احمد الصراف

المسيحيون ملح مجتمعاتنا (2-2)

ويستمر علي الصراف في سرده لتاريخ المسيحيين العرب، قائلا ان رشيد الشرتوني، المتوفى عام 1906، كان احد أبرز لغويي عصره، حيث وضع «مبادئ العربية في الصرف والنحو» مع تمارين في التصريف والاعراب، وكتابه «نهج المراسلة ومفتاح القراءة». كما سعى نجيب حبيقة لتعزيز الآداب العربية وتأليف قلوب الناشئة في خدمة الوطن، وكان خليل الخوري (1836)، أول من فكر في نشر جريدة عربية في بلاد الشام، فأبرزها إلى النور سنة 1858تحت اسم «حديقة الأخبار». وكان سليم شحادة (1907) قد قضى جل حياته القصيرة في خدمة الآداب واشترك سنة 1875 مع سليم الخوري في نشر معجم تاريخي وجغرافي سمي «آثار الأزهار». وكان نخلة قلفا البيروتي (1851) هو الذي نشر ديوان أبي فراس الحمداني. وكان لإبراهيم اليازجي دوره في نهضة الآداب العربية في مصر! ولم ينس الصراف في عجالته ذكر أفضال جبران خليل جبران، وإيليا أبو ماضي، وأمين الريحاني، والأخطل الصغير، والشاعر القروي رشيد الخوري وخليل مطران واحمد فارس الشدياق ونجيب عازوري ومي زيادة وسلامة موسى، وصولا إلى إدوارد سعيد. كما لعب المسيحيون العرب دورا مشهودا، ومتميزا، في كل مجال ابداعي من مجالات الفن كفيروز وابنها زياد والأخوين رحباني، ومئات غيرهم ممن لا يسمح المجال لذكرهم جميعا!
ولكننا نرى اليوم كيف يتم تهجيرهم من ديارهم، وحرق كنائسهم، وكيف يعاملون بتمييز ديني وعنصري واضح، ويُعزلون، وتوضع على حقوقهم وحرياتهم قيود وشروط. كما بيننا، وخاصة من أولئك الذين يفتقدون أدنى درجات المصداقية، من ينظر لهؤلاء على أنهم «أهل ذمة»، ويصر على معاملتهم كـ «أقلية»! فإذا كان المسيحيون العرب «أقلية»، فكيف ننظر لمن هم في قامات طرفة بن العبد وامرؤ القيس والنابغة الذبياني، وهؤلاء جميعا والآلاف غيرهم مسيحيون؟ ولا أدري كيف يمكن أن تكون الثقافةُ العربيةُ عربيةً من دونهم، بل لا أدري أي ثقافة ستكون؟ فكيف يمكن قبول حرق كنائس هؤلاء وتهجيرهم من أراضي أجداد أجدادهم وقتل ابنائهم وتشريدهم في الأرض بعيون دامعة وقلوب حزينة وخواطر مكسورة، وهم الذين كانوا في البال والخاطر والسمع والبصر على مدى عصور وعصور؟ أسئلة ستبقى من غير جواب حتى يختفي هذا الكابوس المظلم من حياتنا، أو يتسبب في فنائنا إلى الأبد!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

أذيتوني بالرصاصات

تقليعة جديدة يرددها أنصار المجلس السابق بأن تردي أداء الأغلبية الحالية أو المجلس الحالي بشكل عام هو نتيجة شعار “الرصاصات الخمس” التي تبنتها كتلة العمل الوطني.
والمفرح بالموضوع حقاً أن الطرفين يهاجمان نفس الرصاصات؛ فمناصرو المجلس السابق يعتقدون أن كتلة العمل الوطني هي التي أنهت ذلك المجلس، ومناصرو المجلس الحالي يرددون بأن خسارة معظم أعضاء كتلة العمل الوطني جاءت نتيجة صفقاتهم مع الحكومة السابقة وسكوتهم عن تجاوزاتها، وهو ما يعزز بأن كتلة العمل الوطني لم تكن تقف مع أطراف بل تدعم القضايا المستحقة من وجهة نظر الكتلة.
عموماً نعود إلى أنصار المجلس السابق وترديدهم لعبارة “خل تنفعكم الرصاصات الخمس”، ونتساءل هل كان من الممكن السكوت عن تجاوزات المجلس الماضي بأي شكل من الأشكال؟ فحكومة الرئيس السابق لم تطبق القانون في أكثر من مناسبة، وهمشت الدستور وتجاوزت اللوائح، ورغم أنها كانت تحظى بدعم أغلبية المجلس الماضي فإنها لم تقدم الجديد فخضعت لاستنزاف أموال الدولة سواء بالزيادات أو الكوادر أو حتى الاختلاسات من خلال المشاريع والمناقصات، ولم تنفذ ما ادعته من تنمية على الأقل عمرانية، فلم تنشئ أي شركة، ولم يُقم أي مشروع على مدار سنوات الحكومة السابقة.
وفي المقابل فإن أغلبية الأمس وهم أقلية بالمجلس الحالي من النواب تفرجوا على تجاوزات الحكومة السابقة ومارسوا خضوعاً غير مسبوق بل تمادوا في غيّهم ليلغوا حتى مواد الدستور من خلال سرية الاستجوابات وإحالتها الى التشريعية والدستورية حتى إن لم تقدم الحكومة أسباباً للإحالة! بالإضافة إلى التعطيل المتعمد لجلسات المجلس في سبيل رفع الحصانة عن د. فيصل المسلم في قضية لا تستحق أبداً أن ترفع الحصانة فيها.
إذن فالوضع السابق لم يكن أقل سوداوية منه حالياً، لكن بأسماء مختلفة فحسب، ونعم أنا أقر بأن الوضع الحالي سيئ جداً من شخصانية وتعسف وانتهاك للدستور واللوائح، ولكن هذا لا يعني أبداً أن الوضع الماضي كان مثالياً أو حتى قريبا من المثالي أو أحسن من الحالي، فالحالتان أقرب إلى التطابق بل إن لهذا المجلس ميزة في جانب واحد، وهي ميزة رفضها للسرية والإحالة لأي استجواب وإن كان تافهاً كاستجواب الجويهل، أو ضعيفاً كاستجواب القلاف وغيرها من أمور.
الدور المفروض هو نصرة أي طرف إن كان يحمل قضية عادلة بغض النظر عن شخصه فنقف مع جويهل في قضية رفض الازدواجية، ونقف مع المسلم في قضية رفع الحصانة، ونقف مع المطر في قضية قلة أدب الجويهل، ونقف مع عدنان عبدالصمد في رفضه لتعامل اللجنة التشريعية مع قضايا رفع الحصانة، وهو المنهج الحيادي السليم برأيي.
الرصاصات الخمس لم تكن متجنية على المجلس السابق، بل هي نتيجة حتمية لتخاذل أغلبية ذلك المجلس وحكومته، بل كانت مستحقة ومحايدة ومطلوبة وهي لا تعني بأي شكل من الأشكال القبول بتعسف الأغلبية الحالية تحديداً في ترهات خالد السلطان حول موقف الأغلبية من الاستجوابات أو شخصانية المجلس تجاه قضايا رفع الحصانة أو تدني لغة الحوار وغيرها من أمور.
خارج نطاق التغطية:
ردا على التدخلات النيابية بالأنشطة الطلابية يستضيف التحالف الوطني بمقره في النزهة الساعة 7:30 مساءً اليوم، عبدالمحسن الإبراهيم رئيس رابطة طلبة جامعة الخليج، وعبدالعزيز المطيري من الحكومة الطلابية في الجامعة الأميركية بالإضافة إلى ممثل عن اتحاد طلبة أميركا ورابطة طلبة العلوم الإدارية، سأذهب لأشاركهم رفض التعديات النيابية على حرياتهم.

احمد الصراف

المسيحيون ملح مجتمعاتنا (2-1)

كتب الزميل العراقي علي الصراف مقالا طويلا عن مسيحيي العرب، ننتقي منه أشياء ونضيف له أخرى، لعل وعسى يستنكر الصراف القول ان المسيحيين العرب أقلية، فهذا يتضمن تجاهلا لكونهم عربا، والعرب أغلبية في أوطانهم. كما أن وصفهم بالأقلية أي «أقلَنة» عروبتهم والسعي لتصغيرها، وهذه خطيئة لا مجرد خطأ! كما يضعهم على هامش التاريخ في المنطقة، وهم الذين ظلوا في قلبه، وساهموا فكريا وفنيا واقتصاديا بصورة ريادية في صنع تاريخه القديم والحديث، وكان لهم دور كبير في تحرر أجزاء كبيرة منه! ويعتقد الصراف أن هناك من يضع «شيعيته» أو «سنيته» فوق وطنيته، معتمدين على نصوص دينية معينة، ولكن لا يوجد نص ولا سلوك كنسي واحد يضع المسيحية على هذه الأرض فوق وطنيتها وانتمائها القومي! ويشتهر عن البابا الراحل شنودة، الذي ناله الكثير من السباب المقذع، في حياته ومماته من السفهاء والمتعصبين، لدرجة رفض فيها البرلمان المصري تأبينه بصورة لائقة، قوله «لو كان الاسلام شرطا للعروبة لصرنا مسلمين»، وعن مكرم عبيد، أحد أقطاب أقباط مصر انه قال: «أنا مصري الجنسية، ومسلم الثقافة»، ويعتقد الصراف أن من المبكر ظهور رجل دين مسلم يملك من الشجاعة والوطنية ما يكفي لقول: «نحن وطنيون كإخوتنا المسيحيين، ولو كانت المسيحية شرطا للوطنية، لصرنا مسيحيين». ومعروف أن المسيحيين العرب بنوا المدارس والمعاهد لتدريس اللغة العربية، في غير مكان واحد، لأنها كانت صوت ثقافتهم و«تميزهم» القومي الخاص. وعندما وضع الأتراك قوميتهم فوق ديانتهم، كان المسيحيون العرب هم الذين رفعوا لواء العروبة، وهم الذين سارعوا الى تذكير المسلمين بمكانتهم، وكانوا دائما جزءا من هذه الأمة ومن خيرها. وبالرغم من كل ما قيل وكتب عن السبب وراء نشاط المسيحيين العرب في الدفاع عن القومية على حساب الهوية الدينية، فانه من الصعب انكار دورهم الأدبي والثقافي والتعليمي الكبير في تطوير اللغة وحفظها، فجورج علاف وضع كتاب «نهضة العرب»، وألف اليسوعي لويس شيخو موسوعة «تاريخ الآداب العربية»، وكان عبدالله مراش من أوائل الذين حرروا جرائد المهجر العربيةكـ«مرآة الأحوال» المملوكة لرزق الله حسون، و«مصر القاهرة» لأديب اسحاق، و«الحقوق» لميخائيل عورا، وأسس الاخوان بشارة وسليم تقلا عام 1876 جريدة «الأهرام»، ثم «صدى الأهرام» وكابدا المشقات في دفاعهما عن حقوق المصريين. وكان نقولا توما من أوائل المسيحيين الذين التقوا بأصحاب مشروع النهضة الذي تصدره جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده، وكان جميل نخلة المدور مولعا بالتنقيب عن آداب العرب وتاريخ الأمم الشرقية القديمة، وصنف في حداثته تاريخ بابل وآشور، وعرّب كتاب التاريخ القديم، وكتب كتابه الشهير «حضارة الاسلام في دار السلام»، وكان سعيد البستاني قد تقلب بين مصر وبلاد الشام ليعكف على نشر الآداب العربية، وكان خليل غانم واحدا من أبرز السياسيين الأحرار وانتخب نائبا عن سوريا لـ«مجلس المبعوثان» عام 1875، وساعد مدحت باشا في وضع قانون الدولة السياسي، فكان أحد أركان النهضة الدستورية.

أحمد الصراف

www.kalamanas.com

محمد الوشيحي

جائع متخم

تفلتت الدقائق من بين أصابعي وتساقطت من ساعة يدي، ومضى قطار العمر يا ولدي، مدة تتجاوز الشهر، من دون أن أقرأ كتاباً واحداً، أو الأصدق، من دون أن أُكمل قراءة كتاب واحد، ومن دون أن أستمع إلى أغنية أحبها بهدوء.
الضجيج لا يُطرب، وضجيج السياسة أعلى من ضجيج الطائرات الحربية، ولو كانت السياسة غذاء لقتلتني لشدة التخمة، ولما نفعتني عمليات “تحزيم المعدة” ولا هزهزتها.
وأحذر نفسي وأتوعدها بسبابة طويلة غليظة: “ممنوع الاقتراب من السياسة مدة ثلاثة أيام”، وأتظاهر بالانشغال عنها، ولا أجد نفسي إلا وأنا أتسلل على رؤوس أصابعي وأفتح بابها، وأدخل إلى غرفتها خلسة وهي نائمة، وأرفع غطاءها… لا كشف الله لنا غطاء.
ثم ماذا؟ أو كما تقول إحدى شركات الصناعة الأميركية وهي تتحدى قريناتها “وماذا بعد؟”… أجزم أن تعاطي الحنظل أحلى وألذ من تعاطي السياسة في الدول العربية، والكويت دولة عربية، كما ينص الدستور في مادته الأولى، ولو كان القرار بيدي، لرميته من يدي لشدة حرارته، ثم التقطته وصححت المادة الأولى “الكويت لا علاقة لها بالدول العربية وبين البائع والشاري يفتح الله”.
لكن، وكما يقول المعزّون: “من رأى مصيبة غيره هانت عليه مصيبته”، فإذا كنت – أنا – عاجزاً عن قراءة كتاب، فإن إعلاميي مصر، كما أظن، عاجزون عن قراءة سطر واحد. ياااه ما أعلى الضجيج في مصر، وياااه ما أشده وما أبشعه.
ومن مصر أنتقل إلى بقية بلاد العُرب أوطاني، فأقرأ ما تكتبه صحافة تونس من على شاشة الكمبيوتر، ثم أقلب الصفحة – ولو استطعت لمزقتها – لأقرأ ما تكتبه صحافة لبنان، والمواقع الإلكترونية السورية، إذ لا صحافة في سورية، والصحف المغربية، والعراقية، ووو، فاكتشف أن الإعلاميين العرب في حالة يرثي لها الرثاء، ويبكي لها وعليها البكاء.
لذا، وبعد أن شكوت الحال، سأطرح فكرة على الزملاء العرب الإعلاميين المنكوبين المنكودين: “ما رأيكم أن نترك الساسة والسياسة في العراء، بلا غطاء إعلامي، مدة أسبوع؟” خذوها مني صافية، عليّ النعمة ستتبدل أوضاعهم وأوضاعها، أقصد الساسة والسياسة.
تعالوا نجرب ونتركهم ونتركها، ثم نراجع الأوضاع بعد أسبوع، ونرى ماذا جرى… وإذا وافقتم فسأبدأ بنفسي، لكنني أخشى أن تفعلوا معي ما فعله الأطفال بصديقهم الذي بكى لشدة حرارة الأكل، فقيل له: “دعه حتى يبرد”، فأجاب: “هم لن يدعوه”.

سامي النصف

الدول الخليجية والدويلات الأندلسية!

يفوت على كثير من ساستنا ومثقفينا ومفكرينا واعلاميينا ونحن نتحدث عن الاتحاد الخليجي الكثير من الاساسيات والبديهيات ومنها:

1 – ان النظام الاساسي لمجلس التعاون نص ومنذ يومه الاول على ان اهداف المجلس «تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين الدول الاعضاء وصولا الى وحدتها»، كما اتى في الفقرة الاولى من المادة الرابعة، فاذا كان هناك من لديه تحفظات على الوحدة الخليجية فلماذا تم السكوت على النظام الاساسي لمدة 31 عاما ولم يطالب أحد بتغييره حتى تعلم الشعوب ان هدف المجلس ليس الوحدة.

2 – إن اكثر نقد وجه للقيادات الخليجية خلال الثلاثة عقود الماضية هو: لماذا لم تحققوا وحدة دولكم؟ وهل يجوز نقدهم مرة اخرى عند طلبهم للوحدة؟

3 – لا يخفى على احد حجم المخاطر والمطامع الحقيقية التي تحيط بدولنا الخليجية (غزو صدام للكويت كمثال) وحقيقة اننا لا نستطيع مواجهتها منفردين بل ان وحدتنا هي السبيل «الوحيد» لتقويتنا عسكريا واقتصاديا وسياسيا، فالاتحاد قوة والتفتت ضعف، والا لماذا اتحدت الولايات الاميركية والدول الاوروبية؟!

4 – ان الاتحاد الخليجي سيحافظ على المكاسب السياسية والاجتماعية والاقتصادية لدوله وشعوبه ولن يضحي احد بديموقراطيته او انفتاحه الاجتماعي ضمن تلك الوحدة ولدينا تجربة اتحاد الامارات الذي يضم الشارقة ذات التوجه الاسلامي المحافظ ودبي ذات التوجه الليبرالي المنفتح دون ان يفرض الاتحاد نمطا واحدا عليهم.

5 – الاتحاد ليس موجها بالقطع ضد دولة او فئة او طائفة والا لوقفنا جميعا ضده بل على العكس من ذلك فغرب الخليج القوي والمتحد هو الحليف الاقوى لشرق الخليج الذي يتعرض هذه الأيام لتهديدات امنية وعسكرية وحصار اقتصادي.

6 – مطالبتنا بوحدة دول الخليج تتطابق مع مطالبتنا بوحدة اراضي العراق وشعوب ايران ولا يصح عقلا ومنطقا ان تطالب دول الخليج بوحدة اوطان الآخرين وأن يروموا هم في المقابل تشرذمنا وتشتتنا.

7 – ان كان لا بد من الاستفتاء حول الاتحاد فليمنح الاستفتاء لمن يود من شعوب دولنا بعد 4 سنوات من تجربة الوحدة ومزاياها لا قبل ذلك ومن يرفض الوحدة فعليه ان يخرج من مجلس التعاون لمخالفته النظام الاساسي في مادته الرابعة الداعية للوحدة.

8 – الوحدة لا تعني هيمنة دولة على باقي دول الاتحاد بحسب الحجم حيث ان الوحدة ستقوم على مساواة دوله في الحقوق والواجبات كحال تساوي المانيا ولوكسمبرغ ضمن الاتحاد الاوروبي.

9 – اشتراط تطابق الانظمة السياسية لتحقيق الوحدة الخليجية هو شرط استحالة ودعوة حق يراد بها باطل، فالاتحاد الاوروبي يضم انظمة سياسية مختلفة منها الملكية والجمهورية والاندماجية والفيدرالية ..الخ، ولم يشترط احد التحول للنظام الجمهوري او الملكي او الفيدرالي ..الخ، لتحقيق تلك الوحدة التي افادت جميع دولهم.

10 – ان الطامعين في بلداننا لن يميزوا بين طوائفنا وأعراقنا وتوجهاتنا السياسية ويمكن في هذا السياق سؤال الوحدويين والبعثيين الكويتيين عما فعله بهم البعثيون والوحدويون الصداميون حيث ساقوهم للمشانق والمعتقلات والمقابر الجماعية، فهل من متعظ؟

11 – أخيرا ان العروض الوحدوية الحالية لن تكون موجودة بشكل دائم على الطاولة فقد يسعى في الغد من يرفض الوحدة اليوم فلا يجدها.

***

آخر محطة: 1 – للمعلومة، عندما احتل صدام الكويت لم يطلب احد من الكويتيين ابان مؤتمر جدة في أكتوبر 1990 ان يتخلصوا من ديموقراطيتهم كشرط لدعم عملية تحريرهم ولو طلب ذلك الامر آنذاك لتحقق على الفور حيث كانت الاولوية لتحرير الكويت على ما عداها.

2 – للاسف، دولنا الخليجية أقرب ما تكون هذه الايام لحال دويلات الطوائف في الاندلس التي تسبب تفرقها في تساقط ممالكها تباعا وطرد شعوبها العربية من بلدانها التي تجاوز عمرها 800 عام أي اكثر من ثلاثة اضعاف عمر اغلب دولنا الخليجية.

3 – يقول الشاعر أبوالبقاء الرندي في ضياع ممالك الاندلس وتشرد شعوبها:

لكل شيء إذا ما تم نقصان

فلا يغر بطيب العيش إنسان

هي الأمور كما شاهدتها دول

من سره زمن ساءته أزمان

أين الملوك ذوو التيجان من يمن

وأين منهم أكاليل وتيجان

لِمَ التقاطع في الاسلام بينكم

وأنتمُ يا عباد الله إخوان

لمثل هذا يذوب القلب من كمد

ان كان في القلب إسلام وإيمان

الخوف ان نبكي يوما كالنساء على دول لم نحافظ عليها كالرجال!

 

حسن العيسى

تغريدة السعدون

“تغريدة” رئيس المجلس أحمد السعدون عن موضوع الوحدة الخليجية تشرف كل مؤمن بالشرعية الدستورية وحكم القانون وحرية التعبير المقدسة، ولم يكن أحمد السعدون منغلقاً رافضاً كمبدأ الوحدة الخليجية، وإنما كان تحفظه الرصين ينبع من قناعة راسخة بأن أي مشروع وحدة يجب أن يكون بين أنظمة ترتفع في قوانينها وممارستها إلى مستوى الحريات السياسية في الكويت كحد أدنى، بمعنى أن تكون دولنا متشابهة في أنظمتها الدستورية، وهذا غير متحقق الآن.
ومربط الفرس في فكرة الوحدة الخليجية هو القضية الأمنية في دولنا، وأن هذه الوحدة وقوامها الاتفاقية الأمنية، التي تحفظت عنها الكويت حين وقعت بين دول الخليج في الرياض عام ٩٤، تخترق أحكام الدستور الكويتي في ما يتعلق بقضية حرية التعبير، والأهم من ذلك اختراقها مبدأ “إقليمية القوانين الجزائية”، بمعنى أن القوانين الجزائية لدولة ما، وكما استقرت عليه الشرعية الدولية لا يجوز أن تمتد إلى خارج إقليم الدولة (أرضها أو مياهها الإقليمية)، وهذا مبدأ لا يجوز أن يخضع للاستثناءات إلا في أضيق الحدود.
وفي مثل الاتفاقية الأمنية يصف أحمد السعدون بعض بنودها “بالمهزلة”، فالمادة ٢٨ تنص على التسليم الوجوبي للمتهمين حتى ولو كان الفعل “… غير معاقب عليه في الدولة المطلوب إليها التسليم أو حتى لو كانت العقوبة المقررة للجريمة في الدولة الطالبة التسليم لا نظير لها في الدولة المطلوب منها التسليم…”، يعني لو ارتكب كويتي –في الكويت- فعلاً يعد جريمة في أي من الدول الموقعة على الاتفاقية لكنه ليس جريمة في قانون الجزاء الكويتي، تلتزم الكويت بتسليم مواطنها للدولة صاحبة الاتهام…!.
هذا يعني أن قانون الجزاء الكويتي سينتفخ لدرجة الانفجار، ليضم كل قوانين الجزاء في دول الخليج… وهذا آخر ما ينقصنا ونحن نتجرع اليوم مرارات علقم الإسهال التشريعي الجزائي من مجلس الأوصياء البرلماني، وهذا بالمناسبة وبالمفارقة المحزنة معاً قد يقلل فروق حدود الحرية بمعناها العام الذي نتبجح به في الكويت بيننا وبين بقية دول الخليج…! لكنه من ناحية يبقى هناك الجزء الضئيل المتبقي من حرياتنا حسب الدستور المنتهك من رعاته وليس من أنظمة الخليج، ومن ناحية أخرى لنفهم ونتعلم من التجربة الأوروبية في مسار وحدة أممها بعد الحرب الكونية الثانية، فإجراءات الوحدة لم تكن رد فعل لتهديد أمني مباشر فقط من دولة مثل الاتحاد السوفياتي سابقاً، وإنما نشأ بداية من قناعة مفكرين كبار آمنوا بحرية الفرد مطلقاً، وأن ذلك الفرد الأوروبي لا يجب أن يتعرض لمحن الفاشية أو النازية أو الستالينية.
فكان بداية العمل الدؤوب لمفكرين مثل كونراد ادناور وكاسبري وشومان، ولخص المفكر الفرنسي جان مونيه كأحد أكبر مهندسي الوحدة الأوروبية الموضوع بعبارة “… نحن لا نريد أن نربط بين دول وإنما بين شعوب…”، واتحاد دولنا الخليجية إنما هو مشاريع أمنية لأنظمة حاكمة وحريات شعوبها ليست مسألة ذات أهمية عندها… فالدولة هي النظام الحاكم والنظام الحاكم هو الدولة، وهذا ما استعرناه من لويس الرابع عشر من فرنسا قبل الثورة العظيمة، وحتى الآن يعد فكر جان مونيه الفرنسي بعيداً عنا تماماً.

احمد الصراف

شهادة بال

صدر في بداية شهر أبربل قرار من جامعة مجرية بعدم صحة رسالة الدكتوراه التي يحملها «بال شميت»، رئيس جمهورية المجر، ونتيجة لذلك أُجبر على الاستقالة من منصبه الذي شغله لسنتين تقريبا، ولم يشفع له بالطبع أنه حصل عليها قبل عشرين عاما، ويبدو أن هؤلاء المجريين لا يعرفون «عفا عما سلف»! ولو حزمت حكومتنا أمرها، ولن تحزم أمرها، وقررت إجراء مراجعة شاملة للشهادات الجامعية، وبالذات الدكتوراه، التي يحملها وزراء ووكلاء حاليون وسابقون لوجدت العجب، علما أن غالبية شهادات الدكتوراه المعترف بها هي في مواضيع سطحية وغير ذات أهمية، هذا عدا المئات غير المعترف بها، والتي سبق أن كتبنا عنها، وعن ذلك النائب السابق الذي استقبله رئيس وزراء، ومسؤولون كبار، والتقط صورا رسمية معهم، بمناسبة حصوله على شهادة دكتوراه صادرة عن جهة تبيع مثل هذه الشهادات علناً مقابل ألف دولار، من دون الحاجة الى ترك عتبة البيت! ولا ننسى بالطبع تجمع أو رابطة حملة شهادات الدكتوراه المضروبة، أو غير المعترف بها، والذين لم يتركوا وسيلة للضغط على الحكومة لتوظيفهم بالشهادات التي لا تساوي الورق الذي كتبت عليه، وسكوتهم في الآونة الأخيرة يعني إما أنهم انتابهم اليأس، واما انهم حصلوا على ما يريدون، وهذه أقوى احتمالا، بوجود هكذا «نخبة» في برلمان خالد سلطان!. والحقيقة أن المرء يحتار في تبرير تصرف الحكومة، او بعض منها في الثقة بشخص اشترى شهادة عليا لم يكتب يوما حرفا في سبيل الحصول عليها غير الشيك الذي غطى ثمنها، ومن يبع سمعته وشرفه فهو على استعداد لبيع وظيفته ووطنه، وإن تطلب الأمر ذلك، فليس هناك أسهل من ذلك.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

ترشيد الممارسة

عندما دعوت في مقالي الاخير الى عقد مؤتمر لانقاذ الديموقراطية، تلقيت العديد من ردود الأفعال المؤيدة والمتحمسة لعقد مثل هذا المؤتمر. ونتيجة لذلك اكتب اليوم بشيء من التفصيل عن هذا الموضوع، ولكن قبل ذلك لابد من توضيح نقطتين حتى لا يلتبس الامر على الاخوة القراء:
الاول: ان الفكرة ليست موجهة ضد تكتل الأغلبية او المعارضة السياسية كما يظن البعض، بل هي توجيه لمسيرة هذه المعارضة ان أرادت ان تجد أرضا صالحة لممارسة دورها.
الثاني: انها ليست لدعم توجهات رسمية ولا لتأصيل مفاهيم معينة عليها خلاف شعبي، بل هي لانقاذ الممارسة الشعبية حتى لا نعطي للتوجهات الرسمية العذر بالغائها او تشويهها.
ان المراقب لما آلت اليه الامور في المجلس والحكومة السابقين ليدرك جيدا ان اثنين لا ثالث لهما كانا على وشك الانهيار: اما الدولة ككيان! واما الديموقراطية كممارسة! الى ان جاء المنقذ واصدر مرسوما بحل الحكومة والمجلس! ثم جاءتنا حكومة جديدة ورئيس جديد يتبنى نهجا جديدا، وزامنه مجلس امة جديد وتكوين جديد وروح جديدة، فارتاح المخلصون واطمأنوا وتضايق المرجفون والمتربصون… ولكن يا فرحة ما تمت..! لم تتمكن الأغلبية من تجاوز حقل الألغام الذي زرع في طريقها، ولم تتمكن الحكومة من تجاوز دور المتفرج، فاصبحنا نرى اغلبية لها برنامج جيد ورؤية ثاقبة، لكن مسيرتها خلاف ما خططت له ورسمت! ورأينا حكومة جاءت لتثبت للناس انها «غير» وان ما يريده ممثلو الامة – من باب التعاون – سيتم! ولكن من دون ان تلعب دورها كسلطة ثانية مكملة للسلطة الاولى ومتناغمة معها!
ومما يؤسف له ان جهات اخرى مؤثرة في رسم بقية عناصر الصورة لعبت دورا سلبيا في ابراز الجانب المظلم لهذه الممارسة، واقصد بهذه الجهات وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي التي اصبح تأثيرها واضحاً للجميع، فكانت النتيجة كالتالي:
تذمر الناس من زيادة جرعة المراقبة البرلمانية على اعمال السلطة التنفيذية التي أدت الى شلل تام في دورة الاقتصاد وتعطل عجلة التنمية.
ضعف حماس الشعب لمتابعة اداء النواب وأعمال المجلس بسبب تدني لغة الحوار.
لم يتمكن النهج الجديد الذي جاء به رئيس الوزراء من تهذيب مسيرة المجلس، فالحكومة لم تكن بمستوى رؤية سموه وتمنياته، لان عددا من الوزراء فرض عليه فرضا، لذلك جاءت هذه التركيبة غير متجانسة مع رؤيته وطموحه! فشاهدنا التعثر والتخبط الحكومي في اهم القضايا وما نتج عن ذلك من كثرة الاستجوابات المتلاحقة.
الاعلام الذي لعب دورا في تشويه اداء السلطتين نقل هذه الصورة الى العالم الخارجي، فكانت هناك ردة فعل ضد الممارسة الديموقراطية استغلها خصوم الحريات العامة في تلك الدول لاظهار الجانب المشبوه فقط وتحذير شعوبهم من التجربة الكويتية.
الخطورة اليوم ان يستغل هذا التشويه وحالة عدم الرضا الشعبية وتقرأ الساحة بشكل خاطئ لارجاعنا الى المربع الاول! فلا طبنا… ولا غدا شرنا!.
لذلك لابد من عقد مؤتمر وطني وشعبي تشارك فيه كل الأطراف لانقاذ الممارسة الشعبية ومعرفة مواطن الخلل والانتباه الى من يحاول وأد هذه التجربة واحلال الحكم الفردي بدلا منها! لا نقول نحن في زمن الربيع العربي… فما يجري في الخليج العربي ودوله غير… وتوقع غير المتوقع… وابتسم فانت في دولة خليجية.

سامي النصف

الحكومة الشعبية بين النظرية والتطبيق

تساءل مؤسس الشيوعية العالمية كارل ماركس وبحق: لماذا يملك البعض الملايين بينما لا يملك جاره شيئا؟! ولماذا يملك البعض الكثير من المساكن وينام غيره في الشوارع؟! واضاف صاحبه المفكر «انجلز» ان على الحكومة ان تؤمم وتتملك كل شيء ثم تقوم بتوفير السكن والعمل والخدمة الصحية والتعليم بالمجان للجميع ثم سترون ـ حسب قوله ـ كيف سيبدع الانسان متى ما توافرت له تلك الاساسيات في دولة «وطن حر وشعب سعيد»، وعليه فقد كان من المتوقع ان يتحول العالم بأجمعه الى الماركسية مع نهاية القرن العشرين.

*****

وفي عالمنا العربي، روج بعض المفكرين والساسة والمثقفين ابان مصر الملك فاروق وعراق الملك فيصل الثاني وليبيا الملك ادريس السنوسي، لفكرة لماذا يحكمنا ملك مرفه يأكل الكافيار ولا يشعر بمشاعر الفقراء والمساكين؟ والافضل من هؤلاء الملوك ـ برأيهم ـ حاكم «شعبي» يأتي من اوساط الشعب كي يرأف بنا ويرحم فقراءنا ويعف عن اموالنا، وهذا الكلام وما اتى في الفقرة السابقة كلام جميل ومنطقي جدا، فما الذي حدث لدول المنظومة الشيوعية وما الذي جرى كذلك في مصر والعراق وليبيا بعد سقوط الانظمة المالكة وتولي الحكم الشعبي الذي يعتقد انه اقرب لنبض الشارع؟!

*****

سقط حكم القياصرة في روسيا وتولى الحكم فلاح شعبي بسيط قادم من جورجيا يدعى ستالين قام بقتل وابادة 20 مليونا من شعبه، فأنتشر الدمار وتوقف الابداع بسبب الخوف والرعب، ومثل ذلك تسبب الماركسي ماو في موت وابادة 30 مليون صيني في اواخر الخمسينيات، وفي وطننا العربي انتشر زوار الفجر في مصر ابان عهد الحاكم الشعبي جمال عبدالناصر، وامتلأت الارض في ليبيا والعراق ابان عهدي القذافي وصدام بالمقابر الجماعية للفقراء والمساكين ممن لم يقم قيصر روسيا ولا امبراطور الصين ولا ملوك مصر وليبيا والعراق بواحد من مليون من الجرائم التي ارتكبها من اتوا من صفوف الشعب بحق شعوبهم، وتلك الامثلة جميعا تظهر الفارق الكبير في العمل السياسي بين النظرية والتطبيق.

*****

هذه الايام يروج لدينا من يروم تدمير الكويت بسبق اصرار وترصد لمقولة: لماذا لا تحكمنا حكومة شعبية لا يأكل افرادها الشيكولاتة السويسرية (المتوافرة للعلم بأرخص الاثمان في الجمعيات التعاونية) فتلك الحكومات الشعبية ـ حسب قولهم ـ هي الارحم بنا وسنرى على ايدي زعاماتها الخير الوفير والعطف الكثير والامانة والصدق بعد عصر المجاعات والطغيان والبؤس الشديد والمقابر الجماعية التي تعيشها شعوبنا الخليجية على ايدي الانظمة الحاكمة في دولنا الخليجية هذه الايام؟! لمعرفة ما الذي ستفعله الحكومات الشعبية بشعوبنا عليك العودة لبداية المقال والتمعن في انجازات القيادات الضرورة امثال صدام والقذافي ومن لف لفهما.

*****

آخر محطة:

1 ـ المتابع لاعمال الحكومات الشعبية في منطقتنا العربية يجدها تقسم شعوبها الى اربعة اجزاء، جزء للحروب وجزء للابادة الجماعية وجزء للمعتقلات والسجون وجزء للتهجير القسري، ويا لها من قدوة حسنة يراد لنا ان نقتدي بها!

2 ـ تشترك انظمتنا الخليجية، الديموقراطية منها وغير الديموقراطية، في مبدأ «انسانية» التعامل مع شعوبها وحسن الانجاز لدولها، فلماذا نطالب بتغييرها الى خيارات ظاهرها رحمة وباطنها عذاب شديد؟! لست ادري.

احمد الصراف

اتحاد متسرع

كتب الزميل عبدالرحمن الراشد، في «الشرق الأوسط»، مقالاً ذكر في بدايته أنه ضد اتحاد خليجي، كالمزمع إنشاؤه، وكان من الممكن أن يكون موقفه، كما اعتدنا منه، لافتاً لكاتب سعودي وفي جريدة شبه رسمية، ولكن مع الاستمرار في قراءة المقال يتضح أنه ليس ضد الفكرة بل معها، بالرغم مما تضمن مدحاً وانتقاداً للكويت في آن واحد، وكان إلى حد ما مصيباً في الحالتين، حيث ذكر أنه ضد فكرة الاتحاد إذا كان تأسيسه يعني أن تلغي الكويت نظامها البرلماني، ومفهوم المشاركة السياسية عبر الانتخاب، إرضاء للسعودية وبقية الدول الخليجية. كما أنه بالقوة نفسها ضد الاتحاد، إذا كانت البحرين أو دبي ملزمة بتطبيق أنظمة الكويت أو السعودية المتعلقة بتقييد الحريات الاجتماعية. كما هو ضد نقل «أمراض الكويت السياسية»، من تحزبات قبلية وطائفية، إلى بقية دول الخليج! أو نقل النزاعات الطائفية في البحرين إلى الدول الخمس الأخرى!
والحقيقة أن الراشد، بالرغم من كل ما عرف عنه من تجرد، قد خانه التعبير، أو أكثر من ذلك، فهو لم ير في التجربة الكويتية غير «تقييد حريات»، و«أمراض سياسية وتحزبات قبلية وطائفية»، وهي في هذا والسعودية واحد من ناحية تقييد الحريات الاجتماعية، فهذا تسطيح لوضع الكويت ولتجربتها الديموقراطية، بالرغم من كل مثالبها! فوجود «القيود الاجتماعية» التي يسخر منها حالة استثنائية، ولم تطرأ إلا في السنوات الأخيرة، وبالتالي يمكن التغلب عليها متى ما توافر القرار السياسي، وهي بالتالي ليست «مرضاً عضالاً» لا شفاء منه. فالمجتمع الذي أفرز أحمد الخطيب وعبدالله النيباري وسامي المنيس وجاسم القطامي وأحمد النفيسي، وأيضاً حسن جوهر لكي لا نبخس الرجل حقه، وآخرين لا يسع المجال لذكرهم، هو المجتمع نفسه الذي أفرز خالد سلطان وشلته. ومن جاء بهؤلاء بإمكانه أن يأتي بمثلهم وأحسن منهم.
وأعتقد أن أي اتحاد خليجي لا يمكن أن تكون فكرته ذات معنى بغير اقتراب الدول الخليجية من ديموقراطية الكويت، وليس اقتراب الكويت من لاديموقراطياتها، ولا أعتقد أن الغالبية في الكويت يمكن أن تقبل، بالرغم من مرارة التجربة، التخلي عن هوامش الحرية البسيطة التي ننعم بها بفضل الديموقراطية من أجل اتحاد هش! فلا جدوى لأمن بلا حرية، والتي إن ذهبت قد تذهب بالأمن معها. أما جزرة «الاتحاد قوة» التي يتم التلويح بها، وأن الاتحاد المزمع تكوينه سيكون له جيش قوامه 360 ألف مقاتل، فكلام لا معنى له في ظل التدهور الإداري والتنظيمي الذي تعيشه غالبية الدول العربية، باستثناء دبي تقريباً. فقد فشلت الدول الخليجية الست حتى الآن، وبعد نصف قرن من استقلال أغلبيتها، في خلق إدارات حكومية ولو شبه ناجحة، والجيش لم يكن قط استثناء من هذه القاعدة، وبالتالي لا نستطيع مثلاً الوقوف في وجه أي تهديدات خارجية، وبالذات إقليمية، ونحن بكل هذا التهلهل والتسيب في عقر دورنا، بجيش من 360 ألف جندي أو بضعف ذلك، وما نحتاج إليه هو اهتمام كل دولة خليجية بتحسين وتعديل الخرب من أوضاعها، ومن بعدها التفكير في إقامة اتحاد فعال، فجمع أصفار عادة لا ينتج عنه شيء.

أحمد الصراف