المتمسكة به إلى زيادة الإنجاب، فالمجتمعات الزراعية مثلا بحاجة كبيرة للأيدي العاملة، وينتشر فيها الزواج المبكر، بينما نجد عكس ذلك في المجتمعات الحضرية المتقدمة، حيث تفضل المرأة عددا أقل من الأطفال، وبالتالي تقل الحاجة للاستعانة بالغيبيات في تنشئتهم وتعليمهم وتربيتهم.
كما يواجه الجانب النفسي من العقيدة تحديا صلبا آخر، فعندما يواجه الفرد في المجتمعات الحديثة مشكلة نفسية أو صحية عقلية فإنه يتجه للشخص المناسب، فطبيعة فهم هؤلاء تدفعهم لطلب طرق العلاج الأكثر عقلانية والتي تعتمد على الدواء العصري أو التشخيص والفعل المناسبين بدلا من الاعتماد على الأساليب التقليدية القديمة والمخدرة التي تعرضها العقائد المختلفة. إضافة إلى ذلك لاحظ علماء «الاجتماع الرياضي» ان الرضا الروحي والاجتماعي الذي يحصل عليه المتفرج في مباراة رياضية شعبية لا يقل عن الرضا ذاته الذي يحصل عليه مرتاد الكنيسة، ويعتقد البعض أن الرياضة اصبحت في الكثير من المجتمعات تحل محل العقيدة، وبالدقة نفسها يمكن قول الشيء ذاته عن مشاهدي أي أنشطة أخرى، حتى تلك غير الرياضية، ولهذا رأينا كيف شنت المؤسسة الدينية المسيحية بالذات هجوما مضادا واصبحت تنظم مثل هذه المناسبات وتمتلك محطات تلفزيون خاصة بدعواتها وتتبنى فرقا موسيقية صاخبة دينية Rock Christian، ولكن هذا لم ينفع كثيرا في منع فقد الكنيسة لمكانتها بسبب التقدم العلمي وشبكة الأمان الاجتماعية التي وفرتها الدول الغربية لمواطنيها، وصغر حجم العائلة، وكل هذا خلق لدى هؤلاء خوفا اقل من المستقبل، وبالتالي حاجة أقل لتسوق التدين من رجل دين أو من خلال كنيسة.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الشخصانية

انتهى آخر استجوابات الرئيس في دور الانعقاد الحالي، الذي سينتهي هو الآخر نهاية هذا الأسبوع لنبدأ إجازة صيفية حارة وقصيرة، حيث سيحل علينا شهر رمضان الكريم في منتصفها، ورمضان حلاته في الديرة إذا كنت ممن يرغبون في استشعار الصوم وعادات الصوم وطبايع أهل الكويت.
ولكن ماذا بعد الاستجواب الأخير؟
استطاع رئيس الحكومة أن يثبت سعة صدره بالممارسة الديموقراطية ويتحمل ما قيل وما يقال وما قد يقال من تعنيف وتوبيخ ونقد لاذع وغير لاذع واتهامات في ذمته المالية واستغلال النفوذ.. الخ من اتهامات تقبلها بطريقة يحسد عليها وغير مسبوقة، مع انني شخصيا ما زلت اعتقد ان ادارته للحكومة سبب مشاكلنا اليوم.
المهم على الطرف الآخر الآن ان يتقبل ما آلت اليه الأمور وانه مارس دوره بالكامل من دون تضييق و«بيض الله وجهه»!! وقد حان الوقت ليرفع ملاحقة رئيس الحكومة من أجندته انتظارا لحكم المحكمة الدستورية المقبل مع بداية دور الانعقاد التالي. كل خوفنا أن يشعر الناس أن مساءلة سمو الرئيس أضحت شخصية وليست إصلاحية! كل خوفنا ان يكفر الناس بالممارسة الديموقراطية عندما يتابعون كيف يمارس النواب صلاحياتهم. لذلك حان الوقت للتفرغ لإصلاح الأوضاع الخربانة ـــ وما أكثرها ـــ وإقناع ولي الأمر ان هذا الخراب سببه سوء الإدارة. هنا سيمارس ولي الأمر صلاحياته لتحقيق ما تصبون اليه بدلا من أن يمارس معكم أسلوب العناد وتكسير الروس.
أثبتوا يا نواب الأمة حرصكم ـــ وانتم كذلك بلا شك ـــ على إنجاز الإصلاحات الموعودة، وبيّنوا ان أساس المشكلة في الأداء الحكومي وانتم ما قصرتم في التشريع الإصلاحي، واثبتوا أن الشق عود، عندها لن يلومكم أحد اذا استجوبتم الرئيس، لكن أن تبدأوا مشواركم من أول يوم باستجواب وتختموا آخر يوم باستجواب فهذا أمر أصبح طوق نجاة للحكومة لتواجه به الشعب كدليل على الشخصانية.
• • •
(ثورة الجمعة)…
المتظاهرون يهتفون: الله أكبر.. الله أكبر.
المتظاهرات.. نساء محجبات ومنقبات.
التظاهرات.. تبدأ من المساجد في يوم الجمعة المبارك.
المُتظاهَر ضده.. أنظمة عربية فاسدة وإرهابية أذاقت شعوبها الذل والهوان طوال عقود من الزمن.
إنها العودة الى الله.. شئتم أم أبيتم!!

احمد الصراف

مؤشرا الحياة (2/1)

هناك مؤشران يمكن ملاحظتهما في ما يتعلق بتطور الشعور الديني ونموه لدى مختلف المجتمعات، فالأول يبين زيادة الاهتمام الديني لدى بعضها والحرص على الانتصار للدين والدعوة له ومقاومة المخالفين له، والآخر يبين اهتماما أقل بالموضوع نفسه. وقد تطور المؤشران بصورة تدريجية، ولكن الثاني تسارع في المائة سنة الأخيرة بشكل واضح، وخاصة في المجتمعات الغربية الأوروبية المتقدمة علميا، فنسبة عدم الاكتراث بالمؤسسة الدينية في دول كالسويد وصلت إلى %64 وفي الدانمرك %48 وفرنسا %44 أما في مجتمعات صحراء أفريقيا مثلا فلم تتجاوز الــ %1. وطالما حيرت هذه الظاهرة علماء الإنسان لعقود إلى أن جاء جيمس فريزر وافترض أن التنبؤ العلمي، وما توصل له الإنسان من قدرة على التحكم في الطبيعة أدى أو ساعد في استئصال، أو تقليل أهمية المعتقد الديني ودوره كوسيلة لمعرفة غير المنظور أو التحكم فيه وفي حياتنا. وقال انه كلما ازداد انتشار التعليم قل انتشار التدين! كما لاحظ فريزر وجود علاقة متبادلة بين ضعف الاعتقاد والذكاء، فغالبية هؤلاء من خريجي الجامعات وأهل المدن والأكثر ثراء والذين لديهم شعور أقوى بالأمن المادي والمعيشي. أما غيرهم فأكثر لجوءا للمعتقد لمواجهة مشاكلهم وغير المعروف في حياتهم. كما نجد أن برامج الرعاية والضمان الاجتماعي في المجتمعات المتقدمة قد أزالت الخوف من المجهول من فكرهم. كما ساهم ما يتمتعون به من تأمين صحي، وفي الشيخوخة في جعلهم أكثر قدرة على مواجهة قوى الطبيعة ومتطلبات الحياة، مقارنة بغيرهم الأقل حظا والأكثر إيمانا بالغيبيات التي تلعب دورا اكبر في حياتهم.
***
ملاحظة: لفت الزميل صالح الشايجي نظرنا الى حقيقة أن بكر صدقي هو أول عسكري في التاريخ العربي المعاصر يقوم بانقلاب وكان ذلك في العراق في أكتوبر عام 1936 في عهد الملك غازي، واغتيل بعد أقل من عام.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

بالروح بالدم نفديك يا نجاد

التاريخ يصرخ: «كلاكيت ثاني مرة»، فيهدأ الضجيج وتتوقف الضحكات في أفواه أصحابها… ويتقدم هذه المرة أحمدي نجاد ليقوم بدور البطل في النسخة الحديثة من الفيلم بدلاً من صدام حسين.
في الثمانينيات من القرن الفائت، كان العراقيون «يمونون» على البيت وأهل البيت، كانوا يبدّلون الديكور، ويحددون لون رصيف شارع الصحافة، وكانت السفارة العراقية تمثّل أكبر جالية في البلد، وكل من يحتج هو «خائن للعروبة» وضد «البوابة الشرقية» وعدو «سعد بن أبي وقاص» رضي الله عنه… فيستعين بالصمت ويتجرع «السم السِّقَطْري».
واليوم «يمون» الإيرانيون على البيت بمطبخه وغرف نومه، ويحددون لون رصيف شارع الصحافة، وتسيطر طائراتهم الورقية على الفضاء، وتمثل السفارة الإيرانية أكبر جالية في البلد، وكل من يحتج هو «طائفي» وضد «الممانعة» وعدو «الحسين بن علي» رضي الله عنهما… فيستعين بالصمت ويتجرع «السم السقطري».
الاختلاف في أسماء الصحابة فقط، والأيام دول، وشارع الصحافة نداوله بين الناس، ومن يتحدث عن إيران اليوم «مهوب عاقل» على رأي السعوديين… وعلينا، نحن الشعب الكويتي، أن نضع أيدينا على خدودنا الكريمة لسبعة أشهر من التشرد، وننتظر رقم قرار مجلس الأمن.
وسابقاً، أيام صدام، كانت حكومتنا مرتبكة ربكة من وقعت سيجارته في حضنه وهو يقود السيارة، فارتاع ونفض ثوبه، فوقعت السيجارة على الكرسي، فنفضها، فوقعت على أرضية السيارة، فداسَ على الفرامل، فصدمته السيارة التي خلفه… وكانت ليلة.
وهذه الأيام، أيام نجاد، تنام حكومتنا على الأريكة في الصالة بكل «أمان وطمان»، وتستيقظ فتخرج إلى مقر عملها وتترك «نجاد» في المنزل بمفرده مع عيالها وبناتها، فـ «نجاد» محرَم لها.
أيها السادة، اخلعوا نعالكم كي لا يتسخ السجاد الإيراني الذي يغطي أرض الكويت من المحيط إلى الخليج… وارفعوا أصواتكم: «بالروح بالدم نفديك يا نجاد»… وسلموا لي على إيران وبلّغوها تصفيقي.

حسن العيسى

الكويت ليست إقطاعية خاصة بكم

فوضى وصراعات بيت الحكم وجدت صداها في بيت الأمة اليوم، وغداً سنحصد خراب الدولة زيادة على فساد إدارتها في الحاضر، ليس سراً أن عدداً من أبناء الشيوخ اشتروا لهم منصات إعلامية في الصحافة والتلفزيون لتوجيه معاركهم كل نحو الآخر، فلم يعد كافياً في إدارة صراع الشيوخ المنح والعطايا والتسهيلات التي تمنح لنواب الذمم الواسعة، وأصبح من الضرورة عند الطامحين من شيوخنا مد الاستقطابات السياسية إلى الشارع وإلى الناس الحائرين والتائهين في ما يحدث. وكأن هذا «اللي ناقصنا»!
خلط الأوراق أصبح ضرورة عند نواب يريدون رأس الشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء بأي ثمن، وصراعات القصور توفر لهم أفضل الفرص، فإذا كان من الواجب نقد حكومة الشيخ ناصر لفشلها في قضايا كبرى، مثلما صرح النائب خالد السلطان بأن هذه الحكومة متهمة بالكثير من الأمور مثل ارتفاع ميزانية الدولة من 2006 إلى 2010 من عشرة مليارات إلى عشرين ملياراً، وتدمير القطاع الخاص، وتراجع مؤشر الحريات… (جريدة الراي عدد أمس) إلا أن هذا الفشل لحكومة الشيخ ناصر لا يبرر لزملاء النائب خالد السلطان تقديم استجواب ينضح بالروح الطائفية، فاستجواب الوعلان والطبطبائي وهايف يرمي إلى محاسبة الدولة كلها على موقف الحكومة في أحداث البحرين، فهل كان يفترض أن تعلن الكويت الحرب على إيران وأن يقمع شيعة الكويت ويتم «تخزيمهم» حتى يرضى مشايخ المجلس؟ إذا كان مثل هذا الاستجواب يرمي إلى محاولة الإطاحة بالشيخ ناصر المحمد فقد وقع طلابه في وهم كبير، وأصبح هؤلاء النواب بقصد أو بدون قصد مخلب القط لمعارك القصور.
واقع الدولة اليوم مزر، وأمورها تسير من سيئ إلى أسوأ، وليس لبيت الحكم المشغول بصراعاته الداخلية رؤية ولا منهج لحل صراعاتهم أو مشاكل الدولة المزمنة، فالعقلية التي تدار بها الأمور على حالها وعلى طمام المرحوم، ليت شيوخنا يمدون رقابهم إلى خارج حدود الدولة ويطالعون ما يجري الآن في دولنا العربية، ليت شيوخنا يقرأون التاريخ وعبره، فنحن لا نريد في النهاية غير الأمان لليوم والغد، وما يحدث بينكم الآن لا يخلق غير القلق والريبة، وتذكروا أن الكويت ليست إقطاعية خاصة بكم كي تتنازعوا على صكوك الملكية.