سامي النصف

التحالف القبلي ـ الليبرالي

اختلفت نتائج الانتخابات الليبية عن نتائج انتخابات جارتيها مصر وتونس، حيث منيت التيارات الإسلامية بهزيمة على يد تحالف ليبرالي ـ علماني ـ قبلي كما اخبرني اصدقاء ليبيون، مضيفين ان الامور التي اثرت في النتائج إبعاد الناخبين الليبيين للتيارات التي اتهمت ـ بحق أو باطل ـ بأنها تتلقى الأموال من الخارج.

***

قضية التحالف الليبرالي ـ القبلي في ليبيا تثير موضوعا مهما هو علاقة التيار الليبرالي والوطني التقليدي في الكويت بالتيار القبلي، حيث من الواضح ان المناطق القبلية تتقاسمها تيارات مختلفة (شعبي ـ سلفي ـ اخوان) يغلب عليها طابع المعارضة مع اختفاء تام للتيار الوطني والليبرالي «التقليدي» وهو ما يدعو لاعادة النظر في ذلك الوضع الفريد.

***

ولا أعلم ان كان السبب في غياب الدراسات المختصة، هو محاولات التيارين الوطني والليبرالي التقليديين الامتداد الا ان محاولاتهما باءت بالفشل كما يدعي بعض قياداتهما، ام ان هناك عدم اهتمام اصلا بالتوسع في مناطق الكويت المختلفة وهو أمر ان صح يدل على جهل فاضح بمبادئ العمل السياسي الذي يعتمد في صلبه على السعي لضم اكبر عدد من شرائح المجتمع المختلفة حتى ان الاحزاب الرئيسية في اميركا تطرق الابواب على المواطنين في مختلف المناطق لتسجيلها ضمن تلك الاحزاب.

*** 

وواضح ان ذلك الغياب الفاضح للقوى الليبرالية والوطنية التقليدية جعل قيادات قبلية شابة تحاول ان تملأه وهو امر جيد لولا الهجوم الذي نلحظه منها على القوى التقليدية والذي تعكسه وسائل اعلامها مما اخسر الطرفين وجعل تمثيلهما في البرلمان محدودا جدا، وتفرض الحكمة وقواعد اللعبة السياسية الصحيحة بدء صفحة جديدة بين اجنحة التوجهات الليبرالية والوطنية التقليدية والناشئة تجعل للتيار الوطني والليبرالي وجودا مؤثرا في المناطق التي اصطلح على تسميتها بالخارجية عبر القوى الليبرالية والوطنية القبلية وعقد تحالفات وطنية ـ قبلية.

***

آخر محطة: فوز التيارات الاسلامية في الانتخابات العامة في الكويت او الدول العربية يجب الا يخيف احدا اذا ما اعطت تلك التيارات المجال للقوى المنافسة الاخرى للظهور والبروز والفوز في الانتخابات اللاحقة عبر الايمان بمبدأ تبادل السلطة، لكن الخوف الحقيقي من اقتداء القوى الاسلامية بالقوى القومية التي رفضت وقمعت الآخر واحتكرت السلطة واصرت على ديمومة البقاء والاستمرارية عبر تزييف الانتخابات ونتائج «99.99%» الشهيرة.

 

سامي النصف

قرقيعان العيد

«عيدكم مبارك» نوجهها للمسلمين كافة، كما نوصلها لمن بقي في الكويت ولم يسافر من المواطنين والمقيمين والذين ما ان ينتصف نهار اول أيام العيد السعيد حتى يصيحوا «ضيقة خلق» لذا نرجو من الدولة الحاضنة أن تملأ الشوارع بالإضاءات والزينة الملونة وان يهتم الناس كنوع من التغيير بالتخطيط للفرح، فالعيد بذاته هو مجرد يوم آخر اذا لم تعمل الدولة والناس لجعله يوم بهجة وسرور.

***

إما ألا تدعو الناس لبيتك، أو ادعهم وأكرمهم، فهذا ما تحض عليه العادات الكويتية والعربية الأصيلة، لا ان تدعوهم لتهينهم، كان بإمكان الاخوة في «حدس» ألا يدعوا السفير الإيراني، أما وقد تمت الدعوة فلم يكن من الجائز إهانته بالتصريحات اللاحقة، فخطآن لا يعملان صحا وحدا، ونتمنى في هذا السياق عدم صحة ما قيل عن عدم دعوة سفير الإمارات لتلك الغبقة وللإمارات وشعبها وقيادتها مكانة في نفوس الكويتيين لا تنسى قط.

***

كتبت الشهر الماضي مقالا أسميته «ستينغر هو الحل الوحيد للمسألة السورية» ذكرت ضمنه ان صواريخ ستينغر هي الأمل الوحيد لقوى المعارضة السورية في ظل الفارق الكبير بين قدرات الجيش الرسمي السوري والجيش الحر، قبل الأمس نشر موقع «العربية» ان الولايات المتحدة قررت تزويد المعارضة السورية بتلك الصواريخ وهو أمر إن صح فسيسرع من حسم تلك الحرب الأهلية لصالح المعارضة، أما إن تأخر التسليم او تأجل فسيعني ذلك إما تحول الحرب في سورية الى حرب استنزاف طويلة المدى او حتى حسمها لصالح النظام.

***

نعم لدينا في الكويت وبشكل لا يقبل الشك اكثر من ميشال سماحة كويتي يدعي الوطنية ويسعى جاهدا في السر لتدمير بلده، ومن الصعوبة بمكان ان يقع الفاعلون متلبسين بأعمالهم المدمرة كما حدث في الحالة الاستثنائية لصنوهم اللبناني، وفي هذا السياق أعتقد ان شخصية استخباراتية ذكية مثل ميشال سماحة قد قصد عبر اعترافه السريع الذي قال فيه انه يحمد الله انهم قبضوا عليه قبل ان يتسبب في سفك الدماء الإيحاء بأنها عمليته الأولى وإرسال إشارات طمأنة لبعض حلفائه القادرين على إيذائه من انه لن يفصح عن عملياته الأخرى معهم التي نجحت في تفجير واغتيال الآخرين ولا يمكن لشخص مثل سماحة ان يقبض عليه في عمليته الأولى.

***

آخر محطة: في كل أرجاء العالم يختلف الساسة ثم تستغل الأعياد والمناسبات العامة للتصالح وعفا الله عما سلف إلا في الكويت، لذا فالأمر لا يخرج عن اثنين، إما أن سواد القلوب والحقد لدينا لا مثيل له في العالم او ان القرار مستلب عند بعض الساسة فهم خاضعون لأوامر تأتي من الخارج وما عليهم إلا التنفيذ لإبقاء البلد في حالة أزمة دائمة.

 

احمد الصراف

اللعنة أم الرحمة؟

قام حسن من نومه فجرا على جرس منبهه الكوري، ونظر إلى ساعة معصمه السويسرية، متمنيا أن يكون في الأمر خطأ، فهو بحاجة للنوم لدقائق قليلة أخرى، وصح توقعه، فقد رنت الساعة اللعينة مرة أخرى قبل موعدها، ولكنه لم يستطع العودة إلى النوم، فترك الفرشة الأميركية الوثيرة، بعد أن تقلب عليها عشرات المرات، مفتقدا زوجته التي ذهبت لأداء العمرة، ربما بطائرة «ايرباص»، مع والدتها وأخواتها. أضاء حسن مفتاح الضوء الإيطالي عند سريره، ودخل الحمام وقضى حاجته في الآنية الاسبانية، ونشف وجهه بفوطة ارجنتينية، ونزل إلى المطبخ وفتح البراد، وأخذ قطعة زبدة دانمركية إضافة لقطعتي خبز ألمانيتين مناسب للحمية، ووضع الخبز في التوستر، أو المحمصة الفرنسية، وملأ إبريق الكهرباء الياباني بالماء المعالج بالكلور والفلورايد البلجيكي، واخذ كيس الشاي السيلاني، ووضعه في الكوب الصيني، وجلس على الكرسي الفرنسي بانتظار أن يسخن الماء! مد يده لريموت التلفزيون الكوري، وأخذ يستمع لآخر اخبار قناة السي ان ان الأميركية، عاد إلى البراد وأخذ مرطبان العسل النيذرلندي الأسود، ووضعه أمامه مع صحن وشوكة وسكين من الصين، وبدأ بتناول إفطاره المبكر في ضوء الفلورسنت البولندي، مستمتعا بهواء المكيف الأميركي! وعندما انتهى ذهب إلى الحمام لتنظيف اسنانه بفرشاة اسنان يابانية ومعجون فرنسي. وهنا حان موعد صلاة الفجر، فأنهى وضوءه وذهب إلى غرفة نومه، حيث اعتاد الصلاة هناك، وفرش السجادة السنغافورية على الأرض وانهى صلاته! فكر في العودة إلى النوم، ولكن هيهات، وهنا قرر أن يذهب للسير على شارع الخليج فلاتزال الحرارة محمولة في هذه الساعة المبكرة. غادر البيت الخالي، بعد أن ارتدى حذاء الرياضة الصيني، ولم يستطع التأكد من مصدر جواربه، واستقل سيارته الألمانية واتجه إلى الخليج، وهناك فوجئ بالعدد الكبير نسبيا من المتريضين، وغالبيتهم أوروبيون، بعضهم يمشي وآخرون يهرولون، وثالث برفقة كلبه الضخم، واثنان جالسان يصطادان السمك بسنانير يابانية، وفكر بينه وبين نفسه: ألا ينام السمك؟ عاد بعد ساعة إلى بيته، وأخد يقلب صحف الصباح بورقها المستورد من فنلندا، والتي طبعت على مكائن بريطانية، ولكنه لم يستطع التركيز، حيث لم يعتد بعد على استخدام عدسات نظارته السويدية الجديدة، فترك الصحف جانبا، وعاد إلى المطبخ وشغل ماكينة قهوة الاكسبرسو السويسرية، وجلس يرتشف قهوته مع سيجارة إنكليزية أشعلها من كبريت سويدي، وهنا شعر بالنعاس! ترك كل شيء ومشى إلى غرفة نومه، واستغرق في نوم عميق. استيقظ على صوت قوي صادر من مكبرات المسجد التايلندية، فقام واغتسل وارتدى دشداشته، بقماشها الياباني ونعاله الإيطالي وحمل معه هاتفه الفنلندي، وذهب لأداء صلاة الجمعة في المسجد، كدأبه منذ سنوات! وهناك سمع خطيب الجمعة يدعو بالخير والبركة لجميع لمسلمين، وأن يوفقهم الله لما فيه صلاحهم، وأن يبعد عنهم كيد أعدائهم، ويوحدهم وينهي خلافاتهم. ودعا الخطيب بهلاك أعدائهم من يهود ونصارى وكفار، وأن يحرق زرعهم ويجفف أنهارهم ويرمل نساءهم وييتم ابناءهم ويقطع نسلهم! وهنا رفع حسن حاجبيه مستغربا، وأدار بصره في الحضور يبحث عمن يشاركه في استغرابه، ويقلب نظره في كل ما حوله من أثاث وأسقف وثريات وميكروفونات وخشب وسجاد ومكيفات وأسلاك وأجهزة ومراوح وأبواب وحديد وزجاج ودهان وديكور وغير ذلك الكثير، فوجد أن جميعه مستورد أو مصنوع بيد من طالب الخطيب بإفناء نسلهم، وتساءل بينه وبين نفسه، أليس من الأفضل أن نقوم أولا بصنع مثل هذه الأشياء بحيث إن فني نسلهم يكون لدينا البديل؟ وأليس من الأفضل، بدلا من الدعاء بفنائهم أن نطلب لهم الرحمة والتوفيق والهداية، لخدمتنا، وأن يرخص اسعار بضائعهم، ويزيد من جودتها، ويحسن من فعالية أمصالهم ويزيد من قوة أدويتهم ويرفع من تبريد مكيفاتهم؟ أم أن الدعوة عليهم بانقطاع النسل أفضل، وأكثر جلبا للحسنات؟

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

سعيد محمد سعيد

هكذا… عيدكم مبارك

 

مجالس البحرين في ليالي الشهر الفضيل: بدموع حسرة نودع شهر الله الأعظم… شهر رمضان المبارك، ونستقبل عيد الفطر السعيد… نسأل الله أن يعيد هذا الشهر الذي هو من أفضل الشهور والبحرين وأهلها في أمن وأمان وخير وسلام، والأمة الإسلامية ناهضة متحررة من الركون والركوع والهوان لقوى الاستبداد والجور.

في تلك المجالس الرائعة، التقى أبناء الطائفتين الكريمتين، واجتمع أتباع كل الديانات والمذاهب فيها يتبادلون التهاني ويتجاذبون أطراف الحديث ويتواصلون بكل طيبة وكرم وتعاضد، وهذه الصورة أسقطت مقولات الأفاكين وتجار الطائفية وأتباعهم ومواليهم الذين كانوا ولايزالون يروّجون لأكذوبة الانشطار الطائفي والاحتقان البغيض، وهذه المشاهد الجميلة لم ترقَ لسماسرة الطائفية فأثقلوا خطبهم (اللادينية) في الفضائيات الشيطانية وحساباتهم المريضة على الفيسبوك وتويتر وفي المنتديات الساقطة ليتناسوا – من شدة خبثهم – أنهم في شهر عظيم فضيل، فاستمروا في إثارة العداوات والضغائن والدعوات الطائفية… كلما ازداد سقوطهم كلما ازداد جنونهم… ولأن الكرام من أبناء الطائفتين ليسوا من أولئك… هكذا عيدكم مبارك.

***

لست أخي بل أنت نفسي: شكا مواطن من أبناء الطائفة السنية الكريمة أحوال السوق وكساده لصديق مقرب له من أبناء الطائفة الشيعية الكريمة… ولأن الاثنين يعملان أعمالاً حرة وحالهما مشترك متشابه، قررا معاً أن يجتهدا ويكسبا رزقهما الحلال الطيب المبارك، حالهم حال كل مواطن شريف، على ألا ييأسا فالرازق في السماء… لا يمنع رزقه مقاطعة المقاطعين ودعوات المغرضين وأفكار الجهال الموتورين… تعاهدا على أن يواصلا الجهد كل من طرفه وأن يتعاونا في اقتسام اللقمة… حصل الشيعي على (شغلة حلوة فائدتها لا بأس بها) ولأن أخيه السني كان أحوج كونه افتتح مكتباً جديداً وتحمل التزامات مالية عديدة… أعطاه أخوه الشيعي الشغلة وتعاونا على إنجازها… لأنه ليس أخاه بل نفسه… هكذا أنتم… هكذا عيدكم مبارك.

***

*الحوار… : في بلادنا الصغيرة… دون غيرها من دول مجلس التعاون، ينبري مساطيل السياسة ومخابيلها ليجمعوا حولهم نفر من الذين لا حول لهم ولا قوة… في مجلس هنا أو خيمة هناك… ويبدأون في تقديم أطروحات تحشيشية غاية في الضلال والتضليل! ولعل أحدهم ممن نصب نفسه خبيراً استراتيجياً سياسياً، ومدافعاً أوحداً عن الوطن، يبلغ لديه القلب إلى الحلقوم حينما يسمع كلمة (حوار)! لا يهمّ في الأصل إن كان ذلك الحوار جادّاً أو استهلاكيّاً أو هو يعرف أصلاً ماذا يعني الحوار! فيبدأ في سوق أسطوانة (المؤامرة الكبرى) على الوطن مدعياً كشف فصولها وداعياً إلى الاحتراب وتشكيل اللجان الشعبية كما يصف، لا بل يشرك عدداً من دول المنطقة في تحليله (الدونكي شوتي) ليضخم ما يمكن تضخيمه إرعاباً لمن التفّ حوله ولمن يستمع له من المغفلين… حاله حال محارب طواحين الهواء الخرافي (الدون كيشوت).

على الضفة الأخرى، فإن الكثير من المخلصين حين ينظرون إلى نهاية للأزمة في البلاد عن طريق حوار يتأسس على المصلحة العليا للوطن وبمشاركة كل القوى السياسية المعارضة والتيارات التي تريد الخير للبلد، تراهم يقدمون طرحاً متزناً واقعياً ينطلق من قراءة دقيقة للتحولات الجارية في المنطقة… يريدون أن تكون البحرين، في القريب العاجل ومستقبلاً، أنموذجاً لثنائية الحقوق والواجبات في معادلة المواطنة الحقيقية… هؤلاء المخلصون، وأنتم منهم… هكذا عيدكم مبارك.

***

مسلسلات الشهر الفضيل: كثيرة هي متعددة متنوعة… بين التاريخي والوثائقي والدراما الاجتماعية والكوميديا والفنتازيا… بعضها لا علاقة له بالشهر الفضيل وبعضها الآخر لا علاقة له لا بالشهر الفضيل ولا بغيره من شهور السنة! لكن الخيار للمشاهد قطعاً! فجأة تنتهي حلقة هذا المسلسل أو ذاك… فتمتلئ بعض المنتديات ووسائل التواصل الاجتماعي بالسباب والشتائم بين سنة وشيعة… ومجوس وروافض ونواصب… بين موحدين ومشركين… بين أهل جنة ونار… ولعل لسماسرة الطائفية المعفنين نصيب الأسد منها، وخصوصاً أنهم يشتمون ويهتكون الأعراض ويبثون سمومهم ثم يكثرون من قول: «أستغفر الله العظيم»… أي عيد لهؤلاء غير الدعاء لهم بالهداية! أمّا أنتم… أصحاب القلوب الطيبة والنفوس المليئة بالتقوى والمحبة والأخوّة… فعيدكم مبارك… وكل عام وكل بحريني وخليجي وعربي ومسلم وكائن من يكون من يحمل قلباً تملأه الإنسانية… بخير… عيدنا وعيدكم وعيدهم سعيد وعايدين بالصحة والسلامة.

سامي النصف

رحل رجل الحكمة والإيثار والوطنية الحقة

برحيل العم أحمد زيد السرحان تفقد الكويت عمودا من أعمدة الحكمة والتعقل فيها، فقد كان أبوخالد وطنيا حقيقيا في زمن الوطنية الزائفة، صامتا في زمن الصراخ، هادئا في زمن الانفعال ومحبا للكويت وشعبها في زمن تعددت فيه الولاءات وطغى على ساسته تقديم الأجندات.

***

ولم يعرف عن أبوخالد، وهو الذي كان من شباب الكتلة الوطنية عام 38 ثم نائبا لرئيس مجلس الأمة أعوام 6(3)67 ثم رئيسا للمجلس في دورته الثانية 6(7)70، الانفعال والبحث عن الإشكال واختلاق الأزمات السياسية، بل على العكس من ذلك فقد اشتهر عنه المبادرة برفع الجلسات مع ظهور أول بوادر الخلافات الحادة ورفع الأصوات بين النواب حفاظا على رونق المجلس وسمعته الطيبة، ولم يكن يعيد عقد الجلسة إلا بعد دعوة الفرقاء لمكتبه والعمل بجد لإنهاء الخلاف بين الحكومة والنواب او بين النواب انفسهم، فقد كان يرى ان رئيس مجلس الأمة يجب أن يكون على مسافة واحدة من الجميع لذا اشتهرت المجالس التي شارك بها أو رأسها بوفرة الانجاز لكثرة العمل وقلة الجدل بعكس ما حدث لاحقا ولم يعرف عنه الطمع بالمناصب الزائلة فقد ترك كرسي الرئاسة وهو في قمة العطاء وبقي يؤدي دوره الوطني لمصلحة الكويت وشعبها في الخفاء ودون ضجيج.

***

ومن الأمور التي تدل على حكمة وإخلاص ورجاحة عقل راحل الكويت الكبير المرحوم أحمد زيد السرحان ما حدث بعد انتهاء اجل المعاهدة العسكرية بين الكويت وبريطانيا عام 68 حيث طلبت من القيادة السياسية آنذاك البحث عن بدائل كما اتى في لقائه المتلفز مع الزميل رضا الفيلي حيث كانت لديه خشية من توجهات ومطامع جار الشمال (المستقبلية).

***

وكان للراحل الكبير مساهمته الفاعلة في مشروع السور الرابع، كما لا يعلم إلا القلة تحركه وتوسطه بالسر في أكثر من مرة لإصلاح ذات البين بين كبار المسؤولين في الدولة لاحترامهم وتوقيرهم له، وكان ابوخالد اضافة الى اهتمامه بالشأن السياسي، اديبا ومهتما بقضايا الشعر والأدب والثقافة والفن والرياضة، فرحم الله فقيد الكويت الكبير ابوخالد الخالد في ذاكرة الوطن وألهم أهله وذويه ومحبيه والكويت قاطبة الصبر والسلوان.

***

آخر محطة: جلست مع الراحل الكبير ذات مرة على ضفاف بحيرة جنيف ووجدت فيه الذكاء الحاد والحكمة وذاكرة قوية حافظة لتاريخ الكويت بأدق تفاصيله، ولمواد الدستور ولوائحه الداخلية وكيف تم الوصول لهذه المادة او تلك، وبذا فقدت الكويت كذلك برحيل العم احمد زيد السرحان جزءا مهما من ذاكرتها الحية.

احمد الصراف

التحليلات «الخرطي»!

ضحكتُ كثيراً وأنا أتابع التطورات المتلاحقة التي شهدتها مصر أخيرا، وكيف تمكن حزب الإخوان المسلمين من الاستفراد بالحكم وتجميع كل الصلاحيات في يد ممثلهم، رئيس الجمهورية! وكيف قبل «الفيلد مارشال» طنطاوي، أو أُجبر على قبول الذهاب إلى بيته لكي «يرتاح»، بعد ان كان قبلها بساعات حاكم مصر الفعلي، وكيف أُقيل رئيس الأركان (عنان) وهو نائم، وأعيد بعدها الجيش، لأول مرة منذ أكثر من 60 عاما إلى ثكناته، ليصبح وايضا لأول مرة مؤسسة عسكرية فقط بعد ان كان مؤسسة مالية وصناعية وسياسية، وليصبح وزير الدفاع وزيرا مثل بقية الوزراء وليس أعلى حتى من رئيسهم، كما كانت الحال خلال عهدي السادات ومبارك! ولا ننسى طبعا في هذه العجالة الأحداث المفاجئة الأخيرة في ليبيا، التي اعيد فيها الاعتبار الى الليبرالية في دولة تزخر بالقبلية! وسبب ضحكي هو التعارض الشديد بين كل ما حدث وبين كم التحليلات الفاسدة التي أدلى بها، تصريحا وتلميحا وكتابة، مجموعة من المحليين السياسيين والعسكريين «الاستراتيجيين» من أمثال عبدالباري عطوان ومحمد حسنين هيكل وعلاء الأسواني، الذي نتمنى أن يعود الى الأدب وينسى «حكاية التحليل»، وغيرهم من محللين عرب ومحليين، في ما يتعلق بما يجري في أكثر من دولة عربية، ومنها مصر، وما توقعوه بأن المجلس العسكري الأعلى فيها، والذي أصبح في خبر كان، سيدفع باللواء سليمان ليصبح رئيسا ويعيد مبارك الى قصره ويمنع محاكمة أبنائه، وأن الأمر مسرحية أعد لها الجيش باتقان! أو أن مرشح الجيش هو الفريق شفيق، وأن عهد مبارك سيعود على يديه وان طنطاوي وراءه! وسقط شفيق، ربما بسبب كل ذلك، وعندما نجح محمد مرسي قال هؤلاء المحللون «الخرطي» ان قادة الجيش تركوه ينجح لأنه سيكون ضعيفا، وهم الذين سيحكمون، فالقوة العسكرية والتشريعية بأيديهم! وتبين لاحقا أن لا شيء مما ذكروه كان دقيقا، وأن نظرية المؤامرة، التي طالما آمنوا بها كانت كالرياح التي تهب في اتجاه وسفينة الأحداث تبحر في اتجاه آخر، ولا أريد أن اقول ان طنطاوي لم يكن يحضر نفسه لرئاسة مصر، أو انه كان اضعف مما تصور الكثيرون، وذلك لكي لا اصبح واحدا من «زمرة» المحللين، فالحقيقة أن لا احد «أبدا» توقع ما حصل أو الطريقة التي انتهت بها الأمور، حتى الآن، وصعود نجم محمد مرسي، بهذه السرعة، وهو الذي كان احتياطيا، مع كل تواضع قدراته الشخصية وإمكاناته وخبراته السياسية، فقد نجح الرجل، و«فشل» عباقرة الصحافة والإعلام السياسي في تحليلاتهم، ونتمنى أن يتعلموا شيئا من هذا الدرس ويخففوا عنا مستقبلا إسهال تصريحاتهم، فهم في الحقيقة لا يختلفون كثيرا عن الدجالين من قارئي الطالع وكاشفي البخت الذين يصدرون كتبا سنوية بتوقعاتهم، وما إن يتحقق شيء منها حتى يملأوا الدنيا صراخا! وهنا لا يلتفت أحد للكم الهائل من الكذب الذي ورد في كتبهم، فالناس تهتم بقصص النجاح أما الفشل فله الرحمة، وقد رأينا كيف اشتهر من هاجر الى الأميركتين وأفريقيا، ولم نسمع غير قصصهم، أما الذين أكلتهم التماسيح أو غرقوا في البحيرات والأنهار فلا أحد يود أن يعرف عنهم شيئا!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

احمد الصراف

التدين والتقدم في الأوقاف

يعتقد بعضهم أن هناك علاقة سببية بين التدين والتقدم الحضاري، بشقيه الصناعي والأخلاقي! فالدول الأكثر تحضرا، وربما سعادة وثراء، هي عادة غير المتدينة، أو التي تتميز، بشكل عام، بضعف وازعها الديني! ويقول أحمد النفيس، الذي عين نفسه ناطقا باسم «شيعة مصر»، أن مثل هذا الكلام لا يعني تقليلا من أهمية الالتزام بأحكام الدين، فالثابت أن المكان الوحيد الذي يمكن فيه معرفة مقدار تدين المرء وقيمته سيكون بين يدي الله. وقد يكون للنهضة أسبابها وأدواتها، وقد يكون بينها التدين الصحيح وقد لا يكون، ولكن من المؤكد أن غاية المتدين مرضاة الرب، وليس مجرد استعراض القدرة والجلد على الصلاة والصيام وإطلاق اللحية وارتداء الجلباب! ويستطرد بأن في مصر، وأثناء حالة الفوضى التي تلت ثورة 25 يناير، جرى اغتصاب كثير من أراضي الدولة لإقامة المساجد عليها، ويتساءل إن كان أي فقه إسلامي يبيح بناء المساجد على الأرض المغصوبة والصلاة فيها؟ كما اصبحت هناك جوامع تتنافس لرفع الصوت عبر المكبرات، ربما لجذب المصلين إليها، ويقول إنه لا يعتقد أن زيادة كمية التدين أمر جيد إن لم تكن مرتبطة بنوعية التدين وارتفاع المستوى الأخلاقي للشعب، ويكون خالصا لوجهه!
وكلام النفيس نفيس، ولا يعني ذلك بطبيعة الحال أن كل ما يقوله نفيس وجميل، والدليل على صحة ما ذكره أننا نرى المصلين في الكويت وغيرها لا يترددون في إغلاق الشوارع والدوارات بسياراتهم، ويذهبون لأداء الصلاة! فهم يعتقدون بأن على الآخرين تحمل لوعة الانتظار ومعاناة زحمة السير، بينما هم يؤدون الصلاة أو يستمعون لخطبة! كما نجد في لبنان ودول أخرى أن مؤسسات صحية وتعليمية عدة، تابعة لأحزاب دينية، تقوم بالاستيلاء على أراضي الدولة وإقامة مشاريع دينية وتجارية ضخمة عليها! ولا أعرف كيف تجوز ممارسة العبادة في مسجد مخالف لكل قواعد البناء والتنظيم، وعلى أرض مغتصبة من الغير! وقد تأثرت شخصيا بمثل هذه التعديات! وفي السياق نفسه ورد في القبس قبل ايام أن مسلسل التجاوزات وهدر المال العام لا يزال مستمرا في وزارة الاوقاف، والتي يفترض ان تكون أكثر مؤسسات الدولة ورعا وتقوى، والتي لا يعمل فيها غير المتدين، ومن أعضاء حزبي الإخوان والسلف بالذات، وأن مصدرا مسؤولا فيها كشف عن تجاوزات بلغت المليوني دينار صرفت كمكافآت لغير المستحقين، وكمعونات لجهات خارجية. وأن هذه التجاوزات نفسها سبق أن تكررت في السابق، فكيف يمكن قبول ذلك؟ وهل هي جزء من حرب السلف والإخوان على كيكة الوزارة وأموالها شبه السائبة؟ ولماذا لا يوجه أولئك الذين لم يرحموا أحدا من بذيء نقدهم، جهودهم لمعالجة صراع الإخوان مع السلف، بدلا من تدبيج المقالات في نقد من يفوقونهم قامة ومقاما؟
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

سامي النصف

إخوان مصر وإخوان الخليج!

  أسفرت الانتخابات الرئاسية الأخيرة في مصر عن وصول مرشح الاخوان المسلمين د.محمد مرسي لرئاسة الدولة، ولا شك أن التنظيم العالمي للإخوان والذي يضم قيادات الاخوان في مختلف أصقاع الأرض ومنها الدول الخليجية سيسعى جاهدا لإنجاح التجربة الاولى لهم في الحكم كي يمكن تعميمها وإزالة الخوف من حكم الاخوان في البلدان الاخرى، وهو مطلب منطقي ومشروع.

***

ولا شك أن نجاح تجربة الاخوان في مصر خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة هناك والتي تزامنت مع الأزمات الاقتصادية الخانقة في أوروبا وأميركا، وهم في العادة أكبر المانحين والمقرضين، سيفرض على تلك التجربة المرور من بوابة الدعم الخليجي، وتحديدا من السعودية والكويت والإمارات التي تعاني هذه الايام من إشكالات غير مبررة من الحركات الاخوانية فيها.

***

فقد اشتكت السعودية أكثر من مرة على لسان رجل الأمن الأول فيها الراحل الأمير نايف بن عبدالعزيز من حراك الاخوان على أرضها، كما أعلن الاخواني الإماراتي أحمد حسين الدقي عن إنشاء أول حزب إماراتي، وقد رد عليه وزير الدولة الإماراتي أنور قرقاش وكتاب إماراتيون، وكان مضمون ردهم أن في ذلك دعوة انقلابية وهدم للشرعية القائمة، وان هناك من يغلب الولاء الحزبي العابر للحدود على الولاء الوطني، وفي الكويت يشارك الاخوان في تجمهر ساحة الارادة والمطالبة بالحكومة الشعبية والحياة الحزبية.

***

الحكمة والبديهية وتوازن العلاقة السياسية بين البلدان تفرض القول بأنه ليس من المنطق أن تدعم الدول والأنظمة الخليجية حكم الاخوان في مصر كي ينجح ويستقر في وقت يعمل فيه الاخوان في الخليج جاهدين لضرب استقرار الدول والأنظمة الخليجية، وعليه تفرض معادلة الربح ـ الربح ان يكون هناك تبادل مصالح تقابل من خلاله القيادة العالمية للإخوان الإحسان بالإحسان عبر طلبها من فروعها في الخليج التهدئة ودون ذلك سينطبق على العلاقة الخليجية ـ الاخوانية مقولة «أريد حياته ويريد قتلي شتان بين مراده ومرادي»!

***

آخر محطة:

على قيادات الإخوان أن تعي أن الظروف الخطرة المحيطة بالمنطقة تستدعي تحالفهم ومؤازرتهم للدول والأنظمة الخليجية، بدلا من إيجاد المبررات للخروج على تلك الأنظمة ومحاولة إسقاطها عبر محاولة خلق «ربيع خليجي» مشابه للربيع العربي، وخذوا العبرة من حلفاء النظام السوري الذين يشدون أزره رغم باطله وقتله وقمعه لشعبه، وأنتم تخذلون الأنظمة الإنسانية القائمة في دول الخليج رغم صحة مسارهم وتحقيقهم المعجزات في إنجازهم لشعوبهم.

احمد الصراف

سياسيون وسياسيون

تقول الطرفة، على لسان أحد مفكري اليونان الحديثة، إن الفقير يعمل ويعمل ليأتي الغني ويستولي على جهده، وكل ذلك يتم برقابة رجل الأمن الذي يتلخص دوره في حماية الاثنين، الفقير والغني! ولكن دافع الضرائب هو الذي يدفع ضرائب عن الثلاثة، ويأتي المتشرد والعاطل عن العمل ليرتاح نيابة عن الأربعة الذين سبقوه، ويأتي السكير ليشرب حتى الثمالة بالنيابة عن الخمسة الذين جاءوا قبله، ويأتي المصرفي ليسرق الستة، ومن بعد يأتي المحامي ليدخل السبعة في متاهات النصوص القانونية، وما يجوز ولا يجوز، ويختم الحلقة متعهد دفن الموتى ليدفن جميع الثمانية الذين اتوا بقوة، ولكن ليس قبل ان يأتي «السياسي»، ليستمتع بحياته على حساب التسعة جميعا، ويعيش سعيدا إلى الأبد.
وتقول الطرفة الثانية ان سمكة قرش كانت تعوم مع ابنها باحثين عما يمكن ان يكون وجبة شهية لهما، وهنا شاهدا عن بعد يختا كبير الحجم يتهادى على سطح الماء بخيلاء، فانطلقا إليه، وما ان اقتربا منه اكثر حتى وجدا مجموعة من الرجال والنساء يقفون على سطحه، وبأيديهم ما يحتسونه بلذة واستمتاع، وبعضهم الآخر يسبح حول اليخت، وهنا انطلق القرش الصغير نحو أحد السابحين يود نهش لحمه، فأسرعت امه بايقافه قائلة: ألا ترى أن هؤلاء جمع من السياسيين؟ يجب ان تفرق بينهم وبين بقية البشر «فمكونات» هؤلاء تختلف بعض الشيء عن مكونات غيرهم، وبالتالي فإن طريقة تناول لحمهم يجب ان يكون مختلفا ايضا، ويتطلب الأمر بالتالي اتباع طقوس محددة! عليك أولاً أن تذهب إلى من تود نهش لحمه، وتدور حوله في حلقة كبيرة بعد ان تخرج زعنفة ظهرك من الماء بحيث يراها، وعندما تتأكد انه عرف من أنت وما تشكله من خطر عليه، قم بدورة أخرى من حوله، وهو سيتبعك بجسمه وعينيه، وستبدو عليه علامات الرعب الشديد، وقبل ان تجهز عليه في النهاية قم بدورة ثالثة، لتأكيد تخلصه من كل ما بداخله، ومن بعدها انهشه واستمتع بلحمه «نظيفاً»! فقال سمك القرش لأمه متسائلا: ولكن لماذا كل هذه الطقوس التي لا داعي لها، ولم لا نهجم عليه من أول لحظة ولا نضيع وقتنا في الدوران المرة تلو الأخرى؟ فقالت الأم: هؤلاء سياسيون، ويجب عدم تناولهم قبل بث الرعب الشديد في قلوبهم، فالرعب من رؤية زعنفتك المرة تلو الأخرى، سيجعله يفرغ ما في داخله من أورام وفضلات وخباثب وكلام بطالي، وهنا يصبح لحمه اطيب، ويسهل تناوله بشهية أكبر!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

مبارك الدويلة

نجاح الشرعية

سمو الأمير حفظه الله يستقبل المسؤول العراقي مقتدى الصدر
سموه حفظه الله كان قد استقبل نوري المالكي قبل ذلك بأيام
وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد يشارك في مؤتمر دعت له ايران في الايام الماضية
خادم الحرمين الشريفين يوجه دعوة لاحمدي نجاد للمشاركة في مؤتمر إسلامي في مكة المكرمة

هذه كانت عناوين الاخبار في الايام القليلة الماضية.. ومنا الى المعترضين على دعوة السفير الإيراني بالكويت والتي وجهت إليه بالخطأ وتم الاعتذار من هذا الخطأ.

***
أصبح الرئيس محمد مرسي اول رئيس مصري يمثل الشرعية المكتسبة من الشعب المصري بشكل صحيح، وذلك بعد انتخابات عرف حزب الحرية والعدالة كيف يجعلها نزيهة، وذلك من خلال تعديل قانون الانتخاب بجعل الفرز يتم باللجان وتعلن نتائجه مباشرة في كل لجنة، مما مهد للحزب ان يبادر بإعلان النتيجة مبكرا قبل إعطاء فرصة لأصحاب النوايا الباطلة للتلاعب فيها. عند ذلك لم يجد خصوم الاخوان المسلمين الا تخويف الناس من ان الاخوان «سيكوشون» على كل مرافق الدولة في مصر!
ويبدأ الرئيس الجديد مهمته الصعبة، وكل يوم يتضح للمواطن المصري أن اختياره لمرسي كان صحيحاً، وانه هو الرئيس الذي تحتاج اليه مصر في هذه المرحلة. وبإحصائية سريعة للمناصب التي تمت فيها التعيينات حتى الآن نجد ان الاخوان المسلمين خارج معظمها تقريبا! فها هو يعين نائباً له يعرفه كل اهل مصر وليس له علاقة بالإخوان، كما عين رئيس الحكومة وهو كذلك لا تربطه بالإخوان اي صلة، حتى الحكومة التي تتكون من اكثر من خمسة وعشرين وزيراً ليس للإخوان فيها الا عدد بسيط لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، هم ومن هو محسوب عليهم، اضف الى ان الضجة التي افتعلها أذناب الفلول بتعيين رؤساء للصحف لم تكن صحيحة، فالخمسون الذين تم اختيارهم ليس من بينهم واحد من الاخوان. واذا جئنا إلى التغييرات الاخيرة في المؤسسة العسكرية وجدناها تتفق تماماً مع متطلبات الثورة، التي كان الثوار ينادون بها، واهمها انهاء حكم العسكر، وتحويل مصر الى دولة مدنية، ولو استعرضنا الاسماء التي جاء بها الرئيس لوجدناها كلها الصف الثاني في المؤسسة العسكرية، يعني أيضاً ولا واحد من الاخوان. لكن هل هذه الإصلاحات سترضي خصوم مرسي؟! طبعا لا! ها هم اليوم لم يجدوا ما يعترضون عليه الا ان زوجة نائب الرئيس… منقبة!
تعرفون وين المشكلة؟! المشكلة عندنا بالكويت! فالليبراليون هنا منزعجون من نجاحات الرئيس الاخونجي، كما يسمونه، اكثر من انزعاج حزب التجمع المصري نفسه! لماذا؟ لانه يخيل لهم – وهذا صحيح – ان هذه النجاحات ستثبت ان كل اتهاماتهم التي ازعجونا بها طوال الأشهر الماضية كانت «تيش بريش»، وان مصداقيتهم اي كلام. وكنت اتمنى ان يسعى الجميع الى دعم الإصلاحات السياسية بغض النظر عمن اصدرها، وان يكون الاستقرار والتفرغ للتنمية هما الشغل الشاغل لهم، لكن ابوطبيع ما يخلي طبعه!

***

عمر الأشقر
رحمة الله عليك يا شيخ عمر… اجدني ملزماً بأن اقول اليوم شهادة حق في هذا الرجل من خلال موقف واحد يكفي عن كل المواقف.
اثناء فترة الاحتلال العراقي الغاشم كنت مع الوفد الشعبي الكويتي الذي زار الأردن، وقابلت الشيخ عمر هناك، واخبرني انه كان هنا اثناء الغزو، وعندما طلب من الجامعة الاردنية ان يدرس فيها رفضوا طلبه وامروه بان يرجع إلى الكويت المحتلة – آنذاك – ويدرس في جامعتها دعما للحكومة الجديدة! لكنه رفض وفضل ان يجلس في بيته عاطلا على ان يدعم الاحتلال.
رحمك الله يا شيخ وأسكنك فسيح جناته.