هكذا نجحوا في جر الشارع الكويتي إلى مواجهة مع المحكمة الدستورية… فمنذ أن تعالت التهديدات بالنزول إلى الشارع إذا طلبت الحكومة رأي المحكمة الدستورية في الدوائر الخمس، تغير مجرى المعركة… المعركة الآن ليست معركة بين نظام معادٍ للدستور وشعب متمسك به، بل أصبحت معركة بين القضاء والشعب الكويتي، وكأن النظام لا علاقة له من قريب أو من بعيد بالوضع المأساوي الذي نعيشه، وكأن المحكمة الدستورية هي المشكلة الحقيقية والسبب الرئيسي في تعاسة الوضع الذي نعانيه. ألم يتوقع أحد أن النظام لن يسكت، وسوف ينتقم من القضاء الذي أوقفه عن التعدي على الدستور؟ متابعة قراءة هل التحريض على المحكمة هدف أعداء الدستور؟
وكبرنا…
كنا صغاراً، نتوهم أن اللصوص، أو “الحرامية” كما هي مسمياتهم الوظيفية في لهجتنا، لا يظهرون إلا في الليالي المعتمة، أو عندما تُطفأ الأضواء. وكنا نعتقد أن مهمة الحرامي وطبيعة عمله تنحصر في ابتلاع الطفل الذي لا ينام، أو الذي لا يترك الهمس مع إخوته المكدسين إلى جانبه في الغرفة قبل النوم. وكبرنا، من دون تعمد منا، واكتشفنا، أيضاً من دون تعمد منا، أن اللصوص ينامون مثلنا ليلاً، ولا يسرقون إلا في أوقات العمل الرسمية، وفوجئنا بحجم سرقاتهم وهبشاتهم، وإذا هي بمئات الملايين من الدنانير، ففزعنا وصرخنا وكتبنا: “أوقفوا السرقات”، وفزع الناس ورددوا ما قلناه، ولا مجيب… كان كل ما يشغلنا ويغري دماءنا للغليان هو السرقة، كانت تشغلنا أكثر مما يشغلنا الفساد الإداري، الذي هو ابن الفساد السياسي. وكبرنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأيقنا أن السرقات لا يمكن إيقاف سيلها، إلا إذا جففنا منبعها، ومنبعها هو الفساد الإداري، واقتنعنا أن الفساد الإداري لا يمكن إيقافه إلا إذا تم قتل أبيه، الفساد السياسي. وكبرنا، ووصلنا إلى مرحلة من العمر نستحي فيها على شواربنا أن نتحدث عن سرقة هنا أو صفقة مغشوشة هناك، وبتنا نشفق على من يصرخ معترضاً طريق سرقة، وغدونا نسمع عن السرقات هنا وهناك دون أن نتوقف عن تناول عصير الجزر، أو حتى نقطع حديثنا من أجلها. والأيام المقبلة، أو الشهور المقبلة بالأحرى، ولن أتشاءم أكثر فأقول السنوات المقبلة، ستكون فرصة العمر لمن يريد أن يسرق، فالغبار يتفقد أدواته قبل أن يبدأ مهمته، وينشر الفوضى، ويخفي البصمات من على خزائن الدولة. وكبرنا، وكبرنا، وكبرنا… وشاخت الكويت.
سرقات المشاهير
هناك مهن كثيرة في العالم تدر الكثير من المال، ولكن غالبيتها تتطلب قدرات عقلية ومواهب ومؤهلات لا تتوافر لدى غيرهم! وهنا نتكلم عن أصحاب مهن وليس أصحاب الثروات! فمديرو المحافظ المالية في المصارف والشركات الاستثمارية وصناديق الأسهم والسندات هم الأكثر دخلاً في العالم، ولكن عدد هؤلاء في العالم لا يتجاوز بضع مئات! ويأتي بعدهم ممثلو السينما ونجوم الغناء والإعلام وأطباء التجميل وغيرهم. ولكن جميع هذه المهن خطرة، ومن يعمل بها معرض لفقد وظيفته نتيجة خسارة مالية أو سمعة، أو فقد البريق أو الجمال البدني والصوت مع التقدم في العمر، أو غياب المواهب، ويجمع أصحاب كل هذه المهن عامل مشترك واحد، وهو انها مهن تتطلب في الغالب جلداً وقوة في التحصيل والمعرفة، ومهنية عالية مع موهبة في حقل أو آخر، وبالتالي لا نستغرب أن البعض من هؤلاء يلجأ الى المخدرات والمسكنات ومراجعة مستمرة للأطباء النفسيين وغيرهم لمساعدتهم في تحمل الضغوط الجسدية والنفسية الهائلة، وإطالة بقائهم تحت الأضواء! وحدهم رجال الدين، ونتكلم هنا بشكل عام، وبالذات من المنتمين لأنظمة سياسية، أو من المؤيدين لها، من بإمكانهم تحقيق الكثير من الشهرة والمال والنفوذ والاحترام الاجتماعي من دون بذل الكثير، ومن دون مخاطرة حقيقية. كما يمتازون عن غيرهم من أصحاب المهن الأخرى في أن تقدمهم في العمر يزيد من أهميتهم ولا ينقصها!
فهؤلاء عادة لا يحتاجون للكثير من السهر في التحصيل الدراسي طالما امتلكوا المقدرة على الحفظ وسرعة البديهة، وهؤلاء تزيد أهميتهم مع تخلف مجتمعاتهم، والعراق الحالي مثال حي! فهم العلماء، وليسوا أساتذة الجامعة ولا المؤرخين والمكتشفين والفيزيائيين وكبار الجراحين والأطباء والدستوريين، هم الذين تفسح لهم أفضل الأماكن في المجالس ومن تقبل جباههم وأكتافهم ورؤوسهم وحتى أيديهم وعباءاتهم! وكأي مهنة فإن العاملين منهم بشر مثل غيرهم، لهم نقاط ضعفهم وغرائزهم ورغباتهم المعلنة والدفينة، وقد يحبون الشهرة والمال حباً جماً، وبالتالي يسعون الى زيادة شعبيتهم وجذب الأتباع و«المقلدين» لهم باتباع كل الوسائل، ولو تطلب الأمر المزايدة على بعضهم البعض في عدد من يتبع آراءهم وتوصياتهم وفتاواهم ووجهات نظرهم شبه المصونة، وبالتالي نجد بعضهم نشطاء في وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن مع اشتداد التنافس بينهم سمحوا لأنفسهم بالغش والتزوير، فقد باع داعية معروف ملايين النسخ من مؤلفاته، ثم تبين لاحقاً أنها من «مسروقاته»! وصدرت أحكام إدانة وتعويض بحقه. وكشف موقع Statuspeople، المتخصص في إحصاءات «تويتر»، عن وجود أعداد كبيرة لمتتبعين لمشاهير رجال الدين وغيرهم، وبالملايين، ثم تبين أن في الأمر غشا كبيرا، والمتتبعون شخصيات وهمية.
ولكن بما اننا نعيش في مجتمعات جاهلة فإن سحر هؤلاء الغشاشين والمدلسين سيستمر، والكشف عن ألاعيبهم وغشهم سيستمر، فهذا جزء من حرب الربيع العربي!
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com
لمحمد العبدالله أقول: لا أثق بكم
سأكون صريحا معك، فأنا لا أثق بكم، إذ لا يوجد أي إشارة تدعو إلى الثقة أصلاً، فالحكومات المتعاقبة هي من فرقت المجتمع بتقسيماتها الفئوية للدوائر، وهي من توقف فيها الزمن منذ سبعينيات القرن الماضي، فلم تعد الحكومات الكويتية سوى أسماء لموظفين من كل فئات المجتمع لا لكفاءاتهم بل لانتماءاتهم.
اليوم أقدمتم على إجراء قانوني هو حقٌ لكم، وهو إحالة الدوائر الخمس التي قدمتها الحكومات السابقة إلى المحكمة الدستورية، وهو اعتراف صريح منكم بسوء إجراءاتكم السابقة، ومنها تقسيم الدوائر بشكل غير عادل، فالعلة لم تكن أبدا بعدد الدوائر الخمس بل بتقسيمكم لها، وهو ما قلناه منذ ذلك الحين وشاركنا الكثيرون فيه.
طبعا أنا لم ولن أقتنع بأن هدفكم دستورية قوانينكم أو الالتزام بالدستور أصلاً؛ لأنه لو كان الأمر كذلك لأحلتم قوانين غير دستورية عدة إلى المحكمة الدستورية من ذي قبل أو حتى الآن كقانون الجنسية الذي يمنع غير المسلم من الحصول على الجنسية الكويتية في تمييز واضح ومناقض للدستور، أو الاختلاط، أو الأحوال الشخصية، وغيرها من قوانين انتهكت الحريات ونسفت الدستور.
أنا على قناعة بأن ما دعاكم إلى إحالة الدوائر للدستورية هو مخرجات تلك الدوائر في انتخابات 2012 المبطلة، فلا العدالة هدفكم ولا الدستور ديدنكم كما تثبت كل الشواهد، ولكنه حق دستوري لكم كسلطة تنفيذية، ولقناعتي بعدم عدالة توزيعكم للدوائر أيضا، فلا يعقل أن تضم دائرة أكثر من 100 ألف ناخب ومخرجاتها عشرة نواب، وأخرى تضم أقل من 60 ألفاً ومخرجاتها كذلك عشرة نواب، وللأسف لم تتحرك السلطة التشريعية بمجالس 2008 أو 2009 إلى تقويم هذا الخلل فمكنتكم اليوم من ذلك.
أقول إن إجراءكم حق وإن كان المراد به باطل فإني سأساند الحق وأواجه الباطل، وإن حكمت المحكمة الدستورية بعدم العدالة في توزيع الدوائر فلابد من أن تكون الدوائر المقبلة بتوافق شعبي لا بمزاج حكومي أبداً، فالمزاج الحكومي أثبت فشله وعنصريته في تقسيمة 1981 الكريهة وتقسيمة الدوائر الخمس الجيدة عددا والسيئة توزيعا.
نعم أنا أعارض الخروج إلى الشارع اليوم لكن إن تفردتم بتوزيع الدوائر للتحكم بنتائج الانتخابات في حال حكم الدستورية بعدم دستورية الخمس، فسأكون أول الداعين إلى الخروج للشارع ومعارضة مسعاكم الذي يشبه مساعيكم السابقة.
لوزير الإعلام أكتب مقالي هذا لأنه الوحيد الذي أجده قادرا على الرد ومتمكنا منه في بعض الأحيان، تلك رسالة مواطن سئم التخبط الذي عودتنا عليه كل الحكومات حتى أفرزت لنا من جراء هذا التخبط نوابا يعادلونهم في السوء وازدواجية المعايير.
خارج نطاق التغطية:
من حارب الجويهل وسكت عن خالد السلطان لا تتوقعوا منه الدفاع عن الكويت وأهلها، ومن أيد الجويهل وحارب السلطان لا تتوقعوا منه ذلك أيضا، وبالتأكيد فلا تتوقعوا من الجويهل والسلطان بفئويتهما وتشكيكهما أن ينهضا بالكويت.
مقاطعة الانتخابات هي القرار الصائب!
قرار بعض القيادات السياسية التي تتهم في العادة بأنها المتسبب الأول في تعطيل حال البلد عبر الأزمات والاستجوابات التي تختلقها وتؤدي في العادة الى استقالة الحكومات وحل البرلمانات هو أمر جيد يجب الالتزام به، كما انه ليس غريبا حيث تقرر قوى سياسية في كثير من بلدان العالم مقاطعة الانتخابات العامة لظروف تقدرها، ثم تلتزم بذلك القرار.
***
أهم فوائد تلك المقاطعة للسنوات الأربع المقبلة انها ستظهر للشعب الكويتي قاطبة بشكل لا لبس فيه واوضح من الشمس في رابعة النهار من المتسبب الحقيقي في تخلف البلد عن الجيران وعرقلة قطار التنمية وخلق حالة توتر وقلق دائمة عند المواطنين، لذا فإن صلح حال الكويت خلال المدة المقبلة عرفنا ان تلك القيادات السياسية المعارضة هي السبب، اما اذا بقي الحال على ما هو عليه أو ساء فيجب التوقف عن لوم تلك القوى على اخفاقات العشرين عاما الماضية ونقل اللوم بأكمله الى الحكومات المتعاقبة.
ويدعي من يتهم بعض اطراف المعارضة بأنهم يعملون لصالح اجندات خارجية تستهدف الإضرار بالكويت بأن ما سيدل على صدق تلك الاتهامات هو عودة تلك الاطراف للمشاركة في الانتخابات المقبلة رغم دعاوى المقاطعة الحالية كون من يدفع الأموال الطائلة يريد ممن يقبض ان يكون عضوا في البرلمان او اكثر، فلا فائدة من الدفع لمن لا صفة سياسية له لذا علينا ان ننتظر ونرى.
***
آخر محطة
1: ميشال فؤاد سماحة عضو برلمان ووزير لبناني سابق كان يصدح بدعاوى الوطنية مشككا في وطنية خصومه، ثم ثبت انه كان عميلا للخارج ومستعدا لأجل المال الحرام ان يحرق وطنه ويثير الحرب الأهلية فيه، للمعلومة عندما قاطع المسيحيون انتخابات عام 1992 اصر سماحة على المشاركة فيها واصبح نائبا في أول برلمان بعد اتفاق الطائف فالأسياد يريدون ذلك، وهل من عظة وعبرة ومعرفة بأن من يرفع شعار الوطنية ليس بالضرورة وطنيا، وأن كثيرا من الساسة مستعدون لحرق أوطانهم وضرب الاستقرار فيها لأجل المال الحرام؟!
(2) يقول هتلر: أحقر الناس الذين قابلتهم في حياتي هم اولئك الذين ساعدوني على تدمير اوطانهم!
(3) ويقول نابليون: خونة أوطانهم لا يستحقون مصافحتي وحقهم علينا ان ندفع لهم المال فقط لا ان نصافحهم.
جِمالنا وبعارينهم
يقول المثل: كل الجمال تعارك، إلا جميل «طيبة» بارك! في وصف تحرك الأمور من حولنا، ونحن على جمود! فما يحدث في المختبرات العلمية وفي مراكز تجميع وتحليل المعلومات ومعامل تطوير أجهزة الاتصال وتحسين أداء الطائرات لجعلها أكثر سلامة وسرعة، وما يصرف من مليارات على برامج ارتياد الفضاء، وآخرها هبوط «كيوريسيتي» على المريخ، وهو الحدث الذي يعني بداية عصر في استكشاف المريخ، في وقت نكون فيه في منتصف عصر اختلافاتنا على أمور مر عليها 15 قرنا، ولا نزال نتطاحن ونتقاتل حولها، ويحدث كل هذا وكأننا لسنا هنا في هذا الكوكب العتيق، منشغلين بأمورنا راضين بما وفره النفط لنا في الثلاثين سنة الماضية، وما سيوفره لنا من طعام وسيارات وطائرات وأسلحة في الثلاثين سنة القادمة، في أفضل الأحوال، ولن نعرف بعدها ما نفعل فحتى أصابعنا، التي ستكون من قلة الماء وندرة الصابون شديدة القذارة، لن نستطيع العض عليها ندما بسبب غبائنا، فكيف نصدق، ونحن ضمن كل هذا الخضم من التغير والتطور الذي تمر به الدنيا كلها، ان فريقا منا يحرم بيع العقار لمواطن مسلم مثله فقط لأنه من مذهب مخالف؟ أو أن هناك من يحرم مشاهدة الألعاب الأولمبية، أو المشاركة فيها، أو أننا يجب أن نغير اسم «أم كلثوم» إلى «أم الثوم»! فمن يسمع هذا يعتقد أننا انتهينا من قضايا ومسائل التقدم والتطور وإشكالات الأمن والسلامة، وتفرغنا للقضايا الصغيرة ككيفية نتف شعر الإبط! ولو لم يكن الأمر كذلك لما ثار فريق من «علمائنا» على صحة ودقة مواقيت الصلاة، بالساعة والدقيقة، التي تتبع حاليا، فمن يسمع أو يقرأ ذلك يعتقد أننا مثال الدقة في بقية مواعيدنا والتزاماتنا، وهذا غير صحيح طبعا، وهل المهم دقة ساعة الصلاة أم سمو معانيها؟ أما اكتشاف البعض أن «عبادان وقزوين» ليستا من أبواب الجنة الثمانية (الوطن 16/7)، فهو الخبر الذي كنا ننتظره، وهو جدل لا يزال يدور بين مؤيد ومخالف لهذا الوصف، والطريف أن لا أحد اهتم بما يعنيه ذلك بل بصحة المكان فقط، والذي تصادف وجوده في دولة يعتبرونها معادية لهم، مذهبيا وسياسيا! ولا أدري لماذا ينشغل الآخرون في جامعاتهم ومختبراتهم بإنتاج أفضل الأدوية والأمصال، وكل ما يفيد حياة البشر وصحتهم وسعادتهم ورفاهيتهم، ونبقى مشغولين بالفتوى التي أصدرها أستاذ في جامعة الإمام سعود من أن الجنة لا يدخلها غير اصحاب الفرقة الناجية من أهل مدينة محددة ومن تبعهم! وهذا يعني قصر دخولها على بضعة ملايين أو ربما بضعة آلاف وحرمان سبعة بلايين (بلايين) من البشر منها! ولا ننسى في هذه العجالة ما ذكره آية الله مكارم الشيرازي من أن تناول لحم الدجاج ينتج عنه فقد الغيرة والرجولة! وهذه الفتوى كان مصدرها الأول، حسب علمي، السيد كفتارو، مفتي سوريا، وسبق أن كتبنا عنها قبل أكثر من 10 سنوات، ونبش عنها الشيرازي بعد انقطاع الدجاج عن أسواق طهران وارتفاع سعره، علما بان «الجوجه كباب»، كان ولا يزال الأكلة المفضلة لرجال الدين هناك، ومع هذا لم يثبت يوما أن تناولها بتلك الكثرة أثر في خصوبتهم، أما الغيرة فلا نعرف كيف نقيسها، وليست بحساباتنا لانها عاطفة غبية في جزء كبير منها وتدل على عدم الثقة بالنفس، أو هذا ما يقوله علم النفس الحديث!
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com
حصاد السنين رب ضارة نافعة
قال تعالى «وعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً».
لم أكن أتوقع ردة الفعل بهذه القوة على حضور السفير الإيراني لحفل الاستقبال الرمضاني الذي دعت إليه الحركة الدستورية الاسلامية. وأستطيع ان أُقسّ.م الناس إلى ثلاثة أقسام في طبيعة ردة الفعل وحدتها:
الاول – اعتبر الامر عادياً من منظور انها مناسبة اجتماعية تحدث كل سنة وتوجه فيها الدعوات الى جميع السفارات والمسؤولين في الدولة من دون اعتبار للمواقف السياسية لا من قبل المؤسسات ولا من قبل الافراد، كما ان وصول السفير الى مكان الحفل يستلزم القيام بواجب حسن استقبال الضيف حتى لو كان خصماً سياسياً.
الثاني – انزعج من دعوة السفير، الذي تؤيد بلاده سياسة المجرم بشار الاسد، واستنكر ابتداء، لكنه عندما سمع وقرأ اعتذار «حدس» عن هذه الدعوة المشؤومة قَب.ل العذر وتمنى لو ان الدعوة لم تتم.
الثالث – «ما كذب خبر».. واعتبر سماعه كأنه نازل عليه من السماء، وكما يقول المثل الكويتي «قطو وطقيته بمصير»! لذلك، استعمل كل اشكال الشماتة والتحلطم والشجب والاستنكار ولم يقبل عذرا ولا تبريرا، وأخرج كل ما كان يختلج في قلبه مكتوماً منذ سنوات.
أمّا نحن فنقول «رب ضارة نافعة». فهذا الحدث اظهر مقدار تعاطف الكويتيين مع قضية الشعب السوري وانها احد اهتماماته وأولوياته، كما انه كشف لنا مستوى الكثير من القراء والنقاد والذين يمارسون هواية الكتابة والتغريد، وأوضح لنا طريقة نظرتهم الى الأمور، ناهيك عن انه كشف بعضا من خصومنا الذين لم نكن نظن ان نظرتهم لنا سوداوية لهذه الدرجة! لكن الفائدة التي لا جدال فيها انه نفّس عن هؤلاء وفشّ غلهم بعد ان وجدوا ضالتهم التي كانوا يبحثون عنها منذ سنوات.
* * *
هدايا عبر الأثير
إلى الزميل علي البغلي اهديه ما يلي:
1 – مقالة زميله احمد الصراف في القبس عدد امس الأول (السبت)، الذي تفاءل بالربيع العربي وكيف انه ستكون له آثار إيجابية على بلدانه، وكما ذكر في آخر المقال: «لا شك في ان الخير قادم، وان ببطء، وهذا ما كان ليحدث لولا الربيع العربي».
2 – انتخاب الاسلامي المقريف رئيساً للمؤتمر الوطني في ليبيا. على منافسه مرشح التيار الليبرالي!
ادري كانت الانتخابات الليبية بالنسبة لك هي التي أعطتك الأمل بوجود عقلاء في الأمة أوصلوا الليبراليين للحكم بعد سلسلة من الانتكاسات في بقية دول الربيع العربي (كما كنت تراها)، لكن يا فرحة ما تمت.
إلى الزميل فؤاد الهاشم:
– تقول في مقالك المنشور بالزميلة «الوطن» عدد امس الأول (السبت) «قال خيرت الشاطر للرئيس المصري: ان الهجوم الذي وقع في سيناء وراح ضحيته 19 جنديا مصريا هو نعمة من السماء علينا..». وأسألك بالله اي قمر صناعي وصّل إليك هذه المعلومة؟!
وحتى لا تفقد ما تبقى لك من مصداقية أنصحك ان تستمر بالكتابة عن الطرشي والمعابيج وأخبار سمية وتترك مزاحمة الـ «سي اي إيه» في رصد الاخبار.
أحاديث أولمبية
أنا لست رياضيا لا من حيث الممارسة أو المتابعة، ولكن أخبار اولمبياد لندن تفرض نفسها علينا، كما يحدث عادة في موسم نهائيات كأس العالم لكرة القدم.
فالاولمبياد بالرغم من أنها مسابقة رياضية بحتة، إلا أنها أصبحت منافسة بين الدول لإظهار نمط حياة شعوب العالم ومستوى تحضرهم، تبدأ المنافسة بين الدول على استضافة الحدث نفسه وصولا إلى المنافسة على حصد اكبر عدد من الميداليات الاولمبية.
تنفق الدولة المستضيفة مليارات الدولارات ولكنها حتما تسترجعها وعلى الفور، بل ربما تتضاعف أرباحها الاقتصادية على المدى البعيد، فاستضافة الأحداث الرياضية الكبرى لها مردود على الإنتاج الصناعي والسياحي والعقاري للدولة المستضيفة، إذ يتسنى للزوار التعرف على الصناعات المحلية بكل أنواعها، وبالتأكيد سيعتادون أماكن التسوق ويألفون مطاعمها وفنادقها وسيحملون ذكرى جميلة ربما تجبرهم على إعادة الزيارة والتجربة مرة أخرى.
وبالعودة للحدث نفسه، تتباهى الدول بنجومها وقدراتهم العالية لأنها دلالة على مدى تحضر الدولة ورقيها، لذلك تولي الدول المتحضرة عناية خاصة بالرياضة والرياضيين، فنجدهم يشاركون بفرق اولمبية عديدة ليحصدوا ميداليات أكثر، يحضرون لاعبيهم جيدا ويعتنون بهم، فنجدهم يأتون بكل حلهم وحللهم، فالاهتمام لا يقتصر على الأداء بل يتعداه إلى الشكل أيضا.
أما نحن معشر العرب فللأسف، نأتي بأقل عددا وعدة، حيث نشارك بأقل فرق اولمبية ونخرج ان كنا محظوظين بميدالية واحدة.
يبدو أننا نحن العرب نسينا تاريخنا وعاداتنا، حيث يقال إن العرب قديما كانت لهم اولمبياتهم الخاصة (كسوق عكاظ)، حيث تأتي له الوفود العكاظية من كل صوب وحدب في جزيرة العرب، ركوبا على أحسن الدواب، محملين بأثمن البضائع، ويلبسون أجمل الملابس، يتنافسون بكل شيء كعادة العرب قديما، ولا يرضون إلا أن يظهروا بأفضل الصور.
لو كنا متمسكين بمبادئنا العكاظية، لحجزنا للاعبينا على الدرجة الأولى أو لحملناهم على طائرة خاصة، وأنزلناهم أجمل الفنادق، ولألبسناهم افخر الملابس، وزودناهم بأفضل المعدات الرياضية والبندقيات.
ولكن للأسف، بعثاتنا الكويتية للاولمبياد كانت متواضعة جدا، فلقد اركبوا لاعبينا الدرجات السياحية وربما كانت الرحلة ترانزيت.
ولم يعفوهم من زيادة الوزن في حقائب سفرهم الاولمبية، وكانت معداتهم الرياضية بدائية.
لكن في النهاية كل الشكر والامتنان للاعبينا في أولمبياد لندن، فلقد جادوا بما هو موجود وأكثر، وخصوصا الرامي فهيد الديحاني لحصوله على برونزية الرماية دبل تراب.
جمال الدين… يقبض من قطر
حتى جمال الدين الأفغاني نفسه، بجلال علمه و”تأزيمه”، لو كان كويتياً يطالب بالإصلاح لما سلم من التهم التي سيطلقها عليه جمعٌ من المرتزقة، وما أكثر تهمهم وأكذبها وأتفهها… فهو إن سلم من تهمة “ليس من أهل الكويت ولا من عيال بطنها” وهذه طبعاً لا تحتاج إلى دليل أكبر من مراجعة اسمه للتأكد من جنسيته، فلن يسلم من تهمة “الروس نامت والعصاعص قامت”، وهي تهمة كويتية خالصة، عصرة أولى، لا أظن أن شعباً سبقنا عليها ولا تبعنا إليها، وكانت تقال لمن لا يملك المال والحظوة ويناقش الشأن العام… أقول، حتى جمال الدين بكل تضحياته لم يكن ليسلم من الطعن في شرفه (الشرف الذي أعنيه لا علاقة له بجسم المرأة بل بالقيم والمبادئ الأساسية للنبل).
وجمال هو المؤزم الأكبر في العالم الإسلامي في السنوات الخمسمئة الأخيرة. فبعد أن ضاقت عليه كابول لمطالبته بالإصلاح والديمقراطية، هرب إلى مصر، وهناك أسس المدارس والمعاهد، وحرض الشعب المصري على الثورة على الإنكليز، وقامت ثورة، ثم ضاقت عليه مصر، فهاجر إلى إيران بدعوة من الشاه، فأسس قواعد الحكم هناك، وطالب بالدستور والديمقراطية ومشاركة الشعب في الحكم، وطالب بتأميم الشركات الأوروبية وتنمية المواطن الإيراني، فضاق به الشاه وطرده، فحرّض جمال الإيرانيين على مقاطعة التبغ كي تخسر الشركة الأوروبية المحتكرة لهذه الصناعة، وخاطب أكبر رجال الدين، فصدرت فتوى بذلك، فامتنع الإيرانيون عن التدخين، فتدهورت الشركة، وتوقفت، وتم تأميمها، واغتيل الشاه على يد مجنون من مريدي “عالم الإسلام” صاحبنا جمال الدين.
وفي اسطنبول دعا جمال الدين الناس إلى المطالبة بدستور والقتال من أجل الديمقراطية، ووو، فقتله السلطان بالسم.
كان كلما أغرته السلطات بالمال ليسكت ويجامل، ازدادت حماسته للديمقراطية والدستور! وأجزم جزماً مغلظاً لو كان جمال كويتياً لاتُّهمَ بـ”القبض” من قطر، ومن رئيس وزرائها تحديداً، حمد بن جاسم.
هنا الكويت يا جمال فاعذرنا.
غزو صدامي أم غزو عراقي؟!
زميلان أقرأ لهما وأحترم آراءهما هما وليد الجاسم وم.غنيم الزعبي، كتبا بمناسبة ذكرى غزو 2/8/1990 مقالين مفادهما ان تلك الجريمة يجب الا تنسب لصدام وحده فهو لم يقدم علينا بمفرده بل ومعه مئات الآلاف من الجيش الرسمي والشعبي وأن جرائم القتل والقمع والسرقة وهتك الأعراض لم يقم بها صدام بذاته بل جنده وزبانيته.
***
«الغزو الصدامي» أم «الغزو العراقي» قضية مهمة جدا سنجتهد في طرح الرأي فيها آملين في حصد أجرين إن أصبنا وأجر إن أخطأنا، فمن جانب استخدام مصطلح الغزو العراقي يخشى ان يستخدم لبقاء العلاقة متوترة بين الشعبين الكويتي والعراقي في وقت نعلم فيه أنه لا مصلحة للكويت في بقاء علاقتها سيئة مع جار الشمال، خاصة مع التباين العددي الكبير بين البلدين وعدم القدرة على الاعتماد للأبد على قوى خارجية يمكن لها ان تنسحب بقرار تفرضه ظروفها الداخلية، كما انه ليس للعراق مصلحة في بقاء علاقاته متوترة مع الكويت كما اثبت التاريخ مرارا وتكرارا.
***
كذلك فإشكالية حصر الغزو في صدام والقول «بالغزو الصدامي» أمر غير مسبوق في العلاقات الدولية، حيث تتحمل الأمم والشعوب دائما نتائج ما يقوم به قادتها، وقد يخلق تحميل صدام فقط مسؤولية الغزو شعورا كاذبا بالظلم لدى الشعب العراقي تماما، كما حدث في ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى وأدى الى نشوب الحرب الكونية الثانية نتيجة لشعور الشعب الألماني بالظلم، ولم تستقر الأوضاع في اوروبا وتتوقف الحروب فيها إلا بعد ان اقر الشعب الألماني بمسؤوليته، يضاف الى ذلك ان المسؤولية الفردية للحروب تعطي الأمم الحق في غزو الجيران فإن انتهى الأمر بخير استفادت الأمة الغازية من خيرات الأمة المغزوة وان انتهى الغزو بالإخفاق يتم لوم القائد الذي قد يموت او يقتل او يختفي ومن ثم تتبرأ الأمة المعتدية من دفع ثمن عدوانها وفي ذلك تهديد للسلم العالمي.
***
لذا قد يكون حل الإشكال هو باعتماد مصطلح «الغزو الصدامي» لا العراقي في الكويت كي لا نورث علاقة متوترة مع الشعب العراقي مع معرفتنا بأن صدام لم يغزنا وحده وان هناك استحقاقا قانونيا وماليا على العراق جراء ذلك الغزو، كما يجب اعتماد مصطلح «الغزو العراقي» لا الصدامي في العراق كوسيلة للإقرار بالمسؤولية الجمعية للحدث، ومنعا للشعور الكاذب بالظلم وحرصا على العلاقة مع الكويت والجيران، والأهم منعا من تكراره تجاه الدول المجاورة مادام الأمر يشارك فيه الآلاف والملايين، فلا تحصر الملامة فيه في شخص واحد.
***
آخر محطة: الغريب أنه لا أحد يجرؤ في العراق الشقيق على القول إن غزو صدام الإجرامي لإيران يُسأل عنه صدام فقط.