سامي النصف

محطات إسلامية وليبرالية ووطنية

    ما نلحظه هو أن الحركات الإسلامية بشكل عام هي الأكثر براغماتية و«ليبرالية» من كثير من الحركات السياسية الأخرى حيث يسود ضمن صفوفها الاستماع للرأي والرأي الآخر مما جعلها تفوز وتحصد كراسي الانتخابات الأخيرة، وفي المقابل هناك ليبرالية بالمسمى فقط دون ليبراليين حقيقيين ضمن التوجه الليبرالي الكويتي إن جازت التسمية بالطبع، حيث إن قيادات التيار لا تقبل ولا تستمع قط للرأي الآخر وهو ما أدى للنكسة الأخيرة في الانتخابات والتي نعتقد أنها ستكرر في أي انتخابات قادمة حيث مازال مسار الـرأي الواحـد قائما لم يتغير.

***

ومن غرائب التيار الوطني حقيقة أن نواب التكتلات الأخرى الإسلامية بشقيها السني والشيعي والتكتل الشعبي يتباينون عند التصويت على بعض القضايا دون أن يتسبب ذلك في فصلهم من تلك التكتلات حالهم حال نواب الولايات الزراعية في الكونغرس الأميركي ممن عرف عنهم التصويت بشكل مختلف عن أحزابهم عندما يكون الأمر متصلا بمصالح المزارعين دون أن يؤدي ذلك الأمر إلى الفصل من أحزابهم التي أوصلتهم لقبة البرلمان، في الكويت يصل النائب للمجلس بجهده الشخصي لا بسبب انتمائه لتكتل أو توجه معين لذا كان من الخطأ ابتعاد أو إبعاد الراشد والعنجري عن التكتل الوطني بسبب تصويتهما المختلف على هذه القضية أو تلك ونتمنى أن نرى سريعا تكتلا وطنيا موسعا يقبل بتعدد التوجهات ضمن صفوفه يشمل بعض أو كل الأسماء التالية: محمد الصقر، مرزوق الغانم، علي الراشد، عبدالرحمن العنجري، رياض العدساني، شايع الشايع، فيصل اليحيى، عدنان عبدالصمد، أحمد لاري، سعد الخنفور وبذا يصبح أكبر تكتل يجمع كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والديني ضمن صفوفه في المجلس.

***

ديموقراطيتنا هي أحسن من يقدم الهوامش والفروع على الأساسيات والأصول ومن ثم الانشغال بأمور لا تنشغل بها عادة الديموقراطيات العاقلة الأخرى كحال تغيير المادة الثانية من الدستور حيث ينص الدستور المصري منذ أيامه الأولى عام 1923 على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر (وليس مصدر كحال الكويت) الرئيسي للتشريع دون أن يغير ذلك من واقع الدولة المصرية العلماني الذي يسمح بالمايوهات والخمور…إلخ، الحال كذلك في المبالغة في أهمية كرسي رئاسة البرلمان الذي لا يحظى بما نراه عندنا من لغط ومعارك حوله (له مقالات لاحقة) حاله حال الاستجوابات التي تقدم في جميع البرلمانات الأخرى كل يوم دون أن تتحول كحال ديموقراطيتنا البائسة إلى ما هو أشبه بـ … فتح القسطنطينية.

احمد الصراف

تقرير «هيومن رايتس» الجنسي

أعتقد، كإنسان عادي، وربما عاقل، بأن ليس لدي ما اخجل منه من الناحية الجنسية، ولو كانت ميولي مخالفة لميول الغالبية لما ترددت في الاعتراف بذلك، فليس هناك سبب لدفعي للكذب بهدف إخفاء أمر فزيولوجي لا خيار لي فيه! أكتب ذلك لمنع السفهاء من الغمز من قناة ميولي الجنسية، فاهتمامي بمشاكل المثليين ومعاناتهم مع مختلف السلطات الدينية والطبية والأمنية نابع من إنسانيتي، علما بأنني حتى اللحظة لا أعرف أحدا من هؤلاء، ولا أعرف غير من هم على اتصال بي إلكترونيا، دون اسم أو وجه!
معاناة المثليين في الكويت أمر متوقع، فهم ينتمون إلى مجتمع متخلف من جهة، وكاذب ومنافق من جهة أخرى، وذلك بسبب تكوينه العقائدي الذي لا يسمح له بالتصدي لمثل هذه الظواهر، ولا التعامل معها بطريقة منطقية، وما ينطبق على الكويت ينطبق بالقدر نفسه تقريبا على غالبية المجتمعات العربية. فنحن على غير استعداد للاعتراف بمشاكلنا وقضايانا الجنسية، والتصدي لها بالمناسب من الحلول، بل نحاول دائما، كما فعلنا لقرون، طمسها وخنقها، بتجنب الحديث عنها، أو اطلاق تسميات مضحكة عليها.
تقرير «هيومن رايتس ووتش» الأخير عن معاناة المثليين، خصوصاً المتحولين جنسيا، في الكويت غير سار أو مشرّف أبدا، بل ومخز إنسانياً ويبين مدى الإجحاف والظلم الذي يتعرض له هؤلاء، والذي يصل لدرجة الابتزاز المادي والضرر النفسي والجسدي وحتى الاعتداء الجنسي، وخاصة من قبل بعض رجال الأمن بعد إلقاء القبض على هؤلاء، بسبب تشبههم بجنس غيرهم، ورفض الاعتراف بشهاداتهم الطبية، التي تشهد بتحولهم جراحياً لجنس آخر، او حتى ادراج تلك الشهادات الرسمية في ملفات قضاياهم، التي تثبت أن تحولهم جنسي!
إن هذا الوضع المخزي لا يمكن معالجته بغير التعامل معه بجرأة ووضوح، من خلال الاعتراف بوجود المشكلة ووضع الحلول العملية لها، فالحلول التي ينادي بها الغلاة والمتخلفون غير إنسانية وغير قابلة للتطبيق، ولا تصب إلا في نفي هؤلاء من الأرض، ولا أعرف ما يعنيه ذلك غير القضاء الجسدي عليهم! كما يحتاج قانون التشبه بالآخر الى إعادة نظر، فنصف شباب الكويت يمكن أن يودعوا في السجن إن طبقت مواد قانون «التشبه بالجنس الآخر» عليهم، فهناك من له شعر طويل، أو فتاة بشعر قصير، أو ملابس صارخة الألوان لشاب مقارنة بفتاة ترتدي بدلة، ولا أدري ما حكم الرجل الذي يرتدي حذاء بكعب عال، وما هو العلو المسموح به؟ وماذا لو غمر أحدهم وجهه بالكولونيا، فهل يعني ذلك أنه يتشبه بالجنس الآخر؟ الأجوبة على كل هذه الأسئلة بنعم، فقد وضع القانون أمر تقدير ذلك للشرطي!

أحمد الصراف

سامي النصف

السلطة القضائية والكتل النيابية وقضايا أخرى

إصلاح مرفق القضاء لا يتم عبر دعاوى استقلاليته فقط خاصة إذا ما أتت ممن يملكون مكاتب محاماة من المرشحين والنواب لما في ذلك من شبهة تكسب وتعارض مصالح، استقلالية القضاء يجب ان تتم عبر مشروع متكامل يكون ضمنه تفعيل عمليات «التفتيش القضائي» ونشر نتائجه، كما يجب البدء في إنشاء دوائر «مختصة» للنظر في نزاعات وشكاوى العقار والشركات المساهمة والخاصة والصحافة والإعلام.. إلخ فقد تفشت مؤخرا احكام تضرب القطاع الخاص في الصميم كحال اغلاق الشركات والوكالات على معطى خطأ في اصلاح سيارة واحدة ضمن عشرات آلاف السيارات التي تدخل الكراجات كل شهر، ومثل ذلك الأحكام المغلظة على القطاعات الإعلامية، وفي جميع الحالات هناك نقص في المعلومات عن طبيعة عمل القطاع المعني.

****

إن مرفق القضاء حسب فهمنا المتواضع هو جزء لا يتجزأ من اعمال الدولة يدعم سياستها العامة ولا تقوم رسالته على النقض والتضاد مع كل عمل تقوم به السلطات الأخرى، فإذا ما ابعد على سبيل المثال زيد بسبب سوء عمله صدرت الأحكام بعودته رغما عن ارادة مسؤوليه فكيف يتم الاصلاح في الجهاز التنفيذي في ضوء مثل تلك الاحكام؟! وكيف للإعلام ان يؤدي دوره في متابعة وفضح الفاسدين وسيف احكام العقوبات المغلظة مصلت عليه؟! وكيف بعد ذلك لأي مستثمر اجنبي ان يعمل في الكويت تحقيقا لحلم المركز المالي البديل عن النفط وهو يعلم ان ما يجمعه في سنوات طوال يمكن ان يفقده في احكام تصدر ولا تراعي ظروف القطاع المعني لغياب التخصص؟ ثم من سيكون محاسبا امام مجلس الامة عن اعمال مرفق القضاء ومصاريفه اذا ما اعطي الاستقلالية التامة؟

****

في ألمانيا تروى قصة شهيرة حدثت في العهد النازي يقول صاحبها أتوا ليأخذوا جاري الأول فقلت يستاهل كونه يهوديا، ثم أتوا ليأخذوا جاري الثاني فقلت يستاهل كونه شيوعيا، بعد ذلك أتوا ليأخذوني فلم اجد من الجيران من ينصرني لأنهم اصبحوا في غياهب السجون، الاختلاف بين المرشحين امر مقبول بل ان الحدة في الطرح تكسب عادة الطرفين، ما ليس مقبولا على الاطلاق هو القفز على القوانين والتعدي على الآخرين واقتحام المباني والمنازل كترجمة لذلك الاختلاف فمن يرضى اليوم بما يحدث للآخر سيأتي يوم يحدث له ما حدث لهم من ارهاب وإرعاب، والديموقراطية في البدء والمنتهى هي تعزيز لسيادة القانون لا الرضا بشريعة الغاب.

****

العمل الفردي في البرلمان يحد من تأثير النائب على الأحداث او حتى مشاورته في القضايا الرئيسية التي تواجه الدولة، الآن وبعد ان زادت الكتل السابقة من اعداد نوابها، هل لنا ان نقترح تشكيل «كتلة الكويت» او «كتلة الدستور» من كل او بعض النواب التالية اسماؤهم: علي الراشد، حسين القلاف، نبيل الفضل، عدنان المطوع، محمد الجويهل، عبدالحميد دشتي، عبدالله الطريجي، صالح عاشور، مما يخلق منها كتلة غير طائفية من ثمانية نواب هي الاكبر في المجلس؟ مجرد اقتراح لخدمة العمل السياسي في الكويت، حيث ان التعامل مع الكتل اسهل من التعامل مع الافراد.

آخر محطة: خدمة للنزاهة وحداً من الفساد نرجو إضافة الى تشريعات الذمة المالية ان تعدل لوائح مجلس الامة لخلق «لجان قيم» ومنع الجمع بين العملين النيابي والتجاري وتحديد عدد سنوات او دورات لعضو مجلس الامة، فالماء ان سكن فسد.

احمد الصراف

إنسانية سائق كافر

في يوم لندني جميل، اصطحبت ابنائي الثلاثة، وجدهم الذي كان في زيارة لنا، لحديقة قريبة. أخذ الجد حفيدين وذهب ليتمشى، وبقيت مع الصغير الذي اختار اللعب على «الزحليقة»، فجأة فقد طفلي توازنه من علو ثلاثة أمتار تقريباً وسقط على الأرض الصلبة، وبقي في مكانه من دون حراك، حملته وركضت به كالمجنون الى الشارع أبحث عن مساعدة، ووقفت في وسط الشارع انظر باتجاهيه الخاليين، غير عارف ما علي القيام به، وبعد لحظات خلتها الدهر كله، ظهرت سيارة، وما ان أوقفها ما ارتسم على وجهي من هلع، حتى رميت بنفسي داخلها ورجوته ايصالي لأقرب مستشفى. وتساءلت بيني وبين نفسي: لماذا المستشفى وليس لمكان اكثر حزناً، فما كان متكوماً بين يدي كان بلا حراك ولا نفس، وفجأة صدرت منه أنة خفيفة وسال شيء من فمه فعاد لي الأمل، ولكن يا ترى هل سيبقى سليماً معافى؟ وهنا هاجمتني عشرات الأفكار السوداء وأخذت تتصارع في داخلي تحرقني وتبكيني، كيف سيعيش؟ هل سيصبح طبيعيا وقادرا على المشي والركض والتفكير، أم سيكون هناك عاجز آخر في البيت؟ هل سيعود للضحك معي واضحاكي بابتساماته الآسرة؟ هل سيعود ليطلب مني الهمبرغر والآيس كريم، وتحضير البيتزا له؟ وماذا سأقول لأمه التي تناديه بـ«حبيبي محمد»، وهي التي انجبته بالرغم منها وأصبح الأعز عندها؟ لا ادري متى سنصل الى ذلك المستشفى اللعين، فالوقت يمر ببطء مبك، ولكن ما إن وصلنا لردهة الحوادث حتى انطلقت الى الداخل أطلب المساعدة فتلقفته مني ممرضة وسألتني عن الحادث وجرت به لغرفة الطبيب، وطلبت مني الانتظار خارجا! جلست انتظر، والأفكار والهواجس السوداء تتناهشني، متخيلا أكثر التوقعات سوءا، ولم انتبه الا بعد فترة أن من كان يجلس بجانبي لم يكن سوى من تبرع بإيصالي الى المستشفى، فاعتذرت له عن شرودي وشكرته على مساعدته وطلبت منه أن يذهب لحال سبيله، فرفض، واصر على تجاذب الحديث معي، ربما ليبعدني عن الأفكار السوداء، وسألني عن اصلي وفصلي، ولا ادري كيف أجبته ففكري كان مشوشا. وبعد نصف ساعة، كانت بطول قرن وأكثر أخبروني أن محمد بخير، ولكنه بحاجة لصور أشعة للتأكد من سلامة جمجمته، هنا قدمت الشكر ثانية للرجل ورجوته أن يذهب لحال سبيله، لكنه اصر على البقاء، وقال إنني حتما لن أعرف كيف أعود إلى الحديقة، حيث تركت والدي وطفلي الآخرين! فسكت على مضض! بعد ساعة خرج ابني يمشي مربوط الرأس!
قبل أن نفترق، طلبت من الرجل اسمه وعنوانه لأشكره بطريقتي، فقد كان السبب في انقاذ حياة ولدي الصغير، فتمتم بكلمات غير مفهومة، وذهب لحال سبيله! مر شهران على ذلك الحادث، الذي لم تفارق ذكراه مخيلتي، وفي يوم دعينا لبيت سيدة تعرفت عليها زوجتي في مدرسة الأبناء، وهناك التقيت برجل حياني بحرارة وعندما شعر بأنني لا أعرفه قال إنه الذي أوصلني إلى المستشفى، فعانقته بقوة، واعتذرت منه، وقلت له إنني لا يمكن أن انسى معروفه، وعندما سألته عن علاقته بصديقة زوجتي، قال إنها أخته، وأنه قدم من «تل أبيب» لزيارتها!
يقولون إننا الأصلح والأفضل، وبقية الكون بعدنا، فقلت لهم، ربما، ولكننا متخلفون، والتخلف ليس فقرا ولا قلة انتاج، بل انعدام أخلاق وقلة آدمية!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

وتستمر الافتراءات

يبدو ان بعض العلمانيين الليبراليين لم يفق بعد من صدمة نتائج الانتخابات الاخيرة مع مرور اكثر من عشرة ايام عليها والاستعداد لتشكيل الحكومة، والحقيقة لا ألومهم، فالنتائج اظهرت ان ما كانوا ينعتون به المعارضة السياسية من صفات مشينة لم يؤثر في الناس.. وان تهويلهم لاقتحام مجلس الامة لم ينطل على العامة، وان اتهامهم لبعض التيارات السياسية بالارتباط بالخارج وسعيهم لقلب نظام الحكم لم يصدقه الناخب الكويتي، لذلك هم انكشفوا وانفضحوا على حقيقة افكارهم ونواياهم.
اليوم ما زال بعض هؤلاء يشطح في انتقاده لهذه النتائج ومخرجاتها، وآخرها ما ذكره حامي حمى حقوق الانسان عندما رفض مطالبة بعض النواب باحترام مشاعر اخواننا في سوريا ومشاركتهم آلامهم ليس بوقف احتفالات هلا فبراير بل بوقف بثها ع‍لى قناة التلفزيون مباشرة (!!) تعرفون لماذا؟ لانه يراعي مشاعر نظام بشار‍‍! مشكلتكم انكم تريدون الاعتراض على كل ما يتم طرحه من خصومكم السياسيين حتى لو كان انسانيا.. حقوقيا.. اخلاقيا.. المهم تشويهه بكل وسائلكم المتاحة! واقول لكم ان الانتخابات اثبتت ان الناس ملوا من تصنيفاتكم وتشبيهاتكم وافتراءاتكم، ولم يعودوا يصدقونكم، فاكتبوا شيئاً فيه مصلحة للوطن ودافع لتنميته ابرك لكم.
***
«تعديل المادة الثانية»
اعتقد ان اسلمة القوانين اسهل من تعديل المادة الثانية من الدستور، وتحقق الغاية المطلوبة. صحيح ان التعديل صمام امان للمستقبل، لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله.
البعض اعترض على المطالبة بهذا التعديل.. واقول ان هؤلاء النواب عندما كانوا مرشحين وعدوا ناخبيهم بأن يكون التعديل هذا من اولوياتهم، وعلى هذا الاساس تم انتخابهم ــــ على الاقل اكثرهم. وهذه الحقيقة ــــ أن الناس يريدون الشريعة ــــ لا يريد البعض تصديقها، لانها تقض مضجعه وتزعج مزاجه وتعكره!
***
القوى السياسية رفضت المشاركة في الحكومة.. وليتها سكتت عند هذا الحد، بل وضعت فيتو على من تم ترشيحه للمشاركة من المستقلين! الله يعينك يا سمو الرئيس.. رضاء الناس غاية لا تدرك.

سامي النصف

حكومة النزاهة القادمة

أعتقد أن القيادة السياسية قد قرأت بشكل صحيح ودقيق نتائج الانتخابات النيابية التي قامت على معطى مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية، لذا عمدت الى دعم قوانين النزاهة والذمة المالية واختيار وزراء دولة اشتهروا بمحاربتهم للفساد، مما يحوجنا لطلب إعطائهم الفرصة كاملة للإصلاح بعيدا عن تأزيمات المنافع والمكاسب الهادفة للتكسب المالي والشخصي غير المشروع.

****

والواجب أن يقابل مجلس الأمة هذا التوجه بتوجه «حقيقي» لمكافحة الفساد عبر إقرار إنشاء لجان قيم تحد من الفساد التشريعي الذي ازكم الأنوف ومعها العمل على الحد من تحويل أداة الاستجواب الى أداة ابتزاز وإفساد واستقصاد للأكفاء والنزهاء من الوزراء وذلك عبر تغيير اللوائح ليعطى مكتب المجلس دورا في النظر في صحة الاستجوابات من الناحية القانونية وعدم كيديتها، ولزوم توجيه الاستجواب للجهة المقصرة لا إرسالها بشكل استقصادي للوزير الخطأ او لرئيس مجلس الوزراء في اعمال هي من مسؤولية الوزراء الآخرين في مخالفة مباشرة لأحكام الدستور وحكم المحكمة الدستورية ورغبات الآباء المؤسسين.

****

ونرجو أن يبقى في الوزارة القادمة وزراء أثبتوا كفاءتهم وقدرتهم وأمانتهم في الوزارة السابقة، فالتغيير ليس مطلوبا لذاته بل كوسيلة لمحاسبة المقصر فقط، والاستقرار الوزاري هو احد اهم اسس التقدم ومحاولة اللحاق بركب الدول المجاورة، كما يجب ان تتوقف توازيا عملية دعم بعض النواب لعمليات الفساد الاداري في الوزارات والمؤسسات والشركات الحكومية عبر دعمهم المعتاد لغير الأكفاء وغير الأمناء من القيادات الإدارية كونهم فقط من قراباتهم أو ابناء دوائرهم أو لتسريبهم اوراق واسرار الوزارات والمؤسسات لهم.

****

ان رغبة الناس في الإصلاح ومحاربة الفساد المالي والإداري يجب أن تترجم الى تغيير جذري وفوري في اعمال وقيادات الوزارات والمؤسسات والشركات الحكومية منعا للتذمر العام القائم والذي احد اهم اسبابه حقيقة ما يلحظه المواطن من ان ما ينجز في ساعة بالدول المجاورة يحتاج الى اسابيع واشهر في الكويت بسبب التشريعات المعقدة والبيروقراطية المسببة للفساد، وعدم قيام الوزراء والوكلاء بالنزول يوميا ولو لنصف ساعة فقط لطوابق واماكن العمل ومقابلة المراجعين وسماع شكاواهم الموجعة التي تنتهي بحالة تذمر واحباط عامة تدفعهم لانتخاب اشد المعارضين للحكومة كرد فعل متوارث على ما تفعله الدوائر الحكومية غير الكفؤة بهم.

****

وقد حضرت قبل مدة قصيرة حفل توزيع جوائز التكنولوجيا وتقنية المعلومات لدول مجلس التعاون والتي حصدت اغلبيتها في القطاعات المختلفة (صحة، تعليم، مرور.. إلخ) وزارات ومؤسسات خليجية قاربت الكمال في اعمالها، لذا نقترح على سمو رئيس مجلس الوزراء ان يطلب من كل وزارة ان يكون هدفها خلال الاربع سنوات القادمة ان تصل الى مستوى مثيلتها في دول الخليج عبر الاتصال والاستفادة المباشرة منها، اي وزارة الصحة تتصل وتقتدي بوزارة الصحة في دبي التي حصدت جائزة التقدم في مجال الصحة، وبالمثل الوزارات والمؤسسات الأخرى، فقد اصبحت انظمة دول الخليج تقارب في كمالها ارقى وافضل الانظمة في العالم، لذا لا حاجة لأن نذهب شرقا الى سنغافورة او غربا الى بريطانيا واميركا للبحث عن المساعدة بأعلى الأثمان، فالأشقاء في الخليج لن يضنوا أو يبخلوا علينا إذا ما تواضعنا قليلا وطلبنا منهم ما نريد كما طلبوا منا سابقا المساعدة والدعم.

****

آخر محطة: أقترح على سمو رئيس مجلس الوزراء ان يرسل «كشافين» للوزارات والمؤسسات المختلفة ليقدموا له تقارير مختصرة مباشرة ودقيقة عن حسن او سوء اداء القائمين عليها كي يتم اما شكرهم وتثبيتهم او لومهم وإقالتهم.

احمد الصراف

كيف يعيش فقراؤنا؟

تقول طبيبة عراقية في رسالة مؤثرة لصديق، إنها بكت كثيرا، وهي تشاهد موت يتيمة معاقة عقليا من نزلاء دار أيتام، نتيجة سوء تغذية وفقر دم في محيط مملوء بالثراء المادي والغذائي، وفي دار لا تبعد كثيرا عن جامع معروف يصلي فيه الآلاف أسبوعيا، ومن بينهم أعضاء في مجلس النواب، وكثير من أغنياء العراق، وتقول إنه ليس غريبا ان يموت فقراء العرب من الجوع والفقر، فذلك جزء من ارث امة حكمها، بعد الراشدين، أكثر من مائة «حاكم» من أمويين وعباسيين وغيرهم وصولا إلى العثمانيين، الذين انتهت بهم، بعد ان استمر عهد كل هؤلاء لأكثر من 1250 عاما، لم نقرأ أو نسمع فيها عن واحد أقام العدل وأنصف الفقراء، ربما غير عمر بن عبدالعزيز، وحتى هذا لم يدم حكمه طويلا! وعندما اقتحم هولاكو بغداد المعتصم وجد في قصوره غرفا مملوءة بالمجوهرات، وعددا لا يحصى من الجواري والغلمان، وأن هذا «الخليفة» لم يصرف شيئا من أمواله على تسليح واطعام جيشه والفقراء! وتقول الطبيبة العراقية إننا لو نظرنا إلى واقع وحال كثير من الأماكن الدينية، الأكثر تقديرا واحتراما، وخاصة في الدول الاسلامية لوجدنا أن غالبيتها يحيط بها حزام فقر واضح. كما نجد أن أي جهة تقدم العون لهؤلاء تحصر عونها في أتباع مذهبها أو دينها، وهذا عكس ما يحدث مثلا في كنائس الغرب، ومعابد جنوب شرق آسيا مثلا، التي يسمح للجميع بدخولها والانتفاع من خدماتها من دون تمييز او تفرقة! وقد ذكرني كلام هذه الطبيبة، بقصة ذلك البحريني الذي قبض عليه في الكويت قبل فترة «متلبسا» بجريمة الصلاة في مسجد غير مسجد أتباع مذهبه، وكيف ضرب الرجل من قبل المصلين، وكيف رحل خلال ساعات الى الخارج!
ولو عصرنا فكرنا لما وجدنا جامعا أو كنيسة في بلداننا عرف عنها توزيع المعونات للفقراء، من دون التدقيق المسبق بدين طالبي العون ومذهبهم، وهذا أيضا عكس ما نشاهده في أماكن كثيرة أخرى، وربما يكون الاستثناء الوحيد هو مآدب رمضان، التي لا يسأل فيها عادة عن ديانة من يرتادها، ولو أنني أشك في أن غير المسلمين لديهم الجرأة على الاقتراب منها. كما لو بحثنا لما وجدنا أي مستشفى خاص في كل الدول العربية يرضى بتقديم العلاج للمضطر والمحتاج، علما، ان عددا كبيرا منها مملوك لمؤسسات خيرية ومالية اسلامية معروفة، وهذا طبعا يتناقض تماما مع ما يصرف على تمويل ومساندة الارهاب، والذي يكفي نصفه لتحسين دخل ملايين المسلمين وتغيير معيشتهم الى الأفضل.
وتنكر الطبيبة وجود ثري عربي واحد، وما أكثرهم، تبرع أو أوصى بالتبرع بغالبية أمواله لخير البشرية، مثل «الكافر» بيل غيتس، أو أن أحداً من اثريائنا أو مشاهيرنا أنفق على الخير والتعليم مثل ما فعلت اوبرا وينفري، وعشرات غيرها من فنانين ورجال أعمال. وبالرغم من أن خطباء مساجدنا بارعون في وصف زهد السلف الصالح والأئمة وكرمهم، فاننا نجد أنهم يعيشون عيشة ترف متناهية، كما ظهر من مقابلات تلفزيونية أجريت مع بعضهم، عندما زارت الكاميرات بيوتهم، وبينت بذخ معيشتهم!

أحمد الصراف

سامي النصف

عجائب الكويت

لا أقول أعجب بل أصعق عندما ارى المستوى المتدني في طرح بعض الدكاترة الكويتيين، وسأعطي مثالين شاهدت لقاءيهما على الفضائيات ومواقع اليوتيوب، وتساءلت بحق ان كانا يعلمان بجهلهما فتلك مصيبة، وان كانا لا يعلمان ومن ثم تصدق آذانهما ما تقوله ألسنتهما فتلك كارثة ما بعدها كارثة، فماذا ابقى امثال هؤلاء للجهال والاميين؟!

*****

دكتور يرفع حاجبيه وينزلهما ليقنعنا بأن بلداننا الخليجية، ونحن جميعا كشعوب ضمنها، لا تملك السيادة على قرارها السيادي، مما يعد مشروعا تحريضيا وتأجيجيا وشتما مباشرا لنا جميعا، بينما يعلم حتى الطفل الصغير بكذب هذا الادعاء، بدلالة التباين الكبير في سياسات الدول الخليجية نحو دول مؤثرة في المنطقة مثل اسرائيل وايران وسورية والعراق، ولو كانت الولايات المتحدة تفرض سياستها كما ادعى لكانت سياسة دولنا واحدة كحال جمهوريات الموز في اميركا اللاتينية!

*****

وقد اثبتنا الكذب الشديد لمقولات ذلك الدكتور الذي يتبع مقولة المعلم الكبير غوبلز الالماني القائل: اكذب اكذب حتى يصدقك الناس ولا تنس ان تطعم اكاذيبك بأسماء وارقام ودراسات وهمية لا وجود لها لزوم التغرير بالسذج والتحريض والتخريب والتدمير، ومن ذلك ادعاءات اختفاء الدول الخليجية عام 2000 لصالح العراق والسعودية واليمن، والتي نسبت للباحث د.انتوني كودزمان الذي التقيته وكذّب تماما انه قال بذلك الامر فتمت اعادة الكذبة بشكل آخر حيث نسبت الى باحث وهمي نتحدى وجوده، اسمه «ارون كاتز» وقيل انه تنبأ باختفاء الدول الخليجية ـ مرة ثانية ـ عام 2025 لصالح عمان والسعودية والعراق، ومرة اخرى نتحدى القائل بأن يظهر مثل تلك الدراسة الكاذبة والوهمية خاصة انه ادعى قولها في عام 1992 ومعروف أنه لا يوجد باحث اميركي محترم يقدم نبوءات لأحداث ستقع بعد 33 عاما (1992 ـ 2025) اي بعد موته وموت اغلب المستمعين على طريقة اضحوكة الخليفة وجحا والحمار والتي تعهد فيها جحا بتعليم الحمار القراءة والكتابة وحصوله على شهادة الدكتوراه خلال عشرة اعوام وهو يعلم انها ستنتهي قطعا بموت احدهم، فما بالك بـ 33 عاما؟!

*****

وآخر الدعاوى الزائفة والمحرضة لذلك الدكتور ان امارة دبي تحولت الى مشروع استيطاني اوروبي واميركي، مستشهدا بما نراه من سائحين اوروبيين واميركيين وروس وغيرهم، ومعروف ان هؤلاء «السائحين» لا المستوطنين موجودون بشكل اكبر في اسبانيا وفرنسا واميركا وماليزيا والمغرب وشرم الشيخ ..الخ، دون ان يدعي احد انهم مشاريع استيطان واحتلال وقد استطرد «الدكتور» قائلا ضمن عاصفة الادعاءات المحرضة وغير الدقيقة ان سنغافورة قد اقتطعت قسرا من ماليزيا بواسطة بريطانيا، والحقيقة الجلية تظهر ان تانكو عبدالرحمن رئيس وزراء ماليزيا آنذاك قد «طرد» سنغافورة عام 1965 من الاتحاد الماليزي، وزاد الطين بلة اغلاق بريطانيا لقاعدتها العسكرية فيها، مما ادى الى بطالة فورية لـ 50 ألف سنغافوري، كما جاوز الدكتور الحقيقة عندما ادعى ان رئيس وزراء سنغافورة العبقري لي كوان قال ان بلده حصل على استقلاله بسبب غباء المسلمين، وكتاب مذكرات كوان «من العالم الثالث الى الاول» أمامي ولا يوجد به حتى تلميح لمثل ذلك القول الكاذب.

ويزيد الطين بلة قول الدكتور الكويتي للسذج من المستمعين ان لي كوان كان زميل دراسة له، وما لم يقله الدكتور ان لي كوان تخرج في الجامعة عام 1949 عندما كان عمر الدكتور الكويتي المعجزة 4 سنوات وانخرط في العمل السياسي ولم يعاود الدراسة قط كما أتى في سيرة حياته الموجودة في الكتب وعلى الإنترنت.

في الختام مستعد كنوع من التحدي ولإثبات من منا الصادق ومن منا غير ذلك، ان نستضاف على برنامج تلفزيوني ثم يتم الاتصال على الهواء بـ «أنتوني كودزمان» او «ارون كاتز» (ان وجد بالطبع) لنسألهما ان كانا تنبآ او قالا باختفاء الكويت ودولنا الخليجية عام 2000 او عام 2025، وليعتذر بعد ذلك الكاذب الى الصادق ويختفي من الحياة العامة والكتابة والاعلام للابد. ان الخوف الحقيقي لم يعد في المستقبل المنظور على الدول الخليجية والعربية الصغيرة كحال الكويت، الخوف كل الخوف هو على الدول الكبيرة التي نرى بالعين المجردة تفتتها وتشتتها.

آخر محطة:

(1) في ظل عمليات التأجيج والتحريض واشعال النيران وضرب الوحدة الوطنية التي تنفرد بها ديموقراطيتنا وتخلق لنا حالات ردود فعل يشتكي منها من خلقها، ظهر على احدى الفضائيات الكويتية قبل ايام، والنفوس مؤججة، «دكتور» كويتي آخر قائلا او صارخا بأن ابناء الدوائر الثلاث الاولى هم «السادة» ضمن النظام العنصري الذي نعيشه (!) وابناء الدائرتين الرابعة والخامسة هم: «العبيد» (الا انهم والله سادة واحرار رغم انف جهله)، وكل ذلك بسبب التباين البسيط في اعداد الناخبين الموجود اكثر منه بآلاف المرات في «جميع» الديموقراطيات الاخرى دون استثناء. ان يطالب احد بتعديل الدوائر أمر مقبول اما ان يحاول حرق الوطن وضرب الوحدة الوطنية والاساءة للآخرين فهو امر مرفوض.. مرفوض بالمطلق ويوجب الاعتذار إلى من تمت الاساءة لهم من ابناء الدوائر المعنية واتهامهم باكذوبة الاسياد والعبيد.

(2) الدوائر الثلاث التي اتهم الدكتور الجاهل ابناءها بالعنصرية هي التي تنجح كل ألوان الطيف الكويتي وتمنح مراكزها الاولى لنواب افاضل امثال جمعان الحربش وفيصل المسلم، ومعيب والله شتم اهل الكويت والتحريض عليهم دون ردود او محاسبة.

(3) لمعلومة الدكتور المحرض، في اعرق الديموقراطيات ونعني بريطانيا يفوز نائب في منطقة بثلاثة آلاف صوت ونائب آخر بثلاثمائة الف صوت، وفي اميركا تمثل منطقة او ولاية الاسكا (400 الف نسمة) بنائبين بمجلس الشيوخ، وكاليفورنيا (40 مليون نسمة) بنائبين، وهو امر مطابق لما يحدث في الاردن ولبنان وحتى مصر التي تظهر نتائج انتخاباتها الاخيرة التي قامت على التقسيم الجديد للدوائر فروقات في اعداد الناخبين تصل الى الملايين دون ان يدعي الاميركان والانجليز واللبنانيون والاردنيون والمصريون انهم منقسمون الى اسياد وعبيد!

حسن العيسى

صفقة فاوست في ياخور كبد

بيت الشعر في ياخور كبد لن يقدم تنمية ولن يقدم إصلاحاً حقيقياً في السياسة والاقتصاد والوحدة الوطنية، ياخور كبد سيفرض الدولة الدينية المستبدة عندما وضع السياسيون العمم الدينية على رؤوسهم، ونجحوا بامتياز في كسب قلب الشارع الكويتي الغارق بنهم الاستهلاك والسابح في ثقافة سطحية خاوية من أي معنى، بيت الشعر في كبد سينسف خمسين عاماً من العمل من أجل الدولة المدنية بمؤسساتها وقوانينها المختلفة رغم ما أصاب الأخيرة من ثقوب عميقة في مسائل الحريات الشخصية، والمساءلة السياسية تمت كلها بفضل تحالف الأمس بين أهل اللحى وأهل السلطة، واليوم نعود في الكويت حالها من حال دول الربيع السلفي العربية حين تهرب من الدكتاتوريات الحاكمة لتحشر في فخ الدولة الدينية التي يقودها كهنة القرن الواحد والعشرين، ليقع طلاب الحرية والثقافة الإنسانية بين مطرقة النظام وسندان الدولة الاستبدادية الدينية، وهي دولة تطيح بالنقاء الروحي للدين جانباً لتفرض رؤى الجماعات الدينية المنغلقة على ذاتها والرافضة للفكرين الحضاري والعلمي، ففشلت في استيعاب سنن التطور، وصعقت بصدمة الحداثة فارتدت على أعقابها تنشد الأمان في يقينيات الموروث التاريخي، فهي عجزت عن فهم الحاضر فانتكست للماضي وأعلنت الحرب على المستقبل. لم تكن هناك حاجة ليوافق التكتل الشعبي على صفقة الياخور بالبصم على تعديل المادة الثانية من الدستور مقابل ضمان صوت تحالف الياخور الإسلامي بالتصويت للنائب أحمد السعدون للرئاسة، فللأخير مكانته العالية سواء كان على كرسي الرئاسة أو على مقاعد النواب، وإذا كان هناك من يلتمس للتكتل الشعبي عذره بقبول الصفقة بسبب ضغط الشارع المحافظ في مناطقه الانتخابية إلا أن الطريقة المتعجلة في تمرير مثل صفقة البؤس هذه تذهب بكل عذر للتكتل الشعبي، فحزب الياخور يعقد صفقته مع الشعبي ويتغدى معه اليوم وبالغد سيتعشى به. كأن مأساة  فاوست في الأسطورة الألمانية تتشكل من جديد في السياسة الكويتية، إلا أن فاوست غوته في صفقته مع الشيطان كان يبحث عن العقل الرافض للمطلق المستبد فباع باقي عمره مقابل نعم ولذائذ وقتية عابرة، بينما صفقة الياخور ستسحق العقل وكل معاني العقلانية وحقوق الإنسان، وستؤجج الصراعات المذهبية، في الوقت الذي نكاد نختنق فيه من عفنها. كل هذا يتم باسم الدين، والدين منه بريء، ولن يكسب اليوم من مبايعات الكرب غير تجار العواطف الدينية والمرتزقة المستثمرين في تجارتهم حين يرتدون ثوب المحتسبة ويهرولون إلى النيابة العامة ضد أصحاب الفكر والقلم بشكاوى الحسبة شكلها يدافع عن العقيدة وباطنها يقيم أسس محاكم التفتيش المرعبة كما كانت في قرون أوروبا المظلمة، التي يعاد إنتاجها اليوم في شرقنا العربي. ويا خسارتنا في الشعبي بصفقات الجواخير.

احمد الصراف

التراجع إلى الخلف

«في يوم كان لمصر «صفيتها» التي غطت «سعدها»، ولكن من تكون «صفية» الكويت، بعد أن جعلتها قوى الظلام عارية بلا غطاء عقلي أو فكري؟».. نص مقتبس للزميل صالح الشايجي!
يمكن القول، على ضوء التركيبة الجديدة للمجلس التشريعي، ان ليس أمام الكويت غير التراجع تنمويا واقتصاديا وفي مجال حقوق الإنسان، وان قاومت الحكومة فسنبقى، في احسن الأحوال، في مكاننا، والجمود شقيق التخلف في عالم سريع ودائم التحرك، وبالتالي على برنامج التنمية والتخطيط المستقبلي الانتظار، فقد دخلت البلاد نفق الصرف النقدي على «رفاهية» المواطن وتوزيع الهبات وزيادة الرواتب. فجناحا المجلس، أو «غالبيتاه» لا تؤمنان لا بالدولة ولا بالمواطنة، فالأغلبية الأولى ستبقى ما بقي الماء والكلأ، فإن جف الضرع ونشف الزرع وتبخر الماء تبخرت معه! أما الغالبية الثانية فعقيدتها لا تقرّ أصلا بوجود وطن ولا بحدود سياسية بين الدول الإسلامية، بالمعنى الحضاري المعروف، وكما قال أحد مرشدي جماعة الإخوان في مصر انه يفضل رئيسا مسلما لمصر، ولو كان من ماليزيا، على قبطي، ولو كان مصريا! وهنا يرى البعض أن الحل هو في تعطيل الحياة البرلمانية ووقف العمل بالدستور، ومن ثم تفرغ الحكومة كليا لتنفيذ الحيوي من المشاريع ووضع البلاد على سكة التقدم ومن ثم العودة، بعد سنتين أو ثلاث، لانتخابات جديدة، في ظروف أكثر ملاءمة، بحيث تفرز صناديق الانتخاب نوعية أفضل من النواب! وهذا كلام لا خير فيه، فلو نظرنا للفترات التي عطلت فيها السلطة الحياة النيابية وخلا لها الجو لما وجدنا انها أنجزت شيئا خلالها، لا بل وكانت فترات تزايدت فيها السرقات بشكل كبير، ولم يمنعها شيء، لا حينها ولا الآن، من تنفيذ أي مشروع حيوي! وما شهدته البلاد، في نصف القرن الماضي، من فترات نهضة قصيرة كان الاستثناء وليس القاعدة، كما أن المناهج الدراسية المتخلفة، وهي أس البلاء، لم يقرها أي مجلس أمة، وكانت ولا تزال من صميم واجبات أي حكومة، كما أن تأخير تنفيذ جسر الصبية (جابر)، لأكثر من 15 عاما لم يكن بفعل نائب أو لجنة نيابية، بل بتقاعس وتردد حكومي واضحين. وعليه فإن الحل يكمن في إبقاء الوضع النيابي على ما هو عليه، والعمل بجدية على تنفيذ المشاريع الكبرى الحيوية، وإقرار عشرات مشاريع القوانين المعلقة منذ سنوات، وتطبيق القانون على الجميع والتمسك بالدستور. ولو حدث ذلك لما رأت المعارضة ما تلوم الحكومة عليه، وهذا إسكات لها ولنار فتنة مقبلة.

أحمد الصراف