نحتفظ بصداقات وعلاقات مع البعض ليس بدافع المحبة دائما، بل لوجود حاجة مادية أو نفسية لاستمرار تلك العلاقة! وبالتالي من الغباء التفريط بها من دون إيجاد بديل عنها. فنحن نساير ونجامل رؤساءنا مثلا، ومن الخطأ أن ننفعل ونستقيل من عملنا بمجرد توجيههم كلاما نعتقد أنه يمس «كرامتنا»، إن لم نكن على ثقة بأن بإمكاننا الحصول على عمل آخر! فقد يدفعنا سعينا لإيجاد عمل بديل، مع بدء قرصات الجوع وإلحاح الأقساط وبكاء الأطفال، لأن نجامل من لا نحترم ونسكت عن الإهانة ونلجأ لذل السؤال، وبالتالي نكون قد فقدنا مصدر رزقنا أولا وكرامتنا لاحقا، فالكرامة لا تكتسب بقوة ردة الفعل على إهانة ما، بل بطريقة الرد وأسلوب الحياة!
نكتب هذه المقدمة تعليقا على ردود الفعل الهستيرية، وغير المتعقلة ولا المبررة، على الفيلم السينمائي الرخيص والتافه الذي انتج في أميركا، والذي تعلق ببعض جوانب من حياة رسول الإسلام. وقد مررنا بتجارب مماثلة من قبل كثورة الرسوم الدانمركية، والتي لم يتمخض عنها شيء، حيث عدنا جميعا للتعامل مع كل حكومات ومنتجات الدول التي نشرت صحفها تلك الرسوم، وكأن شيئا لم يكن، وسبب ذلك لا يعود لـ«قصر موجات ذاكراتنا»، بل لعجزنا البائس عن فعل شيء آخر، فلا حول ولا قوة لنا في ظل عجز صناعي ونقص مياه وتلوث بيئي وتردٍ صحي مخيف، بل خواء وفراغ تام وشامل، وحتى المطالبين باستخدام سلاح النفط، وهو القوة الوحيدة التي يمتلكها بعض المسلمين، ليسوا إلا مجموعة من السذج.
إن المشكلة ليست في مدى ما تتمتع به وسائل الإعلام في الغرب من هامش حرية كبير، وهي الحرية التي تضمنتها دساتير شديدة الثبات، والتي يمكن أن تستغل من اية جهة في اية لحظة، ولا ضمان بالتالي من أن الغرب سيتوقف يوما عن الإساءة لمقدسات الإسلام والمسلمين، أو التعريض بمعتقداتهم، مهما حرقنا وكسرنا من ممتلكاتهم، بل المشكلة في ضعفنا الصحي والنفسي والمادي والعسكري والتقني، وبالتالي من الغباء المفرط التفريط في علاقاتنا بكل من يسيء لنا بهمسة أو لمسة أو كلمة أو رسم أو فيلم تافه، بحجة الدفاع عن كرامتنا ومقدساتنا، فهذه المقدسات لا يتم الدفاع عنها بحرق عشرات السفارات، ولا بقتل مائة سفير وبتر أعضاء ألف دبلوماسي غربي، بل بالسعي الجاد للقضاء على الأمية في دولنا، والتخفيف من وطأة الفقر على مليار مسلم، ودعم اقتصادات العشرات من دولنا، وسد جوع مئات الملايين من شعوبنا، وغير ذلك الكثير. ومؤلم أن تكون الملايين على «أهبة» الاستعداد للتظاهر وحرق وكسر ممتلكات كل من يسيء لمقدساتنا، ولا نتظاهر ولا نأسف ولا نحزن للحالة البائسة التي يعيشها المسلمون.
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com
الجاهلية الثالثة…
تَغيّر اتجاه الكاميرا، من متابعة أحداث سورية إلى متابعة أحداث الفيلم القميء عن رسولنا الكريم (لم أقل المسيء إلى رسولنا الكريم، لأنه أقل من أن يصل إلى هذه المكانة من الأهمية).
أقول تغير اتجاه الكاميرا وابتعدت أحداث سورية عن الشاشة، ولن أستبعد أن تفكر عصابة السفاح بشار في إنتاج فيلم آخر أكثر وقاحة وسفالة، لإشغال الناس عن جرائمهم أطول فترة ممكنة، بعدما شاهدوا تأثير هذا الفيلم المسخ.
ولا أدري متى نهتم بسلاح الإعلام وندرك قوته، خصوصاً المرئي منه، كالسينما والتلفزيون والمسرح، أقول ذلك بعد أن ارتفع ضجيجنا احتجاجاً على مسلسل الفاروق عمر، رغم أنه من “إنتاجنا” ويمدح ولا يقدح!
هذه طبيعتنا كعربان. نثرثر في كل شيء ولا نفعل أي شيء. تنقصنا حاسة مهمة جداً، أزعم أنها الأهم من بين الحواس، حاسة “تقدير الأشياء”، فالتلفزيون، كما أفتى بعض رجال الدين في السابق، لا يجتمع مع الملائكة في بيت واحد، والدش (الستلايت) يُسقط الغيرة من صدور الرجال، ويجلب “الدياثة”! ووو… والنتيجة هي حالنا اليوم. وكأننا مانزال في عصر عمر الخيام، الذي قضى حياته هارباً بسبب ولعه بعلوم الكيمياء، فوصموه بالزندقة، ومازلت أتذكر أيام الدراسة في كلية الهندسة عندما تحدث إلينا الدكتور المحاضر ساخراً: “يا أيها الزنادقة” فلم نفقه مقصده إلى أن بيّن لنا: “بعد انحسار العصر الإسلامي التنويري، جاء عصر اعتبر الناس فيه الكيمياء والمنطق من علوم الزندقة”، فعلق أحدنا: “إذاً سنتخرج من هنا نصف زنادقة، باعتبارنا تعلمنا الكيمياء فقط”! ومازلت إلى الآن أجيب من يسألني عن تخصصي: “بكالوريوس زندقة”.
خلاصة الثرثرة، ما لم نزرع في عقولنا “تقدير الأشياء” فنعرف قوتها ومدى تأثيرها وطريقة استخدامها والتعامل معها ووو، لن نخرج من عصرنا الجاهلي الثالث. وأزعم أن الإعلام المرئي، في وقت الحرب، أشرس من سلاح الطيران والمدفعية والدروع مجتمعة.
العدالة هي تكافؤ فرص الوصول!
البلد يحبس انفاسه في انتظار حكم المحكمة الدستورية الكويتية في 25/9 والذي بناء عليه سترسم خارطة الدوائر الانتخابية الجديدة التي سينتج عن نتائج انتخاباتها مسار البلد القادم ومستقبله بعد ان توسع دور السلطة التشريعية في الكويت بشكل لا مثيل له في الديموقراطيات الاخرى في العالم، فإما عودة لمسار التأزيم السابق او انطلاقة جديدة للبلد.
***
إحدى أهم القضايا المطروحة على المحكمة هي العدالة في توزيع الدوائر التي يراها البعض انها تتمثل في «التوازن العددي» بينما لا ترى اغلب الديموقراطيات الاخرى صحة ذلك المبدأ حيث تخلق الدوائر الانتخابية في تلك الدول بشكل يمكّن كل شرائح المجتمع من الوصول لقبة البرلمان «قبائل كبيرة، قبائل صغيرة، حضر، شيعة، سلف، اخوان، ليبراليون، نساء، رجال اعمال، مثقفون ..الخ» حتى لو تباينت اعداد الناخبين بين دائرة واخرى في سبيل ذلك الهدف الوطني السامي.
***
ففروقات الاعداد موجودة في جميع الديموقراطيات الغربية والعربية وقد سبق ان اعطيت في مقالات سابقة امثلة حية وقائمة عنها ولا اود العودة لها منعا للاطالة، فالفكرة كما نصت عليها كل النظريات السياسية الحديثة هي ان العدالة تتحقق عبر دوائر انتخابية ينتج عنها «تكافؤ في فرص الوصول للمجالس النيابية من قبل الجميع» بل ان بعض النظريات تعدت حتى فكرة تكافؤ الفرص الى التعيين المباشر للشرائح المقموعة عبر نظام الكوتا او اغلاق دوائر انتخابية على النساء والاقليات، اضافة الى خلق البعض نظام المجلسين حيث يعين في احدهما الشرائح التي لا تنجح في انتخابات الآخر وجميعها للعلم تجارب ديموقراطية قائمة في العالم أجمع.
***
في الكويت نجد ان بعض الدوائر التي تتهم بأنها «غير عادلة» لقلة أعداد ناخبيها هي التي تعكس «العدالة» والفهم الصحيح للمبادئ الديموقراطية عبر تكافؤ الفرص بين مرشحيها وما ينتج عنه في كل انتخابات من فوز جميع ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والديني في الكويت، حيث ينجح فيها عادة السنة والشيعة، الرجال والنساء، القبائل والحضر، السلف والليبراليون، الاخوان والوطنيون بينما تظهر الدوائر «المظلومة عدديا» عدم عدالتها في الاغلب وانعدام تكافؤ الفرص بين ابنائها حيث لا تفوز إلا احدى الشرائح الاجتماعية بسبب التشدد وغياب التسامح لدى بعض الناخبين، لذا فالإشكال الحقيقي هو كيفية العمل على ان تظهر تلك الدوائر تسامحها واظهارها كحال الدوائر الاخرى لجميع ألوان الطيف السياسي والاجتماعي كي يمكن بعد ذلك الحديث عن دوائر متساوية الاعداد، مع علمنا أنه وضع فريد في العالم مع غياب البدائل التي ذكرناها وتفشي رفض القبول بالرأي الآخر السائد في المجتمع واستجوابات «الهوية» لا القضية الشهيرة.
***
آخر محطة: 1 – التقيت في عزاء آل الخميس الكرام صباح امس المستشار الفاضل ناصر الروضان وسألته عما طرحه في ساحة الارادة من ان الحكومة طلبت منه تفصيل نظام انتخابي لمنع وصول نواب المعارضة ووجدت من تفاصيل ما ذكره أنه لا صحة اطلاقا لتلك المقولة!
2 – الديموقراطيات الاخرى التي تقبل بتباينات الاعداد كوسيلة لتشجيع وجود الكافة تحت قبة البرلمان هي نفس الديموقراطيات التي تسعى لنفس الهدف عبر قاعدة التصويت One Man One Vote اي صوت لكل ناخب.
هل سيندم الأميركان؟
هل ستعض إدارة أوباما إصبعها ندماً وتوسوس نفسها وتتحسر على وقوفها مع حركة الربيع العربي في تونس ومصر بالبداية، بعد أن أعطت الضوء الأخضر لعسكر مصر بأن يرفعوا الحماية عن حسني مبارك ويتركوا الشعب المصري يختار مصيره؟!
هل ستندم أميركا على مساندتها – المعنوية على أضعف الإيمان- لحركات الشعوب في المنطقة بعد أن شاهدت سفيرها المسكين في ليبيا يموت مختنقاً بسبب هجوم عصابات “القاعدة” أو “فلول” القذافي على القنصلية الأميركية في بنغازي؟ وكأنه هو وأوباما أنتجا الفيلم الساقط، ورأت تلك الإدارة مشهد الجماهير التي تحتشد من أقصى الجنوب الإسلامي حتى أبعد نقطة في شماله، ومن شرقه إلى غربه، ضد “شريط “يوتويب حقير يحط من قدر الرسول، يبدو أن أنذالاً متعصبين من اليمين الأميركي نشروه، وتلقفه برحابة صدر متعصبون سلفيون في الأمة العربية، ووجدوا فيه فرصة لإحراج حكومة الرئيس مرسي، ولتمسح، بالتالي، كلمتي “إسلامي معتدل” من قاموس الحكام الجدد القادمين إلى المنطقة! هل ستتذكر الإدارة الأميركية اليوم عبارة “برنارد لويس، وجورج دبليو بوش” بعد 11 سبتمبر “لماذا يكرهوننا؟”، وتعيد بمرارة مثل هذا السؤال بعد أن قدمت إدارة أوباما “هدايا” صواريخ “توم هوك” القيمة التي دمرت قواعد القذافي. مثلما قدمت سابقاً صواريخ ستنغر للمجاهدين الأفغان، والآن تسلمت جزاء سنمار؟
هو قصر نظر لمن يتصور أن إدارة أوباما أخطأت في مساندتها لبعض دول الربيع دون البعض الآخر، وصاحب وعي غائب ومسطول من يتصور أن الحال العربي السابق (أيام الدول التسلطية) كان أفضل من حالنا اليوم، وبالتالي سيقول للغرب ولأميركا “زرع زرعتيه يا الرفله اكليه”.
فتلك الدول تعلم أن الإرهاب والتطرف الديني بداية لم ينزلا من السماء، وإنما هما حركة تاريخ مستمرة وأمراض معدية كامنة في الجسد العربي المتخلف، وأن الأنظمة التسلطية في دول العرب مع أميركا ساندت وقوّت شوكة التطرف واستغلته في ثمانينيات القرن الماضي لتصفية حسابها مع الإمبراطورية السوفياتية… والأنظمة العربية وجدت، مرة، في جماعات الإرهاب وسيلة لتبرر استمرارها كحليف للغرب حين تضرب تلك الحركات، ومرات أخرى زايدت مع القوى الدينية المتزمتة لتسند بها شرعيتها الدينية وتعوضها عن فقدانها للشرعية الديمقراطية.
حرية الشعوب العربية مهما التصق بها من شوائب التشدد الديني أحياناً، أو التعصب العرقي والطائفي والقبلي في أحايين أخرى، ستبقى، والأميركان قبل غيرهم يعلمون ذلك جيداً، وليس لنا من خيار غير أن نتعود ونتقبل التغيير بقضه وقضيضه، ويبقى الأمل أن القوى الإسلامية المتزنة ستقف حائلاً ضد جماعات الهوس الديني، ومقالة خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان في مصر (نشرت بنيويورك تايمز عدد الخميس) كانت ملهمة، وشخّصت واقع ثورات الربيع مهما كرهنا الكثير من نتائجها، فلنصبر، فليس لنا سكة أخرى نسير بها، فالطريق الليبرالي مغلق تماماً اليوم، فالنخبوية لا تحرك الشعوب حين يكون الفقر أو الجهل هما سيدَي الأحكام.
شيعة الكويت
ذكر الزميل فؤاد الهاشم في مقال له التالي: في لقاء عبر شاشة «الوطن»، أعلن فضيلة المرشد العام لإخونجية الكويت أن ولاء الشيعة الكويتيين مشكوك فيه، وأن قلوبهم وعقولهم مع الجمهورية الإسلامية في إيران، إلى آخر المقال! والحقيقة أن هذه ليست المرة الأولى التي يشكك فيها البعض في ولاء الشيعة لوطنهم واتهامهم بالموالاة لإيران، فقد قال ذلك نواب ونشطاء وكتاب، ولعلم هؤلاء الجهلة والغلاة فإن أكثر من نصف شيعة الكويت عرب أقحاح لا علاقة لهم بإيران ولا غيرها، وبالتالي من يتهمهم لا يعرف شيئا عن التاريخ ولا السياسة. والأمر المحير الاخر هو أن هؤلاء المتحزبين، في غالبيتهم، لا تقر أدبيات احزابهم مسألة الانتماء لوطن محدد، بل تنادي بالإسلام وطنا للجميع، وتصريح مرشد الإخوان السابق من انه يفضل ان يرى ماليزياً رئيساً لمصر على أن يتولى المنصب قبطي مصري، لا يزال يرن في وسائل الإعلام، وبالتالي كيف اصبح ولاء البعض للكويت شرطا للوطنية؟ وفي هذا السياق يقول الزميل سمير عطا الله ان بقعة الأرض تسمى وطنا عندما يستحقها المقيمون عليها! ولو نظرنا حولنا لرأينا أن غالبية المنتمين للأحزاب الدينية، في الكويت على الأقل، ولأي فئة انتموا، لا يستحقون لقب مواطن، طالما كان ولاؤهم، دينيا أو سياسيا، يعود لجهة خارجية. كما أن الوطن لا يمكن أن يصبح وطنا بغير مؤسسات دستورية وقانونية وأهلية وغيرها، وهذه جميعها تقريبا لا تقبل الولاء المزدوج! كما أن المواطنة تعني الاستقرار والالتزام بقوانين وضعية! وهذه أيضا لا تتسق مع فكر بعض السلف والإخوان وحتى بعض أتباع ولاية الفقيه! كما أن شقا كبيرا من المواطنين، ونقول مواطنين مجازا، لا يعني لهم الوطن والاستقرار فيه شيئا، فهم باحثون عن الخير اينما وجد، وهذا دأب أغلب البشر، وليس في الأمر ما يعيب، العيب هو عندما يأتي الطعن في ولاء الآخر من هؤلاء بالذات. نعود لمقال الزميل الهاشم ونقول ان لا أحد يمتلك ميزانا يقيس به المواطنة والولاء، فالأمور في كل الأحوال نسبية، فأنت لا تتوقع ممن تقوم بإيذائهم يوميا ببذيء الكلام وتخوينهم وحرمانهم من حقوقهم المدنية وممارسة التمييز الديني والعنصري ضدهم أن يبقوا على ولائهم، إلا إذا كان هذا هدف من أثاروا قضية الولاء في المقال الأول! ومن سخرية القدر أن يصبح هؤلاء، وأمثالهم، من منظري هذه الأمة وقادة الرأي فيها ومانحي صكوك الغفران لمواطنيها، بعد أن أصبحوا في غفلة من الزمن، علماء ومفتين!
إن المنتمين للمذهب الشيعي، بعربهم وفرسهم، هم جزء من تراب هذا الوطن، وشاركوا في بناء اسواره، التي ربما لم يشاهد الكثير من هؤلاء الغلاة آخرها، قبل أن تهدم، على غير استعداد لإشعال اصابعهم، والسير في ساحة الإرادة، لإثبات وطنيتهم وولائهم، وإن على المتطرفين والغلاة احترام مشاعر الآخرين والكف عن هذا اللغو السقيم!
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com
حصاد السنين الإفادة.. من الإساءة
انفجر العالم الإسلامي من أدناه إلى أقصاه دفاعاً عن رسوله الكريم، وانتصاراً لدينه وعقيدته، ولوحظ أن أكثر الفئات غضباً وشيطاً هم الأقل التزاماً وتمسّكاً بتعاليم الدين! في الوقت الذي كانت فيه الأحزاب والتكتلات الإسلامية تعلن براءة الحكومة الأميركية والشعب الأميركي من هذه الجريمة النكراء.
ونستفيد من هذه الظاهرة أن الفطرة التي خلق الله المسلم عليها هي حب الدين والاعتزاز بالانتماء إليه، لكنها مشاعر كامنة تحتاج إلى ظروف استثنائية لتحريكها. وأذكر قصة رواها الإمام الشهيد حسن البنا في مذكراته، عندما قال: خرجت مع صديق نمشي في شوارع القاهرة، فمررنا بجانب رجل ثمل يحتسي زجاجة خمر بيده، فقال الصديق للإمام: أعانك الله على هذا الشعب يا شيخ حسن، كيف ترجو من وراء أمثال هؤلاء خيراً؟ وما هي إلا برهة حتى مر رجل آخر وتلاسن مع السكران وسبّ أمه وأباه، ولكن زادت حدة الجدال بينهما حتى سبّ الرجل دين السكران، هنا استشاط الأخير غضباً وكسر الزجاجة ولحق بالرجل وهو يصيح: تسبّ ديني يا…! كل هذا على مرأى ومسمع من الإمام وصاحبه، وهنا قال رحمه الله: الخير في أمة محمد مدفون، لكن يحتاج إلى من يحركه ويوجّهه بالخير وليس بالتشدد والتطرف.
هذه الفائدة أرسلها إلى منظري وكتّاب التيار الليبرالي.. الناس هنا فطرتهم طيبة ومحافظة، فلا تحاولوا أن تخالفوا هذه الفطرة، وتعزلوا مشاعر الدين عن الحياة العامة التي يعيشها كل يوم.
ومن الفوائد التي يجب أن ننتبه إليها في أحداث ردة الفعل الإسلامية على الحقد المدفون في قلوب بعض خصوم الدين، هي ضرورة وجود تيارات إسلامية راشدة وعاقلة، قادرة على توجيه العامة من الناس عند احتدام الصراع الفكري والعاطفي، ولديها أفق واسع لإدراك المصلحة العامة لهذه المجاميع، فكثرة تشويه التيارات الإسلامية بالحق والباطل من قبل خصومها، والحملة الإعلامية الشرسة ضد هذه التيارات المعتدلة، تضعفان ثقة جموع الناس بها، مما يقلل من أثرها في توجيه هذه الجموع. صحيح أن أعنف ردات الفعل حدثت في دول الربيع العربي، لكن هذه الدول تحركت فيها الشعوب بعاطفتها دون توجيه من الجماعات المنظمة.
كنا نتمنى أن نسمع إدانة لهذا الحدث البشع من منظمات حقوق الإنسان الدولية ومن رموز التيار الليبرالي في الخليج، لكن هذه الإدانات سمعناها من الجماعات الإسلامية ضد الاعتداء على السفارات في توازن ملحوظ مع إدانة حدث الإساءة، بينما ركزت المنظمات الدولية على إدانة الاعتداء على السفارات من دون تسليط الضوء على أسباب الحدث. أما زملاؤنا هنا، فعمك أصمخ!
***
• المربية صفاء الهاشم.. ما زلت بانتظار إثبات، ليس لي بل لقرائك ومؤيديك، أنني أخذت صفقة بقيمة 120 مليون د.ك من وزارة الدفاع. وإن عجزتي وتوهقتي، فيمكنك الاستعانة بمن لديه اتصالات عجيبة بالأقمار الصناعية وبوكالة الفضاء «ناسا» لتزويده بالأخبار «الحصرية»!
طوفان غضب «محمدي»
«براءة المسلمين»… كان ذلك هو الاسم المقترح للفيلم المسيء الى خاتم الأنبياء والرسل نبينا محمد، صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الكرام المنتجبين، والى الدين الإسلامي! والذي تسببت مقاطعه الفجة الساقطة الى غليان غضب في الأمة الإسلامية بدأ بانتقام، غير مبرر ووحشي، بقتل السفير الأميركي في ليبيا كريس ستيفنز وثلاثة موظفين اميركيين مساء الثلثاء (11 سبتمبر/ أيلول 2012)، وتحول ايضاً الى طوفان استنكار وغضب، مبرر ومشروع، في كل الدول الإسلامية تفاوت من حيث الشدة والحدة.
مسلسل الإساءة للدين الإسلامي ولرموزه لم يعد شكلاً مستغرباً من أشكال إظهار العداء للدين ولأتباعه! ولا يمكن اعتبار هذه الحملات المسعورة محدودة في أهداف كيانات ومجموعات معادية للدين الإسلامي، بل تدعمها دول وتمولها ثم تدعي بعد ذلك احترامها لهذا الدين كما هو حال الولايات المتحدة الأميركية ذاتها… لكن جملةً صريحةً أراها بارزة: «نعم هناك حملات ممنهجة للإساءة الى الإسلام من قبل الغرب… السؤال: هل لدى الدول الإسلامية اعلام يحمل خطاباً معتدلاً يواجه كل تلك الحملات؟ أبداً! بل يوجد مقابل ذلك نمو مذهل لظاهرة (إعلام الفتنة) لزرع الشقاق والخلاف والتناحر بين أبناء الأمة الإسلامية، حتى أن هناك قائمة من مشايخ الطائفية أصبحت معروفة لدى ملايين المسلمين… مهمتها إكمال الجزء الرئيس من حملات العداء الغربية، من خلال تدميرها المجتمع الإسلامي من الداخل واثارة العداوات وخصوصاً بين المسلمين سنة وشيعة، وبين المسلمين والمسيحيين، بل وبين أبناء طائفة بعينها».
هناك الكثير من خبايا الفيلم المسيء الذي أشعل الأمة الإسلامية غضباً… وحسناً فعل أبناء الأمة بحشودهم المليونية السلمية التي أوصلت رسالة، ليفهمها من يفهمها وليتجاهلها من يتجاهلها، مفادها أن رمز الإسلام العظيم «محمد» عليه أفضل الصلاة والسلام، لم يترك خلفه أمة ستبقى الى آخر عهدها خانعة… ميتة… يائسة! هي تحيا من جديد لتواجه الظلم والاستبداد والجور ومخططات النيل من دينها.
من بين تلك الخبايا، ما كشفته مجلة «هوليوود ريبوتر» الأميركية المتخصصة في السينما الأسبوع الماضي، حينما تحدثت عن الفيلم شديد الرداءة مضموناً واسلوباً وتصويراً وخدعاً سينمائية ساذجة، ووصفته بأنه من المستحيل أن يكلف 5 ملايين دولار! والملفت للنظر، أن المجلة استطاعت الوصول الى ممثلة مغمورة تدعى (ساندي لي غارسيا) من مواليد كاليفورنيا وتبلغ من العمر 46 عاماً، شاركت بدور ثانوي في (حفلة الزار الأميركية ضد الإسلام)، بعد أن قرأت اعلاناً في مجلة (باسكيتيدج) عن طلب ممثلين لفيلم «محاربي الصحراء» وهو فيلم يتحدث عن مغامرات في الصحراء العربية، وأعلن عن أنه سيحتوي على بعض المشاهد العارية.
وبحسب المجلة: «ظهرت ساندي غارسيا مرة أخرى على القناة العاشرة الإسرائيلية، لتؤكد أن «العبارات التي نطقها الممثلون أثناء أداء أدوراهم كانت مختلفة وتم دبلجتها وتغييرها، بحيث أصبح الفيلم عن الإسلام والرسول»، فمثلاً ورد لفظ الله على لسانها في لقطة من الفيلم، ثم سمعتها على لسانها نفسه «محمد» بعد الدبلجة، وأضافت أن المخرج «باسيلي» (ويعتقد أنه اسم مستعار)، اتصل بها قبل 6 أشهر، وطلب منها إعادة بعض العبارات من جديد، لسماعها في الفيلم بطريقة أفضل، ويبدو أنها نطقت كلمة «محمد» في الإعادة دون أن تعي ما يقصد بها، فتم إدخال كلمة «محمد» بكل عبارة ورد فيها الاسم على لسانها، وهذا ما حدث مع بقية الممثلين. (انتهى الاقتباس).
مثل تلك التبريرات لا تصمد! حتى ادعاء وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بأنها لا تعلم شيئاً عن الفيلم (السخيف) لا تصمد أيضاً! بيد أننا كمسلمين أمام مأزق كبير، فالغرب والشرق، عاكفان على نشر الصور المغلوطة عن الدين الإسلامي… الغرب افتقد الرغبة في التعرف على حقيقة الدين الاسلامي، واستسلم للصورة التقليدية عنه والتي قامت وسائل الاعلام التي يسيطر عليها اللوبي اليهودي بتكريسها، ولم يسع لمعرفة الصورة الصحيحة عن الاسلام من مصادره الأصلية، مكتفياً بكتب مغرضة ومحرفة وتفتقد الموضوعية تقف وراءها جهات معادية للدين الاسلامي، وبعضها الآخر (معتمد)، لكنه احتوى من الإساءات للدين الإسلامي ولخاتم الرسل (ص) ما جعلها مؤلفيها بمثابة (نصوص صحيحة وأسانيدها من الثقاة)! فيما فشل الإعلام الإسلامي في الوصول للغرب وفي إيجاد آليات للتعريف بحقيقة الاسلام وتعاليمه هناك، ولم يتبن أية خطط جادة لتوضيح مبادئ وتعاليم الاسلام التي تحترم الآخر ولا تقر الاعتداء عليه.
بيانات الشجب والاستنكار والمظاهرات التي اجتاحت الأمة الإسلامية صورة محمودة قطعاً، لكن الخطر على الهوية الإسلامية – من وجهة نظري المتواضعة – هي من الداخل الإسلامي! فهناك اقطاب طائفية لاتزال تنفخ بقوة في نار الطائفية والصدام بين المسلمين وسائر أتباع الديانات السماوية بصمت رهيب من الأنظمة، كما أنها تحظى بالدعم من خلال مدد مالي وإعلامي متعدد الاتجاهات… حتى أن بعض أولئك انتهز الغضب العارم ليترك الفيلم وما سبقه من حملات عدائية، ويتفرغ لإثارة سمومه في المجتمعات الإسلامية بين السنة والشيعة.
عندما تتضخم الذات وموت أسامة!
جابر المبارك، أحمد الحمود، أحمد الخالد، صباح الخالد، محمد المبارك، فاضل صفر، سالم الأذينة، عبدالعزيز الابراهيم، رولا دشتي، أنس الصالح، هاني حسين، جمال شهاب، علي العبيدي، هؤلاء جميعا أبناء الكويت المخلصون الذين ارتضوا بتحمل المسؤولية الوزارية في أجواء فوضى خانقة خلقتها بعض الرموز السياسية المعارضة عبر قراراتها وفتاويها وتحركاتها التي لم تعد أسبابها ودوافعها تخفى على الشعب الكويتي الواعي.
***
فمن أعطى تلك الرموز الحق في القول انها ترفض إعادة توزير هؤلاء وهي بذلك تتعدى على حقوق وسلطات القيادة السياسية التي نص عليها الدستور المتباكى عليه، وأي زعامة وأي ذات متضخمة تعطي لنفسها هذا الحق الذي لا تملكه وهي التي لا تستطيع إنزال «نفرين» لساحة الإرادة لولا حلفاؤها الذين لولاهم ولولا نظام التصويت لأربعة مرشحين لما حلمت، ومنذ سنوات عديدة، بالفوز بالكرسي الأخضر بعد أن انكشفت أوراقها للناخبين.
***
نصرة رسول الأمة صلى الله عليه وسلم لا تتم بخدمة مخططات أعداء الاسلام عبر السير في ركاب مخططاتهم التي تظهر المسلمين بموقف الشعوب الفوضوية الهمجية التي تهاجم السفارات وتقتل الآمنين كما حدث في ليبيا، الفيلم الشائن ذو المستوى الفني الركيك ما كان سيشاهده إلا قلة قليلة من البشر كحال الافلام المماثلة لولا ردود الفعل الانفعالية وغير العقلانية التي تقوم بها المجموعات الدينية المتطرفة (سنّية وشيعية) المعادية للولايات المتحدة.
***
ولو أطفئت الاضواء على تلك الافعال الشاذة وتم الاكتفاء برفع الدعاوى القضائية على الفاعلين في بلدانهم لمنع تلك الاعمال ومصادرتها وتغريم الفاعلين الملايين من الدولارات لكان الأمر أجدى وأنفع، وقد قرأت ذات مرة أن احدى دور النشر هي من أوعزت لسلمان رشدي أن يخط كتابه المسيء لرسول الأمة صلى الله عليه وسلم بقصد الشهرة والانتشار وحصد المال وهو ما تحقق له ولدار النشر ومازال الكاتب يرفل بالحياة الهانئة والثراء الفاحش بعد أن حصد ما حصد من عوائد ذلك الكتاب القميء ومثله رسام الكاريكاتير الدنماركي والقس تيري جونز الاميركي الذي كسب الشهرة والاتباع بعد أن كان راعي كنيسة لا يزيد روادها عن العشرات.. وقليل من الحكمة والعقل والذكاء أمر لا يضر على الاطلاق.
***
هل تم التحقق من شخصيات الغوغاء الذين تعدوا على أعضاء مجلس الأمة ورفعوا علم القاعدة الأسود وصاحوا بهتاف «يا أوباما كلنا أسامة»، وهل هم كويتيون أم متطرفون لفظتهم أوطانهم فوجدوا في بلدنا الملاذ الآمن لهم، وهل تم التحقق من مقاصدهم بدخول السفارة الأميركية، وهل المراد هو تكرار ما حدث في ليبيا أو إساءة علاقتنا الإستراتيجية مع حليفنا الأهم في العالم؟ وهل نصرة الاسلام لا تتم إلا بالتضحية بأمننا القومي، وهل هؤلاء «الأسود» هم القادرون على الدفاع عن بلداننا الخليجية أم في الحروب كله يجري؟
***
آخر محطة: (1) في الصفحة 249 من كتاب «لا يوجد يوم سهل» لمارك أوين أحد أفراد الفرقة الأميركية التي قتلت أسامة بن لادن يقول نصا انه يحمل إعجابا لأحمد الكويتي الذي قاومهم عند هجومهم على منزل زعيم القاعدة ولا يحمل أي احترام للجبن والخوف الذي عكسه بن لادن عندما لم يقاومهم مع وجود السلاح معبأ قرب مخدعه حبا منه في الحياة وهو الذي يرسل الشباب المغرر بهم للموت حاله حال الجبان.. صدام حسين.
(2) ياللفشلة والعار من رفع شعار «يا أوباما كلنا أسامة» والرئيس أوباما يعلم علم اليقين ما فعله الأسد أسامة، على الاقل كنتم رفعتم شعار «يا أوباما كلنا أحمد الكويتي» إلا أن تكونوا لا تقرأون أو.. لستم كويتيين أو الاثنين معا!
قصتي وطنوس مع الأحمدي
أجرت القبس في أغسطس الماضي حواراً مع المواطن اللبناني، طنوس دياب، وقصة الخمسين عاما التي عمل في جزء كبير منها في شركة نفط الكويت بمدينة الأحمدي، النموذجية سابقا. تحدث في لقائه عن ذكرياته وشوارع الأحمدي الجميلة وكيف كنت تسمع فيها التحيات من كل من يلقاك في الطريق وتراحم سكانها، وكيف انقلبت الحياة فيها، وهنا يشير إلى فترة ما بعد تأميم الشركة، بحيث أصبح الجار لا يعرف جاره، والأشجار التي كانت تشذب وتزين أصبحت كثة وهرمة وتغطي البيوت وتبعد الجيران عن بعضهم. ويقول ان علاقاته وزوجته كانت قوية مع كثير من الكويتيين الذين كانوا يعملون في الشركة في بداياتها، وكيف تغيرت المدينة الآن واختلف سكانها واصبح التواصل صعبا، بعد أن تحولت أسوار البيوت الجميلة المصنوعة من نباتات خاصة كانت تجلب من البصرة، إلى اسوار كيربي بشعة، مع تخليها عن نظافتها، بحيث تحولت عروس المدن الكويتية، التي كانت محجا للكثيرين في عطل نهاية الأسبوع، إلى مدينة خربة وهرمة وفوضوية بلا روح أو شخصية، وكيف أصبحت نواديها الرياضية والاجتماعية، وحتى ملاعبها، شيئا من الماضي، بعد ان كانت شعلة نشاط وإثارة وفائدة، فقد قضى الانغلاق والتزمت، والفساد الإداري، على كل شيء!
ذكرني كلام طنوس، الذي اضفت له من عندي، عن وضع الأحمدي، والكويت ككل، بما دار في جلسة جمعتني، في مشرب باريسي، بصديقين عزيزين، غادرنا الأول، راوي القصة، ولا يزال الآخر حيا «يلبط»، مثلي. وقد أدت حميمية الجلسة لأن ينفتح كل منا على الآخر، فأخبرنا الذي رحل عن دنيانا، أن بدايته مع الثراء كانت يوم تلقى اتصالا من أحد كبار مسؤولي شركة نفط الكويت، من الإدارة الوطنية، فور تأميمها، وبعد «الاستغناء» عن إدارتها «الأجنبية»، طالبا منه السعي فورا لفتح مدرسة كبيرة في منطقة قريبة من الأحمدي، وقال انه سيقوم بتحويل ابناء كل العاملين في شركة نفط الكويت لتلك المدرسة، وكانت شركة نفط الكويت، وربما لا تزال، أكبر صاحب عمل. وطلب منه رفع رسوم الدراسة بشكل كبير وغير مسبوق، وقال ان «الشركة» ستدفع الرسوم الباهظة، وطلب لنفسه حصة كبيرة من الأرباح المتوقعة من ذلك المشروع «التربوي والتعليمي»! واستطرد المرحوم في القول ان تلك كانت بدايته مع الثراء، حيث قبر الفقر بعدها إلى الأبد، ولكن الزمن قبره في نهاية الأمر، ونحن له لاحقون.
رواية طنوس وصديقنا ذكرتني أيضا بقصة رواها المرحوم أحمد الربعي الذي زار مدينة عدن، وشاهد كم تغير سوق السمك فيها، بعد ترك الانكليز لعدن، حيث أصبح السوق أكثر قذارة واقل تنوعا في أسماكه وأكثر غلاء، وعندما بث شكواه لبائع كبير في السن قال له: «رجع الانكليز وخذ سمك طازج ورخيص وأنواع كثيرة!».
لا أتباكى هنا على عهد الإنكليز، بل على عجزنا حتى في الاستمرار في ما بدأه الغير، فكيف يمكن أن نخلق أو نبدع، بعد أن خسرنا حتى أخلاقنا؟!
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com
صفوا الأغلبية
(تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ـ الحشر: 14).
فعلا هذه الآية الكريمة تنطبق على الأغلبية او المعارضة السياسية في الكويت، كنا نحسبهم موحدين في أهدافهم السياسية، عندما رأيناهم في مجلس 2012 المبطل، ولكن يبدو أنهم متفقون فقط على عدم العبث في قانون الانتخاب الذي نجحوا على أساسه ومختلفون في كل شيء.
شهدنا أكثر من واحد فيهم يرفض فكرة مشروع الأحزاب، وآخرين يرون أن الحكومة البرلمانية لم يحن وقتها، البعض يريدها دائرة واحدة والبعض الآخر متمسك بالدوائر الانتخابية الخمس.
نعلم جيدا الحقيقة المأساوية بأن الأغلبية أو المعارضة هي خليط من التيارات والأفكار السياسية والخلفيات الاجتماعية، فيها المستقلون وفيها منتسبو التجمعات السياسية المنظمة، ولكن هذا لا يبرر حتما كل تناقضاتها.
اجزم بأنهم في طريقهم إلى خسارة الشارع السياسي الذي لطالما راهنوا عليه، ذلك ان خلافاتهم السياسية باتت واضحة لا تخطئها العين، بل منهم من لا يتفق إلا على عدم المساس بالدوائر الانتخابية فقط.
ويبدو ان شباب الحراك السياسي الذي يحمل مشروعا وطنيا شاملا، بدأ يتساءل من جدوى دعم بعض افراد الاغلبية التي تتكسب منها ومنهم، وهم ابعد ما يكونون عن مشروعهم الإصلاحي.
وأرى أن الحل في أن تصفي الأغلبية نفسها، وتستبعد من لا يؤمن بأفكار الحركات الشبابية، ويبحث فقط عن التكسب الانتخابي، فقليل ثابت خير من كثير متغير.






