سامي النصف

ضرورة إنشاء «لجنة للإفتاء الدستوري»

الدستور الكويتي لم يبدأ العمل به منذ قرون كحال كثير من دساتير الدول الاخرى، كما انه دستور محلي فريد تم تفصيله على مقاسنا بالكويت ولم نحضره جاهزا من دولة اخرى كي نستفيد من تفسيراتها وتعديلاتها وتجاربها معه، وعليه فليس مستغربا على الاطلاق استمرار الاشكالات المتكررة مع نصوص الدستور التي تنتهي بأزمات سياسية طاحنة كوضعنا الحالي وهو ما يحوجنا الى مرجعيات فقهية مختصة ومتجردة تفسره وتستنبط الاحكام «الاستشارية» منه قبل اللجوء للمحكمة الدستورية او ادارة الفتوى والتشريع واحكامهما وتفسيراتهما التي يجب ان تأخذ صفة الالزام.

***

وقد استفاد الدستور الكويتي سابقا من وجود الخبراء الدستوريين تحت قبة البرلمان للفصل في التو واللحظة فيما يختلف عليه حتى أخرجهم من القاعة من اعطى لنفسه صفة المرجعية في فهم وتفسير الدستور، وقد اثبتت الايام والتجارب الحية ومنها المعضلة القائمة انه ابعد ما يكون عن تلك الصفة التي نسبها لذاته، وقد قام المرحومان د.عثمان خليل وبعده د.عثمان عبدالملك بدور المرجعية الدستورية المتفق عليها من قبل الجميع والتي يتم الاستماع اليها عند الاختلاف.

***

وقد تلا مرحلة ما بعد د.عثمان عبدالملك حتى يومنا هذا فراغ دستوري كبير لم يملأه احد حيث شهدنا فتاوى دستورية فردية ما انزل الله بها من سلطان كالدعوة للتصويت حسب الاحرف الابجدية او القبول بمقترح الدائرة الواحدة، والمقترحان غير معمول بهما في الديموقراطيات الاخرى مما يدل على خطئهما الفادح، كذلك طغت على بعض الافتاءات الدستورية الاهواء الشخصية والتوجهات السياسية وهو ما افقدها الكثير من المصداقية.

***

والافتاء الدستوري كحال الافتاء الديني الصحيح والمفيد للناس لا يصدر الا من لجان ومجامع فقهية بعد ان تدرس بشكل مسهب ما يعرض عليها بالغرف المغلقة لا من الافراد، وبالمثل نرجو ان تشكل لجنة او تجمع «للافتاء الدستوري» تضم افضل العقول القانونية المختصة، تبدي الرأي الاستشاري المحترف والمتفق عليه ضمن جدرانها تجاه الاشكالات الدستورية المتكررة ويكون بالتالي عونا للقضاء الدستوري وللحكومة وللنواب وللمواطنين وللمهتمين بدلا من التشتت الحالي، وبالطبع تلك اللجنة ليست بديلا عن المحكمة الدستورية وتفسيراتها واحكامها الملزمة بل عون لها.

***

آخر محطة: 1 – طرحت ما سبق في الملتقى الاعلامي يوم الاثنين الماضي ابان الندوة التي حاضر فيها كل من د.محمد الفيلي ود.فواز الجدعي، وقد اثنت المحامية والناشطة السياسية الاخت نجلاء النقي على المقترح وتمنت الا يمر مرور الكرام وان يتم الاخذ به وتفعيله لما فيه من مصلحة للبلاد والعباد وتفكيك لكثير من الالغام السياسية المقبلة.

2 – تعميما للفائدة أنقل بتصرف من مقال الزميل حمد نايف العنزي الذي نشر في جريدة «الجريدة» صباح امس الآتي:

من سذاجات نواب الاغلبية اعتقادهم ان من يقف ضدهم لديه نقص في الولاء ويحتاج الى جرعة «وطنية» يقدمها له المتجمهرون في ساحة الارادة. ويستطرد الكاتب بالقول ان الاغلبية التي دأبت على نعت الحكومة بالفشل هي التي تخسر امامها بالقانون والدستور 10 ـ 0، فلا تجد لها وسيلة سوى الصراخ في ساحة الارادة لانها غير قادرة على مواجهتها قانونيا ودستوريا. ويختم الكاتب مقاله القيم بنقد تعصب الاغلبية الطائفي ومحاربتهم للحريات العامة وحرية النشر والاعلام ووقوفهم ضد الفن وكل اشكال الترفيه البريء.

 

احمد الصراف

أصداء الذاكرة (2/1)

كنت خارج الكويت عندما أصدر رجل الأعمال المعروف عبدالعزيز محمد الشايع كتابه اصداء الذاكرة، وبالتالي لم يتسن لي قراءته والتعليق عليه في حينه. جاء كتاب العم عبدالعزيز، كشخصيته تماما، حذرا في كلماته ودقيقا في اختيار مواضيعه ودبلوماسيا في مخاطبة من اتفق أو اختلف معهم، ولكنه أضاف الكثير للتاريخ الجميل لوطننا وكفاح الآباء المؤسسين، ودورهم الحيوي في تأسيس الكويت الحديثة، والتي لم يكتسب شعبها سمعته العالية بغير أمثال هؤلاء، وليس في الأمر أي مبالغة، فقد كانت الأخلاق العالية هي التي بنت سمعة الكويت أكثر من أي أمر آخر، بصرف النظر عن صفات البعض الشخصية التي قد تجعلهم غير محببين، أو حتى مكروهين من الغير، لسبب أو لآخر! كتاب أصداء الذاكرة فتح بابا نتمنى ألا يوصد، فهذه أول مرة، حسب علمي، يقوم فيها من هو في وضع السيد الشايع وعمره، بكتابة مذكراته، والتي كانت، بالرغم من اقتضابها، غنية ومسلية ايضا، ونحن أحوج ما نكون لمثل هذه الأعمال التوثيقية في مجتمع تعود على إهمال التدوين والاعتماد على الذاكرة.
كتاب الشايع كان يمكن أن يكون من ألف صفحة لو ترك الرجل لذاكرته العنان ولكنه، كما ذكرنا، فضل عدم نكء جراح أحد أو إقلاق راحة الغير من دون سبب، وبالذات أولئك الذين غادروا هذه الدنيا، فمشاركته السياسية والاقتصادية الفعالة في تأسيس الكويت الحديثة، كويت ما بعد ظهور النفط مباشرة، مع خلفيته الثقافية والتعليمية الغنية نسبيا، مقارنة بابناء جيله، التي كونها خلال أسفاره وتعاملاته وسنوات عمله الطويلة في الهند، بكل ما تضمنته تلك التجربة من زخم إنساني وبعد في الرؤية، جعلت منه رجل أعمال نموذجيا، واعتقد أنه لو تم جذبه للسياسة لكسب منه الكثير، وخسرت أسرته خبرته، ولكن اختلافات نظرته للأمور وتباينها مع بعض افراد دائرة القيادة، ابعدته عن السياسة لتكسبه بالتالي أسرته، ماديا ومعنويا. «أصداء الذاكرة» كتاب يستحق القراءة وفيه عبر ودروس لمن يود ان يستفيد، ولكننا شعب لا يقرأ، ولو كنا نقرأ لما واجهت الكويت أي مشكلة اقتصادية أو سياسية في تاريخها، بخلاف الغزو والاحتلال، ومع هذا عانت الكويت الكثير، وواجهت، ولا تزال، أوضاعا كان من السهل تجنبها! ونجد في ثنايا الكتاب تلميحات لمثل هذه الأمور، حيث يقول في الصفحة 165 بأن ما بين 1957 و1975 تضاعف عدد الكويتيين اربع مرات خلال 18 سنة نتيجة «التجنيس العشوائي» بحيث انقلبت البنية الاجتماعية في البلاد وبدت آثار ذلك واضحة حتى الآن! وهنا تكمن قوة الرجل، فهو بالرغم من أنه استفاد على المستوى التجاري من هذه الزيادة السكانية كثيرا، كونه واحدا من كبار تجار الكويت، فانه لم يخف امتعاضه من تلك العشوائية، فقد كان من الممكن أن تكون تلك الزيادة، إن كان لا بد من ذلك، بالنوعية وليس بالكمية! وإلى مقال الغد.
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

مبارك الدويلة

حدس والإخوان حصاد السنين

عندما تحكم المحكمة الدستورية ببطلان قانون الدوائر الخمس، فإن البلد سيدخل في أزمة جديدة قد يطول الزمان إلى أن نجد لها مخرجاً. فالبعض يرى ان المخرج بعرض الموضوع على مجلس 2009، الذي رفضه الحاكم والمحكوم في توافق غير مسبوق بعد ان فاحت رائحة السلوك المشين فيه، ولذلك فعرض الموضوع عليه ثانية سيدخلنا في اشكالية جديدة، فماذا يا ترى سيكون شكل الدوائر الانتخابية إذا أصدرها مجلس أغلبية أعضائه إما محالون إلى النيابة، بسبب تلقيهم الرشى، وإما أعلنوا ولاءهم وتعاطفهم مع كل طروحات الحكومة.
البعض الآخر يرى أن المخرج بحل مجلس 2009 واصدار مرسوم ضرورة بتشكيل جديد للدوائر الانتخابية، وتلك أكبر من أختها! فالحكومة الكويتية لا يمكن أن تكون بمنأى عن الأهواء في رسم خارطة الدوائر من جديد، والتجارب خير دليل.
الأغلبية طرحت رأيها منذ البداية.. سحب الطعن الحكومي.. الدعوة لانتخابات جديدة وفقا للقانون الحالي بعد حل 2009، الاتفاق مع القوى السياسية الفاعلة في المجتمع بطرح موضوع الدوائر على أولى جلسات مجلس الأمة الجديد ليصدر قانوناً جديداً لها، ثم حل المجلس وعمل انتخابات جديدة خلال شهرين، وهنا لن يكون بامكان أي محكمة ان تصدر حكماً بحل المجلس الأول لانه سيصدر قراره مبكراً قبل أي إجراء من المحكمة.
هذا هو المخرج القانوني والدستوري الوحيد والمضمون من تداعيات لا يعلم عواقبها إلا الله، وهكذا نكون حافظنا على دستورية إجراءاتنا وحافظنا على مبدأ الفصل بين السلطات ومنعنا تفرد الحكومة بالتحكم في نتائج الانتخابات المقبلة.
• • •

• حدس والإخوان
يبدو أن البعض لم يعجبه حديثي عندما ذكرت ان حدس تشكلت في 1991 وانهت بذلك الارتباط التنظيمي بحركة الاخوان المسلمين العالمية. بمعنى لم يعد في الكويت تنظيم للاخوان مرتبط بالتنظيم الدولي.
ولأن البعض درج على تسميتنا بالاخوان للتمييز عن غيرنا من الجماعات الإسلامية الاخرى، فإننا لم ننزعج من هذه التسمية، خصوصاً أن مناهجنا مستمرة بالمناهج السابقة نفسها واسلوبنا في الدعوة الدينية لم يتغير.
لذلك عندما اطلق فيصل المسلم علينا الاخوان لم يكن مخطئاً، فهو يقصدنا في تنظيم حركة حدس، وهو اصطلاح تعارف عليه اهل الكويت، حتى اننا أحيانا كثيرة نذكر كلمة اخوان للتعريف عن أنفسنا.
هذه هي الحقيقة.. فمن شاء فليصدق.. ومن شاء فلا.. وليعلم أننا لا ننزعج عندما يطلق علينا «اخوان مسلمين» فالجميع اليوم يتقرب من هذه الجماعة التي بدأت تحكم معظم الدول العربية، والجميع – باستثناء دول الخليج – يتقرب الى هذه الجماعة التي جاء إليها الحكم ساعيا ولم تسع إليه، حيث خرجت كوادرها في تونس ومصر من السجون فإذا بالشعب ينقلهم على أكتافه إلى سدة الحكم «يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء» صدق الله العظيم.

محمد الوشيحي

احرص على الليبل..

وأخيراً، هبطت الطائرة متأخرة عن موعدها نحو ثلاث ساعات.. حول ممر الحقائب تجمهر المسافرون، وبين كل دقيقة وأخرى كان يسرق نظرة إلى ساعة يده، ويعضّ شفته السفلى متبرماً من ضياع كل هذا الوقت.

سحب حقيبته خلفه في اتجاه بوابة الخروج، فلمحَ لوحة معلقة على أحد المكاتب “المفقودات”، فتبسم، وتوقف برهة، مثبتاً عينيه على حروف اللوحة، ومن دون أن يشعر أو يفكر وجد نفسه أمام شباك المكتب، متخطياً فوضى الحقائب الملقاة على الأرض لتؤكد لك أنك في الوطن العربي..

أسند مرفقيه على حافة الشباك، وأراحَ حَنكه على أصابعه المتداخلِ بعضُها في بعض، وانطلق السؤال منه على هيئة زفرة كانت مكبوتة لسنوات: “كيف أجدها؟” فجاءه الرد، من الموظف المنهمك في أوراقه، فاتراً بصيغة سؤال: “كم واحدة؟” فأجاب فوراً وكأنه يقسم، وكأنها تسمعه: “واحدة.. واحدة فقط.. فقط”، فرفع الموظف عينيه مستغرباً طريقة حديث المسافر: “معاك (الليبل) والتذكرة؟”، فهز رأسه دلالة عدم وجود الليبل، فجاءه الرد الحاسم: “لن نتمكن من مساعدتك.. في المرات القادمة احرص على الليبل”، فاستدار المسافر معطياً الموظف ظهره، وهو يبتسم ويغمغم ويتنهد: “شكراً.. شكراً.. سأفعل”.

في الطريق إلى بوابة الخروج راح يسترجع الأحداث كالشريط السينمائي، ويتذكر تفاصيل التفاصيل.. ضحكاتها.. حركات يديها.. خطواتها على رؤوس أصابع قدميها وهي حافية.. طريقتها المميزة في رفع، أو قل دفع خصلات شعرها عن عينيها.. رائحتها.. رائحة قهوتها وطريقة تقديمها لها: “إن كنت سأغار فليس إلا من هذه القهوة.. أغار من عشقك الجنوني لها، وأعشقها لعشقك الجنوني لها”..

يغمض عينيه بابتسامة تستجدي الدموع عسى ألا تفضحه أمام مفتشي الجمارك والمسافرين ومستقبليهم.. ويواصل التذكر.. كتابه الذي كان بين يديه، وكيف استطاعت، هي، برشاقة وأنوثة الدخول بين يديه وكتابه!.. طريقتها في التعامل مع انفعالاته ولحظات غضبه وهو يتحدث في الهاتف مع أحدهم.. كانت تنسحب بهدوء، وتدير آلة التسجيل على إحدى أغنياته المفضلة، وتلوذ بالمطبخ.. تعبث بأي شيء حتى تتأكد من ابتعاد غيمة الغضب عنه، فتعود.

كان كل ما فيها ومنها مميزاً، يشهد الله.. صبية لا تُنسى.. ثقتها بنفسها جنونية.. كانت تعلم عن “عينه الزايغة” فأطلقت عليه لقب “مستر هارون”، نسبة إلى أسطورة “هارون الرشيد وجواريه”.. وتمعن في الغنج، وهي تضع قبضة يدها على باطن اليد الأخرى لإغاظته، بطريقة طفولية تصيبه في مقتل: “ستموت قبل أن أقول لك أمرك يا مولاي”.

أمام بوابة الخروج من المطار، كان يبتسم تطبيقاً لمبدأ “الهجوم خير وسيلة للدفاع”، خشية انهمار دموعه، ليقينه أنها إذا ما انهمرت فلن يوقفها شيء.. وكلما ازداد ألماً وأوشكت دموعه أن تتمرد اتسعت مساحة ابتسامته المخنوقة وابتلع ريقه..

رمى نفسه على الكرسي إلى جانب السائق، مكتفياً بهز رأسه رداً على عبارات الترحيب التي بالغ الأخير بنثرها على مسامعه.. وراح يتذكر محادثته مع موظف “المفقودات”، فقهقه بصوت مسموع هذه المرة وهو يردد جملة الموظف الأخيرة بعد أن غادره “احرص على الليبل”.. ويخاطب نفسه، وهو يكشف جيوب بنطلونه من الداخل، ومحفظة نقوده، مشركاً السائق المرتبك في الحديث: “ضاع الليبل.. و.. ضاعت”.

حسن العيسى

لم يغسل مرسي يده سبع مرات

سلم مرسي على الرئيس الإيراني أحمدي نجاد بحرارة، وألقى كلمة متزنة في مؤتمر قمة عدم الانحياز بطهران، منتقداً ممارسات النظام السوري نحو شعبه، ووصفه بالنظام الظالم، ولم يكترث الرئيس المصري، عضو حركة الإخوان المسلمين، بمواقف الجمهورية الإيرانية الداعمة للنظام السوري، وعبر مرسي بكلماته القوية عن مأساة الشعب السوري مع نظامه المتسلط، وانتصر مرسي لقضية الحرية والديمقراطية، وملك عقول وقلوب الكثيرين، إخواناً كانوا أم غيرهم، من المؤمنين بحريات الشعوب.

لم يقل الرئيس المصري القيادي بحركة الإخوان بعد مصافحته للرئيس الإيراني إنه نادم على السلام، وإنه غسل يده سبع مرات إحداهن بالتراب وكأن نجاسة ما أصابته. كان مرسي جريئاً شجاعاً قوياً واثقاً من نفسه، مستنداً بذلك إلى إرادة الشعب المصري التي أوصلته إلى الرئاسة، ولم يكن بحاجة إلى المزايدات العنترية.

لماذا لا يتعلم كثير من القياديين الإسلاميين في الكويت من إخوانهم المصريين الذين دفعوا أثمانا غالية من حرياتهم عبر تاريخ طويل من القمع والاضطهاد لحركتهم، قبل ثورة يوليو وبعدها، لماذا “ثقافتهم” هناك -في مصر- منفتحة “نسبياً”، إذا قارناها مع ثقافة الانغلاق والتعصب الطائفيين وكره الآخرين عند عدد من الإخوان بالكويت، ولا أشملهم كلهم. ليس مرسي “ستيوارت مل” فيلسوف الليبرالية الإنكليزي، وليس هو فولتير الذي يختلف معك لكنه سيدافع بحياته من أجل أن تقول كلمتك، ليس مرسي ولا راشد الغنوشي في تونس هذا أو ذاك، لكن إن وضعنا أياً منهما على مسطرة النائب الحربش أو الوعلان فسيكون مرسي “غاندي” مصر، وسيكون الغنوشي الذي رفض تعديل الدستور التونسي لتكون الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع توماس جيفرسون.

هموم هؤلاء القادة الإسلاميين الجدد في مصر وتونس تبدو حتى الآن هي إزاحة ركام عميق من تاريخ الاستبداد في دولتيهما، همهما الوضع الاقتصادي البائس بعد عقود من النهب المبرمج من الأنظمة الحاكمة السابقة. الجوع والفقر والطغيان والفساد هي قضاياهما الكبيرة. ماذا يدور في رؤوس مشايخ الحركة الدينية في الكويت، غير تصفية الآخرين! كل شيعة الكويت هم طابور خامس، وهم مدانون حتى تثبت براءتهم، كل الليبراليين (أكرر ليس كل ممثلي الحركة الدينية) عندهم فاسدون، ملحدون، دعاة رقص وطرب ومجون. طبعاً بين ثنايا الخطاب الإسلامي لا بد أن يضع هؤلاء القادة المتعصبون “شوية بهارات” في قدورهم وطبخهم، فالمال العام والمفسدون والدستور والعادات والتقاليد الحميدة هي الكركم والهيل والفلفل والزعفران حتى يهضم الناس طبخهم “البايت”، وبفضل تدني الوعي السياسي والثقافة التي أضحت سخافة ببركة هيمنتهم الممتدة على الحياة الثقافية والاجتماعية بلع و”زلط ” الناس أكلهم. وانتهينا إلى هذه الحال المخيفة المتمثلة في مجتمع صغير غابت عنه روح التآلف والوحدة الوطنية لتحل محلها النزعات الطائفية والعرقية.

كلمة أخيرة، نقولها لهؤلاء “الملاقيف”، إن الإنسان الكويتي الحر الواعي لابد أن يتعاطف ويساند الشعب السوري في نضاله، ويحلم بشعلة الحرية تتوهج في الأوطان العربية، لكنه لا يقبل أن تحملوا أصابع الديناميت الطائفي لتفجروها في وطننا الصغير. انتبهوا…

احمد الصراف

اليابان.. إيجاباً وسلباً (3 – 3)

نعود لموضوع الأمس، ونقول إن شهر رمضان الماضي كان بالفعل شهر العبادة، فلم تعرف الكويت في تاريخها الحديث هذا العدد الكبير من المتعبدين والمتهجدين والمصلين، وخاصة في العشر الأواخر من الشهر. وكان لافتا للنظر ملاحظة خلو الشوارع قبل صلوات محددة وعودة الازدحام لها بعد تلك الصلوات. كما كان لافتا للنظر العدد الكبير للخيم التي ألحقت بالمساجد لكي تستوعب الزيادة غير المتوقعة في أعداد المصلين! ولكننا رأينا في الجانب الآخر وفي الوقت نفسه، زيادة هائلة في قلة الخلق وانعدام النظام والاستهانة المطلقة بمصالح الآخرين واحتياجاتهم، وبلغت أعداد المتمارضين من موظفي الدولة بالذات الذين تغيبوا عن أعمالهم من دون عذر ارقاما فلكية ساهمت في ضياع ملايين ساعات العمل في الشهر الفضيل، كما تعطلت مصالح كثيرة بحجة الصيام أو الارهاق، او عدم الرغبة في العمل أصلا! وأخبرني صاحب مستشفى خاص أنه لاحظ زيادة غير مسبوقة في أعداد المراجعين بأمراض تتعلق بالتخمة وزيادة معدلات السكر وأعراضه الجانبية. كما أعلنت أكثر من جهة عن زيادات خيالية في استهلاك المواد الغذائية، ومن واقع أرقام لبعض أنشطتي التجارية وجدت زيادة هائلة جدا في كميات المواد التي تستخدم في خدمة بيع وتقديم الحلويات فاقت اي سنة أخرى، وهذه الحلويات لم تذهب حتما لفقراء بورما ومسلمي البوسنة! وبالتالي كيف يمكن قبول تزايد معدلات التدين لدينا بكل هذه النسب الكبيرة جدا ولا تقابلها أي زيادة في حسن التصرف والخلق الجيد والاستقامة والأمانة في أداء الواجب وعدم أكل المال الحرام من خلال قبض راتب من دون مقابل، وهذا يشمل حتى الذين وضعت الأمة ثقتها بهم كمشرعين؟! والجواب هو انعدام التربية الأخلاقية في مدارسنا، فقد تمت برمجتنا أو تدريبنا على أن واجب الإنسان هو القيام بما هو مطلوب منه دينيا، من دون الالتفات للأمور الأخرى التي لا تقل عنها أهمية! كما تبين بوضوح أن الجرعة الدينية الزائدة لا تعني بالضرورة ان كل من يؤدي العبادات هو أكثر صلاحا من غيره، فنحن جميعا بحاجة لأن نصح اخلاقيا لنكون مواطنين صالحين، وهنا على الحكومة (لا أدري إن كنت جادا هنا في طلبي) التفكير في زيادة جرعة الدروس الأخلاقية، وجعلها من المواد الأساسية، ولنا في اليابان وعجائب شعبها اسوة حسنة!
نعود للشعب الياباني ونقول إنه بالرغم من تقدمه التقني والحضاري وأدبه الجم إلا أنه لم يشتهر طوال تاريخه بأي نشاط إنساني بارز، حتى ما حققه أخيراً من إنجاز في عالم الرياضة إلا أنه لا يقارن بحجم اليابان وتاريخها وقوتها المالية والاقتصادية والتقنية! فاليابان لم تعط البشرية لوحة ولا شاعرا ولا أديبا ولا اي نوع من النشاط الفني الغنائي أو السينمائي، أو في التلفزيون والقصة القصيرة أو الرواية ولا حتى تماثيل شهيرة أو رسوماً، ولا شيء تقريبا في هذا المجال! ونتكلم هنا بشكل مطلق، فهناك بعض الابداعات ولكنها حتما ليست بالكثيرة ابدا، وهذا يسري بطبيعة الحال على دول اخرى كالصين مثلا، ولكن ليس بكل تلك الحدة، علما بان الصين كانت تتبع النظام الشيوعي الصارم والقاتل للإبداع حتى وقت قريب، بعكس اليابان الديموقراطية. وسبب فقر اليابان في ميدان الإبداع الإنساني موضوع شيق قد نعود له في مقال آخر!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

علي محمود خاجه

وين الـ200 ألف يا جمعان

“إن تم حل مجلس الأمة فسنحشد 200 ألف مواطن في ساحة الإرادة”. جمعان الحربش في مايو 2012.
يتناسى البعض هذا التصريح وبعضٌ آخر يمنّي النفس بألا يتذكر أحد هذا الكلام، وأنا لا أكرره اليوم شامتاً بخصوم سياسيين بل بغية كشف حقيقة يتعمدون طيها بمختلف السبل.
فمجلس 2012 كان أفضل من ألف مقال ورسالة ولقاء لكشف أغلبية نيابية جارت واستبدت وأقصت ومارست مختلف أنواع انتهاك الدستور بكافة السبل.
فكانت رسائلهم قبل فبراير 2012 تتحدث عن إصلاح سياسي وتفعيل للديمقراطية ومحاربة فساد ونهج الحكومات المتعاقبة، وإذا بهم يبدؤون مسيرتهم بنفس ما ادعوا محاربتهم فيعينون الأقرباء في مختلف المناصب ومختلف القطاعات بالدولة مع خضوع الحكومة بالطبع، ويتعاملون بازدواجية في القضايا فيرفعون الحصانة عن خصومهم، ويحمون أنفسهم بها رغم تشابه القضايا، ويتدخلون بحريات الناس ويتحكمون بها، وهم من استجوبوا رئيس الوزراء السابق لأنه منعهم التعبير عن آرائهم بحرية، ويضحون بمنصب دولي للكويت في البرلمان الدولي كان يحتله نائب ليس منهم ليصوتوا لنائب لم يقض شهرا في المجلس بالشعبة البرلمانية، ويعطلوا الجلسات بسبب عدم اكتمال النصاب.
ويتأخرون في إقرار كل ما وعدوا به الشباب في حراكهم رغم امتلاكهم أغلبية لا تحتاج إلى أي صوت إضافي لتمرير ما يشاؤون، ويقفون مع الإضرابات الكلية بالجمارك مطالبين بأموال إضافية لهم، ويستجوبون وزيرا لسوء أداء الجمارك، ويصمتون صمتا مطبقا على خسارة الكويت لـ600 مليون دينار بقضية “الكي-داو”، ويطلبون تقليص مصادر التشريع بالدستور رغم صراحة الدستور بعدم جواز تقليص حرياته.
هذا ما قدموه في أربعة أشهر واليوم يقولون الفرصة لم تكن كافية، بل كانت كافية جدا لرؤية كل هذا الظلام منكم، فانفض الناس من حولكم، ولم يتجاوز حضور اعتصامكم عُشر ما حصدتموه من أصوات رغم سعيكم الحثيث إلى حشد الناس.
اليوم هم يبحثون عن قضايا تكسبهم الجمهور مجددا، وقد يحدث ذلك من تصرف حكومي طائش كما هي تصرفاتها المعتادة، ولكن لا خير في الناس أن تمكن هؤلاء الذين مارسوا نهج الحكومات المتعاقبة نفسه في تحقيق نصر آخر على حساب دستورنا ومستقبلنا وحرياتنا.
وهنا أقول للبعض الذي أخذته العزة بالإثم وبات يكابر ويستمر في دعمهم رغم علمه بأخطائهم، لا تكرروا تجربة مريرة أعادت لنا نهج السلطة التنفيذية، ولكن باسم إرادة الأمة، وليكن خيارنا في المرة المقبلة مع من يؤمن بالدستور كاملا دون إقصاء أو تعدّ على حرياتنا، ولتستوعب الأغلبية المبطلة شكل الكويت التي نريد ولن يحققوها.
ضمن نطاق التغطية (1):
رددوا بأنهم سيقاطعون الانتخابات إن صدر مرسوم ضرورة بتعديل الدوائر، وأنا أعلنها من هنا وستثبت الأيام ما أقول لن يقاطعوا الانتخابات مهما حدث بل سيشاركوا فيها وبشكل مكثف.
ضمن نطاق التغطية (2):
أرجو من الشباب المبادرة بحصر الطاقة الاستيعابية القصوى لساحة الإرادة، لأنه ليس من المعقول أبدا أن تتسع ساحة الإرادة لأعداد تفوق الملعب الأولمبي في لندن.

سامي النصف

من المسؤول عن العبث بالدستور؟!

الدستور ليس نصوصا جامدة بل «أعراف» و«ممارسات» إن صلحت صلحت العملية السياسية اليوم و«دوم»، وإن فسدت وتمت ممارستها بشكل خاطئ أصبحت تلك الممارسات والبدع قابلة للتكرار مستقبلا طبقا لمبدأ «السابقة» المعتمد في «جميع» الديموقراطيات الأخرى حتى ان الديموقراطية البريطانية، وهي الأعرق في العالم، تقوم بأكملها على الأعراف والسوابق لا على النصوص الدستورية المكتوبة.

***

والديموقراطية هي مباراة دائمة بين فريقين، أغلبية وأقلية، على ملعب البرلمان لا «خارجه»، ومن أهم قواعد تلك اللعبة الامتثال لنتائج الاقتراع وحكم الأغلبية، إلا ان كهنة الديموقراطية الكويتية قاموا بسن أعراف مدمرة لا مثيل لها في تاريخ الديموقراطيات الأخرى، ومضمونها: ان فزنا بالاقتراع كان بها وإن خسرنا قلبنا الطاولة وخرجنا للشوارع وعمدنا لتحريض وتأجيج الجمهور على الفريق الآخر.

***

والديموقراطية هي الإيمان بدولة القانون وإصدار الأحكام «بعد» المداولة لا قبلها، ورغم تلك الأمور البديهية شهدنا «بدعة» إطلاق الاتهامات للخصوم بالجملة دون انتظار صدور الأحكام القضائية، يعني ان يسمح مستقبلا لمن يريد ان يتهم خصومه بما يشاء و..«خوش أعراف ديموقراطية»!

ووجود فاسدين في البرلمان الكويتي او الفرنسي او الأميركي..إلخ، يعني ان تحاسبهم لجان القيم البرلمانية (التي يحاربها بشدة الحبر الأعظم والكهنة) وأن تسقط عضويتهم ويحالوا للمحاكم للمحاسبة، ولا يعني ذلك إطلاقا حل المجالس المعنية بحجة فساد بعض الأعضاء لما في ذلك من عقاب للشرفاء منهم دون ذنب، ويزيد الطين بلة اذا ما كانت تلك الدعاوى بالفساد قد تمت دون أحكام قضائية او لجان تحقيق برلمانية تثبت التهم، ومن يقول ان ذلك الأمر، اي توزيع التهم جزافا، لن يتكرر مستقبلا.. بحق أو بباطل؟!

***

وما وضعت المحاكم العادية والدستورية إلا لحسم الخلافات بين الغرماء قبل ان تستفحل، وواضح وضوح الشمس ان الأحكام وحتى التفسيرات يجب ان تكون لها صفة الإلزام وإلا فما فائدة أحكام تصدر وللفرقاء ان يقبلوها او يرفضوها بحجة انها أحكام سياسية؟! ومن يرفض هو بالطبع من يقرر ان هذا الحكم او ذاك هو حكم سياسي او قانوني.. هزلت!

***

ونص الدستور الكويتي على ان الخلاف بين الحكومة والمجلس إذا ما استفحل رفع الأمر لصاحب السمو الأمير ليقيل الحكومة «أو» يحل المجلس، وقد استقالت حكومة الشيخ ناصر المحمد وكلف الشيخ جابر المبارك بتشكيل الحكومة، فأصر البعض على حل المجلس أيضا بمخالفة لنصوص الدستور، مما أدى للإشكال الحالي الذي يشتكي منه ويحرض للخروج للشوارع من تسبب فيه، متناسين انه خلق «بدعة» وعرفا دستوريا مدمرا وهو انه من حق اي رئيس وزراء جديد مستقبلا ان يرفع منذ الدقيقة الأولى كتاب «عدم تعاون» مع مجلس منتخب لم يجرب التعامل معه حتى لساعة او ليوم ثم يتم حل المجلس المنتخب بناء على ذلك الطلب.

***

آخر محطة: من عجائب وغرائب وبدع كهنة اللعبة السياسية الكويتية هذه الأيام:

1 ـ السماح لغير الكويتيين ممن يمثلون ثلاثة أرباع السكان بتزييف إرادة الشعب الكويتي عبر رفض الكهنة ان يتم التحقق من البطاقات الشخصية للمتظاهرين والمتجمهرين، وهو بذاته.. دليل إدانة!

2 ـ الادعاء بأن الأمة عبر تلك التجمهرات التي لا يعرف احد أعدادها الكلية او عدد الكويتيين فيها قد أسقطت هذا المجلس او ذاك ودون بينة او قرينة تثبت ذلك الادعاء، وهو أمر خطير قابل للتكرار مستقبلا، فمن لا يعجبه هذا المجلس أو ذاك ينزل للشوارع بضعة آلاف ثم يدعي ان الأمة ترفض المجلس!

3 ـ جعل الشارع والساحات، لا قبة البرلمان، المكان الذي تناقش وتقرر وتغير فيه بنود الدساتير، ولا حول ولا قوة إلا بالله!

 

محمد الوشيحي

الأطمسان… الجعفري والقرني

الله يرحم حامد الأطمس، الشاعر المصري المبدع البائس التعس، الذي غاص حظه في وحل التعاسة حتى جاءت وفاته، وهو في الأربعين من عمره، في يوم وفاة أم كلثوم، فصار نسياً منسياً، ولم يسمع نحيب أهله وصحبه عليه أحد.
الله يرحمك يا الأطمس، يا من طمس سوء الحظ ذكره، في حياته ومماته، ولولا بعض الكتابات المتفرقة الخجولة عنك ما كنا قرأنا أزجالك ولا شعرك الباكي.
صاغ أجمل أزجاله وهو في منجرته في دمنهور، فكتب عنه رجاء النقاش وفتحي سعيد وغيرهما، وأثنى عباس العقاد على “الواد النجار بتاع دمنهور”، ومنحته لجنة الشعر الميدالية الذهبية، فجلبها في السوق ليشتري بثمنها تذكرة تعيده إلى بيته ومنجرته في دمنهور!
يصف الأطمس حظه زجلاً:
“أنا لو شكيت اللي مابي للحديد ليدوب
ولو حكيت للحجر حاتتخلق له قلوب
اللي أسيته وشفته يا عزيز عيني
لو شافه أيوب.. وديني ما صبر أيوب”
وكم من أطمس في أيامنا هذه، يملك من الأدب والإبداع ما يبهر ويسحر، إلا أن نصيبه من الشهرة كنصيب الأطمس… على رأس قافلة الأطامسة شاب كويتي عبقري ثائر اسمه خالد الجعفري، لولا ظهوره في زمن الصخب الإعلامي لتزاحمت على بابه الصحف والمجلات. ومن السعودية يظهر لنا أطمسي ساحر اسمه عبد الله القرني، يسميه مريدوه “سهيل اليماني”، لا أدري ما نصيبه من الشهرة في السعودية، إلا أنه في الكويت كالأطمس في مصر، لا حظ له.
على أن الفوارق بين الأطمسين، الجعفري والقرني، من جهة، والأطمس الأب من الجهة الأخرى، أكثر من أن تحصى، أدناها بحث حامد عن الشهرة، وزهد الاثنين بها، وأعلاها وأسماها (أعلى الفوارق وأسماها) شموخ الجعفري والقرني وتمردهما في مقابل خنوع الأطمس وتودده لذوي الجاه والمال.
وسحقاً للصحف التي تحولت إلى “معاريض” تستجدي المال، عبر تسليط الضوء على “إبداعات” أبناء الأمراء والشيوخ والتجار، وأهملت أمثال هذين الرائعين.
وكما يتحمل الأطمس وحده المسؤولية في اندثار يوم وفاته، يتحمل هذان العبقريان وحدهما المسؤولية في ولادتهما في زمن “الشيوخ المبدعين” وازدحام الفضاء بوسائل الإعلام.

سامي النصف

خوارج الدين وخوارج السياسة

يروي التاريخ ان اكبر الاضرار التي اصابت الاسلام في ايامه الأولى اتت من الخوارج ممن رفعوا شعارا جميلا خدعوا به المؤمنين والشباب الغر الميامين وسفكوا به دماء المسلمين هو (ان الحكم إلا لله) وقد اجابهم الإمام النقي التقي علي بن ابي طالب كرم الله وجهه بمقولة صالحة لكل زمان ومكان هي «ان تلك كلمة حق يراد بها باطل»، موضحا ان القرآن كلام مسطور بين دفتي المصاحف لا ينطق بذاته بل ينطق به الرجال ممن تختلف اهدافهم وأهواؤهم ومشاربهم.

***

ومن خوارج الدين الى خوارج السياسة ممن رفعوا هذه الأيام شعار «الشعب مصدر السلطات» ليخدعوا به المؤمنين والشباب الغر الميامين ويسفكوا من خلال فتنتهم الكبرى الجديدة دماء المسلمين الكويتيين، ومرة اخرى نرقب كلمات حق اريد بها باطل فالدستور لا ينطق بذاته بل ينطق به رجال تختلف أهدافهم وأهواؤهم ومشاربهم والأمة مصدر السلطات لا تحكم بذاتها فتجتمع الملايين في الميادين ليقرروا بهذا الأمر أو ذاك بل يمثل الأمة رجال ارتضيناهم منذ قرون ولن نبدلهم بالطامعين والمخادعين.

***

و«الشعب مصدر السلطات» نص موجود في كل دساتير العالم ولا يعني شيئا بذاته او نمطا معينا للحكم حيث ان لكل دولة نظاما خاصا بها، وما هو موجود في الكويت ضمن نظامنا السياسي الحالي يعكس تماما تلك المقولة الخالدة ولا نحتاج الى قميص عثمان جديد يرفعه اصحاب الاجندات الخارجية والمطامع الشخصية ليسفكوا الدم الحرام تحت راياته الكاذبة.. وفتنة كبرى واحدة تكفي.

***

آخر محطة: تعميما للفائدة نقتبس بتصرف من جريدة «القبس» مقاطع من مقال الطيار جاسم فيصل القصبي نشر يوم الجمعة الماضي أتت ضمنه تساؤلات لجماعة نهج منها: هل من حماية الدستور وصيانته ان نسعى الى تغييره خارج قاعة عبدالله السالم عبر تحريك الشارع؟! ذكرتم ان تعديل الدوائر خارج المجلس يعد انقلابا على الدستور ولكنكم في الوقت ذاته تدعون لتغيير طريقة الحكم عن طريق الشارع وخارج المجلس ألا يعد ذلك انقلابا حقيقيا على الدستور؟! وأيهم اشد اثرا وخطرا على البلاد تغيير الدوائر ام تغيير طريقة الحكم؟ ما دليلكم على ان اغلبية الشعب الكويتي تريد تغيير طريقة الحكم؟ ولماذا تحاولون ان تفرضوا نهجكم فرضا (الفرض يعني الديكتاتورية)؟ اين دليلكم على ان شبابكم يمثلون «كل او أغلبية» شباب الكويت؟ ولماذا لا يفسح للشباب فرصة دخول المجلس وفيكم من كان في المجلس قبل ان يولد هؤلاء الشباب؟! وختم الكابتن مقاله القيم بسؤال مهم هو هل سأجد منكم إجابة شافية؟ أعتقد أن الإجابة الوحيدة التي اعتدناها من الحبر الأعظم وكهنة المعبد هي الشتم والتخوين وتلك قمة الديموقراطية وحرية الرأي بنظرهم.