من غير المنطقي الجلوس مع النواب أو أصحاب الدواوين أو رجال الدين لحل مشكلة هم ليسوا طرفاً فيها، فالنواب لهم حسابات سياسية قد تتغير بتغير معطيات معينة كأن يحظى أحدهم بكرسي رئاسة المجلس أو آخر بعدد من الوزراء، وغيرها من أمور تحدث كثيراً في اللعبة السياسية ومع كثير من الساسة. أما أصحاب الدواوين خصوصاً التقليدية فلهم كل التقدير والاحترام وإن اختلفوا في الرؤى، فالمشكلة الحقيقية ليست نابعة منهم ولا يملكون أن يقدموا حلولاً لها لأنهم، كما ذكرت، ليسوا أصحاب المشكلة المباشرين. ورجال الدين كذلك مهمتهم تقتصر على الوعظ والإرشاد في أمور الدين كالعبادات، ولا مكان لهم في حراب الدولة المدنية التي يربط أواصرها القانون لا الدين، بل إن جزءاً كبيراً من تخلفنا هو اللجوء إلى الدين لحل الأمور في دولة مدنية، وقد يكون هذا العلاج ناجحاً في عصور سبقت إلا أنه لن يؤتي ثماره طبعاً اليوم في ظل هذا الانفتاح والاطلاع الواسعين على مجريات الأمور في الدول المتحضرة ذات الدساتير العلمانية كالدستور الكويتي الذي حرص واضعوه على ألا يتضمن تمييزاً بسبب الدين، وشدد على أن الناس سواسية بعيداً عن تقسيمات الدين، إلا في مواضع محدودة كالميراث. المشكلة لدى الشباب ومنطقياً الحلول لديهم، المسألة اليوم ليست مسألة مرسوم ضرورة حكومي لتغيير النظام الانتخابي، بل مسألة ظلم يشاهدونه يومياً، وواقع سيئ لا يعالج إلا بعبارات كـ"الحمدلله عالنعمة، والله لا يغير علينا، وعطوهم فرصة". لقد سلب كل شيء من الشباب اليوم، فلا علاج ولا تعليم ولا تطور وظيفيا ولا إسكان ولا رياضة ولا سياحة ولا موسيقى ولا ثقافة ولا علوم، كل المجالات متردية بإدارة حكومية وأحياناً بإرادة نيابية. مجلس الأمة هو النموذج الوحيد الماثل أمام الشباب، والذي يملكون تغييره كل 4 سنوات في الظروف الطبيعة، وكل سنة في السنوات الأخيرة، نعم تصل إليه وفق النظام الانتخابي الحالي معاول الهدم أكثر من البناء، لكن لدى الناخب سلطة التغيير إن أراد، وهو الأمر الأشد وضوحاً والمتنفس الأكثر اتساعاً للشباب اليوم. وأن يُسلب هذا الحق منهم بإرادة حكومية هي شريك أساسي غير متغير في قتل طموحاتهم بكل المجالات، فهو أمر لا يمكن أبداً القبول به، وهو ما سبب ردة الفعل العنيفة تجاهه. نعم قد يخطئ الشباب أحياناً في أساليب رفضهم، وهي نتيجة طبيعية لتردي تعليمهم وتوعيتهم من الأساس، والذي تعمدت الحكومة أن يكون سيئاً على مدى سنوات طوال، نعم قد يتطرف بعض الشباب في مطالبهم، وقد يردد آخرون مصطلحات وعبارات لا تمت لا لدستور ولا لقانون بصلة، وهي أمور تحتاج إلى تقويم لا إلى قمع أبداً. الجلوس مع الشباب ومحاورتهم ومنحهم سلطات أعلى من عبارات تردد بالمناسبات هي الحل قطعاً، وهي ما سيقود سفينتنا إلى بر الأمان والتنمية، فاستمعوا إليهم قبل تخوينهم والاستهانة بحراكهم والتشكيك في نواياهم، فهم مبعث الرجاء ومعقد الأمل. خارج نطاق التغطية: يحذر الكثيرون من بعبع "الإخوان"، ويتناسون أصلاً من جعله بعبعاً على مر الثلاثين عاماً الماضية، ومن سلمهم المساجد وأغلق الجمعيات إلا جمعيتهم، وقبل بإهانتهم لكل الكويت وسكت عن موقفهم في الغزو، وقلدهم كل المناصب القيادية لينتشروا ويحققوا أهدافهم، فمن جعل من "الإخوان" خطرا ليسوا الشباب أبداً.
أكلة سمك على البحر!
جمعنا قبل مدة عشاء سمك على احد شواطئ بيروت وكان من الحضور مستشار سياسي بارز لاحد قيادات الدولة اللبنانية الرئيسيين وجمع من الاعلاميين اللبنانيين والعرب والخليجيين ممن تطغى عليهم صبغة اليسار والمعارضة العربية التقليدية كحال د.امين اسكندر والصديق زاهي وهبي.
****
ابتدأ احد الناصريين المصريين الحديث باظهار رغبته في أن تشهد السنوات الاربع المقبلة اخفاقا ذريعا للحكومة المصرية القائمة واعلن انهم يعملون جاهدين كتجمع سياسي لإفشال كل ما تقوم به الحكومة من اعمال، وقد أبديت اعتراضي على ذلك التوجه وذكرت انني رغم اختلافي التام مع التوجهات المصرية الرسمية الحالية الا انني لا اتمنى على الاطلاق فشل الادارة المصرية كونه يمثل بالنهاية فشلا للعزيزة مصر قد ينتج عنه ما لا تحمد عقباه، فبلدان المنطقة هذه الايام اقرب لمنازل الورق او بيوت الشواطئ المعرضة للهدم مع اول هبة هواء.
****
وقد بادرني المستشار السياسي اللبناني بالقول انكم في الكويت اول من انشأ ميليشيا في لبنان، موضحا انكم اول من دعم وسلح ابوعمار وقواته، وكانت اجابتي بأن الميليشيات في لبنان اقدم من تاريخ بداية الحرب الاهلية الاخيرة، ونعم لقد دعمنا القضية الفلسطينية بالمال والتعليم والنضال السياسي وفتح فرص العمل للفلسطينيين لدعم صمودهم الا اننا وللتاريخ لم نعطهم رصاصة واحدة، مضيفا: قد كنت اتفهم موقفك لو كنت انت من المنضوين تحت حزب الكتائب والقوى المسيحية اللبنانية التي خاضت الحرب ضدهم، اما وانت من يدافع عن مشروع المقاومة فأنت تعلم قبل غيرك ان ابوعمار واسلحته كانت تمثل الجزء الاكبر من المقاومة ومن الحركة الوطنية واليسارية آنذاك، لذا لا افهم انتقادنا فيما لو خذلنا القضية الفلسطينية وان ننتقد فيما لو ايدناها.
****
وامتد الحوار لبعض المعارضين البحرينيين وكان موقفي الطلب منهم خفض سقف مطالبهم كي يمكن بدء حوار مثمر وبناء مع الحكومة البحرينية، فالسياسة هي فن الممكن لا طلب المستحيل لصالح البحرين ومستقبل ابنائها وللنأي بها عما يدور في المنطقة من مخططات، فالتصلب يعني الحكم المسبق بفشل اي حوار وقد وعد البعض بنقل تلك الرؤى لقيادات المعارضة البحرينية الرئيسية.
****
آخر محطة: ختم سامي كليب مقدم برنامج «لعبة الامم» في قناة الميادين اللقاء بالقول انني شديد الذكاء شديد الثقافة وانني اعمل على الارجح لصالح C.i.A (اي الاتهامات المعلبة المعتادة) وقد طلبت من الآخرين ان يبدوا رأيهم في ذلك القول دون حرج وحمدت الله على ان احدا لم يوافقه على ذلك الاتهام وكان ردي ان عملاء المخابرات الاميركية لا يدافعون عن اميركا في العلن كما اقوم بذلك على الفضائيات كي لا ينفضحوا، لذا عليكم ان تبحثوا عن هؤلاء العملاء بين من يدعي العداء لاميركا فهذا هو الامر المعتاد عبر التاريخ.
لماذا ستنام مصر مبكراً؟!
بدءا من شهر نوفمبر المقبل ستغلق المحلات والأسواق في مصر الساعة العاشرة ليلا بقصد توفير 20% من كمية الوقود المستهلكة لاستخدام الطاقة، وعليه أعتقد أننا سنبدأ في القريب العاجل برؤية سياحة مصرية مضادة، حيث سنستقبل في الكويت السائحين المصريين الراغبين في السهر ورؤية المطاعم والمحلات والأسواق المفتوحة 24 ساعة في اليوم طوال الأسبوع.
***
وأصدر الشيخ المعروف يوسف البدري فتوى بضرورة هدم وتدمير التماثيل والآثار في مصر خوفا من عبادتها، مرة أخرى سنشهد في بلدنا سياحة مصرية مضادة ـ إذا ما تم ذلك الأمر ـ لمشاهدة تماثيل وآثار جزيرة فيلكا الخالدة، في هذا السياق أرسل أحد الظرفاء الكويتيين يدعو شعبنا للسياحة والإقامة في فيلكا أحلى الجزر واللي دار ما دارها بحر، كما أتى في الأغنية الشهيرة «هل هناك جزيرة لا يحيط بها الماء؟» حيث لا اشكالات سياسية فيها ولا اضطرابات بل.. قليل من الجن!
***
وإلى الفتاوى الجادة وما ذكره د.نصر فريد مفتي مصر الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية في لقاء مع جريدة الصباح المصرية من ان من يحج للمرة الثانية والثالثة.. الخ شريك في قتل من يموتون جوعا ومرضا، فالحج حسب قوله فرض مرة واحدة لمن استطاع اليه سبيلا ورسول الأمة حج مرة واحدة فقط ومن يحج مرة ثانية وهو يعلم بحاجة غيره لما سيدفعه في تلك الحجة من مال للحصول على الطعام والشراب والتداوي هو شريك في قتلهم إن تركهم يهلكون.
***
آخر محطة: ذكرت منظمة غلوبال سوفريغ المختصة في قضايا الائتمان في العالم ان الديون المصرية هي من أكثر ديون العالم احتمالا للتوقف عن السداد خلال الـ 5 أعوام المقبلة، وكشفت المنظمة ان اليونان هي الأولى عالميا في احتمالية التوقف عن السداد تليها قبرص والأرجنتين وباكستان وفنزويلا (بركات شافيز) وأوكرانيا والبرتغال وإسبانيا ثم لبنان في المرتبة التاسعة ومصر العاشرة.
المصالحة الوطنية… لا شيء من ذلك (2)
لا يمكن بأي حال من الأحوال، الترويج لعنوان كبير كـ «المصالحة الوطنية» والادعاء بأن تلك المصالحة هي المؤدية إلى الاستقرار في المجتمع ما لم تتم مطابقة المفهوم والممارسة وفقاً لتعريف المصالحة الوطنية. وكما أشرت في المقال الأول باعتبارها – أي المصالحة الوطنية – هي آلية لحل النزاع، وهي بديل ونقيض لآلية «القوة» التي تفضلها العقليات التي لا تؤمن بالآخر، وبين استخدام «القوة»، واستخدام «المصالحة الوطنية»، هناك آليات أخرى تدخل بين هذين النقيضين، إذ إن هناك آليات «المقاضاة» و «الوساطة» و «التحاور والتفاوض» و «التحكيم»، وهناك خليط بين هذه الآليات.
وفي هذه الدائرة نستعرض بإيجاز أسس المطالبة بالمصالحة الوطنية في اليمن، الجزائر، والمغرب، كأمثلة، لنعرف بوضوح أن الأزمة في البحرين لا تتطلب مصالحة وطنية بقدر حاجتها إلى «مصالحة نوايا» أولاً بين السلطة والمعارضة، تتأسس على الإنصاف والمساءلة ومحاسبة كل طرف تسبب في الإضرار بالوطن والمواطن، لا على أسس الادعاء المزاجي، بل على أسس العدالة الكاملة.
ففي اليمن، وفقاً للكاتب عبدالله الذيفاني، فإن المصالحة الوطنية في اليمن «مطلوبة بامتياز»! ثم يفرع الأسباب: تجاوز غياب التنمية وانتشار حالة الفقر والبطالة، شيوع الاختلالات المعيشية البشعة، إعادة الاعتبار للجيش والأمن وإخراجه من أسر الفوضى والتبعية الحصرية لعائلة وعصابة مستفيدة وضعته في مواجهة شعبه. ثم يشير أيضاً إلى أن المصالحة في اليمن ضرورة لمنع الاستلاب السياسي.
ولنذهب إلى المصالحة الوطنية في الجزائر، فهي في الأساس مشروع مصالحة انطلق بعد أحداث العام 1991 السياسية البحتة، وقادها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة بجمع الأطراف المتصارعة، ثم أخضع مشروع المصالحة لاستفتاء شعبي صوّت الشعب الجزائري لصالحه.
أما في المغرب، وكما يقول الباحث بمعهد الوارف للدراسات الإنسانية ادريس لكريني، فإن المصالحة الوطنية تأسست على تشكيل لجنة من الناشطين والمناضلين والحقوقيين والمتعقلين السياسيين السابقين، وفتحت اللجنة ملفات الانتهاكات الجسيمة التي شهدها المغرب في الفترة ما بين العام 1956 حتى العام 1999، كفلت رد الاعتبار للضحايا ومكّنت المتضررين من استعادة حقوقهم وتعويضاتها، وقدمت توصيات لتجاوز وقوع الأحداث ذاتها في المستقبل.
إذاً، وحتى نختصر المسافة بين معنى المصالحة الوطنية وحقيقتها، فلاشك أن في النموذج العراقي صورة أوضح، فالقوى السياسية هناك شدّدت على أن المصالحة الوطنية كمفهوم تصالحي مبني ومرتكز على أسس الوطنية الحقة هو مطلب شعبي وجماهيري مقبول من الكل، ولا يمكن رفضه كمفهوم علمي ووطني على أن يكون الطرح فيه موضوعياً شفافاً لا تعلوه أية ضبابية أو غموض، للوقوف على الأهداف المرجوة من ورائها. ولهذا كانت التساؤلات المطروحة هي المؤسس الثابت للمصالحة الوطنية: مع من ستتصالح حكومته؟ هل ستتصالح مع من قتله في الشمال أم مع الذي ذبحه في الجنوب أم مع الذي فجّره في الوسط أم ستكون مع أزلام النظام السابق وفلوله المتناثرة؟ أم مع الذي يريد سكب الزيت على نار الطائفية؟ أم التيارات الإرهابية التي استباحت ما استباحت من دماء الأبرياء طرف في معادلة الصلح؟
باختصار، لا يوجد في البحرين ولا سبب واحد وجيه لمصالحة وطنية! بل في ظني، أن من كان يروّج لهذا العنوان يريد أن يعطي صورة مغالطة مفادها أن في البحرين مشكلة بين الطوائف! وهذا الأمر لا يصمد لأن المشكلة سياسية متكررة وتظهر، كما عهدنا، كل عقد من الزمان، فلا نحتاج إلى مصالحة وطنية.
الأزمة بين سلطة ومعارضة، فالجمعيات السياسية المعارضة كرّرت موقفها الثابت بضرورة الحل السياسي للأزمة في البحرين عبر حوار جاد بين الممثلين الحقيقيين والقوى الفاعلة لجماهير شعب البحرين مع الحكومة، بضمانات جوهرية بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.
الجمعيات السياسية (الوفاق، التجمع القومي الديمقراطي، وعد، الوحدوي، الإخاء الوطني)، طالبت أيضاً بوقف ممارسة الشحن الطائفي من قبل الإعلام الرسمي، وأن استمرار وسائل الإعلام الرسمية وكتاب ومثقفين (معينين) في الهجوم على المعارضة وممارسة الشحن المذهبي وتأجيج الفتنة في البحرين، وهو ما يستدعي أن تكون لجنة جمع خطب الجمعة التي أعلنها وزير العدل قد سجلتها، بالإضافة إلى الشتائم والسب العلني بحق فئات عدة في المجتمع البحريني… كل تلك المحاور حقيقية، لم تتخذ السلطة ضدها أي إجراء إطلاقاً.
وبالمقابل، هناك جمعية الوسط العربي الإسلامي، التي أصدرت بياناً لها يوم الثلثاء (9 أكتوبر/ تشرين الأول 2012) أشارت فيه إلى أن ما يُروّج من منابر رسمية وغيرها بشأن الحوار لا يعدو كونه استهلاكاً إعلامياً يدفعه استهلال بالالتفاف على أسس وسيلة الحوار التي هي غاية المصالحة الوطنية. بل ذهب البيان الذي وصف الحوار المزعوم بـ «إعلام الاستهلاك المحلي»، يقابله مقاييس التعميم والتغييب المستخدمة عند المعارضة التي تقدم طرحاً يحتكر الكمال ويرمي غيره بالنقيصة. من يتسمون بالمعارضة يزعمون أنهم وحدهم من يمثل الشعب والباقي ورق في يد السلطة. وهم أيضاً، بهذا الزعم، وحدهم من يقول الحق والباقي يزهق مع باطله في قول لا يجب أن يرتفع إلى مسامع الآذان، وإن ارتفع فهو هزل وإن جد جده. وهم كذلك وحدهم من يلبس العباءة الوطنية والآخرون عليهم أسمال الطائفية البالية وملامح البلطجة والعمالة… وهكذا دواليك». (انتهي الاقتباس).
المشكلة ليست في كيفية صياغة المطالب أو الترويج للمصطلحات أو الادعاء بأحقية هذا الطرف أم ذاك، أو قل كتابة البيانات وإلقاء الخطب والمعلقات التي لا تشبه المعلقات إلا في كونها «جاهلية» فحسب. المشكلة، بل أس المشكلة، هي أننا نعيش في وطن يعاني أزمة، ولا تريد السلطة إنهاء هذه الأزمة. ولو أرادت لعرفت الطريق لذلك، من دون استخدام الحلول الأمنية التي ستضاعف في ظني، الأزمة أضعافاً مضاعفة مستقبلاً.
بأي حال عدت يا عيد؟!
ما أنزلت الأعياد إلا للفرح والتسامح والتصالح والسرور، فبأي حال يعود العيد علينا في الكويت؟! عبر تاريخ الكويت لم نشهد ما نشهده الآن من قطيعة بين الإخوان وسنسرد بعض الأحداث التاريخية المهمة التي مرت علينا ولم تتسبب بالقطيعة بين الفرقاء رغم التباين في وجهات النظر حول بعض الأحداث الجسام التي هي أكبر بكثير من أحداث هذه الأيام.
***
في عام 1967 اتُهمت وزارة الداخلية بتزوير الانتخابات النيابية وقد استقال بسبب ذلك البعض ممن فازوا في الانتخابات النيابية أمثال عبدالعزيز الصقر ومحمد عبدالمحسن الخرافي ومحمد العدساني وعلي العمر وعبدالرزاق الخالد وراشد الفرحان وخالد مسعود الفهيد، ولكن وفي المقابل بقي في ذلك المجلس شخصيات كويتية لا يمكن لأحد ان يشكك في إخلاصها ووطنيتها دون قطيعة مع الآخرين أمثال احمد زيد السرحان ومحمد حمد البراك وعباس حبيب مناور وراشد الحجيلان وعبدالله دشتي وغيرهم.
***
وفي عام 1976 تم أول حل غير دستوري لمجلس الأمة وعُلقت بعض مواد الدستور وتوقف المجلس عن الانعقاد، ومع ذلك شارك في الحكومة آنذاك شخصيات لا يشك أحد قط في إخلاصها ووطنيتها ولم تقاطع الحكومة أو المشاركة بها أمثال محمد يوسف العدساني وحمود يوسف النصف وجاسم الداوود المرزوق وعبدالله يوسف الغانم وعبدالله المفرج ويوسف الحجي وغيرهم.
***
في عام 86 تم حل مجلس الأمة للمرة الثانية حلا غير دستوري ومرة أخرى تشارك ولا تقاطع شخصيات وطنية في أعمال الحكومة آنذاك أمثال: جاسم الخرافي وأنور النوري وراشد الراشد وناصر الروضان وعيسى المزيدي وعبدالرحمن الغنيم وعبدالرحمن الحوطي وعبدالرحمن العوضي وفيصل عبدالرزاق الخالد.
***
وفي عامي 90 و91 إبان أعمال المجلس الوطني شاركت في الحكومة شخصيات وطنية كويتية أمثال د.حمود الرقبة ود.رشيد العميري وسليمان المطوع وضاري العثمان وعبدالله الغنيم وعبدالوهاب الفوزان ود.علي الشملان وم.فهد الحساوي ود.بدر اليعقوب، كما شارك في أعمال المجلس شخصيات لم يشكك الشعب في وطنيتها بدلالة إعادة انتخابها لاحقا في مجالس الأمة وانتخاب امتدادها ممثلا في أبنائها.
***
آخر محطة: نتمنى في هذه الأيام المباركة ان نلتف جميعا حول الكويت وقيادتها الدستورية والشرعية ممثلة بسمو الأمير حفظه الله، لا أن نختلف حولها فهذا ما لا يريده الشعب ولن يغفر لنا التاريخ قط.. اذا ما ضيعنا بلدنا.. مرتين!
حلم سياسي
رأيت فيما يرى النائم، ان الحكومة رجعت عن رأيها، وتسامحت مع شباب الحراك، وأعادت الأمور إلى نصابها كما كانت قبل إصدار مراسيم الضرورة، وجرت الانتخابات على أساس قانون الدوائر الخمس والأصوات الأربعة، وعادت الأغلبية بمشاريعها الإصلاحية، وأقر قانون الدائرة الانتخابية الواحدة، وأنشئت الأحزاب الوطنية، وأنهى مجلس الأمة سنواته الأربع بكل سلام.
وجاءت الانتخابات الجديدة، وقد انضممت للتو لحزب سياسي معارض كبير، وقد قرر الحزب إبعاد رموز المعارضة السابقة عن الترشح لمجلس الأمة والاكتفاء بإعطائهم مناصب حزبية مرموقة، ومثل شبيبة الاحزاب السياسية في مجلس الامة، تغير الخطاب السياسي وتحول الى خطاب تنموي، تشكلت الحكومة من رئيس وزراء من الاسرة وأغلب الوزراء من ائتلاف الاحزاب الفائزة.
أقيم احتفال شعبي كبير في ساحة الإرادة، بمناسبة افتتاح أعمال مجلس الأمة الجديد، وأطلقت الألعاب النارية احتفالا بهذه المناسبة، ولقد أرعبني صوت المفرقعات وسقطت على الأرض مغشيا علي، وتجمع حولي الكثير محاولين إفاقتي، احدهم يسكب عليّ الماء والآخر يصيح عليّ لأصحو، ولما فتحت عيني أخيرا، فإذا بي فعلا في ساحة الإرادة ولكن في مظاهرة الاحد الماضي، حيث كانت المظاهرة سلمية وتم التعامل معها بطرق غير سلمية، عندها عرفت اني كنت احلم او اهذي، وقمت مسرعا الى مسجد قريب لأتوضأ وأصلي، وأدعو الله ان يجنبنا الفتن وان تمر الأزمة على خير.
حاجة كده يعني… يعني…
الله يرحم الأديب والشاعر الشعبي المصري نجيب سرور، أكبر صايع عرفه تاريخ الشعر بعد مظفر النواب وامرئ القيس. ويكفيه أن النقاد استبدلوا اسم ديوانه بعد وفاته كي يتمكن الناس من قراءته.
ذات جلسة، سئل نجيب عن أفضل طريقة يتعلم منها المرء الشعر وصياغة القصائد، فأجاب: "الشعر ميجيش بالتعليم، الشعر حاجة كده… يعني… يعني… يعني… زي… يعني… يخرب بيت أمك على أم سؤالك الغبي"، كذلك الحال بالنسبة للكرامة، متجيش بالتعليم، إنما هي حاجة كده يعني… يعني… يعني… زي… يعني".
لا تقل إن فلاناً تاجر، أو شيخ قبيلة، أو حاكم، أو وجيه، أو كاتب عربي يكتب في صحف عربية واسعة الانتشار، مضت عقود من الزمن وهو يلهط من أموال الشعوب ما تيسر، وإنه لا يحتاج إلى إذلال نفسه ومرمطة جبهته في التراب، باعتبار أن لديه من متاع الدنيا ما يكفيه. لا، لا تقل ذلك أبداً، فلا علاقة للشبع والثراء والمكانة بالشموخ الداخلي ورفض العبودية والاعتداد بالنفس، فالمسألة حاجة كده… يعني.
ولم يتخلف العربان بالمصادفة المحضة البحتة، بل نتيجة عمل دؤوب ومنظم من قِبل السلاطين ووعاظهم وشعرائهم وكتابهم وبصلهم وقثائهم. وكما فعل الشعب التشيلي بـ"أدباء البلاط" بعد إسقاط الديكتاتور "بيونيشيه"، سيفعل العرب في أبناء جلدتهم من أدباء "البلاطات"، خبراء اللعق.
هم – أقصد أدباء البلاط وكتّابه – على أي حال في خريفهم، بينما تعيش الشعوب العربية ربيعها، هم تصفرّ أوراقهم بعدما كانت بلون "الدولار"، والشعوب العربية تخضرّ صحاراهم، بعد سنين من القحط. وكما أن الخير ينتصر أخيراً على الشر، في المسلسلات العربية، كذلك تنتصر الشعوب، وسيسقط هؤلاء الكتاب والوعاظ وأشباههم، في الحلقة الأخيرة من المسلسل… هانت، نحن الآن في الحلقة ما قبل الأخيرة، أو التي قبلها.
كوسوفو وقوة عين «الأمانة»
أطلق اسم كوسوفو على الجمهورية الوليدة نسبة إلى السهل الذي وقعت فيه أكبر وأشرس المعارك بين جيوش الدولة العثمانية والصرب، ونشأت بعدها بسنوات «ولاية كوسوفو» العثمانية، والتي أصبحت عام 1913 جزءاً من مملكة الصرب، لتصبح عام 1918 جزءاً من يوغوسلافيا، وتحصل عام 1963 على الحكم الذاتي في عهد تيتو، ولكنها فقدت ذلك عام 1990، بعد إصرار الصرب على أن تكون جزءاً من دولتهم. وبعدها بتسعة أعوام، وبعد معارك ومذابح عرقية ودينية شرسة ذهب ضحيتها مئات آلاف المسلمين، تدخلت قوى حلف الناتو وحررت كوسوفو وقبلها البوسنة من شرور الصرب! وبالرغم من وضع كوسوفو الاقتصادي المتدهور، ووجودها ضمن أرض مغلقة دون منفذ بحري، وبسكانها البالغ عددهم مليوناً و700 ألف، فإن برلمانها أعلن عام 2008 عن قيام «جمهورية كوسوفو»، ولكن لم تعترف بها أي دولة تقريباً!
ولأن الشوارع في كوسوفو جميلة ورائعة، ولا تحتاج لشيء إلا «الزفتة»، ومستشفياتها تتوافر فيها كافة الأجهزة والخدمات ولا تنقصها إلا الأسرة، ومدارسها منظمة وجديدة ولا تحتاج لشيء غير السبّورات، ودور رعاية كبار السن والأيتام ورياض الأطفال فيها نموذجية وذات مستوى عال ولا تشكو إلا من نقص الشبابيك والأبواب، ولأن مكتباتها الوطنية تزخر بكل شيء عدا الكتب والمراجع والمخطوطات، ومحطات توليد الكهرباء فيها حديثة ولا ينقصها غير الوقود لتشغيلها، فبالتالي لم يجد مسؤولو الأمانة العامة للوقف في الكويت شيئاً تحتاجه جمهورية كوسوفو غير تقديم الدعم لمدرسة شرعية، وهنا تبرعت الأمانة لإحدى الجمعيات الخيرية بمبلغ 25 ألف يورو لتطوير مدرسة علاء الدين الشرعية، التي تعد مركز «إشعاع»، لأن مواطني الجمهورية الفقيرة بحاجة ماسة لتقوية وازعهم الديني بعد سني الحرب المدمرة! وهذا يعني أن الأهالي لا ينقصهم، والحمد لله، الذي لا يحمد على مكروه سواه، شيء غير ضعف الوازع الديني! ولا أدري كيف يمكن أن يساهم مبلغ عشرة آلاف دينار تقريباً في تغطية تكلفة النقص في الوازع الديني لأكثر من مليون و700 ألف إنسان، كما ورد في خبر القبس (10/1)؟ لقد كان بإمكان الأمانة دفع التبرع دون الإعلان عنه في الصحف! ولكن المثل المصري يقول: ناس تخاف ما تختشيش!
أحمد الصراف
www.kalama nas.com
لماذا العنف؟
في السياسة يمكن أن تكون ردة فعلك اقل مما هو مطلوب أو أكثر بكثير منه.
في أحداث ليلة الأحد، كانت ردة الفعل الحكومية خلالها عنيفة جدا تجاه المواطنين المتجمهرين في ساحة الإرادة والساحات الأخرى، وما صاحبها من ضرب واعتقال المتجمهرين الرافضين لقانون الانتخاب الجديد، أمر سيئ جدا بل كارثي.
فهل من المعقول أن يستخدم كل هذا العنف ضد أبناء الوطن لمجرد أنهم يطالبون بالمحافظة على مكاسبهم الشعبية المستحقة والدستورية والمتمثلة بالأصوات الانتخابية؟! القضية في النهاية ليست سوى «أربعة أصوات» فقط، لم يطالبوا بأكثر من ذلك، لم يتعدوا على سلطات الآخرين أو يطالبوا بتقليصها، لم يخلوا بأمن البلد او بأمن الأشخاص، فلماذا يتم التعدي على كراماتهم وضربهم بالمطاعات والقنابل المطاطية والصوتية، وبأي حق تهدر دماؤهم في الأشهر الحرم، هل أصبح الخيار الأمني ضد التجمعات السلمية هو السياسة الجديدة المعتمدة.
لماذا يتم تحدي إرادة أغلبية المواطنين؟ الكل يعلم انه في ظل القانون الجديد لن تتشكل أغلبية برلمانية متجانسة، وسيؤدي ذلك إلى ضعف البرلمان وسيشل قدرته على الرقابة والتشريع وسيقوي بدوره الحكومة القادمة.
كما أن مراسيم الضرورة وبالأخص قانون الانتخاب عرضة للطعون الانتخابية في المحكمة الدستورية، وقد ندخل في متاهة قانونية جديدة.
لا أحد على حق مطلق
اعتقد أن كل من يدعي بأن مشاعره ليست مختلطة أو متضاربة اتجاه ما يحدث على الساحة غير صادق مع نفسه، فمن الواضح، بالنسبة لي على الأقل، أن لكل من الطرفين حججه وأسانيده وأعذاره وتبريراته، وبالتالي من الضروري الانصات لما يقوله كل طرف! ولكن، بالرغم من وجاهة كل ما تطرحه المعارضة من آراء تتعلق بالحرية والديموقراطية وما تطالب به من ضرورة التمسك بالدستور وتطبيق القانون على الجميع وعدم التفرد بالقرار، فان سابق تجاربنا مع زعامات، أو قيادات المعارضة، تقول ان من الخطأ الهرب من الرمضاء، إن صح التعبير، والاستجارة بالنار! فقوى المعارضة، بغالبية اطيافها، هم عنوان التخلف والتشدد الديني والتسلط في الرأي، ولا ضمان بالتالي في أن الوضع سيكون افضل متى ما وصل هؤلاء الى سدة القرار النيابي او التشريعي، وربما التنفيذي تاليا، وعلينا بالتالي التمسك بمكاسبنا الحالية ورفض التغيير القسري، مع مطالبة السلطة بتنفيذ وعودها في الالتزام بمواد الدستور «حرفيا»، والإصرار على تطبيق القانون على الجميع، ولا استثناء لأي فئة من مواده، كما هو حاصل الآن!
إن الكويت على مفترق طرق، وبالرغم من كل ما ننعم به من خير، فان هذا ليس مبررا لأن يهان المواطن، وتمنع عنه حقوقه، ويحرم من إنسانيته بحجة أن الدولة وفرت له الطبابة والدواء والتعليم والراتب المجزي، فليس بالخبز ولا بالدواء وحدهما يحيا الإنسان، وعلى الحكومة أن تتنبه لهذا الأمر وتعمل صادقة على احترام فصل السلطات وتطبيق القانون، وأن تعرف حدودها جيدا، بحيث لا يكون هناك اي استثناء، فقد تغير الوقت وأصبح التفرد بالقرار من سمات الماضي.
***
• ملاحظة:
أعجبتني كثيرا الطريقة التي صيغ بها خبر لقاء «وجهاء» القبائل بصاحب السمو الأمير، حيث خلا الخبر تماما، ولأول مرة ربما، من أي ألقاب، بخلاف «وجهاء»، وهو ما لم تعتد الصحف عليه! وحري بالذين يطالبون الحكومة بتطبيق القانون، قص الحق من أنفسهم والالتزام بالقانون من خلال التخلي عن غير «القانوني» من تسميات وألقاب!
أحمد الصراف
www.kalama nas.com





