احمد الصراف

الختان والعلمانية

أصدرت محكمة ألمانية في مدينة مولون حكما بعدم قانونية عمليات ختان الذكور التي تجري في ألمانيا! ومن سيتأثر بهذا القرار هم يهود ومسلمو ألمانيا، وقلة غيرهم، وقد اعترض هؤلاء بشدة على الحكم، وطالبوا الحكومة بوقف هذا التعدي على حقوقهم، وفق تعبيرهم! وقال قادة يهود ان هذا الحكم هو الاشد بعد الهولوكوست، وأن ما ذكرته المحكمة من ان اخضاع الاولاد لعملية ختان هو تعد على حقوقهم الانسانية، هو عكس ذلك تماما، وليس في الامر جريمة وتعد جراحي على جسد من لا ارادة له! وذكر الراباي غولد شميدت بأنه لا يرى مستقبلا لليهود في ألمانيا، ان اصرت المحكمة على قرارها ولم يعترض عليه. وما جعل الوضع اكثر سوءا هو ما بينته استقصاءات الرأي من ان غالبية الألمان يؤيدون حكم المحكمة، وهذا ما تسبب في اصابة كثيرين بصدمة مؤلمة، وما يعنيه من ان المسلمين واليهود غير مرحب بهم في المجتمع الأوروبي!

***
سخر بعضهم من إيماننا بــ «العلمانية»، والتي تعني اساسا فصل الدولة ونظامها السياسي عن الدين، ولم يعلم هؤلاء بأنها وحدها، كما ذكر الراحل حامد نصر ابو زيد، التي يمكن ان تفتح آفاقا للحرية والعقلانية وتعدد المعاني، فالدين شأن المتدينين، ومهمة الدولة ان تضمن حرية الجميع، وتحمي بعضهم من بغي الآخر باسم الدين. لكن العلمانية لا يمكن ان تتأسس من دون اصلاح ديني، وهذا ما لم يتحقق حتى الآن، بل تحقق في اوروبا القرن السادس عشر، ولم تحدث عندنا ثورة فلسفية كالتي احدثها فلاسفة اوروبا، تلك الثورة التي على اساسها تحققت الثورة الاجتماعية والسياسية التي ارست مفهوم «المواطن»، وأحلته محل مفهوم «الرعية»، السائد في مجتمعاتنا! وتزداد الاهمية يوما عن يوم لفصل الدين عن الدولة، فإذا نظرنا حولك سنجد النتائج المأساوية لهذا الزواج الكاثوليكي المحرم بين الدولة والدين في عالمنا العربي، فالدين، وفق قول ابو زيد، لا تستخدمه الجماعات الراديكالية او الاسلاميون فقط، وانما الدولة، وهذا امر يعود تاريخه الى النصف الثاني من القرن العشرين. وفصل الدين عن الدولة غير فصل الدين عن المجتمع، فهذا ما لا يمكن ان يتم، فالدين، تاريخيا، مكون اجتماعي، وليس مجرد مكون شخصي او فردي. وقد يبدأ الدين كذلك، اي يبدأ تجربة شخصية فردية، وقد يظل كذلك في بعض التجارب. لكن بعض التجارب الدينية الشخصية الفردية يتم تحويلها الى تجربة مشتركة تخلق جماعة، تصبح مجتمعا ثم تتطور الى «امة». في هذه الحالة الاخيرة يصبح الدين قوة وشيئا لا يمكن انتزاعه من المجتمع. ولكن الدولة ليست المجتمع، بل هي الجهاز الاداري والسياسي والقانوني الذي ينظم الحياة داخل المجتمع. واذا كان الدين قوة اجتماعية، فهو ايضا ليس المجتمع، فالمجتمع جماعات واديان. ومن حق هذه المجتمعات على الدولة، وهذا جمال العلمانية ورونقها، والذي لا يريده المتخلفون، ان تحمي بعض الجماعات من افتئات جماعات اخرى على حقوقها. من هنا فدور الدولة، كجهاز منظم لسير الحياة في المجتمع، اي مجتمع، المتعدد الاديان او المذاهب والانتماءات بطبيعته، يجب ان يكون محايدا، وهذا لا يتم بغير ألا يكون للدولة دين تتبناه وتدافع عنه وتحميه، فدورها هو حماية الناس، لا حماية العقائد، فالدولة لا يصح ان يكون لها دين، فهي لا تذهب الى الجامع ولا تصلي ولا تحج، بل هي مسؤولة عن المجتمع بكل مكوناته، بما فيها الأديان.

أحمد الصراف

سعيد محمد سعيد

رمضانيات (1): شياطين الطائفية

 

هكذا، قدَّم العديد من القرَّاء الكرام، من الطائفتين الكريمتين، تفاعلاً جميلاً على مقال الأسبوع الماضي: «المطابخ السرية للطائفية»، وذلك التفاعل بمثابة الشوكة في عيون الطائفيين والمؤزمين والمتمصلحين والإعلاميين المؤدلجين المغفلين ومن لف لفهم، ممن جرت على ألسنتهم القذرة وعقولهم السخيفة عبارة: «الفتنة والإنشطار الطائفي» في المجتمع البحريني.

تلك العينة من المواطنين من سنة وشيعة، قدمت ما يمكن اعتباره شهادات على قوة العلاقة بين بعضهم البعض، بصرف النظر عن الدعوات الخبيثة والمحاولات المستميتة الفاشلة عبر وسائل إعلامية مختلفة، ومن خلال حناجر النشاز لإيهام الناس بأن هناك صراعاً طائفياً في البحرين!

ولابد من تكرار أن المؤمنين والمقتنعين والباصمين بالعشر على أن هناك انهياراً في العلاقات بين الطائفتين، وعداوة طائفية مخيفة بسبب «الأزمة»، هم الطائفيون والمؤزمون والمتاجرون أصلاً… هذه هي الفئة التي تعاني من الصدام والانهيار، ونشدد أيضاً: هذه الفئة لا تمثل كل المجتمع البحريني، إنما تمثل نموذجاً سيئاً مريضاً.

على أية حال، أجدني متقدماً بالتهنئة للجميع بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك… بفضائله التي ترقى إلى أعلى مستويات السمو الإيماني والروحي، وهذا الشهر الفضيل فرصة لأن يكشف الناس العقلاء تلك الشياطين التي لا يمكن تصفيدها لا في شهر رمضان ولا في سائر شهور العام! إنهم شياطين الطائفية الذين ينشطون في هذا الشهر الفضيل بعينه، وممن تُفتح لهم شاشات بعض الفضائيات الساقطة ليبثوا سمومهم بين أبناء الأمة ليرضوا بذلك أسيادهم المستمتعين دائماً بنشوة الصراع والخلافات في المجتمع الإسلامي. تلك الفئة المدمرة أشد خطراً من الشياطين التي وردت أحاديث وروايات نبوية شريفة عن تصفيدها في الشهر الكريم، والأخطر منهم، أولئك الناس الذين يصدقونهم وينقلون ما يطرحونه بكل جهل وغباء وطائفية ومرض نفساني.

في بحث قيم للباحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني عبده البحش في موضوع «علماء الفتنة»، التفاتة لطيفة لتلك الأمثلة فيصفهم بقوله: «إن أكبر بلوى ابتلي بها العالم العربي والإسلامي هم علماء الدولار…علماء الدنيا…علماء السياسية… علماء التجارة… علماء البورصات والبنوك والأسواق المالية… علماء الاستثمارات والعقارات والأمور الدنيوية الذين ربطوا مصالحهم بمصالح أعداء الإسلام، فجعلوا من أنفسهم أدوات ومعاول هدم لوحدة المجتمعات الإسلامية، فكانت الفتاوى التي صدرت منهم وحيّرت الكثير من أصحاب العقول السليمة! إذ كيف يمكن لعالم أن يفتي بوجوب الاقتتال بين المسلمين؟ وكيف لعالم أن يدعو إلى تحريض فئة من المسلمين ضد أخرى؟ وكيف لعالم أن يسعى إلى تهييج الناس وإيقاظ الفتنة بين المسلمين؟».

مصادر الخلل العقائدي وشهوة الاقتتال الدموي بين أبناء الإسلام، هم «أشياء» تصلي وتصوم وتتظاهر بقمة التوحيد، وربما وجدتها على شاشات الفضائيات تبكي، وتتجرع المرارة بُعيد أن تكذب وتفتري وتهرج، ولا ينقصها سوى الرقص فرحاً على ما بثت من عفن… لا عليكم من كل ما تفعل تظاهراً فهي ليست سوى أدوات لدى الشيطان، مصداقاً لقول الآية الكريمة :«وقال الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وُعْدَ الْح َقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُم».(سورة إبراهيم : 22)

لا تتوقعوا من وعاظ السلاطين وعلماء البلاط خيراً للأمة! كل فعلهم الشيطاني إنما هو استرضاء للأسياد، فلا يختلف أحد في أن الطائفية وسمومها مرض مدمر للمجتمع الإسلامي، وليس من حق أتباع أية طائفة تجاوز الحدود أو إقصاء أبناء الطوائف الأخرى، ولا يمكن المقارنة هنا بالقول بأن الشيخ فلان فعل فكان رد فضيلة الشيخ علاَّن أن يلقمه حجراً، وكأننا نتعامل مع أطفال! وكأن الردود والصدامات الطائفية هي الأوجب والأولى من دعوات مكافحة ومجابهة الفتن ومشعليها.

هي الحكومات وقوى النفوذ دون شك… هي التي تغذي الطائفية وترعاها وتمدها وتقدم لها كل سبل التصاعد! من غير المنطقي، كما طرحت عدة مرات، أن يعاني أي مجتمع من الطائفية دون أن تكون حكومة تلك الدولة راضية بها وهي أساس مساندتها وراعية كانتوناتها (فرق التمييز والعنصرية) وصاحبة الفضل عليها؟

طوق النجاة للمجتمعات هم علماء الأمة المخلصون الصادقون.. من السنة والشيعة، ومن أتباع مختلف المدارس والمناهج والمذاهب الفكرية الإسلامية، باعتبارهم يطرحون دعوات صادقة للإصلاح ولم الشمل وتوحيد الصفوف، فيما هؤلاء منبوذون من الحكومات ومتهمون ومشكوك في كل خطابهم ونهجهم، ومعرضون بقوة إعلام (هش) لتحريف كل كلماتهم وخطبهم ومهددون أيضاً بالويل والثبور!

مثل هؤلاء المشايخ معززون مكرمون ويحملون دائماً شعار: «املأ ركابي فضةً أو ذهبا».

مبارك عليكم الشهر يا جماعة…

مبارك الدويلة

زكي بدر في الخليج

عندما أراد عبدالناصر والضباط الاحرار القيام بانقلاب 1952 استعان بحركة الاخوان المسلمين للحصول على التأييد الشعبي للثورة، وتم اختيار اللواء محمد نجيب قائدا للبلاد آنذاك وهو المقرب من الاخوان. وبعد ان استقرت الامور للضباط الاحرار انقلبوا على حلفائهم في عام 1954، وحتى يبرروا فعلتهم المشينة اختلقوا لهم اعترافات وتهما لا يصدقها عاقل! لكن وسائل الاعلام كانت بيد السلطة التي أصبحت تحت سيطرة الضباط الاحرار، فصدق الشعب هذه الاتهامات وسار في شوارع القاهرة يهتف لعبدالناصر حتى تمكن الاعلام من رسم صورة مقدسة له في أذهان رجل الشارع المصري البسيط.
وبعد ذلك استمر مسلسل الافتراءات والاتهامات على قيادات الجماعة حتى زج معظمهم بالسجون بمحاكمات صورية، وعلق الكثير منهم على أعواد المشانق من دون اي اعتراض او استنكار من اي نظام عربي او دولي! اما على المستوى الداخلي فكانت الحقيقة غائبة وسط زخم هائل من التمجيد والتبجيل للزعيم الأوحد منقذ الامة وأملها ومستقبلها الرئيس عبدالناصر! طبعا كانت التهمة المعلبة والجاهزة في كل مرة هي المشاركة في تنظيم سياسي يهدف الى الانقلاب على الحكم! وتمضي الايام ويشاء الله ان يكشف ويظهر الحق ويبطل الباطل فكانت هزيمة 1967 ثم الاستقالة للزعيم الأوحد ثم وفاته لتطوى صفحة في تاريخ حقوق الانسان المصري، فجاء بعد ذلك عهد السادات الذي اخرج من كان في السجون ممن بقي حيا من الاخوان بعد ربع قرن من الزمان ليحكوا للشعب المصري الحقيقة الغائبة.
المعلومة المهمة اليوم هي انه بعد سنوات من استقرار الأوضاع في مصر بالنسبة لجماعة الاخوان المسلمين استقال عدد من المسؤولين في وزارة الداخلية المصرية – جهاز امن الدولة – وانتقلوا للعمل في دول الخليج وغيرها لينقلوا لها خبراتهم الإجرامية في التعامل مع الجماعات التي قد تسبب إزعاجا لبعض السياسات الخاطئة في هذه الدول! وما أشبه اليوم بالبارحة!
***
نهنئ القراء بحلول شهر رمضان المبارك شهر الصيام والقيام وذكر الله والابتعاد عن كل ما يغضب الرب عز وجل، لذلك أوصي نفسي واوصي القارئ العزيز والكاتب الزميل ان نكتب ما يفيد وان نقرأ ما ينفع وان نتجنب الافتراء على خلق الله، فقد أثبتت احداث مصر انه ما يصح الا الصحيح، وانك قد تخدع الناس بعض الوقت لكنك لن تتمكن من ان تخدعهم كل الوقت! كما نرجو من خصومنا السياسيين ان يترفعوا عن الاصطياد بالماء العكر، وان نتعظ مما يجري حولنا من سرعة تقلب الامور وفقا للمشيئة الإلهية وان نجعل امن واستقرار كويتنا فوق اهوائنا ومصالحنا ومكاسبنا السياسية.

محمد الوشيحي

عقوق ونهيق وشقشقة

أعود بالذاكرة إلى أيام قراءاتي الأولى بحثاً ونبشاً وتنقيباً عن سبب يدعوني إلى إعلان حالة الحرب على بعض الحروف والكلمات والجمل، وإعلان حالة الحب لبعض الحروف والكلمات والجمل الأخرى، فلا أتذكر. هو كُره رباني من المصنع، رافقني منذ الولادة… أتساءل: ما الذي بيني وبين “إنّ”، التي تأتي في بداية الفقرة، لأناصبها كل هذا العداء والجفاء؟ ماذا فعلت لي وبي؟ وما سر بغضي لجملة “مما لا شك فيه” وجملة “إنه لمن البديهي”؟ على أن جملة “مما لا شك فيه” هي الأقبح والأوقح والأبشع والأفظع في طول الأرض وعرضها، إلى درجة أنني وددت لو تسلقت قمة أعلى برج في الكويت وصرخت: من أراد أن تثكله أمه، وتترمل زوجه، ويتيتم ولده، فليقل “مما لا شك فيه” أمامي، ألا هل بلغت؟ مستلقياً أكون، أو جالساً ممدِّداً رجليّ على طاولتي، غارقاً في بحر القراءة، في سكون وهدوء… وفجأة تقفز بنت إبليس -جملة “مما لا شك فيه”- في وجهي، فأشهق بهلع، ويفور دمي في لحظة، قبل أن أستعيد قواي العقلية وأستجمع “قواتي” الصوتية وأعيد تنظيمها للقيام بهجوم مضاد على الكاتب وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه وقبيلته التي تؤويه: “إذا كان ما تكتبه لا شك فيه، ولا جديد فيه، فما الداعي لكتابته يا أيها الذي يستدرجه البرسيم؟”. أجزم أن من يكتب هذه الجملة الملعونة يعاني أمراضاً نفسية يصعب علاجها، وأن من يكتب “إن” في بداية الفقرة عاقّ بوالديه، وبينه وبين التواضع قضايا ومحاكم. ولا أدري ما الذي فعله أفراد المجتمع بمن يستخدم هذه الجمل وذاك الحرف كي ينتقم منهم كل هذا الانتقام. صدقاً، ما إن أقرأ جملة كتلك وحرفاً كذاك، سالفي الذكر، أو سيئي الذكر، خصوصاً الجملة، حتى يتجسد الكاتب أمامي بأذنين كأذني حمار، وأكاد أسمع نهيقه من بين السطور، فأضع أصبعيّ في أذني، وأسارع إلى زجره ودفعه بعيداً: “حا حا”، قبل أن أغسل يديّ بمطهر بليغ مثل “ذا”، الذي لولا الحياء لقبلته، أو “لذا” أو “كذلك” أو أيّ من مشتقاتها العطرية، أو بكتابات فيها من الشقشقة البلاغية ما ينعش الأنف والرئتين، كتقديم “خبر كان” على اسمها، في جملة سلسة، أو سجع غير متكلف، أو ما خف وزنه وغلا ثمنه من جواهر اللغة وأحجارها الكريمة. ومما لا شك فيه أن “مما لا شك فيه” تثير حنقي، وتُفقدني الكثير من الحسنات، وأنا في مسيس الحاجة إليها، فارحموني يرحمني ويرحمكم الله.

سامي النصف

بروتوكولات حكماء الدواوين!

  التهنئة القلبية للقيادة السياسية ممثلة بصاحب السمو الأمير المفدى وسمو ولي العهد وسمو رئيس مجلس الوزراء والوزراء ولأسرة الخير وللشعب الكويتي كافة، وللأمتين العربية والإسلامية على دخول شهر رمضان المبارك، تقبّل الله من الجميع صيامهم وقيامهم وكل عام وأنتم بخير.

***

نرجو أن يتفق أصحاب الدواوين والمهنئون على بروتوكولات معينة يلتزم بها الجميع لتسهيل عمليات زيارة الدواوين والتهنئة بقدوم الشهر الفضيل بدلا من الفوضى التي تحدث نتيجة قيام بعض الزائرين بالتهنئة من يمين الديوانية وآخرين من يسارها فيصطدم الجمعان في وسط الديوان ويسود الهرج والمرج.

***

لذا من الأفضل ان تتم التهنئة باليد لأصحاب الديوان فقط ويتم الجلوس مع التهنئة الشفوية لباقي المتواجدين بشكل جماعي كالقول «مبارك عليكم الشهر جميعا» دون الحاجة لمصافحة الجميع باليد ممن يتكرر لقاؤهم في أكثر من ديوانية، كما يفضل عدم خلع الأحذية عند أبواب بعض الديوانيات كونها ليست مساجد ولمنع الاضطراب الشديد عند الأبواب نتيجة لذلك.

***

آخر محطة:

(1) سبق لبعض رجال الدين ان أفتوا بحرمة الفضائيات وان الملائكة لا تدخل بيتا عليه دش ومثل ذلك تحريم الإنترنت ثم عاد من أفتوا بتلك الحرمة ليقدموا البرامج على الفضائيات ويخلقوا مواقع بأسمائهم على الإنترنت لما وجدوه من فوائد لتلك الأمور المستحدثة.

(2) هذه الأيام يتسابق بعض الدعاة مرة أخرى للإفتاء بحرمة تمثيل أدوار الصحابة والتابعين في المسلسلات والأفلام وسيتم على الأرجح العودة عن تلك الفتوى في وقت لاحق لما في تلك الأعمال الدرامية من فوائد ومكاسب للإسلام.

(3) أخيرا، كان الله في عون الجميع على زحمة المرور في ليالي رمضان المباركة.

احمد الصراف

الرد الأخير

أرسل لي صديق جزءا من مقال الزميل مبارك الدويله في القبس وتطرقه لشخصنا. وبسبب لهجة المقال التهكمية وما أظهره من جهل بشخصنا لزم علينا الرد: يقول الزميل، مخاطبا إيانا بوزير مالية حكومة الظل، الذي يكتب يوميا عن العلمانية او الاخوان المسلمين ونادرا ما يكتب عن رؤيته في اصلاح الاوضاع المتدهورة للتنمية والبورصة في البلاد، اننا «استمعنا» لرأيه في علاقة الحركة الدستورية بتنظيم الاخوان، وأن الحركة كانت حتى 1990/8/2 تابعة لهذا التنظيم، ثم قطعت بعد الغزو! وأننا كتبنا مقالا نستشهد فيه بعدم مصداقية ادعائه، متطرقين لأمور حدثت قبل الغزو لتأكيد ارتباط اخوان الكويت باخوان مصر، مثل تأسيس جمعية الارشاد، وايواء رموز الاخوان الذين فروا من عذاب عبد الناصر في الستينات! وأن المضحك في مقالنا ما ذكرناه من أن اسماعيل السيد، احد كبار اخوان مصر، الذي جاء للكويت في بداية الخمسينات وكّلنا، مع علمانيتنا بأموره المالية، وانه أسرّ لنا بأن جميع من تعرف عليهم من الإخوان لم يكونوا جديرين بثقته! وان بعضهم سرقه وكذب عليه! وتساءل الدويله عن سبب عدم ذكرنا لهذا الكلام إلا بعد وفاة السيد؟
والآن دعني أرد على جملة ترهات المقال: أولا انا لست وزير مالية ظل، ولم اسع يوما لمنصب سياسي أو حزبي، كتكالبكم اليوم للوصول لأمانة الحركة، وتكرار سيناريو «حقوق الإنسان»، فثرائي النفسي والمادي جعلاني في غنى عن اي منصب كان، وقد ذقت وما ازال أذوق حلاوة الحياة، واستمتع بكل أموالي الحلال التي لم احاول يوما استغلال مناصبي أو حزبي أو تهديداتي النيابية في جمعها، ثانيا: اتهمتني بالاستماع لرأيك في علاقة إخوان الكويت بإخوان مصر، وهذا افتراء، فأنا لا أتابع ما تكتب أو ما تقول، غير ما يرسله البعض لي! ثالثا: كنت قبل 33 عاما في أرفع منصب مصرفي في بنك الخليج، وأدرت بكل أمانة مئات ملايين الدنانير، وخرجت من البنك، موظفا وعضو مجلس إدارة وليس في ذمتي فلس واحد، أو علي مأخذ صغير أو كبير، ولا أدري أين كنت أنت وقتها لتأتي اليوم وتتهجم علي! واثناء تلك الفترة تعرف علي اسماعيل السيد ووثق بي، بعد اختبار مالي، وعرف أن جلدي لا يشبه جلد الإخوان، الذين طالما ذاق مرارة التعامل معهم، وشوائب بعضهم. رابعا: كنت عضوا في أكثر من مصرف وشركة، وكانت لي أعمالي التجارية الواسعة، داخل الكويت وخارجها، وتخليت عنها مؤخرا لأبنائي، واخترت البقاء بعيدا عن «جلاحة» وجوه البعض وأنت تعرف من أقصد! ومع كل تاريخي المصرفي والتجاري على مدى نصف قرن إلا أن كامل الحركة الدستورية ومعها جمعية الإصلاح وجحافل التنظيم العالمي للإخوان ليس بإمكانها أن تجد مستمسكا واحدا يخدش سمعتي، وأنصحك بالتوقف عن رؤية الناس وطبع الإخوان، وأن الناس ليسوا جميعا أغبياء ليصدقوا هذا المنطق. خامسا: لو كنت من سابق قرائي لعلمت بأنني تطرقت في مقالات عدة لتجارب إسماعيل السيد مع الإخوان، وهو الذي قضى أكثر 53 عاما بينهم في الكويت! سادسا: ما دفع إسماعيل السيد للثقة بي، وليس بأحدكم، هو الشيء نفسه الذي دفع 23 آخرين من جنسيات مختلفة وديانات ومذاهب متعددة للثقة بشخصي المتواضع من خلال وكالات خاصة وعامة! وأخيرا نتمنى أن تنجح كل محاولاتك ضد الرموز الوطنية، ولست بأحدها، في أن تزكيك لاستلام قيادة جمعية الإصلاح والحركة الدستورية.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

سوريٌّ أنا

الفنان اللبناني يوري مرقدي ليس أفضل مني ولا “أطيب” خؤولة ولا عمومة، عندما أنشد “عربيٌّ أنا” وهو الأرمني، ولن يلومني لائم إن أنشدتُ، وأنا الكويتي: “سوريٌّ أنا”… وأكثر من ذلك، أظن أن يوري تفاخر بمن لا فخر لغالبيتهم، العرب، في حين أتفاخر أنا بشعب رفع شعار “بيدي لا بيد عمرو ولا مجلس الأمن”. سوريٌّ أنا من حماة، من حمص، من إدلب، من درعا، من ريف دمشق، من أحياء دمشق القديمة وأزقتها، ومن كل حارة شعبية وكل زقاق ضيق… سوري أنا من بلدة الماغوط، ومن حارة القباني، ومن مدينة حمزة الخطيب، ومن عائلة مفجر مبنى الأمن القومي… سوريٌّ أنا بكل ما أوتيت من فخر. وإذا كنت كتبت سابقاً: “قياساً إلى عدد النوابغ العرب المهاجرين والموجودين في أوروبا وأميركا… السوري هو الأذكى” فيمكنني اليوم إضافة كلمة واحدة إلى الجملة السابقة، “والأشجع”. نقطة على السطر. صدقاً، هذه هي المرة الأولى التي “يغلبني” فيها الفرح، ويربك حروف مقالتي إلى هذه الدرجة. ولا علاقة مباشرة لفرحي بمقتل السفاحين، لا، بل ليقيني بأن قواعد اللعبة ستتغير منذ اللحظة، فمع موت هؤلاء السفاحين ماتت قلوب أخرى لفرط خوفها، وحَيِيَت آمال كادت تموت لفرط يأسها، خصوصاً بعد ارتفاع عدد الشهداء بشكل يومي، وبعد مواقف روسيا، مربية الضباع. سوريٌّ أنا، وثوار سورية هم أول من شاهد هلال شوال… سوريٌّ أنا ولا صوت يطرب اليوم إلا صوت الرصاص وزغاريد الأرامل والثكلى… سوري أنا ولا لون أجمل من اللون الأحمر، ولا رائحة أزكى من رائحة البارود الأسود… سوري أنا وهديتي إلى كل أحبائي، وأضحيتي التي سأقسّمها على الفقراء في العيد الكبير “جثة بشار المعلقة على أعلى قمة جبل” ليتحول العيد الكبير إلى العيد الأكبر. سوريٌّ أنا… فمن أنت؟

احمد الصراف

ضميرنا والياباني

تذكرت، وأنا أكتب مقال السبت الماضي عن السيدة اليابانية موري، كيف أن وازع الضمير عند اليابانيين أقوى منه عند غيرهم، وهذا ما جعلهم اكثر استقامة وخلقا منا بالرغم من ضعف وازعهم الديني، أو خوفهم من أي عقاب سماوي او جنة أو نار، تذكرت أن الايرانيين عندما لا يريدون اقحام الدين في قسم ما، فإنهم يقسمون بالوجدان! وبالبحث وجدت أن الضمير هو الوجدان، أو قدرة الفرد على التمييز بين الفعل الخطأ والصواب، وبين الحق والباطل! والضمير هو الذي يؤدي الى الشعور بالندم عندما تتعارض الأشياء التي يفعلها الفرد مع قيمه الأخلاقية، والى الشعور بالاستقامة أو النزاهة عندما تتفق أفعاله مع قيمه الأخلاقية، وهنا قد يختلف الأمر، نتيجة اختلاف البيئة أو النشأة أو مفهوم الأخلاق، لدى كل طرف. والضمير يتطور وينمو ويكتسب قوته عن طريق التربية المنزلية والمدرسية والثقافة العامة. وفي هذا السياق، يقول الداعية السعودي عادل الكلباني، ان الكثيرين منا يُسك.تون ضمائرهم بصبغ أخطائهم بالشريعة، والبعض منهم يتحايل على الضمير أو ما بقي منه كي لا يلوم ولا يمانع الاستمرار في الخديعة، فتراه يحزم حقائبه الى بلد ما، في عطلة قصيرة جدا، هو ينوي الاستمتاع بامرأة، لكن ضميره لا يطاوعه فيحتاج الى أن يحتال عليه ليسكته في وهمه أن ما يفعله شرعي قد أفتى به العلماء، وهنا يقول لضميره: أنت ذاهب للزواج على سنة الله ورسوله، وان كنت تنوي الطلاق بعد يومين أو ثلاثة فالزواج صحيح! وان سأله ما تبقى من ضميره: أليست الأعمال بالنيات؟ فيسكته بأن الشروط والأركان تامة فالعقد صحيح. ويعود الضمير للتساؤل: حسنا، والخديعة والنية ألا تؤثران؟ فيسكته مرة أخرى: لا، لا أثر لهما فهما في القلب، لم نتفق على مدة، فالعبرة بصحة العقد لا بسلامة النية، وأننا نعمل بالفتوى، ولا نتحمل خطأ المفتي. وهنا يقول الضمير حسنا، فهل ترضاه لأختك، أو لابنتك؟ فيتلعثم هذا ويتمتم، ولكنه يجيب بتلعثم: يا أيها الضمير المتبقي فيّ، لهذا جئت الى هنا، فأنا لم أفعله في النساء العفيفات في بلادي الطاهرة وانما فعلته في قوم فقراء يحتاجون الى المال فأعطيهم قليلا منه يرضيهم ويغنيهم! يحتار الضمير ويتساءل: كأني كنت أسمعك تحكي أن المسلمين اخوة، وأن أعراضهم مصونة، وأن لا فرق بين عربي وأعجمي، وأن..! فيجيبه بكل ارتياح: الناس يختلفون، ولا بد من انزالهم منازلهم!.
كما يسكت البعض ضميره، أو ما تبقى منه، حين يريد أن يرتشي، فيسميها بغير اسمها، فهي اكرامية، عمولة، أتعاب، وان لم تأخذها أنت أخذها غيرك، والمهم أن تتقن العمل، فان الله يحب من أحدكم اذا عمل عملا أن يتقنه، فهو يحفظ الأحاديث التي تعينه على خداع ضميره، واسكاته، فليس هناك غش، ولكن تقاضي شيء من تحت الطاولة، ليكون ثمنا لأتعابك، وأنت لن تأخذ الا من بيت مال المسلمين، ولك فيه حق كما لبقية المسلمين! ويتناسى أن الاثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس! ويسكت ضميره، وهو يقتل المسلمين، يوهمه أنه يجاهد وينصر الدين، ويعلي راية الاسلام، وأنه ان مات مات شهيداً، وان عاش عاش حميداً، وأن هؤلاء المسلمين سيبعثون على نياتهم، وهو انما أراد تطهير البلاد من الكفرة الأنجاس! وايضا يسكت ضميره وهو يشتم هذا ويسب ذاك، ويتهجم على آخر، ويقطر لسانه فحش قول، وسوء أدب، بحجة الغيرة على الدين، والمحافظة على الأخلاق، والفضيلة! ويسكت ضميره كي يتجاوز حقه، فيتعدى في الصف لأنه مشغول، ويسرع في الطريق مستعجلا، ويقف في المنعطف، أو مزدوجا لأنه لا وقت عنده، أما الآخرون فليس وراءهم شيء! وهكذا نرى أننا ركزنا في التربية على العامل الديني فقط، وفيه مهارب كثيرة، واهملنا تنمية الضمير الحي وتربيته فينا، وهنا مكمن الخطورة وسبب تدهور أوضاعنا!

أحمد الصراف

عادل عبدالله المطيري

الفوضى السياسية!

هل نعيش في عصر «الفوضى السياسية»، فوضى بكل شيء، فالسلطات يتهم بعضها بعضا، ولا احد متفق على الأسباب الحقيقية للمشكلة السياسية ـ كيف إذن سيتفقون على حلها؟!

ما أعرفه جيدا اننا خلال «ستة أعوام» انتخبنا «أربعة مجالس امة»، وكل مرة يقال ان مجلس الأمة يتعسف باستخدام صلاحياته الدستورية، وتطلب السلطة التنفيذية حله.

هذه المرة لم يتعسف مجلس أمة 2012 باستخدام أدواته الدستورية، بل كان متعاونا الى أبعد الحدود، إذن لماذا يطبق عليهم حد «الحل»؟!

وكذلك كانت حكومة سمو الشيخ جابر المبارك متعاونة ومنسجمة مع الأغلبية النيابية من أجل القضاء على الفساد وإقرار المشاريع ولكنها ردتها «مجبرة» أو كما قال الوزير السابق المويزري ـ ترك سمو الرئيس وحيدا، الأكيد اننا في مأزق سياسي كبير أقحمنا به وستكون له نتائج كبيرة ايضا.

هل آن الأوان في النظر بالتعديلات الدستورية والتشريعات القانونية، وتحديد الصلاحيات لكل سلطة وبدقة عالية، لتحقيق مبدأ فصل السلطات، والابتعاد عن الشبهات الدستورية؟

ألسنا بحاجة ماسة لتعاون الحكومة ومجلس الأمة، أليست الحكومات ذات الأغلبية البرلمانية تحقق ذلك.

أيهما أفضل تشريع قانون يشترط إعطاء الحكومة الثقة عند تشكيلها من البرلمان، أما نترك الحكومة كما يجري الآن ـ في مهب الرياح السياسية ـ فربما تنتزع الثقة منها بعد تشكيلها مباشرة؟

هل أصبحنا بحاجة ملحة لتطوير آليات الانتخاب وإنشاء مفوضية للانتخابات ولجنة عليا، احداهما للإشراف على الانتخابات والأخرى للنظر بالطعون الانتخابية؟

أليس من ضروريات التطور السياسي، وللقضاء على التعصب المذهبي والعنصري، ولمقتضيات الأمن القومي أيضا، إقرار قانون الدائرة الانتخابية الواحدة، وإنشاء الأحزاب ومراقبة تمويلها ونشاطها وعملها، ام سنستمر فقط في الحديث حول جدلية ـ الدوائر الانتخابية عدد الأصوات للناخبين.

الحقيقة المجردة تقول ان ما يطلبه بعض النواب والتجمعات السياسية والشبابية، ليس بدعة ابتدعوها، بل هي من أساسيات الديموقراطية ومن دونها لا يمكن ان تمارس الديموقراطية.

٭ ملاحظة أخيرة: الأغلبية السابقة للأسف، اختلفت على الأولويات، بعضها يرفض إنشاء الأحزاب، وبعضها الآخر منقسم حول الحكومة الشعبية، والآخر كل همه ألا تتغير الدوائر الانتخابية، وهذا دليل على ان سياسة إطالة أمد الأزمة السياسية الحالية كفيل بتفكيك الأغلبية للأسف.

ـ زبدة الكلام «الإصلاحات السياسية آتية لا محالة فهذه سنة الحياة، شاء من شاء وأبى من أبى».

سامي النصف

الرئاسة المصرية وأخطاء البداية!

  الإخوان المسلمون هم قوة رئيسية على الساحة العربية، لذا على الدول الخليجية وحتى العربية أن تحسن التعامل معها، كما ان على الإخوان بالمقابل أن يحسنوا التعامل مع الدول الخليجية والعربية، فنجاح مشروع الاخوان في مصر وتونس وغيرهما يعني نجاح أمتينا العربية والإسلامية، وفشلهم يعني فشل دولنا تكرارا لفشل مشروع اليسار العربي بعد إضاعة 50 عاما من عمر الأمة في تجارب مدمرة فاشلة!

***

لقد بدأ الرئيس المصري د.محمد مرسي عهده بجملة أخطاء يصعب احتمالها أو تفسيرها، أولها إنزاله الجموع للشوارع والميادين إبان فترة ظهور نتائج انتخابات الرئاسة، وقد سبق له أن عاش في أميركا، فهل شاهد مثل ذلك الفعل هناك؟! ألا يعلم الرئيس أنه بإنزاله الجموع للساحات لفرض اختيار إما د.مرسي أو د.مرسي للرئاسة سيؤسس لممارسة قد تدمر جميع الانتخابات الرئاسية المستقبلية (ما لم يكن المخطط هو أن تكون الانتخابات الرئاسية الأخيرة هي الأخيرة)؟! فماذا سيحدث مستقبلا عندما يتنافس على الرئاسة مرشح من صعيد مصر ومرشح من أريافها، أو مرشح من القاهرة وآخر من الإسكندرية ويصر كل طرف على إنزال جموعه للشوارع لفرض فوز مرشحه؟! لقد كان المرشح أحمد شفيق شفيقا بمصر ومستقبلها عندما أرسل بعد دقائق قليلة من ظهور النتائج برقية تهنئة للرئيس مرسي، والسؤال المحق بعد تلك النتيجة المتقاربة: ماذا لو حدث العكس وفاز شفيق؟!

***

ومن الصعب فهم او استيعاب قرار الرئيس د.محمد مرسي الأخير برفض حل البرلمان وهو أمر استجاب لمثله وفي أكثر من مرة الرئيس السابق حسني مبارك، مما «زعّل» القضاة الذين أصدروا القرار الذي تسبب في الحل وأغضب المجلس العسكري الذي نفذه، وكل هذا لأجل جلسة برلمانية لم تزد على 5 دقائق وتحت مقولة ان ذلك المجلس سيحل في النهاية من قبل الرئيس الذي سيدعو لانتخابات خلال 60 يوما، متناسيا ان موعد الانتخابات البرلمانية تحدده اللجنة التأسيسية للدستور لا رئيس الجمهورية!

***

إن النزول للشوارع والالتحام بالشعب أمر قامت به في السابق قيادات مثل جمال عبدالناصر والقذافي وكاسترو وتشافيز ونجاد وغيرهم، دون أن يثبت ذلك صحة مسارهم اللاحق الذي أضر بشعوبهم، كما ان الصبغة الدينية للحكم لا تعني بالضرورة العدل والنجاح وانسانية التعامل، حيث جرب مثل ذلك إبان حكم المجاهدين ثم «طالبان» في أفغانستان وفي إيران والسودان فتفشى الظلم والقتل والقمع والفقر على أراضيها وبين ربوعها دون أن تحل مشكلة من مشاكل الشعوب الملحة، بل زادت حدتها وتفاقمها.

***

آخر محطة: كما يحسب أغلب التيار السياسي الشيعي في الخليج والمنطقة العربية على إيران وتحاسب بالتبعية على تصرفاته، فإن وصول الإخوان لسدة الحكم في مصر يجعل النظام في القاهرة مسؤولا أمام الدول الخليجية والعربية عن تصرفات جماعة الإخوان فيها كما كان الرئيس عبدالناصر مسؤولا عن تصرفات الحركات القومية في الوطن العربي. كانت الحكمة والوطنية تقتضيان من الرئيس د.محمد مرسي أن يظهر ومنذ يومه الأول وعبر قراراته أنه رئيس لكل مصر لا لجماعة من جماعاتها، الا ان بعض المراقبين يرى أنه تصرف على العكس من ذلك فقد حرص على مصلحة الجماعة قبل أي شيء آخر مما أدى الى تصادمه مع القضاء والعسكر. هناك ملايين المصريين العاملين في الخارج، فهل كلما حدث إشكال لأحدهم ستقله طائرة خاصة ليستقبله الرئيس ويفطر معه كما حدث مع الصحافية شيماء؟ أرجو ألا يكون في ذلك عودة للنهج «الهيكلي» في الإعلام الذي خدع الشعوب ودمر الأمة. نشر أمس الكاتب الإيراني د.محمد صادق الحسيني انه ووفداً إيرانياً التقوا هيكل في عزبته وأخبرهم ان عليهم التمسك بالنظام السوري وبالطبع «طز» في دم الشعب العربي السوري، ومنا للقوميين العرب.. مع التحية بعد تساقط الأقنعة!