احمد الصراف

فكر ونص د. مصطفى محمود

ولد د. مصطفى محمود عام 1921 وتوفي قبل سنتين فقط. وقد هجر الطب في شبابه ولجأ إلى كتابة الرواية، ولكنه تدروش بعدها عندما لم يجد في ما قرأه واطلع عليه إجابة عن تساؤلاته عن الكون والوجود والموت والحياة، وقام بوضع عدة كتب «فلسفية» دينية. وبالرغم من أن إنتاجه الغزير، الذي قارب 90 مؤلفاً، إلا أن ايا منها لم يحظ بشهرة غير رواية «رجل تحت الصفر». كما قدم لسنوات برنامج «العلم والإيمان» على التلفزيون، وبنى مسجدا عام 1979 اطلق عليه اسم والده ولكن اشتهر باسمه، وألحق به عدة ‏مراكز‏ ‏طبية‏ توفر العلاج للفقراء. وبسبب تعدد قراءاته واهتماماته الثقافية ودراسته للطب فقد تقلبت آراؤه وأفكاره بين ما قد يفسر بانه الإلحاد والتشكيك وبين الإيمان الشديد، ومع كل «ثقافته» لم يستطع غير أن يعجب بشدة بشخصية السادات، الذي رأى فيه البطل و«الرئيس المؤمن»، ربما لأن السادات ساعده في إحدى محنه ووقف معه، وبالتالي لم ير فيه انه ساهم في إيصال مصر لما هي عليه الآن من خراب. ويقال إن السادات عرض عليه يوما الوزارة فاعتذر قائلا انه فشل في إدارة أسرته، حيث طلق مرتين، فكيف ينجح في إدارة وزارة؟!
على الرغم من تدين د. محمود وغزير إنتاجه الأدبي و«الديني» بالذات إلا ان ذلك لم يشفع له عندما تطرفت آراؤه الدينية، من وجهة نظر بعض الأزهريين ورجال دين آخرين، وخاصة بعد وضع كتاب عن «الشفاعة» فحاولوا إخراجه من «الملة» وتكفيره، وهوجم في فكره وشخصه في أكثر من 20 كتابا، وأثر فيه ذلك كثيرا، ولم يستطع مواجهة شراسة الهجوم بسبب عجزه وكبر سنه، فاختار الانزواء، حتى توفي عام 2009.
يقول د. محمود في أحد نصوصه الجيدة: رجل الدين ليس حرفة ولا يصلح لأن يكون حرفة ولا توجد في الإسلام وظيفة اسمها رجل دين. وليس عندنا زي اسمه زي إسلامي، والجلباب والسروال والشمروخ واللحية أعراف وعادات يشترك فيها المسلم والبوذي والمجوسي والدرزي ومطربو الديسكو ولحية الهيبي اطول من الجميع! وأن يكون اسمك محمدا أو عليا أو عثمان لا يكفي لتكون مسلما، وديانتك على البطاقة هي الأخرى مجرد كلمة، والسبحة والتمتمة والحمحمة وسمت الدراويش وتهليلة المشايخ أحيانا يباشرها الممثلون بإجادة أكثر من أصحابها. والرايات واللافتات والمجامر والمباخر والجماعات الدينية أحيانا يختفي وراءها التآمر والمكر السياسي والفتن والثورات التي لا تمت إلى الدين! إلى أن ينتهي بالقول في نصه المطول: هذا هو الدين، وهو أكبر بكثير من أن يكون حرفة أو وظيفة أو بطاقة أو مؤسسة أو زيا رسميا! انتهى.
فهل يفهم صاحبنا، مهندس افكار الجماعة، والذي بنى ثروته وكون شهرة مكتبه، باستغلال الدين، مثل هذا الكلام؟ أشك في ذلك!

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

رأس قبيلة عريقة!!

على مر سنوات الدستور، بل قبل الدستور أيضاً سعى بعض أبناء الأسرة ومن معهم إلى مقاومة فكرة سيادة الأمة، بحكم أنهم باعتقادي لم يتشربوا المفهوم الديمقراطي بشكل جيد، على الرغم من المحاولات الحثيثة لبعض أبناء الأسرة لترسيخ هذا المفهوم، وأبرزهم المغفور له عبدالله السالم.
فرغم التزام الشعب، ولمئات السنين، بالعقد الشفهي قبل الدستور، والذي تحول إلى نص مكتوب بعده بأن من يتولى الإمارة في الكويت هم أسرة واحدة ومن ذرية مبارك الصباح، فإن محاولات بعض أبناء الأسرة، وعلى الرغم من هذا الالتزام الشعبي المرسخ في كل الأزمات التي مرت على البلاد، أقول إن محاولات بعض أبناء الأسرة لتغيير هذا العقد مستمرة وحثيثة لتحويل المواطنين إلى رعايا، والشواهد كثيرة على هذه الممارسات التي جوبهت في معظم الأحيان، وكانت الغلبة للشعب والملتزمين بالدستور من أبناء الأسرة.
عموما فإنه، وعلى ما يبدو، قد انتقلت عدوى مسعى بعض أبناء الأسرة لنقض الدستور إلى بعض النواب وبشكل واضح جدا على خلفية اعتقال السيد جدعان الهذال يوم الخميس الماضي، وإليكم تصريحين من نواب حازوا مراكز متقدمة في الانتخابات الماضية.
فحائز المركز الأول بالدائرة الثانية د. جمعان الحربش يقول “نرفض المساس به فهو رأس قبيلة عريقة”!!
وحائز الـ14 ألف صوت في الدائرة الرابعة علي الدقباسي يقول “قرار لا يليق برجل مكانه صدر المجلس”!!
وبغض النظر عن أسباب الاعتقال وصحتها من عدمها فإن التصريحين يحملان نفساً غريباً لا يمتّ لا لدستور الدولة ولا للقانون بأي صلة، فرفض الحربش المساس بالسيد الهذال لم يكن على أساس قانوني بل لأنه رأس قبيلة عريقة، والحال نفسها تنطبق على الدقباسي الذي يرفض القرار لأن الرجل مكانه صدر المجلس.
وهذان الاسمان يطالبان اليوم بحكومة منتخبة، وهو أمر لا بد من الوصول إليه كتطور ديمقراطي طبيعي في حال توافر الأرضية الصلبة التي تقوم عليها الحكومة المنتخبة، إلا أن تصريحات هذين النائبين تثبت بشكل قاطع أن الوضع لن يتغير في حال الحكومة المنتخبة بهذه الظروف والاستثناءات ستكثر، فهذا شيخ قبيلة، وآخر أمير عشيرة، وثالث مرجع ديني، وكلهم يستثنون من القانون لمكانتهم الاجتماعية، وبدلاً من ترسيخ المساواة بين الجميع والصراع من أجل الوصول إليها نتحول إلى دويلات داخل الدولة، الاستثناء فيها هو الأصل.
الوضع في بلادي خطر، فعلى ما يبدو أن الكثيرين من أبناء وطني يريدون أن يكونوا هم الاستثناء، ولا يسعون إلى المساواة والعدالة إلا في حالة ضعفهم فحسب، أما من يلتزم بالمبدأ ويحافظ عليه فهو المنبوذ والمرفوض.
إن ما يحدث اليوم هو نتيجة حتمية لغياب قرار واع يحرص على أن تكون أسس العدالة والديمقراطية والمساواة والحرية منهجاً إلزامياً يدرّس، ويغرس طوال السنوات الدراسية الاثنتي عشرة لنتمكن على الأقل من صناعة جيل جديد يصحح كوارث من سبقه.

عادل عبدالله المطيري

الخونة ـ العلمانيون ـ المزدوجون..!

يقول علماء السياسة إن «التاريخ» هو مختبر السياسة ونظريته، لأنه من الصعب أن تختبر مقولة أو فرضية سياسية إلا بإحالتها إلى حوادث سياسية تاريخية ومن ثم تعرف إن كانت فرضيتك صحيحة أم خاطئة.

الحراك السياسي والديموقراطي في الكويت بدأ منذ عام 1938، على أيدي تجار الكويت الذين تعلموا في العراق آنذاك واعجبوا بالحياة الديموقراطية الناشئة فيها، وحاولوا تطبيقها في بلدهم، وعلى الرغم أنهم نجحوا في إقامة أول مجلس تشريعي له صلاحيات تنفيذية، إلا أنه لم يقدر لهذه التجربة الاستمرار، ولكنها استطاعت تحريك المياه الراكدة. مما لا شك فيه ان الكويتيين الأوائل ناضلوا من أجل الحرية والديموقراطية، واعتقل من اعتقل وقتل من قتل، واتهمت «قوى الظلام» آنذاك، بعض النشطاء السياسيين بأنهم «يدعون للوحدة مع العراق» لتنفر الناس من حولهم وتفشل حراكهم السياسي.

استمرت المطالبات وتوالت التجارب الديموقراطية حتى أصبح للكويتيين دستور يفخرون به وبرلمان منتخب منذ بدايات الستينيات من القرن الماضي، واستمرت «قوى الظلام» بمحاربة دعاة الديموقراطية من أمثال الخطيب والربعي والجوعان وكل من كان يفكر في طريقة حرة، وكل من يريد تطبيق الدستور ومحاربة الفساد، فما كان من دعاة التخلف والفساد إلا أن يتهموهم بـ «العلمانية والكفر» لينفروا الناس من حولهم وخاصة المحافظين والقبائل، وللأسف أيضا نجحوا في ذلك، على الرغم من أنهم كانوا ينادون باحترام الدستور ولم يسوقوا لأفكارهم السياسية.

تراجعت الكويت كثيرا بعدها، وحلت المجالس المنتخبة وعلقت مواد الدستور باسم محاربة العلمانية وزاد الفساد السياسي والاقتصادي.

والآن نرى قوى الفساد والتخلف تعيد الخطة نفسها و«للمرة الثالثة» لإيقاف قطار الديموقراطية وعرقلة الإصلاح السياسي، فبعد أن انتقل الحراك السياسي إلى أبناء القبائل وحلموا لواء محاربة الفساد وتطبيق الدستور، سارعت القوى الظلامية الى اتهام قيادات الحراك السياسي بـ «الشوارعيين» واتهموا الجموع الداعمة لهم بـ «المزدوجين»، وللاسف ـ كل مرة ينجح اعداء الديموقراطية في تحويل الصراع السياسي ـ بين قوى الفساد وقوى الإصلاح ـ الى صراع ديني أو طائفي أو عنصري.

من المؤكد أن الاسلاميين وابناء القبائل عرفوا الخطة واسترعبوا «نظرية القوى الظلامية» والسؤال الآن: متى يستوعب التحالف الوطني والمنبر الديموقراطي الدرس، ويترك الاختلاف الأيديولوجي مع القوى السياسية الأخرى، ويهتم بالمشتركات الوطنية من اجل الاصلاح السياسي؟

فمن غير المقبول ألا يدعى إلى ندوة الصقر، ممثلون عن القوى السياسية والاجتماعية والتي تمثل اغلب مناطق الكويت ومكوناته، كما ان خطاب المتحدثين فيه الكثير من الازدراء للآخرين، واتهام الاغلبية باستقوائها بالشارع ووصفها بالخروج على القانون.

الاغلبية تعلموا السياسة من التاريخ، ولم تعد تنطوي عليهم مصطلحات ـ الخونة ـ العلمانيون ـ المزدوجون ـ وكل التهم التي تقاوم بها «الصحوة السياسية» وروادها ومريديها.

سامي النصف

«ستينغر» هو الحل الوحيد للمسألة السورية!

  انقرض الغزال أو كاد، عندما قام بعض «القناصة» باستخدام الطائرات العمودية لصيده، حيث لم تعد له فرصة للنجاة، الإنسان كذلك يستطيع ان يصد أذى كثير من الأسلحة الفتاكة كالطائرات النفاثة والدبابات والمدافع، إلا انه لا يقدر على مواجهة قوات تستخدم الطائرات العمودية لبطء وخصوصية حركتها.

***

بقي الجيش الأحمر مسيطرا على الأوضاع في أفغانستان لعشر سنوات حتى سلمت الولايات المتحدة صواريخ «ستينغر» المحمولة على الأكتاف للمجاهدين الأفغان، وبدأت الطائرات العمودية السوفييتية تتساقط كالذباب فأعلن الاتحاد السوفييتي هزيمته وخروجه من أفغانستان فصاروخ صغير لا تزيد قيمته عن آلاف قليلة من الدولارات يسقط طائرات قيمتها عشرات الملايين ومقتل الطيارين والجنود الذين بداخلها.

***

بعد تحرير الكويت عام 1991 وبدء شرارة الثورة الشعبية العراقية في 14 محافظة تم السماح للقادة العسكريين العراقيين المتواجدين في خيمة صفوان بإمكانية استخدام الطائرات العمودية وهو ما أفشل الثورة الشعبية (أول ربيع عربي) وأجل عملية تحرير العراق 12 عاما كاملة توفي خلالها آلاف العراقيين.

***

العين لا تستطيع مقاومة الإبرة والحل الوحيد لنضال الشعب السوري البطل هو بتزويد الجيش السوري الحر والقوى «الليبرالية والوطنية» بصواريخ «ستينغر» المضادة للطائرات وحتى صواريخ «جافلين» المضادة للدروع وان كان هناك من لا يأتمن القوى «الإسلامية» على مثل تلك الأسلحة خوفا من ان تقع بيد المتشددين، ودون ذلك ستبقى دماء الشعب السوري تسيل أنهارا حتى تصل للنهاية المحتومة وهي استحالة تعايش مكونات الشعب السوري بعضها مع بعض ومن ثم الانشطار والانقسام والتفتيت.

***

آخر محطة:

(1) لو كان العالم يشهد مقتل 100 هر كل يوم لثارت شعوبه ومنظماته وأوقفت تلك المذابح، كيف للعالم ان يصمت أمام قتل 100 إنسان سوري كل صباح بدم بارد؟! لست أدري!

(2) يذكر لي صديق إعلامي سوري ان مذابح سورية قد أسقطت المبرر الأخلاقي للصراع العربي ـ الإسرائيلي، أما الأراضي ـ حسب قوله ـ فيمكن بسهولة التفاهم حولها مستقبلا.

احمد الصراف

المؤامرات المخجلة

انقلاب يوليو 1952 في مصر كان مؤامرة، وهكذا مع انقلاب تموز العراقي، وكذا الانقلاب على حميد الدين اليمني، والخميني على الشاه، فجميع هذه الانقلابات والثورات دبرتها المخابرات الغربية! وتكرر الأمر ذاته في تونس على بورقيبة وعلى بن علي بعدها، وفي مبارك مصر وقذافي ليبيا، مرورا بالسفيرة إبريل كلاسبي، وكيف «خدعت» صدام واغرته بغزو الكويت! وحتى حرب 2003 على العراق مؤامرة، بحجة البحث عن أسلحة الدمار الشامل، وزادوا على ذلك بأن ما يجري من عقوبات اقتصادية وتهديد عسكري لإيران يصب في نهر المؤامرة نفسه، ولا ننسى طبعا وصول الإخوان للحكم في مصر وتونس، وهكذا مئات المؤامرات تصاغ في وكالات وأجهزة المخابرات الغربية ضدنا يوميا طامعين في مياهنا ومعادننا وبترولنا وارصدتنا النقدية، هذا غير رغبتهم في القضاء على عاداتنا وتخريب معتقداتنا والفتك بديننا! ولكن الغريب ان لا أحد من هؤلاء حاول أن يتساءل يوما: لماذا نحن؟ لماذا لم يتآمروا في نصف القرن الماضي على ماليزيا، وهي مفرطة الغنى، أو تركيا، وهي ليست اقل إسلاما وغنى من ماليزيا؟ ولماذا لا تآمر هناك على النرويج والمكسيك، وبترولهما وغناهما يتجاوز اضعاف ثروات كل  الدول العربية؟ ولماذا التركيز الشديد علينا نحن بخلاف هذا العالم، غير متناسين ما حصل ويحصل في أفريقيا واميركا الجنوبية وغيرها؟ هل لأننا صيد سهل وجهلة؟ أم لأننا نشكل خطرا على الغرب؟ أعتقد أن كل ذلك إضافة للسبب الأهم وهو أنظمة حكمنا الدكتاتورية وجهلنا في إدارة ثرواتنا بطريقة سليمة، وفساد سياسيينا، فالمؤامرة، بالرغم من رفضي لها بمعناها الكلاسيكي، أمر تتبعه كل القوى الكبرى! فلا يمكن أن يعتمد الغرب مثلا على مادة حيوية، كالبترول، ولا يخطط في كيفية استمرار تدفقه لمصانعه ومركباته وطائراته بسلاسة وشروط عادلة! وبالتالي ليس بإمكانه ترك الأمر للصدف، بل يتطلب الأمر تخطيطا محكما، ويكون غبيا إن لم يفعل ذلك. ولو كنا نحن، لاعنو المؤامرة، في وضعه لما ترددنا في القيام بالشيء ذاته. وبالتالي فإن ما يجذب «ذباب المؤامرات» لنا هو عسل جهلنا وتخلفنا وتمسكنا بدكتاتورياتنا، فالدكتاتورية هي السلطة المطلقة والسلطة المطلقة فاسدة ومفسدة، والفساد يؤدي إلى تآمرنا على الآخر وتآمر الآخر علينا، اما لأخذ نصيبه من الكعكة أو لضمان «حقوقه» في ما نملك، فمادة كالنفط ليست حقا مطلقا لمن ينتجها! وبالتالي لتجنب تآمر الآخرين علينا يجب أن نحتاط للأمر بالتخطيط السليم وأن نحترم انفسنا وشعوبنا وكراماتنا، وهذا لا يمكن أن يتحقق بغير التحول لدول ديموقراطية يكون فيها القرار للأمة وليس لفرد دكتاتور، فحرب العراق على إيران واحتلالها للكويت، كمثالين حديثين، لم يكونا ليقعا لو كان العراق ديموقراطيا! ومبارك ما كان ليسقط لو كانت مدة حكمه «الشرعية» قد قاربت على الانتهاء! والقذافي ما كان ليقتل كالفأر وتدمر بلاده «بمؤامرة دولية» لو كان مؤمنا بتداول السلطة ويعرف شيئا اسمه دستور! وقيام صدام بقتل عشرات الآلاف من شعبه بأسلحة محرمة ما كان ليقع لو كان القرار جماعيا، ولو كان العراق ديموقراطيا! وهكذا مع سوريا الأسد، التي كان من الممكن ان تكون أغنى واجمل الدول العربية وأكثرها حصانة من المؤامرة، لو كانت تتمتع بنظام ديموقراطي السلطة فيه للأمة وليس لفرد أو عائلة!
شيء مخجل حقا!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

نحن ومصر… يوتيوب يحكمنا

قضيت الليل أشاهد مقاطع فيديو لبعض جلسات البرلمان المصري، وهالني ما رأيت…
دع عنك صراخ رئيس البرلمان، رجل “الإخوان” المعتق د. سعد الكتاتني وتكراره جملة “أنا رئيس المجلس وأعرف كيف أدير الجلسة”، رغم أن الوضع لا يدل على ذلك البتة بتاتاً، فلا هو سيطر على الجلسات ولا هو توقف عن ترديد جملة “أنا الرئيس”.
أقول: دع عنك هذا، وتعال معي نشاهد كيف تتعامل الأغلبية المتدينة هناك مع الأقلية، لتتأكد أنك أمام منظر مرعب، سواء في التعامل مع الأقلية أو حتى مع الوزراء (شاهد طريقة تعاملهم مع وزير التموين الدكتور جودت واحسب كمية صراخهم).
شاهد هذا ثم تعال معي نقارن الوضع هناك بالوضع هنا، فكما أن هناك أغلبية جاء بها الربيع إلى البرلمان، قبل أن تسقطه المحكمة الدستورية، هنا أيضاً جاء الربيع بأغلبية سيطرت على البرلمان، قبل أن تسقطه المحكمة الدستورية، لكن الفرق هو في التعامل مع الأقلية، سواء من جهة الأغلبية أو من جهة الرئيس.
وكلنا نتذكر صراخ النائب الباصق محمد جويهل على الرئيس السعدون، وسخريته من عيونه وطريقة كلامه، ومع ذا كان الرئيس السعدون صامتاً يتلقى السباب دون أن يمنعه ذلك من الانتصار للنائب الباصق ضد وزير الداخلية، في مشهد لا أظنه يتكرر في أيّ من برلمانات العالم.
صدقاً لا حمية، أرى أن أغلبية برلماننا (السابقة واللاحقة إن شاء الله) ورئيسه أكثر ديمقراطية في التعامل مع الأقلية رغم سوئها، ويظهر ذلك بجلاء إذا ما وضعنا صورتي الأغلبيتين، المصرية والكويتية، والرئيسين، جنباً إلى جنب وحرصنا على إظهار الفوارق بينهما.
القمع هناك، أقصد قمع الرأي والصوت، قمعٌ واثق الخطى، بالشمع الأحمر، أما هنا فلا قمع ولا شمع، واليوتيوب بيننا وبينكم.

سامي النصف

التصويت على الدائرة والحزبية والحكومة الشعبية.. والحرب الأهلية!

إعلان بعض الساسة انهم سينزلون بقوائم موحدة امر جيد حيث سيعرف الناخب الكويتي على ماذا سيصوت خاصة اننا نعيش مرحلة حرجة سياسيا واقتصاديا وامنيا، وعليه فعلى وسائل الاعلام في الانتخابات القادمة تذكير الشعب الكويتي بأن هناك تكتلات يعني التصويت لمنضويها التصويت للدائرة الواحدة والحزبية والحكومة الشعبية ولربما لبدء اشعال الحرب الاهلية علما بأن الداعين للشرور الثلاثة بعضهم في الاكثرية وبعضهم في الاقلية، والرافضون لتلك الشرور الماحقة بعضهم في الأكثرية وبعضهم في الاقلية.

***

لذا فإن كنت تؤيد خلق حياة حزبية في الكويت ستكون مطابقة عقلا ومنطقا للحياة الحزبية في لبنان والصومال والعراق واليمن وغيرها من دول المنطقة ولن تكون بالطبع مقاربة لتجربة سويسرا والدول الاسكندنافية فاختر من يدعو لذلك الخيار الذي سيقنن ويمنح صك الشرعية لكل التخندقات والممارسات الخاطئة من فئوية وقبلية وطائفية ومن ثم ستبقى للابد تحت مسمى الاحزاب المختلفة وستقودنا تلك الاحزاب الى ما قادت اليه الاشقاء العرب من دمار وحروب اهلية حتى تحولت من دول الى غابات قتل ونحر!

***

وان كنت تؤيد الحكومة الشعبية والملكية الدستورية التي جربت – للعلم – في الملكيات العربية فلم تخلق حياة سياسية مستقرة قط، حيث كان معدل عمر الوزارات في العراق الملكي كما يذكر المؤرخ عبدالرزاق الحسني في كتابه «تاريخ الوزارات العراقية» لا يزيد عن 6 اشهر رغم ان جميع تلك الحكومات كانت تملك اغلبية حزبية في البرلمان الا ان العراقيين حالهم حال الكويتيين كما اثبتت التجربة مرارا وتكرارا لا يستقر لهم حال ويبدلون تحالفاتهم مع كل صباح ومساء، وقد نتج عن الوزارات الشعبية في الكويت اي التي تقلدها الوزراء النواب المحللون، ومثلهم الحكومات الشعبية في اوطاننا العربية كارثة «الاستباحة» حيث لم يعد احد يأمن على وظيفته ومصدر رزقه، فمع وصول الحزب الكويتي الذي سيشكل الحكومة سيبدأ بتكريم منضويه وداعميه بالمناصب والترقيات ظالما وطاردا من لا ينتمي إليه من الموظفين. ومن طرائف الحكومات الحزبية والشعبية العربية ان مصطفى النحاس باشا في آخر وزارة له تقلد منصب رئيس الوزراء ورئيس ديوان الموظفين لزوم مكافأة الاتباع والمناصرين على حساب الآخرين فإن كنت تريد ان تقتدي الكويت بمثل تلك التجارب المريرة فصوت للكتل التي تدعو لها وتذكر قبل ذلك ان الاسر الحاكمة الخليجية هي عوامل استقرار في بلداننا وتقف على مسافة واحدة من جميع الفئات والشرائح بعكس الآخرين.

***

كذلك ان كنت تعتقد ان بعض ساستنا اكثر فهما وذكاء وحكمة وعقلا من ساسة الغرب والشرق ودول مثل الولايات المتحدة والمانيا واليابان وبريطانيا وباقي دول العالم قاطبة (عدا اسرائيل) التي تأخذ بمبدأ «تعدد الدوائر» كوسيلة لضمان تمثيل عادل لجميع شرائح المجتمع السياسي والاجتماعي والفكري فانتخب من يدعو من ساستنا للتحول الى الدائرة الواحدة التي قد تجر – وحدها – المجتمع الكويتي إلى شفا حرب اهلية عندما تطغى توجهات سياسية على توجهات سياسية، وطوائف على طوائف وفئات على فئات وتستباح موارد الدولة وميزانيتها العامة من قبل التحالف الفائز وتشعر مجاميع بأكملها بأنها اصبحت خارج كعكعة الدولة ضمن مجتمع لا تسامح ولا مغفرة فيه، ويكفي ان تمد نظرك الى ما يحدث على بعد امتار قليلة من حدودنا الشمالية ثم قرر كيف ستصوت.

 

احمد الصراف

الرد على الخازن

كتب الزميل جهاد الخازن مقالا في «الحياة» يوم الخميس، سرد فيه وضع الكثير من الدول العربية وما يجري فيها من قتل ودمار وتخريب، وما تواجهه غيرها من مشاكل بيئية واقتصادية وبشرية لا حصر ولا حل لها، ووجه اللوم للكويتيين لعدم رضاهم عن أوضاعهم، وانهم يكثرون من توجيه التهديدات والتهم لبعضهم، وأن لا أحد منهم يود رؤية حقيقة أن كل دولة عربية لها مشاكل يصعب حلّها، إن لم يستحل ذلك، وأن الكويت هي الاستثناء، ومع كل ذلك يختار الكويتيون أن ينكدوا عيشهم بأيديهم، وان عليهم القبول بالوضع، وان يسافروا وينبسطوا ويصوموا رمضان (!). الغريب أن المقال وجد تجاوبا كبيرا، خاصة على الإنترنت، ومن يقرأه بعجالة يجد أن مع الكاتب الحق في ما ذكره، وان على الكويتيين القبول بأوضاعهم وان يحمدوا ربهم ويذهبوا ليهنأوا بعيشهم! ولكن بالتمعن قليلا في المقال نجده يروّج لفكرة أن أوضاعنا، بفضل حكوماتنا، هي الأفضل، وانه ليس بالإمكان افضل مما كان! وهو هنا لا شك يقارن وضع الكويت بما يجري في سوريا والعراق ومصر وليبيا، ولا يقارنها بالتي أفضل منها كماليزيا وتركيا والسويد، وبالتالي علينا أن نسكت ونستمتع بحياتنا، لأن حكومتنا أفضل من غيرها، وسلطتنا أعدل ما يمكن الحصول عليه، وأوضاعنا جميلة، وخزائننا ممتلئة بالأموال ورواتبنا جيدة وبترولنا تتنافس الدول على شرائه، وبالتالي، لمَ الاحتجاج؟ وما موجب رفع سقف المطالب؟! فيكفي أننا نجد دائما شيئا نأكله وجنسا نمارسه، وتجولا نقوم به، وكل عام والجميع بخير. ولكن يا سيد جهاد، ماذا عن حقوق المرأة المُهدَرة؟ ماذا عن آلاف الطلبة الذين كدستهم حكوماتنا في صفوف مكتظة؟ وماذا عن تدهور التعليم وانتشار الفساد الإداري والرشى وسرقات المناقصات؟ وماذا عن نقص الجامعات الرهيب؟ وماذا عن الزيادات الهائلة في رواتب الموظفين، التي أكلها الغلاء، والتي دفعت لشراء الولاءات وإسكات المطالبات، التي اختفى مفعولها بعد ساعات؟ ماذا عن انقطاع الكهرباء وتأخر تنفيذ مشاريع حيوية يحتاجها المواطن؟ ماذا عن مشاكل المرور التي يذهب ضحيتها المئات سنويا من دون سبب؟ ماذا عن الكوارث البيئية والجرائم التي ارتكبت في حق الوطن والمواطن، والتي لم توجه التهم حتى لفرد على ارتكابها؟ ماذا عن مشكلة «البدون» التي خلقتها السلطة وعجزت عن وضع حل لها حتى الآن؟ جميل أن تكتب مقالك يا عزيزي جهاد وتقارن اوضاعنا بغيرنا، ولكن عليك أن تتذكر انه ليس بالخبز وحده، ولا حتى بالجاتوه، يحيا الإنسان! فسقف مطالب إنسان القرن الــ 21 لا تقتصر على توفير الخبز، بل تتضمن أيضا عودة الليبرالية التي طالما اشتهرت بها الكويت، ودستورها شبه العلماني خير شاهد، وتطالب بوقف التضييق على الحريات، ووقف مطالب قوى الظلام، التي تكسب أرضا جديدة كل يوم، ولن يكون هناك مكان لغير رأيها قريبا، وقانون قتل من يتعرّض للرسول وزوجاته، ولو سرا وهمسا، خير مثال، وهكذا! وبعد كل ذلك تريدنا أن نسافر وننبسط ونصوم رمضان؟ وهذا طبعا يفترض أن الجميع قادرون على السفر، أو أن الكل مطمئن على مستقبل ابنائه وأحفاده، وهذا غير صحيح في ظل كل هذا الخراب الذي نعيشه، فالخبراء يقولون ان حكومتنا، التي أطنبت في مدحها، ستعجز قريبا عن دفع رواتب موظفي الدولة، دع عنك توفير بقية مطالب وحاجات الأمة، إن استمرت اسعار النفط في الانخفاض، فما الذي ستقوله في حينها؟!
شكرا للفت نظرنا لأوضاعنا، وللسعادة التي نعيشها، وأتمنى أن يبقى قلمك حرا وبعيدا عن المدح الزائف، فمن السذاجة الا ترى في الكويت غير تلك الصورة النمطية المتمثلة بملايين دولارات النفط التي تصب في جيوب المواطنين، وتجعلهم الشعب الأكثر «سعادة» و«ثراء»، وبالتالي عليه أن «يسكر نيعه» ويسكت عن التجاوزات والسرقات وانتهاك الحريات، وأن يصوم بعدها رمضان!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

اليسار يغير جلده

لوحظ منذ اكثر من عقد من الزمان ان التيار اليساري الكويتي، والذي يمثله المنبر الديموقراطي الكويتي، بدأ في تغيير جلده، فمن اقصى المعارضة ضد الحكومة والنظام في الستينات والسبعينات الى عقد الصفقات والتحالفات مع الحكومة في مطلع القرن الجديد، ولعل مقال الدكتور الخطيب في صفحة القبس الاولى في الاسبوع الماضي عندما طالب ما يسمى مجلس القبيضة (مجلس 2009) بالانعقاد لأكثر من جلسة وإصدار قوانين مهمة مثل قانون نزاهة الانتخابات، وحرص الرمز اليساري على الا يتم حل المجلس الا بعد ان يصدر هذه القوانين، اقول هذا المقال تأكيدا لاستمرار هذا التيار في تبني خط مخالف لكل المواقف والثوابت الوطنية التي كان الدكتور يقاتل من اجلها منذ الستينات من القرن الماضي!
ثم جاء اجتماع ديوان الصقر، والذي حدد فيه هذا التيار خطه ومنهجه بكل وضوح، وهو التنسيق مع التحالف الوطني الديموقراطي، وكلنا يعرف مبادئ هذا التحالف الذي يمثل المصالح التجارية لبعض العوائل الكويتية الكريمة ومآسي تلزمه ذلك من مراعاة التوجهات الحكومية ومصالح مكوناتها الاجتماعية وما أدى ذلك الى تحالفات صريحة بين التيارات الشيعية على اختلافها والتيار الوطني في مجلس الامة والمحسوب على التحالف والمنبر عندما كانت هذه التيارات «خوش بوش» مع الحكومة وتوجهاتها ايام حكومات سمو الشيخ ناصر المحمد.
واستمرارا لهذه المتغيرات الأيديولوجية والفكرية والمنهجية لدى رموز اليسار الكويتي ومؤسساته، دأب مفكروه ومنظروه بانتهاج هذا الخط الجديد منذ سنوات عدة، ولعل المتابع لكتابات احد هؤلاء المنظرين وهو الكاتب الكبير والزميل عبداللطيف الدعيج وانتقاده المستمر لخط المعارضة السياسية الكويتية ومدحه المتكرر لبعض المواقف الحكومية المناوئة لهذه المعارضة، يلاحظ ذلك!
هذا المقال ليس انتقاصا لليسار الكويتي فالتغيير ليس عيبا ولا نقصا بل هو شكل من اشكال التطوير في العمل ومجاراة الواقع ومتغيراته، خاصة اذا تبين ان بعض أفكار التيار اصبحت بالية او ان بعض مبادئه لم تعد قادرة على الصمود في وجه التطور الطبيعي للحياة مما حدا بالتيار الى تغيير كبير ولو أدى الى تغيير الجلد..!
ما أتمناه ألا نسمع من منابر هذا التيار من يكرر أمجادا كلنا يعلم انها اصبحت اطلالا في تاريخه ولم يعد لها وجود!
***
• يعجبني جاسم القطامي عليه رحمة الله، عاش ومات على المبدأ نفسه من دون ان يغير جلده…!! ويذكرني بالعم عبدالله العلي المطوع عليه رحمة الله الذي عاش ومات من اجل مبدئه…. أولئك رموز دخلت التاريخ من أوسع أبوابه فهل من مدكر؟

سعيد محمد سعيد

من أقوال الرئيس المخلوع

 

في الغالب، وكما جرت عليه العادة، تتصدر أقوال الرؤساء، كل وسائل الإعلام ولافتات الميادين ومقدمات الكتب والكتيبات والمطبوعات… وتطل في حركات (فلاشية) على شاشات التلفزيونات الرسمية… بل وربما كتبت على الساعات الفاخرة وزجاج السيارات الخلفي وربما الأمامي… وقد تجدها حاضرة دائماً في مقالات بعض الكتاب وهكذا.

قد تبقى تلك الأقوال بعد موت موتاً طبيعياً لكنها سرعان ما تختفي، وتختفي بوتيرة أسرع من كل مكان… كل مكان… حين يسقط بثورة أو يتنحى أو يقع بين أيدي الثوار، إلا أن الذي يبقى منها هو تلك الأقوال التي صاغ فيها المخلوع ومستشاروه واعلامه خطابات وكلمات فيها استسخفاف واهانة لشعبه، أو تحوي بشكل متعمد إهانة معارضيه واغاظة شعبه بالشتائم والأوصاف الكريهة التي تشبهه.

لو أجرينا رصداً مختصراً لأمثلة من تلك الأقوال التي قالتها مجموعة من المخلوعين: التونسي زين العابدين بن علي، المصري محمد حسني مبارك، الليبي معمر القذافي واليمني علي عبدالله صالح، سنجد بعضها يشبه الآخر من ناحية (اللسان الدكتاتوري) وقوة الاستبداد والتعنت! فيما لا تخلو من بذاءة اللسان حيناً والخداع احياناً أخرى.

* زين العابدين بن علي: أكلمكم الآن لأن الوضع يفرض تغييراً عميقاً… نعم تغييراً عميقاً وشاملاً… وأنا فهمتكم… اي نعم أنا فهمتكم… فهمت الجميع… البطال والمحتاج والسياسي والذي يطالب بمزيد من الحريات… فهمت الكل، لكن الأحداث الجارية اليوم (مهيش بتاعنا) والتخريب ليست من عادات التونسي المتحضر… التونسي المتسامح: المخلوع تأخر في فهم شعبه (أي نعم تأخر)، من السياسي الى البطال، فيما تبين أن الرجل لا هو سياسي ولا هو مطالب بمزيد من الحريات… بل هو البطال فعلاً.

* حزني وألمي كبيران لأنني قضيت 50 سنة في خدمة تونس: مرد حزن المخلوع أنه قضى 50 عاماً في حرمان الشعب التونسي من حقوقه الأساسية في الحياة، ولهذا فإن الحزن والألم يصبحان كبيرين فعلاً حين يجد المخلوع أن شعبه لا يحبه اطلاقاً، وما العقود الخمسة من الحكم الا فجيعة تراكمت لحكم استبدادي آن له أن يسقط.

* اصبحنا خائفين عليهم من عنف مجموعات سطو ونهب واعتداء على الأشخاص (هذا اجرام موش احتجاج وهذا حرام): كل من يقف مخالفاً أو معارضاً للمخلوع أو من هم على شاكلته يصبحون مجموعات سطو ونهب وارهاب واجرام، وفي لحظة، يصبح المخلوع هو المفتي يحلل ويحرم كما يشاء.

مقبور ليبيا… ملك ملوك افريقيا معمر القذافي ايضاً فهم شعبه حين قال: «انا فهمتكم، ولم أكن أنوي الترشح لفترةٍ رئاسيةٍ جديدة»… لكنه لم يفهم شعبه ولم يعرفهم حين وصفهم بالجرذان، وأنه سيلاحقهم: «شبر شبر، بيت بيت، دار دار، زنقة زنقة، فرد فرد»… مع أن الخداع لم يكن مخفياً في كلامه: «لقد وجهنا الحكومة لتلبية كل طلبات الشباب».

* لا امتلك أي سلطة سياسية أو إدارية، أنا وضباط آخرون حررنا ليبيا وسلمنا السلطة للشعب منذ عام 1977: ولعل الشعب الليبي هو الذي أدرك أن السلطة ليست له، بل لملك الملوك الذي ابقاهم طيلة أربعين عاماً في رعب لا يوصف.

هناك قائمة لطيفة من أقوال المقبور القذافي ستبقى خالدة على ما أظن، لأنها أسعدت الشعوب العربية، وغير العربية، لما فيها من حكم ودرر لا تقدر قيمتها:

* للمرأة حق الترشح سواء كانت ذكراً أم أنثى: طبعاً طبعاً… فلا علاقة للمقبور بالجندر (الفروق بين الرجل والمرأة)، فعند المقبور الرجال نساء والنساء رجال، وحين يقول: «أيها الشعب، لولا الكهرباء لجلسنا نشاهد التلفاز في الظلام»، وليس في ذلك ما هو غريب… يستطيع الشعب تشغيل التلفزيون باسطوانة غاز! وهو «ليس دكتاتوراً لاغلق الفيس بوك… لكنني سأعتقل من يدخل عليه»… ومن قال ان في ذلك دكتاتورية يا ملك الملوك؟ وأكبر دليل على عدم دكتاتوريته: «تظاهروا كما تشاءون ولكن لا تخرجوا الى الشوارع والميادين»… جميل جداً، لا بأس في اعتصام أو مظاهرة في الخيمة! ولذلك هو: «سأظل في ليبيا الى أن أموت أو يوافيني الأجل»… تبارك الرحمن، درر… حقاً درر! أما الموت، اذا كنت رجلاً يجب أن تدفعه، واذا كنت امرأة يجب أن تستسلم له! وكانت النهاية في انبوب مجارٍ.

مخلوع مصر محمد حسني مبارك تعهد أيضاً: «بعدم الترشح لولاية رئاسية جديدة، والتزم بإدخال اصلاحات جذرية على الدستور لتوسيع قاعدة المعارضة، وأرفض الإذعان لمطالب المحتجين وبعض القوى السياسية بالرحيل الفوري من الحكم»… لكنه اليوم في أشد حالات الانكسار وشعبه يحاكمه على جرائمه رغم أنه قال يوماً: «سأعمل لفترة الشهور القليلة التي تبقت من ولايتي على الحفاظ على الاستقرار وذلك تمهيدا لنقل سلس للسلطة»… تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن يا بوجمال وعلاء.

* «هذا عهدي الى الشعب خلال ما تبقى من ولايتي كي اختتمها بما يرضي الله والوطن وابناءه»… لاشك في أن المخلوع كان يخاف الله كثيراً، ويسعى للعمل بما يرضي الله، وربما اعتقد بأن معركة الجمل وقتل المتظاهرين في ماسبيرو وفي كل محافظات مصر شكل من أشكال العمل لنيل رضا الله… استغفر الله.

ولم يتهم اليمني المخلوع (علي عبدالله صالح) النساء المشاركات في الساحات في عفتهن فحسب… أو يصف الشعب اليمني في حراكه وساحاته بأنهم (بلطجية) مستأجرون معروف من يؤجرونهم، أو يكرر بأن الاحتجاجات وراءها اميركا واسرائيل وكأنه لم يكن (good boy) للأميركان… بل كانت له أقواله التي لم تختلف كثيراً عن سابقيه من ناحية (احتقار) الشعب والإساءة الى كل مكوناته، فم ن قائمة أقواله هذه الأمثلة:

* في 11 شهرا قطعت الطرقات والشوارع وانقطع التيار الكهربائي وفجر أنبوب النفط، هذه ثورة الشباب التي سرقها من سرقها: لكن المخلوع لم يتمكن من تقديم دليل على (من سرق) ولا على كيفيته في منع السرقة والاستجابة لمطالب الشعب اليمني.

* مساكين الشباب 11 شهرا في الاعتصامات، فيا شباب ارجعوا إلى مساكنكم، عودوا إلى بيوتكم، عودوا إلى أسركم أنا أشفق عليكم وأدعوكم للعودة إلى مساكنكم وتبدأون صفحة جديدة مع القيادة الجديدة (يقصد قيادة عبدربه منصور هادي): لم يشفق عليهم حين قتل منهم من قتل وقصف منهم من قصف في الساحات، واصبح مشفقاً لا يتحمل رؤية جيل جديد من الشباب لا يقبل الانتهازية والاستبداد.

* أخيراً، أطلب العفو من كل أبناء وطني رجالاً ونساءً عن أي تقصير حدث أثناء فترة ولايتي 33 سنة، واطلب المسامحة وأقدم الاعتذار لكل المواطنين اليمنيين واليمنيات، وعلينا الآن أن نهتم بشهدائنا وجرحانا: لو طلب المخلوع العفو عن التقصير حال انطلاق الاحتجاجات في بداياتها وسعى لإصلاح حقيقي لما احتاج أن يكرر عفواً وهو في حال سقوط مرير.