احمد الصراف

درس في اللغة

تاريخياً، اعتاد عرب المدن والحواضر إرسال أبنائهم إلى البادية ليتعلموا من قاطنيها الفصاحة وسلامة النطق. وورد في سيرة ابن هشام أن النبي أرسل الى البادية لتعلم فصاحة اللسان. ولكن عندما نأتي الى العصر الحديث نجد أن المسألة قد انقلبت، وأصبح ابن البادية هو الذي يأتي الى المدينة لتعلم العربية الفصحى من أهلها ومدارسها، وسبب ذلك يعود ربما لطغيان سيل المفردات الجديدة التي انهمرت على أهالي البادية، مما كان له أكبر الأثر على اتقان لغتهم، او لهجاتهم! ففي زمننا هذا من الصعب مسايرة العصر من دون التأثر بالكم الهائل من المفردات التي استحدثت في ميادين عديدة، وبالذات الطب والفضاء والكمبيوتر، وفي الإنكليزية بالذات، التي لم تستطع حتى أعتى اللغات الأوروبية، وحتى الآسيوية القديمة، الصمود طويلا أمام طوفانها، فتبنتها، في الغالب، من دون تغيير.
ومن جهة أخرى، يمكن القول ان العرب الأقدمين استطاعوا الاحتفاظ بسلامة لغتهم، أو لهجاتهم، بسبب انعزالهم وبعدهم عن الحواضر وتأثيراتها الثقافية والحضارية، ولكن اقترابهم القسري والتدريجي، إن بفعل الحاجة أو الزمن، من الحواضر كان كافيا للقضاء تماما على «نقاء» لغتهم. كما أن المفردات غير العربية التي اكتسبها هؤلاء زادت من غربتهم لغويا!
خطر كل ذلك على بالي، وانا أستمع لشريط فيديو لخطبة ألقاها قبل فترة النائب السابق محمد هايف المطيري، في جمع من سلفيي منطقة الجهراء، وبحضور النائب خالد السلطان، الذي لا أعلم حقا كيف اصبح «منهم» بكل ما في حياته من تقلبات! وبدأت أتساءل وأنا أستمع لهايف، عن سبب انعدام سلاسة النطق واللغة في خطابه، وعن سبب ارتكابه، وهو ابن البادية الوفي، كل ذلك الكم من الأخطاء اللغوية المبكية والمضحكة، وعن كم «البدليات» التي وردت على لسانه في خطبة قصيرة، لم يستطع خلالها أن يفرق بين «دهس المتظاهرين» و«دعسهم»! وهي أخطاء لا نتوقع أن يرتكبها من في سنه ومكانته السياسية، وانتمائه الجغرافي! ولكن يبدو أننا بحاجة لخبير لغوي، كالصديق والزميل سعد بن طفلة، ليشرح لنا هذه الظاهرة الغريبة.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

الصديقان المتناقضان… السعدون والبراك

إذا كان سيف عنترة “يداوي رأس من يشكو الصداعا”، فإن صفحات الثقافة في جريدتي “الجريدة” و”القبس” تداوي ذائقة من يشكو الغثاءَ.
وكنت قد قرأت في جريدة “الجريدة” مطلع هذا النهر الجاري، أو الشهر الجاري (أحب ديسمبر لأنه شهم، فهو المسؤول عن بقية الأشهر، يلملم أغراضها ويتفقد المكان بعد مغادرتها خشية نسيان شيء مهم، ولا يغادر المكان إلا بعد أن يطفئ الأنوار ويغلق الأبواب ويشكر مضيفيه… شهر يتحمل المسؤولية ويستحق التقدير)، أقول قرأت في هذا الشهر الشهم، في هذه الجريدة، عن كتاب “رجال الشرفات” الذي صدر حديثاً لبنت مدينة عاليه اللبنانية منى خويص، فوضعته في قائمة “الكتب المطلوب قراءتها”، وقرأت ملخصاً عنه في مقالة سمير عطا الله (بالمناسبة، لماذا لا تُكتب هكذا “عطاء الله”؟ أفتونا يا أهل اللغة).
الكتاب يتحدث عن الزعماء ذوي الخطابات الجماهيرية التي يلقيها من الشرفات زعماء تاريخيون أمثال موسوليني وهتلر والقذافي وغيرهم، وكيف أن خطاباتهم خاوية لا مضمون لها، وكيف يفعلون بخصومهم، حيث لا يقبلون الرأي الآخر، وما شابه.
وكنت أتحدث مع صديق “حكومي أنيق” عن الكتاب فقهقهَ: “مسلم البراك هو الوريث الشرعي لهؤلاء” يقصد موسوليني وهتلر والقذافي وأمثالهم، وأكمل: “لو عاش البراك في أوروبا في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي لحكمَ دولة أوروبية وقادها إلى الحروب وأهلك الأرض” قلت: “سأرد عليك” فقاطعني: “طبعاً سترُد… فعين الرضى عن كل عيب كليلة”، فأكملت: “عين الرضى، عين السيح، عين الحسد، لا يهم، المهم أن البراك عاطفي بطبيعته، البراك رجل غارق في المروءة، وهذا قد لا يلفتك للوهلة الأولى، لكنك لو تفكرت لأدركت مغزى حديثي”.
على أن أكثر ما يحيّرني هو “الالتصاق السياسي” بين الزعيم أحمد السعدون والملهم مسلم البراك، رغم اختلاف الأسلوب، بل تناقضه، وتضاده. فالأول يرسم الخطوط العامة، ويجد الوقت للتوقف عند التفاصيل، والثاني لا يلتفت إلى التفاصيل بتاتاً ولا يعترف بوجودها. الأول دقيق والثاني فوضوي. الأول عقلاني والثاني عاطفي. الأول إذا رآك تغرق في حمام السباحة فسيبحث عن طوق نجاة لك مستعيناً بعقله وتماسكه وسينقذك قبل أن تموت بثانية واحدة، أماالبراك فسيرمي عقله قبل أن يرمي نفسه خلفك مباشرة بلا تفكير، فإما أن تغرقا معاً أو أن تنجوا معاً.
البراك يخاطب الجماهير وينهضها من مقاعدها لتسير “سكرانة” في الاتجاه الذي يشير إليه، لثقتها به، والسعدون يخاطب السلطة من خلال الجماهير، فينهضها من أسرّتها مرعوبة لتعقد اجتماعاتها. وإذا كانت الجماهير تفتح أفواهها دهشة وإعجاباً أثناء خطابات البراك، فإن السلطات تفتح دفاترها وأذهانها وتمسك أقلامها بأيدٍ مرتجفة عندما يبدأ السعدون خطابه، فخطابه يحمل رتبة “المخيف الركن”.
وباتحاد هذين الزعيمين، وبتبادلهما المهام، تسقط حكومات وتولد أخرى، يدرك ذلك خصومهما قبل أنصارهما. واحد منهما كان يكفي ويسد حاجة شعب كامل، وقد اتحدا، بقدرة ربك. بينهما يتلفت الفاسدون كما يتلفت جمهور “التنس”، يميناً ويساراً، مع حركة الكرة وهي تنتقل بين بطلي العالم، وفي نهاية المباراة يفوز اللاعبان والشعب ويخسر الفساد والفاسدون.
السعدون والبراك أثبتا بالملموس كذب المقولة العربية الجبانة “الكثرة تغلب الشجاعة”… وأثبتا صدق مقولتي التي لا أمل ترديدها: “التعسف في الفساد يحتاج إلى تعسف في المعارضة… تطبيقاً لقانون نيوتن”.

سامي النصف

وصول «أبو الشمقمق» للبرلمان تدمير للكويت!

  كان بشار بن برد شاعرا فحلا من شعراء الدولة العباسية ابتلي بالعمى منذ الصغر وكان الجميع من خلفاء وشعراء يجله ويحترمه لما في شعره من قوة وجزالة وحكمة إلا أنه كان في الوقت ذاته يدفع الدية لشاعر نكرة يدعى «ابو الشمقمق» وذات مرة سأله بشار عما سيفعله إذا لم يدفع فأجاب سأعطي الأطفال النقود وأجعلهم يركضون خلفك صائحين «هليله، هليله، بشار بن برد تيس أعمى في السفينة» فدفع له بشار على الفور.

فلا أخطر من مخاصمة الحاقد الحاسد وبذيء اللسان وهو أمر شبيه بالحكمة الكويتية التي تطلب البعد عن الجاهل والصغير و.. وخشبة الفحم!

***

نتذكر حكاية «أبو الشمقمق» بعد ان تعرض البعض للنائب والوزير والقاضي والمحامي الفاضل علي الراشد بألفاظ مخجلة تصيب من أطلقها لا من وجهت له، فلله درك يا أبا فيصل من رجل وطني شهم شجاع يفخر بك كل من يعرف فزعتك ونخوتك مع كل من يقصدك في وقت غابت فيه النخوة وساد الغدر وتآمر الليل على تصرفات بعض ناقديك والرهان الآن على وعي وفطنة الناخبين ممن لن يخدعوا بعد اليوم بمن ينحر مستقبل بلدهم بدم بارد ويطلب منهم انتخابه!

***

السفراء «عبدالعزيز البابطين» رجل ثقافة وخير وكرم للفقراء والمحتاجين ولا يعاديه إلا حاقد أو حاسد أو متآمر يغيظه ما يعمله بوسعود لأجل رفعة شأن بلده وسمعة مواطنيه، ثروة البابطين معروفة من تجارته، وثروة بعض خصومه التي تفوق ـ للمعلومة ـ ثروته لا يعرف أحد مصدرها، كرم وأعمال خير البابطين معروفة ويتحدث بها الركبان، وبخل وحقد وحسد بعض منتقديه يتحدث بها الركبان كذلك، في ديوان البابطين لا تراه إلا هاشا باشا مبتسما في وجه ضيوفه وفي ديوان بعض منتقديه لا ترى إلا الحقد والحسد والتآمر والغضب الدائم، فهل يمكن لأي مواطن كويتي محب لبلده أن يكون محايدا بين الحالتين؟!

***

الكويت بلد صحراوي شديد الحرارة صيفا والبرودة شتاء لذا لا يجد المواطنون والمقيمون إلا اللجوء للأسواق المغلقة الجميلة التي أقيمت على نظام «B.O.T» لتمضية الوقت في الشراء والتمشي أو تناول الوجبات أو الدخول لدور السينما، وكلما تمشيت أو زرت وغيري تلك الأسواق رفعنا أيدينا بالدعاء بالخير والتوفيق لمن أنشأها ودعونا في الوقت ذاته على من أوقفها بمقولة شمقمقية بذيئة هي «بوق ولا تخاف» مما جعل المليارات والأفكار الكويتية ترحل.. لتعمر دول الآخرين!

***

آخر محطة: لم يكتف البعض بتدمير نظام «B.O.T» في الكويت بل أضاف إليه الآتي:

1 ـ أزمات سياسية متلاحقة «طفشت» المستثمرين والسائحين وقبلهم.. المواطنين.

2 ـ أوقف بتشريعاته عمل الشركات المساهمة الخاصة بتوفير السكن المناسب للشباب كما هو الحال في العالم أجمع حيث كانت الشركات الخاصة تشتري المساحات الشاسعة من الأراضي ثم تبنيها بشكل جماعي مما يخفض الكلفة بشكل كبير ثم تبيعها بالأقساط الميسرة لـ 25 ـ 30 عاما، وقد بيعت فلل في منطقتنا اليرموك مطلة على الدائري الخامس وبارتداد كبير وعلى شارعين قبل سنوات قليلة بـ 170 ألف دينار، وإصدار تشريعات أوقفت عمل الشركات والتقسيط لأكثر من 15 عاما تسبب في ارتفاع جنوني للأسعار وحرمان الشباب من الحصول على السكن المناسب بالسعر المناسب.

3 ـ مع حدوث الأزمة العالمية تسبب البعض في إيقاف مساعدة الشركات المساهمة التي يملكها مئات آلاف الكويتيين من قبل الحكومة كما جرى في جميع دول العالم الأخرى مما تسبب في إفلاس وإيقاف تداول العشرات منها وتسريح الآلاف من الشباب الكويتي الذين يطلب منهم هذه الأيام التصويت لمن عمل على خراب بيوتهم وتدمير مستقبلهم.. والرهان على حكمة الشباب وحسن اختيارهم.

حسن العيسى

لا عزاء للبدون

ليس بالعصي والقنابل الدخانية وخراطيم المياه والاعتقالات يمكن تأديب المتظاهرين من البدون، وقد تنجح وزارة الداخلية بقواتها الخاصة مرة ومرتين في قمعهم وإغلاق حناجرهم وكسر أقلامهم وتغريداتهم في ممارسة حقهم الأكيد بالتعبير عن أوضاعهم لبعض الوقت، ولكن ليس كل الوقت. فطالما هناك حبل متين يلف العنق الكويتي اسمه “بدون” وبلا هوية فسيظل هؤلاء شوكة في خاصرة الضمير الكويتي المخدر بصدقات وعطايا السلطة، وإذا انتصرت القوات الخاصة بتفريق مظاهرة حدثت أمس الأول مثلما نجحت تلك القوات قبلها في تشتيت المتجمعين المتظاهرين مرات سابقة “وأكدت استتباب الأمن والنظام” بقمع تجمعات البدون وغير البدون، فلا يمكن تصور غير العصا الأمنية للسلطة هي الحل الكويتي الأخير، بعد أن أصبحت هذه السلطة مقتنعة تماماً بالحلول السحرية التي قد يتفتق عنها عقل الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع غير محددي الجنسية، ولن يجد المحايد أي تصور لحل نهائي لمأساة البدون من ذلك الجهاز الحكومي غير خطاب متعال يضج بأدبيات متغطرسة مثل “منحناهم شهادات وفاة وميلاد” فماذا يريدون أكثر من ذلك؟!
السلطة عاجزة و”تتعاجز” عن حسم ملف الخمسة والثلاثين ألفاً من البدون المستحقين للجنسية حسب السجلات الرسمية للدولة، فهم سيشكلون تكلفة مالية عالية على الدولة، لأن الجنسية الكويتية بحد ذاتها هي شيك على بياض بلا تاريخ للكويتيين، ولا يريد الكثيرون الذين حررت بأسمائهم شيكات الجنسية أن يشاركهم أحد من “البدون” في الرصيد الكويتي المهدد بالنضوب، ومن هنا تكمن أزمة البدون وأزمة الهوية الكويتية كلها، فهي مواطنة تحتكر مفهوم الجنسية الثرية وتستبعد الغير من الدخول والمشاركة معها في عالم الخيرات، فهو عالم “مؤقت” ومهدد بالزوال بنضوب البترول في المستقبل، ويحفه بالحاضر مخاطر التبديد والسفه الحاليين في شراء الولاءات السياسية.
إذا تعذر تحقيق تقدم حقيقي للمستحقين للجنسية، وعددهم خمسة وثلاثون ألفاً، فماذا عن غيرهم من البدون (حقيقة أو زعماً) المتبقين، والذين تتجاوز أعدادهم السبعين ألفاً، كيف للحكومة أو المجلس القادمين أن يجدا حلاً مقبولاً ترضاه أغلبية أهل النعم من الكويتيين بمجلسهم وحكومتهم… يبدو أن الحل الأقرب للذهنية الكويتية تتجسد بترك الأمور على حالها تسير على البركة وبفلسفة “خل القرعة ترعى”، ولا عزاء للبدون.

احمد الصراف

دموع فياضة

لم أتوقع زخم وعفوية ما تلقيته من ردود على مقال «ماذا تعلمت من طارق؟»، هذا غير الاتصالات الهاتفية من اعزاء كبار وصغار. وهنا أستميح الجميع العذر في نشر البعض منها، فقد لامست كلماتها عميق مشاعري ومشاعر وأحاسيس عائلتي الصغيرة، وجعلتنا نشعر بالفخر لوجود طارق بيننا، كما، ونحن في هذه الظروف الدقيقة، التي يبدو أن دقتها لن تنتهي أبدا، أحوج ما نكون إلى سماع وممارسة مثل هذه المشاعر الإنسانية الطيبة والرقيقة.
يقول تيموثي إبراهيم: ربما تلقيتم أطنان الرسائل على مقالكم عن طارق، ولكن علي أن أخبرك بأنني تفاعلت بإيجابية مع ما كتبت، فقد كنت شفافا وملهما، وجعلتني أكثر واقعية مع «رافائيل»، ابننا الذي يشبه طارق، وشجعتني لأن أجعله على رأس أولوياتي!
وكتب الزميل العزيز صالح الشايجي: مقال رائع قرأته في الصباح، رغم أنني لم أقرأ مقال البحيري! وكتب العزيز الآخر عبدالرحمن النجار: مقال رائع يا بو طارق، سلم لي على طارق وعلى والدته، وتحياتي من لندن. أما الصديق حسام الشملان، الكابتن الطيار، فقد ذكر: شكرا على هذا المقال المنعش، فنحن أحوج ما نكون لكلماته في هذا المنعطف الذي نمر به! الرائعة والمبدعة دائما فارعة السقاف كتبت: لا تكفي كلمات الشكر والتقدير لهذا المقال الذي يلامس شغاف القلب ويلهم، انني اتعلم منك الكثير كل يوم(!!) فشكرا لما أنت عليه، وأنا شخصيا، من واقع معرفتي بطارق، اعلم جيدا كم هي كبيرة مزاياه، وعندما يختار الجلوس بجانبي والتحدث معي أشعر بالسعادة، ولا أنسى تعبيرات وجهه، وكيف استقبلنا راكضا، عند باب بيتكم في لبنان، وهو يحمل المظلة ليقينا من المطر!
القارئ غازي أبو بكر كتب يقول: أشكرك على هذا المقال، وانا ممتن لك لأن اجد أبا مثلك رهيف الحس وإنسان بمعنى الكلمة! أما رسالة م. عبدالله شقير فقد كانت مختلفة، حيث ذكر: شكرا على هذا المقال الرائع، فقد ادركت تقصيري، وسأقوم بتغيير حياتي واعطاء عائلتي وقتا واهتماما اكبر. سلامي لطارق والعائلة.
عبدالرحمن المناعي كتب: منذ سنتين تقريبا فتح الحظ لي نافذة جميلة بتعرفي عليك، وأدمنت كتاباتك واستمتعت بما ترسل من مواد راقية.
الرائعة زين كبارة كتبت: لقد انتهيت للتو من قراءة مقالك. واود أن اخبرك بأنني احببت ما كتبت، وعلي ان اعترف بانني، وبعد أن غادرنا ابو طلال، توقفت عن قراءة الصفحة الأخيرة من القبس، حيث كان يكتب، ولكني بعد مقال طارق شعرت بأنني تغيرت، فقد ألهمتني مقالتك!
أما ح. قبازرد فقال بكل شفافية وإنسانية: انني اعيش منذ سنوات ست تقريبا بعيدا عن عائلتي لظروف عمل، ومقالك لمس شغاف قلبي، وملأ عيني بالدموع!
وهنا أشعر بأن علي التوقف عن نقل بقية الردود، فقد غلبتني عاطفتي وأصبحت لا ارى الأحرف بوضوح على لوحة المفاتيح!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

.. وتستمر نجاحات الإسلاميين

اكتساح الاسلاميين للانتخابات في أرجاء الأرض جاء كنتيجة طبيعية للظروف التي مرت بها الدول المقام فيها مثل هذه الانتخابات. فقد كشفت العقود الماضية فساد الفكر العلماني وزيفه، وعدم واقعية المفهوم اليساري، كما عرّت حقيقة الشعار القومي المتجرد! ناهيك عن ان الناس أرادوا مكافأة الفكر الاسلامي، الذي مع معاناته الطويلة من ظلم وبطش الأنظمة القمعية التي كانت تحكم تلك الشعوب، فإنه كان قريباً من الناس ومن معاناتهم وحاجاتهم، مما يؤكد صفاء معدنه وسموّ هدفه.
هذا مختصر مفيد لما يجري في مناطق الربيع العربي، ولم أكتشف على المستوى الشخصي ضحالة الفكر العلماني الخليجي أو خبثه أحياناً إلا عندما قرأت مقالات لبعض أو قل معظم رموزهم تعليقا على ما يحدث في تلك الديار، فقد استشاطوا غضبا وانفجروا حقدا على نتائج الانتخابات، وأراد الله عز وجل ان يظهر لنا كيف ان دعواهم وشعاراتهم للدفاع عن الحريات ما هي إلا بالونات هواء فارغة من أي رصيد واقعي! حتى ولو كان بعضهم يحمل الدفاع عن حقوق الإنسان في الكويت!
***
من أظرف ما سمعت من تعليقات الاخوان المسلمين على اتهامات خصومهم لهم، عندما قال أحد هؤلاء الخصوم انهم ـــ أي الاخوان ـــ استغلوا الدين لترويج أفكارهم! فهم يقدمون كسوة العيد للأسر المحتاجة وافطار الصائم للفقراء، ويديرون لجاناً خيرية من أموال المحسنين.. إلخ، فقال الاخ ردا عليهم: وغيرنا يروج أفكاره بنشر المخدرات والخمور والترغيب بممارسة المحرمات، واستغلال المرأة في جذب الأصوات! فكل له بضاعته، والمواطن يختار من يشاء!
***
ومن أسخف ما سمعت من شبهات العلمانيين، تعليقا على تلك النتائج، ان الاخوان سيهدمون الديموقراطية اذا وصلوا للحكم، وسيمنعون الكثير مما هو مسموح به اليوم مما سيؤثر في اقتصاد البلاد، وكأن اقتصاد مصر غير مدين بآلاف الملايين من الدولارات للدول الأجنبية، وكأن مصر غير مرهونة للمساعدات والهبات الخارجية بسبب السياسة المالية والاقتصادية الفاشلة!
ونقول لهؤلاء.. الحكم بعد المداولة.. هذا ليس عذراً لرفض نتائج الديموقراطية، التي يجب ان نتقبلها بحلوها ومرها، بالضبط كما كان الآخرون يتقبلون النتائج في سالف الأيام! الاخوان يدركون جيداً ان ظهرهم مكشوف، وان من أوصلهم اليوم للحكم قادر على ان يزيحهم منه غداً.
***
عندما كشفت القبس قضية الايداعات المليونية، لم نكن نتوقع ان الأمر بهذه الجدية وهذا الحجم، الى ان اصدرت النيابة قرارها بالافراج المؤقت عن هؤلاء المشتبه بهم بكفالة خمسة آلاف دينار، مما قد يؤكد تورطهم! لذلك نتمنى من المواطن الذي سيدلي بصوته غداً ان يختار من يظن انه سيمثله تمثيلاً حقيقياً، ويفتخر في المقبل من الأيام بانه اختار هذا النائب الحر النزيه، وليحذر ان يختار من يبيعه للشهوة والمصلحة بعد ان باع البلد والشرف!

سامي النصف

كل مواطن.. خبير!

سيروي التاريخ ان غزو صدام قد أصاب المواطنين بمرضين خطيرين أولهما تفشي أمراض السرطان التي أصبحت كالزكام هذه الأيام، والثاني عدم قدرة بعض الكويتيين على اتقان أعمالهم، فالوزارات شبه متوقفة من قلة الكفاءة والانتاج، والشركات الخاصة شبه مفلسة من قلة الحكمة وغياب الذمة.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

*****

استبدلنا هذه الأيام مقولة انطون سعادة الخالدة «كل مواطن خفير» بشعار «كل مواطن خبير.. دستوري» فما ان تدخل ديوانية حتى تسمع عشرات الفتاوى الدستورية حول صحة اجراءات تشكيل الحكومة وحل مجلس الأمة، والحقيقة الخافية التي يجب ان تقال دون تهويل او مبالغة هي ان هناك خلافا وتباينا معتادا بين «المختصين من الخبراء الدستوريين» حول صحة الاجراءات التي تمت في غياب وقوع سوابق مماثلة وقد تم الأخذ بالأحوط وهو اعادة التشكيل وإعادة الحل وحتى هذا الخيار الأحوط لم يرض.. خبراء الدواوين! الكتب السماوية حمالة أوجه يختلف الناس والمختصون حولها فما بالك بالدساتير الوضعية؟

*****

نعم الحدث كبير ولا يمكن تصغيره والواجب، تعلما مما حدث، ضرورة محاسبة من «أخطأ» لا من «اجتهد» وضرورة تشكيل فريق من افضل الخبراء الدستوريين لمنع تكراره، وضرورة ارجاع الخبراء الدستوريين لقاعة مجلس الأمة كونهم الأقرب موقعاً للحكومة والنواب على حد سواء كي يمكن أخذ رأيهم المحايد في القضايا الخلافية قبل ان تستفحل، والرزية كل الرزية في عنق من أخرج الخبراء من القاعة وتسبب في كل الاشكالات والأزمات الدستورية الطاحنة التي مررنا بها.

*****

ضرورة ان يكون لدينا عثمان عبدالملك آخر، اي خبير دستوري بارع «شديد الحياد» تتجه له أنظار الحكومة والمعارضة وكل ألوان الطيف السياسي عند وقوع التباينات في تفسير مواد الدستور او ما يصدر عن المحكمة الدستورية، ففي عهد الخبير عثمان لم نشهد ما نشهده هذه الأيام من تنابز بالدستور وتراشق بمواده.

*****

الحكومة والمعارضة هما من نفس الشريحة الكويتية الواحدة، وإذا كان خطأ الحكومة واضحا فماذا عن خطأ النواب المسكوت عنه؟! كان الوضع يقتضي من المعارضة لا المطالبة بحل مجلس بأكمله بسبب خطأ البعض منه ومن ثم معاقبة «الجميع» وهي سابقة خطيرة جدا، فهل كلما أخطأ نائب أو مجموعة نواب يتم حل المجالس؟! في جميع البرلمانات الأخرى يحال المخطئون الى «لجان قيم» برلمانية تحقق وتدين وتفصل من يثبت فساده وتلقيه الأموال وقد سبق لمجلس الشعب المصري ان فصلت لجان قيمه نواب القروض ونواب الحسابات المشبوهة ونواب المخدرات وأحيلوا للقضاء، حيث صدرت عليهم الأحكام القاسية، ان الإشكال هو في رقبة من رفض تشكيل «لجان قيم» تختص بمحاسبة المتجاوزين ومن تسبب في الفساد التشريعي الذي يدعي الشكوى منه.

*****

آخر محطة:

(1) أخزى الله صدام وما فعله، فواضح ان من طالب بحل المجلس هو من يعاني هذه الأيام في دوائره الانتخابية، حيث لم يعد مضمون نجاحه اضافة الى السيولة المالية الضخمة التي يحتاجها لخوض الانتخابات بسبب خيار الدوائر الخمس الذي طالب به والمتسبب الأكبر في الفساد التشريعي وصعوبة ملاحقة جرائم شراء الأصوات لكبر الدوائر.. المعارضة تحتاج كذلك للنصح المخلص والحكيم من قبل خبراء في العمل السياسي.

(2) الحكومة السابقة كانت ساقطة بحكم فقدانها للأغلبية بعد موقف نواب التكتل الوطني لذا لا فخر ولا مكسب من نصيحة الخروج للشارع واقتحام مجلس الأمة.

(3) نتج عن نصيحة الخروج والاقتحام استدعاء النواب المعنيين من قبل النيابة العامة فأين الفائدة من ذلك الفعل والأخذ بتلك النصيحة؟!

(4) بسبب خروج القوى السياسية للشارع بدأ الاخوة البدون بالخروج كذلك وقد يلحقهم الاخوة العرب (بحكم التخصص) ثم بقية الجنسيات فأين المكسب للكويت مما جرى؟!

(5) إذا كانت هناك مطالبات بمحاسبة من اجتهد وأخطأ من قبل الحكومة فماذا عمن اجتهد وأخطأ من قبل قوى المعارضة وأدخلنا النفق الحالي؟!

(6) صدر قبل مدة قصيرة من دار الحكمة في لندن للدكتور الباحث صبري فالح الحمدي كتاب «المستشارون خلال حكم الملك عبدالعزيز بن سعود، 1915 ـ 1953»، كتاب يستحق القراءة.

احمد الصراف

بيع الأحلام

تعتبر «العادات والتقاليد» من القضايا التي يهتم الكثيرون باحترامها ومراعاتها، ومن ذلك تحريم أو استنكار دخول رجال أغراب إلى أماكن مخصصة للنساء، فهي بحكم المنازل الخاصة، ولكن سرعان ما تتهاوى تلك «العادات والتقاليد» عندما يصبح «رجل الدين»، طرفا، وكأن هؤلاء لا شهوات ولا نوازع دفينة لديهم كغيرهم من البشر، فتجد الأبواب الموصدة بإحكام تنفتح أمامهم بكل يسر، حتى لو تعلق الأمر بشعوذات وخرافات لا اساس لها من الصحة.
ضمن الفعاليات التي قام بها قسم الأنشطة بسكن الطالبات التابع لعمادة شؤون الطلبة بجامعة الكويت، قام المشرفون على الدار بتنظيم محاضرة لمفسر الأحلام صالح النهام، تحدث فيها لطالبات جامعيات عن تفسير الأحلام، كونه علماً، تخصص فيه، وعالماً بشؤونه! ولا ادري كيف سمحت الادارة العليا لجامعة الكويت، التي يعرف عنها انفتاحها، بحدوث مثل هذا الخلل الثقافي الذي لا يمكن أن يساهم في غير تخلف المجتمع ومنع التنوير عن أهم افراده، وخاصة من الفتيات الجامعيات المقبلات على أكبر التحديات مستقبلا، مع كم المشاكل والقضايا كلها التي تعصف بالمجتمع الأحوج ما يكون لجيل مستنير بعيد عن خرافات المتربحين من المتاجرة بالقضايا الدينية. فان يمضي الانسان حوالي 25 في المائة من نومه في الأحلام التي يتذكر بعضاً منها وينسى البعض الآخر، ليس بالموضوع الخطير الذي يتطلب كسر كل القواعد من أجله، فهل انتهينا من كل قضايا الطالبات ومشاكلهن ليتبقى موضوع تفسير أحلامهن هو الأمر المقلق؟ ولماذا لا تسمح عمادة شؤون الطلبة لجهات أخرى، أكثر استنارة ووعيا، بالقاء المحاضرات في مثل هذه الأماكن، بعيدا عن الاسفاف الفكري، وربط التنفيس عن رغبات مكبوتة بالاحلام بقضايا دينية تقتصر على المسلمين من دون غيرهم، وانها استبشار بالمستقبل، وأن أول من اختير سماويا لتفسير الأحلام هو النبي يوسف، وهو كلام لا يسنده امر غير حديث صاحبنا؟ وكيف سمحت عمادة شؤون الطلبة لشخص معروف اتجاهه الفكري لسماع أحلام الطالبات، اللاتي حرصن على الحضور، و«الاستمتاع» (كما ورد في نص الخبر الذي نشر في وسائل الاعلام اخيرا) بسماع تفسير أحلامهن؟
الموضوع ليس خطيرا بقدر ما هو مؤلم ومؤسف، ونتمنى على ادارة جامعة الكويت البحث في هذه الحادثة والتأكد منها، ومنع حدوث ما يماثلها مستقبلا.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

:الحروف… تنفجر أحياناً

يغني العاشق الأكبر، نزار قباني، في رائعته “من مفكرة عاشق دمشقي”: “ما أجبن الشعر إن لم يركب الغضبا”، وأغني أنا بعد التحريف والتصريف: “ما أجبن الحرف إن لم يُسقط الرتبا”.
ويقول العارفون: “الخارق، هو من يخرق قوانين الطبيعة”، فالطبيعة، وهي الطبيعة، لن تحترمك إن أطعتها وأذعنت لأوامرها وانقدت لها كالخروف. خذها مني، الطبيعة امرأة، والنساء لا يلفتهن الباحث عن رضاهن. الطبيعة تبحث عمن يهز كتفيها، فهزهما كي تهتز لك، وإذا أردت تقبيل عنقها فلا تحشر رأسك بين رقبتها وحنكها، بل شد شعرها ليرتد رأسها إلى الخلف وينفتح “ملعب العنق” أمامك لا أم لك. الطبيعة أنثى، والأنثى تبحث عمن يُشعرها بأنوثتها، ولا تشعر الأنثى، السوية، بأنوثتها إلا في حضرة “المتمرد”.
اكسر واجرح وانزع وامزع وعالج وافعل كل ما هو غير عادي، فإذا لم تُغضب هذا وتُفرح ذاك، وتُبكي هذا وتُضحك ذاك، فلا تُتعب الأقلام ولا تزحم الأوراق ولا تشغل الحروف.
التفت وراءك إلى التاريخ واسأله: “هل خلّدت (العاديين)؟” وسيجيبك مستنكراً: “لا وقت لدي للحشو”.
تطرق أذنيك عشرات الآلاف من القصائد، ولا شيء منها يبقى ويستقر، كلها تمر كما تمر القوافل، باستثناء “القصائد المتمردة”… وتملأ عينيك ملايين المناظر، ولا شيء منها يبقى ويستقر، كلها تمر كما تمر السيارات على الطريق العام، ما عدا المناظر الخارقة… تدخل في حياتك عشرات الصبايا، ولا واحدة منهن تبقى وتستقر في ذهنك، إلا “الصبية غير العادية”، تلك فقط، لا غيرها، تبقى وتُبقي مكانها محجوزاً خلفها في الذاكرة والوجدان، لا تسقط بالأقدمية… وتمتلئ الصحف بالأخبار والمقالات، ولا شيء منها يبقى ويستقر، ما خلا “الأخبار الثائرة والمقالات المتفجرة”.
وعودة إلى نزار وقصيدته ذاتها، عندما يعلن فيها بصيغة السؤال، وهو يحض العرب على حمل البنادق لا الكتب دفاعاً عن فلسطين: “متى البنادق كانت تسكن الكتبا؟”، سامحك الله يا نزار، كل هذه الدماء التي تسيل من الحروف لم تلفتك؟ كم من كتاب متفجر، وكم من كلمة متشظية، وكم من سطر حارق، وكم من حرف خارق، وكم من فاصلة فاصلة، كل هذا لم يُثِرك؟ ليتك سألت كتبك وكلماتك وحروفك وفواصلك، أو كتب أحمد مطر وكلماته وأبياته وحروف قصائده قبل أن تكتب هذا الشطر.
أيا نزار، إن لم تكن تعلم فاعلم أن “أبا نواس” لم يكن ليخلد في أذهاننا لولا حروفه وقصائده، وهو الوقح الشاذ الشحاذ، الذي وُلِدَ لأم بغيّ، وترعرع بين العاهرات وفتيات الليل اللواتي كانت أمه تجمعهن في بيتها للباحثين عن المتعة بمقابل، وانتسب – أبو نواس – لأبٍ لا يُعرف أبواه، وأدمن الخمر ووو، ولا مبادئ له ولا أخلاق، ومع ذا هو خالدٌ في أذهان أهل الأدب وسائر العرب، فقط بسبب حروفه وكلماته، في حين تلاشى الملايين من حملة البنادق.

حسن العيسى

هذه أختك

شرطة الكويت أضحت شرطة دينية لا تختلف موضوعاً عن جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المملكة العربية السعودية، رجال الشرطة، لا بارك الله في حماسهم ولا في غيرتهم على الأخلاق المزعومة، أخذوا يهدرون كرامة البشر وحرياتهم دون حكم القانون، ولو كان حقيقة يوجد مثل هذا النص “الدراكوني” في قوانين القهر والتزمت لقلنا ليذهب هو ومن شرعه للجحيم.
حكايات مؤلمة نقرأها بين فترة وأخرى بالصحف تثير شغف الفضوليين وتروي نهماً جنسياً مكبوتاً في دولة الحرمان، منها ما نشر في جريدة الراي بالأمس عن توقيف دورية شرطة سيارة فجراً فيها رجل وامرأة على طريق الشاليهات، لاحظوا أن الجريمة في الخيال المريض، والتي أثارت شكوك شرطتنا الدينية، هي وجود ذكر وأنثى معاً في سيارة بطريق الشاليهات بلحظات الفجر…! الشرطة بعد أن فردت عضلاتها بدوريات الدعم ساقت “المجرمين” للتوقيف في المخفر، رغم أن الضحية “المجرمة” تحدت الشرطة بعبارة ولو جاء وزير الداخلية فلن أركب الدورية… لكن في النهاية كان النصر لجيوش الدوريات السائرة بهدي السلطة وبركة أهل التقوى، وتم فضح المرأة ومرافقها.
أين الجريمة أو الاشتباه بها في مثل تلك الحكاية المقرفة، ومثلها مئات الحكايات التي تنشر في صحفنا اليومية؟ هل وجود رجل وامرأة في سيارة بحد ذاته يشكل جريمة؟! وهل يخول مثل ذلك “الوجود” شبهة الجريمة حتى يطلب رجال الأمن البطاقات الثبوتية “للمتهمين”؟ وهل استتب الأمن في الدولة وارتفعت رايات النصر لحزب الفضيلة على ربوع الديرة بعد أن تم اصطياد هؤلاء المجرمين؟! أين حقوق البشر في خصوصياتهم، وأين أضحت كراماتهم في خرافة دولة القانون؟! ما شأنكم يا شرطة الكويت بحقيقة علاقة ذلك الرجل والمرأة؟! شقيقته أو قريبته أو زوجته أو خطيبته أو حتى عشيقته… ليس هذا من شأنكم ولا شأن من ولاكم أن تكونوا “بصاصين” ومراقبين مرعبين على حرياتنا تهدرون أبسط كراماتنا… إذا نحيتم القانون جانباً وتشبثتم بإرثكم الديني فتذكروا حكاية الفاروق عمر حين سمع أن أحدهم يشرب الخمر في منزله فتسلق عمر سور المنزل ليعرف الحقيقة، وحين واجهه المتهم، قال له الأخير إن ارتكبت أنا معصية فقد ارتكبت أنت يا أمير المؤمنين ثلاثاً… فقد قال الله ولا تجسسوا وأنت تجسست، ونهى عن التسور وأنت تسورت… إلى بقية الرواية، التي انتهت بحياء العادل عمر مما فعل وأغلق القضية… فأين أنتم من الفاروق… وأين أنتم بعد أكثر من ألف سنة من مبدأ “دو بروسس”، أي مراعاة حكم القانون في الإجراءات الجزائية؟!
قبل سنوات طويلة وفي أيامنا الجميلة التي ولت من غير رجعة في السبعينيات أخبرني صديق عن حكاية نقطة تفتيش في الشارع، وكان صديقي برفقة زوجته حين وقف عند الدورية… وبعد أن قدم صديقي رخصة قيادته سأله شرطي نقطة التفتيش عن السيدة التي كانت برفقته، وما علاقته بها… فكان رد صديقي سريعاً وحاسماً: هذه أختك.