احمد الصراف

أقوال ومواقف

عندما جاء البولندي نيكولاس كوبرنيكوس Nicolaus Copernicus عالم الفلك والرياضيات الشهير (1473 – 1543) ليفضح جهل البشرية جمعاء، وقبلهم كل من ادعى العلم والمعرفة، وقال إننا إن راقبنا نقطة في السماء بشكل جيد لوجدنا تفسيرا منطقيا لحركة الكواكب وشدة استضاءتها ومساراتها غير المفهومة، وأن الشمس هي مركز الكون، وأننا ندور حولها، وليس العكس، كما كان رجال الكنيسة في عهده يؤمنون، ولا يزال الكثير من أمثالهم يؤمنون. وأن كل النجوم والأجرام السماوية التي نراها تدور حول الأرض، هي في الواقع تبدو كذلك بسبب دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس، أي إن معلوماتنا عن الأرض والأجرام السماوية ما هي إلا أوهام. أما الحقيقة فشيء مختلف تماماً.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف تسنى لكوبرنيكوس أن يكون الوحيد في عصره، والأول في التاريخ البشري، الذي عرف تلك الحقيقة؟ والسؤال الآخر: ما حجم الأمور «الوهمية» الأخرى في حياة شعوب الدول المتخلفة، الذين طالما آمنوا بها كحقائق مطلقة، ثم أتى العلم ليثبت خطأهم، ومع هذا أصرّوا، في غالبيتهم، على رفض التخلي عن أفكارهم؟ لا شك أن الإجابة ستكون مقلقة، فالعلم، والعلم وحده، هو الذي أزال الغشاوة عن أبصارنا، وبيَّن لنا خطل الكثير من المعتقدات والمسلَّمات في حياتنا، أقول ذلك بالرغم من الحقيقة أن الغالبية اختارت «العمى والطرش» وتمسَّكت بخرافاتها حتى اللحظة. فالأرض بالنسبة لي مثلاً، وحتى ما قبل نصف قرن، كانت مسطحة، فعقلي الصغير، أو الساذج، لم يكن يستوعب أنها يمكن أن تكون كروية، إلا أن أحد الأساتذة في مدرسة الصديق سألنا يوما، في سعيه لإثبات كروية الأرض، عن سبب رؤيتنا لقمة سارية أي سفينة قادمة في البحر قبل رؤية جسمها الطافي، الأكبر حجماً والأكثر وضوحاً في شكله وألوانه؟
وكما ظلمت الكنيسة الكاثوليكية عام 1543 نيكولاس كوبرنيكوس، فإنها ظلمت من جاء بعده ليثبت ويؤكد نظرية أن الشمس مركز للكون، وهو الأمر الذي ظل محل نزاع وشك لمئتي عام تالية، فإنها ظلمت أيضا جاليليو جاليلي في عام 1610، الذي كتب مدافعا عن نظرية كوبرنيكوس، وهو ما تسبب في اتهامه بالهرطقة عام 1632، وتقديمه إلى محاكم التفتيش. وفي الفترة نفسها، تأثر عدد من العلماء الآخرين بكوبرنيكوس، من أمثال توماس ديجز وجوردانو برونو، بتوصلهم إلى أن الكون لا نهائي، أو على الأقل غير معروف إلى أي مدى هو ممتد، ودفعوا ثمن آرائهم غالياً. وظلت المعارضة «الدينية» لتلك النظريات حتى القرن السابع عشر الميلادي، حيث أصبحت مقبولة، بعد تعديلها بصورة جذرية، وبعد أن أتمّ إسحاق نيوتن عام 1687، نظرية كوبرنيكوس بأطروحته المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية التي قدّم فيها شرحاً فيزيائياً أظهر فيه أن الكواكب تظل في مداراتها بسبب قوى الجاذبية.
والسؤال الثالث: أين كانت مجتمعاتنا في السنوات 1543 و1910 أو حتى 1950؟ وما الذي يجري بين ظهرانينا على أيدي مجموعات متخلفة ومتطرفة دينيا من شذاذ الآفاق، من غربيين وشرقيين، تارة باسم داعش وأخرى باسم النقشبندية أو البعثية أو الإخونجية أو النصرة وعصائب أهل الحق وجيش المهدي وفيلق بدر، وغيرها من الفصائل المسلحة التي لا يتسع المجال لذكرها هنا؟ فهل نحن بحاجة لأن نؤكد، بالخسائر البشرية الهائلة، للعالم أجمع أننا لا نزال نعيش في فترة ما قبل كوبرنيكوس؟

أحمد الصراف

سامي النصف

لا جديد تحت شمس العراق

في الأسابيع الأولى من شهر أبريل 1991 وتزامنا مع الثورة في 14 محافظة عراقية، نشرت جريدة الثورة الحكومية سلسلة مقالات قيل في حينها إن كاتبها صدام أو في الحدود الدنيا إنه داعم لمن كتبها، تطعن بشكل مقزز لا في الثوار، بل في أخلاق مكونات رئيسية من الشعب العراقي وتتهمهم بالجوع الدائم للمال وانهم يبيعون أعراضهم لأجله كما أنهم شديدو القذارة لنومهم وسط غائط حيواناتهم، وكيف لحاكم أن يصف أحد مكونات شعبه بتلك الصفات؟ وهل يحق له بعد ذلك أن يحكمهم؟!

***

وما نراه قائما في العراق هذه الأيام هو تطبيق لخارطة طريق صدامية دموية خاطئة جربت مرارا في السابق فدمرت العراق وسفكت دماء أبنائه ومهدت لتقسيمه وتفتيته مع تغيير طفيف في المواقع، فقد استبدلت حملات تجنيد أهل الشمال والغرب وزجهم في حروب قمعية على أهل الوسط والجنوب، بحملات تجنيد أهل الجنوب والوسط وزجهم في حروب قمعية على أهل الغرب والشمال وكل ما يسفك من دماء في النهاية هو دماء العراقيين وكل ما يدمر هو بنيان أهل العراق جميعا، فأين الفائدة والمكسب مما يجري؟! ألم يحن وقت تغيير المالكي واستبداله بحكومة وحدة وطنية تحقن الدماء وتبدأ عملية الانماء التي طال انتظارها؟!

***

آخر محطة: 1 – أعلن الفاتيكان في أكتوبر 1965 تبرئة اليهود من دم المسيح، رغم أن أجدادهم قالوا «دماؤه علينا وعلى أبنائنا من بعدنا»، حيث رأى الفاتيكان أن يهود هذه الأيام لم يسألوا ولم يشاركوا في دم المسيح، فكيف يحمل السيد المالكي أبناء وطنه هذه الأيام دم سيد الشهداء الذي يندم على استشهاده الجميع؟!

2 – لأجل عراق زاهر وآمن ينعم بالسلام والمستقبل المشرق نرجو من شعبه الشقيق أن يقدم المغفرة على الانتقام والمحبة على الكراهية والرحمة على القانون ومعرفة حقيقة أن ما حدث للعراقيين من مآس وقتل وتدمير حدث مثله وأكثر لدى أمم أخرى إلا أنها تعالت على جروحها وتسامحت وتسارعت خطاها للأمام.

3 – مازلت أذكر في الصغر آلاف العراقيين الفارين من الجيش العراقي كونهم لم يكونوا مقتنعين بحملاته على قرى الأكراد في الشمال، حيث الجبال والثلوج التي لم يروا مثلها طوال حياتهم.

احمد الصراف

نظريات وبُعد نظر

“>امتلكت في حياتي، كغيري، مئات السيارات والأجهزة المنزلية والأدوات الإلكترونية، ولا أعتقد أنني قمت ولو مرة واحدة بالاستفادة من كامل طاقة اي جهاز أو سيارة، دع عنك معرفة كل مزاياها. فنحن نمتلك الكثير من الأشياء وتتقادم لدينا ونستبدل بها أخرى من دون أن نعرف الطريقة الصحيحة أو حتى أدنى مميزات ما كان لدينا.
وتقول فلسفة جديدة تسمى بـ «فلسفة السبعين في المئة»، وانطلاقا من الحقيقة التي تقول إننا عندما نكون على قيد الحياة فإننا غالبا ما نشعر بأن ليس لدينا ما يكفي من المال لكي نصرف كما نشاء، ولكننا عندما نغادر هذه الحياة عادة ما نترك الكثير من المال خلفنا. ويقال ان رجل أعمال صينيا توفي تاركا لزوجته، وريثته الوحيدة، ثروة هائلة. قامت الزوجة بعدها بالزواج بسائق زوجها، الذي قال في حفل زواجه انه عرف الآن فقط أن سيده الراحل كان يجمع ثروته ليستمتع بها هو، وانه في الحقيقة لم يكن يعمل سائقا لديه، بل كان «المرحوم» يعمل من أجله.
فنحن مثلا، وأنا أتكلم عن نفسي، لا نعرف %90 مما بإمكان جهاز الهاتف الذي نحمله القيام به. ونبيع الجهاز أو نتخلص منه من دون أن نعرف ما يكفي عنه، ونقوم بشراء آخر أكثر قوة وتعقيدا منه لترتفع نسبة جهلنا بالجهاز مع كل جديد.
والأمر ذاته ينطبق على السيارة، طبعا التي ينتهي عمرها الافتراضي الكويتي، قبل عشر سنوات عن عمرها الافتراضي الفعلي، وتباع وأجزاء كثيرة منها لا تزال في «النايلون». والحقيقة انني، وبعد 7 سنوات من اقتناء سيارتي الحالية، لم أر شكل محركها! كما أن مؤشر السرعة فيها لم يتجاوز يوما نصف ما هو مسموح به، فبالتالي نصف سرعتها غير ذي جدوى. ولا أعرف لماذا تصنع السيارات لكي تسير بسرعة 280 كلم في الساعة في الوقت الذي لا يسمح فيه بقيادة المركبة لأكثر من 120 كلم في الساعة، وهذا يذكرني بكلمةThe End التي كانت تكتب على الشاشة الفضية مع انتهاء الفيلم، وكأن كل إضاءة الصالة وانتهاء القصة، بزواج البطل بالبطلة، ليس بكاف ليعرف الجمهور أن الفيلم قد انتهى!
كما يلاحظ أن %70 من مساحات بيوت الكثيرين لا حاجة لهم بها. وبيوتنا بنيت غالبا لكي نستقدم من يقوم بتنظيفها. والشيء ذاته ينطبق على خزائن ملابسنا التي صممت لكي نشتري ثيابا كثيرة لسنا بحاجة لها، ولو كانت اصغر لربما اشترينا ملابس أقل. كما أننا لا نستخدم غالبا أكثر من %30 من قدراتنا العقلية، ونترك الباقي للأجهزة والآخرين لكي يقوموا بالمهمة. ولا نستخدم رئتينا بالكامل، فنفس غالبيتنا قصير في الصبر على المكاره وفي استنشاق الهواء أو الشهيق.
وبالتالي نحن بحاجة لأن نستفيد مما نمتلك أو نستفيد من خبرات ومواهب من نعرف وننصت لمن يفهم، هذا إذا كان لدينا الاستعداد للاعتراف بأن هناك من يفهم أكثر منا. وأن نتواضع في حياتنا، وننسى إساءات الآخرين، فالحياة قصيرة فعلا.
وفي النهاية أعتقد أن %70 من قراء المقال لن يلتفتوا لما جاء فيه، وربما اكون احدهم.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com

طارق العلوي

النائب العام في الميزان!

لم يعد خافياً أنه عندما كشف الشيخ أحمد الفهد عن ما تحصل من مقاطع ومستندات تحوي معلومات خطيرة منسوبة لسمو الشيخ ناصر المحمد وجاسم الخرافي، أو كما أسمتهما القبس «الشخصان»، تمت إحالة هذه الأدلة إلى سمو رئيس مجلس الوزراء للتوثق من صحتها.
ولا يحتاج المرء لكثير من الذكاء ليخمن أن طلب التوثيق من المعلومات، كي لا يُظلم أحد.
نترك كل الأحداث التي وقعت بعد ذلك، والتدليس وتبادل الأدوار بين جابر المبارك ومرزوق الغانم، وننتقل مباشرة الى الوضع الحالي. الملف الآن لدى النيابة، والاتهامات الموجهة، سواء بشكل مباشر أو ضمني، خطيرة للغاية: تآمر على نظام الحكم.. تخابر مع دولة عدو.. غسيل مليارات من الدنانير.. اختلاس أموال عامة.. تلاعب في نظام الانتخابات.. وغيرها.
آينشتاين ذكر مثالا طريفا للتدليل على نظرية النسبية، قال فيه: «ضع يدك على موقد حار لمدة دقيقة، وسيمر الوقت بطيئا كأنه ساعة.. واجلس مع فتاة جميلة لمدة ساعة، وسيمر الوقت سريعا كأنه دقيقة»!  متابعة قراءة النائب العام في الميزان!

سامي النصف

كيف تم تكفير العرب بالعروبة؟

علم الأعداء أنه لا يمكن لمشروع وحدوي عربي أن يمر من دون دعم ومشاركة جناحي الوحدة التاريخيين، أي شعبي العراق وسورية، لذا كان من الضروري على من يريد ضرب ذلك المشروع أن يعمل من الداخل ويدعي الوحدة العربية الإسلامية التي أضر بها عبر تكفير الشعبين بها، فإن كانت القاهرة تاريخيا هي قلب مشروع الوحدة العربية فدمشق وبغداد هما رئتاها!

* * *

وقد يكون مستغربا (أو غير مستغرب) أن تظهر الوثائق السرية البريطانية لفترة 1958 ـ 1963 تقارير من سفارتها في بغداد تطالب بدعم وتأييد الزعيم عبدالكريم قاسم رغم توجهاته القريبة من الشيوعية في عز الحرب الباردة على حساب نصرة التوجهات والأنظمة القومية والوحدوية العربية، وكان واجبا بعدما ظهر ضعف نظام قاسم وانصراف الشعب عنه وتكرر المظاهرات والإضرابات والاعتصامات ضده، ان يتم اسقاطه بعد ضمان اختراق القادم الجديد.

* * *

ويعتقد أن حزب البعث بفرعيه السوري والعراقي تم اختراقه أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات إبان وجود قياداته واتباعه العراقيين (قسرا) والسورية (رفقا) في القاهرة، وأن الاختراق الدولي تم على يد وزير الداخلية المصري الغامض آنذاك زكريا محيي الدين الذي جعل رجل المخابرات الشهير مايلز كوبلاند كلماته مقدمة لكتابه الأشهر «لعبة الأمم» كدلالة على الإعجاب به، كما اختاره عبدالناصر رئيسا خلفا له بعد خطاب تنحيه في يونيو 1967 كوسيلة لتحسين العلاقات مع الغرب، والأرجح ان اختراق بعث العراق تم عن طريق صدام، وبعث سورية عن طريق اللجنة العسكرية السورية السرية.

* * *

وفي 8/2/1963 نجح حزب البعث وقوى وحدوية متحالفة معه في القيام بانقلاب في بغداد، وفي 8/3/1963 نجح حزب البعث والقوى الوحدوية المتحالفة معه في القيام بانقلاب في دمشق، وتم خلال السنوات اللاحقة التخلص من الوحدويين الحقيقيين داخل حزب البعث وخارجه عبر قتلهم أو رميهم في السجون، كما قام قادة الحزب في بغداد ودمشق بدلا من توحيد البلدين بادعاء العداء الشديد بينهما وتأجيج الفتن الطائفية والعرقية بين شعبيهما وضرب الطوائف بالطوائف والأعراق بالأعراق، وبادروا في عامهم الأول، أي عام 1970، بتحريض عملائهم في المنظمات الفلسطينية بالأردن للتعدي على الجيش الأردني واعديهم بالتدخل بالقتال معهم، ثم جلسوا للتفرج على نيران تلك الحرب التي أشعلوها والتي أضعفت التوجه الوحدوي لدى الشعب الأردني.

* * *

وفي ابريل 1975 أشعل مقاتلو جبهة التحرير العربية الفلسطينية الموالية للعراق فتيل الحرب الأهلية اللبنانية بحادثة عين الرمانة وتكفلت القوات السورية التي دخلت عام 1976 بحجة الرغبة في وقفها ببقائها لمدة 16 عاما حتى كفر العروبيون في لبنان بعروبتهم وبحتمية الوحدة العربية، كما حدث لاحقا في الكويت عام 1990 عندما تسبب الغزو البعثي والقتل والقمع في إضعاف التيار الوحدوي.

* * *

آخر محطة:

(1) المبالغة في العنف والتدمير وسفك الدماء الذي قام به البعث السوري عام 1982 تجاه حماة ومحافظات الشمال كي يكفرهم بالبقاء ضمن الدولة الواحدة، تقابله المبالغة في العنف وسفك الدماء الذي قام به البعث العراقي ضد الأكراد وأهل الجنوب عامي 1988 و1991.

(2) من يقرأ محاضر الوحدة الثلاثية بين مصر وسورية والعراق عام 1963 يكتشف ان هناك طرفا مصريا يدعي الوحدة إلا انه يقوم بتفجيرها من الداخل، وهو الاستاذ هيكل الذي هاجم القيادات الوحدوية في دمشق وبغداد، وكثير منهم ليسوا بعثيين، فأفشل تلك الوحدة، وكرر ذلك العمل لاحقا إبان مباحثات الوحدة الرباعية بين مصر وسورية والسودان وليبيا عام 1971 عندما حرض السادات على الانقلاب على أتباع عبدالناصر ممن أسماهم بمراكز القوى، فأفشل ذلك المشروع.

(3) في الأيام الأولى لانقلاب «الوحدوي» معمر القذافي وصل لطرابلس بشكل سري كل من البعثي القيادي العراقي سعدون حمادي ومحمد حسنين هيكل، حيث لقنا العقيد القذافي شهادتي دعم العروبة والوحدة قولا، وتدمير العروبة والوحدة فعلا.. وأمجاد يا عرب أمجاد!

@salnesf

احمد الصراف

هل جاء دور الحبيب البريطاني؟

عندما كنت أعيش في بريطانيا قبل سنوات، كنت وغيري نستغرب كثيراً تسامح، أو غض نظر سلطاتها عن تصرفات اللاجئين الأجانب فيها. كما كنا نستنكر تشجيعهم الرسمي وغير الرسمي لهم، وكنا نتوقع أن كارثة ستحدث بسبب وجود كل هذا العدد من المتطرفين بينهم، والذي كان همهم الأساسي خلق تجمعات «اثنية» ودينية، وتأسيس الجمعيات وبناء المساجد وخلق الكتل والتجمعات المضادة لغيره. ولم يكن غريبا مثلا رؤية فارين من الحرب العراقية – الإيرانية في شوارع لندن، وهم يتسكعون من دون عمل، ليتحولوا بعدها بأشهر قليلة الى مقيمين دائمين، وحتى الى ملاك بيوت توفرها بلدية المنطقة لهم! وقد شجّعت تلك السياسات «الإنسانية» الكثير من «الأجانب» على فعل المستحيل للوصول إلى بريطانيا أو اللجوء إليها، لسبب أو لآخر، وخاصة من المضطهدين العرب، أو المسلمين، وما أكثرهم وأكثر بلاويهم واضطهاد بعض حكوماتهم لهم.
وفجأة، وقبل بضعة أيام، انتفضت بريطانيا، أو رئيس وزرائها الذي تساهلت حكومته وما قبلها كثيرا مع الدعاة والمتشددين الإسلاميين، بعد أن وصلت رسالة نشر ثقافة الخوف والترهيب الديني، ليس للشوارع البريطانية، من خلال منطق وأسلوب الكثير من «الدعاة»، في القنوات التي تُبَث من بريطانيا، بشكل يدعو إلى الغثيان، بل وصل الخطر إلى المدارس البريطانية، والإسلامية بالذات، التي بدأت في بعضها عمليات فصل التلاميذ بعضهم عن بعض بسبب العقيدة أو الجنس. كما أصبح ما يحصل عليه الكثير من الدعاة من أموال ضخمة من الخارج مصدر توتر للحكومة، وأصبحت الهوية البريطانية المميزة محل تساؤل نسبة كبيرة من هؤلاء «البريطانيين المسلمين»، وهو الأمر الذي انعكس على نتائج الانتخابات البرلمانية الأوروبية الأخيرة، التي حصل فيها حزب الاستقلال اليميني المتشدد، على نسبة زلزالية، وهو الحزب الذي يطالب بالحد من هجرة الأجانب، لتمثل صفعة لحكومة كاميرون، وبيّنت له أن عليه الاستماع لصوت المواطن البريطاني، والحد من خطر المتطرفين المسلمين في مجتمعه.
وبالتالي كان من الطبيعي قيام بريطانيا بتسليم «الداعية»، أو بالأحرى الإرهابي «أبوقتادة» ليحاكَم في الأردن، إضافة لموافقتها على تسليم الإرهابي الآخر «أبوحمزة المصري» للسلطات الأميركية ليحاكَم هناك. كما أنها لم تتردد قبل أيام في القبض على مشبوه آخر، وهو الباكستاني ألطاف حسين، زعيم «حركة المهاجرين القومية» الباكستانية المتشددة، الذي يعيش في بريطانيا عيشة الأثرياء، والذي يعتقد أن له يدا في أعمال الإرهاب التي تقع يوميا في بلاده، وبالذات في منطقة كراتشي التي يسيطر عليها أعوانه.
ونتمنى أن تصل إجراءات الحكومة الجديدة الى من يمثلون الوجه الخليجي لبثّ الكراهية، والدعوة الى الإرهاب، وهم بعض دعاة القنوات الفضائية، الذين طالما غضت الحكومة النظر عنهم، وهم الذين تخصصوا، ليس فقط في نشر الكراهية المذهبية، بل والدعوة إلى نشر الجهل والتخلف بين «أتباعهم ومستمعيهم».
إن زلزال بن لادن لا يزال مستمرا في تداعياته، وكما حذّرنا فإن الوضع سينقلب على كل إرهابي ومتطرف، وربما ستطرد الحكومات الأوروبية غالبية المسلمين من بلدانها، وسيعودون لدولهم «الإسلامية الحقيقية»، ليواجهوا الواقع، ولكن المؤسف أن الثمن الأكبر سيدفعه المسالمون منهم.

أحمد الصراف

بشار الصايغ

رئاسة المستشار المرشد سليمة .. شكرا الحربش!

بدون مقدمات، ولأدخل في صلب الموضوع مباشرة ..

في لقاء النائب السابق د. جمعان الحربش مع قناة اليوم، تحدث د. الحربش عن استقالة رئيس السلطة القضائية المستشار فيصل المرشد، وما شد انتباهي حديثه “القانوني” والاستدلال بالمواد القانونية، وهذا الأمر ممتاز جدا حتى نخرج من دائرة الحديث العام المبهم الى الحديث المحدد. متابعة قراءة رئاسة المستشار المرشد سليمة .. شكرا الحربش!

مبارك الدويلة

لجنة العلاج بالخارج

سأنقل القارئ الكريم اليوم الى همّ جديد وبعيد عن الشؤون السياسية الداخلية منها والخارجية، اليوم سأتحدث عن سلامة الانسان، عن صحته، عن كيفية عناية الاجهزة الحكومية به!

في الثمانينات كانت ميزانية العلاج بالخارج حوالي عشرين مليون دينار، وكانت مستشفياتنا حديثة الانشاء ضعيفة الامكانات، واليوم وصلت الميزانية المخصصة لعلاج المواطنين خارج الكويت الى عدة مئات من ملايين الدنانير، وبقيت مستشفياتنا متواضعة في امكاناتها وقدراتها باستثناء بعض التخصصات! متابعة قراءة لجنة العلاج بالخارج

سامي النصف

خداع «داعش» وأسباب تصويرها لجرائمها!

حضرت مبكرا ذات صباح يوم أحد إلى حديقة الهايد بارك في لندن لمشاهدة مظاهرة حاشدة دعت اليها جماعات السلام البريطانية المناهضة للحروب وللأسلحة النووية، ولم تكن هناك إلا قلة بانتظار وصول المتظاهرين، ولاحظت ان حزب التحرير الذي تدور ومازالت حوله الشبهات قد قام بحركة اعلامية مخابراتية ذكية هي قيام ما يقارب العشرة من اتباعه بنشر اللافتات الحاملة لاسمه حول منصة الحديث بحيث تصبح مئات الآلاف القادمة خلف تلك اللوحات وكأنهم من اتباع ذلك الحزب المخرب.

***

جماعة داعش التي تدور الشكوك خلفها وانها صنيعة مخابراتية ذكية تقوم بشيء مماثل حيث تضع أعلامها بسرعة على كل حدث يقع في الشام أو العراق كي تعطي نفسها بطريقة الخداع الاعلامي قوة لا تملكها، وفي هذا السياق لا يمكن لأي مراقب الا ان يتساءل وجميع جرائمها المروعة ترتكب تحت راية تحمل اسم الجلالة ورسوله، هل أوصى رب العباد ورسول الرحمة بالقيام بمثل تلك الفظائع والقتل بدم بارد أم أوصيا بالاستتابة والعفو عند المقدرة، واذهبوا فأنتم الطلقاء؟! أليس في تلك الجرائم البشعة ضرر بسمعة الاسلام وضرر مماثل بمن يدعون تمثيله والدفاع عنه، ونعني أهل السنة ممن تحرض تلك الأفعال اعداءهم الاقوى منهم بحكم انهم من تسخر لهم موارد الدولة في سورية والعراق على نحرهم وقتلهم والتنكيل بهم كمعاملة بالمثل حتى ينتهي الأمر باستحالة التعايش بين مكونات المجتمع فينتهي الأمر بانشطار البلدين وهذا هو الهدف الاسمى الذي ما خلقت ارحام المخابرات «داعش» إلا لأجله.

***

واذا كانت داعش تؤمن بحق بصحة ما ترتكبه من جرائم كبرى كحال جريمتها الاخيرة في طلاب الكلية الجوية بالموصل وان هذا يأتي متوائما مع احكام الدين الاسلامي، فلماذا يكون الفاعلون ملثمين دائما لا يعرف احد هويتهم؟ وهل أتى في الأثر ان هذا ما كان يقوم به الرسول وصحابته من إخفاء لهوياتهم؟!

في المقابل، ان كانوا يعلمون أن تلك الافعال النكراء خارجة عن تشريعات السماء والقوانين الارضية فلماذا يصورونها اذن ويبثونها لاثارة الاحقاد والانتقامات المضادة؟!

***

آخر محطة: (1) ان رد الفعل السريع على جرائم داعش المصورة والمعلنة عبر القيام بمذابح جماعية بالاتجاه المعاكس يخدم تماما أهداف ذلك التجمع المخابراتي المشبوه ويجعل قادته ومن يقف خلفهم يصفقون فرحا لما يحدث ولنجاح مخططهم الهادف لسفك دماء المسلمين من الطرفين انهارا وتقسيم بلدانهم بالتبعية واضاعة ثرواتهم فيما لا ينفع.

(2) لذا، فالشكر المستحق للقيادات العراقية الشعبية الحكيمة التي لم تنجر خلف ذلك المخطط التدميري بل ضبطت النفس واكتفت بالالتزام بالآية الكريمة (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) والواجب الآن على قيادات الغرب والشمال الحقيقية ان تحارب وتلفظ «داعش» كما لفظت وطردت في السابق تنظيمي القاعدة والزرقاوي المشبوهين، حيث ان تلك الحركات لا ترفع راياتها في بلد إلا وحل الخراب والدمار بأهله وسفكت دماؤهم.

 

@salnesf

سعيد محمد سعيد

مخابرات السيد «المسئول»!

 

من بين الدراسات الاجتماعية الجميلة التي اطلعت عليها مؤخراً دراسة بعنوان: «الوشاية وأثرها على أمن المجتمع» للباحث وليد إبراهيم المهوس (من المملكة العربية السعودية)، ويكمن عمقها في أن الباحث التفت إلى ظاهرة منتشرة في المجتمع الخليجي بشكل مذهل، وهي واحدة من أهم أسباب سوء الإنتاجية والتدهور المهني والأخلاقي في الكثير من أماكن العمل، حكومية وغير حكومية.

ولعل من أهم صور تلك الظاهرة في أماكن العمل، الاستعانة بفريق «مخابرات السيد المسئول» الذي يكلف مجموعة من الموظفين والموظفات للعمل كآذان وأبصار تنقل له كل شاردة وواردة، حتى أن الباحث جمع في سلوك أمثال أولئك الوشاة صفات الحسد والرذيلة والكذب والنميمة والغيبة والبهتان وشيوع المفاسد الخلقية والاجتماعية وقتل الثقة بين أفراد المجتمع.

في الحقيقة، قد تنتابك حال من الضحك الهستيري إلى درجة البكاء وأنت تستمع إلى معاناة موظف أو موظفة وقعا تحت نيران «المسئول» وقصفه المستمر، بسبب «وشاية» نقلها إليه أحد الموظفين أو الموظفات من «ناقلي الكلام والفتانين كما نقول بالعامية»، ومن دون تَثبُّت من صحة النقل أو عدمه، فتنتفخ أوداج المسئول ويستشيط غضباً ويجعل الموظف المتهم هدفاً لتشفية الغليل فيحرمه من الترقية، ويضيق عليه الخناق، وقد يكتب التقرير تلو التقرير عن سوء أداء الموظف.

وليس الباحث «المهوس» من تناول هذه الظاهرة المضرة وحقق تجاوباً كبيراً كون الناس يشعرون بها، فهناك دراسات اجتماعية أيضاً تناولت ممارسات بعض المسئولين الذين يوظفون إمكانات بعض موظفيهم لا من أجل المزيد من الإنتاج وتطوير العمل، ولكن من أجل المراقبة والترصد ونقل الكلام، وينقلون ما صح وما لم يصح، إلى السيد المسئول… وللأسف، فإن هناك الكثير من المسئولين يعشقون هذا الفعل فيستمعون بأذن واحدة ويرون بعين واحدة.

قبل عدة سنوات، وقبل أن ينتشر استخدام البريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي والوسائط التقنية الحديثة والمواقع الالكترونية، كتبت تحقيقاً صحافياً كان عنوانه «الرسائل الصفراء»، وتلك الرسائل كانت عبارة عن وشاية تصل إلى مكاتب بعض المسئولين من مصادر مجهولة، وفي مضامينها الكثير الكثير مما يندى له الجبين، فمن اتهام لمسئولٍ ما بالطائفية، إلى تشويه سمعة موظف أو موظفة، إلى كشف عمليات سرقة واختلاسات ومن بين تلك الرسائل، هناك الكثير من محاولات الإطاحة بموظف أو موظفة عبر معلومات هي في غالبها مكذوبة.

ولكن الغريب في الأمر، أن بعض الجهات، حكومية وخاصة، من انتشرت فيها الرسائل الصفراء، كانت تحقق بشراسة مع الموظف أو الموظفة (المقصود) في الرسالة مجهولة المصدر، وكأن كل ما ورد فيها صحيح، ويلزم على من أنكر أن يأتي بالبيِّنة! يعني أن المتهم هو الذي يتوجب عليه تقديم البيِّنة، وليس المدعي قطعاً لأنه… مجهول!

قد لا أتفق مع الباحثين الذين خلصوا إلى توصيات من قبيل قيام مؤسسات المجتمع التربوية بغرس روح الجماعة وأسس الإيمان وتوعية المجتمع بأثر الوشاية السيء على كل أفراده، وإقامة المحاضرات وحث الدعاة والمربين والباحثين للتصدي لها، فهذه كلها نقاط جميلة… لكن الأهم والأسرع والأكثر تأثيراً من وجهة نظري هو الدقة في اختيار المسئولين، ومن يثبت أنه يمارس هذه الممارسات الشنيعة، فلا أقل من مساءلته ومعاقبته فهو وجه سيء لفاقدي القدرة على حمل الأمانة الوطنية، ولقمة عيش الناس ليست لعبةً في يد أمثال أولئك المرضى النفسانيين.