قراءة سريعة للاسماء التي أعلنت مقاطعتها للانتخابات المقبلة تعطينا انطباعاً بانها ستكون انتخابات صورية، وان المجلس المقبل سيكون مجلساً وطنياً آخر! فالقبائل الكبيرة أعلنت رفضها للمشاركة في هذه الانتخابات، والقوى السياسية كذلك مع اختلاف توجهاتها، خصوصا بعد ان أعلن «المنبر» و«التحالف» السير على خطى التيارات الاسلامية والشعبية، وعدد من الرموز الوطنية ذات التاريخ السياسي المعروف أعلنت كذلك موقفا مشابها، والمزيد من هذه المواقف ستعلن في الأيام المقبلة، كل ذلك يعطي انطباعاً بان المجلس المقبل سيكون مجلساً من ثلاث فئات: الفئة الأولى هي الشيعة، حيث أيدوا المشاركة منذ اللحظة الأولى، والفئة الثانية هي مجموعة من المناوئين للخط السياسي للمعارضة ومن الذين يرتبطون بعلاقات مميزة ببعض الرموز في الدولة. أما الفئة الثالثة فهي اسماء غير معروفة أو ممن حاول مراراً الترشح ولم يوفق ويجدها الآن فرصة قد لا تتكرر، حيث ان المنافسين غائبون عن الساحة، لذلك أعتقد ان الانتخابات المقبلة ستكون باهتة وبلا روح وقد تصل المقاطعة فيها الى أكثر من %70 وبالمناسبة فاني أعلن مقاطعتي ترشيحاً وانتخاباً لهذه الانتخابات.
* * *
مع تقديرنا وحبنا وولائنا لسمو الأمير، حفظه الله، الا ان الخطاب السامي الذي ألقاه يوم الجمعة عليه بعض الامور التي تحتاج الى ايضاح.. وبشكل سريع فقط فالسنوات الثلاث العجاف التي توقفت فيها التنمية، كانت بسبب سياسات حكومات وسوء إدارة وليس بسبب آخر، كما ان حكم المحكمة الدستورية أكد سلامة النظام الانتخابي دستورياً ولم يؤكد سلامة مراسيم الضرورة لهذا النظام!
يا صاحب السمو، هذه الانتخابات ستفتح المجال لأصحاب النفوس الضعيفة لدفع الملايين لشراء الذمم، حيث النجاح سيكون بأرقام صغيرة، وبدلا من معالجة الانتخابات الفرعية ومحاربتها فقد تصبح الانتخابات الفرعية على الفخوذ وليس على القبيلة، بمعنى ان التشرذم سيصل الى مداه.
لك الحب ولك الولاء.. لكن علينا النصح والمصارحة، فحب الوطن فوق الجميع.. حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.
* * *
التحريض السافر على الحركة الدستورية الإسلامية من قبل خصومها ظاهرة بشعة تؤكد سلامة خط الحركة وسياستها! فالخصوم لم يجدوا ما يأخذونه على الحركة الا انها تؤجج الحراك السياسي وتقوده في الشارع.. والملاحظ لما يحدث اليوم يجد الحركة جزءاً من هذا الحراك ومشاركاً فيه، ولكن القيادة فيه جماعية ومن كل الأطراف المشاركة، مع ان هذه التهمة تشريف للحركة! لكن الأخطر ما بدأ به بعض الخصوم في اتهام الحركة بالانقضاض على الحكم، مستنداً الى الكلمات التي قيلت في ساحة الإرادة ودواوين النواب.
هؤلاء الخصوم عجزوا عن العيش بسلام ومحبة واخوة مع خصومهم، ولا يعرفون أسلوب الحوار وتقبل الرأي الآخر، فهم ان لم يكونوا في الصدارة فان خصومهم انقلابيون وخونة، ويرفضون أي شكل من أشكال الممارسة الديموقراطية ونتائجها، فالديموقراطية عندهم هي التي توصلهم ولا توصل غيرهم!.
اللعبة السياسية الكويتية العجيبة!
اللعبة السياسية كحال اللعبة الرياضية لا تتم إلا في ملاعبها المحددة لها (البرلمانات) وضمن الالتزام بقوانين اللعبة (الدساتير) التي تفرض على الجميع ـ دون استثناء ـ احترام وإجلال قرارات حكامها (المحكمة الدستورية) وعدم اتهامهم المسبق بالانحياز أو التسييس، والالتزام بتعليمات ادارة الاتحاد المهيمنة على اللعبة المعنية (القيادة السياسية العليا في البلد)، لذا فإن التحريض على ترك الملاعب وممارسة اللعبة قسرا في الشوارع، ورفض قرارات الحكام وتعليمات اتحاد الكرة، وادخال المشاهدين في اللعبة وجعلهم لا اللاعبين (نواب البرلمان) من يسجل الأهداف، يجعل اللعبة السياسية الكويتية فريدة من نوعها في العالم، بل.. وعبر التاريخ..!
****
ومن عجائب لعبتنا السياسية ان بعض مخضرمي احد الفرق ممن يفترض ان يكونوا المراجع والقدوة في الأداء، لا يلتزمون بالقوانين والأعراف المرعية للعبة كما هو الحال في العالم أجمع، بل يصر هؤلاء على ان يطبق القانون (الدستور) على أحد الفريقين فقط لا على الفريق الآخر فلهم حسب هذا الفهم ان يتعسفوا في استخدام أدواتهم الدستورية (الاستجواب، التحقيق، الأسئلة) بينما يمنع على الفريق الآخر وبشكل مطلق استخدامه لأدواته الدستورية (التأجيل، الإحالة للمحكمة الدستورية، الإحالة للجنة التشريعية) وهل يتصور احد لعبة أكثر ظلما وأقل انصافا من هذه اللعبة السياسية الكويتية؟!
****
ومن ضمن الوضع المختل للعبتنا السياسية تكبيل يد السلطة التنفيذية بالتشريعات التي تمنعها من العمل وخلق الأزمات السياسية المتلاحقة أمامها، ثم الهجوم على السلطة القضائية ومحاولة سلب صلاحياتها الدستورية ضمن نهج خلق ديكتاتورية «مستترة» ستتحول لاحقا الى ديكتاتورية «سافرة» ستجعلنا نبكي دما على ما نحن فيه من نعمة ورحمة ورفاه ورخاء، حالنا كحال أهل مصر والعراق وسورية وليبيا وغيرهما من دول استبدلت انظمتها العادلة الرحيمة بأنظمة القتل على الهوية والمقابر الجماعية التي قامت تحت رايات.. الحكومة الشعبية.
****
آخر محطة: وصل القمع المستتر والديكتاتورية الخافية الى السلطة الرابعة من فضائيات وصحف ممن تمت تسميتهم بـ «الإعلام الفاسد» كونه لم يمش في درب الخنوع والخضوع ففرض على الإعلام العقوبات المغلظة والغرامات الباهظة التي لا يوجد مثلها حتى في الدول القمعية، فما بالك بالدول راسخة الديموقراطية كحالنا وأصبح البعض يهدد ويتوعد ويفاخر بأنه أغلق تلك المحطة أو الصحيفة.. ويا له من فخر!
حقائق طريفة ومؤلمة
يؤمن المسيحيون، وهم أتباع الدين الأكثر انتشارا في العالم، بمسيح واحد وإنجيل واحد ورب واحد، ومع هذا يرفض المنتمون لكنيسة الكاثوليك اللاتين الصلاة في كنائس الكاثوليك السوريين، ولا يصلي الاثنان في كنائس جماعة المارتوما، ولا يصلي الثلاثة في كنائس البنتيكوستن، ولا يصلي الأربعة في كنائس السالفيشن آرمي، ولا يصلي الخمسة في كنائس الأرثوذكس، ولا يصلي الستة في كنائس اليعاقبة، وهكذا… بحيث يشمل الأمر كنائس عدة أخرى.
كما يؤمن المسلمون، أتباع ثاني أكبر دين، بإله واحد وقرآن واحد ونبي واحد، ومع هذا لا تتفق آراء السنة مع الشيعة، او العكس، وبعضهم ينتقد إلى حد كبير المنتمين للطرف الآخر، وفي أي مكان كانوا، إن في بيوتهم أو مساجدهم. والشيعة لا يصلون في مساجد السنة، والاثنان لا يصليان في مساجد الإسماعيلية أو البهرة، وكل هؤلاء لا يصلون في مساجد الصوفية، ويرفض الجميع الصلاة في مساجد الأحمدية او القاديانية إضافة لرفض الصلاة في مساجد عشرات الطوائف الأخرى، والقتال بينهم لم يتوقف يوما منذ أكثر من الف عام! كما أن معظم المسلمين تقريبا ليسوا على وئام وسلام مع اليهود أو المسيحيين، بالرغم من انهم يشاركونهم عبادة الإله الواحد! وبالرغم من أن المسلمين ليسوا جميعا إرهابيين، إلا أن غالبية الإرهابيين مسلمون، وغالبية ضحاياهم مسلمون، إن من مذهبهم نفسه أو من اتباع المذاهب الآخرى، والجميع يقتل الجميع باسم الرب.
أما الهندوس، اتباع المعتقد الثالث الأكثر انتشارا، فلديهم 1280 كتاباً مقدساً، ويعبدون ملايين الآلهة، ويتحدثون بمئات اللغات، ومع هذا يذهبون لمعابد بعضهم بعضا، ولم تقع بينهم يوما، على مدى آلاف السنين، اي معارك دينية، وحدهم السياسيون من حاولوا تفريقهم للاستفادة من اصواتهم.
وبالرغم من ان البوذية من أوائل معتقدات العالم فإنها الرابعة انتشارا، وهي فلسفة أكثر منها ديانة، وتدين بتعاليمها للأمير الهندي Siddhartha Gautama، وتقوم على مفاهيم فكرية ثلاثة: الكارما، العودة للحياة والسماسرا، وأتباع هذا المعتقد، بالرغم من تعددهم وانقسامهم، فإنهم يؤمنون بـ «بوذا» المعلم وبتعاليمه التي تحث على الأمانة والصدق، ويؤمنون بأن الغرض من الحياة هو أن نطور من الشعور بالرحمة في داخلنا وأن نمتلك الشفقة على الآخر من دون تحيز أو تفرقة، وان نعمل جميعا من أجل السعادة والحرية، وأن نطور من الحكمة لدينا لكي تصل بنا للحقيقة، كما أن البوذية لا تتدخل في السياسة ولا ترتبط بها، ولو توقفت كل الديانات عن التدخل في السياسة فإن قتلا كثيرا سيتوقف، وستقل البغضاء والكراهية إلى الحد الأدنى، ولكن هل هذا ما تريده الجماعة لدينا؟
أحمد الصراف
الإخوان المسلمون في الخليج (3-3)
في الجزء المخصص من الدراسة عن الكويت، تناول الكتاب مفهوم الوطن في فكر جماعة الإخوان المسلمين، في مقاربة تاريخية سياسية بدئت بمقارنة بين مفاهيم «القوم» و«الأمة» في الجاهلية والإسلام، ومرورا على الوطن في فكر سيّد قطب وحسن البنا، وركّزت الدراسة، وهي من أخريات ما كتبه الراحل أحمد البغدادي، على الوطنية في فكر الإخوان في الكويت، وبينت أن كثيراً من المفكرين الإسلاميين، لم يناقشوا معنى هذا المصطلح برغم شيوع استعماله في الفكر الإنساني، حيث يرى البغدادي أن التعارض بين الولاء للوطن والولاء للحزب أو التنظيم سواء داخل الدولة أو خارجها، من القضايا المسكوت عنها في عالمنا العربي، لذلك تقدم جماعات الولاء للتنظيم على الولاء للوطن. في الكويت نفسها، يقدم الباحث والكاتب السّعودي مشاري الذايدي التاريخ الديني للكويت بما فيه من تسامح وتشدد، أرّخ لبروز الإسلام السياسي في الكويت عقب هزيمة يونيو 1967. كما تناولت الدراسة حداثة النشوء الحركي للإسلاميين السياسيين في الكويت من جهة، وتشابك العلاقات في تيار الإصلاح، الذي قاده الشيخ يوسف بن عيسى، واصفاً الشيخ بأنه محور كثير من الخطوات الإصلاحية في الكويت. وكشفت الدراسة أن الشيخ يوسف بن عيسى كان قنطرة العبور بين الكويت القديمة والجديدة، وهو الحلقة الوسطى بين «المثقف الإسلامي» أي الحركي السياسي، وبين رجل الدين التقليدي والمحترف، مفن.ّدا أي ادعاءات بانتسابه إلى الإخوان المسلمين. وأشار إلى نص من كتابه «الملتقطات»، نقل فيه عن عبدالله القصيمي موقفا ناقداً للإخوان، لخّص عبره ابن عيسى موقفه من جوهر دعوة الإخوان المسلمين، حيث استشعر الخطر في التسييس الحاد للإسلام لدى جماعة الإخوان، مستشهداً بما نقله على لسان شملان يوسف بن عيسى عن والده، عندما قام بطرد عبدالله المطوع أبرز قيادات الإخوان المسلمين في الكويت، من مجلسه.
وفي الجزء المخصص من الدراسة عن إخوان السعودية، أحصى يوسف الديني اتجاهات تيار التنوير الإسلامي في السّعودية، في أربعة اتجاهات، هي: الأول مجرد استنساخ مشوه لتجربة نقد الظاهرة الدينية في شكلها الأوروبي أو في تجلياتها العربية، والثاني من داخل التيار التنويري أو المتعاطفين معه من «الإخوان المسلمين» الذين يرون وبشكل براغماتي في دعم هذا التيار حدا من غلو السلفية المهيمنة على المشهد السعودي، والثالث من المتعاطفين مع تيار التنوير باعتباره ضرورة ملحة لنقد الخطاب السلفي، والرابع وهو الذي يعتبر أن التنوير حالة ذات جذور تاريخية للحراك الفكري والديني في السُّعودية، واستعرض رموزاً لها.
وانتهى يوسف الديني إلى نتيجة مفادها: إن لم يكسر التيار حاجز الخوف والتردد فسيتحول إلى تيار متكلس يردد شعارات بعناوين حالمة من دون أن ينعكس ذلك على المشهد الفكري المتغير.
***
• ملاحظة: هناك الكثير الذي يمكن قوله عن هذه الدراسة، ولكن يكفي ان نذكر بأن هناك مؤشرات على انخفاض مستوى تعليم الإناث في الدول الخليجية، والكويت بالذات، منذ بدأت سيطرة الإخوان على غالبية وزارات التعليم في دول المجلس، فهل يكفي هذا لبيان شرهم؟
أحمد الصراف
هل بدأ عهد جديد؟
ما حدث في ساحة الإرادة أخيراً يجب التوقف عنده كثيراً، ولا يجوز لمن يهمه أمر البلد ان يمر عليه مرور الكرام، كما لا يجوز كذلك ان نكتفي بتبيان مكانة سمو الأمير في نفوس أهل الكويت وانه «محشوم»! فهذه حقائق وثوابت لن تتغير مهما زادت لغة الخطاب تصعيداً.. ومهما عتب بعضنا على بعض.
ما حدث في تلك الليلة هو تغير نفسي وتبدل اجتماعي في العلاقات التي تربط بين مكونات المجتمع الكويتي.. ما حدث هو ازالة حواجز نفسية كانت بالأمس اسمنتية وكانت تضبط ايقاع التخاطب بين الحاكم والمحكوم، فأصبح الحديث بلا سقف، وبلا حواجز!
ما حدث هو فعلاً بداية عهد جديد من تعاطي الكويتيين وتعاملهم مع الأحداث.. فلم تعد تصلح لغة «الهون ابرك ما يكون».. ولا أسلوب: أحمدوا ربكم يا كويتيين على النعمة التي انتم فيها!
صحيح ليس لدينا ربيع عربي، لأننا في ربيع منذ أنشئت الكويت.. ولكن رياح هذا الربيع لها تأثير على المنطقة رضينا أم أبينا..! ربيعنا بفضل الله محدود.. فهو لا يطالب باسقاط النظام، لكنه انطلق بشعار «لن نسكت»، وأتمنى ان تكون هذه البداية، وهذه النهاية بإذن الله.
اليوم سنجد مستشاري السوء الإعلاميين يحرضون السلطة على الشعب.. من باب ضرورة الاحترام واعادة الهيبة للحكم، وذلك لانهم أخطأوا قراءة الحدث في تلك الليلة، لان ما حدث كان بداية عهد جديد في علاقة الحاكم بالمحكوم في الكويت، من دون ان تمس من مقدار الحب الذي يكنه المحكوم للحاكم، أو تغير من قناعة المحكوم بأحقية الحاكم في حكمه.
أتمنى من النظام الذي كان وما زال وسيظل شعبه يحبه ويجله، والذي ما زال شعبه زاهداً في مكانه، ان يقرأ الحدث من جديد، ويبدأ الحوار المباشر والمجادلة بالتي هي أحسن، واحترام الدستور والقوانين بعيداً عن تفسيرات أصحاب الفتاوى المعلبة. ما حدث أيها الناس يجب ان نتعامل معه بحكمة وحذر، بعيداً عن ردات الفعل الانتقامية والشخصانية، فمعظم النار من مستصغر الشرر.
وفي الختام.. غياب بعض التيارات عن الحدث.. وصمتها انتظاراً للنتائج للقفز عليها.. أمر مثير للاستغراب.
الإخوان المسلمون في الخليج (3-2)
وثقت الدراسة لقاءات ولي عهد أبو ظبي (نوفمبر 2003) بقيادات الاخوان، وكيف وعدت الجماعة الشيخ بالتفكير جديا في حل نفسها، الا أنهم تراجعوا عن ذلك تاليا، وبالتالي تخوفت الحكومة منهم، خاصة أن اجراءات البيعة التي تجري بينهم لأمير الجماعة أو مرشدها، بينت ازدواجية ولائهم وتشكيكا واضحا في انتمائهم لوطنهم.
ولم يغب مشهد الربيع العربي عن كتاب «المسبار»، فتناول الباحث عمر الترابي الاسلام السياسي في الخليج وخطاب الأزمات والثورات، متناولاً التشكيلات الاسلاموية السياسية وخطابها السياسي في الخليج، ووصف جماعة الاخوان بأنها الجماعة التي تقود أخواتها في الخليج، وعبّر عن قدرتها على رسم خطابها وفق المتغيرات ببراغماتية كبيرة، بعد أن انتشرت في أعقاب نكسة 1967. وكان الصعود الأكبر للجماعات في الثمانينات، وظلت بين مد وجزر، فانزوت الى أن أعادتهم أحداث 11 سبتمبر الى الواجهة، وزاد نفوذهم بعدها بدعم من الحكومات والمنظومات الراغبة في تمثيل اسلام معتدل، ولكن هذه الجماعة تعرضت في الأعوام الأخيرة لخسارة في شعبيتها بعد أن خاضت التجارب وامتحنت في صدقية شعاراتها في الخليج وغيره. وفي ختام دراسته، قال الترابي ان تاريخ العمل الاسلاموي في الخليج يكشف أن مهنة الاسلاميين هي اغتنام الفرص، وتطوير الخطاب امّا للكسب الجماهيري أو السياسي، والآن يغتنمون فرصة نجاح الاحتجاجات العربية، واستمرار صعود نجم النموذج التركي، في محاولة لانقاذ شعبيتهم في الخليج، ومحاولة الظهور بشعارات اصلاحية جديدة، تماشيا مع المرحلة، ويُراوحون بين التلويح بالاحتجاجات وشعارها، أو الدخول في حلفها والتصالح معها لضرب الآخرين.
وبعدها تتطرق الدراسة لوضع الاخوان في البحرين، وكيف أنها بدأت بلقاء عبد الرحمن الجودر بحسن البنا، الا أنّ دعوتهم وُوجهت بالصدام المُبكر مع المجتمع البحريني الذي كان متحَم.ّسا للتيارات الناصرية والقومية، مُدَّ اخوان البحرين بالأنساق الجديدة والخبرات من اخوان الكويت، وازداد وهجهم بعد تراجع التيارات اليسارية والقومية، وانتصار الثورة الخمينية الايرانية، والغزو السوفيتي لأفغانستان (1979)، وسهّل امتلاك الاخوان المسلمين في البحرين أموالاً جيدة، أمر توسيع قاعدتهم الجماهيرية، بالاضافة الى ضعف المنافسين من التيارات السنية الأخرى، وبمضي السّنين تمكنت الجماعة من السيطرة على التعليم، وبعد الانفتاح السياسي في 2001 تم تأسيس ذراع سياسية تحت اسم المنبر الوطني الاسلامي. وتميزت حركة الاخوان المسلمين في البحرين بمرونة حركية عالية، فعرفت كيف تتجنب الانتحار الجماعي في الملمات، وكيف تستثمر ميزاتها أيام الانفراج. ونأت بنفسها عن الصدام مع الدولة وأجهزتها.
تناولت الدراسة الاسلاميين في عمان باقتضاب شديد، مغطية تيارين، أولهما حركة الاخوان المسلمين الحديثة، وتيار حركة الامامة بامتداداتها التاريخية، وكيف ان الانضمام للاخوان لم يقتصر على اتباع مذهب محدد، بل شملت الجميع. والى مقال الغد.
أحمد الصراف
الكوري على قرص وسمن
الدول كالنساء، تعشق الاستعراض… والآسيويون يزوروننا، وستستعرض الكويت أمامهم. والكويت وإن كانت تخلو من الأنهار والأشجار والمعمار فإنها لا تخلو من الآثار، وبالإمكان اصطحاب الوفود الزائرة إلى "سنترال الفحيحيل"، ليتعلم اليابانيون منا الصبر على البلاء، وهو سنترال بُني قبل سقوط الدولة السلجوقية، تحديداً في اليوم الذي بنى فيه عمر الخيام مرصده الثاني، وإن كان الخيام قد ولى هارباً وترك مرصده يهدمه الغوغاء، فإن حكومتنا لم تهرب ولم يهدم الغوغاء السنترال، ولله الحمد! وبالإمكان إبهار الماليزيين بقدرة مرضانا على تلقي العلاج في الممرات في مستشفيات الجهراء والعدان، وإثارة دهشة الصينيين بقدرتنا على بناء مشاريع "ديمو" تُنطق ولا تُكتب، وهكذا…
وليس أمامنا إلا التظاهر أمام أعضاء الوفود بالزهد في الحياة الدنيا، واقناعهم بأن الآخرة خيرٌ وأبقى، وأن الدنيا بزخرفها ومغرياتها لا تعادل عندنا جناح بعوضة، كي لا يتساءل أحد منهم عن ثرواتنا وأموال نفطنا أين ذهبت وأين أثرها على الأرض، أو يتوهم أننا قوم نسرق الكحل من العين، لذا يجب أن نقدم لهم الطعام على الأرض، وعلى سفرة من الخوص، وفي آنية من فخار متآكل، تحوي القرص والسمن، فيتناول الكوري طعامه، فيضع يده على بطنه ويتلوى، وينسيه بطنه ما هو فيه، فينتخي بأخته ويهرول بأقصى سرعة إلى أقرب دورة مياه، وهو يلعن القارة التي جمعته بنا، فيعود إلينا بعد ساعة وهو يمسح العرق من على وجهه، ويبتسم ابتسامة بلهاء، فنسقيه شراب الشعير قبل أن يستوي في جلسته، فيجف ريقه، وتدمع عيناه، ويختلي بنفسه في البر، ويكتب قصيدة مطلعها "يا وجودي وجود اللي يزور الكويت".
ليس لحكومتنا، وهي التي منحت شعوب آسيا وأقرضتها خمسة مليارات ونصف المليار دولار، إلا أن تقنع الزائرين المنبهرين من ترهل بلدنا، أنها توطّن الشعب على الصبر على الجوع والحياة البدائية، وتقنعهم بأن حياة المدينة والتطور المبالغ فيه يجلبان الهم والغم، فتروي لضيوفنا قصص ترابط آبائنا بعضهم ببعض، عندما كانت الحياة بسيطة، وكيف كان الجار يحترم جارته ويعتبرها من أهل بيته، وكيف كانوا يتبادلون الطعام على شحه، ووو، بعكس التفكك الذي يسود المجتمعات المتطورة، التي لا يأبه فيها الأخ لأخيه، ولا الجار لجاره، ولا ولا ولا، وهي لهذا تحرص على الترابط الاجتماعي بين أفراد الشعب أكثر من حرصها على الأسمنت والأسفلت…
أما إذا أصر الزائرون على رؤية تطورنا البشري والعمراني، فلنأخذهم في زيارة إلى دبي أو أبوظبي أو قطر، وهؤلاء أهلنا، وسيجبرون عثرتنا، و"الناس للناس والكل بالله" كما يقول كبار السن… ويا هلا بضيوفنا.
مجرد وعد بسيط
مجرد وعد بسيط من السلطة بأنها لن تعدل نظام التصويت سينهي صداع الرأس السياسي بسبب التجمعات والاعتصامات في ساحة الإرادة والدواوين، مجرد وعد بسيط من السلطة بأنها ستحترم الدستور هذه المرة، وعلى غير عادتها المتأصلة في نهج انفرادها بالحكم، سينهي حالة التشنج السياسي اليوم، ويغلق الأبواب أمام المزايدين والمندفعين في خطاباتهم في التجمعات السياسية.
مجرد وعد بسيط من السلطة سيضع حداً لحالة التكرار والملل النفسي التي يعانيها الكثيرون حين يسألون أنفسهم من نصدق: السلطة "الصامتة" أم المعارضة التي تتحدث دون كلل عن نوايا السلطة بتعديل نظام التصويت حتى يأتي مجلس نواب يمشي مع "المايه"، مجلس اختم وابصم "ربر ستامب" بيد أهل الحل والعقد؟
مجرد وعد بسيط من السلطة بأنها لن تنفرد وتغير نظام التصويت سيضفي عليها الكثير من المصداقية، وستقف بجانبها تجمعات سياسية، مثل المنبر والتحالف وغيرهما، التي رفضت أي تعديل في نظام التصويت، فهل تريد السلطة أن تخلق المزيد من المعارضين والمعادين أم أنها ستفكر بحصافة في أنها بحاجة في مثل هذا الوقت وأمام التحديات الكبيرة في الداخل والخارج إلى مؤيدين صادقين معها ومع الشعب قبلها، لا إلى منافقين وانتهازيين يدورون في فلكها، والذين تنحصر نصيحتهم في ثقافة "الشور شورك والرأي رأيك"، هؤلاء مجرد مرايا عاكسة للسلطة ومكبرة، تضخم الذات السلطوية وتنفخ بها، ولا تكترث بعدها لما قد يحدث في الدولة، فهي لا تنظر للغير ولا تتأمل قليلاً "غير النظر في الأنا"، والذات الأنانية النرجسية، بلعت الكثير في زمن فات، وتريد أن تهضم ما بقي؟
مجرد وعد بسيط اليوم من السلطة وننتهي من هذه الفوضى السياسية، التي تجر الدولة إلى شلل كامل في الاقتصاد والسياسة… مجرد وعد بسيط من السلطة يخبرنا بأننا في دولة ولسنا في مسرح للعرائس، يتلاعب بخيوطها حفنة بشر تتخفى خلف ستارة عالية، وتفرض علينا أن نشاهد بكل ضجر مسرحية تافهة ليس بها أبطال ومن دون معنى… مجرد وعد بسيط ينبه الناس بأنهم بشر وليسوا دمى.
«الإخوان» في الخليج (1 – 3)
كتبت قبل ايام مقالا عن «الإخوان المسلمين في الخليج»، وقد وردتني شتائم عدة عليه، ويبدو أنني لمست جرحا حساسا، ولهذا سنعيد الكتابة عن الموضوع، ولكن بالاستعانة ببعض ما ورد في مقال كتبه في سبتمبر 2011 الباحث والكاتب السوداني عمر البشير الترابي، ابن الترابي، الزعيم الإخواني السوداني المعروف، تعليقا على كتاب صدر قبلها بشهر عن مركز المسبار للدراسات والبحوث عن «الإخوان المسلمين في الخليج».
يقول عمر ان تنظيم الإخوان في الخليج هو أقدم تنظيم إسلامي في المنطقة، وموضوعه محاط بسياج من السّرية، وهذا دعا «مركز المسبار» في دبي، لإصدار كتاب عنهم. والكتاب، الذي قدم له رئيس المركز تركي الدخيل، حاول تفكيك الخطاب الإسلاموي ورصد التجربة وتحولات الخطاب، وعلاقة الإخوان بالجماعات والتيارات الأخرى في الخليج، وموقفهم من الظواهر الثقافية السّياسية كدعوات التنوير وغيرها. كما تناول أنشطتهم في دول مجلس التعاون عدا قطر. ويقول ان جذور التنظيم في السعودية تعود لثلاثينات القرن الماضي، عندما رفض الملك عبدالعزيز طلب حسن البنا فتح فرع لهم في السعودية. ولكنهم مع هذا تمتعوا بنفوذ فكري كبير فيها، ولم يعكرها غير موقف الطرفين المتباين من حرب اليمن في بداية الستينات! ويقول ان هجرة الإخوان من مصر بدأت بعد انقلاب ناصر العسكري عام 1952، وتعرضهم للسجن والمضايقات، ولم تنفرج أحوالهم إلا في عهد السادات، وفي اجتماعهم الموسع عام 1971 تَشَكّلت ملامح التنظيم الإقليمي، الذي ضمّ إخواناً آخرين من البحرين والإمارات والكويت، وعلى الرغم من هذا التوسع الجغرافي في التنظيم، فإنّ الدراسة تشير إلى أن دور الإخوان الخليجيين لم يزد على جباية الأموال(!).
ويسأل الكاتب إن كان الإخوان قد عضوا اليد التي مُدّت لهم، وأنكروا جميل إيواء السعودية لهم، ليجيب نقلاً عن وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبدالعزيز، والذي توفي اخيرا وكان وليا للعهد السعودي، إذ يقول «الإخوان أصل البلاء»، ويشير إلى تنكرهم للمملكة التي آوتهم، كما ظهر التنكر في موقفهم أثناء غزو الكويت واحتلالها.
وفي الجزء المخصص للإمارات تضمن الكتاب شهادة اثنين من أهم قيادات الجماعة في الإمارات وهما د. محمد الركن، ود. محمد المنصوري نائب رئيس جمعية الإصلاح في رأس الخيمة، وورد فيها أنّ بدايات الإخوان في الإمارات كانت في أوائل السبعينات، وبتأثير من إخوان مصر والكويت، حيث طالب طلاب البعثات التعليمية للكويت العائدين بإنشاء مؤسّسة تمثلهم في الإمارات أسوة بجمعية الإصلاح الكويتية. ونجحوا في دبي ورأس الخيمة والفجيرة، ولكنهم لم يتمكنوا من تأسيس فرع في أبوظبي، والشارقة. استقطبوا عبر الجمعيّة الطلاب والناشئة واستهدفوا مؤسسات التعليم، وسيطر أتباعها على الأنشطة الطلابية، وفي 1988 أصبح الإخوان المسلمون هم الصوت الأقوى في مؤسسات الدولة التعليمية وفي جامعة الإمارات. تزامن ذلك مع وجود ذراع إعلامية نشطة هي مجلة «الإصلاح». وقد قامت الجمعية عبر مناشطها بحملة تشويه للنظام التعليمي الحكومي في فترة الوزير أحمد حميد الطاير، وقد اعتمد الإخوان أساليب خطابية عاطفية، يعتبرها القيادي محمد الركن دليلاً على عدم نضج الجماعة حينها. وسرد منصور النقيدان، وهو من وضع الدراسة، الأحداث التي أوصلت الدولة إلى حل مجلس إدارة الجمعية وتقييد مجلتها، وإسناد الإشراف عليها إلى وزارة الشؤون الاجتماعية. وعلى الرغم من توتّر علاقة الإخوان مع الدولة فإنهم تمتعوا دائماً بعلاقة خاصة بحاكم رأس الخيمة ـ السابق -الشيخ صقر القاسمي. وإلى مقال الغد.
أحمد الصراف
أهلاً وسهلاً
يحل علينا اليوم ضيوف كرام للمنتدى الآسيوي الذي تقام فعالياته في الكويت، ولأنهم ضيوف كرام فقد لا يعلمون عن الكويت شيئاً، ولا بد أن نقدم لهم نبذة تعريفية عن الكويت غير الذي يقرؤونه في محركات البحث الإلكترونية. فالكويت كما تقرؤون دولة نفطية مساحتها 18 ألف كم2 تقريبا، وقاطنوها 3 ملايين ونصف المليون نسمة، وعملتها الدينار، وعاصمتها الكويت، وجوها شديد الحرارة صيفا، وهي كلمات غير كافية لشرح الكويت طبعا. – نحن نبيع 3 ملايين برميل يوميا بسعر 100 دولار للبرميل، ونصرف 90% من أرباحنا لدفع رواتب الموظفين. – أما الموظفون ممن يتقاضون رواتب بيع ثروتنا فوظائفهم تنحصر في الغالب في تخليص معاملات قاطني هذه الأرض من إجازات دورية، واستجلاب عمالة وافدة، وختم أوراق زائدة عن الحاجة. – لدينا دستور ينظم مختلف مناحي الحياة ويمنحنا حريات لا يحلم بها مجتمع، ولكن قلة فقط من الشعب الكويتي والحكومة الكويتية يرتضون تطبيقه. – قبل أشهر قليلة خسرنا 500 مليون دينار لصفقة لم تتم أصلاً ولم يحاسَب أحد، كي لا يخسر حلفاء اليوم من النواب تحالفهم. – كما تعلمون فقد تم غزو الكويت قبل أكثر من عشرين عاما، وقدمنا ما يفوق الألف شهيد، ولم تخلد سوى ذكرى شهيد واحد منهم لأنه من أسرة الحكم. – في نفس ذلك الغزو سرق بعض الكويتيين ناقلاتنا النفطية واستثماراتنا، وحفظت القضية لعدم كفاية الأدلة. – يعتقد البعض في وطني أن طريق بناء الكويت يتم من خلال إقرار قانون للحشمة. – لدينا جامعة رائدة في المنطقة تسمى جامعة الكويت أنشئت سنة 1966، معظم مبانيها مدارس قديمة. – قبل يومين من وصولكم أقيمت مباريات في الدوري الكويتي لكرة القدم، لكنها لم تنقل على التلفاز لأن الكويت لا تملك كاميرات كافية لتغطية الأحداث. – لدينا بشر قدموا شهداء في الغزو وقبله، ولكنهم اليوم يضربون من وزارة الداخلية لمجرد مطالبتهم بأن يعاملوا كبشر، ونحن نسميهم "بدون". – يوم وصولكم لن نستطيع أن نخرج من منازلنا لأن طرقنا لن تسعنا معكم بسبب الازدحام. – لدينا ملعب حديث وضخم يتسع لـ1.7% من سكان الكويت لكننا لا نستطيع دخوله، ليغدو بذلك أكبر ملعب مهجور في العالم. – نحن نسخر من جميع جنسياتكم لكننا لا نستطيع العيش من دونكم. – ألف دولار تقريبا هو أدنى سعر للمتر المربع في الكويت لأننا نسكن على 7% فقط من مساحتها الكلية. باختصار نحن نملك حرية ومالا وبشرا، ونسعى بكل ما أوتينا من جهد إلى القضاء عليهم بأسرع وقت ممكن، فأهلا وسهلا بكم في الكويت. خارج نطاق التغطية: يرتفع سقف الخطاب يوم الأربعاء ليصل إلى المراجع العليا من قبل البعض، وينخفض نفس السقف من نفس البعض يوم الخميس أمام ابن أخ المراجع العليا.





