سامي النصف

هل من مصلحة الإسلام والكويت تعديل المادة الثانية؟

  من أهم مبادئ السلف الصالح عدم جواز الخروج أو التحريض على الحاكم الجائر خوفا من الفتن والمظالم المصاحبة لذلك الخروج، فما بالك بالتحريض أو الخروج على الحكام غير الجائرين كحال حكام الكويت ممن لم يعرف عنهم البطش وسفك دماء الأبرياء والإرهاب والارعاب؟!

***

يعلم الأحبة من أهل السلف أن المادة الثانية من الدستور لن تعدل في نهاية الأمر كونها تحتاج الى توافق ثلثي المجلس وموافقة سمو الأمير الذي لن يختلف قراره في الأعم عن قرار الراحل الكبير الشيخ جابر الأحمد رحمه الله الذي عرف بزهده وتدينه الشديد، إلا أنه وجد أن مصلحة دينه ومصلحة بلده تفرضان عليه رفض التعديل، لذا فإن في طرح تعديل المادة الثانية هذه الأيام مخالفة لرغبة ولي الأمر دون داع وتحريضا عليه عند الشباب دون مسبب ودعما للفتن التي هي أشد من القتل.

***

وقبل أن نصل لمناقشة الصادقين في دعواهم لتعديل المادة الثانية، نقول إن بعض من يدعون لذلك التعديل يبحثون عن البريق الإعلامي والتكسب الانتخابي لا غير، والبعض الآخر يجامل دون رغبة حقيقية منه في التعديل، والبعض الثالث يعلم علم اليقين أن تعديل المادة لن يغير من الواقع شيئا، ولن تحل مشاكل البطالة والإسكان والصحة والتعليم بذلك التعديل، ولن تملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا فور ذلك التعديل.

***

فمصر التي تحكم منذ عام 1980 بدستور ينص على أن الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع لم يغير من واقعها العلماني شيئا، كما أن تطبيق أحكام الشريعة وفرض الحدود في السعودية وأفغانستان ابان حكم الطالبان وإيران والسودان لم يوقف قط جرائم القتل والفساد المالي والسرقات وتفشي المخدرات والتعدي على النساء… إلخ، بل تشير مؤشرات الفساد الدولية الى ان بعض دولنا الاسلامية المتشددة هي في اسوأ حالة بتلك المؤشرات، ولن يختلف الأمر في الكويت فيما لو تم ذلك التعديل.

***

ثم نأتي للصادقين في دعوتهم لتغيير المادة الثانية والراغبين بحق في التطبيق الكامل للشريعة الاسلامية (وإلا لماذا يطالبون بالتغيير؟) وهو أمر لم يتم منذ 1400 سنة، ونسألهم هل هم ومعهم الشعب الكويتي قاطبة مستعدون لدفع ثمن ذلك التطبيق الذي يعني الا يكون هناك فارق بين المسلم الكويتي والمسلم غير الكويتي عربيا كان أم آسيويا في حق الدخول الحر للكويت والحصول على الجنسية الكويتية حتى بعد يوم من الدخول وتساوي الرواتب والأجور ومعها فرض الجزية على غير المسلم وغيرها من استحقاقات تفرض علينا الخروج من الأمم المتحدة وإغلاق القواعد العسكرية للحلفاء ممن يحموننا من أطماع جيراننا.. المسلمين، وكم سنبقى بعد ذلك الخروج وسط التوترات المحيطة؟

***

ومن السلف الصالح الذين قال شيخهم الفاضل عبدالرحمن عبدالخالق في لقاء مطول مع جريدة الوطن في 12/1/2012 «ان على الاسلاميين في مصر وغيرها أن يتخذوا حزب العدالة التركي نموذجا في الحكم» فهل طبق الحزب التركي «القدوة» أحكام الشريعة الاسلامية في تركيا؟!

***

إلى «حدس» أو الاخوان المسلمين ممن دعا أشقاؤهم والمنضوون لحزبهم في مصر وتونس والمغرب للأخذ كذلك بالاسلام التركي المنفتح، وهو ما يتعارض بالمطلق مع طلبات تعديل المادة الثانية من الدستور ويتوافق مع وضعنا الحالي، لماذا لا يرضون لنا بما يرضونه لإخوانهم في تركيا وباقي تلك الدول؟ وهل يجوز أن يكون في الكويت ذات المليون نسمة إسلام متشدد يختلف عن الإسلام القائم في دول المليار ونصف المليار من المسلمين؟! الإجابة واضحة.

***

آخر محطة:

(1) في تعديل المادة الثانية من الدستور حكم إعدام واضح وصريح لمستقبل وبقاء الكويت وإنهاء لمشروع كويت المركز المالي البديل الوحيد لدخل النفط الناضب الذي لا تعوض كل قطرة نستخرجها منه فمن سيترك دول الخليج المنفتحة ويأتي يستثمر في بلد يفرض الجزية عليه وقد يجلده أو يقطع رأسه لأقل غلطة؟!

(2) قلنا في مقال سابق ان فوزا «مؤقتا» لتوجه ما، لا يعطى في طلب تعديلات دستوري ذات طبيعة دائمة، وهو الأمر القائم في جميع الديموقراطيات الأخرى وها هم الإسلاميون يكتسحون الانتخابات في مصر وتونس والمغرب وقبلهم تركيا دون أن يطالبوا بالتشدد وتعريض بلدانهم للمخاطر والعداء مع المجتمع الدولي فلماذا يستفرد البعض بفرض تلك التعديلات على شعبنا دون غيره؟!

(3) فاتنا في معرض شكرنا لمن كان معنا في الملتقى الإعلامي في الأردن شكر الزميل الشاب محمد بن ناجي، والذنب ذنبه «بالطبع» كونه لم يكن معنا في طائرة العودة عندما كتبنا المقال.

احمد الصراف

معجزاتنا الكبرى

مع كل يوم يمر وكل تصريح يصدر عن أعضاء مجلس الأمة الجدد، أشعر بأن الأمور بخير، وأن ليس أمام هؤلاء غير إلهاء أنفسهم بتوافه الأمور وقشور القضايا ومضايقة الناس والتسلي بالحجر على حرياتهم، وعاجلا أم آجلا سينكثون بكل وعودهم، فليس هناك شيء دائم، والحرية ستنتصر، والإخاء سيسود، والعدالة ستجد طريقها في النهاية، لامحالة، وبالتالي لا شيء يدعونا، نحن الأقلية الواعية، للقلق من اختيارات الأغلبية النائمة، فيوم صحوهم قريب، فهؤلاء ليسوا غير «ظاهرة صوتية»، فإخوان مصر ومن نسخ عنهم وتبعهم الذين اليوم هم القوة الأكبر على الساحة، لم يستطيعوا طوال 83 عاما من فعل شيء يمكن النظر اليه بفخر، فهم، وعبر سلسلة مرشديهم لم يضعوا يوما أي برامج صحية أو تعليمية أو توعوية يمكن الاستشهاد أو الإشادة بها، ولم يقوموا بفعل خير ما لم ينته لمصلحتهم وقنوات مصالحهم، واثناء انشغالهم بتحقيق طموحهم للوصول إلى الحكم نسوا أو تناسوا فعل شيء، والآن وقد وصلوا فإن الصراع على الشهرة والسطوة والسلطة سيقضي على كبار كبارهم أولا، وسيتولى الطمع المادي والفساد السياسي أمر القضاء على قواعدهم، فالسلطة مخربة، وقلة فقط استطاعت عبر التاريخ مقاومة مغرياتها المدمرة، وسنرى قريبا كيف سيتقاسمون المناصب بينهم ويوزعونها على ذويهم، ولن يكون هناك مكان للرجل الصالح في المكان الصالح، إن لم يكن منهم ومن اذنابهم، وما أكثر هؤلاء. وإن فشلوا، وهذا برأيي أمر لا مناص منه، فسيضعون اللوم، كسابقيهم على الصهيونية والاستعمار، ولن يلام بالطبع «الاستحمار»! وفي هذا الصدد صرح محمد حسان الداعية السلفي الأشهر في مصر، والمرشح لمنصب رئيس الجمهورية، بأن مصر ليست بحاجة لمبالغ المعونة الأميركية، وأن بإمكانه طلب التبرعات وجمع مليار و300 مليون دولار خلال فترة بسيطة، يعوض بها استجداء مصر لأميركا! ومادام الأمر بهذه السهولة، فمن الذي منع الداعية الفاضل صاحب أكبر وأغرب لحية في مصر، من الإقدام على هذا الأمر الطيب والخير، أليس من الأفضل جمع المبلغ أولا، وقطع المعونة تاليا، أم نقطع المعونة لنكتشف بعدها ان الحاج حسان لم يستطع جمع غير مليون جنيه مصري، وكلامه لم يكن سوى لغو في لغو؟
ملاحظة: صرح السيد زغلول النجار، خريج الجيولوجيا، والغارق الأكبر بقضايا الإعجاز، والشروح والتفاسير، بأن «الربيع العربي» هو من علامات الساعة، وأن اليهود يستعدون للمعركة الفاصلة مع المسلمين!
ولو علمنا بأن عدد اليهود في إسرائيل يبلغ 5 ملايين، وعدد المسلمين مليار و300 مليون على الأقل، يتوزعون على 50 بلدا، لعلمنا مدى خطل مثل هذا الكلام من شخص يبيع آلاف الكتب سنويا في علوم لا يفقه بها احد غيره!

أحمد الصراف

سامي النصف

على هامش جلسة أمس!

  حضرت جانبا من حفل افتتاح الفصل التشريعي الرابع عشر، والذي جرت خلاله انتخابات رئاسة المجلس، وحول تلك الانتخابات نطرح الملاحـظات الـ 5 التالية:

أولا: رئاسة السلطة التشريعية تختلف تماما من حيث الصلاحيات عن رئاسة السلطتين التنفيذية والقضائية، حيث لا تملك كحالهما حق ان تعزل او تفصل احدا من أعضائها، حيث جل ما تقوم به هو إدارة الجلسات طبقا للوائح والأنظمة الخاصة بذلك.

ثانيا: لا تحظى انتخابات رئاسة المجالس التشريعية في الدول الأخرى بأي أهمية إعلامية او سياسية ولا تعرف في العادة شخوصها، بدلالة ان الجميع يعرف على سبيل المثال أسماء رؤساء دول وحكومات الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، إلا ان أحدا لا يعرف أسماء رؤساء البرلمانات والمجالس التشريعية هناك (سبق أن كتبت مقالات تفصيلية بهذا الخصوص رأت إدارة الجريدة في حينه نشرها بعد ظهور النتائج في انتخابات الرئاسة وسننشرها لاحقا كونها قضية عامة لا تختص بنتائج أمس).

ثالثا: كان من الأفضل لمرشح الرئاسة النائب محمد الصقر ان يترك للنائبين المقتدرين مرزوق الغانم وعلي الراشد شرح وجهة نظره حول آلية التصويت (دون تدخل منه)، وقد صحح ذلك الأمر بما فعله بعد ظهور النتائج حين هنأ الفائز وأعلن تأييده له، وقد هنأه الحضور وصفقوا له على تلك الروح الديموقراطية الجميلة التي جعلته بمثابة فائز آخر في تلك الانتخابات.

رابعا: لا يجوز للرئاسة ان تزعل ولا تكلم مخالفيها بالرأي سواء كانوا من الوزراء او النواب الأعضاء او الإعلاميين او المواطنين، والحال كذلك مع النواب ممن لا يجوز لهم ان يحاربوا أو لا يكلموا الوزراء او الأعضاء او الإعلاميين او المواطنين، حيث يفرض عملهم عليهم الانفتاح على الجميع، وقد كانت حركة موفقة من رئيس السن خالد السلطان حين طلب من النواب مسلم البراك ومرزوق الغانم وفيصل المسلم ان يشاركوا في فرز أصوات الرئاسة كي نظهر للآخرين ان الديموقراطية تعني القبول بالرأي والرأي الآخر دون زعل ودون ان تفسد للود قضية كما كان يحدث في الماضي.

خامسا: لا أحسد إطلاقا سعادة الرئيس أحمد السعدون على القادم من الأحداث فقد تجذرت وقُبلت سياسات التأزيم وافتعال الصراعات والشتم والخروج عن الأنظمة تحت قبة البرلمان، وهو أمر سيستمر وسيؤدي الى تصادم الرئاسة مع نواب وكتل كانوا يدعمونها، وان سكتت الرئاسة فسيحدث هرج ومرج وأخذ كل طرف حقه بيده او لسانه وهو «أضعف الإيمان».

سادسا: ان استمر التأزيم والتسخين الذي يوقف أحوال البلد ضمن أعمال المجلس فسيقال: ما الذي استفدناه من الرئاسة الجديدة؟ وإن توقفت أعمال التأزيم وساد الهدوء البلد فسيقال ان جميع ما حدث في الماضي كان مصطنعا لتسديد فاتورة إبعاد البعض عن الرئاسة، وهما خياران في نهاية الأمر أحلاهما مر.

***

آخر محطة:

(1) ذكرت الرئاسة الجديدة انها ستبدأ مرحلة جديدة إلا ان ذلك لا يعني بالنسبة لها التوقف عن المحاسبة (الاستجوابات)، وفي المقابل على الساسة والنواب والإعلاميين والمواطنين ان يبدأوا صفحة جديدة مع الرئاسة تنسى الماضي، إلا ان تلك الصفحة لا تعني كذلك السكوت والصمت عن اي مشروع او مخطط يهدف للإضرار بالكويت.

(2) للانصاف اعضاء لجان المجلس الحالي في الأعم أفضل من اعضاء لجان المجلس السابق، وهو انطباع أولي، والمحك الحقيقي هو العمل والنتائج.

احمد الصراف

الشرف القاتل

لأسباب تربوية بيئية وموروثات عقائدية، يرتبط الشرف في مناطق معينة بصورة مباشرة بالأعضاء التناسلية للرجل والمرأة، وبالتالي لا علاقة للكلمة، كما هي الحال مع غيرهم بالسلوك الحسن والصدق والأمانة والغيرة على الوطن، وشرف الكلمة وغير ذلك. يبدو أن هناك من يعتقد أن لا أحد في العالم يعرف معنى الشرف، ويتفاعل معه «إيجابيا» مثلنا، وإننا على استعداد لقتل فلذات أكبادنا لمجرد الشك في «سلوكهم». وقد ارتكبت العديد من جرائم الشرف بحجة «غسل العار»، وخاصة في الأردن وافغانستان وباكستان، بسبب تسامح قوانينها مع مرتكبيها، كما تنتشر هذه الجرائم بين مهاجري هذه الدول إلى الغرب. والغريب أن ما تظهره التحقيقات في أحيان كثيرة من براءة الضحية من أي فعل جنسي، لم يخفف من وتيرة ارتكاب هذه الجرائم البشعة، وبالتالي القتل سيستمر طالما كان المجتمع متخلفا، وكانت قوانينه متسامحة مع مرتكبيها، فقضاء بضعة أشهر في السجن تضمن سمعة «رجولية» دائمة. وفي حادثة مرعبة هزّت الضمير الإنساني جرت محاكمة ثلاثة مهاجرين أفغان إلى كندا، لإقدامهم على نحر ثلاثة أفراد من عائلتهم، فقد قامت توبا محمد يحي، (42 عاما)، بالتعاون مع زوجها محمد شافيا (58 عاما)، وابنهما حامد، (21 عاما)، بقتل زينب (19 عاما)، ساره (17 عاما)، وجيتي (13 عاما)، وهن بنات محمد شافيا من زواج سابق، في جريمة شرف. ووقف والد الفتيات الثلاث في المحكمة متفاخرا بأنه أقدم على أمر حسن، ولو مات وعاد للحياة مائة مرة لفعل الأمر ذاته! وتمنى أن ينجس الشيطان قبور بناته. وقد كان لكلماته وقع مؤلم على الحضور والمحكمة، وحاول محاميه التخفيف من حدة أقواله بأنها من «عادات وتقاليد» الأفغان، ويجب ألا تترجم حرفيا. وقد تبرعت شهرزاد موجاب، البروفيسورة في جامعة تورنتو، بتحليل تصرف واقوال شافيا، قائلة ان في بعض الأسر يعتبر الحفاظ على «الشرف»، (الجنسي)، أكبر أهمية من الحياة، وأن هناك فرقا بين القتل لاسترداد الشرف وبين العنف ضد النساء!
وفي بحث نشر على الإنترنت، لا أعرف مدى دقته، ورد أن تعبير «القتل من أجل غسل العار» استخدم لأول مرة في الغرب في هولندا عام 1978 للتفريق بينه وبين القتل بسبب الثأر. وتصف «هيومن رايتس ووتش» القتل من أجل الشرف بأنه تصرف انتقامي يقوم به عادة فرد ذكر ضد قريبة انثى بتهمة جلب العار لعائلة، إما لرفضها الزواج بمن اختارته لها، أو لتعرض الفتاة لاعتداء جنسي، حتى ولو لم يكن لها خيار فيه، أو طلبها الطلاق، أو اقدامها على الخيانة الزوجية، وجميع هذه الأسباب تكفي لتعرضها لعقاب شديد، والقتل غالبا. ويمكن أن يتعرض الذكور للقتل بسبب الشرف أيضا، وهذا ما يتعرض له المئات كل عام من الجنسين، في باكستان وحدها. ويقول شريف كنعانة ــ المحاضر في جامعة بيرزيت، في الضفة الغربية، إسرائيل ــ ان القتل من اجل الشرف موضوع معقد وعادة قديمة تضرب جذورها في تاريخ المجتمعات العربية الرعوية والرحل، وأن القتل لا يكون لأسباب جنسية بقدر تعلقه باستيلاء الغير على «أداة» صناعة الرجال، ورمز الخصوبة في المجتمع!

أحمد الصراف

سامي النصف

مطلب الناس كافة.. أعطوهم فرصة!

  نبارك للإخوة الوزراء الجدد ثقة القيادة السياسية بهم ونشكر الوزراء السابقين على ما قاموا به من جهد لخدمة وطنهم، ونذكّر مرة أخرى بأن نجاح الحكومة الجديدة هو نجاح لنا جميعا من أقصى شمال البلاد الى أقصى جنوبها، وإفشال عملها هو فشل لنا جميعا، لذا فمطلب جميع الكويتيين هو ان تعطى الوزارة الجديدة الفرصة كاملة للعمل دون ان يتم استقصاد قياداتها او وزرائها بالاستجوابات الكيدية.

***

في برلمانات بعض الدول الأخرى ينجح المحافظون فيشكلون الحكومة ويبقى الليبراليون من الحزب المنافس ممثلين في المجلس، وفي ديموقراطيات أخرى يفوز المحافظون في الانتخابات فيعين الليبراليون من رجال ونساء في المجالس الموازية مثل الشورى والأعيان.. إلخ، للتأكد من تواجد جميع التوجهات تحت قبة البرلمان، وفي الكويت الوزراء هم نواب بالتعيين، لذا يستحسن ان يتم اختيار أغلبهم من التيار الأقل تمثيلا في البرلمان، اي اذا فاز الوطنيون والليبراليون وجب ان يكون أغلب الوزراء من الإسلاميين والعكس بالطبع صحيح.

***

ونتائج الانتخابات هي انعكاس لتوجهات الناس في فترة معينة من الزمن، إضافة بالطبع الى مقدار مهارة التيار السياسي المعني في عقد التحالفات وحسن استخدام الموارد المالية والإعلامية كي يحقق النجاح على منافسيه، وهذه النتائج «المؤقتة» التي يمكن ان تتغير الى العكس في الانتخابات اللاحقة كما حدث مرارا وتكرارا في الانتخابات الكويتية، يجب ألا تستخدم لإملاء تعديلات دستورية ذات صفة «دائمة»، فحين ينجح المحافظون أو الليبراليون في انتخابات الدول المتقدمة لا يستغلون ذلك الفوز في تغيير دساتيرهم كي لا تصبح مجالا للعب والمناكفة مع ظهور نتائج كل انتخابات.

***

عرضت المعارضة مشكورة شرط توزير 9 وزراء اي الأغلبية في مجلس الوزراء، وهو امر لو تم لتحولنا الى منهاجية الحكومة الشعبية دون الحاجة لتعديلات دستورية، المرجو ألا يصبح ذلك الرفض عذرا للعودة سريعا لمنهاج المعارضة لأجل المعارضة والمناكفة ومن ثم إشغال البلد فيما لا ينفع، كي لا يحبط الناس من الديموقراطية والعملية السياسية بعد ان تزداد فجوة التقدم والإنجاز بيننا وبين الأشقاء الخليجيين.

***

آخر محطة: الشكر الجزيل للمنسق العام للملتقى الإعلامي الكويتي ـ الأردني الأخ منصور العجمي على الجهد الطيب في التحضير والتنسيق لذلك المنتدى الذي حضر فعالياته جمع من كبار المسؤولين الأردنيين تقدمهم وزير الإعلام راكان المجالي، والشكر موصول لسفير الكويت في الأردن د.حمد الدعيج وطاقم السفارة والزملاء الذين سعدنا برفقتهم، د.سعد البراك وحجاج بوخضور وفيصل القناعي وجاسم كمال ووائل الشطي.

احمد الصراف

يا صاعدين المصاعد

لسبب لا أعرفه وجدت نفسي في أكثر من مناسبة في مصعد معطل، خاصة في بيروت، بسبب استمرار انقطاع التيار الكهربائي فيها، وفي مصر، بسبب قدم عماراتها ومصاعدها، وفي الكويت مرة واحدة، لسبب لا أعرفه، ولكني أعرف أن %90 من مصاعدها تفتقد شروط السلامة! وعندما يتعطل بك المصعد فقد تكون وحيدا، أو تجد معك من يخفف الوحشة عنك، والمثل الشعبي يقول «حشرة مع الناس عيد»، ولكن الآخر قد يكون سببا في ارتباكك وإصابتك بقلق شديد، أو أن تكون أنت سببا في قلق الآخرين، خاصة أن عدد المصابين برهاب الأماكن المغلقة أو المرتفعة، ليس بالقليل، وهذا ما عرفته مؤخرا، وهؤلاء لا يمكن أن تعرف مرضهم إلا متأخرا، فهم عادة لا يظهرون خوفهم للملأ، وبالتالي من الأفضل، أن يتعطل بي المصعد وليس معي أحد، فتجاربي السابقة لم تكن سارة ابدا، فعدم وجودهم يدعو أكثر الى محاولة التصرف بمنطقية أكثر، في غياب الصراخ وطلب النجدة والتعرق الشديد، والضرب على باب «الأسانسير» وغير ذلك من التصرفات التي لا قدرة للمصاب بالرهاب على التحكم بها.
ولكن أن حدث ووجدت نفسك محبوسا في مصعد معطل، فأول شيء يجب تذكره هو الاحتفاظ بهدوء الاعصاب، فليس هناك أسوأ من الشعور بالارتباك والاقدام على تصرف خاطئ. وعليه يجب أولا المحافظة على الهدوء والتفكير في طريقة مناسبة للاتصال بقريب أو صديق أو البحث عن رقم حارس المبنى أو شركة صيانة المصعد بداخله. كما ان بعض المصاعد تزود بخط هاتف «حار».
ثانيا، إن تعرض المصعد لعطل خطر، وبدا هبوطه بسرعة، دون ضابط، فعليك الضغط فورا على ازرار جميع الطوابق، فهذا سيشغل المصدر الاحتياطي للكهرباء، وسيساعد ذلك في توقف المصعد عند أحد الطوابق.
ثالثا، تمسك بقوة بالمسكات الموجودة في المصعد، وهذه لا تتوافر عادة في المصاعد الرخيصة الثمن، وتمسكك سيساعدك في حفظ التوازن والتخفيف من قوة الصدمة.
رابعا، اسناد الرأس والظهر إلى أحد جوانب المصعد، ووضعهما في خط مستقيم، وهذا سيحمي العمود الفقري إلى درجة كبيرة، مع ثني الركبة قليلا للتخفيف من قوة الصدمة على صابونتي الركبتين.
هذه معلومات بسيطة قد ينتج عن حفظها واتباعها في وقت الحاجة إنقاذ حياة عزيز، وبالتالي يرجى اطلاع ابنائكم واحبائكم عليها. ونطالب الإدارة العامة للإطفاء، والدفاع المدني، وهي جهات لم تشتهر أصلا بادائها الجيد بسبب ترهلها وظيفيا، وكونها «مقبرة للكفاءات، الاهتمام ولو قليلا بمواصفات المصاعد المستخدمة، خاصة في المباني القديمة أو السيئة المصنعية، فغالبيتها تفتقر الى أدنى درجات السلامة!

أحمد الصراف

www.kalamanas.co

مبارك الدويلة

عندما يفقد السموّ بريقه

محاولات سمو الشيخ جابر المبارك لعمل نقلة نوعية في العمل الحكومي اصطدمت، كما توقع الكثيرون، بحائط الترسبات العميقة طوال الخمسين سنة الماضية، فباءت بالفشل. لقد حاول إيجاد منصب شعبي لنائب أول لرئيس مجلس الوزراء.. ثم تواترت الأخبار عن وزير وزارة سيادية شعبي.. فاستبشر الناس خيراً بهذا الرئيس الجديد وهذا النهج الجديد، ولأول مرة شعر الناس هنا في الكويت بأن النظام يتفاعل مع مخرجات الانتخابات، وأن هذه النقلة النوعية ستؤدي إلى استقرار في الحياة السياسية، وتحرك عجلة التنمية بعد أن تعطلت من حكومات الفساد المتعاقبة على البلاد خلال السنوات الأخيرة!!
بعد ذلك جاءتنا الأخبار بأن التخلف في التفكير يضرب أطنابه هناك، وأن هذه النقلة هي حلم قد يتحقق عندما نسافر في رحلات سياحية إلى القمر، فرجعنا إلى المربع الأول، وتم إلغاء منصب النائب الشعبي الأول لرئيس الوزراء، وبعدها غض النظر عن وزير داخلية من غير أبناء الأسرة وكأننا يراد لنا أن «لا نطمر العرفج»!! وأن ننتبه إلى أننا مازلنا في أول السلم الديموقراطي!!
كاد الأمر أن ينفرط عند هذه اللحظة، وشعر سمو الرئيس بالإحباط، إلا أن إصراره جعله يلجأ إلى أفكار أخرى تتفق مع النهج الجديد.. فأوصل رسالة إلى جميع القوى السياسية يطالبها بالمشاركة في الحكومة القادمة حتى يضمن نجاحها ونحقق أول إنجاز من نوعه في العمل السياسي، وهو أن الحكومة تمثل المعارضة السياسية أو الأغلبية البرلمانية!!
تفاعلت القوى السياسية الممثلة بالبرلمان مع نداءات سمو الرئيس.. وتراجعت عن قراراتها السابقة برفض المشاركة في الحكومة، وطالبت بأن تشارك مشاركة فاعلة وبالعدد الذي يضمن الإصلاح لا الاتباع فقط!! وقدموا قائمة ببرنامج عمل حكومي إصلاحي. وافق سمو الرئيس على البرنامج الإصلاحي لأنه هو ما كان يطالب به، لكنه تحفظ على العدد المطلوب للمشاركة فيه، وطلب وقتاً للتشاور مع صاحب الشأن، لكننا بعدها رجعنا إلى المربع الأول من جديد، فرفضت مطالب الأغلبية البرلمانية التي بدورها رفضت المشاركة.
وحتى كتابة هذا المقال لا أعلم كيف سيتصرف سموه؟ هل سيستمر في البحث عن كفاءات مستقلة تحقق طموحه الإصلاحي؟ هل سيأتي بحكومة محصنة برلمانياً أم مكشوف ظهرها للمعارضة؟! هل يا ترى أن هناك أمراً دبر بليل حتى تكون نهاية رجل شجاع مع أول محاولة إصلاحية له؟! هل وراء الأكمة ما وراءها؟ أسئلة ستكشف الأيام المقبلة الإجابة عنها. لكن ما أكاد أجزم به اليوم هو أن «السمو» فقد بريقه في هذه الحكومة.. وأصبح كالطائر المكسور الجناح!!

حسن العيسى

طريقنا للصوملة

معارضة تورا بورا الكويتية بمجملها رفضت المشاركة في حكومة الشيخ جابر المبارك، عذرها الذي لا يتحدث عنه صراحة الرافضون إلا أنه أصبح “من عاداتنا وتقاليدنا” السياسية المفضوحة أن الوزراء العاديين (الشعبيين) “لا يهشون ولا يكشون”، وأنهم واجهة سياسية لاستكمال الشكل الدستوري، وأن الإدارة الحقيقية بيد الوزراء الديلوكس من أسرة الصباح الحاكمة، فهم بيدهم مقاليد الأمور، ويمسكون الدولة بمفاصلها من صغيرة وكبيرة، فالقضايا اليومية العادية تترك للوزير الموظف، أما المسائل الكبيرة والقرارات المهمة فهي اختصاص مغلق على مجلس الوزراء المصغر، وكما سميتها من زمان حكومة الحكومة (يعني عيال الشيوخ فقط).
ولأجل ذلك وجد نواب مجلس “طبقات الشعب” الكويتي أنه لا داعي أن يشاركوا النبلاء في الحكم (على غرار مجلس طبقات الشعب الفرنسي قبل الثورة الفرنسية) ما دامت أمور الدولة لن تكون بأيديهم.
رأي ثوار كبد لا معنى له اليوم، وفي مثل الظرف الكويتي الدقيق والحساس، بسبب حالة الاستقطاب الفئوي والطائفي الحادث بالدولة – وببركة فيروسات الجهل والانغلاق الثقافي والديني عند أغلبية الجمهور الكويتي من دون أن ننسى الدور السلطوي الحاكم في نشر عدواها- فقياس جابر المبارك بنفس المسطرة التي قيس بها من قبله فيه ظلم كبير عليه، وفيه افتراض سوء النية بجابر المبارك على غير وجه حق، ونلاحظ كثرة الأدبيات الإعلامية التي حملت رئيس الوزراء الجديد تبعات وزر من سبقه لمجرد كونه نائباً، وكأنه مجرد امتداد لمن سبقه، وإن كان لمثل هذا الرأي أي صحة فلم لا يعطى جابر المبارك فرصة إثبات نفسه، على الأقل، والمحك في النهاية عمله وإنجازات وزارته في دولة تاه عنها الإنجاز والتقدم منذ زمن طويل، بسبب تبادل الاتهامات بين الطرفين المجلسي والحكومي، وكلا الاثنين اسوأ من الآخر للأسف.
جابر المبارك في وضع لا يحسد عليه، فهو مطالب بالكثير في دولة وإقليم تضطرم فيه نيران التمردات والحروب الأهلية التي تطل بوجهها القبيح أحياناً لتعيدنا إلى الحالة القبلية حين تتجسد الدولة بالنظام الحاكم، وعندما يسقط النظام تتهاوى تلك الدول المصطنعة وتتفتت قبائل بعقيدة واحدة مهيمنة، وتضطهد الطوائف الأخرى المستضعفة، والكويت تضج “بالمطفقين” والتفهاء الذين يهرول إليهم من في قلوبهم مرض، مثل محمد المليفي وأصحابه، ومن هم على شاكلته المنتظرون دون ملل على أبواب المحاكم لتقديم شكاوى الحسبة سيراً على نهج شيخ طريقتهم يوسف البدري في مصر. يبحثون عن الشهرة من أظلم أبوابها!
ندرك العوار الكبير في النظام شبه الديمقراطي في الكويت، حيث لا أحزاب، ولا تداول للسلطة، مع غياب الفصل الحقيقي للسلطات، وانعدام الضرائب، وتركز الثروات العامة بيد السلطة الحكومية وضرب الدفوف خلفها، إلا أنه رغم ذلك يمكن ومن خلال المشاركة في الحكومة من خلال النواب وأحزابهم غير المعلنة يمكن (ربما) نجد مخرجاً من حالة الضياع التي نجابهها اليوم، ولنقر تماماً بأنه لولا ورقة التوت النفطية لكشفت عوراتنا على الجميع، فهل نمد اليد إليه أم نترك النار قرب فتيل الانفجار ينفخ فيها العنصريون الذين يسبحون بنعم السلطان وبركاته من جهة، ومن جهة أخرى يسكب الزيت عليها أطفال روضة بن لادن والظواهري يريدون جلد خلق الله وقطع رقابهم بحجة أنها حدود الله، وكأن لديهم وكالة حصرية من الحق دون النظر إلى اختلاف الظروف والزمن، أم نترك الكويت نهباً لحروب الطوائف والتناحرات القبلية – القبلية والحضرية – القبلية، وننسى معايير المساواة وحكم القانون وأبسط مفاهيم وحدة المواطنة التي يفترض أن نحيا بظلها، وننسى التنمية المستدامة والسنوات العجاف القادمة لا محالة، فنضحى صومال الخليج بعد أن كنا درة الخليج.

احمد الصراف

قيامة أحد الدعاة

ربما نكون، بخلاف غالبية شعوب الدنيا، الأكثر نقداً للإنترنت واستخداماً له في الوقت نفسه، ولكنه أصبح مؤخراً، وفي منطقتنا، أداة تجهيل وعبث، بدلاً من وسيلة اتصال شبه مجانية ورافد عظيم للمعرفة! ومن بين مئات الرسائل التي تردني يوميا هناك رسائل غاية في الخطورة من ناحية قوتها التجهيلية، تبين بوضوح الفرق الشاسع بين طبقات المجتمع في فهمهم وتقبلهم للدين، بين كونه دينا للعبادات، أو أداة إلهاء وإرهاب وتعمية، ويختفي التساؤل متى ما عرفنا ما يحققه مؤلفو هذه الكتب من ثروات، متى ما وضعوا هذا الكلام ضمن دفتي كتاب، أو قالوه في خطبة ما، فهناك مثلا من يصف عذاب القبر، وآخر يتكسب من تفسير أحلام الجهلة والمرضى النفسيين، ومن يصف أحداث يوم القيامة، وما بعد بعد يوم القيامة، بتفاصيل وشروحات وصور توضيحية خيالية إلى أقصى درجة، ومثال ذلك كتاب لأحد الدعاة مكون من 600 صفحة! والمؤلم أن غالبية أو جميع من يدّعون العلم بأحداث يوم القيامة يصرّون على أنهم استقوا ما في كتبهم من «علم» من كتب مؤرخين إسلاميين، ولا يترددون، دون خجل، من التربح من مجهود غيرهم الفكري، على تواضع مادته، وهم بذلك يتربحون بسبب عدم رغبة الكثيرين في أن يجهدوا أنفسهم في البحث والقراءة، وهذا ربما يعذرون فيه، ولكن قارئي كتب هؤلاء يصرون في الوقت نفسه على عدم الارتفاع بتفكيرهم لمستوى طفل في العاشرة من عمره، ورفض تصديق كل ذلك الكم من الخزعبلات التي تتضمنها كتب هؤلاء، والتي لا يقولها دين ولا يقرها عقل!
وفي رسالة على الإنترنت لاقت رواجا كبيرا، يتحدث كاتبها بتفصيل ممل عن الكيفية التي سيموت فيها كبار الملائكة، نقلا عن كتاب «بستان الواعظين ورياض السامعين» لابن الجوزي، حيث يتطرق لأحداث يوم القيامة، بعد نفخ «إسرافيل» في الصور النفخة الأولى فتستوي الأرض من شدة الزلزلة، فيموت أهلها جميعا، وبعد موت ملائكة السموات السبع والحجب والسرادقات والصافين والمسبحين ‏وحملة العرش وأهل سرادقات المجد والكروبيين(!) ويبقى جبريل وميكائيل واسرافيل ‏وملك الموت! ثم يصف الكاتب كيف قبض ملك الموت أرواح الملائكة الثلاثة الكبار، وكيف بكوا طالبين من الله أن يهوّن عليهم سكرات الموت! ثم يأتي دور ملك الموت نفسه، فيقول الله (كما في الرواية): وعزتي وجلالي لأذيقنك ما أذقت عبادي، انطلق بين الجنة والنار ومت، فينطلق بين الجنة والنار فيصيح صيحة، لولا أن الله أمات ‏الخلائق لماتوا عن آخرهم من شدة صيحته، فيموت‏. ثم يخرج الله تبارك وتعالى إلى الدنيا فيقول: يا دنيا أين أنهارك؟ أين أشجارك؟ وأين عُمَّارك؟ أين الملوك وأبناء ‏الملوك؟ وأين الجبابرة وأبناء الجبابرة؟ أين الذين أكلوا رزقي وتقلبوا في نعمتي ‏وعبدوا غيري؟ لمن الملك اليوم؟ فلا يجيبه أحد،‎‏ ‏فيرد الله عز وجل فيقول: الملك ‏لله الواحد القهار (!!) والحقيقة أنني لن أصاب بالدهشة إن اكتشفت أن هذا ما يتم تعليمه لطلبة الكثير من المدارس المؤدلجة، أو الذين يتم تحضيرهم للقيام بمهام انتحارية، فمن يقرأ هذا الكلام ويصدّقه يهن عليه القيام بأي أمر وفعل!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

هل تذكرون؟

شتموا القبائل، ولم يهب لهم القانون، وتفرج بعض المواطنين والنواب عليهم وهم يشتمون دون وجود قانون يطبق ليحميهم، فكان حلهم التكسير والتخريب، وحصل من شتمهم على مقعد في المجلس.
شتموا عقيدة الشيعة وإمامهم المعصوم، وطعنوا حتى في توحيدهم، ولم يهب لهم القانون، وتفرج بعض المواطنين، وكثير من النواب عليهم، فلجأ الشيعة إلى الشارع يهددون، واستعانوا بمن شتم القبائل للدفاع عنهم!!
وزاد متابعو الشاتم في “تويتر” بمقدار 40 ألف متابع خلال أيام، ولو كانت الانتخابات لم تنعقد بعد لكان الشاتم عضوا في مجلس الأمة مع بقية زملائه الشاتمين.
الأمر طبيعي والكره قائم ومستمر، والقانون كذلك غائب وأيضا مستمر، فإن شتمت الشيعة فدائرة واحدة من الدوائر الخمس ستشتمك، وقد تفوز بثلاث دوائر أخرى ودائرة ستتفرج عليك، أما إن شتمت القبيلة فستشتم في دائرتين، وقد تفوز في ثلاث دوائر أخرى.
تلك هي الحسبة، وهذا هو واقع الحال، ولم يعد يفيد أبدا أن نستذكر أسرار وأحمد وهشام ووفاء وقشيعان وفايق وفيصل، فهي مجرد أسماء ستمر دون أن يستطيع البعض أن يكملها أصلا، ووحدة الغزو لن تتكرر حتى إن تكرر الغزو لا سمح الله.
هذه هي الحال والحكمة المفترضة غائبة، فمعول هدم واحدة تكفي للإطاحة ببناء عمره يفوق الربع قرن، لقد تردت بنا الحال لدرجة وصلت إلى أنه حتى من كان يدافع عن الجميع، قبيلة أو مذهباً أو أي فئة أخرى، إن تم عزلهم عن المجتمع أو تخوينهم أو التشكيك في وطنيتهم، أقول حتى من كان يدافع عن كل هؤلاء دون حسابات انتخابية هو الوحيد الخاسر.
هل تذكرون صالح الملا الذي وقف مع القبائل كما مع المذهب ورفض التعرض لهم؟ رفضتموه، هل تذكرون أسيل العوضي التي نادت طوال حملتها بأنه لا بد للعقل أن يحكّم كي لا نعيش في غابة، لم تنتخبوها!! هل تذكرون محمد بوشهري؟ وهل تعرفون أحمد العبيد الذين كان من الممكن لهم أن يختاروا طريق الفرز الطائفي فيكسبوا المقاعد، ولكنهم رفضوا فخسروا الطائفتين؟
هل سمعتم بوسمي الوسمي الذي تمرد على أعراف القبيلة وطرح نفسه مرشحا للجميع لم تمنحوه فرصة تمثيلكم خير تمثيل؟ هل تعرفون محمد العبدالجادر الذي ردد دائما وسط القلوب “يا كويتنا”، الكويت مجردة من أي تقسيم آخر هو الآخر لم تساندوه؟ هل سمعتم بحسن جوهر الذي وقف مع الحق فاعتبرتموه مخرباً لعلاقتكم بالسلطة فأخرجتموه من المجلس؟
اخترتم من يدافع عنكم، ولو ألغى الآخر وشتمه وحرق مقره أو أهدر دمه، اخترتم من يصمت عن أذاكم إن لم تؤثر به خسارة أصواتكم، وتركتم من يدافع عنكم كلكم ككويتيين، فقط ككويتيين.
لا أحتاج أن أسرد أكثر فاختياراتكم تحرق وطني والحكومة لا يوجد في قاموسها ما يسمى بالقانون، لكن أود أن أخبركم بأمر أخير: قبل النهاية كل الأسماء التي ذكرتها، وأنتم تنكرتم لها مازالوا يدافعون عن كويتكم الواحدة دون النظرة إلى قبيلة أو عائلة أو طائفة.
خارج نطاق التغطية:
رغم ظلام اختياركم بل رغما عن ممثليكم كل عيد حب وأنتم بخير.