سامي النصف

من يدفع فواتير العبث السياسي المدمر؟!

تعلمنا منذ الصغر حقيقة ان بيع النفط خاما يضر باقتصادنا الوطني والأفضل منه بيعه على شكل مشتقات وصناعات نفطية أو بعد تكريره بالمصافي، لذا أتت فكرة المشاركة مع شركة «الداو» العالمية إحدى أكبر الشركات المختصة بالصناعات البترولية، توازيا مع مشروع إنشاء المصفاة الرابعة، إلا ان العبث السياسي المدمر لمصالح الكويت وبقائها تسبب في إلغاء عقد «الداو» ومشروع المصفاة الرابعة ومن ثم صدور حكم أمس من المحكمة الدولية بدفع 2.2 مليار دولار من المال العام كغرامة لذلك الإلغاء العبثي.

***

لقد كانت مصلحة الكويت تتطلب، وكما ذكرنا في مقالات عدة آنذاك، ان «يعدل» عقد المشاركة فيما لو كان مخلا بمصالح الكويت لا ان يلغى، ولا يحتاج الأمر كما اقترحنا في حينه إلا إلى الاستعانة بمكتب نفطي عالمي لينظر في بنود العقد ويقرر بشكل محايد مدى إنصافه من عدمه، ولو احضر مثل ذلك المكتب لما ارتضى على سبيل المثال بوجود بند مجحف كحال بند التعويض الملياري على أعمال لم تتم، النصيحة لم تعد بجمل كما يقول المثل بل.. بمليارات الدولارات!

***

وكان العبث السياسي المدمر المتدثر بعباءة الوطنية الزائفة قد تسبب في إلغاء مشروع حقول الشمال الذي كان بمثابة مشروع مارشال للكويت ينهض بها اقتصاديا عبر تطوير حقولها وزيادة إنتاجها من المكامن الصعبة، ويوفر لها الحماية الأمنية، وبعد ذلك تم إلغاء مشروع تحديث اسطول «الكويتية» وبكلفة 2.1 مليار دولار فارق أسعار بين قيمة الطائرات آنذاك وقيمتها حاليا، كما أوقف العبث السياسي مشاريع الـ B.O.T التي أصبحت أسواقها ومشاريعها الترفيهية الملاذ الوحيد للمواطن والمقيم والسائح إبان موجات الحر والغبار السائدة أغلب العام.

***

وبدلا من توفير الأراضي العامة للدولة للمطورين وللشركات المساهمة كما هو الحال القائم في بلدان العالم الأخرى كي تنخفض أسعار البيوت السكنية، أوقف العبث السياسي الهادف لتدمير الكويت بحجة الحفاظ على مصالحها! حيازة الشركات المساهمة للأراضي الحكومية لبنائها فأصبحت أسعار أراضينا هي الأعلى في العالم، وبدلا من دعم شركتي الاتصال الكويتيتين القائمتين كي تقويا وتوظفا المزيد من الشباب تمت محاربتهما عبر إنشاء شركة اتصالات ثالثة لم تفد أحدا بشيء حيث بقيت أسعار الاتصالات كما هي ونقرأ هذه الأيام ان الشركة الثالثة قد فقدت 75% من رأسمالها الذي ساهم به المواطنون وباتت على شفير الإفلاس مع بقاء العبث السياسي مستمرا والجموع تقاد الى حتفها ودمار بلدها وهي تهلل وترفع قاتليها ومدمري بلدها على الرؤوس والأكتاف، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

***

آخر محطة: (1) يوم حزين يمر ورأس مسؤول كويتي آخر يسقط وسؤالنا هل بعد كل ما قيل من اتهامات بالسرقات والتجاوزات سيرجع دينار واحد للخزينة العامة للدولة؟! وهل سيحاسب أحد قط فيما لو صدقت كل تلك الاتهامات؟!

واضح من مسار العبث السياسي خلال العشرين سنة الماضية ان كل شيء يتوقف مع الاطاحة بالمسؤول المستهدف بالاستجوابات والاتهامات ما يعني: اما ان تلك الاتهامات باطلة أو حقيقية ويسكت عنها عبر صفقات تتم مع المسؤول الجديد بعد ان تم ذبح القط أمامه.

(2) سخونة سياسية قادمة سريعا على الطريق من قبل جماعة العبث السياسي للتغطية هذه المرة على تحديد المسؤولية ومحاسبة من تسبب في خسارة المال العام لـ 2.2 مليار دولار.

 

احمد الصراف

التواطؤ القذر

قمت قبل فترة ببيع منزل، يخص صديقا غير كويتي، مسجل باسمي منذ عقود عدة، ويقع في منطقة السرة! وكما هو متبع فقد طلب المشتري براءة ذمة للكهرباء والماء والتلفون قبل انهاء الصفقة ودفع المبلغ المتبقي. وفي غياب مالك البيت، الذي توفي قبل فترة، ووجود ورثته خارج الكويت، قمت بمتابعة معاملات البيع، ومنها دفع فواتير الكهرباء، وكنت اتوقع أن تطالبني الوزارة، في ظل «الحكومة الالكترونية» التي طالما آذوا أسماعنا بكثرة حديثهم عنها، بسداد كل ما علي من فواتير لبيوت سكنية عدة مسجلة باسمي، والتي تراكمت فواتير استهلاك عليها لسنوات، والتي طالما رفضت مكاتب التحصيل أن ادفع عنها شيئا! ولكن بما أن الرغبة مبيتة لدى «الراسخين في الفساد» على ابقاء الوضع على ما هو عليه، وعدم تشجيع أحد على الدفع لكي لا يطال موظفي الوزارة، و«ملاكها» انفسهم، فقد «غرش، أو صهين» موظف التحصيل عن مطالبتي بكامل ما أنا مدين به للدولة عن استهلاك الكهرباء، واكتفى بمطالبتي بدفع فاتورة ذلك البيت فقط، وعندما لفتّ نظره إلى وجود فواتير اخرى مستحقة، رفض الاستجابة لطلبي بحجة أن الكمبيوتر لا يبين شيئا، وأن من الأفضل حضوري أو من يمثلني صباح اليوم التالي، وفي الساعة السابعة والنصف تحديدا، لكي اصطحب قارئ العداد معي بالسيارة ليقوم «بقراءة» أرقام عدادات الاستهلاك، وأن نعيده، بسلامته، بعدها للمركز، ومن ثم يمكن سداد ما علينا للدولة من مستحقات! «ما كذبنا خبر»، حيث ذهب من يمثلني في الوقت المحدد من صباح اليوم التالي للالتقاء بـ «قارئ الفنجان أو العداد» وانتظر نصف ساعة من دون جدوى! لم أحرك بعدها عجلة الدفع، فليس من واجبي، ولا من أخلاقي، اجبار احد على أخذ مبلغ لا يريده! كما لا شك عندي، من تجارب سابقة من أن هناك نية داخل وزارة الكهرباء، ومدعومة بتوصيات من جهات متنفذة، على عدم مضايقة المواطن، واجباره على الدفع، وهذا أشبه بالتشجيع على أكل مال الدولة، ولكن مسؤولي الوزارة اجتهدوا أكثر، ليس فقط في عدم اجبار المواطن على دفع ما عليه من مستحقات، بل وحتى في عدم مطالبته بأي شيء!
والآن كيف يمكن اصلاح او حتى توقع قيام الحكومة باصلاح أي ادارة؟ وكيف نصدق أن الوزارة ليس لديها برامج كمبيوتر تبين ما على كل مواطن من رسوم خدمات استهلاك كهرباء وماء؟ فإن كان الجواب بالنفي فهي مصيبة، وان كان بنعم، ولكن لا تقوم بتشغيل البرنامج عمدا، فالمصيبة أعظم!
***
ملاحظة: ورد في القبس (25/4) أن هناك أكثر من 200 ألف عداد كهرباء لم تصدر فواتيرها منذ عامين! وتقديرا من وزارة الكهرباء لجهود موظفيها (في عدم قراءة العدادات والتسبب في تراكمها على المواطنين) فقد أقر الوزير الابراهيم كل توصيات «لجنة فحص وصرف مكافآت العاملين في الوزارة»! وتعليقا على هذا الخبر ليس في مقدوركم فعل شيء، غير رفع حواجبكم تعجبا!

أحمد الصراف

حسن العيسى

بوفيه الديمقراطية الفاضي

وصف د. سعد الدين إبراهيم، وهو في أوج حماسه، الحالة الديمقراطية التي تخطو نحوها مصر بأنها مثل البوفيه يختار المواطن منها ما يشتهي. تشبيه د. سعد الدين الذي جاء في مجلة “المصري” جميل ومثالي، ويمكن تفهم حماسه للحالة المصرية اليوم بعد أن ذاق هذا الأكاديمي الكبير مرارة السجن أيام حسني مبارك، لا لشيء غير أنه مارس حقه في نقد النظام. الآن يجب ألا ننسى، سواء في مصر أو في الكويت وفي كل المشاريع المستقبلية لدول “الربيع العربي”، تجارب الغير ممن سبقونا في المضمار الديمقراطي، بأن هناك مَن سيلتهم كل أصناف الطعام من سطح البوفيه الديمقراطي، حين يتمكن من الاستحواذ على أغلبية الأصوات ولا يترك للآخرين غير سموم الطغيان، وفي مثل دولنا التي ليس لها تاريخ يستحق ذكره في الديمقراطية علينا أن ننتبه إلى أن قوى الأصولية، أياً كانت، دينية أو غير دينية، ستنحي جانباً الآخرين تحت حجة الأغلبية الشعبوية، كي نشهد حالة ما يسمى “الاستبداد الديمقراطي”.
أوروبا العريقة في التاريخ الديمقراطي تجرعت هذا السم في التجربتين النازية والفاشية، وكان هَمّ المفكرين والفقهاء القانونيين، بعد اندحار دول “المحور” أن يخلقوا آليات قانونية لدرء أي مخاطر متصورة مما سماه الفقيه لونستين “الديمقراطية الأصولية”، وله عبارته المشهورة “يجب محاربة النار بالنار”، وكانت دعوته إلى الديمقراطية المنضبطة disciplined democracy، والطريق إلى هذه الديمقراطية المنضبطة ليس كما يتوهم البعض بفتح أبواب احتكار الحكم للسلطة التنفيذية، بل يكون من خلال “التقنيات الدستورية”، وهذا لا يكون إلا عبر خلق المحاكم الدستورية عند الفقيه الكبير هانز كلسن صاحب النظرية البحتة للقانون، فمثل تلك المحاكم يمكن أن تفرمل اندفاع “السيادة الشعبوية” popular sovereignty كي لا تسحق حقوق وحريات الأفراد أو الأقليات “بصفة عامة”، وكان بعد ذلك أن انتشرت وتوطدت أركان المحاكم الدستورية في أوروبا الغربية، فهنا سلطة حكم القانون والشرعية الدستورية تقف حائلاً دون تمدد التيارات الشعبوية.
لنقف عند هذا الحد، حيث فصّل كثيراً في هذه المسألة الباحث جان ميلر في كتابه “contesting Democracy” (الديمقراطية المتحدية كما أترجمها)، ويبقى أن ننظر هنا في الكويت ونقرأ تجربة المحاكم الدستورية في أوروبا مع الأخذ في الاعتبار الفارق أو “الهوة” الكبيرة بين الحالة الأوروبية بعد الحرب والحالات العربية ومنها الكويت. ويظل مشروع النائب محمد الصقر نحو تعديل نظام المحكمة الدستورية بقبول الدعوى المباشرة خطوة مستحقة إلى الأمام، من دون أن ننسى عدم كفايتها، بضرورة العمل نحو قانون كامل للاستقلال القضائي وإقرار نظام مخاصمة القضاء، مع الأخذ في الاعتبار ملاحظات الزميل محمد الجاسم التي دوَّنها في كتابه “المحكمة الدستورية… نحو إصلاح جذري”، ففي النهاية ليس هناك من ضمان لحريات الأفراد هنا في الكويت أو أي من الدول التي تحبو على أرض “الربيع ” أو “الخريف” العربي غير سلطة الشرعية الدستورية، فحين تنص الدساتير على الحد الأدنى من حريات البشر، فبالتالي ليس من سلطان المجالس النيابية أو الحكومات الافتئات عليها تحت حجة هذا القانون وهذا حكم الشعب، ومن لا يعجبه فليشرب ماء البحر… فهذا “بوفيه” لا يسمن ولا يغني من جوع.

احمد الصراف

عندما يتحالف «ماركس» مع التخلُّف!

يقول برنارد شو: «ان الديموقراطية هي آلية لضمان بأننا لن نُحكم بأقل مما نستحق!».
***
لدي ما يكفي من الشجاعة للاعتراف بأنني، وطوال 40 عاما تقريبا، كنت مخطئا في إلقاء مسؤولية تخلف أوضاعنا السياسية والاقتصادية والتعليمية وغيرها في الكويت على السلطة! اقول ذلك، بالرغم من إيماني بضرورة تحمل السلطة المهيمنة على أوضاع الدولة نصيبها من المسؤولية، ولكن الجهات الوطنية المؤتمنة على إقامة الدولة المدنية هي المقصرة الأولى عما وصلت اليه أوضاعنا من سوء، فقد أخطأت في حق نفسها ووطنها، بسبب فشلها طوال عقود ثلاثة في تشكيل اي تنظيم قوي، أو حتى القبول بتنظيم قوي! وبالتالي، لم يكن امام السلطة غير الالتفات لغيرها من القوى المضادة الأكثر تنظيما وقوة! ففي أول محاولة جدية لإقامة تنظيم موحد يضم المنبر الديموقراطي والتجمع الوطني، دفعت قيادة المنبر في اتجاه منع فكرة الانصهار في تنظيم واحد، وأعتقد أن موقفها هذا لم يتغير، وقد صدم هذا الموقف وقتها كثيرين، وعزز من موقف السلطة السلبي منهم، على الرغم من كل ما امتلكه أفراد التنظيمات الليبرالية والوطنية المشتتة من قدرات إدارية كبيرة وناجحة، مكنتها طوال نصف قرن من شغل غالبية، إن لم يكن كل وظائف الدولة، قبل أن يأتي ممثلو القوى الأخرى المناوئة لهم ويقوموا بتهميشهم بصورة تدريجية والحلول محلهم تماما، بعد أن فرضوا أنفسهم على السلطة من خلال اتحادهم وقوة صوتهم، وبالتالي ليس من العدل تكرار مقولة إن السلطة تعمل ضد الوطنيين والليبراليين. فالسلطة، أي سلطة، لا يهمها غير بقائها، وبقاؤها يكون بتعاونها أو اتحادها او تحالفها مع القوى الفاعلة الأخرى، والقوى الوطنية الليبرالية لم تكن قوة فاعلة ومتحدة، على الأقل منذ التحرير وحتى اليوم! فقد بَزَّهم الآخرون ذكاء وتكتيكا، وعرفوا اللعبة خيراً منهم، وأصبحت لهم خطوطهم الحمراء والزرقاء، التي أصبح كثيرون يهابون الاقتراب منها.
لست هنا بطبيعة الحال في معرض الدفاع عن السلطة وتبرئتها من كل سلبياتنا وأخطائنا، ولكني أشعر بأني ملزم بالاعتذار عن سابق مواقفي، وبعد أن اصبحت أرى في اكثر من تجمع وندوة عقدت أخيرا كيف «تكاتف وتحالف» ماركسيو الأمس واليوم والغد مع أكثر القوى إثارة للجدل والشبهة والشك، فقط لأن الاثنين يشتركان في عدائهما للسلطة! وأعتقد ان كثيرين يعرفون من أعني هنا!
والخلاصة أن عيبنا فينا، وتشرذمنا سببه ضعفنا، ولن نستطيع فرض أو إقناع السلطة بصواب مواقفنا وآرائنا بغير تكاتفنا، وأعتقد مخلصا أن السلطة ستكون اكثر انسجاما مع نفسها في التعاون مع القوى الوطنية المتقدمة منها مع الأخرى، ولكن هذا يتطلب الاتفاق على قيادة واحدة وموحدة تتحدث مع السلطة، وبخلاف ذلك ستستمر عملية التخلص من كوادر القوى الوطنية في الإدارة الحكومية، وإحلال غيرهم محلهم شيئا فشيئا!

أحمد الصراف

سامي النصف

مصر تنتخب الرئيس

في كثير من بلدان العالم يُسمح بالتصويت المبكر للناخبين بالخارج في السفارات او عبر البريد، الا ان نتائج تصويتهم لا تعلن إلا حين اعلان النتائج النهائية كي لا تؤثر في خيارات او مسارات الناخبين. في مصر بدأت الصحف والاحزاب تعلن نتائج انتخابات الخارج، تلك النتائج ان صدقت (اعلن حزب الحرية والعدالة ان مرشحه محمد مرسي حصل على 12 الفاً من اصوات المصريين في جمهورية النيجر التي يقطنها 112 مصريا) تظهر ان د.عبدالمنعم ابوالفتوح هو الرئيس القادم لمصر من الجولة الأولى او الثانية، وكان الله في عون ارض الكنانة وشعبها على الرئيس القادم وروشته القائمة على الانتقام وضرب الجيش واجتثاث الفلول والاعداء، وهي روشتة جربت سابقا في العراق فأدت الى الخراب والدمار وسفك الدماء.

* * *

من الامور التي تميز حملات انتخابات الرئاسة المصرية وفرة الوعود الوردية الزائفة، حيث لا توجد موارد مالية على الاطلاق لتلبية تلك الاكاذيب المدغدغة والتي منها «وعد» د.ابوالفتوح بزيادة رواتب المعلمين بـ 25% وجعلهم الأعلى راتبا في مصر، حيث ان ميزانية الدولة المصرية يمكن قراءتها بسهولة كونها تنقسم الى اربعة اجزاء، الربع الأول لرواتب الجهاز الوظيفي المتضخم اصلا، الربع الثاني للدعم الممتد من الرغيف الى تنكة البنزين، الربع الثالث لتسديد دين مصر الذي لا يمكن الفكاك منه، الربع الاخير تصرف منه الدولة على كل شيء من شراء السلاح حتى بناء المدارس والمستشفيات وإنشاء الطرق.. إلخ، فمن أين سيأتي مرشحو الرئاسة بالموارد المالية اللازمة لتلبية وعودهم الزاهية ما لم يحصلوا بالمصادفة على مصباح علاء الدين السحري.

* * *

وفي مقال للزميل مشعل السديري نشره في جريدة «الشرق الأوسط» بتاريخ 19/5/2012 نقل لقرائه ما استمع له من المرشح د.محمد مرسي على فضائية مصرية من ان الرئيس مبارك سرق خلال 30 عاما من الخزانة المصرية (5)6 تريليونات دولار (30 – 36 تريليون جنيه) اي ما معدله 1.2 تريليون جنيه كل عام وهو ما يفوق الميزانية العامة المصرية بثلاث مرات، فأين المصداقية في ذلك الطرح المدغدغ والمحرض؟

* * *

تحدثنا في مقالات سابقة عن المرشحين عمرو موسى ود.عبدالمنعم ابوالفتوح فماذا عن المرشحين الآخرين؟ المرشح احمد شفيق هو الأكثر انجازا فقد احال المصرية للطيران والطيران المدني والمطارات المصرية من الاسوأ في العالم الى الأفضل، ويمكن له ان يعمل لمصر ما عمله للمصرية للطيران لولا اشكال انه لو تم التصويت له وسقط فسيسقط معه عمرو موسى، ولو نجح فستنزل بعض القوى السياسية للشارع وتعم الفوضى، المرشح د.محمد سليم العوا شديد القدرة والثقافة والنزاهة والذكاء، وإشكاليته اشاعة انحيازه لإيران وتشيعه (!) التي اضرت به، والسياسي لا تقتله الرصاصة بل الاشاعة، للمعلومة زوجته وسيدته الأولى هي ابنة الاخواني الشهير حسن العشماوي وقد عاشت معه في الكويت ولها صداقات عديدة في بلدنا.

* * *

حمدين صباحي لا يحتاج الى اطلاق اشاعة لإيذائه، الحقائق تكفي حيث ظهر اسمه في كشوف كوبونات النفط الصدامية المسروقة من ثروات الشعب العراقي، كما كانت له صداقات متميزة مع الطاغية القذافي. وكيف يحكم مصر من يقبض الأموال من الآخرين؟! كشف صباحي لذمته المالية يخضع للقانون الصادر عام 78 الذي لا يوجب كشف الحسابات الموجودة بالخارج، وواضح ان كوبونات نفط صدام وعطايا القذافي لا تدخل في الحسابات الداخلية، د.محمد مرسي به اعتلال كبير بالصحة وقد رشحه حزبه كـ «احتياطي» لخيرت الشاطر، كما ان وصوله يعني تحول حزبه (الحرية والعدالة) الى حزب وطني آخر مسيطر على كل شيء وكأنك يابوزيد ما غزيت، اشكالية اخرى للمرشح د.محمد مرسي هي قسمه بالطاعة والولاء للمرشد اي ان رئيس مصر سيصبح.. مرؤوسا ومأمورا بحكم قسمه.

* * *

آخر محطة:

(1): يقول مرشح الرئاسة المثقف د.محمد سليم العوا ان 99% من نواب مجلسي الشعب والشورى المصري الحالي يتخبطون ولا يفقهون شيئا في قضايا التشريع، السبب برأينا هو عدم وجود دورات تدريب وتأهيل لهم حالهم حال نوابنا ونواب البرلمانات العربية الأخرى الذين نرجو من الصديق النائب علي الدقباسي رئيس البرلمان العربي ان يوصي بعقد مثل تلك الدورات كي يرتقي العمل السياسي العربي.

(2) ونرجو من البرلمان العربي ان يتعلم من اخفاقات القمم العربية بسبب طغيان الهم السياسي على اعمالها وان يخصص البرلمان العربي جل وقته لقضايا التعليم والصحة والاقتصاد والتنمية والبطالة والغذاء… إلخ.

احمد الصراف

أسرار اللغة

تطرقت في مقال قبل فترة إلى موضوع صعوبة تعلم اللغات، وكيف أن العربية، في نظر كثيرين، تعتبر الأصعب تعلما في العالم! وقد أرسل صديق متخصص في اللغات نصا تعلق بلغات العالم، تضمن سؤالا عما إذا كانت اللغة التي نتكلم بها تشكل الطريقة التي نفكر فيها، أو أنها تعبر فقط عما نفكر به ونود قوله؟ وهل لتركيبة اللغة التي نتكلم بها دور في تشكيل أفكارنا، بغير علمنا أو موافقتها، وتشكل الأفكار التي نود التعبير عنها؟ فمثلا تبين أن طريقة تصريف الأفعال ووضع الكلمات وتكوين الجمل في الإنكليزية والإندونيسية والروسية والتركية تتباين كثيرا، فهل يعني ذلك ان المتحدثين بها يتذكرون تجاربهم بطريقة مختلفة، لأن لغاتهم تستخدم بطرق مختلفة؟ هذه الأسئلة وغيرها تلامس التباينات الجذرية في دراسة المخ، مع التركيز على المواضيع السياسية والقانونية والدينية، فحتى وقت قريب لم تعط هذه المسائل أهمية كبيرة، ففكرة أن لغتنا قد تشكل طريقة تفكيرنا كانت مسألة بعيدة لفترة طويلة، كما كانت صعبة الاثبات، ولكن التجارب الجديدة والجدية الأخيرة اثبتت، بما لا يدع مجالا للشك، أن للغة دوراً في تكييف نظرتنا للعالم، ولهذا يقال أن تعلم لغة أخرى يعني اكتساب روح جديدة، ولكن إيمان كثيرين بنظرية نعوم شومنسكي في الستينات التي قالت بوجود قواعد واحدة للغات العالم أخرت الابحاث في هذا المجال.
وكمثال على كيف تؤثر الفروقات في اللغة على التفكير والنظر للآخر هو أن المتحدث بالروسية مثلا لديه مفردات أكثر لوصف درجات اللون الأزرق، من خفيف إلى غامق، وبالتالي لديه مقدرة أكبر على التمييز بين الدرجات المختلفة للون الأزرق من غيره. كما أن بعض القبائل المتخلفة تستخدم الاتجاهات كالشمال والجنوب والشرق والغرب بدلا من اليمين واليسار، وبالتالي لديها قدرة أكبر على تحديد مكان وجودها! فهم يصفون موقع النملة بانها في الجنوب الشرقي من القدم المواجه للجنوب. كما أن قبائل «البيراها» تتحاشى استخدام الأرقام وتركز على الكميات، وبالتالي تشكو من ضعف في معرفة كمية اي مادة بدقة. كما تبين من الدراسة أن المتكلمين بالاسبانية واليابانية لم يستطيعوا بسهولة تذكر الفاعل وراء حادث ما، كما هي حال المتحدث بالإنكليزية مثلا الذي يصر في لغته على ذكر الفاعل وراء أي حادث، فيقول إن جون اسقط اللوحة، ولكن الآخرين يكتفون بالقول بأن اللوحة سقطت! وتصبح بالتالي قدرتهم على تحديد الفاعل عند وقوع حادث ما أكثر صعوبة، والشيء نفسه ينطبق على هؤلاء عند مثولهم كشهود إثبات، حيث يواجهون صعوبة أكثر قليلا من غيرهم في تحديد مسؤولية «الآخر» عن الحادث! ولكن يجب ألا ننسى هنا أننا بمجرد تحدثنا بلغات مختلفة لا يعني بالضرورة أننا نفكر بطريقة مختلفة، ولكن لو اعطينا مجموعة من الصور التي بينها أحداث مترابطة وطلبنا من عربي وإنكليزي ترتيبها لبدأ الأول بترتيبها من اليمين إلى اليسار، والآخر سيرتبها عكس ذلك وفق الطريقة التي يكتب بها كل طرف. وفي اللغة الصينية مثلا المستقبل هو في الأسفل والماضي في الأعلى والعكس عند المتحدثين بالعربية، فالمستقبل أمامهم والماضي خلفهم. ولكن من المؤكد أننا لو غيرنا من طريقة تحدث شخص ما، فإننا حتما سنغير من الطريقة التي يفكر فيها. كما أثبتت التجارب الحديثة أن اللغة التي نتكلم بها لا تقوم فقط بالتعبير عن افكارنا بكلمات، بل تقوم بتشكيل الأفكار نفسها التي نود التعبير عنها، وبمقدار اختلاف البشر بعضهم عن بعض لغويا نجد أن هناك اختلافا في طباعهم اعتمادا على اللغة التي يتحدثون بها، فما نحن عليه هو اساسا يعود إلى ما نتحدث به من لغة.
الموضوع مشوق وطويل، ويحتاج الى مقالات أخرى مستقبلا.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

هل جاء المويزري صدفة؟

قد لا أكون متحمّساً لقرار وزير الإسكان شعيب المويزري بفصل مدير عام بنك التسليف والادخار، لكن ما أثارني هو أسلوب الاعتراض على هذا القرار من بعض النقاد! الذين كرروا مقولة النائب الذي جاء للمجلس صدفة! والذي أصبح وزيراً بالصدفة! وهذا إما افتراء على الحقيقة وإما استهزاء غير مؤدب! فالنائب شعيب المويزري نجح أول مرة في مجلس 2009، وأبلى بلاء حسنا في مواقف كانت كافية لينجح في 2011 بجدارة، وحصل على رقم تحدٍّ، مع انه لم يدخل في التصفيات القبلية! فكيف نقول لمن وصل بهذه الطريقة إن وصوله صدفة؟ أمّا توزيره فكلنا يعلم انه عرض عليه منصب وزير الداخلية في هذه الحكومة، ولولا تدخلات اللحظة الأخيرة لكان شعيب المويزري وزيراً للداخلية. بقي القول إن مجلس الوزراء بارك وأيد قرار المويزري فصل مدير البنك واحاله للفتوى للاطمئنان ليس لمجلس الوزراء، بل للمعترضين على أسلوب اعفاء المدير! فيا ليت عرضنا لأفكارنا يكون منطقياً وواقعياً وبعيداً عن الافتراء على الحقائق.
***
أنا.. وقوره.. وفؤاد
يتساءل بعض المقربين لي عن سبب هجوم الكاتب فؤاد الهاشم المستمر علي في عموده، وربطي بموضوع أحمد عبدالسلام قوره، الذي كان يملك شركة «منا»، وكنت أنا في يوم من الأيام رئيساً لها!
وقد حرصت على عدم الرد في أكثر من مرة، لكن استمراره بالغمز واللمز تارة، وبالتصريح مرات عديدة، وبسؤال الكثير عن سبب هذه العداوة الصحفية، مع انني لا أعرف الرجل، ولم يحدث ان التقيت به الا مرة واحدة في احدى المناسبات الاجتماعية، لذلك أوضح بعض الأمور التي قد تزيل اللبس عند القراء:
عندما كنت رئيساً لمجلس إدارة شركة «منا» القابضة كانت الشركة في قمة نجاحاتها، وكان السهم وصل الى قرابة الدينارين، وتمكنت بفضل الله، ومن ثم زملائي الذين معي في الإدارة، من توزيع أسهم منحة %50 للمساهمين! الا انني اختلفت مع السيد قوره عند مطالبتي بتوزيع مكافآت على العاملين بالشركة تقديراً لجهودهم في تحقيق هذه النجاحات، مما جعلني استقيل من منصبي رافضاً تسلم مكافأتي السنوية.
السيد فؤاد الهاشم ليس له علاقة بالموضوع.. وخلافي أو خلافه ليس معي أو معه.. مشكلتي أن أحد الخصوم السياسيين لي على علاقة طيبة وحميمة مع السيد فؤاد.. وهذا الخصم معروف لذلك انتقلت الخصومة الى قلم الكاتب الصحافي فؤاد الهاشم، هذه هي الحكاية بكل بساطة!
***
بسبب الحملة الإعلامية الصارخة والظالمة من وسائل الإعلام الشرقية والغربية سواء بسواء.. ضد الاخوان المسلمين، ظن الجميع ان مرشحهم محمد مرسي ليس لديه شعبية تذكر، وان ترتيبه الرابع، ان لم يكن الخامس، وقد جاءت نتيجة أصوات المصريين في الخارج لتخرس هذه الألسن، وتؤكد عدم حياديتها وعدم احترامها لمهنتها، حيث اصبح مرسي الأول ومن دون منازع.
ندعو الله ألا تكون هذه النتيجة سبباً في سعي المجلس العسكري إلى التدخل بالنتائج النهائية، كما ندعو النقاد للتيار الاسلامي بتقبل نتيجة الانتخابات الحرة – ان صارت حرة – فالنجاح سيكون للاسلاميين بإذن الله، وبالتالي للشعب المصري الذي اختارهم، فادعوا لأم الدنيا بالاستقرار والازدهار، بدلاً من الدعوة عليها بالويل والثبور وعظائم الأمور.

محمد الوشيحي

رحيّة ألمانيا

أغمض عينيك، وسأغمض أنا عيني، وعض شفتك السفلى، وسأفعل مثلك، أقصد سأعض شفتي أنا لا شفتك أنت، وتعال نتخيل، لو أن الكويت، من أقصاها إلى أقصاها، من العبدلي إلى النويصيب، مروراً بالصباحية قطعة واحد وسنترال الفحيحيل، الكويت كلها بمساحتها وشعبها وطقسها وتضاريسها ونفطها واستثماراتها ومسؤوليها وشوارعها ومستشفياتها وبصلها وثومها وقثائها ووو، لو أنها انتقلت من موقعها الحالي لتصبح مقاطعة ألمانية أو سويسرية أو فرنسية، أو جزءاً من أي دولة من الدول التي يخشى قياديوها الشعب، والعياذ بالله ولا قدر الله…
وللتذكير مرة أخرى، وقبل أن تشتمني، قلت تعال نتخيل ولم أقل تعال نتمنى، أي أن القصة مجرد خيال ليس إلا، أو كما يقول السودانيون “خيال ساكت”. وهنا تعال مرة أخرى لتساعدني في وضع علامات الاستفهام على الطاولة ونحاول الإجابة عنها…
هل سيكون التجار الحاليون تجاراً أيضاً؟ وللتوضيح، لأن نيتي خبيثة نسأل الله العافية، هل سيتمكن تجارنا الحاليون من تكوين ثروات مشابهة لثرواتهم الحالية لو كانت الحكومة المركزية ألمانية، والبرلمان ألمانياً، ولجنة المناقصات المركزية ألمانية، وديوان المحاسبة ألمانياً، والشعب ألمانياً، ووو؟ وهل كانت الحكومة الألمانية ستمنح تجارنا، الذين هم ألمان، قسائم صناعية بفتافيت الفلوس، فيؤجرونها على محلات “البنشر” وتقطيع الرخام؟
وهل كان الوكلاء والوكلاء المساعدون والمديرون العامون سيحصلون على مناصبهم لو كان ديوان الخدمة “ميد إن جيرماني”؟ وماذا كان سيفعل وزير الصحة الألماني لو أنه قام بزيارة إلى “مقاطعة الكويت” وشاهد مستشفى الجهراء أو مستشفى العدان أو مستشفى الفروانية؟ وماذا كان سيفعل بمسؤولي المستشفيات؟
وكيف ستتعامل الحكومة المركزية، الألمانية طبعاً، مع ملاعبنا الرياضية الجرباء الشهباء، ومع العامل الآسيوي الذي ظهر في الشاشات والتقطته الأقمار الصناعية وهو يرش أرضية ملعب نادي الكويت ليبللها في مباراة منتخبنا مع ريال مدريد؟
وهل كان رؤساء مجالس إدارات الجمعيات التعاونية سيحرصون على “تضبيط” أحد في وزارة الشؤون الألمانية ليتقاسموا معه غنائم الحرب؟ وهل كان محافظو المحافظات الست سيقتصر دورهم على رعاية حفلات رياض الأطفال فقط، وفقط تعني فقط؟ وهل كانت مهامهم والمعلومات عنهم – أقصد المحافظين – ستبقى سرية غير معلومة للعامة، لا ينافسهم في السرية إلا قيادات الماسونية العالمية؟
وهل كنا، كشعب كويتي يعيش في مقاطعة ألمانية، سنسمع عن البحر دون أن نراه؟ بمعنى، هل كان أصحاب الشاليهات سيتمكنون من إقامة مبانٍ أسمنتية على البحر، رغم أنها ممنوعة في كل الدول المحترمة؟ (أرجو أن تعيد قراءة الجملة السابقة وتبحث عن كلمة “المحترمة” قبل أن تأتيني بأدلة مشابهة من الدول العربية، المحترمة جداً جداً).
الأسئلة أكثر من “جوج وماجوج” كما يقول كبار السن، وكل سؤال ينجب أكثر من عشر علامات استفهام، يطلقها في الشوارع بلا تربية، لكن السؤال الوحيد الذي أمتلك له جواباً هو: كيف كان سينظر الألمان، إخواننا وشركاؤنا في الوطن، إلى مقاطعة الكويت؟ والجواب: كما ننظر نحن إلى “منطقة رحيّة”! أجزم أنهم سيحولون الكويت إلى مستودع ضخم للإطارات المستهلكة، وقبل ذا أجزم أيضاً، أن الكويت لن تحترق المرة تلو المرة كما يحدث عندنا في منطقة رحيّة.
تخيل وسأتخيل معك، فكل شيء ممكن وجائز، إلا أن يصبح ولدي سعود ألمانياً، يحافظ على النظام العام ويحترم بزران ألمانيا ولا يضربهم.

سامي النصف

مؤتمران في قطر والبحرين

حضرت صباح امس حفل افتتاح منتدى الدوحة الثاني عشر الذي حمل عنوان «إثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط» الذي حضره رؤساء دول ووزراء ومختصون تجاوز عددهم المئات وكان التنظيم يقارب الكمال في حسن الاستقبال والرعاية الذي كان بوصاية من سفير دولة قطر في الكويت الصديق عبدالعزيز سعد الفهيد.

***

افتتح الحفل صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني امير دولة قطر بكلمة أعاد للأذهان فيها أن منتدى الدوحة ومنذ دورته الرابعة في عام 2004 قد حث على الأخذ بطريق التغيير والإصلاح السياسي والاقتصادي بالمنطقة ولو وجدت تلك الدعوات آذانا صاغية لكان تاريخ المنطقة قد اتخذ مسارات مختلفة خلال العام الماضي، كما جاء في الكلمة، وأضاف سموه أن التكامل العربي سيتحول من حلم للشعوب الى واقع تلتزم به الحكومات العربية أمام شعوبها.

***

وقد ألقى الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير خارجية دولة قطر كلمة حذر فيها من ان الاقتصاد العالمي مقبل على أزمة كبرى جديدة بفعل تراجع معدلات النمو في أوروبا والولايات المتحدة، إضافة الى موجة الكساد التي تهدد الاقتصادات الناشئة مما سينعكس سلبا على أوضاع الدول النامية التي ستواجه تحديات سياسية واقتصادية ستحوجها الى قرارات وآليات دقيقة وفاعلة للخروج منها.

***

تلا ذلك بدء انشطة المؤتمر التي تناولت رؤى معمقة حول المشهد السياسي والاقتصادي العالمي، وقضايا التنمية وتداعيات وآثار الحركات الديموقراطية الجديدة في منطقة الشرق الاوسط، ثم مستقبل السلام في المنطقة، وكانت خلاصة ما قيل التحذير من الاشكالات الاقتصادية والامنية في دول الربيع العربي مع روح تشاؤمية فيما يخص احتمال الوصول لحل للقضية الفلسطينية، حيث اتفق المحاضرون بمختلف توجهاتهم على انه لا أمل على الاطلاق في الوصول في المستقبل القريب لحل تلك القضية التي باتت الاشكالات الاخرى كالوضع في سورية ولبنان تجعلها تتراجع الى مؤخرة الاهتمامات.

***

وكنت قد دعيت قبل ايام لالقاء محاضرة في مملكة البحرين حول الاستراتيجية الاعلامية لدول مجلس التعاون 2010 ـ 2020، ومما قلته في الندوة حقيقة ان 25% من مدة الخطة قد انقضت ولم يتحقق 25% من الانجاز مما يعني بطء التحرك، وحذرت من ان احداث عام 2011 قد اثبتت ان القوة الناعمة الممثلة في الاعلام باتت اقوى من القوة الصلبة الممثلة في الجيوش بدلالة ان النظام السياسي في مصر لم يسقطه العدوان الثلاثي الذي استهدفه عام 56 ولا هزائم 67 وحرب الاستنزاف، بل تم اسقاطه بواسطة الفضائيات والاذاعات والمنتديات الالكترونية والاعلام الاجتماعي (الـ «فيسبوك» و«تويتر»)، مطالبا بان يكون لدى دول الخليج مستودعات عقول اعلامية عالية الكفاءة تقود فيالق الاعلام الخليجي في الدفاع والهجوم كما تقود قيادات الاركان المشتركة الجيوش الخليجية مع فارق ان هجوم القوى الصلبة يوحدنا كما حدث ابان غزو الكويت بينما القوى الناعمة تفتتنا من الداخل فيما هو اشبه بأدوار الطابور الخامس الذي يساهم في اسقاط الامم والدول.. قبل ان تسقط!

***

آخر محطة: العقول العربية المستضافة في الدوحة لا تقل قدرة عن قدرات العقول الغربية، من تلك العقول د.باسل البستاني وطلال ابوغزالة ود.رفيق عبدالسلام ومروان المعشر.

 

حسن العيسى

اهدأ يا شيخ…

الشيخ نبيل العوضي “سلبرتي” (يعني من أهل البهرجة الإعلامية) مثله مثل الكثيرين من مشايخ بني نفط الذين تناسلوا وتكاثروا في وسائل الإعلام وأصبحوا كفاتن حمامة وهي سيدة الشاشة العربية، والشيخ نبيل وكثيرون مثله، من دكاترة الجامعة الذين همهم الأول والأخير الإعلام والبروز الإعلامي، وبالتحديد الشاشة الصغيرة كي يتألقوا فيها، هم أيضا “سادة” الشاشة الصغيرة، ولكن باختلاف الشكل والمضمون عن سيدة الشاشة، وأصبحنا نخشى، كما كَتب مرة فؤاد الهاشم، أن نفتح صنبور الماء فيخرج علينا هذا أو ذاك الداعية بدلاً من الماء.
لسيد الشاشة الصغيرة اليوم أن يمارس حريته في القول والكتابة كما يشاء، فهذا من أبسط حقوقه، رغم تصلُّب وانغلاق خطابه السياسي المغلف بالنعرات الدينية المتزمتة، إلا أنه في إحدى خطب الجمعة، وبعد أن باركت وزارة الأوقاف أخيراً لخطباء مساجدها أن يحرضوا ويلعنوا مَن يريدون، مِن منابر المساجد التي تملكها الدولة وتديرها حكومة “الشجعان”، صبَّ الشيخ الداعية جام غضبه وألهب مشاعر المصلين بأحداث سورية، وهذا أيضاً من حق سيد الشاشة، ولو أن المصلين جاءوا تلبية لواجب ديني لا ليكونوا ضحايا تحريض وكراهية للآخرين، أو أن يَضحوا مشاريع تفجيرات وأدوات انتقام من النظام السوري.
في تلك الخطبة تحدث سيد الشاشة عن المؤامرة الكبرى التي تحاك ضد “الموحدين” من قِبَل الصفويين والنظام الإيراني في قم، ومن جديد نؤكد حق “رشدي أباظة” في أن يوجه اللكمات القوية إلى النظامين في إيران أو سورية، ويصفهما كما يريد بصرف النظر عن الأغلال الرهيبة التي يضج بها قانون المطبوعات الكويتي، لكن أن يبطن نقده وتحريضه، ليس ضد النظامين الحاكمين بل ضد الصفوية، فهنا كان على نبيل أن يرتفع ويترفع عن مثل ذلك السفه الطائفي المتحيز، فهو يعلم أن الصفوية كنظامٍ سياسيٍّ فرض المذهب الجعفري على بلاد خراسان قبل أكثر من خمسة قرون، ليست موجودة الآن، فقد كانت مرحلة تاريخية وانتهت، أما الصفويون الذين وصفهم الشيخ نبيل بـ”عباد القبور” والذين في قلوبهم “حقد وكراهية” للإسلام (عبارات الداعية سيد الشاشة الصغيرة) والذين يعدون المؤامرة لذبح مئة ألف موحّد في الحرم المكي -من خطبة شيخ التسامح نبيل ولابد أن للشيخ مركز استخبارات متقدماً يفوق السي آي إيه – وكتبهم “تنضح بالشرك”، و”يعقدون المزارات والنذور ويسبون الصحابة” (من عبارات الخطبة) فنحن ندري أن المقصود بهم هم أهلنا وإخواننا في “الإنسانية” قبل المواطنة وقبل الدين وقبل الطائفة وإلى ما لا نهاية لسرطان الاستقطابات في الجسد العربي، هم الشيعة في الكويت وفي أي مكان.
ماذا تريد يا شيخ نبيل؟! هل تريد معركة صفين جديدة أو إعادة الروح للحروب العثمانية الصفوية؟ أو ربما تريد، كواحدٍ من الأغلبية السنية، أن تمسح من الوجود المذهب الجعفري، عن بكرة أبيه، ونفني الأقليات الشيعية هنا وفي كل مكان، كي تبقوا أنتم وحدكم كفرقة ناجية في الكون الكبير؟! هل لديك يا شيخ نبيل العدد الكافي من الأفران الكبيرة التي بنيت في “أوسوتش” في الخليج، لا في ألمانيا النازية، كي نزج بها أهلنا الشيعة حتى يشفى غليلكم ضدهم وضدنا وضد كل إنسان في الأرض لا يبصم معكم، ويرضى “بجهلكم المركب” (عبارة للراحل محمد أركون ذكرها في محاضرته بالكويت)؟! ماذا تريد يا شيخ وأنت تشاهد بجهازك المحبب (إن كنت تتابع البرامج الإخبارية التحليلية) أن أحداث سورية لم تعد ثورة فقط بعد تفجيرات “القاعدة” الأخيرة بل بدايات حرب أهلية ونيرانها امتدت إلى طرابلس لبنان بالأمس؟… فهل تريد أن تبارك تلك “النار المقدسة” الأرض الكويتية بعد أن عشنا فيها عقوداً ومئات من السنين إخوة متحابين قبل أن تولد أنت، وقبل أن يصيبنا داؤكم المتزمّت والمكفر لخلق الله؟ اهدأ يا شيخ وتعقّل.. فلن يترك أهل الكويت بلدهم في النهاية لتصبح قندهاركم الجديدة، ولن يرضى الكويتيون، مهما ابتُلوا بكم وساد في بلدهم جهالكم، وتمدد على أرضها فاشيُّو بني نفط الجدد، أن يشعلوا “هلوكوست” لأهلهم الشيعة من أجل لحاكم الكريهة… دع عنك ذلك الإسفاف وتفرغ للرد على أهل الرقى والبصق في “توانكي الماي” وأهل السحر وتفسير الأحلام وخلق الأوهام، وكل جماعات الخرافات التي ستوصلنا ببركتكم إلى مركز “ناسا” لعلوم الفضاء…. اهدأ يا شيخ وأوصل كلامي، لو سمحت إلى جماعاتكم وربعكم، فقد أصبحت الحياة معكم لا تطاق.