سامي النصف

من على ضفاف نهر الدانوب!

  تناولنا العشاء قبل أيام في مطعم يطل على ضفاف نهر الدانوب في بودابست عاصمة هنغاريا والتي تكوّن مسماها من اتحاد مدينتين هما: مدينة «بودا» وتعني «ينبوع الماء» ومدينة «بست» وتعني «فرن النار»، وقد لاحظنا أن شابين يافعين أخذا يعزفان الموسيقى أمام المطعم وهما يتمايلان طربا، وأن كثيرا من المارة يسعدون بعزفهما فيقومون بالرقص ثم يلقون بالنقود في القبعة التي رسم عليها الشابان وجها ضاحكا.

***

وأعلم أن الشابين وكثيرا من المارة هم ضمن الحالة الاقتصادية السيئة التي تجتاح أوروبا وأميركا والعالم، وقد عجبت من سعادتهم رغم القليل وتعاستنا ككويتيين رغم الكثير، وهو أمر قد نندم عليه لاحقا حين تنخفض أسعار النفط ويتعاظم عجز الميزانية الى حد سيمس مستوى معيشة أغلب الكويتيين وحينها سنندم حين لا ينفع الندم على أننا ضيعنا على أنفسنا فرصة السعادة الحقيقية ابان رغد العيش كوننا تفرغنا وبذكاء بالغ لخلق المشاكل من عدم في مجتمعنا.

***

وإذا كانت الدول المتقدمة قد تفوقت على بلداننا العربية والاسلامية في قضايا العلم والصناعة والزراعة والتكنولوجيا والديموقراطية والحرية وحقوق الانسان، فإنهم تفوقوا علينا كذلك حتى في قضايا «الشحاذة» حيث يعمد شحاذوهم لنشر السعادة بين الجموع عبر اتقان عزف الموسيقى أو الرقص أو الألعاب البهلوانية كوسيلة للحصول على المال، بينما تعمد شعوبنا لفقء الأعين وقطع الايدي وإخراج العجزة وأصحاب العاهات من المنازل لنشر التعاسة وحصد العطف للوصول إلى نفس النتيجة.

ومما رأيناه أيضا في تجوالنا في بودابست والضواحي المحيطة، هناك فندق ومقهى نيويورك الذي أنشئ عام 1894 ويعتبر أجمل مقهى في العالم، وفي شانزليزيه بودابست الذي يضم أرقى المحلات يقع «متحف الرعب» الذي كان مقرا للغستابو النازي حتى عام 45 ثم أصبح مقرا للقيادة السوفييتية والهنغارية، حيث يمارس القتل والتعذيب بأشد صورة واحترت بعد زيارة مطولة لذلك المتحف، أيهما أكثر قمعا وظلما وقتلا في تاريخنا الحديث نظاما هتلر وستالين أم نظاما حزب البعث في بغداد ودمشق؟!

***

آخر محطة: (1) من مآسي تاريخنا العربي الحديث وكثرة التزييف فيه ما حدث عام 1956 عندما حاول العالم الحر ممثلا ببريطانيا وفرنسا بطريقة ملتوية الاستفادة من الحرب التي قامت بين مصر وإسرائيل للتدخل وإسقاط الحكم العسكري القمعي القائم في مصر لصالح قيام نظام ديموقراطي في بلاد النيل، إلا أن العرب سموا تلك العملية (29 أكتوبر – 7 نوفمبر 56) بالعدوان الثلاثي ولهجوا بشكر نصير الشعوب وعدو الاستعمار الاتحاد السوفييتي لموقفه من تلك الحرب.

(2) ما لم يقله مضللو العقول ومزيفو الحقائق وعلى رأسهم الاستاذ هيكل وكتبه عن حرب السويس أن الشعب الهنغاري ثار في ذلك العام على الحكم الشيوعي القمعي الذي أباد وهجر مئات الآلاف، الا ان الجيش الروسي دخل هنغاريا بدباباته ورجال مخابراته (23 أكتوبر – 11 نوفمبر 56) وقمع الشعب ودخل بودابست وأعدم رئيس الوزراء الذي لجأ للسفارة اليوغوسلافية آنذاك، ومع ذلك ينتقد من لم تدم حربه إلا 7 أيام وكان يهدف لنشر الحرية والديموقراطية ولم يدخل العاصمة المصرية أو يعدم الرئيس عبدالناصر ويمدح في المقابل كل من قام بتلك الجرائم.. في الوقت ذاته.. وعجبي!

احمد الصراف

الشعراوي و«الإخوان»

لم أكن يوماً أية مودة أو تقدير لمحمد متولي الشعراوي، الداعية والسياسي والوزير الراحل، والذي كان مقرباً من جهات عليا في أكثر من دولة! فقد كان له دور في تلميع نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك، ولم يحاول يوماً إدانة حكمه أو التنديد بدكتاتوريته، وظل يحترمه حتى آخر أيامه، وكان له الموقف نفسه من الدكتاتور الآخر أنور السادات! كما ساهم متولي الشعراوي، وبيّنت ذلك في عدة مقالات، بفعالية بالتأثير في العقل العربي المسلم ودفعه نحو التفسيرات الباطلة التي لا أساس لها من الصحة، ويكفي الرجوع إلى مقابلاته الصحفية والتلفزيونية وجملة فتاويه، وما كتب عنه من سير، لنعرف مقدار جدلية الكلام الذي صدر منه وعنه. كما اشتهر عنه تحريمه لاستخدام غرف العناية الفائقة في المستشفيات، وخاصة تلك التي تتوقف فيه حياة المريض على عمل الأجهزة الطبية المساعدة على إبقاء المريض حياً، والتي برفعها يموت المريض، بحجة أن في ذلك تدخلاً من الإنسان في قضاء الله وقدره، وهذا مقبول ربما من بعضهم، ولكن ما أن أصيب متولي بوعكة خطيرة، حتى قبل بنقله بطائرة «ملكية» خاصة لدولة أوروبية ليمكث تحت رحمة الأجهزة الطبية نفسها التي سبق تحريم استخدامها، والتي ساعدت في نهاية الأمر في تمديد عمره بضع سنوات!
نعود إلى موضوع المقال والمتعلق برسالة وردتني على الإنترنت تضمنت نصاً يدّعي مرسله أن قائله هو متولي الشعراوي! وبالرغم من شكيّ الكبير في ذلك، كونه لا يتسق مع ما عرفته عن الرجل من مواقف وأقوال وآراء، على مدى أكثر من 35 عاماً، فإن النص جدير بالتنويه، لما له من علاقة بالأحداث الجارية، خاصة في مصر، وما يبذله بعض الكتاب، في القبس وغيرها، من جهد في لي رقبة النصوص الدينية والسياسية وتطويعها، لخدمة مواقفهم ومصالحهم الحزبية والشخصية… طبعاً! وشكيّ نابع من أنه لو كان هذا ما قاله الشعراوي في حياته لما تردد «خصوم الإخوان المسلمين»، وما أكثرهم، في الترويج له واستغلاله لتشويه سمعتهم السيئة أصلاً، بسبب ما كان للشعراوي من شعبية وقدرة بالتأثير في الجماهير، وأسباب تلك القوة معروفة، ولا تزال صالحة مع غيره حتى اليوم!
يقول النص المنسوب إلى الشعراوي: لماذا لا أنتمي لجماعة الإخوان؟ لأنني مسلم قبل أن أعرف الإخوان أو غيرهم، وأنا مسلم قبل أن يكونوا حزباً وأنا مسلم بعد زوالهم، ولن يزول إسلامي بدونهم، لأننا كلنا مسلمون وليسوا وحدهم من أسلموا، وأرفض أن يتلخص ديني في صندوق انتخاب، فديني هو صلة بيني وبين خالقي! وأرفضهم لأنني أرفض أن أرشح حزباً يستعطفني مستنداً إلى وازعي الديني قبل أن يخاطب عقلي، وهو حزب سياسي أرفض الانتماء له لأن ليس له علاقة بالدين وهو يمثل الفكر السياسي لأصحابه، ولا يمثل المسلمين. لهذا أتمنى أن يصل الدين إلى أهل السياسة ولا أن يصل أهل الدين للسياسة. وأقول لهم إن كنتم أهل دين فلا جدارة بكم بالسياسة، وأن كنتم أهل سياسة فمن حقي أن لا أختاركم، ولا جناح على ديني. أنتهى.
وفي هذا السياق، يقول أحد المفكرين: لا تحدثني كثيراً عن الدين، بل دعني أراه في سلوكك وأخلاقك وتعاملك! فلم يسبق لفيلسوف أن قتل رجل دين، ولكن رجل الدين ساهم في قتل كثير من الفلاسفة!

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

الكولونيل… «عباسخوك»

 

لم يعد قادراً على استذكار البطولات والصولات والجولات العتيدة التي جندل فيها الأبطال وصارع الأهوال وأطاح برؤوس الفرسان في الحروب التي خاضها… هو اليوم، متقاعد! محارب قديم كما يحلو له أن يسمي نفسه، غير أنه من المستعصي عليه أن يستذكر آخر حروبه… هل كانت في أفغانستان أم طاجيكستان أم كرازاكان أم قرقيزستان أم في جمهورية الخرفان التي كانت آخر معاقل قيود أسره قبل تحريره… ذاكرته لا تسعفه! وكلما حاول إنعاشها تصيبه الرجفة.

الكولونيل «عباسخوك» يقضي معظم وقته متحسراً على زمن البطولات الذي مضى… شعور مرير يدك فرائصه ويعصف به كلما راودته الرغبة في أن يحكي للناس واحدة من حكايا بطولاته! ينطلق لسانه في مستهل القصة، لكن سرعان ما تتبخر من رأسه بقية التفاصيل… فيرتجف ثم يرتجف ثم يبكي.

ذات يوم، زاره أحد رفاقه بينما كان يتسامر مع نفر من جيرانه… الكولونيل «عباسخوك» طار فرحاً حينما أبصر ذلك الرفيق يحث الخطى متجهاً صوبه… ههههههه… مرحى… أي ريح طيبة… هذا القادم صديق عزيز، وبطل من الأبطال… أسد من الأسود… باسل من البواسل الذين لا يشق لهم غبار… قام له معانقاً بالأحضان… لدقائق ظل الكولونيل «عباسخوك» معانقاً رفيقه ثم ارتجف وانخرط في بكاء أذهل صاحبه وأذهل من كان موجوداً في جلسة السمر!

ترى، ما الذي أبكى الكولونيل «عباسخوك»؟ أهي الفرحة التي فاقت الوصف وهو يرى واحداً ممن تمنت روحه رؤيتهم قبل أن تروح؟ أم أن هول المفاجأة السارة جعلته يشعر بموجة من الغبطة تجاوزت مقدرته على الصمود فانصهر قلبه وجرت دموعه وعلا صراخه؟

عبثاً حاول ذلك الضيف القادم تهدئته… لكن الكولونيل يبكي ويبكي! أحضروا له شربة ماء باردة… شربها ولم يتوقف عن البكاء سوى لحظات ارتشافه الماء! أجلسوه على متكأ مريح فصمت برهة، ثم انخرط من جديد في البكاء والعويل بصوت عال هذه المرة وهو يشير بسبابته إلى ذلك الضيف القادم!

هدئ من روعك يا كولونيل… لقد عهدناك صلباً مقداماً فارساً لا يشق له غبار؟ ثم ما الذي يبكيك؟ سأله ذلك الرفيق القادم من المجهول، وسط ذهول من تبقى من السمار… فأغلبهم ضج مما رأى وانسحب مغادراً المكان… لكن الكولونيل «عباسخوك» لم ينبس ببنت شفة! فقط كان عويله (الفجيع) يشق الأفق ويصل إلى أسماع الفضاء…

صمت رهيب حل على المكان فجأة… من شدة ذلك الصمت الذي أعقب عويلاً كاد يدمر حنجرة الكولونيل «عباسخوك»، كان من السهل على رفيقه الذي بقي وحيداً معه أن يسمع نباح الكلاب في الوادي القريب… الليل يمضي والصمت يضاعف سكون الليل وظلامه وحشة مع المحارب القديم…

فجأة انقلب الوضع! صورتان واضحتان تتصدران ذلك المشهد… هروب الرفيق الذي جاء زائراً حيث أطلق لقدميه الريح راكضاً بكل ما أوتي من قوة، أما الصورة الثانية، فقد هب الكولونيل «عباسخوك» واقفاً على قدميه ورقص رقصاً شديداً وهو يردد : «ردي علي فؤادي… تلعبين به».

محمد الوشيحي

خالد الفيصل… هل ما زلت تفاخر؟

الخبر الأول: وطبان التكريتي، وزير الداخلية في عهد أخيه غير الشقيق صدام حسين، يظهر في الشاشة وهو يأمر جلاوزته بضرب (لم أقل قتل) عسكريين اثنين يتبعان شرطة المرور. ليش يا فضيلة الوزير وطبان؟ لأنهما، قبحهما الله، تجاوزا حدود الوقاحة المسموح بها دوليا وأوقفا موكبي وسمحا بمرور موكب عدي بن صدام حسين! وتُظهر اللقطة الموجودة على “يوتيوب” مجموعة من الضباط ينهالون بالعصي والشلاليت على العسكريين اللذين لم يتوقفا عن الاستجداء إلا بعد ان فقدا الوعي، ولم يعودا يشعران بالضرب. الخبر الثاني: صحف فرنسا تمسح بكرامة الرئيس ساركوزي الأرض (كان وقتذاك رئيساً)، وتُظهره في رسومات الكاريكاتير مرتدياً الغترة والعقال، وحوله ترقص مجموعة من الجواري، ويظهر في الخلفية عدد من الجمال، ويقول: “أعطوا ابني “جون” برج إيفل والسياح الموجودين فيه وحوله، وبئر نفط”، أو كما قال، فلم أعد أتذكر. طيب ليش يا أشقاءنا في صحافة فرنسا تهاجمون ولي أمركم بكل هذه الوقاحة؟ “لأنه يا زميلنا المفضال وافق على تعيين ابنه جون عمدة أو محافظاً على مدينة المال والأعمال لاديفانس، بعد أن رشحه أصحاب المال لذلك، سحقاً له ولأبيه”، يا سلام! يعني التجار أصحاب الشأن هم من قام بترشيحه؟ نعم، هذا صحيح، لكن هذا يُعتبر في أعرافنا استغلالاً لنفوذ والده، ثم إن غضبنا ليس منصبّاً على جون بل على أبيه الذي بلغت به الوقاحة أن وافق على هذا الترشيح… وكما كتبت سابقاً، استمر ردح الصحافة الفرنسية على هذا الموضوع أسابيع وأسابيع، لم يوقفه اعتذار جون ولا حتى اعتذار أبيه إلى الشعب الفرنسي ووعده بعدم تكرار ذلك. وعندما شوهد الابن جون في دولة “كوت دي فوار” كتب أحد الصحافيين الملاعين: “يبدو أن الرئيس منح ابنه دولة كوت دي فوار فقد شاهدته هناك”. وتقرر إدارة المحاسبة في القصر الرئاسي في فرنسا، في عهد شيراك، أن يدفع الرئيس من حسابه الشخصي مبلغاً قدره نحو ثلاثة عشر ألف يورو بعد أن تجاوز المبلغ المخصص لحفل استقبال بعض ضيوفه الرسميين. وأمس الأول تقتحم الشرطة منزل ساركوزي بعد اتهامه بارتكاب مخالفات مالية تصل إلى مئة وخمسين ألف يورو، وأمس تصرخ نادلة مقهى في وجه رئيس الوزراء البريطاني ليلتزم بالدور، فيهرع مساعدوه للمقهى المجاور ويجلبون له كوباً من القهوة وقطعة من الكعك لأنه مستعجل (أو على عجلة من أمره، كي لا يغضب علي الأستاذ أحمد الديين). وفي إسرائيل حاكموا الرئيس السابق بسبب تذكرتي سفر مشكوك في مصدرهما (أكرر، تذكرتي سفر لا طائرتين) ومنعوا بصورة نهائية الشركة التي منحته التذكرتين من التعاقد مع أي من مؤسسات الدولة… يفعلون كل ذلك وهم صامتون، ونفعل نحن عكس ذلك ونملأ صفحات الفخر إلى أن ينضب الحبر! ويقول الأمير الشاعر خالد الفيصل، بعد أن يرفع حاجبي الفخر ويمد ذراع العزة إلى الأعلى: “حنا العرب يا مدعين العروبة … حنا هل التاريخ وأنتم به أجناب”، فيرد الكاتبجي الفاخر محمد الوشيحي وهو يفتح شدقيه ويطلق قهقهة عالية: “حنا الفَلَس حنا الشعوب الكذوبة … نلبس من الذلة عمامة وجلباب”.

احمد الصراف

استعداء الآخر.. الأكثر قوة!

يستخدم الغرب اصطلاح Islamophobia (الإسلاموفوبيا) للتعبير عن الخوف من كل ما يتعلق بالإسلام، حضورا وعادات وافكارا واسلوب حياة. وقد كتبت عشرات المؤلفات وألقيت مئات المحاضرات ووضعت آلاف الدراسات عن هذا الموضوع، ولا يزال الأمر في بدايته! ولا يقتصر هذا العداء أو التخوف على المجتمعات التي توجد فيها أعداد كبيرة من المسلمين، بل أصبح يشمل جميع المجتمعات الغربية، الأمر الذي سيؤثر حتما في سياسات الهجرة والعيش المشترك فيها. وما يجعل الأمور أكثر تعقيدا وخطورة هو الحجم البشري الضخم الذي اصبح يشكله المسلمون في العالم، وما تجمع لدى البعض منهم من ثروات نقدية نتيجة امتلاكهم لعصب انتاج النفط وغالبية احتياطياته المعروفة، وأخيرا للحالة البائسة التي تعيشها غالبية مسلمي العالم، التي تجعل من أوضاعهم قنبلة موقوتة، وهنا مكمن الخطر، أو هكذا يتصور الغرب! من جانب آخر تشعر غالبية المسلمين، والفقراء منهم بالذات، وهم الأكثر، ان الغرب من جهة، وضعف الإيمان الديني من جهة أخرى، هما سبب كل مشاكل المجتمعات الإسلامية، وأن لا خروج من هذا الوضع البائس بغير التمسك بالدين ونشره! وعندما ينتشر الإسلام ويتسيد أتباعه العالم سيختفي الفقر وتنتهي الأمراض! ولكن بما أن الغرب هو العقبة الكأداء أمام تحقيق مثل هذا الحلم، فلا مفر بالتالي من معاداته، والسعي الى تحطيمه في مرحلة لاحقة، ودفع شعوبه لاعتناق الإسلام، وذلك قبل أن ينتهوا من تآمره على الإسلام والمسلمين وإفنائهم، خاصة أن الغرب يمتلك أسلحة الدمار الشامل اللازمة لأداء هذه المهمة، هذا غير اكتفائه ذاتيا بما يلزم لاستمرار وجوده ورفاهيته! وهنا لا نبالغ إن قلنا ان هناك أنظمة غربية، أو أجهزة سرية متخصصة، تعمل علنا وسرا على التدرب في كيفية محاربة مسلمي العالم، أو على الأقل تحييدهم أو القضاء على ما يشكلونه من خطر على المجتمعات الغربية المتقدمة، خاصة أميركا! ولكن هل لدى أي دولة إسلامية، او المسلمين مجتمعين، أي خطة أو استراتيجية، على فرض أن الكبار يعرفون ما تعنيه الكلمة، لمواجهة مثل هذا المصير الذي يبدو يوما عن يوم أنه الاحتمال الأكثر قابلية للحدوث في السنوات العشر المقبلة، على أقصى تقدير؟! الجواب بطبيعة الحال هو «لا» كبيرة، وبالتالي لماذا كل هذا الإصرار «الأهبل» على معاداة الغير، والغرب بالذات، ونحن بكل هذا الضعف والهوان؟! ول.مَ نقف مكتوفي الأيدي ونحن نرى «رهطا» منا يسعى بكل جهده وزبيبته تسبقه لأن يرعب الغرب ويجعله يحترس منا جميعا، ويعمل لتأمين مجتمعاته من آفاتنا؟ أقول ذلك ليس لإيماني بأننا على باطل وهم على حق، او العكس، فليس لدي أداة لقياس ارجحية أي الرأيين، ولكني أتكلم من منطق واقعيتي، فطالما أننا لسنا بقدر المهمة في مواجهة الآخر، لا بالسلاح ولا بالغذاء ولا حتى بالعصي والحجارة، فالأولى أن نهادنهم، وأن نعمل أولا على تقوية مجتمعاتنا، ورفع مستوى الرفاهية فيه، ووقتها سنكتشف أن لا أحد يود التضحية بما لديه لكي يقضي على الآخر، وإن الغرب ليس عدونا بقدر ما نحن أعداء بعضنا بعضا، ونحن السبب في جهلنا وتخلفنا وفقرنا!

أحمد الصراف

عادل عبدالله المطيري

السلطة تحد السلطة!

لا يهمني كثيرا الجدل الدستوري الذي أوجده حكم المحكمة الدستورية الأخير، والذي أبطل الانتخابات الأخيرة ومجلس الأمة 2012، ولن أقف على كيفية تصحيح الإجراء الدستوري، بل سأحاول أن أتفهم الاشكاليات السياسية الكبرى التي صاحبت هذه المتاهة الدستورية والتي أدت الى تصادم السلطات.

نص دستور الكويت في المادة (50) على مبدأ فصل السلطات، وهذه القاعدة القانونية هي إحدى اسهامات المفكر والقانوني الفرنسي «مونتسكيو» الذي أكد فيها على استقلالية السلطات عن بعضها البعض.

ولكن مونتسيكيو أكد أيضا على مفهوم آخر مهم، حيث اشار له في سياق حديثه عن علاقة السلطات الثلاث، وهو مفهوم (السلطة تحد السلطة)، أكد فيه على ان تقاوم كل سلطة ـ السلطة الأخرى اذا ما تعدت على صلاحياتها، فالسلطة التشريعية تراقب وتشرّع ولا يمكن ان تنفذ شيئا، لأن التنفيذ ليس من صلاحياتها بل من صلاحية الحكومة او السلطة التنفيذية، كما أن السلطة القضائية منوط بها الفصل بالمنازعات وإصدار الأحكام والقرارات القضائية وفق ـ ما أقره المشرع وهو البرلمان.

كل السلطات في النهاية تمثل الشعب، فالسلطة القضائية لا تكون سلطة الا بقانون ينظمها ويصدره مجلس الأمة الذي يمثل الشعب، ولا يفصل القضاء في المنازعات الا بالقانون الذي أصدره البرلمان والذي هو يمثل الشعب.

إذن عمليا كل السلطات في النظام الديموقراطي تنبع من مصدرها (الشعوب)، ولذلك نص دستور الكويت في المادة 6 «نظام الحكم في الكويت ديموقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر للسلطات جميعا، وتكون ممارسة السيادة على الوجه المبين بهذا الدستور».

استمعنا مؤخرا الى وجهات نظر بعض نواب الأغلبية المبطلة عضويتهم، والتي مفادها «بطلان حكم المحكمة الدستورية الأخير» ولأسباب عديدة ساقوها لتبرير وجهة نظرهم، ولكنهم أيضا أكدوا على احترام القانون وتطبيقه، وهنا يكون مجلس امة 2012 قد التزم بمبدأ فصل السلطات رغم اختلافهم مع أحكام السلطة القضائية.

ولكن ووفقا لمبدأ «السلطة تحد السلطة» يرى نواب الأغلبية المبطلة عضويتهم، ان الحل النهائي لمشكلاتنا السياسية، يكون بمزيد من التشريعات والقوانين المنظمة لعمل السلطتين القضائية والتنفيذية، فكما احترمنا نحن (أعضاء السلطة التشريعية) اعمال السلطة التنفيذية وأحكام السلطة القضائية، يجب ان تحترم مشاريعنا للإصلاح السياسي والقضائي التي سنقترحها في البرلمان القادم.

ما نتمناه من مرشحي الأغلبية المبطلة ان يتقدموا للشعب الكويتي ببرنامج انتخابي واضح ودقيق جدا في الانتخابات القادمة حتما، فالمطالبة بالإمارة الدستورية مثلا مطلب غير منطقي، لأن نظامنا السياسي هو فعلا نوع من أنواع الإمارة الدستورية، وكذلك الحكومة البرلمانية منصوص عليها في الدستور، والكلام فيها هو مضيعة للوقت، ولذلك كله يجب ان يكون المطلب هو بتعديلات دستورية تعطي مجلس الأمة حق اعطاء الثقة بالحكومة الجديدة وليس برئيسها، ونكون بذلك احتفظنا بحق (سمو الأمير حفظه الله) باختيار رئيس الحكومة، وأعطينا للأغلبية في مجلس الأمة الحق بالمشاركة في تشكيل الحكومة وعندها لابد ان تكون الحكومة برلمانية الهواء والأعضاء.

أما بالنسبة للسلطة القضائية، فيجب ان تكون للأغلبية رؤية واضحة لمشروع استقلال القضاء، وان تتقدم بما تراه مناسبا للرأي العام وبكل دقة، ما القوانين التي تقترحها وما شكل التنظيم التي تريدونه للسلطة القضائية.

عندئذ فقط ـ سيكون تصويت الناخبين ـ كالاستفتاء الشعبي على برنامج الأغلبية البرلمانية للإصلاحات السياسية والقضائية، وستستمد تلك الإصلاحات قوتها من مصدر السلطات (الشعب) وعلى الجميع احترامه.

 

سامي النصف

نلوم الإطفائي أم مشعل الحرائق؟!

  هناك إجماع بين القوى السياسية على ضرورة التهدئة مستشهدين بحل 5 مجالس نيابية وسبع حكومات خلال السنوات القليلة الماضية، والسؤال الذي يطرح نفسه حول تلك الاهتزازات والزلازل السياسية: هل اللوم يقع على من يشعل حرائق الأزمات عبر الاستجوابات وغيرها من ممارسات، أم على من يطفئ تلك الحرائق عبر اللجوء للحل الدستوري وإقالة الوزارات بقصد التهدئة وحماية الوطن من الانزلاق الى ما لا تحمد عقباه؟!

***

قبل أيام من اختطاف طائرة الجابرية عام 1988 زارني في كابينة القيادة في الطائرة التي كنت أقودها من بانكوك إلى مانيلا رجل أمن من الداخلية يدعى (ج.ق) ورجل أمن من «الكويتية» يدعى (ع.ع) ومما ذكراه ان الخلايا الإرهابية المعادية للكويت التي كانت مستقرة في أوروبا قد نزحت بسبب الغلاء الى تايلند، وأضافا أنهما أرسلا رسالة مشتركة الى مسؤولي «الكويتية» تحذرهم من تلك المخاطر الأمنية، وبعدها بأيام خطفت «الجابرية» من بانكوك.

***

وكنت قبل ذلك قد أصدرت كتابا مختصا بسلامة الطائرات من ناحية وأمن الطائرات من ناحية أخرى يتضمن الاجراءات الواجب اتخاذها لمنع خطف الطائرات الذي عانت منه «الكويتية» أكثر من مرة حتى أصبحت شركة الطيران الأكثر اختطافا في العالم وضمنته ضرورة إشراك كافة قطاعات المؤسسة في التصدي للخطف وعدم الاكتفاء برجال الأمن الموجودين على بعض الرحلات، فموظفو الحجز على سبيل المثال عليهم الانتباه والإبلاغ عمن يشتري التذاكر نقدا ومن لا يتناسب طلبه بالجلوس في الدرجة الأولى مع سنه أو هيئته أو دخله لحقيقة ان الطائرات تخطف من الأمام حيث كابينة القيادة وكانت تذاكر خاطفي الجابرية قد اشتريت نقدا.

***

كما يحتاج الأمن الشامل للطائرات الى تدريب موظفي الحركة كي يمكن عبر الحوار مع أي راكب مشتبه به مطابقة الجواز مع جنسية الشخص (خطفت الجابرية من قبل إرهابيين عرب يحملون جوازات خليجية لا يتحدثون لهجتها) والأمر كذلك مع التدريب الأمني للمضيفين والمضيفات لمراقبة تصرفات الركاب المريبة ولو أخذ بتلك الأمور لما نجحت عملية اختطاف «الجابرية» ولما أزهقت الأرواح الكويتية البريئة.

***

بعد كارثة اختطاف «الجابرية» شكّلت لجنة تحقيق في ذلك الحادث كحال لجنة التحقيق في كارثة الداو، ولم يوقف أحد من المسؤولين عن عمله في «الكويتية» ابان التحقيق لإعطاء حماية لمن يريد الشهادة من الموظفين بل أصبحت تلك اللجنة وبسبب غياب التخصص بين أعضائها أشبه بلجنة رؤية هلال رمضان أي بقيت جالسة منتظرة تقدم الناس لها بشهادتهم وهو ما لم يحدث وذهبت دماء الأبرياء هدرا ولم يدن أحد بتلك الجريمة الشنعاء والقصور الفاضح ولو حدث أمر مشابه في أي بلد آخر لتحركت اللجنة ووصلت للفاعلين وتساقطت الرؤوس بسبب ما حدث.

آخر محطة:

(1) إن كنا جادين في البحث عن المقصرين في قضية الداو وتعلمنا من تجربة لجنة تحقيق «الجابرية»، فعلينا إصدار قرار إيقاف مؤقت للمسؤولين المعنيين بتلك القضية الكبرى كبيرهم قبل صغيرهم ودون ذلك لن يدان أحد عدا.. فراش النفط!

(2) هل هناك مبرر للتعدي على المال العام الذي يملكه الشعب الكويتي قاطبة عبر صرف 4 رواتب بونص للقطاع النفطي في ظل الانهيارات القائمة في أسعار النفط، وماذا حدث للجان التحقيق في تجاوزات التعيينات في الشركات النفطية والتي وزعت كغنائم حرب على الأقارب والأصدقاء؟!

مبارك الدويلة

د. عبيد وعرقلة الأفكار

• فكرت أن أمتنع اليوم عن الكتابة تعبيراً عن رفضي لمقص الرقيب الذي مورس على مقالتي يوم الأحد الماضي، مما حداني إلى الترحم على رقيب وزارة الإعلام أيام حل مجلس الأمة حلاً غير دستوري! لكن قادني تفكيري الى ان أحداً لن يكترث لغياب مقالة تنشر مرتين أسبوعياً فقررت الكتابة على أمل ان ما حصل خطأ مطبعي! فعندما تكتب عنواناً «ضيّع الجادة» ثم تفاجأ به قد تغير إلى «الجادة الصحيحة» فهذه حتى رقيب الرقباء لا يفعلها!
***
د. عبيد الوسمي.. أكثر النواب اثارة للجدل.. عندما تستمع اليه تشعر بانه يتحدث من خلفية معاناة وتراكمات نفسية مع السلطة، وقد لا نلومه على وجود هذه الخلفية النفسية لديه.. لكن ما لا يمكن قبوله هو ان يجعل هذه النفسية توجه خطاباته وألفاظه!
عبيد الوسمي أثناء حديثه في ساحة الإرادة أجهض فكرة «الحكومة المنتخبة»، لأن الشين يخرب على الزين! فألفاظه الفجة والمتلاحقة في كلمته خربت على كل الكلام الحلو اللي سمعناه وشوهت كل الأفكار الجيدة التي أراد المنظمون تمريرها في تجمعهم.
الحكومة المنتخبة هي ما دعا اليها الدستور.. وهي الوسيلة للخروج من هذه الأزمات المتلاحقة، ولكن المشكلة في أمرين: الأول في سوء فهم الناس للحكومة المنتخبة! فيظنون انها محاولة للانقضاض على الحكم! والأمر الثاني في طريقة عرضها في ساحة الإرادة كما شاهدنا، حيث نفسية التحدي هي الغالبة في الطرح.
عبيد الوسمي عرقل الرسالة التي أرادها المعتصمون في ساحة الإرادة كي تصل الى المعنيين عندما تحدثوا عن «الإمارة الدستورية»! وهي رسالة تنبيه الى ان سقف المطالب الشعبية قد لا يقف عند حد! ومع قناعتي ان الإمارة اليوم بالكويت دستورية غير ان حديث د. عبيد الوسمي قد عرقل توصيل ما أراده النواب، حيث تحول الحديث والتعليقات الى ما قاله عبيد من تجاوز على رموز في الأسرة يحترمها كثير من أهل الكويت ويجلونها.
***
• اطلعت على عشرات القرارات الإدارية من نقل وندب وترقية صادرة من مدير عام بنك التسليف بالوكالة وبتاريخ سابق لتاريخ صدورها الفعلي! بغض النظر عن أهمية هذه القرارات واحقية أصحابها، لكن طريقة صدورها ومن شخص لم يتم التجديد لمرسومه مع انه انتهت مدته، أمر مستغرب.
***
• العم جاسم القطامي.. عاصرته في فترة من الفترات.. أخلاق عالية.. سلوك مستقيم.. «مصلي مسمي» لم أسمع منه لفظا نابياً.. مع ولعه وحبه للقومية والعروبة وافتخاره بانتمائه لهما، فإنه كان محباً للدين وأهله ولم أسمع منه كلمة جارحة.. شهادة محاسب عليها أمام الله يوم القيامة.
أما مواقفه الوطنية فلا تحتاج إلى شهادتي.. ولكن عندما كان كهلاً في التسعينات وكنا شباباً، كنا نخجل من حماسه الوطني وحسه القومي وحرصه على المكاسب الدستورية لهذا الوطن.
رحمه الله وغفر له واسكنه فسيح جناته.

محمد الوشيحي

الليبراليون… في جمرة القيظ

من يقول إن نسائم الربيع العربي لم تمر على الكويت أظنه لم يخرج من صالة منزله، حيث التكييف ودرجة الحرارة الثابتة… ماذا نسمي إسقاط حكومة بجملِها وجمّالها؟ وماذا نطلق على إسقاط برلمان ببصلِه وقثائه؟ والأهم من هذا وذاك، بماذا نصِف التغير في الوعي المجتمعي، تحديداً في الدائرتين الرابعة والخامسة اللتين كانتا “ثغرة ديفريسوار” تخترق من خلالها الحكومات المتعاقبة صفوف الشعب وبرلمانه، فأصبحتا “كتائب المواجهة” في وجه الفساد في السلطة وخارجها؟
لن أحدثك، ولا تحدثني، عن أسباب هذا التغير الجذري في عقول المواطنين، حفاظاً على وقتي ووقتك، وتعال نتحدث عن وجود أو عدم وجود “ربيع عربي” في الكويت… صحيح أن نسماته ناعمة لا تقارن بنسمات ربيع تونس ولا ربيع مصر ولا اليمن ولا سورية ولا ليبيا ولا حتى ربيع السودان المولود، هذا صحيح، لكن إنكاره (الربيع الكويتي) غباء. الربيع الكويتي ناعم مُترف كأنامل الشعب، وكل ربيع في أي بلد عربي يتناسب مع أنامل شعبه. هي قاعدة.
الغريب أن نسائم الربيع الكويتي لم تصل إلى منطقة الليبراليين، ولم تزحزح كرسياً واحداً من كراسي “ولاة أمرهم”! يبدو لي أن نوافذ الليبراليين كانت مغلقة وأبوابهم موصدة في وجه نسائم الربيع، ومازالوا يعتقدون أن الكويت في “جمرة القيظ” أو “مربعانية القيظ” كما يسميها آباؤنا.
وكنت قد نصحت قبيلة الليبراليين باستئجار حافلة صغيرة تسعهم كلهم (تعدهم على أصابع يديك ويفيض أصبعان) ويحرصون على ملئها بالوقود، قبل أن ينطلقوا بها إلى محافظات لم يسمعوا بها من قبل، كمحافظة الجهراء ومحافظة الأحمدي ومحافظة الفروانية، ليكتشفوا بأنفسهم مجتمعات وشعوباً وقبائل لم يروها من قبل. وكنت أظنهم (الليبراليين) لم يخرجوا من مناطقهم، فاكتشفت أنهم لم يخرجوا أصلاً من بيوتهم، ولا يعرف أيّ منهم ما يحدث، ليس في الشارع المجاور بل في المنزل المجاور.
التيار الليبرالي يعيش في عزلة، لا علاقة لها بالتأمل ولا الاعتكاف، وإذا مات فلن يكتشف أحد موته إلا بعد أن تتعفن الجثة وتفوح رائحتها، عندها سيضطر الجيران إلى كسر الباب واستدعاء الشرطة.
ولو كانت تربطني علاقة قرابة أو نسب مع التيار الليبرالي لنصحته: “افتح النوافذ لتسمح للنسائم بالدخول ويتغير الهواء الخانق في داخل الغرفة، أو على الأقل ضع ظهر يدك على الزجاج لتلمس برودة الجو في الخارج”. فإن لم “ينتصح” اصطحبته إلى طبيب نفسي.
صدقوني، التيار الليبرالي مريض، ومرضه نفسيّ بحت، وليس على المريض حرج، فابدأوا مرحلة علاجه بفتح نوافذ غرفته.

احمد الصراف

حرف ال x والشيء

اكتشف احد اساطين الفتاوى الغريبة وجود ما يشبه شكل الصليب داخل ثمرة الطماطم، وحرم على المسلمين تناولها! وهذه فتوى سخيفة وسبب تافه لمنع تناول ثمرة طيبة، وتحريض على كراهية الآخر، ولكننا نرى في جانبهم غير ذلك، حيث قام تيري مور بطرح تساؤلات في برنامج TED الشهير، عن سبب استخدام الغرب، وبقية العالم لحرف x في الاشارة لامر او شيء غير معروف، كأن نقول ملف x او فضيحة السيدة x او المعامل x في الرياضيات، او للاشارة الى «الشيء» غير المعروف او المطلوب ايجاده (يستخدم في العربية حرف السين)، ويقول انه قرر قبل 6 سنوات تعلم اللغة العربية ووجدها لغة دقيقة، واكتشف ان الفرس والعرب، ومن بعدهم الاتراك، وضعوا اسس العلوم الغربية في الرياضيات والهندسة كعلم الجبر، وان هذه المعارف وجدت طريقها للغرب من خلال العرب في الاندلس، وكانت هناك رغبة شديدة لترجمة تلك العلوم للغات الاوروبية، ولكن حال دون ذلك صعاب بسبب عدم وجود حروف مقابلة او مماثلة في اللغة الاسبانية، او صعوبة نطق بعض الحروف العربية، ومنها حرف الشين، وهو الحرف الاول من كلمة «شيء»، التي تستخدم بكثافة في الرياضيات، ولا يوجد لحرف الشين مقابل لفظي في الاسبانية فقام هؤلاء «باقتراض» حرف محدد من الكلاسيكية الاغريقية يماثل في لفظه حرف الشين وشكله X، وهذا سهل لهم ترجمة النصوص القديمة، كالنص التالي، الى الاسبانية: «جزء الشيء هو عدد نسبته الى الواحد كنسبة الواحد الى ذلك الشيء، فإن كان الشيء ثلاثة كان جزؤه ثلثا، وان كان الشيء ثلثا كان جزؤه ثلاثة..! حيث استبدلوا كلمة «الشيء» بــ x! ولكن بعد نقل هذه النصوص من الاسبانية لغيرها من اللغات الاوروبية تحول هذا الحرف الاغريقي تدريجيا ليصبح x الحالي! وبالتالي، فإن استخدام حرف الاكس للاشارة لغير المعروف كان سببه عدم معرفة الاسبان بكيفية نطق كلمة «الشيء» العربية!.
والآن هل سيقوم واضعو مقررات الرياضيات في دولنا باستخدام حرف الـ«اكس»، بدلا من حرف «السين»، في المسائل الرياضية، كما هو سائد الان، ام ان المسألة ستتطلب قرونا من الجدل، والدجل، قبل ان نكتشف الحقيقة، مثلما استغرق الامر قرونا لنكتشف ان «الارقام العربية» هي ارقام هندية، وان التي يستخدمها الغرب هي الارقام العربية؟ ومتى يتعلم «متخلفونا» فضيلة التسامح واحترام الاخر ورموزه الدينية، والاقرار بفضله علينا، من دون حساسية؟.
***
* ملاحظة: غاب الآدمي، ابن الاوادم جاسم القطامي، ليثبت ان قلة فقط، عندما تغادر هذه الدنيا تقوم بأخذ شيء من النفس معها، ومن هؤلاء هذا الانسان الكبير، الذي غادرنا قبل ايام تاركا في القلب غصة! فقد كان بالنسبة لوطنه، ولي شخصياً رمزاً ومعلما في الوطنية ومعلما في انسانيته!.

أحمد الصراف