احمد الصراف

الخوف من التهم المعلبة

انتشرت قبل فترة رسائل على التويتر والمواقع الإلكترونية يسخر اصحابها او ينتقدون قيام وزير الاشغال، السيد فاضل صفر، أثناء لقائه بالسفير الإيراني في الكويت، بالتفاهم والتباحث معه باللغة الإيرانية، مفترضين أن الوزير صفر، بسبب اصول أجداده، لا شك يتقن التحدث باللغة الفارسية، ومعتبرين الامر معيبا.
عزز نفي ناطق باسم وزارة الاشغال التي يتولى الوزير صفر حقيبتها، هذا الاعتقاد، وأكد أن الحديث بين الوزير، وضيفه قد تم بحضور مترجم! وهذا أمر مخجل حقا، ولو كنت مكان الوزير وكنت أتقن التحدث بالإيرانية، أو غيرها، لما ترددت في التحدث مع ضيفي وغيره بلغته، فهذا يقرب بين الافراد ويزيل ما في النفوس من أمراض، وكم هو جميل التحدث بطلاقة بلغة الآخر من دون عقد وقيود، فالعاجز من لا يعرف لغة الآخر، وليس العكس! كما لو كنت مكان الوزير لما اصدرت نفيا لما أشيع، فهذا يعني أن علينا أن نتوقع صدور نفي، من مكتب أي وزير أو مسؤول، ولو كان متخرجا في جامعة أميركية، عند اجتماعه بأي مسؤول زائر، ولو كان أميركيا، بأنهما اجتمعا بحضور مترجم، وهذا أمر مضحك! فعندما يزور البلاد مسؤول بريطاني مثلا، نصر، حتى لو كان الضيف يتقن العربية، على التحدث معه بالإنكليزية؟ هل لكي نبين له ولغيره «ثقافتنا وتعليمنا العالي»، ولكن لا يحدث ذلك عندما يكون المسؤول الزائر إيرانيا؟ فهل الخوف من الطعن في الولاء والتبعية مثلا؟ ولماذا نجد أن من تعود اصول أسرهم لإيران مرغمون أحيانا لنفي صلتهم بها، أو حتى معرفة شيء من ثقافتها؟ إن على هؤلاء التخلص من هذا الوهم، فمن يعرف فنا إيرانيا فليبرزه، ومن يتقن شعرا لسعدي فليسمعنا إياه، فليس هناك ما يعيب في معرفة لغة الآخر وثقافته. وأتذكر بهذه المناسبة ان الكثيرين كانوا يستنكفون، وبكل سذاجة، عن الاستماع للأغاني العراقية خلال الاحتلال، ويعيبون على غيرهم الاستماع لها، ولكن لم تمر إلا بضع سنوات على التحرير ليتسابق هؤلاء بالذات، وقبل غيرهم، لشراء أشرطة الأغاني العراقية واستضافة مطربيها في بيوتهم.
أعتقد أن شاه إيران، سيئ الذكر، لو كان لا يزال موجودا على عرش الطاووس، وكانت إيران على ما كانت عليه قبل ثورة الخميني وحرب إيران والعراق، وسياسات الملالي الخرقاء، لكان الوضع غير ذلك. ويجب على الطرفين التخلص من عقدهم واوهامهم فليس كل ما هو غير عربي، سبة وشر، فهذا هراء ما بعده هراء. فإتقان لغات الشعوب الأخرى ومعرفة ثقافتها ميزة وفضيلة لا يمكن نكران فائدتها، وقلة من البشر تمتلك مهارة التحدث بلغات الغير، وكنت أتمنى لو انني اتقن القراءة بالفارسية، لغصت في بحار أسرارها، واطلعت على روائع ما كتب بها.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

من يجرؤ على الكلام؟

مهما نختلف مع النائب المحترم أحمد السعدون، يظل أبو عبدالعزيز رقما لا يمكن تجاوزه، ويظل تاريخه المشرف يشفع له عن كل زلاته وأخطائه التي يحسبها له المراقبون، لكن هذا لا يمنع أن نناقش بهدوء بعضا من أفكاره التي نعتقد أن التوفيق جانبها، والتي تحولت الى قوانين أصدرها مجلس الأمة ووافقت عليها الحكومة وأصبحت شأنا عاما، لذلك تكون مناقشة هذه الأفكار من الأهمية بمكان نظرا لتأثيرها على مسيرة التنمية ومستقبلها.
نبدأ بقانون الــ B.O.T
وهو قانون أصدره مجلس الأمة بدعم وإصرار من النائب السعدون الذي رأى قصورا في النظام السابق نتجت عنه تجاوزات وتعديات خطرة على المال العام، لذلك أصدره بقانون ووضع فيه شروطا ظن أنها تمنع هذه التجاوزات، ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟
منذ أن صدر القانون توقفت مشاريع الــ B.O.T، لأن الشروط والضوابط التي وضعت فيه لم تمنع فقط التجاوزات، بل ايضا منعت تنفيذ القانون على الواقع، لأنها ضوابط تتعارض مع روح القانون وهو تشجيع القطاع الخاص للاستثمار، وتلغي أي جدوى اقتصادية منتجة لأي مشروع، وانطبق عليها المثل الكويتي «الشيء إذا زاد عن حده انقلب ضده».
والمثال الثاني.. قانون شركات المشاريع الإسكانية!
فقد صدر القانون بموافقة مجلس الأمة والحكومة التي لم تكن مقتنعة بجدواه، ولكن تحاشيا للصدام مع رئيس اللجنة الاسكانية التي كان وزير الإسكان السابق يجامل أعضاءها كثيرا، وافقت عليه على مضض وصدر القانون وهو غير قابل للتطبيق، والكثير من المختصين يدركون ذلك، ولكن من يجرؤ على الكلام؟! حاولوا تطبيق هذا القانون على أول مشروع وهو البيوت منخفضة التكاليف، فاصطدموا بالواقع، ولم تتقدم ولا شركة للمنافسة، لأن المشروع، وفقا للقانون السعدوني، غير مجد اقتصاديا، وطالب المختصون بتعديل القانون بحيث تتكفل الحكومة بانشاء البنية التحتية وتقوم الشركة الفائزة ببناء بقية المشروع، لكن تهديدات ابو عبدالعزيز بالويل والثبور لمن يجرؤ على التفكير بالتعديل حالت دون إجراء ذلك، وهاهي المشاريع الإسكانية محفوظة بالأدراج عاجزة عن ان ترى النور لأن القانون غير قابل للتطبيق!
ثالثة الأثافي مشروع المصفاة الرابعة!
ونعلم أن مجلس البترول الأعلى في الحكومة السابقة تبنى هذا المشروع، وألغاه نواب التكتل الشعبي بعد حملة شرسة من إحدى الصحف اليومية، وأعلنوا سببين لرفضهم للمشروع: الأول أنه تم إقراره من لجنة مناقصات خاصة بالقطاع النفطي والتي تبنت مبدأ Cost Plus وهذا وضع لم يكن مرضيا للنواب، والثاني أن رقابة ديوان المحاسبة كانت لاحقة! فجاء وزير النفط الحالي وعالج هاتين القضيتين، فجعل لجنة المناقصات المركزية هي التي تقر المشروع بعد أن ألغى نظام Cost Plus، وجعل مراقبة ديوان المحاسبة سابقة! ولكن الأفكار السعدونية كانت بالمرصاد!
فها هي تهديدات ابو عبدالعزيز وتحذيراته للوزير إن لم يصدر قانون بانشاء المصفاة الرابعة عن طريق شركة مساهمة! يعني «بيدفنها» كما دفن المشاريع الإسكانية والتنموية!
نقول لأبو عبدالعزيز: لا نشك بنواياك.. بل لا نشك بوجود قصور في النظام السابق، لكن لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم! إذا كان لا بد من وضع قانون للمشاريع فلتكن قوانين قابلة للتنفيذ، ولا تقول الحرامية لا يريدون تنفيذ القانون، فهذا صحيح، لكن ايضا عندما يكون القانون غير قابل للتنفيذ نعطي هؤلاء الحرامية فرصة للاعتراض.
***
آخر الكلام
مشروع السكة الحديد الذي تم توقيع عقد الاستشارات بشأنه أمس سيكون مصيره مصير سابقه من المشاريع، لأنه وفقا لنظام B.O.T، لذلك سنصرف ثلاثة ملايين دينار على الدراسات الاستشارية، ولكن سيكون المشروع حبيس الأدراج الى أن يرضى بو عبدالعزيز علينا ويوافق على تعديله، ولن نتنبه إلا عندما تسبقنا دول الخليج ونكون آخر من ينفذ المشروع!

احمد الصراف

المحامي والمحاسب

تمتلئ الكثير من المهن الرفيعة بمن لا يستحق الانتماء اليها، والسبب في ذلك يتمثل في جانب منه في عدم وضوح أو غياب القوانين المنظمة لأخلاقيات ممارستها، كالطب والمحاماة والمحاسبة، وفتح هذا المجال للمحتالين وللمتطفلين ليعيثوا في هذه المهن الرفيعة فسادا! فعدد من كبار مدققي الحسابات يمتلكون مصالح تجارية ووكالات معروفة، وهذا يتعارض، أخلاقيا وقانونيا، مع طبيعة مهنهم، خاصة عندما «يتصادف» قيامهم بتدقيق حسابات شركات منافسة لهم! ولكن يبدو أن مشرعينا أكثر انشغالا بتعديلات كوادر وكواعب رواتب موظفي الدولة منهم لهذه الأمور الخطرة. كما يشعر الكثيرون، بقلق واضح لتزايد عدد الجرائم التي يكون أحد المحامين طرفا فيها، فالنسبة مقلة وبازدياد، ولا يبدو أن جهة ما ستتحرك لمراقبة سلوك هؤلاء أو ما ارتكبوه من جنح وجرائم خطرة، أو على الأقل تطبيق عقوبات على المسيئين للمهنة منهم. وقد نشرت القبس في آخر مايو الماضي تحقيقا مرعبا تبين فيه تورط 75 محاميا، وخلال فترة 5 أشهر فقط، في جرائم تزوير في محررات رسمية وتقاضي اتعاب باهضة والتعدي على موظفين عامين، هذا بخلاف قيام البعض منهم باستغلال الظروف الأسرية السيئة لبعض موكلاتهم.
وعلى الرغم من ان تحقيق القبس خلص إلى أن المسؤولية تقع على عاتق جمعية المحامين، التي تبدو مترددة في تفعيل دورها ومعاقبة أولئك المحامين الذين صدرت بحقهم أحكام نهائية وشطب عضويتهم، فإن موقف الجمعية برأينا هو تحصيل حاصل لخطأ الحكومة، أو السلطة بالذات. فهذه هي التي شرعت الأبواب وفتحت المجال ليقوم غير المؤهلين بممارسة هذه المهنة شبه المقدسة، سواء من خريجي الكليات غير المتخصصة أو ربما من خريجي جامعات غير معترف بها، وبالتالي لا يمكن أن تقوم جمعية المحامين، على الرغم مما تضمه من نخبة من كبار المحامين وأفضلهم وأصدقهم في ممارسة المهنة، بمعاقبة نفسها. ونعتقد بالتالي أن الحكومة هي الجهة المطلوب منها التحرك، وفعل شيء لإزالة الطارئين على هذه المهنة التي أصبح عدد ممارسيها يفوق الحاجة بكثير، وهذا سبب آخر لتردي أوضاع العاملين فيها وتكالبهم للحصول على القضايا، ولو باللجوء لفعل غير المستحب والمقبول.

أحمد الصراف

حسن العيسى

تنفخ بقربة مقطوعة يا جاسم

تقريباً لأكثر من ثلاثين سنة والاقتصادي جاسم السعدون يكتب في الجرائد ويعد تقارير «الشال» ويتحدث وينصح، لا بل يكاد يزعق لكن لا أحد يسمع، ربما لدينا سلطة في الحكومة والمجلس مشكلة من طرش، فلا جاسم السعدون ولا كثيرون غيره من المخلصين الناصحين نفع حديثهم، ولا أحد من «أهل الحل والعقد» ينصت لهم، أما الكويتيون فهم لاهون، لاهون يعدون الأيام والساعات متى تدخل جيوبهم مكرمة حكومية، لأن المناسبة هي ختان ابن واحد كبير أو غير ذلك من أسباب توزيع الثروة على العائلة الكويتية، وهم (أهل الديرة) أيضاً مشغولون متى تأتي مبادرة من ناحية مجلس النواب تصب في قالب إسقاط فواتير الكهرباء والماء كإسقاط القروض للقادرين وغير القادرين، أصبح واجباً مقرراً ويومياً للكثير من الأسر ملاحقة أخبار الهبات والمنح والكوادر والإجازات وغيرها في بلد مهما كثرت أموال أهله فالملل والسأم يقتلهم… سجن كبير يضج بالمساجين الممتلئة جيوبهم وليس لهم مكان يتنفسون فيه غير المولات ومطاعم «الجنك فود»!
صفحتان كاملتان في جريدة «الجريدة» قبل يومين ضجت بنقد مر لجاسم السعدون تحدث فيهما عن غياب التخطيط وغياب الرؤية عند أهل القرار «… ففجوة الاعتماد المتزايد على الحكومة زادت في صناعة الاقتصاد، والمالية العامة أصبحت أكثر اعتماداً على النفط، موظفو الحكومة أصبحوا أقل عملاً وأكثر رواتب…» والمشكلة عند جاسم وغير جاسم من الواعين هي «الإدارة، مجلس الوزراء يشكل لتوزيع المنافع على الوزراء بدلاً من خلق مجلس وزراء يحقق منافع للدولة…»! لكن أين صرنا اليوم؟ افتحوا أي جريدة أجنبية أو طالعوا أي محطة تلفزيون غير محطات «هشك بشك» العربية، ستجدون الأخبار والمقالات كلها تتحدث بالدرجة الأولى عن الأزمة المالية في أوروبا وأزمة التصنيف المالي والسندات للولايات المتحدة، تلك الدولة التي تصنع «مكوكات الفضاء» وليس تصريحات الهباء مثل حالنا. يقولون ويقلقون من القادم الذي يبدو مخيفاً لهم وللعالم، يقلقون قلق العقلاء الذين ينظرون إلى المستقبل ويتلمسون أخطاء الماضي، وهو ماضي تاريخ الجشع والأنانية، وكأن الفقراء عندهم وطبعاً في الدول الفقيرة سيدفعون أكثر الأثمان، لكن ماذا عنا، ماذا يقول حصفاء الديرة لو نزلت أسعار البترول عن 88 دولاراً، كيف ستوفر الدولة الرواتب وكيف ستتكفل السلطة «بدهان سير» هذا أو ذاك من نواب الهبش حتى يسكت، هل سنرهن الأرض وما عليها، أم أننا نظن أننا كابن نوح سنأوي إلى جبل يعصمنا من الطوفان… ما العمل؟
لا تقولوا هذا كلام ناس ممتلئة أرصدتهم البنكية… ولا يفكرون بالموظف «الغلبان» الذي تنهش من لحمه ديون الأقساط وغلاء الأسعار، ربما يكون هذا صحيحاً عند النفوس المنهكة، لكن ماذا لو فكرنا دقيقة واحدة في الغد وماذا سنصنع وماذا يخبئ لأبنائنا ذلك الغد المقلق؟… وهو قادم لا محالة كالموت وهو قدر الإنسان.

علي محمود خاجه

أمين سر تمويل المقاومة؟!

لن يكفي الكلام أو التعبير بمقال فقط للرد على ما نشرته “الوطن” في الذكرى الـ21 للغزو العراقي، حينما أوردت النصوص التالية “قام علي الخليفة بمهام الإدارة الفعلية للحكومة أثناء الغزو”، “استطاع علي الخليفة أن يوفر معونات شهرية للكويتيين في جميع أنحاء العالم”، “أعطى دفعة معنوية للمقاومين من خلال توفير التمويل اللازم لهم”، “قاد علي الخليفة برنامج الترويج للحق الكويتي في المملكة المتحدة والولايات المتحدة”، “اعتمدت الحكومة على علي الخليفة للتفاوض مع زعماء الدول ورؤسائها لحشد التأييد للحق الكويتي”. هذا ما قالته المؤسسة المملوكة لعلي الخليفة عن مالكها بعد 21 عاماً من كارثة الغزو، لتصحو اليوم هذه المؤسسة على دور صاحبها، بعدما قضى أعواماً طويلة كمتهم في قضية اختلاسات شركة ناقلات النفط، وحفظت قضيته قبل أعوام قليلة لعدم كفاية الأدلة، ليتحول اليوم إلى أحد أبطال التحرير بإرادة جريدة “الوطن” فقط. لن أقول أكثر، فما أعرفه جيداً أن تشويه التاريخ بهذا الشكل هو نتيجة صمتنا وتخاذلنا واكتفائنا بعبارة “لن ننسى في كل أغسطس”، ونحن ننسى ونهدر كرامة شهدائنا يومياً بقبولنا هذا التشويه. لنحول كلامنا إلى فعل ولو لمرة واحدة لفعل قوي صلب تقديراً لمن قدموا أرواحهم ودماءهم للكويت واحتراما لأبنائهم وذويهم. عريضة حفاظاً على تاريخ الكويت تاريخ الكويت جزء لا يتجزأ من حاضرها وواقعها الحالي، بل هو بذرة الحاضر التي شكّلت الكويت ورسمت صورتها التي نعيشها اليوم. وقد مرت الكويت بمحطات تاريخية مفصلية ومؤثرة في مسيرتها الطويلة التي دامت أكثر من قرنين من الزمان، ولعل أبرز تلك المحطات في تاريخ كويتنا الحبيبة هي فاجعة الغزو العراقي الغاشم على أرض الكويت في الثاني من أغسطس سنة 1990، وما قدمته تلك المحنة من دروس وعبر مازلنا نستخلصها ونلجأ إليها كلما زاد الوضع قتامة وشتاتاً. فمن بذلوا الغالي والنفيس في سبيل عودة هذه الأرض وعودة شرعيتها سيظلون شموعاً ينيرون درب الوطن بدمائهم وأرواحهم التي اتحدت في سبيل رفع علم الكويت وإعلاء شأنه وبقاء كيانه. اليوم وبعد 21 عاما من محنة الغزو نفاجأ بمن يحاول نسب نفسه قسراً لسجل أبطال الكويت الشرفاء الذين لم يسعوا إلا لرفعة شأن الكويت وحريتها وسيادتها. بعد 21 عاما يدعي علي خليفة عذبي الصباح، من خلال مؤسسته الإعلامية “الوطن”، بأنه كان من مهندسي عمليات تمويل المقاومة الكويتية! معلومة غير صحيحة ولم ترد بأي من أدبيات أو معلومات أو وثائق حقبة الغزو، بل لم تجرؤ حتى مؤسسة علي خليفة عذبي الصباح الإعلامية “الوطن” على إقحامها طوال الـ20 عاماً الماضية. ولأننا كما أسلفنا بأن تاريخ الكويت هو بذرة حاضرها، وأي تلاعب فيه يعد تلاعباً بحاضر ومستقبل الكويت وتزييفاً لبطولات الكويتيين وتضحياتهم وتضليلاً للأجيال الفتية التي لم تعاصر الغزو، فإننا نعلن نحن الموقعين أدناه رفضنا هذا التشويه التاريخي للكويت وأهلها، وندعو حكومة الكويت ممثلة في رئيسها ووزير الإعلام تحديداً ونواب مجلس الأمة الموقرين إلى أن يتخذوا موقفاً حازماً تجاه هذا التشويه التاريخي المخل، وأن يتحمل الجميع مسؤوليته لكيلا تشوه الصورة التاريخية الرائعة التي رسمها أبطال الكويت الشرفاء بدمائهم وتضحياتهم. • ستسلم هذه العريضة غدا بتاريخ 11-8-2011 إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء ولجنة العرائض والشكاوى في مجلس الأمة. شارك في توقيع العريضة: http://www.savingkuwait.org

احمد الصراف

دموع شيرين* المرة

لم أشعر بالحزن والإحباط منذ فترة طويلة كما شعرت وأنا أقلب صفحات «إيران تستيقظ»، وهي عبارة عن مذكرات الإيرانية شيرين عبادي، المدافعة الصلبة عن حقوق الإنسان في وطنها، والقاضية السابقة والفائزة بجائزة نوبل للسلام لعام 2003، والتي روت فيها نشأتها وتوليها القضاء في عهد الشاه، وكيف وقفت ضده وضد عهده، وساهمت، بشبه وعي ونصف إدراك، في وصول الخميني إلى السلطة، ليقوم بإقصائها من منصبها الرفيع، وهو ما تم تحذيرها من مغبة وقوعه، حيث قالوا لها إن «الإسلام لا يجيز للمرأة تولي القضاء»!
تقول «شيرين» إنها عاشت عام 2000، وبعد عقد من بداية عملها في مجال الدفاع عن ضحايا العنف في محاكم إيران، عشرة أيام هي الأشد هولاً في حياتها المهنية، فأوضاع الأطفال الذين يتعرضون للضرب، والنساء اللواتي يصبحن رهائن نتيجة زيجات مفروضة، واوضاع السجناء السياسيين، كلها وضعتها في احتكاك يومي مع القسوة البشرية، وكيف اضطرت الحكومة، التي يسيطر عليها رجال الدين الملالي، إلى الاعتراف أخيراً بأنها متواطئة جزئياً في مجموعة كبيرة من عمليات القتل المتعمد التي وقعت في أواخر التسعينات وقضت على حياة العشرات من المثقفين، وقد خنق بعضهم بينما كان يعيش في الخارج مهتماً بشؤونه، وكيف قطّع آخرون إرباً إرباً في بيوتهم! وما جرى من عمليات انتحار غامضة في السجن لمتهمين، وكان الكثير منهم، أو أغلبيتهم قد ساهموا في قيام الثورة، وتعذبوا في سجون الشاه! وتقول إنها واجهت كماً من الفتاوى التي أمرت بعمليات القتل، من دون محاكمة، أو حتى سماع وجهة نظر المتهمين، وكيف أن كل ذلك كان يشكل رهانات غاية في الجسامة، فهذه هي المرة الأولى التي تعترف فيها «الجمهورية الإسلامية» بأنها ارتكبت جرائم قتل في حق منتقديها! بينت لي قراءة الكتاب بصورة جلية أن الاهتمام بحقوق الإنسان هو المدخل الأساسي للعدالة، وأن العدالة لا يمكن أن تعمل بصورة جيدة من غير ديموقراطية، وهذه لا يمكن أن تعمل في مناخ ديني، مهما كان صادقاً مع نفسه! ويمكن القول بالتالي إن استقرار المنطقة وازدهارها مرتبطان بتحول كل من العرق وإيران بالذات إلى دولة مدنية ديموقراطية وحرة تهتم في المقام الأول بحقوق الإنسان، داخلها وخارجها، وبرفاهية شعوبها، وبغير ذلك فإن مقطوعات «ثلاثية الفقر والجهل والمرض» ستستمر في عزفها المبكي لعقود طويلة قادمة!
* شيرين تعني بالإيرانية: «حلو»

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

نواب الدائرة الأولى

طوال الأسابيع الماضية والتي كان النظام السوري يمارس خلالها البطش والتنكيل في شعبه الأعزل.. لم نسمع صوتاً لنواب الدائرة الأولى يندد بهذه الجرائم اللا انسانية، بل العكس سمعنا من بعضهم، وبالأخص النائب حسين القلاف، مدحا وثناء للنظام وتحذيرا لوزارة الخارجية من سحب سفيرها من دمشق! بل ان وكيل المراجع ذهب بنفسه للاطمئنان على وضع النظام الطائفي هناك ليعلن من دمشق من دون حياء ولا استحياء أن الأمن مستتب وأن الأوضاع مستقرة!
وعندما زل لسان النائب محمد هايف وطالب بتوجيه سؤال للاستفتاء عن اهدار دم السفير السوري، انتقده الأصدقاء قبل الأعداء.. وتبرأ من تصريحه الصديق قبل العدو.. أقول عندما خرج علينا النائب هايف بهذا التصريح خرج علينا نواب الدائرة الأولى من القمقم وأقاموا الدنيا ولم يقعدوها انتقادا لتصريح نائب مقهور مما يجري في بلد عربي شقيق!
هؤلاء النواب ثاروا لتصريح طالب بمعرفة فتوى اهدار دم سفير، ولم يحرك مشاعرهم مناظر القتل والبطش اللذين يمارسهما نظام هذا السفير يوميا ضد أبناء شعبه!
انزعج نواب الدائرة الأولى عندما طالب نائب زميل لهم بمعاقبة سوري يمثل النظام، ولم يزعجهم ما يعمله هذا النظام بآلاف السوريين من مجازر يندى له الجبين.
عندي معلومات حصرية ـــ على قول كاتب المعابيج والطرشي ـــ مفادها أن سياسة وزير الخارجية والمنسجمة مع توجهات مجلس التعاون وشعوب الخليج العربي، غير مقبولة عند نواب الدائرة الأولى لأنها تتعارض مع مواقف وسياسات بعض الجيران من الدول الصديقة! لذلك هدد بعض هؤلاء بتقديم استجواب لوزير الخارجية! ويتضح البعد الطائفي في هذه الخطوة، لذلك أدعو نواب كتلة العمل الشعبي أن ينتبهوا الى ظروف الحالة السياسية اذا ما قرروا مساءلة وزير الخارجية من منطلقات تختلف بكل تأكيد عن منطلقات الآخرين.
وقد لاحظت في الآونة الأخيرة تصريحات لبعض هؤلاء النواب يستنكرون حماسنا للشعب السوري ويقارنون ما يحدث له بما حدث للمحتجين في البحرين! وشتان بين هذا وذاك! في البحرين قام المتظاهرون بدهس الشرطة وقتلهم والاستيلاء على المستشفى وعملوا فيه الهوايل، بينما في سوريا الشعب أعزل وتحركاته سلمية والنظام هو الذي يبطش ويقتل ويدهس ويعمل كل الجرائم!
الخلاصة.. مما يجري على الساحة يتضح لنا في الكويت أهمية تلاحمنا أكثر وأكثر في منظومة مجلس التعاون والقفز الى المرحلة التالية.. الكونفدرالية الخليجية.. اذا أردنا أن نحفظ أمننا من العدوان الخارجي ومن الطابور الخامس الداخلي! حفظ الله شعبها من كل مكروه.

حسن العيسى

قف عند حدك يا حضرة النائب

واجب النائب أن يمثل الأمة ويدافع عن مصالحها وليس له أن يطالب بإصدار فتاوى حل دماء الغير، هذا الخطاب للنائب محمد هايف الذي طالب بهوج وطيش دينيين «العلماء» بحل دماء السفير السوري في الكويت! من تحسب نفسك يا حضرة النائب حتى تطرح مثل هذه المطالبة الرعناء؟ فلا أنت ولا «علماؤك» لا من سلطانهم ولا من حقهم حل دماء البشر سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، فهل طرحت الآن جلباب ممثل الأمة جانباً ولبست عمامة الراحل آية الخميني، وتوهمت أن السفير السوري هو الكاتب الإنكليزي سلمان رشدي! هل اختلطت عليك الأمور وتخيلت أننا في مكان غابر في الصومال الجائع أو في قرية منسية من قرى باكستان تأتمر بأمة سفك الدماء الطالبانيين؟ نحن هنا في دولة يحكمها الدستور والقوانين الوضعية، وليس من حق أحد أن يغتصب ذلك السلطان القانوني ويمسخه لمصلحة رغبات وهوى المتطرفين الدينيين، والدولة تحكمها مبادئ القانون الدولي في علاقتها مع غيرها من الدول الأخرى ولا تسيرها تطلعات هذا أو ذاك النائب في برلمانها. وإذا كان حضرة النائب محمد هايف يريد الثأر لدماء المدنيين في القطر السوري والضغط على نظامه الحاكم فليست الوسيلة المناسبة هي التحريض على قتل ممثلي الدول الأجنبية وحل دمائهم وكأنهم أغنام أعدت للذبح وفق الشرع الديني.
الاعتصامات الشعبية والمسيرات الرافضة لنهج النظام السوري في تعامله مع مواطنيه هي مسألة مشروعة كأبسط تعبير عن التضامن مع الشعب السوري في خلافه ومطالبته بالحرية في سورية، وغير ذلك فنحن كمواطنين لا نملك أي أمر آخر نحو استعداء ذلك البلد أو أي بلد آخر تحكمنا معه أعراف ومبادئ القانون الدولي في احترام سيادة الدول. هنا لابد من كلمة بحق تجمع حدس السياسي كتنظيم للإخوان المسلمين في الكويت، فقد كان بيان التحالف الوطني في رفض دعوة النائب محمد هايف الدموية مسألة مفروغاً منها، إلا أن رفض كتلة حدس مطالبة النائب محمد هايف يجب أن تحسب لها حين احتكمت إلى العقل وحكم القانون، فشكراً لها.

احمد الصراف

نظرة خارجية إلى لبنان

عرفت لبنان في سن مبكرة، ورأيت دماء سياسييه ومفكريه تسال في حروب عبثية، ففي 1958 اغتيل الصحافي نسيب المتني، وتبعه، وربما انتقاما لمقتل الأول، النائب والوزير نعيم مغبغب! وتعودت من يومها على رؤية منظر الجنود المدججين بكامل أسلحتهم في شوارعه.
طبيعة لبنان الجميلة وغرابة تاريخه دفعتاني مبكرا الى التعلق به ومحاولة التعرف عليه، وبالتالي زيارة مناطقه، المتفردة بأسمائها، وقادتني الظروف الى قرى واحياء لا تعرف الدولة، ولا تعرفها الدولة، حتى يومنا هذا، فهي من دون كهرباء، ولا طرق، ولا أمن، ولا ماء، حتى الإرسال الإذاعي لا يصلها، والنقال يخرس فيها، بالرغم من ان مساحة لبنان لا تزيد كثيرا على نصف مساحة الكويت.
جولاتي تلك بينت لي أمرا غريبا يتعلق بتاريخ لبنان ودياناته وطوائفه وأعراقه، فقلة من اللبنانيين يعرفون تاريخ وطنهم، أو حتى يكترثون لمعرفته، فالمصادر الرسمية ومناهج المدارس شحيحة بمثل هذه المواد، فلا أحد تقريبا يعرف لم يسمى الدروز بـ«بني معروف»، أو يلقب الشيعة بأبناء جبل عامل أو بالمتاولة، أو المتوالين، ولمن؟ أو من أين جاء الموارنة، ولم اختاروا، مع آخرين، لبنان وطنا وقمم الجبال الوعرة مسكنا، حيث لا طعام ولا شراب؟ كما لا احد تقريبا يعلم لماذا تتعدد الديانات والطوائف ضمن ابناء الأسرة الواحدة؟ ولماذا هناك زعامات وأمراء سنة ودروز غيروا مذاهبهم ودياناتهم؟ وما هي حقيقة تاريخ الشيعة في لبنان؟ ولماذا كانوا مصدر الهام لصفوي ايران؟ ومن هو يوسف بك كرم؟ ولماذا كان أهالي «دوما» روما، وهي التي تقع في بحر ماروني؟ ومتى جاءت أولى موجات الأرمن والأكراد إلى لبنان؟ وما هي حقيقة الأحباش؟ أو من يعرف شيئا عن «عرب بني خالد»؟ ولماذا هناك مثلا قرى شيعية ضمن بحر مسيحي وعكس ذلك في الجانب الآخر؟
وما هي حقيقة حروب ابراهيم باشا؟ ودور الأتراك في تهجير الشيعة والمسيحيين وتقريبهم للسنة وتقريب الفرنسيين للموارنة على حساب غيرهم؟ ومئات الأسئلة الأخرى التي لا أحد يمتلك اجابات عليها، مما يعني ان هناك اتفاقا ضمنيا على ابقاء الكثير من أحداث التاريخ، خصوصا ما تعلق منها بالصراعات الطائفية والحروب الأهلية، طي الكتمان، وتجنب تدريسها في المدارس الحكومية، اما لحساسيتها، أو لعدم الاتفاق على تفاصيلها، فكيف يمكن كتابة تاريخ بلد بكل هذا التعدد الطائفي، والتعقيد الديني من دون الإساءة إلى طرف على حساب آخر؟ وعلى من يرغب في معرفة المزيد عن أي طائفة أو ديانة اللجوء إلى المكتبات. وقد ساهم هذا التجهيل الرسمي المتعمد، بالرغم من منطقيته، في إضعاف الشعور الوطني بين اللبنانيين الذين لم يشتهر عنهم وقوفهم، ولو لمرة واحدة، متحدين ازاء عدو أو قضية واحدة، فواقعيتهم، وليس وطنيتهم، هي التي أبقتهم في وطن واحد. وإلى مقال الغد.

أحمد الصراف

احمد الصراف

نظارتي ورؤى الدولة

قرأت قبل فترة بعض التعليقات الإيجابية على كتاب «صياغة رؤى وقيم الدول»، للأستاذ حسن غلوم عبدالله، وبعد الحصول على نسخة منه وتصفحه تمنيت أن يعود بي العمر لأستفيد ولو بنسبة %5 مما فيه من معلومات وإرشادات.
في البداية، شعرت وأنا أقلب صفحات الكتاب بعجالة، بأنني أقرأ كتيبا عن كيفية تشغيل السيارة! ولكن بعد التمعن أكبر وتغطية المقدمة والجزء الأول وبضعة فصول إضافية اكتشفت كم نحن في الكويت، كسلطة وحكومة ومشرعين ومخططين ومعلمين، وحتى كشركات وأفراد، بحاجة ليس لقراءة وفهم مضمون هذا الكتاب القيم، الذي قد لا يستسيغ موضوعه الكثيرون، بل فقط الاكتفاء بقراءة مقدمته وعناوين أجزائه والتمعن قليلا في فهرسه، لنعرف سبب كل المشاكل الإدارية والمصائب السياسية التي مرت بها الكويت في الخمسين سنة الأخيرة، ولا تزال.
في عام 1970 كنت أشكو، بعد اي قراءة مطولة، من صداع شديد، ولم أعرف السبب إلى أن نصحني صديق بفحص نظري، وبالفعل تبين أنني بحاجة لنظارة، وعندما وضعتها على عيني لأول مرة اكتشفت أنني لم أكن أميز بوضوح كاف اشياء كثيرة، وخاصة في فترة المساء أو عند مشاهدة التلفزيون او السينما. وقد انتابني الشعور نفسه وأنا أقرأ كتاب الأستاذ حسن عبدالله، فكأنني وضعت نظارة أزالت غشاوة عن عيني، فبالرغم من معرفتي افتقاد حكوماتنا، منذ ما بعد التحرير على الأقل، لأي رؤية استراتيجية، فإن التفاصيل، وهي الأكثر أهمية، كانت غائبة عني، ربما لاعتقادي بأنني كفرد، لست بحاجة لوضع استراتيجية لحياتي! ولو كنت وزيرا للتربية، وبالذات للتعليم العالي، لما ترددت في طلب دراسة فكرة تضمين هذا الكتاب او فصول منه على الأقل ضمن مناهج السنوات القادمة، في الجامعة والمعاهد التطبيقية وما دونها، وأعتقد أن حتى طالب الطب بحاجة للاطلاع على هذا الكتاب. كما أن من السهل توقع فشل خطة التنمية العملاقة، وهذا ما لا نتمناه، إن لم تكن لدى الجهات المناط بها تنفيذ الخطة والإشراف عليها، فكرة، ولو سريعة، عن مضامين هذا الكتاب القيم، ولو من مصادر أخرى. ولو كنت مكان السيد عبدالوهاب الهارون، وزير التخطيط والتنمية، لما ترددت في شراء مئات النسخ من هذا الكتاب القيم وتوزيعها على جهازي التخطيط والتنمية للاستفادة من معلومات المؤلف الدسمة، التي لا غنى عنها لأي مسؤول، مهما كبرت أو تواضعت مسؤولياته.

أحمد الصراف