احمد الصراف

مكيف ومسواك

مرّت سنوات على تأسيس ما يسمى بـ«مجلس العلاقات الاسلامية المسيحية» الذي تدير ولائمه وحفلاته مجموعة من المهتمين بتقارب الأديان! وأعتقد أن آخر أنشطة المجلس الهلامي الأهداف، الذي لن يتمكن يوما من تحقيق شيء مفيد، المشاركة في ندوة في طهران وأخرى في قم، قم مرة واحدة؟ وكان ذلك قبل بضعة أشهر، ومن يومها وقعت أحداث جسام وصلت فيها أحزاب شديدة التطرف دينيا إلى سدة الرئاسة والتشريع، ساعية لتطبيق الشريعة في أكثر من بلد عربي. كما تم في الفترة نفسها حرق كنائس في تونس ومصر، وبالذات العراق، وأخيرا في سوريا. وقبل وبعد ذلك تأسست «بوكو حرام» في نيجيريا، وشباب الصومال، ونهضة اسلام «مالي»، وغيرها من المنظمات الكارهة لكل شيء التي لم تتردد في قتل وحرق كل رمز مسيحي. كما صاحب ذلك دفع مواطني دول عدة، ومن المسيحيين بالذات، الى ترك أوطانهم والهجرة، بكل خبراتهم وثرواتهم! كما طالب نواب في الكويت بهدم كنائسها، وهي التي وجدت قبل أن يوجد بعضهم في الكويت، وأيدتهم في ذلك فتوى سعودية! وخلال الفترة نفسها توفي البابا شنودة، وكانت مواقف البرلمان المصري ودعاة الاخوان والسلف من هذا الرجل الكبير الذي كانت له قدسية لدى ملايين الأقباط، مخجلة، ومدعاة للرثاء، ولم يتردد دعاتهم في شكر ربهم لموت الرجل! وقد وقعت كل هذه الأحداث وجماعة مجلس العلاقات الاسلامية المسيحية، ولجان حواره، وكأنها لا هنا ولا هناك، وربما أثرت تخمة أحاديث اجتماعاتهم وما تناولوه من طيب الطعام، من محلل ومحرم، في مؤتمرهم الأخير على ذاكرتهم، فنسوا واجباتهم امام كل هذا العنف والتطرف الذي يفتقد كل فهم وادراك لمعنى العلاقات الانسانية بين الأمم والشعوب وضرورتها لاستمرار الحياة على هذا الكوكب، وبالتالي لم يساهم المركز في شجب أي من أعمال العنف والكراهية تلك، ولا شارك، وفق علمنا، في تقديم التعزية لضحايا هذه الأحداث الطائفية والعنصرية الدينية التي وقعت في الأشهر الخمسة أو الستة الأخيرة في مصر وسوريا والعراق وتونس، وعدد من الدول الأخرى، ولو بتصريحات صحفية، وبالتالي لا أعلم حقا سبب وجود مثل هذا المجلس، الذي لم يحقق ولن يحقق سوى الفشل، وسبب فشلهم يكمن في فشل المسلمين في التوحد، فهم متفرقون وأحوج من غيرهم الى مجلس علاقات اسلامية سني سني، وآخر شيعي شيعي، قبل أن نقفز الى تقريب المسلمين بغيرهم.
من جانب آخر، يطلب قادة «الاخوان» والسلف من جموع المسلمين الاقتداء بهم في مظاهرهم الخارجية، من كي الجبهة أو فركها مرارا للحصول على «زبيبة»، وحف الشوارب وإطلاق اللحى أو تشذيبها على طريقة الاخوان، وان ينتفوا «شعر الابط» ولا يحلقوه، وأن يقصروا أطوال أرديتهم، وأن تغطى الرؤوس بقحفية أو بغيرها، مع عقل وعقال، ويستحسن بغيرهما، وأن يتبعوا الأصول عند الاستنجاء! وهذا يعني دعوتنا لترك كل ما هو عصري في حياتنا، وتقليدهم في كل شيء! ولكننا نجدهم في الوقت ذاته مقبلين، وبشراهة، على كل مستجدات العصر وأدواته ووسائل اتصاله وما وفرته التكنولوجيا الحديثة، فلمَ اذن يريدوننا أن نكون معهم ومثلهم، ولا يريدون أن يكونوا معنا ولا مثلنا!

أحمد الصراف

سامي النصف

الانتخابات الأهم في المنطقة العربية

اعتدنا في الكويت والمنطقة العربية المتابعة اللصيقة لانتخابات الرئاسة الأميركية بسبب تأثيرها المباشر علينا وعلى العالم، واذكر انني وضمن برنامج الطريق الى البيت الأبيض الذي أعده وقدمه عام 2008 الزميل د.عبدالله الشايجي حذرت القيادات العربية من التفاؤل الشديد بوصول الرئيس أوباما مستشهدا بكتاب «السيرة غير المكتوبة لأوباما» الذي يقول مؤلفه وبستر غرفن تاربلي: ان الابن الروحي لأوباما هو السياسي اليساري المعروف د.زبنغيو بريجنسكي، وقلت ان قراءة المستقبل تحوجنا للعودة لحقبة الرئيس جيمي كارتر حيث كان د.بريجنسكي مستشار الأمن القومي والرجل القوي فيها، وتساقطت الأنظمة اليمنية الحليفة لأميركا بدعم من الإدارة الأميركية (!) كما حدث في إيران والفلبين وهاييتي وغيرها، وقد تكرر الأمر في عام 2011 ابان عهد الرئيس أوباما عندما تساقطت الأنظمة الصديقة للغرب بدعم ومؤازرة من الغرب..!

***

بعد مدة قصيرة ستجرى الانتخابات في أهم بلد عربي ونعني مصر ويجب تغطية تلك الانتخابات الهامة من قبل الإعلام الرسمي والخاص بنفس قدر تغطية الانتخابات الأميركية نهاية هذا العام، فعندما كانت مصر تحكم بالأنظمة الملكية الليبرالية السعيدة كان الوضع يشابهه في المنطقة العربية، وعندما تحولت مصر الى الأنظمة العسكرية الديكتاتورية صيف 1952 تحول الوطن العربي معها لذلك التوجه القميء، حتى ان قممنا العربية تحولت منذ الخمسينيات للتوجه والمنافستو القومي العربي عدا قمة بغداد الأخيرة التي طغي عليها التوجه الإسلامي للمرة الأولى في تاريخ قممنا العربية.

***

وخيرا فعل القضاء المصري الشامخ بإبعاده لعشرة مرشحين وأول المشطوبين كان الصامت الكبير عمر سليمان الذي يعتقد الكثيرون ان صمته يدل على الغموض ولربما الخبث بينما يظهر واقع حاله انه رجل صعيدي متدين ينتمي لعائلة يشتهر أفرادها بخاصية الصمت، وهو أمر جيد لرئيس مخابرات إلا أنه سيئ لرئيس جمهورية يحتاج عمله للحديث المتواصل لشرح خططه وسياساته، المشطوب الثاني هو خيرت الشاطر الذي يمثل التوجه «القطبي» المتشدد في الإخوان وقد هدد باللجوء الى الدم لأخذ حقه بعد شطبه مما يدل على عدم صلاحيته منذ البداية إضافة الى حقيقة ان على الإخوان ان يلتزموا بوعدهم بعدم الترشح للرئاسة والذي تسبب في خروج د.عبدالمنعم أبوالفتوح عنهم لرغبته في الترشح وكي لا يصبحوا «حزب وطني» آخر يسيطر على رئاسة الجمهورية والحكومة ومجلسي الشعب والشورى، أمر آخر هو ان المرشح الشاطر شاطر كذلك في الخلفة والأولاد حيث ان لديه 10 أبناء فكيف سينصح الشعب المصري بترشيد الإنجاب وإيقاف الانفجارات السكانية القائمة والقادمة؟!

***

المرشح المشطوب حازم أبواسماعيل هو الأسوأ بجدارة والذي لا يعلم أحد مصدر ثروته المليارية والتي صرف منها حتى الآن مئات الملايين للدعاية لحملة الرئاسة الفاشلة، مرشحو الرئاسة الأميركية والأوروبية والروسية يذهبون للترشح بصحبة زوجاتهم، وأبواسماعيل أغلق شبيبته النازية كل الطرق والشوارع عند ذهابه للترشح، فما الذي سيفعله لو انتخب وأصبح رئيسا لمصر؟! أبوحازم يعلم ان والدته وشقيقاته أميركيات ومع ذلك يود جعل قوته وسطوته وبطشه فوق نصوص القانون الذي يجعل قرارات هيئة انتخابات الرئاسة نهائية كما ان مشروعه السياسي والاقتصادي سينتهي قطعا بتحول مصر الى صومال أو سودان أخرى.

***

انتخابات الرئاسة المصرية أصبحت محصورة على الأرجح في الدكتور المثقف عبدالمنعم أبوالفتوح، وعمرو موسى الذي وعد بإحضار المساعدات المالية لمصر ود.الطيار أحمد شفيق الذي نشهد له بإنجاز قارب الإعجاز عندما حوّل مصر للطيران ومعها مطارات مصر وطيرانها المدني من الأسوأ الى الأفضل في العالم خلال فترة قصيرة، اضافة الى ذكائه وحزمه وثقة المؤسسة العسكرية والدول الخليجية وحتى الغربية به وإن كانت فرصته في النجاح أقل من سابقيه.

***

آخر محطة: (1) استضافنا ذات مرة الإعلامي حمدي قنديل ضمن برنامجه «قلم رصاص» والتقيت قبل البرنامج بالدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح القادم للتو من دارفور وكان مما قاله ألا شيء يحدث هناك (!) وان الأمر لا يتعدى أكاذيب غربية ضد النظام الإسلامي في الخرطوم، وكانت إجابتي ان ما يحدث هناك تغطيه وسائل الإعلام في العالم أجمع، اضافة الى وجود مخيمات لملايين النازحين في تشاد ولا يمكن ان يكون هذا كله سرابا في سراب، وان خيرا من الإنكار القول بانه وصحبه رأوا ما أرادت حكومة الخرطوم ان يشاهدوه.

(2) رغم تلك الزلة التي ناقضتها الأحداث اللاحقة وانكشاف جرائم دارفور إلا أن المرشح د.عبدالمنعم أبوالفتوح يبقى مرشح المثقفين والجامعيين في مصر، ونأمل لمصر وشعبها كل الخير فيما لو وصل لسدنة الحكم.

(3) النزول المتكرر للشارع من قبل الأحزاب الرئيسية في مصر يعني إسقاط شرعية البرلمان لصالح شرعية الميدان، وسيصبح الرئيس القادم أيا كان شخصه رئيسا «صوريا» حيث ستحد الأحزاب والجماهير من صلاحياته، وعليه يصبح حسني مبارك آخر رئيس «حقيقي» لمصر.

(4) لا أرى أي أمل لمرشح الإخوان محمد مرسي (محمد مين؟!) في انتخابات الرئاسة القادمة، والنصيحة المثلى للإخوان من أخ لهم أن يسحبوا مرشحهم كي يصلحوا بهذا القرار بعض الضرر الكبير الذي أصابهم بسبب سلسلة الأخطاء التي قاموا بها و… الدين النصيحة!

 

احمد الصراف

استسهال الهرج

تعليقاً على مقال الأمس المتعلق بصعوبة التفريق بين الحياة الخاصة للشخصية العامة وبين أقواله وكتاباته وخطبه، أرسل لنا القارئ الصديق سعود عبدالعزيز رابطاً لحديث تلفزيوني لــ «الداعية» نبيل العوضي، يذكر فيه أن رجلاً من مصر أحس بتعب، فسافر إلى بريطانيا، فقال له الطبيب إن وضعه صعب ويحتاج إلى إجراء عملية جراحية خطيرة، فطلب المريض السماح له بالعودة إلى وطنه ليودع أبناءه، فقد لا يتمكن من رؤيتهم إن حدث له مكروه! وهناك وأثناء زيارة ذلك المريض لصديق وجد امرأة عند أحد القصابين تجمع العظام، فسألها عن السبب، فقالت إنها فقيرة ولديها أطفال لا يأكلون اللحم أبداً، وأنها تجمعها وتطبخها مع الماء وتطعمها لأبنائها! رق قلب المريض لها وطلب من القصاب أن يحسب له كلفة إعطاء تلك المرأة لحماً مرة في الأسبوع لفترة سنة، وقام بدفع كامل المبلغ له نقداًَ، وذهب إلى حال سبيله. وعندما عاد إلى لندن اكتشف الطبيب أن المريض شفي تماماً من مرضه الصعب، وأصبح بغير حاجة لإجراء عملية جراحية، لأنه تصدق على تلك المرأة الفقيرة!
وهنا يقول الصديق سعود إنه على استعداد لدفع مبلغ خمسة آلاف دينار، وهذا المبلغ يكفي لشراء «2 كيلو لحمة» في مصر لأكثر من 12 سنة، وليس سنة واحدة، حسب الأسعار السائدة هناك للنوع الجيد من اللحم، إن تبرع نبيل العوضي باعطائه اسم ذلك «المحسن» وطريقة الاتصال به واسم المستشفى البريطاني والدكتور المعالج، وطبعاً اسم المرأة الفقيرة، علماً أن المسألة ليس فيها ما يعيب، ولا علاقة لها بالشرف، بل قصة صدقة وخير وبركة!
ويستطرد الصديق سعود بالقول إن ما يطلبه من نبيل العوضي يجب ألا يكون مستهجناً أو غريباً، فقد وردت القصة على لسانه في محطة تلفزيون محلية والرابط موجود أدناه، وليس هناك سبب لذكر اسم المريض، ويتمنى عليه أن يتكرم عليه برقم هاتفه، لكي يتمكن من تقديم صدقته أيضاً لتلك المرأة الفقيرة أو غيرها، وبخلاف ذلك يطالب القارئ سعود من العوضي بنفي صحة القصة جملة وتفصيلاً، خصوصاً أنه، كما يقول، لم يرد على لسانه أنه سمع القصة من «فلان»، كدأب هؤلاء الدعاة عند رواية قصص غريبة ومعجزات خارقة، بل ذكرها وكأنه يعرف أطرافها!
وهنا نتمنى على «الزميل» نبيل أن يكون نبيلاً حقاً ويرد علينا، علماً أننا نحتفظ بأرقام هواتف السيد سعود لدينا، ورابط الحديث هو: www.youtube.com/watch?v=lXui9b2Zzyk&feature=youtube_gdata_player

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

استغلال الوقت

بعد إعلان النائب المحترم حمد المطر نيته استجواب سمو رئيس الوزراء إن لم يقم بزيارة لموقع احتراق الاطارات.. خلصت من مجلس الامة «مخلاص ديّان لديّانه»! فهذا من عقلاء النواب يرى ان معالجة قضية مهمة بلا شك عن طريق استجواب رئيس الحكومة. لذلك، قررت ان اكتب اليوم للقارئ بعيدا عن هموم المجلس وهموم البلد واي همّ يجيب الضغط والسكر! واليك عزيزي القارئ انقل هذه الفائدة التي وصلتني عبر النقال عسى ان تكون فيها فائدة اكثر من اشغالك وانشغالك بمجلس الامة:
كان هناك صياد سمك يصيد كل يوم سمكة، فتبقى في بيته يأكل منها اياما حتى اذا انتهت ذهب الى الشاطئ ليصطاد سمكة اخرى. وفي ذات يوم، وبينما زوجة الصياد تقطع السمكة إذ بها تجد في بطنها لؤلؤة! فصاحت لزوجها: «انظر ماذا وجدت.. لؤلؤة في بطن سمكة! يا سبحان الله!». أخذ الصياد اللؤلؤة وذهب بها الى بائع اللؤلؤ الذي يسكن في المنزل المجاور، نظر اليها التاجر وقال: «انها لا تقدر بثمن.. لو بعت دكاني وبيتي ما احضرت لك ثمنها! لكن اذهب الى شيخ الباعة في المدينة المجاورة لعله يستطيع ان يشتريها منك»! أخذ صاحبنا لؤلؤته وذهب بها الى البائع الكبير الذي ما إن رأى ال‍لؤلؤة حتى صاح: «إن ما تملكه لا يقدر بثمن! لكني وجدت لك حلاً.. اذهب الى والي المدينة فهو الذي يستطيع ان يشتريها»! وعند باب القصر وقف صاحبنا ومعه كنزه الثمين ينتظر الاذن بالدخول، وما إن رأى الوالي اللؤل‍ؤة حتى صاح: «إن هذه ما كنت أبحث عن مثلها، ولا أعرف كيف أقدر لك ثمنها! لكنني سأسمح لك بدخول خزنتي الخاصة وستبقى فيها ست ساعات كاملة، خذ منها ما تشاء وهذا ثمن اللؤلؤة»! قال الصياد: «سيدي لعلك تجعلها ساعتين.. فست ساعات كثيرة على صياد مثلي!». قال الوالي: «لا.. بل ست ساعات كاملة».
دخل الصياد الخزنة فرأى غرفة كبيرة جداً مقسمة الى ثلاثة اقسام: قسم ممتلئ بالمجوهرات والذهب وقسم به فراش وثير… الذي ينظر اليه ينام من الراحة، وقسم به ما تشتهي النفس من ألذ الطعام.
الصياد محدثاً نفسه: «ست ساعات.. ماذا سأفعل بها؟! حسناً، سأبدأ بالطعام حتى استزيد بالطاقة التي تمكنني من جمع اكبر قدر من الذهب»!.. وبعد ساعتين من الأكل والشرب ذهب الى قسم الذهب واللآلئ.. وفي طريقه مر على الفراش الوثير فقال: «الآن أكلت وشربت فمالي لا استزيد بالنوم الذي يمنحني الطاقة التي تُمكّنني من جمع اكبر قدر من اللآلئ؟!». ذهب الى الفراش واستلقى في نوم عميق حتى سمع صوت الحارس «هيا.. هيا الى الخارج انتهى الوقت»!.. «سيدي احتاج مزيداً من الوقت»! فقال له الوالي «ست ساعات كانت كافية لان تأخذ حاجتك وتخرج تشتري ما لذ وطاب لك من الطعام ومن الفراش لكنك اضعت وقتك». انتهت القصة! لكن العبرة لم تنته.. أرأيتم تلك الجوهرة؟ هي روحك.. انها كنز لا يقدر بثمن، لكنك لا تعرف قيمة ذلك الكنز! أرأيت الخزنة؟! انها الدنيا.. انظر الى عظمتها وانظر كيف نستغلها؟ اما الجواهر فهي الاعمال الصالحة واما الفراش فهو الغفلة.. واما الطعام فهو الشهوات.. والآن اخي صياد السمك.. اما آن لك ان تستيقظ من نومك وتجمع الجواهر الموجودة بين يديك قبل ان تنتهي تلك المدة الممنوحة لك.. وهي عمرك القصير..!! فتتحسر وانت تخرج من الدنيا: اريد مزيدا من الوقت؟! قال تعالى: «حتى اذا جاء احدهم الموت قال رب ارجعون لعلي اعمل صالحا في ما تركت، كلا انها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ الى يوم يبعثون» (المؤمنون، الآية 98).

محمد الوشيحي

عربان وأميركان

الشعب هنا “واصل حده”، والقلوب على الزناد، والألسن معبأة بالطلقات. أشعر أننا جاهزون للصدام الداخلي (لولا الخشية من قضايا أمن الدولة لقلت إننا جاهزون للحرب الأهلية، الطائفية طبعاً… لكن الكتّاب يتحايلون، كما تعرفون، على الرقيب المهيب، وقبله على القانون، لذا نستخدم أحياناً الغمزة بالعين وعض الشفة السفلى كي يفهمنا القارئ من دون أن تضربنا عصا القانون).
الروح الغجرية، الرافضة للآخر، تسيطر علينا، وتضرب حول كلّ فئة منا، أو طائفة، طوقاً من العزلة والرفض والتشكيك في الآخر، وكأننا الشعب الوحيد المتنوع الأعراق، وآه ما أبشع المزهرية التي لا تضم إلا لوناً واحداً من الزهور، وآه ما أجمل المزهرية المتعددة الزهور والألوان، زهرة من تشيلي وأخرى من هولندا وثالثة من لبنان ووو…
والأمر ليس مقصوراً على الكويتيين، فالعربان منا ونحن منهم، وقد نقل لي صديق، أن كاميرا برنامج أميركي ساخر كانت تتجول في الأماكن العامة بين الأميركيين المنتمين إلى أصول مختلفة، الهنود والألمان والفرنسيين والعرب واليهود واللاتينيين والأفارقة السود والصينيين والأوروبيين ووو… وأميركا كما تعلمون عبارة عن مجتمع سوبر ماركت، من كل فج قطعة.
وكان السؤال عن موقف هذا المواطن في حال نشبت حرب بين أميركا ودولته الأصلية، أو أمته الأصلية، إلى أي جانب سيقف؟ يسألون الهندي، مثلاً: ماذا لو نشبت الحرب بين أميركا والهند… من ستؤيد وتناصر؟ ويسألون العربي واليهودي واللاتيني ووو…
وكانت الإجابات ساخرة غالباً، فاللاتيني أوضح موقفه بجلاء: “سأقف إلى جانب الجيش الذي يضم نساءً أجمل من نساء الجيش الآخر هاهاها”. الأفريقي يقهقه: “سأستغل فوضى الحرب وأهجم على محل للساعات لأسرق ساعة أعجبتني ولم أستطع شراءها”. أما الصيني، وبعد أن أطلق ضحكة خجل، انكمشت فيها عيناه حتى لم يعد من الممكن رؤيتهما بالعين المجردة، فقد علق: “لو كانت الحرب بين أميركا واليابان كنت أيدت أميركا ضد اليابان، هئ هئ هئ”، أما اليهودي فقد أجاب بوقاحة من الطراز الفاخر، مقهقهاً أيضاً: “سأدعم من يدفع لي أكثر… هاهاها… إسرائيل أو أميركا… هاهاها”، قال ذلك ومضى في حال سبيله يحمل أكياس التسوق.
كلهم قالوا ذلك ومضوا يكملون قهقهاتهم، باستثناء ذلك العربي الذي كساه الفزع وغشاه الهلع، وخشي أن تقع نسخة من هذا البرنامج في يد “إدارة الهجرة”، فراح يتحدث عن فضل أميركا على الأولين والآخرين، وعلى الإنس والجن، وعلى عمته وخالته، وكيف أنها أخرجته من بلاد الظلم إلى بلاط العدل، ومن بلاد السادة الذين ينتعلون القانون إلى حيث لا سيادة إلا للقانون، ووو، وأقسم بأغلظ الأيمان وأطولها أنه يدين بالولاء لأميركا، ولاشيء غير أميركا، وراح يعدد مزاياها، وبأهلها يتباهى، مسلمهم ومسيحيّهم، يهوديهم وبوذيهم، وأنه لا يرفض الآخر ولا يعاديه، ووو، والحمد لله أنه لا يحفظ معلقة أخينا طرفة بن العبد وإلا كان بدأ بإنشادها: “لخولة أطلال ببرقة ثهمدِ / تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليدِ…”، الحمد لله.
هكذا هي ثقافتنا، نطويها ونضعها في مزودتنا وننقلها معنا حيثما حللنا وارتحلنا. سقى الله العربان.

حسن العيسى

انفخ يا شريم!

قبل شهر بالضبط، وقفت الحكومة وخاطبت، على لسان وزير التربية وزير المالية بالإنابة وقتئذ، د. نايف الحجرف أعضاء مجلس الأمة بمناسبة مناقشة الزيادات والكوادر المالية، وكان الخطاب الحكومي “يعور القلب” حين أخذت الحكومة تشتكي الحال و”تنخي” نواب الأمة أن يتفهوا حالها وحال الدولة المائل، وكررت كلاماً حفظناه ورددناه كالببغاوات منذ تسعينيات القرن الماَضي عن مخاطر المستقبل وعن الدراسات الكثيرة التي تؤكد جميعاً أن “الواقع الاقتصادي يتجه نحو مسار منحدر بشكل حادٍّ، وينطوي على تحديات ضخمة تحمل مخاطر فادحة التكلفة…”.
ومضت الحكومة تولول وتذرف الدموع الساخنة علَّها تحرك قلوباً من حجر لدى أكثرية نواب الأمة الذين تعلموا من الحكومات المتعاقبة درس جماعة “الذين يأمرون بالمعروف وينسون أنفسهم”؛ فالحكومات التي تعظ وتنصح نواب الاستهلاك والهدر على اليوم الحاضر، نسيت نفسها حين بالغت في كرمها وسخائها بتقرير كوادر وزيادات وهبات مالية لم يطالب بها أحد، وكانت تلك رِشا تنسجم وتتجاوب مع متطلبات الربيع العربي، ما أخل بميزان العدل لصرفها لغير المستحقين… وهي الحكومات (ماكو غيرها) التي أهدرت المليارات على ربعها والمقربين من مراكز القرار في تفصيل المناقصات وترسية العطاءات، متوهمة أنها متى عدَلت مع الكبار في تقسيم الريع بينهم، فعليها أن تعدل مع الصغار في ما تبقى من الريع!
ومهما كان الأمر، ولو سلمنا بأن الفساد الرسمي مقسوم وقدر علينا، ومثله أيضاً الفساد الشعبي بعد أن انتقلت إليه العدوى الرسمية، فإن مثل ذلك الخطاب الحكومي المحذِّر من خطر المستقبل وإعسار الدولة خلال سنوات قريبة لم يحرك ساكناً عند معظم النواب، ومن السخافة أن نتصور أن أي نائب، مهما كان انتماؤه السياسي، سيلبس رداء المخططين الاقتصاديين وسيقنع قواعده الانتخابية بضرورة وقف الهدر المالي والتضحية بالقليل من الحاضر من أجل المستقبل، فمثل ذلك لا يمكن تخيله بعد عقود طويلة من التسيُّب الاقتصادي والسياسات الريعية للدولة، ومع غياب الحزم السياسي عند الحكومات حين يكون الحديث عن المزيد من التبديدات المالية، ويصبح كل ذلك كلاماً “مأخوذة زبدته” في النهاية، ومن دون أن ننسى أن مثل هذا المجلس كسابقه من مجالس العيب والحرام، ليس من أولوياته تدبر الواقع الاقتصادي للدولة، وترشيد الإنفاق المالي؛ فهموم نواب المجلس، حتى بالنسبة إلى عدد من النواب المختصين بالاقتصاد مثل خالد السلطان، محصورة في خنق الحياة الاجتماعية ومصادرة الحريات الشخصية، وملاحقة واضطهاد الأقليات “شبه الليبرالية” أو الشيعة.
هل هناك حل لأزمة الاقتصاد وأزمة الحريات في هذه الدولة مع حكوماتنا الرخوة ومجالسنا المتحجرة؟ لن تكون الإجابة بغير التشاؤم للأسف، فمثل هذه الحالة الكويتية ومثلها بعض دول الخليج الريعية لن يتعلما بالعقل ومن تجارب التاريخ ودول أخرى، بل سيتعلمان فقط حين ينزل “الفاس بالراس” وعندها لن نجد مَن يقول لنا “إذا فات الفوت لن ينفع الصوت” وكيف يمكن للأشرم أن ينفخ؟!

احمد الصراف

حياة الكاتب الشخصية

هل يمكن أو يفترض الفصل بين حياة الشخصية العامة وبين افعاله وأقواله؟ سؤال محير طالما حظي باهتمام الكثيرين، ففي الوقت الذي تجتذب فيه أعمال المشاهير، خصوصاً الممثلين والمطربين، انتباه قطاع واسع، إلا أن أخبار فضائحهم وحياتهم الشخصية وحتى ديكورات منازلهم وأنواع كلابهم، تحظى بقدر أكبر من الاهتمام. وبالتالي يصعب وضع خط فاصل بين الخاص والعام. ولكن تصبح المسألة أكثر تعقيدا مع رجال الفكر وكتاب الرأي والدعاة والمصلحين الاجتماعيين وحتى السياسيين، فيصعب القول هنا إن لكاتب الرأي أو السياسي أو الداعية الحق في فصل حياته الشخصية عن اقواله وتصرفاته، فهناك حد ادنى من المصداقية المطلوبة من هؤلاء، ولا يمكن بالتالي وصف ما يدلون به من آراء أو مواقف بأنها رائعة ومبدعة في الوقت الذي نعلم فيه جيدا كذبهم، أو أن حياتهم الشخصية مثيرة للاشمئزاز، أو على الأقل أن آراءهم التي يدعون إليها لا تتفق مع أسلوب حياتهم، والأمثلة في الصحافة المحلية أكثر من ان تعد، خاصة في ظل صعوبة امتلاك غالبية قراء أو متابعي هؤلاء للقدرة على التمييز بين الخبر الصحيح والرأي المدسوس! وبالتالي مطلوب من الكاتب أو الداعية وحتى السياسي حد أدنى من الالتزام بما ينشر أو يروج أو يدعو له. وقد فقد الكثيرون احترام المجتمع لهم واخرجوا من وظائفهم وزالت ثرواتهم وانهارت زيجاتهم نتيجة انكشاف التناقض الخطير بين أقوالهم وحياتهم الشخصية، ولكن حدث هذا غالبا في المجتمعات المتقدمة أو الأكثر تعليما، وليس بالضرورة في مجتمعاتنا المتخلفة، فقد صدر حكم قبل فترة قصيرة على داعية شهير لقيامه بسرقة نص كامل لكتاب ونسبته لنفسه، وحقق من وراء ذلك الملايين، وكان الحكم كفيلا بأن ينهي حياته كشخصية عامة وداعية ديني، ولكنه استمر في نشاطاته من دون أن يرف له جفن، معتمدا على أن مريديه وأتباعه لا يقرأون ما يكتب وينشر عن سرقاته وفضائحه، أو أنهم سرعان ما ينسون ما اثير عنه معتبرين ذلك بحكم الافتراء، أو أن الأمر لا يرقى لدرجة «السرقة» بالمعنى المعروف لديهم، وبالتالي لا يستوجب الأمر قطع اليد! وهنا يأتي دورنا في الاستمرار بكشف مثالب هؤلاء المفترين وأخطائهم. ففي شريط فيديو على اليوتيوب بعنوان «لو كنت عنه لتواريت عن الانظار» يظهر الداعية عايض القرني وهو يوجه الحديث للرئيس اليمني السابق علي صالح، نيابة عن وفد كبير رافقه في الزيارة، وهو يقول: أنا أنوب عن اخواني العلماء والمشايخ الذين زاروا اليمن ونبلغك التحية والشكر لما وجدناه من اكرام وحفاوة في بلد الإيمان والأمن (!).. واننا لا نزكيكم بأكثر مما زكاكم رسول الهدى عندما قال «الإيمان يماني والحكمة يمانية»!
ولكن ما ان ظهرت بوادر سقوط صالح وتعرضه لمحاولة اغتيال حتى قام الداعية نفسه بإلقاء خطاب مقذع تهجم فيه بشكل مقزز على صالح وكيف أن نار جهنم حرقت وجهه عقابا له! الطريف أن من أرسل رابط اليوتيوب ذكر بأنه لو كان مكان القرني لتوارى عن الانظار! ونسي أن أمثال هؤلاء لا يغادرون بمثل هذه السهولة فحجم الغنيمة كبير وحجم الجهل أكبر!
***
رابط الخطبتين:
http://www.youtube.com/watch?v=XaN0DZtpyoc&feature=player_embedded

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

وين مسلّم يا بدر؟

العزيز بدر ششتري كتب مقالا قبل عشرين يوماً تقريبا في جريدة “سبر” بعنوان “رسالة عتب إلى مسلم البراك”، يعتب فيها على من أسماه العزيز بوحمود لتغاضيه وتجاهله عن أشكال التفرقة الطائفية التي يمارسها زملاؤه النواب تجاه الشيعة تحديداً.
التقيت العزيز بدر ششتري يوم نشر مقاله أو بعدها بيوم لا أذكر، ولكني أذكر جيداً أني قلت له: مقالك لا جدوى منه، فمسلم البراك لن يستجيب لك، ولا أعلم إن كان مسلم قد قام بالرد عليه بشكل شخصي أم لا، ولكن ما أعلمه جيدا أن عتب بدر على البراك لم يرفع إلى الآن؛ لأن مسلم لم تتغير سلوكياته منذ ذلك الحين إلى اليوم على الرغم من مرور مؤشرات إقصائية كثيرة من زملائه في كتلة الأغلبية.
باعتقادي الخاص أن مسلم البراك بات أسيراً لمخاوف عدة امتزجت مع بعضها لتقدم النموذج الحالي لمسلم البراك، فبوحمود كما أراه بات يخشى الصاعد الجديد النائب عبيد الوسمي من أن يتمكن من احتلال موقعه الشعبي الجارف في الدائرة الرابعة من جهة (وهو لا يعني بأي شكل من الأشكال بأني معجب بنموذج عبيد لكن تلك هي رؤيتي لواقع مسلم اليوم)، ومن جهة أخرى هو لا يريد أن يفرط باستمرارية هذا المجلس لأنه معجب حسبما أرى بتشكيلته وهوية رئيسه من جانب آخر.
هذان الأمران جعلا من مسلم البراك يتغاضى عن أمور، ويتخذ مواقف لا تمت للدستور ولا لدولة المؤسسات بصلة، بل باتت تعزز النهج السابق الذي صدحت حنجرته برفضه، فنراه يحرم الناس من حق التقاضي الدستوري، ويرفض رفع الحصانة عن نفسه وعن زملائه بالأغلبية فقط، ونراه يصمت عن إهانة طائفة كاملة كان يتودد لها في السابق عندما كان عدنان ولاري زملاءه في الكتلة، ونجده لا ينبس ببنت شفة في حال عدم حفظ الأمن من وزير الداخلية في السجن المركزي، ونجده أيضا يصمت عندما تم منع ملتقى النهضة بشكل غير دستوري من وزير الداخلية، ونراه كذلك لا يتعرض لابن قبيلته في التأمينات الاجتماعية رغم الخسائر الهائلة المعلنة لهذه المؤسسة على الرغم من أنه يهدد باستجواب الوزير المعني.
وغيرها من أمور تتجاوز ما يدعيه من الحفاظ على المال العام، وما كان يدعيه من حرية التعبير، وما كان يردده عن رفض التفرقة وغيرها من أمور.
هذا هو مسلم البراك اليوم، بات أسيراً لنقيضين لا يجتمعان أبدا الدستور والأهواء الإقصائية، ولكنه مازال يردد كلمة الدستور في كل مناسبة ومازال يشارك الإقصائيين أو على الأقل لا يستنكر إقصاءهم.
خارج نطاق التغطية:
لمن لا يعلم فقد منع طلال فهد الصباح رئيس اتحاد القدم غير الشرعي الوقوف دقيقة حداد في مباريات الأسبوع الماضي للرمز الراحل سمير سعيد، بحجة أنها بدعة. وهي المدخل الذي سيجعل بعض نواب الإسلام السياسي يقفون معه رغم تجاوزه القانون، تابعوهم.

سامي النصف

الرئيس الذي رأى الغد!

  يحسب للرئيس التونسي محمد المنصف المرزوقي أنه وقف مع الحق الكويتي عام 90 حتى تبرأت منه قبيلته لاعتقادها أنه خان فارس العروبة صدام، في حين وقف الرئيس زين العابدين ومعه أمين عام الجامعة العربية آنذاك الشاذلي القليبي موقفا شائنا يتضمن قبوله لمبدأ الاستعمار العربي الذي هو أشد قسوة وإيلاما من الاستعمار الأجنبي مثله مثل الاحتلال الداخلي الذي تقوم به بعض الانظمة القمعية العربية لشعوبها والذي هو كذلك أشد وأقسى في رأي الرئيس التونسي المثقف من الاحتلال الخارجي.

***

تلك الوقفة التاريخية الحقة أظهرت الرئيس المرزوقي وكأنه يرى المستقبل بوضوح شديد عندما غابت العقول، حالها حال رؤيته المستقبلية الثاقبة ضمن برنامج الاتجاه المعاكس في أبريل 2010 عندما أصر على أن الانظمة الديكتاتورية العربية ستتساقط سريعا مهما أظهرت من قوة زائفة، وقد انتهى اللقاء آنذاك باتفاق 90% من مشاهدي البرنامج مع رأي د.المرزوقي وهو ما يدل على قوة حجته، فلم يعرف عن جماهيرنا العربية قط الوعي السياسي الشديد أو القدرة على الرؤية المستقبلية الصحيحة، يضاف الى ذلك أن الأيام أثبتت أن تلك الرؤية كانت تعكس آنذاك وجهة نظر المحطة المؤثرة في الانظمة القمعية.

***

وقد سألت الرئيس التونسي الذي التقيناه قبل مدة بصحبة «السفراء» عبدالعزيز البابطين عن كيفية وصوله إلى تلك القراءة الصحيحة للأحداث في منطقة اشتهرت بخطأ التوقع المتكرر فيها، حيث يأتي من الغرب دائما ما يتم توقعه من الشرق والعكس بالطبع صحيح، فأجاب فخامته بأن الاوضاع العربية كانت تحتاج الى قراءة عقلانية وموضوعية للأحداث، فحكم القمع والقهر قد يستمر لشهر، ولكنه لا يستمر أبد الدهر.

***

ومن الأقوال التي يكررها الرئيس المثقف والتي يمكن الاستفادة منها في الكويت وبقية أقطار الصحوة العربية، حقيقة أن الإضرابات والاحتجاجات والاعتصامات الشعبية تشكل خطرا ماحقا على اقتصاديات البلدان المعنية، وان الأنظمة السياسية الجديدة مهددة بالموت السريع إذا لم تبدأ العجلة الاقتصادية بالدوران بأقصى سرعتها، لذا يطلب فخامته من الجموع إعطاء الحكومات العربية هدنة لا تقل عن 18 شهرا للعمل قبل المحاسبة، ومن الافعال القدوة اجتماعه الأسبوعي على العشاء مع رئيس البرلمان ورئيس الحكومة اللذين يمثلان توجهات سياسية مختلفة كي يصلوا إلى حلول لإشكالات البلد على مبدأ الترويكا المتعاونة، لا الترويكا المتعاركة.

***

آخر محطة:

(1) اعتذر الرئيس التونسي قبيل زيارته الاخيرة لبغداد من الشعب العراقي الشقيق بسبب اشتراك شابين تونسيين متطرفين في تفجيرات سامراء، رغم أن الشابين لا يمثلان تونس بالقطع، ونذكر في هذا السياق موقف الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي الشائن من مظلمة الشعب الكويتي والتي راح ضحيتها آلاف الأبرياء والتي زرعت في وجدان الشعب الكويتي جروحا غائرة.

(2) نتمنى وبحق أن ينجح الرئيس التونسي المثقف في إحياء مجلس الاتحاد المغاربي ليكون الجناح الآخر لمجلس التعاون الخليجي الذي أحد أسباب نجاحه تعامل دوله مع الآخرين على أنها دولة واحدة، ومن ذلك نرجو من الرئيس التونسي الزائر أن يتوقف عن مطالبة الشقيقة الكبرى السعودية بتسليم الرئيس التونسي السابق الذي لجأ اليها وهو المنتمي لقبيلة عربية كريمة تعلم معنى اللجوء وحرمة تسليم من يلجأ، متذكرين بأن الرئيس المرزوقي رفض تسليم رئيس الوزراء الليبي البغدادي المحمودي لحكومة الثورة في بلاده، كما تقدم قبل مدة بعرض لقبول لجوء الرئيس السوري بشار الاسد في تونس، تكرار تلك المطالبة يوتر العلاقة مع السعودية، وبالتبعية مع دول الخليج.

احمد الصراف

بيت الكويت الغريب

منذ اليوم الأول الذي فتح فيه «بيت الكويت للأعمال الوطنية (!)» أبوابه، والاشاعات تعصف به من كل صوب، لرفض أي جهة حكومية الاعتراف به لا كجمعية ولا كمؤسسة تجارية، ولم يرخص ابداً لممارسة أي نشاط، ومع هذا لا تزال التبرعات ورسوم الدخول تحصل فيه من دون «أحم ولا دستور»، وهو الأمر الذي قد يفسر على انه رفض قوي لتطبيق قرار مجلس الوزراء المتعلق بالحاق البيت بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، لان هذا يعني وضع حد لوضعه الحالي، وكشف أمور قد لا يود لها ان تظهر، ولهذا عجز أكثر من عشرين وزيراً ووكيل وزارة وأمين عام مجلس، طوال العقدين الماضيين، عن السيطرة على البيت بسبب واسطات مع جهات متنفذة، وهي الجهات نفسها التي لم تبخل عليه بالمال والدعم، ومع هذا لم تمنحه الترخيص والاستقلالية، وقد قمنا عبر أكثر من 10 مقالات بكشف كل ما دار حول البيت من لغط ومخالفات، وكان آخر تلك المقالات ما نشر في نوفمبر الماضي، والذي لم يعجب مضمونه البعض، فقام المشرف على البيت برفع قضية علينا بخصوصه، ولكن القضاء العادل حكم لنا ولـ القبس بالبراءة من كل ما حاول إلصاقه بنا من اتهامات باطلة!
نعود ونقول ان قضية «بيت الكويت» على الرغم من جمال الفكرة، يجب ألا تبقى معلقة لعشرين سنة تقريباً، كما لا يجب السكوت عن كل هذا الكم من المخالفات القانونية والمالية، التي تصلح لدراسة ماجستير يكون موضوعها مدى تداخل الصلاحيات داخل الحكومة والفوضى التي تعيشها مختلف الأجهزة وعجزها عن وضع حد لمخالفات «البيت» لعقدين، على الرغم من وضوح المسألة وضوح الشمس في «رابعة» النهار!
وهنا نناشد وزير الاعلام الشيخ محمد المبارك، فعل شيء لوقف هذا التسيب والفوضى، وفرض تطبيق قرار مجلس الوزراء المتعلق بتبعية البيت لـ«المجلس الوطني للثقافة»، وحقه في الاشراف الكامل عليه، مع تعيين مجلس أمناء لادارة شؤونه ومراقبة حساباته، والسؤال عن مصير مئات آلاف الدنانير من أموال التبرعات التي تم تحصيلها على مدى سنوات من شركات وجهات أخرى.
***
ولد رونالد وين في كليفلاند، أوهايو عام 1934، وعمل مع ستيف جوبس في شركة أتاري قبل أن يقوما عام 1976، ومعهما ووزنياك، بتأسيس شركة أبل للكمبيوتر! ولعدم ثقة وين بمستقبل الشركة الجديدة بسبب تجاربه المرة السابقة، قام ببيع حصته في الشركة الجديدة بمبلغ 800 دولار، وحصل على 1500 دولار أخرى مقابل تنازله عن كل حقوقه. واليوم تبلغ قيمة حصة وين في شركة أبل اكثر من 58 مليار دولار! فإذا كنت تشعر بالحزن لسبب ما، فكّر في حالة السيد رونالد وين!

أحمد الصراف