محمد الوشيحي

التكتل الوطني… الفرق ثلاث ساعات

إحدى مشاكل كتلة العمل الوطني هي “ساعة يدها”، دائماً متأخرة، وهي ليست سويسرية بالتأكيد، مع أن “كتلة الوطني” الأقرب إلى سويسرا. هي تصل (أقصد الساعة، والكتلة أيضاً)، لكن متأخرة. فالساعة العاشرة بتوقيت الحياة السياسية في الكويت توافق الساعة السابعة بتوقيت كتلة الوطني. الفرق ثلاث ساعات.
ونقول في لهجتنا “شربت مروقها”، وهو مثلٌ يعني أن “الذبيحة شبعت موتاً وهي الآن في المراحل النهائية من الطبخ”، أي أن القصة انتهت، وكتلة “الوطني” تأتي دائماً في المراحل النهائية للطبخ لتطرح رأيها في نوعية الذبيحة التي يجب اختيارها… خلاص، شربت مروقها يا الربع! وبعد أن ينفضّ المصلون من المسجد، بعد أن أدوا الفريضة والسنة، تأتي “الوطني” لتؤذن من جديد للصلاة، فيسارع الناس إلى تفقد التوقيت في ساعات أيديهم، قبل أن يضربوا كفاً بكف دهشة.
ويقول شاعر معركة الصريف، ماضي بن مفرج، وهو من الكنادر من العوازم: “كل شيٍّ (ن) طراته على حله… بدّلوا سير الأنضا بدرهامي”، يستحث أصحابه على الاستعجال فيقول “لذة الشيء أن يأتي في توقيته” ويطلب من أصحابه أن يستحثوا إبلهم “الأنضا” لتركض بدلاً من أن تسير على مهل. و”الدرهام” هو: جري الإبل.
وتطلب من “الوطني” تحديد موقفهم، فيجيبك أحدهم: “نحن نتلمس نبض شارعنا”، فتتلمس أنت معهم نبض شارعهم، وتقيس درجة حرارته، فإذا هو فرن يغلي غضباً على الحكومة، ودرجة حرارته تفوق بكثير درجة حرارة “الوطني”، فتتمتم: “إذا كانت ساعة يد (الوطني) متأخرة، وترمومتر (الوطني) غير دقيق، فالعلة إذاً في الأجهزة والمعدات”.
وتبدأ المعركة بين الحكومة والمعارضة، ويتكرر المشهد في صفوف “الوطني”… النائب صالح الملا، عضو “الوطني” وفارسها، يرفع بيرق الحرب على الحكومة، ويتقدم الصفوف، فترتفع إلى جانبه بيارق بيضاء، فيتوقف ليقنع زملاءه “القادة” بضرورة الحرب، ويتقدم مرة أخرى، فترتفع البيارق البيضاء من جديد، وهكذا، كل هذا والمعركة تدور بضراوة أمام أعين “الوطني”، والقتلى يتساقطون والجرحى يتكدسون كالتلال، والقوانين تتساقط كأوراق الشجر في الخريف، ونيران الفساد تنتشر وتلتهم مساحات أكبر، ووو…
وبعد أن ينصرف الجمعان تظهر بيارق “الوطني” من خلف الجبل، فإذا صالح الملا منهك بعد أن استنزف أنصاره كل لياقته التي صرفها على إقناعهم… وترتب “الوطني” صفوفها، وتقرع طبولها إيذاناً ببدء الحرب، فيمتشق النائب مرزوق الغانم سهماً من كنانته، ويضعه في القوس، ويطلق صرخته: “لا حييت إن حييتِ يا حكومة الفساد”، ويطلق سهمه، فإذا هو في كبد المعارضة، فينبهه زملاؤه: “هنا هنا يا أبا علي، في هذا الاتجاه لا ذاك”، فيطلق صرخة أخرى، ويمتشق سهماً آخر ويطلقه فإذا هو في عين المعارضة… وبعد أربعة سهام تنطلق من قوس مرزوق لتصيب المعارضة في مقتل، يطلق سهمه الخامس إلى قدم الحكومة، فيصرخ أنصاره: “سدد الله رميك”، وتتشتت المعارضة بين جبهتين، جبهة الحكومة وجبهة مرزوق الغانم.
ويتكرر المشهد، ويتبين للناس أن مرزوق الغانم، يحتاج، إضافة إلى صيانة ساعة يده وترمومتره، إلى صيانة بوصلته.

سامي النصف

تأملات ودروس من غزوة المجلس!

  كنا ضمن الوفد الشعبي الذي قاده «السفراء» عبدالعزيز البابطين قبل يومين لزيارة الاشقاء في المملكة العربية السعودية لتهنئة سمو الامير نايف بن عبدالعزيز بولاية العهد وسمو الامير سلمان بمنصب وزير الدفاع، وقد سمعنا خلال جلساتنا المطولة معهم ما يثلج الصدر وحبا لا يوصف للشعب الكويتي وقيادته، لذا نكرر طلبنا بأن نبعد المملكة تصريحا او تلميحا عن خلافاتنا، فالقيادة السعودية هي اول من يحرص على الاستقرار السياسي والامني في بلدنا، وكل ما يقال عدا ذلك هو ارهاصات وأكاذيب.

***

«الغاية تبرر الوسيلة» و«ليس مهما الاسلوب مادام يوصلنا للهدف الذي نبتغيه»، هما منهاجان شيطانيان يجب رفضهما من قبل الجميع، فالتعامل مع الحكومة ـ اي حكومة ـ يجب ان يتم عبر البرلمان وضمن قواعد اللعبة السياسية المشروعة التي نظمها الدستور، أما الأخذ بمنهاجية الفوضى والشتم والتعدي على رجال الامن فأمر يمجه الشعب الكويتي قاطبة من اقصى شماله حتى أقصى جنوبه، ومن أقام الدنيا بحجة التعدي على بيته وديوانه عليه الا يقبل التعدي على بيت وديوان الامة.

***

كنا وعبر عقود نتحدث عن استفادة المعارضة من اخطاء الحكومة، هذه الايام انقلب الوضع فأصبحت الحكومة تستفيد من الاخطاء الفادحة وغير المبررة لسياسات وتحركات المعارضة، فمن استجواب غير دستوري الى مقاطعة اللجان البرلمانية وانتهاء بالتجمهر والمسيرات غير المرخصة والتعدي امام الكاميرات على ابناء الكويت المخلصين من رجال الامن والانتهاء باقتحام بيت الشعب الذي استنكره الجميع وسيؤدي لاحقا الى عواقب قانونية وخيمة على من قام وشارك به.

***

وفي حساب الربح والخسارة لم أجد فائدة واحدة للمعارضة مما قامت به، فإسقاط الاستجواب من جدول اعمال المجلس قامت عليه الحجة بسوابق برلمانية كان طرفها من قدم الاستجواب (!)، واقتحام المجلس رفضه الشعب قاطبة كما رفضه من بيده حل المجلس وإقالة الحكومة، وتسبب في إعلان صاحب السمو الامير للصحافة ان مجلس الامة باق ـ بعد ان كان قاب قوسين من الحل كما أشيع ـ وان سمو رئيس الوزراء لن تُقبل استقالته حتى لو تقدم بها، فما فائدة ما جرى؟!

***

لقد قامت مملكة البحرين بإزالة دوار اللؤلؤة، «فالباب الذي يأتيك منه الريح سده واستريح»، والواجب بعد تجربة اقتحام مجلس الامة الذي قد يلحقه بعد يوم او عام او عشرة اعوام اقتحام وعبث بقصر السيف او مجلس الوزراء او البنك المركزي او وزارة الخارجية.. الخ، ان تُنقل ساحة الارادة الى مكان جديد يبعد عن تلك الاماكن الحساسة وتتوافر فيه مواقف سيارات وماء ومايكروفونات واسعافات واماكن للكاميرات والاعلاميين، ولا يسبب التجمهر به سد الطرق ومضايقة الجمهور، ويكفي التجارب السيئة السابقة لاحتلال قلب العواصم في لبنان والبحرين ومصر.

***

ومع ايماننا المطلق بأن تواجد غير الكويتيين في ساحة الارادة وابان الاقتحام لا يعني التآمر بل اننا اصبحنا «فرجة» و«طماشة» للخلق، الا اننا نرى ضرورة التأكد من هويات المشاركين لاثبات انهم كويتيون كوننا بلدا يمثل مواطنوه ربع سكانه فقط، ولا نريد ان تقام تجمعات ومسيرات ومظاهرات مستقبلية نكتشف لاحقا ان من قام بها آسيويون وعرب وخليجيون يتم إلباسهم الدشاديش البيضاء والعبايات السوداء لتزييف ارادتنا في ساحة الارادة، وما اسهل تلك الخديعة!

***

آخر محطة:

 1 ـ ضمن السياسات الخاطئة للمعارضة حقيقة ان مجلس الامة لو حل كما يطلبون وجرت الانتخابات هذه الايام لسقط فيها وبجدارة بعض ابرز قيادييهم، فالناخبون وخاصة في دائرتنا الثالثة في اشد الضيق مما يجرى.

2 ـ الشيخ احمد الحمود هو احد ابناء الدائرة الثالثة المخلصين، ولديه شعبية قوية فيها بسبب دماثة خلقه واعمال الخير التي اشتهر بها، وعلى من يهدده بالاستجواب من نواب دائرته الثالثة ان يعرف انه ـ اي النائب ـ عرضة لاستجواب دواوين الدائرة وناخبيها والتي ستعكسها صناديق الانتخاب وغلطة اخرى قد تكون الاخيرة.

3 ـ للعلم.. النائب لا يمثل نفسه ورغباته ونزعاته الشخصية، بل يمثل الكويت عبر عكسه لرغبات ابناء منطقته لا مناكفتهم فيما يرونه والتخصص مرارا وتكرارا في استجواب من يُوزر من ابناء الدائرة بعكس ما يحدث في الدوائر الاخرى التي يدعم نوابها وزراءها لمصلحة مناطقهم وابنائها ومن لا خير فيه لمنطقته ومصلحتها.. فلا خير فيه للكويت!

حسن العيسى

رسالة أغلبيات الله يحفظج

مصدر أمني قدر عدد رافعي شعار “الله يحفظج يا كويت” في ساحة الإرادة بعشرة آلاف مواطن (ليس بينهم بدون ولا خليجيون) بينما المنظمون للتجمع ذاته شبه الرسمي، وتحت لافتة مستبطنة بجوفها تحمل عنوان كلمات أغنية لمصطفى أحمد تقول “ترى احنا ما نتغير ويا رب لا تغير علينا”، قدروا عدد المتجمعين بأكثر من عشرين ألف كويتي ثابت الولاء للحكومة وملحقاتها الرائعة، في الاستقرار والتنمية والراحة والبهجة، وباختصار كل أسباب السعادة الكويتية الفريدة.
وعلى أي حال، فرقم حزب “لا تغير علينا” بنحو العشرة أو العشرين ألفاً ليس مهماً اليوم، بل المهم هو الرسالة التي أراد متجمعو “الله يحفظج” إيصالها إلى المعارضة الكويتية، وفحواها يقول بأننا أحزاب “الله يحفظج” أكثر منكم، وإذا كان صوتكم يا أمراء غزوة “احتلال المجلس” عالياً، فأصواتنا يمكن أن تكون أعلى منكم بكثير، ونحن “الأغلبية الصامتة” وأنتم الأقلية المزعجة التي يحرضها ويحركها مسلم البراك ورفاقه المعترضون على شخص رئيس الحكومة، لا على منهج الحكم وإدارة شؤون الدولة، وكأن بينهم وبين الرئيس ثأراً قديماً يريدون تصفيته!
رسالة “الأغلبية الصامتة”، التي لم تعد صامتة، حتى قبل ذلك التجمع الكبير، ببيانات كثير من دواوين وتجمعات “الشيوخ دائماً أبخص”، تصرخ في آذان المعارضين من فرق أحمد السعدون ومسلم البراك ومعهم “الملالوة” مساعد الطبطبائي ومحمد هايف وفيصل مسلم بأننا راضون عن الحكومة وأدائها، ونحن أكثر من راضين عن خدمات التعليم الراقية والعلاج المتقدم والشوارع الفسيحة غير المزدحمة التي تغيب عنها الحوادث والازدحامات، ونحن مبتهجون بالمعاملات السريعة التي تُنجَز في دهاليز الإدارات والمؤسسات الحكومية، بدون محسوبيات ولا واسطات، وأيضاً نحن راضون عن أسعار الأراضي الرخيصة في الدولة، والتي ضمنت مساكن معتبرة لأبنائنا وأجيالنا مثلما ضمنت الحكومة، من قبل، مستقبلهم باستثماراتها الحصيفة في الإنسان الكويتي، لا في جيوب كبارها ثم جيوب السائرين بالهدي الحكومي… ولو استمررنا في عدِّ حسنات الحكومة (أو السلطة الحاكمة – لا فرق بين الاثنتين) لضاقت بنا الصفحات العديدة، هل نذكِّركم بنعم الكوادر المالية لكل أفراد الشعب؟ فكادر عمال النفط، مثلاً، جاء مع “بكج ديل” لكادر الديوان الأميري، وديوان سمو ولي العهد، وسمو ورئيس مجلس الوزراء وأمانته العامة، وهي الكوادر المبادرة التي أمطرت علينا بخيراتها فجأة من غيوم حاتمية ـ من دون اعتصامات أو إضرابات ـ وبمبادرة حكومية، أم نذكركم أيضاً بكوادر غير مرئية ولا أحد يمكنه الكشف عنها، أصاب خيرُها الكثيرين، مثل الكادر الخاص والسري للنواب المؤلَّفة قلوبهم والذي أرَّق مضاجعكم؟! ماذا نحسب وماذا نعدّ من خير دولة “لا تغير علينا”، فمن أنتم وماذا تريدون؟ تريدوننا أن نصبح مثل دول “البلاء العربي” من فوضى وغياب أمن وجوع ومجاميع أصولية تحرك الناس، ومن بعد ستقعد فوق رقاب البشر وتصادر البقية الباقية من الحريات الفردية؟! يكفينا أن نجد الملتحين معكم حتى ندين اعتصاماتكم ومظاهراتكم، جملة وتفصيلاً، من غير أن نبحث في أي سبب آخر يبرر إدانتكم… هل تقرأون مقالات وزوايا كتابنا الواعين حين يدينون ويلعنون أي اعتصام لكم دون بحث عن الأسباب والمبررات الداعية لها… ماذا؟! هل تسمونها “إسلاموفوبيا”… وعقدة مبالغاً فيها؟ فليكن… ولنحرق مئة أو ألف مليون دينار، والله العالم بالغد، لكن المهم ألا تتسيدوا علينا… فنحن الأغلبية الصامتة، ونحن مَن يغني ويترنم أبداً في نشيدنا الوطني “ترى احنا ما نتغير… ويا رب لا تغير علينا”… فهل وصلتكم الرسالة؟!

احمد الصراف

إشارات وعلامات

في هذه اللحظات، وأنت تقرأ هذه الكلمات، تكون قد بلغت عمرا لم تبلغه من قبل، وكنت قبلها اصغر مما كان بإمكانك أن تكونه، فعليك أن تنعم بالحياة وتجعل كل يوم جديدا وسعيدا، ما استطعت الى ذلك سبيلا!
تطرأ علينا، ونحن نتقدم في العمر، تغيرات نفسية وفزيولوجية عميقة، حيث يتوقف البعض عن محبة ابنائهم ليتعلقوا لدرجة الوله بأحفادهم. كما يشعر من يتقدمون في السن بالسعادة عند الخروج من البيت، ولكنهم سرعان ما يحنون الى البيت ويصبحون أكثر سعادة بالعودة اليه، ومع التقدم في العمر نشعر بأننا اصبحنا ننسى أسماء البعض، ولكن سرعان ما نكتشف أن من حولنا ليسوا أفضل منا! ويصبح الأمر مضحكا أو مربكا عندما نكتشف أن شريك، أو شريكة، حياتنا، التي اعتمدنا عليها في تذكر أمور معينة، هي أسوأ منا، وأن الأمور التي كنا نهتم بأدائها، أصبحنا لا نهتم بأدائها، ويصيبنا القلق لعدم اهتمامنا بها!
ومن علامات الكبر أن النوم أمام تلفزيون يصدر موجات صوتية من دون صورة اصبح أكثر راحة وافضل منه في الفراش، ونعلم اننا كبرنا عندما نكتشف أن الأجهزة الكهربائية التي بين ايدينا اصبحت تتطلب أكثر من معرفة ON وOFF. كما نبدأ بالاكثار من استخدام كلمات مثل آسف أو أعتذر وماذا، ولماذا، وكيف، ومتى، ولا أتذكر، وربما ولا اسمع! وعندما نضطر أحيانا، عندما نبلغ من العمر عتيا، لاصدار صوت من بطوننا المنتفخة من عشاء الليلة السابقة، فإننا عادة ما لا نكترث بما يقوله الآخرون عنا! ويكثر الهمس من حولنا، ويبدأ الجميع بالتحدث بصوت منخفض، وكأن هناك أسرارا جنسية لا نعرفها. وعندما نكبر ويصبح بامكان البعض شراء ما يريد، لا نقوم بذلك بحجة أنه اسراف لا داعي له، أو أن من الأمان عدم اقتناء المجوهرات الثمينة. وعندما يتقاعد الرجل تعتقد الزوجة أن ايام الراحة والاستمتاع بالصحبة قد بدأت، لكن سرعان ما تشعر بأنها على استعداد لأن تقوم بأي شيء ليحصل زوجها على عمل، ويبقى خارج البيت! كما نكتشف فجأة أن أكثر ملابسنا من قياسات صغيرة، ولكن نرفض التخلص منها، مع علمنا أن لا امكانية، في ما تبقى لنا من عمر، في أن نرتديها يوما. ومع الكبر نسمع الجميع ينادينا بـ«يا عمي» ويا «حجي»! وعندما نكثر من الاهتمام باطفاء الأنوار، لغرض التوفير وليس الرومانسية، فهذا من علامات الكبر، ومن علاماته أيضا أن شمعات كيكة الميلاد تصبح أقل، فكل شمعة تمثل عقدا من الزمن وليس سنة! وفجأة نكتشف أن الكثيرين على استعداد للتخلي عن كراسيهم لنا في الحافلات وعند الطبيب، وما أكثر زياراتنا له، وما أن نسمع بنجاح أحدهم حتى نطلب رقم هاتفه وتخصصه. كما يتزايد عدد من يعرضون مساعدتهم لنا في حمل حقائبنا على درج الطائرة أو وضعها في خزانة الأمتعة العلوية، وتصل الأمور لذروتها عندما تبدأ بنسيان أسماء أحفادك!
ان التقدم في العمر يجعل كل شيء تقريبا يبدو سيئاً، الا أن هناك دائما أغاني قديمة لا نحب سماع غيرها، وأفلاما قديمة لا نتذكر غيرها، وعادات قديمة لا نرغب في نسيانها، وأفضل من كل ذلك اصدقاء قدامى لا نتخلى عنهم بكل ما في العالم من مال! وعلينا بالتالي أن نستمتع بكل مرحلة عمر نمر بها.
الفكرة من نص على الانترنت، بتصرف كبير.

أحمد الصراف

احمد الصراف

الشرر والحرائق

في الكويت آلاف المدارس، وجامعة حكومية واحدة، وعدد من المعاهد العليا! كما أن فيها مئات المواقع المدنية والعسكرية الخاصة بوزارتي الداخلية والدفاع، وتنتشر كل هذه المؤسسات في مختلف أنحاء الكويت، ويمر عليها أو يعمل فيها، ويشاهد مداخلها مئات الآلاف يوميا، والشيء الوحيد الذي يجمع بين هذه المؤسسات التعليمية، وبين العسكرية هو كمّ السيارات التي تقف أمامها في أماكن مخالفة للوقوف وعلى الأرصفة، وفوق الزرع، وفي كل مكان – تقريبا – في فوضى عارمة، لا مثيل لها! وكان الأمر يهون قليلا لو لم يتعلق بكون الجهتين مرتبطتين بتعليم النشء وتربيته والمحافظة على الأمن وتطبيق القانون! فكيف يمكن ان يفهم مئات آلاف الأطفال الذين يرون مثل هذه المناظر يوميا أن هناك من يحترم القانون؟ أو ان يستمعوا للمدرسة، ويصدقوها، وهي تتحدث عن النظام واحترام حقوق الآخرين، ويشاهدوها توقف سيارتها يوميا في مكان مخالف؟! وكيف يمكن أن نتوقع محاسبا أو محاميا «شريفا» يتخرج في الجامعة، او أحد المعاهد العليا، وهو الذي لم يتردد يوما، على مدى اربع سنوات، عن إيقاف سيارته فوق الرصيف في مخالفة صريحة لكل قانون؟!
قد يرد البعض بالقول إن المشكلة تكمن في أن المساحات المخصصة لمواقف السيارات لا تكفي العاملين او المنتمين الى هذه الجهات، والدارسين فيها – وهذا ربما يكون صحيحا – ولكنه عذر لا يمكن قبوله ان كانت هناك نية لاحترام القانون. فتكرار، أو استساغة ارتكاب المخالفة المرة تلو الأخرى يخلف ويخلق – لا شعوريا – مواطنا بليدا في حسه الوطني غير عابئ بالمصلحة العامة!
فهل سنرى قريبا تعاونا بين الوزارات المعنية لوضع حل لهذه الظاهرة القبيحة والمشوهة؟ لا أعتقد ذلك، فمن بيدهم العلاج هم أنفسهم الذين سبق أن ارتكبوا مثل هذه المخالفات مئات المرات من دون خوف، وبالتالي ربما يتطلب الأمر استيراد مسؤولين من دولة أخرى!
* * *
• ملاحظة: إن السكوت عمن يشعل الشرر اليوم، سيشجعه على إشعال الحرائق غداً!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

المخرج

الجميع يبحث عن مخرج لهذه الأزمة..! وكلا الطرفين يسير في خط التصعيد من دون تراجع..!
أنا أفهم وأتفهم عندما تقوم المعارضة بحشد كل امكاناتها وطاقاتها لتحقيق أهدافها الداعية في مجملها إلى تغيير الحكومة وحل المجلس، حيث ان كل الأطراف المشاركة في هذه المعارضة أصدرت بيانات استنكرت فيها دخول قاعة مجلس الأمة – باستثناء النواب الذين رأوا انهم أرغموا على هذا المسلك – لكنهم ركزوا على ما يرونه أساس المشكلة، وهو أسلوب الحكومة في التعاطي مع مجلس الأمة وجلساته، وعندما حاول الطرف الآخر – الحكومة – تشويه اداء المعارضة وتسليط الضوء على حادث الاقتحام، والتباكي على الوطن وعصيان أوامر سموه، كنا نتوقع ان يؤثر ذلك في نفوس المؤيدين للمعارضة ويجعلهم ينسحبون من هذا التأييد، لكن ما حدث في ساحة الإرادة يوم الاثنين الماضي اثبت غير ذلك، حيث تضاعف الحضور عدة مرات وتنوع، وان كان من تأثير للحملة الحكومية، فهي في أسلوب الخطاب للمعارضة الذي خلا من عبارات الاستفزاز، وكذلك اعلان منظمي الحشد ان لا مسيرة بعد الخطاب، وذلك مراعاة لرغبة صاحب السمو، حفظه الله، في تهدئة الأوضاع وحتى لا يعطون للطرف الآخر فرصة للصيد في الماء العكر.
الذي لا يمكن ان أفهمه هو أسلوب الحكومة في حشد مؤيديها! فلو اطلعت على بيانات التأييد للشيخ ناصر المحمد واعلانات الاستنكار للاقتحام وقرأت اسماء موقعيها لادركت ان الحكومة لا تعرف كيف تكسب معاركها بهدوء، لذلك جاءت ردة فعل الشارع سريعة يوم الاثنين!
أنا أعتقد ان العناد كان سيد الموقف!! وسيظل كذلك ان لم نتدراكه بحكمة وعقل، وأرى ان المخرج لهذه الأزمة هو بتطبيق الدستور وصعود رئيس الحكومة للمنصة وتفنيد محاور الاستجواب، خاصة ان وزير الدولة أكد سلامة موقف سموه، فان نجح فالمعارضة أعلنت استقالتها وهذه ستكون خطوة مستحقة ونجري انتخابات تكميلية وكفى الله المؤمنين القتال، لكن الاصرار على العناد والتصعيد غير المبرر للمواقف المناهضة، هو الذي سيتسبب في ضياع البلد وليس المطالبة بتطبيق الدستور!
الاخت رولا دشتي – مؤيدة للحكومة – تسأل عن المقتحمين: من منهم جنسية أولى ومن منهم جنسية ثانية! وتقولون من الذي سيضيع البلد؟!

عادل عبدالله المطيري

الربيع الكويتي.. والخطوط الحمراء!

يبدو ان الاحتجاجات السياسية في الكويت بدأت تتأثر بما يسمى بـ «الربيع العربي»، رغم أن مصير الدول العربية التي اجتاحتها الثورات مازال غامضا وغير مشجع، علاوة على اختلاف الأوضاع السياسية والمعيشية بين الكويت وتلك الدول.

كذلك فان النظام السياسي الكويتي يتمتع بالشرعية التاريخية والدستورية والتي مازال متمسكا بها، وحتى المعارضة السياسية مازالت مؤمنة بذلك، ويجب عليها ألا تقترب من الخطوط الحمراء مهما كانت الاوضاع السياسية ضبابية، فلدينا دستور يحكم العلاقات بين السلطات وينظم عملها، وإن اتهمت المعارضة الحكومة باستغلال القصور الدستوري والتشريعي لمصلحتها، كان يجب على المعارضة السياسية أن تتعامل مع القضية وفق الاطر القانونية، ومهما كان غضبها على السلطة التنفيذية يجب ان يترجم الى سلوك حضاري، فالوقفات الاحتجاجية والمظاهرات السلمية مسموح بها بشرط التزام القانون.

أما من جانب الحكومة فرغم اختلافنا معها، إلا أننا نشهد أن لديها مستشارين قانونيين ودستوريين نجحوا في استغلال الثغرات في الدستور وفي اللائحة الداخلية أفضل استغلال، فتمكنوا من تحويل الاستجواب الموجة الى رئيس الحكومة الى المحكمة الدستورية ومن ثم تصوت الحكومة والاقلية البرلمانية على شطب الاستجواب!

ولكن أكبر الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة كان بالجانب الإعلامي، فالماكينة الإعلامية الحكومية تتكون من مجموعة اعلاميين وسياسيين غير موضوعيين ومكروهين من الشارع السياسي، فهم لا يحاورون ولا يشرحون سياسة الحكومة بل يستفزون الخصوم ويضرون الحكومة أكثر من نفعهم لها، والاكثر خطورة هو تصوير الأحداث الأخيرة من تظاهرات وما تبعها من اقتحام مجلس الأمة، على أنها تدار من الخارج ومن فئة اجتماعية معينة، وليس كما هو الواقع أنها حراك اجتماعي وسياسي من فئات المجتمع جميعها.

في الختام يجب أن تكون سياسية الحكومة وانجازاتها واضحة، ولابد أن تعتمد على وجوه جديدة لشرح مواقفها بطريقة هادئة وغير استفزازية.

كذلك على المعارضة السياسية أن تكون أكثر نضجا فلا مانع من الاعتصامات السلمية، بل الإضرابات وحتى خيار الاستقالات الجماعية الذي يجب أن يكون حاضرا، ولكن يجب الابتعاد عن التصادم بين المتظاهرين والشرطة وكذلك يجب أن يبتعد خطاب المعارضة عن الخطوط الحمراء!

محمد الوشيحي

عينك على جارتنا

تغني سميرة توفيق لحبيبها، ويغني شبّان المعارضة الكويتيون لبعض وسائل الإعلام وبعض نواب الحكومة: “عينك على جارتنا… يا عيوني… والا عينك علينا”، وجارتنا هي المملكة العربية السعودية، وهي ليست جارتنا فحسب، فإيران والعراق جارتانا أيضاً، إلا أن العراق نهبنا وهتك سترنا، وإيران أرسلت إلينا بعض أنصارها الذين يحملون أشياء لا علاقة لها بالزعفران ولا “السكر نبات”، ولعبت مع ناقلات نفطنا، قبل الغزو، “لعبة اللبّيدة”، أما السعودية فقد حملت، أثناء لجوئنا إليها في أشهر الغزو، صحن عشاء أولادها وقدمته إلينا وهي تعتذر: “اسمحوا لي يا كويتيين على القصور”.
ومَن يطالب بتطبيق الدستور فإنما يطالب بالانقلاب على نظام الحكم، كما يروجون، مع أن المادة السادسة من الدستور، التي ينظر إليها البعض كالورم الذي يجب بتره، تقول: “نظام الحكم في دولة الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً…”! ومن يطالب بتطبيق القانون فسيحشدون له قواتهم من بعض الإخوة الوافدين ليرددوا: “غير السوباح ما نبي”، وكأن المعارضة تطالب بحكم تيمورلنك أو جنكيز خان، أو أي شاب طموح من التتار.
وكنا ندرس في القاهرة، وكانت ليلة “مغبرة من أولها”، عندما تعرضت بنات أسرة كويتية لمعاكسات من بعض الشبان الصيّع، فتدخل الطلبة الكويتيون فزعة لهن، ودارت بيننا وبين الصيع حرب ولا حرب البسوس، استخدمت فيها الأسلحة البيضاء، من قبضات يد وشلاليت وأحذية وأحزمة وكل ما أنتجته مصانع الجلود، وأدرك الجميع يومها الفرق بين “الصناعة الإيطالية” و”صناعة كرداسة”. وكانت الحرب تدور على أساس “اضرب واشتم”، ضربة وشتمة والرزق على الله، وشاهدت بأم عيني اليسرى أحد الشبان الكويتيين يتعرض “للفغص” على يد أحد ثقال الأوزان المصريين، وكان الأخ الثقيل يشخر وكأنه نائم، ولا صوت يعلو فوق صوت شخيره.
وبعد برهة من الكر والفر والضرب والشتم والشخير، تدخلت الشرطة، وأنقذت صاحبنا المفغوص، وأنقذتنا من مخالب “يأجوج ومأجوج” الذين تكالبوا علينا لا أعلم من أين، وبدأ التحقيق، ومع أول جملة قالها أحد الشبان الصيع فغرنا أفواهنا (مع الخبرة عرفنا أن هذه الجملة متداولة في أوساط الصيّع، يتحججون بها كلما اشتبكوا في خناقة مع صيّع العربان!) وبدأ التحقيق مع أحدهم: “سين: اسمك ايه؟ جيم: فلان الفلاني… سين: ما أسباب الخناقة؟ جيم: سمعناهم يشتمون الريس ويشتمون مصر وتاريخها فدافعنا عن بلدنا وريّسنا وتاريخنا”، سمعنا إجابته من هنا، فصرخنا صرخة رجل واحد في التو واللحظة، وبحلقنا بحلقة رجل واحد، ولطمنا لطم رجل واحد، ورحنا نقسم بالله للضابط أننا لا نعرف تاريخ مصر كي نشتمه، وليس بيننا وبينه عداوة، لا هو ولا ريس مصر الله يحفظه، وشرحنا للضابط القصة، فتساءل: “طب فين هيّه العيلة اللي دافعتوا عنها يا (معتصم منك ليه)؟”، فأجبته بحكمتي المعهودة: “من أين لنا أن نعرف؟ انشروا إعلاناً في الصحف عنها”، فشخرَ لي شخرة مباركة، مصحوبة بجملة “بتهزّر يا روح أمك”، وتعرفت قبضة يده على معدتي، فتلخبطت لائحتي الداخلية، واختنقتُ، وزغللت عيناي، وانقطع صوتي العذب، فلم أتمكن من شكره على مجهوده، كان لساني يخرج ويعود خالي الوفاض، كأنه لسان ثعبان… وبعد اتصالات وخذ وهات أُخلي سبيلنا بتدخل من الشرطة العسكرية التي تفهم قياديوها عذرنا، وصدّقوا حجتنا.
الحجة ذاتها يستخدمها أنصار حكومتنا، فالتجمعات يراد بها تشويه تاريخ الكويت، وتنفيذ أجندة السعودية لوأد الديمقراطية، ومعارضة رئيس الحكومة تعني معارضة الحكم… ومؤسسات الدولة تشخر لنا، وتتعرف قبضتها على معدتنا، فنختنق، وتزغلل أعيننا، لكن صوتنا العذب لا ينقطع: وعينك على جارتنا، يا عيوني، والا عينك علينا… هالله الله.

احمد الصراف

هل تمتلك الحل؟

قام مسلحون من طالبان في اقليم غازني بأفغانستان، يوم 10/11، بـ«اقامة الحد» على أرملة وابنتها، بعد أن دخلوا بيتها وسحبوها وابنتها للخارج ورموهما بالحجارة قبل قتلهما بالرصاص، من دون محاكمة، السبب اشاعة عن تورطها في قضايا جنسية! ومعروف أن المناطق التي يسيطر عليها طالبان، والأخرى المحيطة بغازني، لا يسمح فيها بتعليم البنات، كما تفرض قوانينهم حياة صارمة على النساء ويمنعن من العمل أو حتى الخروج من البيت، انسجاما مع نصوص دينية. وبسبب ترمل وفقر ويتم عشرات آلاف النساء، وعدم وجود مورد كاف لهن، فقد اضطرت الغالبية الى ارسال أطفالهن للبحث في القمامة وجمع أكياس البلاستيك والتسول، وحتى الدعارة، بين الجنسين! وليس من المتوقع تغير حال النساء والأطفال في أفغانستان، وهي الأقسى والأسوأ في العالم، مع سيطرة طالبان على عموم البلاد! وقد منعت الحركة اخيرا الرجل من حضور حفل زفافه منعا للاختلاط! كما تحظر الحركة من استخدام الهاتف النقال، الراديو، أجهزة التسجيل، كاميرات الفيديو، وأي أجهزة تصدر موسيقى، أو متعلقة بالطرب، في مناطقها، وليس هناك غير اذاعتهم التي لا يسمع منها غير المواضيع الدينية والأناشيد الحماسية. كما ذكرت الـ«بي بي سي»، أن عمليات اعدام تتم بشكل مستمر بموجب فتاوى دينية، كما تقام فيها الحدود، من قطع الأيدي والأرجل من خلاف، وجز الرقاب والجلد، كل يوم تقريبا، هذا الى زراعة المخدرات وتعاطيها، فليس في الدين ما يمنع ذلك، وخاصة في الأقاليم التابعة للحركة، التي تشكل ايرادات المخدرات مصدر التمويل الرئيسي. كما تخلو مناطقهم من مظاهر الحضارة، ولا ترى في الشوارع غير رجال متجهمين ملتحين بملابسهم الفضفاضة، والجميع عاطل عن العمل!
وبالرغم من أن غازني، التي تقع في منتصف الطريق بين كابول وقندهار، ستنتقل قريبا ادارتها للسلطة الأفغانية، فإن المراقبين على ثقة بأن سلطتهم ستكون هشة، ولن تصمد المنطقة طويلا أمام زحف عصابات طالبان عليها!
والآن ما الحل الذي يراه المطالبون برحيل قوات الحلفاء من أفغانستان؟ وما هو مصير مئات الآلاف الذين تعاونوا مع هذه القوات؟ وكيف يمكن أن تتحسن حياة ملايين الأفغان تحت حكم طالبان، وخاصة المرأة والطفل؟ وهل سيكون السلم العالمي أفضل بالانسحاب؟ وهل هناك ظلم تتعرض له المرأة، الأم والأخت والزوجة، في العالم يماثل ما تتعرض له المرأة الأفغانية من تعسف وضرب وقتل تحت حكم هؤلاء الأوباش؟ ان الوضع الأمني هناك معقد، فان تركت أفغانستان لتحل مشاكلها فسيموت الكثير نتيجة ذلك، وستصبح مصدر قلق للعالم أجمع، خاصة ان منظمة «القاعدة» ستعود لها لتجعلها مقرا ومركزا لعملياتها. فهل هناك من لديه حل لهذا الوضع؟ 

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

علي محمود خاجه

توأم

ضربوا المواطنين دون وجه حق في ديوان الحربش، سكتوا عن مقتحمي منشأة مملوكة للدولة في العديلية “اتحاد القدم”، بل حاولوا عرقلة تسجيل قضية ضد المقتحمين، عطلوا جلسات مجلس الأمة عمدا بغيابهم المتكرر، عرقلوا أداء المجلس في تشكيل لجنة للتدقيق في حسابات المركزي على خلفية الإيداعات المليونية، لم يلتزموا بتطبيق القوانين الصادرة من مجلس الأمة، لم يقوموا بإنجاز الحد الأدنى من المشاريع المفترضة، فلا مستشفى ولا جامعة ولا مدينة ولا جسر من 2006 إلى اليوم، لم يحاسبوا المتعدي على أموال الدولة الذي أجّر عشرين ألف متر تقريبا بعشرين دينارا سنويا دون مسوغ قانوني، حولوا الأدوات الرقابية للسلطة التشريعية إلى مستحيل لا يصل إليه نائب، شاركوا في تقرير مصير استجوابات موجهة إليهم دون وجه حق، رضخوا لكل ابتزاز وظيفي في مختلف قطاعات الدولة فبات باب الرواتب وحده يكلف الدولة أكثر من ثلثي الإيرادات، صمتوا عن الفتن التي تبثها وسائل الإعلام إن كانت لا تتعرض للحكومة بشيء في حين وجهوا عقوبات رادعة لأي إعلام يخالفهم.
هذا باختصار جزء يسير من أعمال الحكومة في السنوات الأخيرة، وهي ليست آراء بل أمور موثقة ومسجلة في صفحات الكويت.
أما الطرف المقابل اليوم أو ما يسمى كتلة المقاطعة فأفعالهم كالتالي:
شككوا في أخلاقيات الناس وتدخلوا في سلوكهم، طعنوا بولاءات بعض المواطنين لمجرد تعارض الآراء، استخدموا العنف كوسيلة للتعبير عن آرائهم لرفضهم ممارسات الحكومة، خاضوا انتخابات فرعية أو طائفية في سبيل الوصول إلى مجلس الأمة، صوتوا على كل صرف من أموال الدولة سواء كان مستحقا أم لم يكن؛ في سبيل إرضاء الناس، دعا بعضهم إلى إلغاء كيان الدولة وضمها إلى دول مجاورة، صوّت بعضهم ضد استجوابات بحجة وجود فتوى، وصوّت بعضهم الآخر بإحالة استجواب إلى اللجنة التشريعية وتعطيل دور زملائهم الرقابي، قاطعوا التصويت على لجنة للتدقيق في حسابات “المركزي” لكشف من تضخمت حساباته من النواب وكشف من ضخّمها أيضا، رفضوا استكمال الديمقراطية الكويتية بمشاركة المرأة في البرلمان ونيل حقها السياسي، لم يتكلم أحدهم عن حرية التعبير أو الاعتقاد أو التفكير أو الحرية الشخصية وكلها حريات دستورية إلا في حالة واحدة وهي حرياتهم، وصفوا كل إعلام يخالفهم بالفاسد ولا صالح سوى إعلامهم مع عدم ممانعتهم طبعا بالظهور في ما يسمونه الإعلام الفاسد إن التقت المصالح.
وغيرها من سلوكيات في السنوات الأخيرة أيضا، وهي أيضا ليست آرائي بل هي حقائق وقعت غير قابلة للتغيير.
إذن نحن أمام طرفين متعارضين ومتخاصمين إلى أبعد مدى اليوم، ولكنهما متفقان في أمر واحد هو عدم الأخذ إلا بما يناسبهما من دستور الدولة، لذلك فإننا نجد أنفسنا جميعا في حيرة، فلا الطرف الأول حريص على الدستور ولا الطرف المقابل كذلك، وهما متساويان تماما في سلوكياتهما المعادية للدولة المدنية ودولة القانون.

ضمن نطاق التغطية:
أملي الوحيد في المعارضة الحقيقية للسلوكيات السيئة هو تجمع “إنقاذ وطن” المزمع عقده غدا، فالتيارات المدنية المشاركة فيه والنواب كذلك يجعلونني أبني الآمال على أن تكون هناك معارضة موضوعية دستورية خالصة، وأتمنى أن يتحقق ذلك.