عادل عبدالله المطيري

التحالف الإقليمي الطائفي

بعد حرب الخليج الثالثة في 2003 والتي أدت الى تحرير العراق، تشكلت تحالفات جديدة بمنطقة الخليج العربي وجوارها، وخاصة بعد استيلاء المتطرفين الشيعة على الحكم في العراق ومحاربتهم للآخرين تحت عناوين سياسية مشروعة كاجتثاث البعث أو محاربة القاعدة والإرهاب، لتخفي حقيقة الصراع الطائفي هناك، والأخطر من ذلك كله أن إيران أصبحت اللاعب الرئيسي في الساحة السياسية العراقية، فهي التي تنظم التحالفات وتشكل الحكومات العراقية، حتى أصبح بعض الساسة العراقيين كالدمى تحركهم إيران التي تمسك بيدها السلطة الحقيقية في العراق.

ما يهمنا بالتحديد في منطقة الخليج هو نتيجة تلك السياسات الإيرانية في العراق والتي أدت الى نشوء ذلك التحالف الإقليمي الطائفي بين الجمهورية الإيرانية والعراق وسورية والذي سمي «بالهلال الشيعي» وانعكاساته الخطيرة علي ميزان القوى بالمنطقة ككل.

ومن باكورة سياسات ذلك التحالف الطائفي، ذلك التطور الدراماتيكي الذي حدث في الجمهورية اللبنانية في 2004، من احتقان سياسي بين سورية وحكومة رفيق الحريري والذي انتهى باغتيال الأخير، وأدى الى سيطرة كاملة لحزب الله المدعوم من إيران وسورية على الحكم في لبنان.

ولم يكتف التحالف الطائفي بذلك، بل قام وبشكل واضح وصريح بدعم تمرد «الحوثيين» في الجمهورية اليمنية والذين حاربوا النظام اليمني تحت شعارات مشروعة ومفهومة (كالاستقلال)، ولكن غير المفهوم ان يقوم الحوثيون المتمردون بتغيير أهدافهم ومهاجمة المملكة العربية السعودية، فكلنا نتذكر هجومهم على المناطق الحدودية السعودية وأعمال النهب والقتل التي أحدثوها هناك لا يمكن فهم تلك السياسات إلا انها محاولة من هذا التحالف الطائفي لإقامة تكتلات طائفية لابتزاز دول الجوار ومحاصرتها بدويلات طائفية موالية له.

وفي المسألة البحرينية استخدم هذا التحالف الإقليمي والموالين له من المتمردين البحرينيين شعارات الربيع العربي والمطالبات المشروعة للشعوب العربية بالمزيد من الحريات والمشاركة الشعبية لإخفاء حقيقة أهدافهم الطائفية، والتي أبدها المتمردون البحرينيون متأخرا كإسقاط النظام الملكي البحريني وتشكيل «الجمهورية الإسلامية البحرينية» على غرار الجمهورية الإيرانية، ويهدف التحالف الإقليمي من الدعم المعلن لثروة البحرين الطائفية هو إنشاء جمهورية تابعة له تكون شوكة في خاصرة منظومة الدول الخليجية، ولتشجع حركات التمرد في المنطقة ككل والمنطقة الشرقية من المملكة السعودية خصوصا.

كل ما سبق يعطي أهمية كبرى لما يجري في بلاد الشام حيث «الثورة السورية» لأنها حقا ليست ثورة عادية ستأتي بالديموقراطية والحرية للشعب السوري فقط، بل من المؤكد أنها ستقضي على هذا التحالف الطائفي الإقليمي، وليعلم الجميع أن ما يفعله الثوار في أزقة بابا عمرو وحمص وفي ميادين دمشق هو ما سيغير موازين القوى في المنطقة ككل، وهو من سينتزع «سورية» الحلقة الأهم في سلسلة التحالف الإقليمي الطائفي، عندها سيتساقط أتباع هذا التحالف المشبوه واحدا تلو الآخر، ومنهم حزب الله الذي سيحجم دوره في المعادلة اللبنانية ان لم يتلاش نهائيا، كذلك الحال في العراق إذ سيعود التوازن بين الطوائف في العراق ولن يستأثر أتباع الجمهورية الإيرانية بالنفوذ، ولن يستطيعوا إقصاء الطوائف الأخرى عن الحكم هناك، وحتما ستهدأ الاحتجاجات الطائفية والاصطفافات المذهبية في دول الخليج. بالنهاية يجب ان يفهم «الطائفيون» أن إنشاء الأحلاف الدولية والإقليمية، هو من الاعمال المشروعة في السياسة الدولية، وبغض النظر عن الصبغة الطائفية له، ولكن الخطأ أن يسعى هذا التحالف الى إحداث تغييرات سياسية داخل الدول المحيطة به، وبطريقة غير مشروعة، وهذا بالضبط ما يتعارض مع كل المعاهدات الدولية والقانون الدولي والأعراف التي تجمع على تحريم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، ربما يكون الربيع العربي والذي كرهت بعض الأنظمة العربية هو السبيل لحل مشكلاتها الاستراتيجية المستعصية. «ورب ضارة نافعة»!

سامي النصف

كتبنا وياما كتبنا

يحق لمن يريد ان يختلف مع اي وزير او مع رئيس الوزراء بشرط الا يفجر بالخصومة وألا «يدمر» الدستور واللعبة الديموقراطية في سبيل الوصول لذلك الهدف، فالدستور هو اعراف وممارسات قبل ان يكون نصوصا جامدة، فما نرتضيه هذه الأيام من ممارسات كوسيلة للوصول للغاية يعني القبول باستخدام نفس الأدوات في الغد حتى لو سخر لنا يوما رئيس يجمع بين دهاء بسمارك وحكمة درزائلي وحنكة تشرشل وقدرة مهاتير وذكاء لي كوان.. اي سنبقى ضمن دائرة الأزمات الطاحنة كائنا من كان الرئيس وشخوص وزرائه (مقال «ديموقراطيتنا سمكة بين الأشجار» المنشور في 24/10/2011).

***

واضح استمرار ممارسات سياسية مدمرة تقتل الديموقراطية كما يقتل الهواء السمك كاستجواب اي رئيس وزراء على اعمال الوزراء الآخرين ممن سينضمون حسب هذا الفهم العقيم «للنواب المعصومين» ومن ثم سيفسدون كحالهم حيث ان السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، ومن الممارسات القاتلة للعملية الديموقراطية التعسف في استخدام الأدوات الدستورية وعلى رأسها الاستجواب، ومن الممارسات الخاطئة إعطاء النائب مرتبة من لا يحاسب قط عما يفعله عبر رفض انشاء «لجان قيم» والعمل بمبدأ غريب مضمونه ان أخطأت الحكومة فهي المخطئة وان أخطأ النواب بسبب غياب آلية الحساب والعقاب فالحكومة مخطئة كذلك (نفس المقال السابق ذكره).

***

أمر يجب أن يعيه الأحبة من الشباب وهو ان الغايات مهما حسنت وصحت فلا يقبل ان يتم الوصول اليها بالطرق الخطأ لذا فعليهم اظهار احترامهم الشديد للقانون ورجال الأمن، وان يحرصوا على منشآت الدولة ودخول البيوت من أبوابها الشرعية وغير ذلك يعني الفوضى العارمة التي ستكتسح الجميع لا فرق حينها بين حكومة ومعارضة والتي سيكون الخاسر الأكبر فيها أنتم.. الشباب! مرة أخرى نذكر بأن الشد والمناكفة لن يوصلا سفينة الكويت التي تقلنا جميعا من شيب وشبان، حكومة ومعارضة الى بر الأمان، وان استهداف الناطور ـ اي ناطور ـ بدلا من العنب أمر لا حكمة فيه، ومن يقول ان نفس اسلوب الشد والمناكفة لن يتكرر مع الناطور الذي يليه والذي يليه والذي يليه ومن ثم يبقى بلدنا وشعبنا على صفيح ساخن حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا؟! (من مقال «على أعتاب الفوضى» المنشور في 28/11/2011).

***

هناك حقيقة واضحة جلية وهي ان الاضرابات والاعتصامات تدمر الكويت، ولن نتحول الى «مركز مالي وسياحي» بوجود مثل تلك الاضرابات، فلا المستثمرون العرب والأجانب ولا حتى الكويتيون مستعدون لخسارة أموالهم وتعطيل مصالحهم بسبب الاعتصامات ولا السائحون قابلون للبهدلة في المطارات والنوم في الحر والظلام.. الخ، خاصة في ظل وجود دول خليجية منافسة لا اضرابات ولا اعتصامات فيها ومن ثم سندفع جميعا كمواطنين 135 مليار دولار على منشآت وبنى أساسية لن يستخدمها أحد وسنخسر مستقبلنا ومعه أموال البناء وأموال التشغيل دون عائد! (مقال «كلكم رابحون والخاسر الوطن» المنشور في 1/10/2011).

***

آخر محطة: (1) بدأ العد التنازلي لدخول عام 2011 الذي قد يصبح الأخطر في تاريخ العرب مما قد ينسينا معه كوارث أعوام 1948، 1967، 1975، 1990، 2001 مجتمعة فنحن الأمة الوحيدة التي تنتقل أوضاعها من سيئ الى أسوأ والتي تنتهي أمورها عادة بما يفوق أكثر سيناريوهاتها المتصورة رعبا، فلعبة الأمم ستكون على أشدها في المنطقة العربية العام المقبل، المشاركة في اللعبة ليست اختيارية بل ان الجميع لاعبون فيها رضوا ام أبوا والمنتصر في تلك اللعبة ـ ان وجد ـ لا يحصد الجوائز بل يكفيه فقط ان يكون قادرا على.. تحمل خسائرها (مقال «2011 أخطر أعوام العرب» المنشور في يوم الاثنين 10/5/2010 اي قبل 7 أشهر من الربيع العربي الذي ابتدأ مع بدايات عام 2011).

(2) سأكتب قريبا مقالات عن السيناريوهات المرعبة للفترة الممتدة من 2012 الى 2015 اي السنوات القليلة القادمة والتي ستشهد النتائج الكوارثية لأكذوبة الربيع العربي حيث ستشهد العديد من دوله حروبا أهلية طاحنة ومجاعات وعمليات تهجير وانقسام وانشطار أغلب تلك الدول.

(3) كما ستشهد نفس الفترة تداعيات وكوارث غير مسبوقة في بعض الدول الخليجية حيث ستجتمع عليها.. حروب الخارج واضطرابات الداخل وستهب على الخليج تلك الزوابع والأعاصير ونحن.. مشغولون بأزماتنا السياسية.. كالعادة!

 

سامي النصف

في ديوان الروضان الكرام

في ديوان الروضان الكرام، استمعت لحوار شائق حول «مبدأ» اعطاء رئيس السن الذي قد يصل اليه من يصل، حق القاء كلمة يعدها بنفسه، وقد يسيء ضمنها مستقبلا الى شريحة من شرائح المجتمع او الى دولة خليجية صديقة، وقد كان رد احد مسؤولي المجلس الذي كان حاضرا النقاش ان القضية تحتاج الى تعديل على لوائح المجلس كي يتم تحديد ما يجب ان يقال او لا يقال فيها.

****

وشخصيا، أختلف مع مبدأ اضافة كل شيء الى اللائحة الداخلية، مما يعني انها ستصل في يوم ما الى ان تحتوي على آلاف البنود وآلاف الصفحات، ويعني ذلك صعوبة ان يقرأها او يستفيد منها أحد، ما نقترحه لمعالجة ما حدث في المجلس الحالي من اختلاف حول خطاب كبير السن ومثله خلاف القسم الدستوري والاعتراض على الاستجواب الذي لحقه والذي طعن المختصون بدستوريته هو الآتي:

****

واضح ان فترة الاسبوعين الفاصلة بين ظهور نتائج الانتخابات وعقد اول جلسة للمجلس الذي يفترض ان تحضره الحكومة الجديدة بعد تشكيلها غير كافية على الاطلاق، كما انها غير منصفة للنواب الفائزين ممن يحتاجون الى فترة اسبوع كامل من الراحة بعيدا عن اللقاءات والمشاورات التي تلي الانتخابات، لذا فما نقترحه في هذا الصدد هو القيام بالتعديلات التشريعية اللازمة لمد فترة الاسبوعين الى شهر.

****

فترة الشهر ستمنح سمو رئيس مجلس الوزراء المزيد من الوقت لتشكيل الحكومة وهو امر مهم جدا، كما ستتيح فترة راحة مستحقة للنواب على ان يتلوها عقد دورات اعداد وتأهيل لمدة 7 ـ 10 ايام للجدد منهم يتم خلالها تقديم محاضرات لهم من قبل خبراء دستوريين ووزراء ونواب سابقين ومختصي بروتوكول كحال اغلب الديموقراطيات الاخرى، ومنها الكونغرس الاميركي، على ان تغطي تلك المحاضرات والندوات التي يمكن ان تعقد في قاعة المجلس كيفية اداء القسم الدستوري كي لا يترك الامر لاجتهاد كل نائب ومعها كيفية تقديم الاسئلة البرلمانية والقصد من الاستجواب الذي يجب ان يسبقه تفعيل الادوات الدستورية الاخرى وطرح الثقة الذي لا يجوز ان يعلن قبل ان يناقش الاستجواب، وعلاقة النائب بالأجهزة الرقابية والحكومية وفوائد حسن اختيار الفريق المحيط بالنائب، حيث ان اداءه مرتبط بحسن اداء ذلك الفريق، وسبل الحصول على الاستشارات القانونية والمحاسبية والاقتصادية اللازمة لحسن ادائه لعمله ومعه إعداد كلمة لرئيس السن لا يخرج عنها منعاً للخلاف والاختلاف.

****

آخر محطة: يمثل النائب الواحد حوالي 1% من مجموع اعضاء المجلس الخمسة والستين (وزراء + نواب)، فهل من الديموقراطية التي يقوم صلب عملها على حكم الاغلبية بشيء ان يسمح الدستور واللوائح بأن يعطل نائب 1% عمل 99% الآخرين عبر طرحه استجوابات وقضايا كما يشاء، وعدم وجود احزاب تحد من ذلك يعني ان يوكل ذلك الأمر لمكتب المجلس الذي يجب ان يناط به النظر في قانونية ودستورية الاستجوابات ومدى صحة من وجهت له، وعدا ذلك سنبقى ندور في حلقة مفرغة دون ان نتقدم خطوة الى الامام.

مبارك الدويلة

د. أحمد الخطيب.. إركد!

عندما سمحت القبس لنفسها أن تطلب من خالد السلطان أن «يركد» لمطالبته بإلغاء النظام الربوي، فإنني أجد من الأولى أن نقولها للدكتور احمد الخطيب، الذي تعمد تشويه التاريخ وقلب الحقائق، وكأنه الوحيد الذي كان يعيش على هذه الأرض طوال الخمسين سنة الماضية!
ابتداء نؤكّ.د أن ما نذكره اليوم تعليقاً على مقال د. احمد الخطيب المنشور في القبس في عددها يوم الأربعاء الماضي، لا يقدح في تاريخ الرجل وعطائه ومساهماته في بناء النظام البرلماني في الكويت منذ مطلع الستينات، كما لا ننكر لتياره الوطني دوره البارز في حادثة تأميم النفط في مطلع السبعينات، وهي الفترة التي كان التيار الإسلامي منشغلاً فيها عن العمل السياسي، بالعمل الدعوي والتوجيه والإرشاد، ومعالجة الخلل في الجانب السلوكي والأخلاقي في المجتمع.
غير أنّ الدكتور الخطيب دأب منذ فترة ليست بالقصيرة، على نشر مقالات وإلقاء ندوات فيها من المغالطات وتحريف الحقائق الشيء الكثير، وكان آخرها المقال المذكور.
يذكر الدكتور أنّ التيار الإسلامي شارك الحكومة في ضرب القوى الديموقراطية، عندما أراد التخلص من دستور 62، ويقصد هنا مشاركة العم الفاضل يوسف الحجي في الحكومة، بعد حل البرلمان عام 1976! وهذا المثال بالذات يكررونه منذ ذلك التاريخ الى اليوم، كلما أرادوا انتقاد التيار الإسلامي، وهو حق يراد به باطل! نعم.. العم يوسف الحجي (رئيس جمعية الاصلاح الاجتماعي آنذاك)، كان ضمن التشكيل الحكومي في 1976/9/6، والذي ضم رموز العمل الوطني وقادته امثال عبدالعزيز الصقر، حمود يوسف النصف، عبدالله المفرج، عبدالله يوسف الغانم، سليمان حمود الزيد الخالد، وآخرين. والسؤال الآن: ما الذي يحلل لرموزكم المشاركة في حكومة ما بعد حل البرلمان ويحرمها على غيرهم؟!
يقول الدكتور الحكيم إنّ الحكومة «سلمت «الإخوان» وزارة التربية والأوقاف والمساجد والاعلام وبيت التمويل» هكذا ومن دون رتوش! وسؤالي للحكيم الذي خلط الحق بالباطل: من هم «الاخوان» الذين تسلموا وزارة التربية ووزارة الاعلام؟ ومتى؟ هل تذكر اسماء الوزراء الذين تناوبوا على وزارة التربية، ام تحتاج إلى من يذكرك بها، بعد ان أنساك طول الزمن الذاكرة؟ سجّ.ل معي: عبدالله الجابر، خالد المسعود، صالح عبدالملك، حسن الابراهيم، أنور النوري، احمد الربعي، يوسف الابراهيم، عبدالله الغنيم، عبدالعزيز الغانم، نورية الصبيح، موضي الحمود ..! هؤلاء هم وزراء التربية الذين بسببهم وصل التعليم الى ما وصل اليه، وهم في اغلبهم يمثلون تيارك أيها الحكيم! فكيف تدعي أنّ الوزارة تم تسليمها إلى «الإخوان»؟ اتق الله يا دكتور عندما تتحدث عن التاريخ، فما زال بيننا من يذكر!
تدعي في مقالتك أنّ «الإخوان» لم يكن لهم دور في الحراك الشعبي الداعم للحفاظ على الدستور، وهذه أكبر من أختها! فهل تريد أن تعرف دور «الإخوان» في حماية الدستور، والحفاظ على المكتسبات الدستورية؟ إليك بعضاً مما لا تريد أن تسمعه أو تتذكره:
ـــــ عندما قرر «الإخوان» ولوج العمل السياسي في عام 1981، كان اول أعمالهم تشكيل لجان في جميع مناطق الكويت لمواجهة مقترح الحكومة بتنقيح الدستور، وذلك بالضغط على النواب لرفض مقترح الحكومة، وكانت مواقف نوابها في مجلس 1981 متميزة في هذا الجانب، وفعلاً سحبت الحكومة مقترحها، بعد أن شعرت بصعوبة تمريره. ويعتبر هذا الحدث من أفضل إنجازات المجالس البرلمانية قاطبة، ولو كان تيارك يا دكتور ممثلاً في ذلك المجلس لجعلتم من هذا الحدث معلقة، تتحدثون بها بمناسبة وبغير مناسبة.
ـــــ في مجلس 1985 شارك الإخوان في استجواب وزير العدل الشيخ سلمان الصباح، ونجحوا في حشد التأييد الشعبي لطرح الثقه بالوزير.
ـــــ منذ اليوم الاول لظهور نتائج انتخابات 1985 زار وفد الاخوان (حمود الرومي – عبدالله النفيسي – مبارك الدويله) مرشح الرئاسة ـــــ آنذاك ـــــ السيد جاسم الخرافي، وكان من المقربين للكتلة الاسلامية في مجلس 1981، وأخبروه أن المرحلة الحالية تستدعي وجود السيد احمد السعدون رئيساً، فتقبل هذا الرأي وانسحب من السباق.
ـــــ بعد حل مجلس الامة في 1986 شارك الاخوان في تشكيل جبهة معارضة سياسية للمطالبة بعودة الحياة السياسية، وكان لهم تمثيل في مجموعة الخمسة والأربعين، وساهموا بفعالية في دواوين الاثنين، وقاطعوا المجلس الوطني، ومع كل هذه الاعمال، وتقول إنهم لم يكن لهم حراك شعبي لدعم الديموقراطية! على مَنْ يا دكتور؟!
ـــــ بعد التحرير ترشّح لرئاسة مجلس الأمه عام 1992 كل من جاسم الصقر واحمد السعدون وعبدالعزيز العدساني ومبارك الدويله، ثم انسحب جاسم الصقر، وكان بمقدور ممثل الحركة الدستورية الاسلامية ان يفوز بالرئاسة لو أراد، لكونه ضَم.ن أصوات الحكومة وعددها احد عشر صوتا، حيث كانت الخصومة بين الشيخ سعد والسعدون في قمتها، لكنه لم يكن وصولياً او ميكافيلياً، وقال امام النواب «لن أتشرف بكرسي تكون الحكومة هي صاحبة الفضل فيه علي» فدخل في تصفية مع السعدون قبيل الجلسة الافتتاحية، حيث فاز الاخير بفارق اربعة أصوات فقط.
عزيزي الدكتور احمد.. الدلائل على بطلان اتهاماتك للاخوان لا تحصى، خصوصاً في موضوع الدفاع عن الدستور، بل إن الوقائع تؤكد أنّ تيارك هو من وقف ضد الممارسة السليمة للدستور، حيث كنتم حلفاء للحكومات الاخيرة بشكل علني وواضح، ووقفتم ضد معظم الاستجوابات التي قُدّ.مت في مجالس الامة المتعاقبة، بينما كنا نحن نستجوب أبناء الاسرة الوزراء من دون اي اعتبار لمصالح او مكاسب مع النظام. في انتخابات 2009 خسرنا معظم مرشحينا، ولم ننعت الشعب بعمى الألوان كما فعلتم في الانتخابات الاخيرة، بل تعاون نائبنا الوحيد مع التيار الوطني بحق، وليس التيار الذي يدعي الوطنية، وهو أبعد ما يكون عنها، لقد أثبتت ردات فعلكم على النتائج الاخيرة أنكم اول مَنْ يكفر بالديموقراطية إن لم تأت على مقاسكم، بينما كنّا نحن نتقبلها بحلوها ومرها. مشكلتكم يا دكتور أنّ خصومكم الاسلاميين سبقوكم في مجال العمل الوطني، وأبدعوا فيه، وكشفوا للناس زيف ادعاءاتكم، فلم يعد لكم ما تقدمونه للناس سوى البكاء على الأطلال وتذكيرهم بتأميم النفط!

عادل عبدالله المطيري

المعارضون الجدد!

في كل برلمانات العالم تجد كتلة برلمانية تدعم الحكومة وكتلة او أكثر تعارضها، وعادة تكون الموالاة والمعارضة على أساس البرامج الحكومية والسياسات العامة التي تنتهجها الحكومة، وكذلك كانت المعارضة الكويتية على مر التاريخ البرلماني معارضة للحكومة فقط وليست معارضة للنظام السياسي ككل، واكبر دليل على ذلك أن المعارضة السياسية الكويتية دائما ما تمد يدها لأي رئيس وزراء جديد وتتفاءل به وتدعمه من أجل الإصلاح، بل وتحذره من الوقوع في الخطأ، وحتى إذا أخطأت حكومته فإن المعارضة دائما ما تعطيها الفرصة للإصلاح.

كلنا نتذكر تصريحات النواب لسمو رئيس الوزراء السابق، وكيف دعموا حكومته الأولى ووصفوه بالإصلاحي، حتى عندما رأى أعضاء المعارضة بعض الأخطاء قاموا بمناصحته ولم يتخلوا عن الرئيس واستمروا بوصفه بأنه صاحب النفس الاصلاحي، حتى أيقنت المعارضة السياسية أنه أعطي اكثر من فرصة للإصلاح ومحاربة الفساد ولم يصل إلى المستوى الذي يريدونه، وعندها تحولت المعارضة من موقع المناصحة إلى موقع المساءلة.

وها هي المعارضة السابقة تفوز بأغلبية مقاعد مجلس الأمة الجديد، وتمد يديها للرئيس الجديد، وكادت أن تدخل بكل ثقلها في حكومته لولا أن الامور صارت باتجاه مختلف وخارج إرادتهما.

ومن المرجح ان تستمر علاقة المعارضة السابقة والتي هي الآن الاغلبية البرلمانية منفتحة على الحكومة الجديدة، وستركز على إنجاز مشاريع الاصلاح السياسي والاقتصادي، خاصة وهي تملك الأغلبية المريحة لإقرار تلك المشاريع والتي سيكون قبولها من الحكومة أو رفضها هو الفيصل في اتجاه العلاقة بينهما.

[email protected]

محمد الوشيحي

رفع البلد بالزند الأيسر

إضافة إلى الجمل والمصطلحات التي ذكرتها في مقالات عدة في السابق، هناك جمل ومصطلحات أخرى لها وجهان، كقطعة النقود تماماً… يتحدث سياسي في جموع الناس: “أنا أخدم وطني من أي مكان، وفي أي مكان”، وهو تصريح “عَرض خدمات”، أو “إعلان للبيع”، يقوله النائب كي تسمعه الحكومة فتعرض عليه منصباً وزارياً، لكنه سيرفض المنصب إذا عُرضت عليه وزارة “أقل من مستواه” كما يراها، وسيلعق تصريحه السابق لعقاً مبيناً. ويأتيك من يأتيك من ساستنا الأكارم فيعتقد أن الشعب ما زال في حضن أمه، ترضعه وتغسله و”تمهّده”، أي تضعه في المهاد! ويخاطب الشعب بلغة “بكرة تكبر وتفهم”، فيعلن: “أنا مستقل، لا أتبع تياراً ولا تكتلاً سياسياً بل أتبع الكويت وأهل الكويت”، وكأن التيارات السياسية تتبع موزمبيق الشقيقة، أما الكتل البرلمانية فهي عميلة لبوركينا فاسو، تراسلها بالحبر السري. وأتذكر، وأنتم معي تتذكرون، بوش الولد عندما أعلن ترشحه لرئاسة أميركا: “أنا لا أتبع الحزب الجمهوري ولا الديمقراطي ولا الخضر، أنا أتبع أميركا وأهل أميركا”، فأطلقت نساء أميركا الزغاريد ورمى رجالها قبعاتهم إعجاباً بموقف بوش وولائه النقي. وكذلك فعل باراك أوباما، وقبل هذا وذاك كلينتون وكارتر وريغان وغيرهم من الرؤساء الأميركيين الذين أعلنوا أنهم لا ينتمون إلى حزب بل إلى أميركا وأهل أميركا. وأتذكر، وأنتم معي تتذكرون، مستشارة ألمانيا أنجيلا ميركل، زعيمة حزب “الاتحاد الديمقراطي المسيحي” التي تخلت عن حزبها، وأعلنت توبة نصوحاً، وتقدمت إلى الانتخابات الرئاسية “طرق عباتها”، أي بمفردها، ورغم ذا فازت في الانتخابات بفضل الله أولاً ثم بفضل دعاء الوالدين وهمة أبناء خالتها الكرام وبنات جيرانها، وها هي تعيد التوازن إلى ألمانيا، كما يرى المراقبون، بجهدها الذاتي. كل القادة المخلصين لأوطانهم ولشعوبهم لا ينتمون إلى أحزاب، لأن الأحزاب والتيارات السياسية خيانة، والتحالفات والائتلافات غدر وطعنة في قلب الوطن. كلهم قادوا بلدانهم بلا أحزاب ولا تيارات، باستثناء الخائن الأكبر “ِشتولتنبرغ” رئيس الوزراء النرويجي، الذي خان أمته النرويجية وتنافس على منصب رئيس الوزراء عبر “حزب العمال” وفاز، عليه من الله ما يستحق من اللعنات بقدر خيانته. ورغم أنه وضع النرويج على منصة تتويج الدول كأفضل دولة في الأرض، إلا أن ذلك لا يغفر له، وسيلقى بإذن الله المصير الذي يليق به كخائن ينتمي إلى حزب والعياذ بالله. وفي الكويت، ولله الحمد، لدينا نواب يرفضون الانتماء إلى التيارات السياسية والكتل البرلمانية، ويعلن أحدهم أنه ينتمي إلى “تيار” الكويت وأهل الكويت، ويبدو أن باستطاعته أن يحمل البلد، بمفرده، على زنده الأيسر بعد أن يكثف التمارين السويدية وتمارين المعدة. سعادة النائب رياض العدساني… كثّف تمارينك يرحمنا ويرحمك الله.

سامي النصف

كي لا نبرئ صدام

يردد الصداميون ويردد معهم بعض الكويتيين بغفلة أو حسن نية ان هناك مطالبة عراقية «دائمة» بالكويت تتمثل حسب قولهم بما حدث في عهود عراقية ملكية وجمهورية مختلفة كحال – ما يدعون – انها مطالبات «بضم وتبعية» الكويت للعراق في عهود الملك غازي ونوري السعيد وعبدالكريم قاسم واخيرا صدام ما يعني ان هناك مطالبات تاريخية قائمة ومستمرة الى اجل غير مسمى.

*****

واذا ما فهمنا اسباب ترديد اعلام ايتام صدام لتلك الاقاويل الكاذبة كوسيلة لتبرير غزوه الغاشم لبلدنا عام 1990 بل وليشكره التاريخ والعراقيون على ذلك الفعل «المجيد» ما دام ما قام به هو فقط تحقيقا لرغبات شعبه ومطالبه التاريخية بالكويت كما يقول بذلك الصداميون وبعض الكويتيين ومعروف ان تحقيق رغبات الشعوب من قبل الحكام هو امر يحسب لهم لا عليهم، ومن ثم ففي هذا القول الذي سنثبت خطأه الجسيم اعطاء الطاغية صدام صك البراءة من تلك الجريمة الشنعاء.

*****

والحقيقة التي قلتها قبل اسابيع قليلة امام جمع من المثقفين الكويتيين والعراقيين هي ان ادعاء وجود مطالبة تاريخية مستمرة من العراق بضم الكويت ساقطة كونها غير حقيقية وتبرر لصدام جريمته، كما انها تحرث الارض لمطالبات ولربما اعتداءات لاحقة قادمة ما دمنا نقرها مع الصداميين ولا ننكرها في وقت ينكرها الشرفاء من أهل العراق ممن يحرجهم اصطفاف البعض منا مع تلك الفرية والكذبة الكبرى.

*****

ان الحقيقة الجلية تظهر ان الملك غازي لم يستند الى حقيقة تاريخية للمطالبة بضم الكويت بل طالب وبتأثير من المفتي امين الحسيني بوحدة عربية تكون العراق هي بروسيا العرب فيها تضم العراق وسورية وضمنها لبنان الكبير والاردن وفلسطين والكويت، اما نوري السعيد فقد طلب من بريطانيا العظمى ان ترفع سمو الشيخ عبدالله السالم الى رتبة ملك وتمنحه الاستقلال تمهيدا لقيام وحدة بين ثلاثة ملوك هم ملوك الكويت والعراق والاردن اي اتحاد ثلاث دول مستقلة ومن ثم لا توجد مطالبة ضم او تبعية للعراق.

*****

ومع عبدالكريم قاسم فقضية عدم التبعية اجل واوضح حيث استقبل قاسم سمو الشيخ عبدالله السالم في المطار كحاكم دولة عام 1958 وليس كشيخ لقائمقامية قضاء الكويت واستمر تعامله مع الكويت كدولة حتى اسبوع واحد فقط من مطالبته عام 1961 التي كانت بتأثير من الاتحاد السوفييتي بقصد احراج عدوهم الرئيس عبدالناصر، والأمر كذلك مع الطاغية صدام الذي استقبل سمو الشيخ جابر الأحمد كحاكم الكويت المستقلة قبل شهرين فقط من الغزو الغاشم الذي بدأه بأكذوبة الانقلاب العسكري وتبعه بأكذوبة التبعية والضم، والسؤال: هل من مصلحة الشعب الكويتي ان يصطف مع الصداميين بدعواهم ان هناك مطالبة شعبية عراقية بالكويت؟ ام نقول عكس ذلك مستشهدين بالحقائق التاريخية الثابتة ومن ضمنها أنه لا يوجد حزب عراقي واحد في العهود الملكية او الجمهورية وضع ضمن اجنداته او «المانيفستو» الخاص به المطالبة بالكويت، كما لا يوجد في الشعر العراقي و«بوذياته» الحزينة ما يعكس مطالبة شعبية عراقية بالكويت فلماذا نسعى لخلق إشكال من عدم؟!

*****

آخر محطة:

1ـ نكتب تلك الحقائق خدمة للكويت في اعيادها الوطنية وردا على كاتب خط مقالا بالامس لم يسألنا عما قلناه في اجتماع عام بل استند الى ما ادعى ان احد الاخوة العراقيين الافاضل قد نسبه لنا فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأصابه كما قال الامام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.

2ـ لا احد يزايد علينا في تصدينا لصدام وفيالقه الاعلامية خلال سنوات طوال والتي يعلم بها الشعب الكويتي قاطبة وندعو الكاتب المعني الى ان يشرح لنا ولشعب الكويت ما فعله هو تحديدا تصديا لصدام وفيالقه خلال تلك السنوات؟!

3ـ هل نذكر ذلك الكاتب كيف كافأنا على توسطنا ـ دون غيرنا من زملائه ـ لإعادته للصحيفة التي كان يكتب بها بعد توقيفه عن الكتابة بها وما قاله مسؤولها عن سبب التوقيف ثم هجومه في اول مقالاته اللاحقة التي كان يرسلها بالفاكس على من توسط له.. كفو!

4ـ يمكن للكويت ان تستبدل مداخيل النفط وعوائد الاستثمارات الناضبة بتصدير فوائض الحقد والحسد ونكران الجميل لباقي ارجاء المعمورة قاطبة وهي ثروات متجددة تنبع من بعض النفوس والقلوب مع اشراقة كل صباح!

حسن العيسى

البصق في بئر العرب

لا أفهم العلاقة بين الفيتو الروسي ضد فرض العقوبات على سورية والبصق في الماء، فالسفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين بعد أن نفى انتقاد روسيا للحكومة القطرية في دعمها للشعب السوري، عاد وحذر العرب من البصق في بئر يشربون منها. ربما السفير غير ملم ببعض البدع الاجتماعية العربية المتخلفة، ففي الكويت وربما في كثير من دولنا العربية في أيام زمان ينصحون المريض بشرب ماء من كوب بصق فيه أو نفخ عليه شيخ دين بعد أن يقرأ بعض الأدعية وهو يمعن النظر في الكوب الشافي! فهل يقصد السفير الروسي أن غالبية الدول العربية الداعية إلى إزاحة بشار يبصقون في بئرهم التي يشربون منها، فبشار هو البئر ومن يبصق فيه الآن الحركات الدينية القبائلية (القبائلية  تشمل الطائفية) التي تقود ثورات العرب أو تركب أمواجها. إذا تركنا الحديث عن المصالح الروسية في استمرار النظام الرهيب في سورية جانباً، وأن روسيا لدغت من جحر ليبيا مرة حين تركت قوات الأطلسي تزيح نظام القذافي وقبله صدام، ولا تريد تلك الدولة العظمى أن تلدغ من ذات الجحر مرتين، فقد يكون لروسيا وجهة نظر بعيدة عن مستقبل الربيع العربي (السلفي)، فهي ترى اليوم ان الغرب ومن يواليه في الأنظمة العربية قد وصل إلى قناعة تقول لنتحالف مع الجماعات الدينية طالما يصلنا البترول بانتظام ويد الإرهاب الجهادي بعيدة عنا، فالشعوب العربية زهدت أنظمة قمعية لا تبصق في آبار مياه شعوبها بل تغسل خلفيتها منها بعد قضاء حاجتها الطبيعية، أما عن احتمال الحروب الأهلية وفتيلها القبليات الطائفية وعودة ميمونة لسنوات داحس والغبراء الجاهلية، فليست ذات شأن عند الغرب، فإذا كان هذا ما يريده العرب فهم وشأنهم. أما روسيا وريثة الاتحاد السوفياتي فلا ترى مثل هذا الرأي، فسورية على علل نظامها المرعب تبقى القلعة الأخيرة لصمود نظام شبه علماني موغل في الاستبداد، وقلع هذا النظام بالتدخل الخارجي يعني إقامة المذابح للأقليات السورية، ففي هذا البلد  يوجد 46 أقلية عرقية ودينية من علويين ومسيحيين وأرمن وأكراد وغيرهم يشكلون ثلث الشعب السوري قد يصيرون ضحية انتصار الأغلبية السنية، وأن الإطاحة بنظام بشار بالقوة الأجنبية يعني فتح جرة “وليس صندوق” بندورا للشرور في كل المنطقة دون استثناء، فسورية وليست مصر هي الحالة النموذجية للموزاييك العربي البشع في تركيباته القبلية والطائفية، والأمور لن تصل لبلقنة (من البلقان)، وإنما لصوملتها (الصومال) أو عرقنتها (العراق) او يمننتها (اليمن) والحساب مفتوح لسيادة الحروب القبائلية والمذهبية لأجل غير معلوم. المؤكد الآن أنه لا يوجد حل عسكري للمأساة السورية، فكلاشنكوفات الجيش السوري الحر لن تخترق دبابات الجيش النظامي السوري، وبقاء النظام على استبداده أيضا سيقود سورية إلى حرب أهلية ممتدة، وهذا يعني المزيد من المعاناة للشعب السوري، فهل أغلقت كل سبل الحلول الوسط السياسية! يذكر الباحث سمير خلف في كتاب لبنان في مدار العنف ناقلاً عن جيرار “… المظالم ومشاعر الغضب المتراكمة إذا لم يعمل على تهدئتها أو إزالتها تصبح عرضة للاقتصاص من جهات لا علاقة لها بالمنابع الأصلية التي انطلقت منها…” فهل نفكر قليلاً في ما قاله هذا الباحث؟!

احمد الصراف

«سستر» وجيهة

التقيت بوجيهة قبل 5 أو 6 سنوات تقريبا، كان ذلك اثناء انشغالي مع وبجماعة «براهما كوماري» الهندية، التي أصبحت لفترة لصيقا بها، ولا أزال أكن للمنتمين لها والعاملين بها كل محبة واحترام، بعد ان تشبعت من جميل افكارهم ما كان بمقدوري تقبله. ولو وجدت كلمة يمكن أن أصف بها «وجيهة الحبيب» التي تركتنا قبل ايام بكل محبة الى الأبد، لتنافست كلمتا «الهدوء والتسامح» في وصفها، فقد كانت تأكل بهدوء وتشرب بهدوء وتتحدث وتناقش بهدوء، وتصلي صلاتها بهدوء، وتختلف معك بهدوء، ولا تسمع، أو حتى لا تتخيل سماع شيء يسيء لأحد، فتسامحها كان مضرب المثل، وهدوؤها كان يمتص كل القضايا والمشاكل التي كانت تواجهها هي و«جماعتها»، وهم في خضم الاستعداد لهذا الحفل أو تلك الخلوة، داخل الكويت او خارجها. وبالرغم من النهر الصغير الذي كان يفصلني فكريا عنها، ويجعلنا نختلف أحيانا، والذي تحول مع الوقت الى محيط، فإنها بقيت أكثر من لطيفة، الى درجة الروعة، معي، ولا أعتقد أنها كانت تبتغي شيئا مني، وحتما لم تكن تتصنع التسامح في نقاشها ولا الهدوء في تقبل اختلافي معها.
ومن واقع معرفتي أعلم أن وجيهة الحبيب، التي فارقتنا في مبكر عمرها الخلاق، قد أثرت في حياة الكثيرين ممن استمعوا لها محاضرة وأختاً ومترجمة ومربية، وهي تناقش وتتكلم في قضايا المحبة وقبول الآخر، وأعلم أن «نفسها» وكلمتها الهادئة قد لامستا شغاف قلوب الكثيرين، وخاصة الذين كانوا بحاجة لسماع ما يريح ويطمئن، فقد كانت حاضرة دائما، بالرغم من كل ما كانت تعانيه من آلام، ولا أعتقد أن شيئا ساعدها في تخطي هول اللحظات الأخيرة من حياتها أكثر من ايمانها بأن محبتها في قلوب الكثيرين ستساعدها في عودة «روحها» لهذه الحياة بشكل او بآخر.
سلام عليك يا سيدتي يا من كنت أختا وأما وشقيقة وصديقة للكثيرين من دون جهد ولا منة ولا عناء، وأن كنت رحلت عن دنيانا فإن محبتك لم تتركنا، فهي باقية ما بقيت ذكراك.
***
ملاحظة: اليوم (الخميس 23 فبراير الجاري)، من 7 الى 9 مساء، يقيم «مركز التأمل» تجمعا في فندق «جي دبليو ماريوت»، للتحدث عن المرحومة وجيهة الحبيب ودورها الايجابي في حياة الكثيرين. وقد فاضت قريحة الصديق عبدالمحسن مظفر بالأبيات الشعرية التالية:
«اني حزين على انسانةٍ
رحلت عن دارنا لديار الخلد والنعم
انسانةٍ صدقت فيما تقدمه للناس من حولها باللطف والكرم.
وجيهةٍ في محياها وطلعتها
حبيبةٍ لذوي الآمال والهمم.».

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

أغلبية عاقلة

تحرّك الأغلبية في مجلس الأمة لوأد الاستجواب المزمع تقديمه من النائب د. عبيد الوسمي طمأن كثيرين الى ان هذا المجلس فيه أغلبية واعية وناضجة، فسرعة اعلان النائب الصواغ رفضه لهذا الاستجواب وهو يخطب امام جماهير قبيلة مطير وعلى المنصة نفسها التي أعلن منها د. الوسمي نيته تقديم الاستجواب، هذا التحرك السريع والجريء والعقلاني من النائب الصواغ عجّل بوأد هذا التصرف في مهده.
كذلك مبادرة نائبي الحركة الدستورية الاسلامية (الحربش والدلال)، بإعلان موقف مماثل في الليلة نفسها كان لها أثر في تشجيع بقية نواب كتلة الأغلبية على رفض هذا الاستجواب. اللافت للنظر هو تأييد نواب الدائرة الأولى (القلاف والدويسان ودشتي) بالإضافة الى الجويهل لاستجواب الوسمي! وهذا دليل على ان الأمر عندهم ليس إلا ردات فعل وتصفية حسابات.
بقي ان أقول رداً على من يربط توقيت تقديم الاستجواب باستجواب سابق تقدم به البعض في أول جلسة افتتاحية، متجاهلاً الفرق الواضح بين الظرفين! ففي ذلك الاستجواب جاءت حكومة بالحكومة السابقة نفسها وبالنهج نفسه والرئيس نفسه، بينما الوضع في هذا المجلس يختلف تماماً.
هذا التصرف العاقل للاغلبية في هذا المجلس يؤكد ان الناس في الكويت اختاروا من يرونه يعمل لمصلحة الكويت وأمنها واستقرارها، هؤلاء الناس الذين صوتوا لهؤلاء النواب يرون في تطبيق مبادئ الاسلام ومفاهيم الشريعة مخرجاً لكل مشاكلهم، هؤلاء الناس يرون في كلمة رئيس السن عندما دعا الى العمل ــــ وفقا للقوانين والدستور ــــ على الغاء النظام الربوي واستبداله بالنظام المصرفي الإسلامي، يرون فيها كلمة تعبر عمّا يجول في خاطرهم لما شاهدوه على أرض الواقع من نجاح لهذا النظام ولما شاهدوا من آثار سلبية على الفرد بالنسبة للنظام الربوي.
بعض الزملاء الذين ما زالوا لم يفيقوا من صدمة نتائج الانتخابات الأخيرة استمروا في هذيانهم واصيبوا بالهلوسة وهم يتمتمون بعبارات ملّها الناس وأعلنوا رفضهم لها، فها هم يمارسون أسلوب الانتقائية في استدلالاتهم! خذ مثلا النائب اسامة المناور عندما أعلن احترامه للدستور ونيته التقدم ــــ وفقا للدستور ــــ بالمطالبة بوقف انشاء كنيسة في جليب الشيوخ (أغلبية بنغالية مسلمة)! فلم يكن من هؤلاء الزملاء الا التعليق على رأي لم يتفوه به النائب المناور ولم يدعُ اليه وهو هدم الكنائس الموجودة! والبعض الآخر من هؤلاء يتباكى على حرمان النصارى الهنود وغيرهم من بناء كنائس لهم ولم نسمع عنهم يوماً واحداً تباكيهم على هدم مساجد للمسلمين في روسيا وأوروبا ومنع بناء المآذن.
بعض هؤلاء الزملاء يتغنى بالديموقراطية الفرنسية ويمتدح النظام الدستوري في فرنسا ويتناسى ان فرنسا منعت النقاب وسجنت حرائر المسلمين بسبب نوع اللباس، ولو حدث مثل هذا في بلدان المسلمين لحولوا صحفنا مآتم.
ختاماً أقول: هذا اختيار الناس.. رضيتم أم أبيتم، وعليكم التعايش معه، وليتكم تمارسون أسلوب النصح والارشاد بدلاً من الافتراء والتهويل والدعاء بالويل والثبور وعظائم الأمور.