احمد الصراف

كوكتيل كويتي سعودي

عندما أقر قانون منح المرأة الحق في الترشح والانتخاب، وقف فهد الخنة، النائب وقتها، من الحركة السلفية، وألقى كلمة ابدى فيها شديد حزنه من النتيجة، ووصف الحدث بالمكروه، لمخالفته الشرع والدين، وقال إنه مكروه لا يحمد غير ربه عليه! إلى هنا لا نعتقد أنه تجاوز حقه، ولكن السيد الخنة السلفي المتشدد، عاد وبعد سنوات قليلة، و«الحي يقلب»، ورشح نفسه للانتخابات الأخيرة، التي لم يوفق فيها، واثناء حملته الانتخابية لم يتردد في التودد للمرأة وطلب رضاها ودعمها ووقوفها «إلى جانبه»، متناسيا كيف أن إعطاءها حقها الأمس كان مكروها، كالموت، وكيف حارب بشراسة معترضا على حصولها على ذلك الحق، ليأتي بعدها وينشر إعلانا في غالبية الصحف، يعتذر فيه لناخبيه من رجال ونساء، عدم قدرته على زيارتهن وزيارتهم شخصيا لتقديم الشكر، بسبب ضيق الوقت!
لسنا في معرض التهجم على السيد الخنة أو غيره هنا، بل لنبين مدى «مكيافيلية» السياسيين، وفي أي منطقة كانوا، ولأي مذهب انتموا، وأي لبوس ديني تلبسوا، في أشكالهم وهيئاتهم وتصرفاتهم ومعتقداتهم، فهذا لا يمكن أن يجعلهم مختلفين عن غيرهم، أو أكثر نزاهة وصدقية منهم، ولا أدري كيف يسمح هؤلاء لأنفسهم بهذا التلون! وما الفرق بينهم وبين الليبراليين والعلمانيين، الذين لم يجعلوا صفة سيئة إلا وألصقوها بهم؟ إن تقلب هؤلاء وتلونهم ليسا إلا دليلا آخر على أن الحكم السياسي الديني، الذي ساد أخيراً في عدد من الدول العربية سينكشف حتما، وسيظهر عجز «قادته» قريبا، وسلف الكويت وإخوانها ليسوا باستثناء، ولا أفضل أو اذكى من غيرهم، فليس أمام هؤلاء سوى التركيز على القشور وتوافه الأمور، وربما يحاول بعضهم الدفع باتجاه تغيير المادة الثانية من الدستور، وان حدث ذلك فستكون تلك نهايتهم.
وفي جانب آخر ورد في موقع العربية نت قبل أيام قليلة، أن الداعية السعودي عبدالعزيز الطريفي أصدر فتوى بجواز استخدام بطاقات الائتمان المسروقة، إن كانت صادرة من بنوك إسرائيلية، لأنها، وفق رأيه ان صح ذلك، ليس لها عصمة كبنوك المسلمين، وأن من يسرق تلك البطاقات له حق استخدامها، فهذا حلال. وقال إنه الحق يسري على اموال الدول والأفراد الذين لا توجد عهود ولا مواثيق بينهم وبين دول الإسلام، فهذه الدول ليست دولاً مسالمة، وعندئذ يكون مالها من جهة الأصل مباحاً، وبالتالي لا حرج على الإنسان في استخدام البطاقات المسروقة من إسرائيل.
وكالعادة، لم تقم اي جهة دينية عليا برفض فتوى هذا الداعية، أو التنصل منها، لأنها، وبكل بساطة ووضوح، صحيحة شرعا!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

نتمنى على السعدون

أعلنت الحركة الدستورية الاسلامية تأييدها للنائب احمد السعدون في سباق رئاسة مجلس الامة، واختيار السعدون جاء بالاجماع، وبعد نقاش لم يدم طويلا، حيث إن المنافسين له النائب محمد الصقر، والنائب علي الراشد، من توجهات لا تتناسب وتوجهات الحركة الدستورية، غير ان هذا لا يعني ان النائب السعدون هو الخيار الامثل! فبو عبد العزيز بشر.. ومملوء بالمثالب، كأي مرشح آخر، خاصة اننا جربناه في اكثر من دورة، لكنها مثالب تحتمل ويمكن تغييرها الى مناقب ان اراد، واتمنى من الاخ بو عبد العزيز ان يراعي الملاحظات التالية، ان كان يريد لمؤيديه ألا يندموا على اختيارهم له:
• الرئيس يجب ان يكون جسراً آمنا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
• الرئيس يجب ان يمسك العصا من المنتصف.. فلا يميل مع الحكومة في تحقيق اهدافها التي تتنافى مع توجهات مجلس الامة.. ولا يتعاطف ويتفاعل مع قضايا المجلس التي تعترض عليها الحكومة، ولها في اعتراضها وجهة نظر صائبة! وهنا مربط الفرس!
• الرئيس السعدون، إن جاء رئيسا، فسيكون رئيسا برغبة النواب، وليس برغبة الحكومة، وعليه فلا يجوز ان يكون هذا الوضع دافعا له للميل مع كفة على حساب كفة اخرى من باب «كلٌّ يذكر ما واجه»!
• ستكون هناك محاولات تخريب للجلسة من نواب لم تعجبهم نتائج الانتخابات ولا افرازاتها، بل ان بعض النواب تم انتخابه للانتقام وتخريب الجلسة! لذلك على الرئيس التعامل بحكمة لا ينقصها حزم مع هذه النوعيات التي سيكتشف الناس انهم «خالي وفاض»، وليس لديهم الا التهريج او السب، هذا هو برنامج تنميتهم!
• في المقابل.. يعلق كثير ممن سيصوت للسعدون بالرئاسة ان يكون وجوده على الكرسي في المنصة سببا في تخفيف الاحتقان والتأزيم الذي يتبناه بعض النواب، وعليه ستكون مسؤوليته كرئيس صعبة في هذا المجال.. حيث إن بعض المتهمين بالصوت بالعالي من كتلة العمل الشعبي، فهل يتجرد من شعوره بالتبعية لهذه الكتلة؟!
• أخيراً.. يفترض بالرئيس ان وجد حكومة بنهج جديد وروح جديدة ان يشجعها في توجهها، وألا يكسر مجاديفها في تجربة هي الاولى من نوعها في الكويت.
****
• كتب الزميل (صاحب سمية) في مقالته بالامس في جريدة الوطن خبراً من اخباره الحصرية التي كثيرا ما يثبت انها «خرطي» يقول فيه انني اتصلت بعصام العريان، وطلبت منه عدم تزكية او قبول السيد احمد قوره في حزب التنمية، وانه رد عليّ ان الاخير عرض عليهم عشرين مليون جنيه! وأؤكد ان الخبر غير صحيح جملة وتفصيلا.. وانه كذب وافتراء من افتراءات المذكور الكثيرة..
وبالمناسبة نبارك مقدما للنائب احمد السعدون رئاسة المجلس، ونزف هذه البشرى لصاحبنا إياه!

حسن العيسى

نواب النكاية وصكوك الوطنية

الذين تجمعوا في ساحة الإرادة وخطبوا وهتفوا ضد حكومة الشيخ ناصر المحمد وأدانوا الإيداعات المليونية لحسابات بعض النواب أو “رشوتهم” من مصدر “غير مجهول”، هم الذين فازوا بالانتخابات أو على الأقل نجح الكثير منهم من دون تسمية. أما نواب العمل الوطني، فقد كانوا “متخاذلين” في مواقفهم من الحكومة السابقة، ولم يكونوا حاسمين في إدانتها، وتم عقابهم من الشعب وحرموا من كراسي النيابة! مثل هذا التفسير أو التصور يتبناه الكثيرون، وفيه بعض الصدق وليس كل الصدق، فمثل هذا الفكر يختزل المواقف الوطنية في تجمعات ساحة الإرادة وينفي ضمناً كل المواقف الوطنية الأخرى في الرقابة على السلطة التنفيذية ومحاسبتها.  القول بوطنية عدد من رموز ساحة الإرادة مثل مسلم البراك وأحمد السعدون وعبدالرحمن العنجري مسألة لا يختلف فيها الكثيرون، لكن إطلاق وتعميم مثل هذه الرؤية لا يمكن قبوله، فلا ينتقص من وطنية صالح الملا أو أسيل العوضي على سبيل المثال ان لم يتواجدا في اعتصامات ساحة الإرادة في كل الأحوال، ولا تضفي تجمعات الساحة الوطنية على غيرهم، فما أكثر أمراء المزايدات الشعبية الذين كانوا في تجمعات ساحة الإرادة، وما أكثر الراغبين في التألق السياسي وتمهيد الطريق للمجلس أيضا ممن كانوا في تجمعات الإرادة، بينما عمل نواب العمل الوطني بصمت في كشف أصل وحقيقة الإيداعات المليونية، واقترحوا تشكيل لجنة للتحقيق فيها، وكان يمكن (مجرد احتمال) أن ينتهي عمل اللجنة بالكشف عن “المصدر المجهول” لتلك الإيداعات، وعندها يمكن تبرئة أو إدانة أيٍّ من المشتبه فيهم، لكن الرياح أتت بما لا تشتهي السفن. لم تكن “القضية الوطنية” هي معيار النجاح أو السقوط في الانتخابات، بل كانت وستظل “الشعبوية” هي المعيار الفاصل في نتائج المعارك الانتخابية، وبمثل ذلك الوعي القاصر وصل إلى المجلس نواب لا يمكن وصفهم بغير كونهم نواب النكاية، بمعنى أنه تم انتخابهم من باب “ليس حباً في علي بل كرهاً في معاوية”، فنجح بعض من هم أبعد الناس عن الوطنيات والحرص على المال العام، بينما لم يوفق المخلصون والأمناء.  انتهت الانتخابات بفرز عنصري وطائفي حاد، وإن لم تكن جديدة على المجتمع الكويتي هيمنة الروح العنصرية والطائفية، إلا أن هذه المرة وبفعل الظروف المحيطة بالدولة وغياب الرؤية التاريخي عند أصحاب القرار، مع ما صاحبه من نزق بعض الطامحين في الحكم من أبناء الأسرة الحاكمة أصبح الاستقطاب العنصري (حضراً وأبناء قبائل) والطائفي (شيعة وسنة) من سمات المجتمع الكويتي اليوم، وهنا الخطر الكبير الذي يهدد وجود الدولة. فلننتبه ولنقل إننا لسنا بحاجة إلى غزو صدامي آخر كي نشعر بوحدة الهوية الوطنية.

احمد الصراف

وماذا بعد صدور الحكم؟

قبل 5 سنوات تقريبا قام محاسب مصري يعمل في جمعية إعانة المرضى، التابعة سياسيا وتنظيميا لحزب ديني، بسلب 14 مليون دولار تقريبا من الحساب المصري للجمعية «الخيرية»، ولم يكتشف مجلس إدارة الجمعية عملية الاختلاس إلا بعد أن اكتفى المحاسب بما سلب، وهرب لوطنه! ثارت الفضيحة ولكن أحدا من مسؤولي الجمعية لم يشعر بأي تأنيب ضمير أو تقصير، ولم يصدر عن الجمعية اي بيان اعتذار، وكل ما قالته انها سوف تلاحق المختلس وتعيده ليحاكم، ولم يتحقق ذلك بالطبع! كما لم تستطع وزارة الشؤون، التي نكن لوكيلها ولمدير ومراقب الجمعيات فيها كل احترام، فعل شيء حتى الآن، ربما لأن ما سرق من مال «لا صاحب له»! أو ربما لأن أموال الجمعية من الضخامة بحيث لم يشكل المبلغ المختلس ما يستحق الزعل عليه. والغريب أن مجلس إدارة الجمعية لم يكتف بالبقاء، وكأن شيئا لم يكن، ولم يستح من فشله في الوفاء بوعده بإعادة الجاني، بل قام برفع دعوى مدنية ضد البنك الذي كان يتعامل معه، و63 موظفا فيه، مطالبا إياهم بما اختلسه محاسبهم! ولم يصعب على محامي البنك بالطبع تفنيد دعواهم، واقناع المحكمة برفض القضية لانقطاع علاقة السببية بين الخطأ المنسوب إلى البنك وبين الضرر الذي أصاب الجمعية المدعية، كما دفع الحكم بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، إضافة إلى الدفع بعدم أحقية المدعية بمطالبة المدعى عليهم بالتعويض. وتضمن الحكم ما يفيد بمسؤولية إدارة الجمعية عن حادثة السرقة، لما أعطته للمحاسب من صلاحيات، ودفاتر شيكات، وحق إجراء التحويلات الخاصة بحسابات الجمعية، وهو ما ثبت من اقوال «إدارة الخبراء»، وبالتالي لم يثبت وجود تواطؤ بين موظفي البنك وبين المتهم الهارب. كما أن البنك كان يقوم بإرسال كشوف الحساب للجمعية شهرياً، وكان يفترض بمجلس إدارة الجمعية معرفة حقيقة ارصدتهم ولو مرة في السنة، ولو تم ذلك لاكتشفت الاختلاسات في مرحلة مبكرة، وليس بعد أربع سنوات!
وواضح من حيثيات الحكم أيضا أن المحكمة حملت مجلس إدارة الجمعية المسؤولية، فكيف يمكن تصديق أن محاسبا يستطيع، على مدى 1500 يوم، اختلاس ما يقارب 14 مليون دولار من دون أن ينكشف أمره؟ وما الذي دفع المحاسب لأن يأخذ «راحته» ويسرق ما يريد على مدى 4 سنوات، غير قناعته بضعف قدرات مجلس إدارة الجمعية، وعجزه عن معرفة ما يحدث فيها، لكي لا نقول بتواطئه مع المتهم؟!
وهنا، وبعد صدور هذا الحكم ليس أمام أعضاء مجلس إدارة الجمعية غير التحلي بالمسؤولية والاستقالة من مناصبهم، بعد ثبوت تقصيرهم، ماديا وادبيا، وتسبب إهمالهم في خسارة الجمعية لمبلغ كبير. وان ترددوا في ذلك فما على وزارة الشؤون غير إجبارهم على الاستقالة مستندة إلى حيثيات حكم المحكمة الأخير!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

خسرنا

اجتهدنا وعملنا وخسرنا الانتخابات فتقلص عدد ممثلينا في المجلس إلى ما هو أقل من القليل، واستوطنت لحى السياسة و”الفرعيون” والطائفيون من المذهبين في المجلس. تلك هي الديمقراطية، وهذا هو اختيار الناس باستثناء “الفرعيين” طبعاً، فهم ليسوا اختيار الشعب بل هم مزورون لإرادة الأمة.
ولأنها الديمقراطية فإني أقبل بها، ولو أن مخرجاتها تخالفني ولا تمثلني، ولكني قطعاً لن أقتحم أو أحرق أو أكسر أو أشتم في سبيل تغييرها، بل سأمارس دوري طوال سنوات المجلس أو أيامه في كشف تعدياتهم على الدستور إن تعدوا، ومعالجة أسباب خسارة تياري الوطني المدني المخلص ذي المبدأ.
ويبقى السؤال الملح على عقلي منذ بدء الانتخابات إلى اليوم هل أخطأ التيار المدني في سلوكه ومنحاه في الفترة الماضية كي تحجب عنه ثقة الكثيرين؟ والإجابة نعم أخطأ، ولكن قبل الشروع في مناقشة خطئهم لابد أن أشير إلى عقلية أغلبية من شارك في التصويت من أهل الكويت اليوم والنتائج قطعاً تعكس العقليات.
العقلية التي سادت هي المذهب أو القبيلة أولاً، وثانياً المعارضة بعقل أو دون عقل لا يهم فالمهم المعارضة، أو الموالاة بعقل أو دون عقل أيضاً لا يهم… فالمهم الموالاة، ولنا في المخرجات أمثلة؛ مدانٌ أكثر من مرة بالنصب والاحتيال لكنه فاز لتطرفه، وآخر متهم بتضخم الحسابات لكنه أيضاً فاز وهو الوحيد من المتهمين الذي فاز بالانتخابات بالمناسبة، وتيار وقف ضد الكويت في الغزو، رحم الله سعود الناصر الذي كشف ألاعيبهم، لكن الكويتيين اختاروهم، وآخر لم يقف للعلم فحظي بعدد هائل من الأصوات، وموالون للحكومة السابقة بخيرها وشرها انتخبهم الناس، ومعارضون للحكومة السابقة بخيرها وشرها وفازوا كذلك.
هكذا كان الاختيار الشيعي لا يعطي السنّي والعكس صحيح، والقبلي لا يعطي الحضري والعكس صحيح، تلك كانت أصوات أغلبية الناخبين ممن شاركوا في التصويت ولا يمكنهم إنكار ذلك فالأرقام تتحدث.
أما تيار المبدأ الذي وقف مع الحق أينما كان فرفض وذكّر، كما رفض ياسر الحبيب، وطالب بدخول الفالي كما طالب بدخول العريفي، وأدان “الاقتحام” كما أدان “الإيداعات”، وتصدى لمن يشتم القبائل كما تصدى لمن يشتم أي مكون آخر من مكونات المجتمع، هو الوحيد الذي خسر الانتخابات.
ولكنه أخطأ في خجله أحياناً في إعلان مواقفه بصراحة وبسرعة، وهو ما يحتاج إلى عمل الكثير لإعادة الدور السابق الذي لا يخجل من الحق، فالشيعي بات يعتقد أنه لا أحد معه سوى أبناء طائفته، والسني كذلك، والقبلي كذلك، وهو أمر غير صحيح إطلاقاً، فالتيار المدني التزم بمبدأه ولكن صوته كان خافتاً بالمقارنة مع البقية.
إننا اليوم مطالبون كتيار بأن نكون صرحاء في مواقفنا وبأعلى صوت دون التخوف من أن نخسر أحداً، فقد خسرنا الانتخابات وكسب كثير من المتطرفين، ولا يوجد شيء نخسره أكثر، لا للحسابات السياسية ولا للمواءمة وغيرها من الأمور بل الصراحة والجرأة ولا شيء سواهما.

احمد الصراف

الرقي والإنسانية

سبق ان تطرقنا قبل عشر سنوات تقريبا لموضوع هذا المقال، ونعيد كتابته بعد الترحيب الذي لقيه مقال سبقه عن الدرس الحضاري الذي تعلمته من سيدة إنكليزية!
ما ان أقلعت طائرة الخطوط البريطانية من مطار هيثرو، في طريقها لبوسطن، حتى اقتربت المضيفة من مسافرة وسألتها إن كانت قد فقدت شيئا، فنفت هذه ذلك! عادت لها بعد دقيقتين وكررت السؤال وطلبت منها ان تبحث في حقيبة يدها، وأن المطار على اتصال بكابتن الطائرة بهذا الخصوص، وان الإرسال سينقطع خلال لحظات! هنا بحثت السيدة في حقيبة يدها فتبين أنها فقدت محفظة نقودها، وفيها مبلغ نقدي لا بأس به وبطاقات ائتمان أشياء ثمينة ومهمة أخرى! أسرعت المضيفة لمقصورة القيادة، ورجعت بعدها لتخبرها بأن محفظتها عثرت عليها بائعة محل العطور، التي أبلغت الأمن الذي قام بالبحث عنها، وفي أثنائها أقلعت طائرتها، فاضطروا للاتصال بقائدها، وهو في الجو، ليُعلموا المسافرة بالأمر! لم تنته الحضارة هنا، بل استمرت في دراميتها عندما سألت المضيفة المسافرة، وهي تخبرها بأن محفظتها سترسل مع الرحلة التالية، إن كانت تحمل نقودا معها، أو ان احداً بانتظارها في المطار، فعندما نفت ذلك، قالت لها انها ستعطيها مبلغ 100 دولار نقدا لاجرة التاكسي ولشراء أي ضروريات! وفي اليوم التالي حضر موظف من شركة الطيران لعنوان سكن السيدة، وسلمها محفظتها بكامل ما كان فيها من نقد وأشياء ثمينة أخرى! هنا نجد أن الحضارة ظهرت في أجمل صورها من خلال تصرف بائعة شابة، ربما كانت في أمس الحاجة لما كان في المحفظة من مال، وكان بإمكانها الاستيلاء على المبلغ، أو حتى التأخر في إعلام الأمن، وهي على ثقة بأنها سوف لن ترى يوما وجه من نسيت محفظتها، لتقول لها «شكرا»، إن هي ردتها لها، ولا أعتقد انه طرأ على بالها دين ولون ولغة وجنسية من نسيت المحفظة، وهذا ذكرني بفتوى الداعية السعودي الذي حلل الاستفادة من بطاقات الائتمان المسروقة إن كان مصدرها بنكاً ربوياً! كما تجلت الحضارة في سرعة تصرف أمن المطار وتجشمهم عناء الاتصال بالطائرة هاتفيا، بعد الاستدلال عليها من خلال تفاصيل بطاقة صعود الطائرة التي أبرزتها المسافرة عند الشراء من محل العطور، وأخيرا توجت مضيفة شركة الطيران هذا الرقي والإنسانية في التعامل مع «البشر»، بسؤال المسافرة عن الكيفية التي ستصل فيها إلى بيتها، إن لم يكن لديها أجرة التاكسي وتبرعها بمائة دولار، وهو مبلغ كبير جدا في معناه بالرغم من تواضعه! وهنا يطرح سؤال نفسه طرحا: كم نحتاج لكي نصل لهذا المستوى من الإنسانية والرقي في التعامل مع البشر بصرف النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية؟

***
• ملاحظة: هذا ليس ملخصا لفيلم هندي، فالمسافرة كانت، ولا تزال، زوجتي، وكان ذلك قبل 25 عاما.

أحمد الصراف

www.kalamanas.com

عادل عبدالله المطيري

ثورة وزير التربية!

«التربية» تعد من أهم وزارات الدولة، منها تبدأ التنمية الشاملة وإليها تنتهي، حيث إنها تعنى بثروة البلد الحقيقية، فلا قيمة لتنمية مادية لا تهدف لبناء الإنسان نفسه قبل أن تنمي محيطه المادي، فالجامعات والمعاهد ومراكز البحث العلمي هي عصب التنمية، ويجب أن تكون على رأس أولويات الخطة التنموية، هناك العديد من مناطق الكويت بحاجة ماسة إلى مدارس، كما أن مناهج التدريس يجب أن تتطور، فبعضها جدا صعب ولا يتناسب مع أعمار الطلبة وقدراتهم، فمثلا مقرر الرياضيات للصف السابع به مسائل إحصائية أكثر تعقيدا مما يدرس لمادة الإحصاء في جامعة الكويت.

يجب أن تتدرج المناهج وفق خطط مدروسة من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية، وبذلك لا تكون هناك مرحلة أو صف معين تكون به الجرعة التعليمية عالية جدا فتربك الطالب وولي أمره، لذا يجب مراجعة مستوى الامتحانات من لجنة فنية محايدة من جامعة الكويت ومعالجتها كما وعد الوزير، بعد تكرار احتجاج الطلبة وأولياء أمورهم على صعوبة الامتحانات.

والمعروف أن المرحلة الثانوية في العالم لا يتعداها الا الطلبة المتميزون ناهيك عن الحصول على نسبة فيها.

وعلى العموم يجب أن تتناسب مناهج الثانوية مع امتحاناتها، لا مانع من أن تكون المناهج غنية بالمعلومات والمهارات وبالتالي تكون الامتحانات صعبة على قدر تلك المناهج، ولكن أن تكون المناهج بسيطة والامتحانات غاية بالصعوبة، هنا يكمن الخطأ.

ان نتائج الثانوية العامة للسنة الماضية وما شابها من لغط، منها سهولة الامتحانات وعمليات الغش الكثيرة والتي استخدمت بها أحدث وسائل الاتصالات يجب ألا تكون معيارا للمقارنة للسنوات التي تليها.

كما نتمنى على الوزير ألا تكون لجان المراقبة على الامتحانات من نفس المدرسة وذلك لمزيد من الشفافية والحيادية.

وأخيرا التعليم العالي، نحن بحاجة لتخصيص أرض حدودية وعمل البنية التحتية لها فقط وعلى الفور لتكون نواة لمدينة جامعية، ومن ثم إعطاء التراخيص لجامعات عربية عريقة لتفتتح فروعا لها، العملية غير مكلفة وبسيطة، ولا تحتاج الا الى قرار جريء وسريع.

وحتى إنشاء مقرات للجامعات الخاصة ممكن أن تعطى تراخيص مؤقتة لعمل مقرات لها في مبان مؤجرة من التربية أو غيرها، كذلك من الممكن التوسع بالابتعاث مؤقتا لاستيعاب مخرجات الثانوية العامة حتى الانتهاء من المبنى الجديد للجامعة في الشدادية.

معالي الوزير نحن نثق بك، والمعروف عنك الشجاعة بالحق، واعتمادك على جيل من الشباب المختصين من الجامعة، فالتعليم في الكويت بحاجة إلى ثورة، لا أتوقع أحدا يجرؤ على القيام بها إلا أنت.

ونتمنى كذلك على سمو رئيس الوزراء تجديد الثقة في وزير التربية، فالتعليم ليس بحاجة إلى رجل يملك رؤية فقط بل قدرة على الدفاع عن تلك الرؤية بكل شجاعة لا تتوافر إلا في قلة من السياسيين منهم الوزير المليفي.‏

سامي النصف

تأملات في الانتخابات

حفاظا على مصلحة الكويت وبقائها، يجب أن تقر الحكومة الجديدة بأخطاء الحقبة السابقة لتصحيحها والاستفادة منها، كما يجب أن تقر قوى المعارضة بأخطاء المرحلة السابقة لتصحيحها والاستفادة منها، وألا تعتبر سياسة حافة الهاوية المتمثلة بالخروج للشارع وتحريك الشباب والاصطدام برجال الأمن أمرا جيدا يجب تكراره، ولنا فيما يحدث في مصر الحبيبة هذه الأيام عظة وعبرة، وإن تكرار سياسة الوقوف على حافة الهاوية قد ينتهي بسقوط الجميع في الهاوية وحينها سنندم حين لا ينفع الندم.

****

يرى البعض أن مجلسنا الحالي هو «مجلس الخمسات»، حيث فاز فيه 5 من حدس و5 من السلف و5 من التكتل الشعبي و5 من العجمان و5 من العوازم و5 من مطير و5 من الرشايدة و5 من القوى الوطنية رغم تباينها (الصقر، الغانم، الراشد، العدساني والعنجري)، لذا لن يبقى أكثر من 5 أشهر قبل حله (!) شخصيا أنا متفائل وأرجو أن تصل الخمسة أطراف الفاعلة في المجلس (الحكومة، قوى السنة، الشيعة، القبائل، الحضر) لتفاهمات تراعي مصلحة الكويت وتوصل المجلس لسنته الرابعة دون مشاكل ومن ثم تجرى الانتخابات في السنة الخامسة.. دون حل!

****

لعبة حسابية طريفة: اجمع الأصوات التي حصل عليها من تم إنزالهم لـ«التشتيت» ثم أضفهم لأصوات بعض المرشحين الحكماء والعقلاء ممن كانوا يستحقون تلك الأصوات لولا نزول المشتتين، وستجد أنه كان بالإمكان وبسهولة فوز مرشحي الحكمة والتعقل، فالتشتيت ـ كما ذكرنا سابقا وكما أثبتته نتائج الانتخابات الحالية ـ يتسبب في كل مرة بفوز القوى السياسية المضادة لمن يدفع بنزول المشتتين.. ويا له من ذكاء سياسي كويتي.. خارق!

****

قال الشيخ محمد عبده «في مصر مسلمون دون إسلام وفي فرنسا إسلام دون مسلمين»، في بعض الدول المجاورة تبرز ظاهرة ديموقراطيين دون ديموقراطية يعكسها رقي الحوار في منتدياتهم و«تويتراتهم»، وفي الكويت ديموقراطية دون ديموقراطيين يعكسها بالمقابل حدة النقاشات والاتهامات ووفرة الشتائم في المنتديات و«التويترات» الكويتية ومعها الرفض الدائم من قادة الكتل السياسية لسماع الرأي الآخر فيما يطرحونه، نصحنا «الأخير» لليبراليين والوطنيين ألا يسعوا لهلاك تيارهم عبر الجري خلف دعاوى الحكومة الشعبية والدائرة الواحدة وإنشاء الأحزاب، وأعلم بشكل مسبق أنهم وكالعادة لن يسمعوا النصح أو القبول بالرأي الآخر وسيكتشفون وكالعادة أيضا خطأ مسارهم بعد السقوط في الحفرة، لا قبله، وليست كل حفرة قابلة للخروج منها.

****

آخر محطة:

(1) يقال إن نقل جلسات مجلس الأمة تلفزيونيا سيتحول من القناة الأرضية الرابعة الى…قنوات الجزيرة الرياضية لكثرة ما ستشهد من معارك ومصارعات حرة!

(2) لنا عودة لمقارنة نتائج الاستفتاءات بنتائج الانتخابات.

حسن العيسى

نكسة للحرية أم مرحلة حتمية!

صحيح، كما كتب الزميل محمد الجاسم في موقعه، أن نتائج الانتخابات كانت “رسالة غضب” تحدث عبرها الشعب الكويتي عن استيائه من أداء السلطة حين كان يطالب عبر الندوات والتجمعات بإقالة الحكومة السابقة، ووجد في هذه الانتخابات فرصة لا تعوض لرد الاعتبار لما سبق من تجاوزات في استعمال العنف والقسوة ضد التجمعات الشعبية.
ومهما تكن الأسباب المفسرة لتألق نجم التيار الديني والسقوط المروع للقوى التقدمية – إن صحت التسمية- فإن رسالة الغضب الشعبية جاءت في غير مكانها الصحيح، فلم يكن ضحايا السقوط فقط هم “ربع الحكومة” المتعيشون من صدقاتها وكرمها، بل إن الضحايا الحقيقيين هم دعاة الحريات الاجتماعية من مطالبين بإعمال روح الدستور الذي تخنقه اليوم حبال الأصوليات المحافظة بتحالفاتها الانتهازية مع قوى التخلف الرجعية، فصالح الملا وأسيل العوضي وحسن جوهر على سبيل المثال لم يكونوا يوماً من الواقفين في طوابير باب النفقات الحكومية، بل لعلهم دفعوا أثمان مواقفهم الصلبة في قضايا الحريات ومعارضة السلطة في الحق؛ تفسير نتائج الانتخابات على أنها رسالة غضب صحيح جزئياً، ولكنه لا يمثل حقيقة الواقع في الكويت، وما يجري في المنطقة مع صعود المرحلة الخمينية (تعبير توماس فريدمان)، فما حدث في الكويت، وقبلها بدول الربيع “السلفي” هي نتائج حتمية لتشوهات في بنية هذه الدول، وعجز أنظمتها عن وضع مجتمعاتها في مضمار الحداثة الحقيقية، إذ آثرت تلك الأنظمة في سبيل ديمومة بقائها أن تبقى النزعات الرجعية المتخلفة في المجتمعات العربية على حالها، ما دامت هي بمنأى عن المساس بالنظام الحاكم، وكان نظاما السادات والنميري قدوتين صالحتين تقتدي بهما بقية الأنظمة العربية وتستلهم تجربتهما، ووجدت الولايات المتحدة ضالتها في الإسلام السياسي بالأمس لتقويض الاتحاد السوفياتي، وكانت تجربة المجاهدين الأفغان التي عاشت على البترودولار مثالاً حياً في حرب الوكالات ضد العدو الشيوعي، أما اليوم، فبالتأكيد لن تكترث دول الغرب إن صعد التيار الأصولي- القبائلي وأمسك بخناق الحكم وتمت التضحية “بالقلة” التقدمية ونحرت الثقافة وجزت رقاب المثقفين والأدباء والفنانين على مذابح منصات حفر البترول، فلعل دول الغرب مقتنعة بأن المرحلة التي تمر بها شعوبنا حتمية في مسارها التاريخي، وتذكرها بالتاريخ الأوروبي في نهايات القرن السابع عشر، أو لعل الدول الغربية تأست بما نسب لسعد زغلول في يأسه من الواقع “مافيش فايدة ياصفية”، وهي صفية العرب اليوم… لنتأمل ما حدث في العراق، ثم ليبيا والآن سورية، ولنترك اليمن التعيس، فهو يمثل نموذجاً رائعاً لما قد تؤول إليه دول منطقتنا تحديداً.
لنعد إلى الكويت، فنتائج الانتخابات “شبه” الديمقراطية هي هزيمة للديمقراطية ذاتها. الديمقراطية لا تذهب إلى حفلات تنكرية ولا تضع القناع الديني ولا الطائفي ولا العنصري أو العرقي على وجهها كما حدث الخميس الماضي، إلا إذا كنا مؤمنين بصناديق الاقتراع التي أتت بالنازيين في ألمانيا والفاشيين بإيطاليا قبل الحرب الكونية الثانية. ليس للديمقراطية غير الوجه الليبرالي الإنساني، أما غيره فليس سوى أقنعة كاذبة.

احمد الصراف

لا شيء يدوم.. لا شيء!

فاز المناصرون والمنتمون للأحزاب الدينية ومن الجماعات المعارضة «للحكومة» فوزا واضحا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وهذا ما كان ليحصل لو كانت السلطة أكثر إدراكا للوضع. فوصولهم بهذا الزخم الواضح، وبنسب غير مسبوقة ليس إلا نتيجة أمرين اثنين رئيسيين، إضافة الى أمور ثانوية أخرى، الأول يعود الى فشل الحكومات المتعاقبة، بسبب تخلف المناهج الدراسية، وعلى مدى أربعين عاما، في خلق مواطن ينتمي الى وطن حر ومستقل، وليس منتميا أو منحازا أو حتى متعاطفا مع قبيلته، التي أصبح مجرد الحديث عنها خطا أحمر، أو عن طائفته، وخطها الأكثر احمرارا. وقد أوضح عالم الاجتماع علي الوردي في كتابه عن شخصية الفرد العراقي «والتي أصبحت بسبب سوء مخرجات التربية لدينا صالحة لأن تنطبق على الفرد الكويتي»، كيف يتحول الدين أحيانا في السياق الطائفي الملتهب إلى هوية مغلقة ومجردة من أي التزام أخلاقي، وتوصل إلى أن الإنسان العراقي «أقل الناس تمسكا بالدين، وأكثرهم انغماسا بين المذاهب الدينية، فتراه ملحدا من ناحية وطائفيا من ناحية أخرى» (علي الوردي: شخصية الفرد العراقي، ص 47). فلو لم يبد المتشددون الشيعة كل هذا الانحياز لطائفتهم، لما اضطر مناوئوهم من المتطرفين السنة إلى وضع خلافاتهم العميقة جانبا والتكتل ضدهم، والعكس صحيح طبعا، فصعب ان نقول ان كانت البيضة قبل الدجاجة أم العكس!
أما الأمر الثاني فيتعلق بفشل الحكومات، خاصة حكومة الشيخ ناصر المحمد الأخيرة، التي بلغ فيها الفساد على مدى سنوات مبلغه، في تحقيق أي إنجاز أو تنمية تذكر. وبالتالي كان طبيعيا نجاح من حاربوها وعارضوها، والدليل فشل، أو عدم ترشح، جميع، إلا واحد، من النواب السابقين الذين خضعوا لاستجواب النيابة، بسبب تضخم أرصدتهم البنكية بصورة مفاجئة!
والآن هل هناك أمل في تغيير الوضع؟ الجواب بنعم صعبة ومشروطة بأمور ثلاثة:
أولا: غربلة المناهج الدراسية بشكل جذري وجعلها أكثر ليبرالية، وأقرب الى العلمانية، وتجسيد الانتماء للوطن قبل القبيلة والمذهب والعائلة.
ثانيا: تطبيق القوانين على الجميع، دون تمييز، وحتى على ابناء الأسرة.
ثالثا: العودة الى الدولة الدستورية، التي أصلا لم توجد إلا لسنوات قليلة! وهذه هي الأكثر صعوبة.

أحمد الصراف