تسير سلطة الحكم حثيثاً لابتلاع ما تبقى من أشلاء شبه الحالة الديمقراطية الكويتية، أسميها "شبه" الحالة الديمقراطية لأنه لم تكن لدينا يوماً ما -حتى في أيامنا الحلوة من منتصف الستينيات حتى منتصف السبعينيات من القرن الماضي تقريباً- ديمقراطية صحيحة، فلا تداول للسلطة، ولا أحزاب سياسية، ولا مشاركة سياسية للمرأة بالبداية، كان كل ما لدينا أن شيوخ الأسرة الحاكمة يقررون، بحكم العادة بعد مشاورات مع النافذين السياسيين الذين كانوا يجلسون على المقاعد النيابية، وتصدر القوانين بعد ذلك، وكان يستحيل أن تشرع تلك القوانين ما لم تكن قد أسبغت عليها المباركة المشيخية، فالشيوخ كانوا دائماً لهم حق "الفيتو"، ولم تكن الضوابط الدستورية في مسائل حقوق الإنسان، التي نص عليها في الباب الثالث من الدستور، ذات أهمية عند تشريع القوانين أو في تنفيذها، ولم يكن مبدأ الفصل بين السلطات حقيقياً ينبض بالحياة على صعيد الواقع، كانت هناك نصوص دستورية عامة هي ديكور شكلي لاستكمال شكل الدولة دون معنى جوهري.
الآن، وبعد المجلس الأول الذي حل قبل عامين، انتهت تماماً حالة "الشبه" ديمقراطية، هناك لابد من التوقف لملاحظة أن ذلك المجلس مارس استبداداً "شعبوياً" حين انتشى بظاهر حالة الأغلبية في تشكيله، ولم يراع حقوق الأقلية، وحاول صبغ الدولة باللون المذهبي الديني، لكن يبقى في النهاية، أن نقول إن ذلك المجلس كان ممثلاً للمجتمع الكويتي بكل علاته وبكل التشوهات التي طرأت عليه (تشوهات وعاهات بفعل فاعل)، وانه، رغم ذلك، كان "يفرمل" كثيراً لممارسات السلطة، وقام عدد من النواب بفضح قضايا فساد ورشا كبيرة كانت تنخر في جسد الدولة، ولم يكن لنا أن نتصور مثلاً أن قضايا سحب وإسقاط الجنسية يمكن أن تحدث بتلك الصورة المرعبة (أشدد على تلك الصورة) في ذلك الزمن، كما يجري أمام أعيننا الآن، إلا أنه، من الناحية الأخرى، لم تتوقف يوماً ما أوبئة الواسطة والمحسوبيات في التعيينات أو توزيع حصص "الهبش" في مؤسسات الدولة وتوابعها، فدولة الموظف العام الريعية المستبدة وأمراضها كانت على حالها تسير بتكاسل ولا مبالاة لمصالح وحقوق الناس، ولم يحد من تصاعد جرائم استغلال النفوذ، لكن في كل الأحوال، وبكل أسى يمكن القول إن ذلك المجلس كان يمثل "العوض ولا القطيعة".
الآن أهيل التراب على قبر "الشبه ديمقراطية الكويتية"، فلا رقيب، ولو محدود الإمكانية، لممارسات سلطة الحكم، ولا يشفع لمجلسها النيابي اليوم أن يتذرع بإنجازه العديد من القوانين، أهمها قانون دعوى عدم الدستورية المباشرة، الذي أول من طرحه النائب السابق عبدالعزيز المطوع في مجلس 96 -ولا أحد يذكره له اليوم- فالعبرة في النهاية ليست بكثرة التشريعات، وبشكلها الحضاري، وإنما بالممارسة على أرض الواقع الحي.
وأخذت سلطة الحكم تمارس سلطانها من غير حدود، فنصبت منصات مشانق سحب وإسقاط جناسي مواطنين، وتحججت بأنها تحيي قانوناً نسيته في أدراج قديمة، هي بالطبع أدراج الاستبداد السلطوية، وتعد العدة للرقابة الكاملة على الإنترنت، كما أنها تستكمل هيمنتها الكاملة على "شبه" مؤسسات المجتمع المدني من جمعيات النفع العام، التي كانت تحت سلطانها منذ البداية، إلا أنها اليوم، وتحت حجة وثيقة العمل بين وزارة الشؤون وجمعيات النفع العام، (مانشيت جريدة الجريدة عدد الأربعاء) تستكمل السلطة مشوار الابتلاع الكامل لتلك المؤسسات، فماذا بقي من "شبه الحالة الديمقراطية" التي كانت تتباهى بها الكويت أمام شقيقاتها الخليجيات، هي اليوم حالها من حالهن، ولا أحد أفضل من أحد والسلام.
سايكس والعقير
“>لم يبق أحد تقريبا من المحللين السياسيين لم يكتب عن نوايا «القوى الكبرى» في تقسيم الدول العربية، وكأن ليس هناك دول أخرى في العالم يتطلب الأمر الاهتمام بتقسيمها غيرنا. والكلام اليوم عن تقسيم العراق، مثلما كان يدور أثناء حرب العراق وإيران، وخلال حرب أميركا في العراق، وهو نفس الذي قيل في «عز» الحرب الأهلية السورية، وعن حتمية تفتيتها لدويلات، ولا أدري لماذا يعتقد البعض أن الغرب يسعى الى تقسيم الدول العربية، فهل نحن حقا بكل هذه المنعة والقوة والاستقلال والسيادة، وعدم الانصياع لطلبات واوامر الغرب، بحيث يتطلب الأمر سعيها الحثيث الى تقسيمنا، ليسهل حكمنا واستغلال ثرواتنا؟
والحقيقة اننا لم نتعب يوما من وصف الاستعمار بشتى النعوت السيئة، وإدانة أفعاله التي ادت الى خلق الكيانات العربية الحالية، او الحدود الدولية المعترف بها، وبالتالي نالت اتفاقية «سايكس بيكو» ومعاهدة «العقير» حظهما من الشتم واللعن، لدورهما في عملية تقسيم الدول العربية، متناسين أن كيانات تلك الدول كانت أصلا متنافرة، ولم تكن يوما موحدة أو معروفة الحدود، فهيمنة السلطة العثمانية عليها مسح عنها هويتها، والجزيرة العربية لم تكن استثناء من ذلك، فقد كانت بمجملها عبارة عن قطاعات مقسمة بين القبائل التي أتاحت لها قوتها، أو ظروف تاريخية معينة، حكم هذه المنطقة أو تلك. ولولا قلم المستر سايكس، وحبر المسيو بيكو، ومسطرة السير بيرسي كوكس، لبقيت الحروب بين حكام هذه الكيانات مشتعلة حتى اليوم.
ومن المعروف أيضا أن معاهدة العقير، التي تم توقيعها في ديسمبر 1922، بين الملك عبدالعزيز بن سعود (سلطان نجد حينها) والوزير صبيح بك، ممثلا عن ملك العراق، وبين السيد جون مور، الوكيل السياسي البريطاني في الكويت، ممثلا حاكمها، وتحت إشراف السير بيرسي كوكس، تخللتها مشاحنات وتلاسن وحدة خاصة بين العراق والسعودية، في ما يتعلق بما تشمله حدود كل طرف من أراض جديدة، أو ما يستقطع منها. ودفع طول الخلاف وشدة الجذب السير كوكس الى أن يأخذ قلماً، ويقوم بشكل عشوائي تقريبا بوضع، أو فرض، حدود دول أطراف الاتفاقية، من دون التفات الى احتجاجاتهم، وحتى دموع البعض منهم! ولولا خطوته تلك لكانت ربما، ليس فقط الخلافات، بل الحروب القبلية بينها باقية حتى اليوم.
ومعروف أن اتفاقية سايكس بيكو قد تم توقيعها عام 1916، وكانت تفاهماً سرياً بين فرنسا وبريطانيا على اقتسام دول الهلال الخصيب، وما حولها، التي كانت تحت سيطرة العثمانيين قبل انهيار دولتهم، وهكذا حصل الفرنسيون على حق حكم سوريا ولبنان، وحولوهما الى جمهوريتين لأن فرنسا جمهورية، وحصل البريطانيون على العراق والخليج، وجعلوها ممالك، ووضعوا فلسطين تحت الانتداب البريطاني، ومنحوا تركيا، الجمهورية الوليدة، أجزاء من سوريا، وبالتالي كانت الاتفاقية تتعلق باقتسام وحدات مشتتة أصلا، وليس تفتيت وحدة كبيرة واقتسامها، والفرق بين الحالتين كبير.
من كل ذلك نرى أن كل ما نال اتفاقيات سايكس بيكو وغيرها من شتم وانتقاد لم يكن منصفا، فقد كان لها دورها في تهيئة «كيانات» المنطقة للاستقلال، بعد انهيار الامبراطورية العثمانية التي كانت تستعمرهم، وبغير ذلك كانت ستشتعل بين «لوردات وشيوخ وزعامات» تلك الكيانات، حروب لا نهاية لها.
أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com
المطار
في كل زيارة لمطار الكويت الدولي تعتريني حالة من الاستياء والحسرة على هذا المرفق الكريه، خصوصا عندما أتذكر نفس المطار أيام الطفولة قبل أن يتم العبث به وتشويهه بالطريقة التي يظهر فيها حاليا.
فأنا ما زلت أجهل كيف تمخض الفكر العبقري قبل سنوات بتوسعة المطار بأن يكون أساس التوسعة مجمعا تجاريا فوضويا يحتل الجزء الأكبر من المطار، ولا يسبب سوى ازدحام أكبر في هذا المرفق الهام، ولا استفادة فعلية للمسافرين والقادمين من هذا المجمع أصلا عدا مواقع شركات الاتصالات وشركات صرف الأموال، وهو ما يمكن توفيره أصلا بعد نقطة الجوازات للمغادرين والقادمين، على أن تقتصر المساحة قبل نقطة الجوازات على بعض المرافق البسيطة كمكاتب تأجير السيارات، تجنباً لأي ازدحام غير مبرر، وهو الأمر الذي يحصل حاليا. المطار في كل دول العالم هو الواجهة والانطباع الأول عن الدولة لدى كل من يزورها، بل هو مؤشر أساسي في التقييم بالنسبة إلى الزائرين لأي سبب من الأسباب، شخصيا أنا أشعر بالإحراج الشديد عندما أشاهد زائراً يدخل إلى المطار خصوصاً في أوقات الذروة، فالزائر حتما لن يبدي انبهاره باللون الوردي للافتات المطار التي قررت إدارة الطيران المدني أن يكون هو اللون الرسمي لمجرد إعجاب مدير بهذا اللون، بل إن أكثر ما سيحرص عليه أي زائر أو مسافر هو النظام وسهولة الإجراءات ويسرها سواء في حال القدوم أو المغادرة، والنظام هو أكثر شيء مفقود في مطارنا التعيس، فالقادم والمسافر يختلطان في كل مكان والتدخين الممنوع مسموح في شتى أرجاء المطار، ونقاط الجوازات للقادمين سرعان ما تختنق من الزحام، ومواقف السيارات المقسمة إلى مدى طويل ومدى قصير لا تسع السيارات، لأن المطار وببساطة تحول إلى مجمع تجاري يرتاده غير المسافر أكثر من المسافر نفسه، وإدارة المرور لا تستطيع التحكم في حركة السيارات أمام البوابة الرئيسية للتنزيل والتحميل، كل ذلك وأكثر هو ما يحدث في مطار الكويت.
أنا على قناعة تامة بأن العنصر الأساسي المفقود في مطار الكويت ليس سعة المبنى، ولن يحقق أي مبنى جديد الغرض، فما هو مفقود بشكل أساسي هو النظام، وهو المفقود أيضاً بالدولة ككل بالمناسبة، فهناك العديد من المطارات الأصغر حجما والأكثر رواداً إلا أن حسن سير النظام فيها هو ما يجعلها تستوعب الأعداد القادمة والمغادرة.
إن المسألة لا تحتاج إلى لوحات وردية أو مقهى ومطعم ومحلات للملابس داخل المطار كي يتحسن وضع واجهة المطار، بل كل ما يحتاجه هو نظام صارم يطبق وتنتهي المسألة، إلا أن الإدارة في معظم قطاعات الكويت تفتقد هذا الأمر.
خارج نطاق التغطية:
سحبت الجنسية الكويتية من البعض يوم أمس الأول بحجة عدم استيفاء تلك الجنسيات لشرط الوجود بالكويت قبل سنة 1965، وبعض من سحبت جنسيتهم الكويتية تم تجنيسهم في 2007 رغم عدم استيفائهم للشروط، فإن قبلنا جدلا أن تسحب تلك الجنسيات فلا بد من محاسبة من منحهم تلك الجنسيات رغم تجاوزهم للشروط.
بحق.. هل هناك من يحارب «داعش»؟!
من الناحية النظرية يفترض ان هناك عدة جيوش عربية تقف في مواجهة داعش التي يمتلئ اليوتيوب باستعراضات قوة تقوم بها عبر طوابير طويلة من المركبات العسكرية والأفراد والاعلام الخاصة بها دون ان يتعرض لها أحد، علما بأن طائرة واحدة لا أكثر كفيلة بالقضاء التام على تلك الأرتال كونها تمثل ما يسمى بالمصطلح العسكري.. «البط الجالس»!
***
وتظهر الأخبار تحركات وانتصارات داعش واستيلاءها على المدن وحقول النفط في شمال العراق وشرق سورية فيما هو أقرب لنزهة أطفال يتراكضون في حقل مفتوح، فلا معارك ولا هجمات بالطائرات والدبابات، ولا حراسة للمنشآت، ولا إنزال خلف خطوط الأعداء ولا حتى محاولة لإنقاذ الأقليات والأماكن الأثرية، علما بأن حكومتي دمشق وبغداد مدججتان بالأسلحة المتقدمة التي دفعت لأجلها المليارات، يصاحب ذلك صمت مريب من المجتمع الدولي وكأنه سعيد بما يحدث وبالتشويه المتعمد للإسلام الذي تتسبب فيه «داعش».
***
ومن الأمور المستغربة تسليم الأسلحة المتطورة لداعش رغم إمكانية تفجيرها بسهولة أو حتى استخدامها في الانسحاب، ومازالت الأسئلة تطرح عن سبب تلثم الداعشيين، وهو أمر لم نر مثله في حركات التحرر الأخرى كحال الأفارقة والجزائريين والفيتناميين، وكذلك عن سبب تصويرهم الفظائع والمذابح التي يقومون بها ونشرها بدلا من التستر عليها، وهو ما سيدفع الخصوم للقيام بمذابح مضادة تجاه من تدعي «داعش» انها تقوم بحمايتهم، ونعني المسلمين السُّنة!
***
آخر محطة: بعكس ما تدعي «داعش»، وبعيدا عن التهديدات الزائفة لها، فكل تحركات داعش وجرائمها وقتلها وتدميرها محصورة في مناطق السنة المغلوبين على أمرهم، وسيختفي ملثمو داعش ذات يوم كما أتوا، وسيتركون للسنة أحقادا وثارات قائمة ومباني مدمرة!
لا يحدث إلا في الكويت
قصة كالخيال ولا يمكن أن تحدث إلا في الدول المتخلفة، كالكويت. فقد جاءها رجل من خارجها، كمئات الآلاف غيره، وتزوج كويتية ورزق منها بطفل. عرف الطفل الحياة مبكرا أن استغلال الدين هو الطريق الأقصر للنجاح، فسلكه، بعد أن اطال لحيته وتخلص من عقاله وارتدى شماغا أحمر وقصر جلبابه (دشداشته)، وحفظ بضع سور وأحاديث لزوم الشغل! وخلال فترة قصيرة نجح في الحصول على جنسية الدولة، التي عجز مئات آلاف المهندسين والأطباء والخبراء في الحصول عليها، وحدث ذلك على الرغم من تواضع علمه، وصدور حكم عليه بقتل مريض نتيجة الضرب المبرح، لإخراج الجن منه. وما ان اشتهر كداعية وإمام مسجد حتى فتحت أبواب وسائل الإعلام أمامه، فأصبح بين يوم وليلة ملء السمع والبصر من خلال زواياه الصحافية وبرامجه التلفزيونية، وأخذت الدول تستضيفه، وكأنه نجم نزل من السماء وانهالت عليه التبرعات والمساعدات والمخصصات، واصبح يستقبل كرؤساء الدول في زياراته الخارجية، واليوتيوب شاهد على كل ذلك. نعم، فقط في دول التخلف يستطيع المتخصص في إخراج الجن من الأجساد الوصول الى هذه المرتبة العالية.. سريعا. وفجأة قررت جهة ما اسدال الستار على هذه الأسطورة، الفارغة من الداخل والخارج، ليس لما اقترفت يداه، ولا بسبب سجله الإجرامي أو سيرته غير العطرة، بل لتطاوله على من أنعموا عليه بإساءته لهم ولسمعة وطن طالما احتضنه وآواه ومنحه جنسيته! ولكن الحق ليس عليه ولا يلام على طيشه، بل الحق على من «رزه» وكبّره ورعاه، وبالتالي يجب ألا ينتهي ملفه قبل أن نعرف من الذي سعى وتوسط له، ومن الذي رعاه ومنحه شرف المواطنة، على الرغم من سجله الإجرامي، وهو الذي لم يكن يمتلك يوما فلسا أحمر! الغريب في الأمر أن عددا كبيرا من «النشطاء» السياسيين وعددا اقل بكثير من جماعته «السابقين» اشادوا بخدماته و«جليل أعماله»، وفضل غالبية الدعاة الصمت لكي لا تصل شفرة الحلاقة نفسها الى ذقونهم! وهنا أتمنى أن يدلني أحد على خدمات «البلبل» الجليلة التي قدمها لوطنه غير الخراب وإفساد عقول الشباب ودفعهم الى المشاركة في حروب المنطقة العبثية، لكي ينتهي بهم قتلى أو مشردين على الحدود أو سجناء معتقلات لا تعرف الرحمة ولا الإنسانية، ليختار هو بعد ذلك الجلوس بين أبنائه لينعم وإياهم بما كسبت يداه من مال ملطخ بدماء الأبرياء الذين غرر بهم! • ملاحظة: قصة هذا الرجل بينت صحة كل ما كنا، ولا نزال، ننادي به من خطورة السماح باستخدام الدين كوسيلة تحقيق نجاح وثراء، وخطورة إعطاء من يستخدمونه هالة أو أهمية اكثر مما يستحقون! أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com
تمام أفندم
ها هو أردوغان، يتنقل بين رئاسة الوزراء ورئاسة الدولة، كما يتنقل الواحد منا بين الصباحية والمنقف، لا يَعوقُه إلا “دوّار”، الأولوية فيه للقادم من اليسار.
ومن أردوغان نطل من الشرفة على حوش الأتراك، فنرى ما لديهم… وكنت في العسكرية المصرية، حيث لا كلمة تعلو على كلمة الأتراك “تمام أفندم”، وحيث كتب السعدني روايته “تمام يا أفندم”، وحيث تنتشر الكلمات “العصملية”، أو العثمانية… فهذه أجزخانة، وهذا صول، وأخوه باشكاتب، وذاك بيه، وذياك باشا، وهذه أبلة تتناول بوظة في الحرملك، دخل عليها عكروت (صفة بذيئة صارت تستخدم للتحبب)، معه صديقه الفنجري، يرتدي “قايش” وفي يده كرباج، في غفلة من النبطشي، ووو… كلها مفردات تركية. متابعة قراءة تمام أفندم
تحت ظلال دولة قانون أم ماذا؟!
المادة 33 من الدستور تقرر مبدأً قانونياً عاماً، وهو أن "العقوبة شخصية"، لكن المادة 13 من قانون الجنسية قررت جواز سحب الجنسية… "إذا استدعت مصلحة الدولة العليا أو أمنها الخارجي ذلك، ويجوز في هذه الحالة سحب الجنسية الكويتية ممن يكون كسبها معه بطريق التبعية…" وفي الكويت سُحِبت جنسية أحدهم، ودفعت ذريته أثماناً غالية من كرامتهم حين عدتهم السلطة أصفاراً على الشمال.
القانون الأبكم ينص على أنه "يجوز" سحب الجنسية بالتبعية، وهنا تم استغلال "الجواز" لإيقاع عقوبة لا إنسانية على ذرية المُدان وأهله- دون محاكمة- فهل تحقق هنا إعمال مبدأ "شخصية العقوبة" الدستوري حين أوقعت السلطة عقوبة النفي من الهوية الوطنية على أحمد وأولاده وبناته لأن "مصلحة الدولة العليا أو أمنها الخارجي" يستدعي ذلك؟! وهل بث برامج تلفزيونية أو نشر مقالات مخالفة لنهج السلطة يعد خطراً على "مصلحة الدولة العليا وأمنها الخارجي"؟! وإذا كان بعض "شيوخنا مختلفين ومتهاوشين" على السلطة مع بعضهم، فما شأن بقية خلق الله كي يدفعوا أثمان ذلك الصراع؟!
مثل تلك الفقرة من القانون "المصلحة العليا"، ونجد مثلها الكثير في نصوص قوانين الرعب بالكويت وشقيقاتها العربيات، مستوحاة من أنظمة تسلطية مستبدة، إذ استغلها ستالين لتصفية خصومه في ثورة أكتوبر 1917 بعد وفاة لينين، وكانت تهمة "التروتسكية" المحددة بمصلحة الدولة العليا المثال الفج للمحاكمات الصورية في ذلك الوقت (شو ترايلز)، وللأسف، عندنا لا توجد "محاكمة" ولو شكلية، بل سُحِبت الجنسية وأُسقِطت عن المدان وأهله (دون محاكمة) بمرسوم من السلطة دون أي رقابة قضائية لاحقة تتحقق من مشروعية أو عدم مشروعية مرسوم السحب أو الإسقاط، فهل مصطلح "المصلحة العليا" يعد متسقاً مع مبدأ "شخصية العقوبة"؟ وهل استفراد السلطة بقرارات سحب الجنسية وإسقاطها يتفق مع مبادئ المشروعية واستقلال سلطات الدولة الثلاث عن بعضها مع افتراض أن كل سلطة تحد من السلطة الأخرى؟! أين نحن؟ وأين موقعنا الزماني؟! هل نحن بدولة ومؤسسات يهيمن عليها سيادة القانون ومبدأ المساواة أم أننا نستظل بخيمة قبيلة ومزاج شيوخها المتقلب؟!
التناقض في المواقف
كتبت الصديقة إلهام الحلو تقول إننا لا يمكن أن نطلب من المضطهَد أن ينفعل ويستنكر اضطهاداً يتعرّض له آخرون، إن كان هو متبلّد المشاعر، بعد الخضوع الطويل للعنف والظلم. فشعوبنا تمرّ على المجازر والتصفيات والإذلال والإهانات، وتعبرها وكأنها أمور عادية من يوميّات لا تستحق أي ردّ فعل، أو حتى الاستنكار، وإن حصل الاستنكار فإنه يبقى «موسميّاً» وسريعاً، من باب «رفع العتب»، لا هو صادق ولا بجدي، ولا يستدعي أي معالجة. وبالتالي فإن العربي المسلم، وغير المسلم أيضاً، المقهور والمصادرة حقوقه وحريّاته وكرامته، لا يجد في الظلم، سواء تعرّض له هو أو غيره، أمراً غريباً! ألم تباد قرى كردية في زمن صدام؟ فماذا فعل بقية العراقيين؟ ألم تُطحَن مدينة حماة أكثر من مرة؟ فماذا فعل غالبية السوريين؟ وتقول الصديقة الأخرى وفاء سلطان إن إجازتها لم تنته. كما كانت تريد، فعويل النساء في غزّة قضَّ مضجعها، وزاد من غيظها على أمة منكوبة في عقلها وضميرها وأخلاقها. فحماس، باختصار شديد، إفراز ديني لا يرقى إلى مستوى حكومة بإمكانها أن تواجه مسؤولياتها تجاه شعبها بحكمة! وانها لا تقول ذلك دفاعا عن «اسرائيل»، علما بأن تاريخهم لم يعرف قائدا عسكريا يهوديا واحدا، أما المسلمون إن لم يجدوا عدوّاً يقاتلونه، صنعوا من أنفسهم ذلك العدو! وتتساءل: هل تستطيع أمة تقنع رجالها منذ نعومة أظافرهم بأن «يَقتل أو يُقتل» كي يكسبوا الآخرة؟ هل تستطيع أن تعلمهم في الوقت نفسه أن يؤمنوا بالحياة كقيمة وأن يقدّروا تلك القيمة؟ فبالرغم من أن ما يردها من رسائل تتضمن أسئلة عن قضايا مصيرية شتى، كرأيها في ما يحصل في غزة، فإنه لا أحد سألها مرة عن رأيها في ربع مليون جزائري قُتلوا على أيدي أبناء جلدتهم بأبشع الطرق الهمجية، وكيف كانت النساء العربيات المسلمات يتعرّضن للاغتصاب من قبل الجماعات الإسلامية على أصوات التكبير، فلماذا يسألونها الآن عن رأيها في أحداث غزة؟! وعندما قتل أكثر من 20 ألف مواطن سوري، بسبب أفعال الإخوان المسلمين، وردود فعل السلطات السورية عليهم، لم يتفضّل قارئ مسلم واحد بسؤالها عن رأيها حيال تلك الجرائم! وعندما حدثت التفجيرات في فنادق الأردن، وقتلت بشراً يحتفلون بعرس، فإن قارئا مسلما واحدا لم يحاول معرفة رأيها! وعندما هاجم إرهابيون قرية الكشح المصرية وقتلوا 21 فلاحاً قبطياً، لم تحرك الحكومة المصرية ساكناً ولم يسألها مسلم عن رأيها بتلك المجزرة. وعندما دفن صدّام حسين أكثر من 300 ألف عراقي أحياء، ناهيك عن الذين حرقهم بالسموم الكيماوية، لم يتجرّأ مسلم واحد على سؤالها، أو احتج الباقون على أفعال رئيسهم! وعندما قتلت حماس، قبل أشهر قليلة، أحد عشر شخصا من عائلة واحدة بحجة أنهم ينتمون إلى فتح، لم تتلقَّ سؤالاً من قارئ يشكّ في أخلاقية تلك الجريمة! وبالتالي تبين أنه لا قيمة للحياة عندنا، فنحن نولول على ضحايا غزة، ليس من منطلق الحزن، أو احتراماً لأرواح الضحايا، وإنّما من منطق استنكارنا فقط لهوية القاتل! فلو كان القاتل «حماس» أو «فتح» أو أي مسؤول مسلم، لكان الأمر لدى أيّ مسلم عاديّاً للغاية! وهذا صحيح، فنحن مثلا لا نتردد في انتقاد أوضاع دولنا، ولكن نشعر بالضيق إن فعل الآخرون ذلك! أحمد الصراف [email protected] www.kalamanas.com
تنبيه الناسي.. في سحب الجناسي!
عبارة طريفة علق بها أحدهم على الأوضاع الحالية قائلا: «ليش ما تسحبون جناسي كل الكويتيين.. وبعدين تعيدون توزيعها براحتكم»؟!
تمخض مجلس الوزراء الموقر يوم أمس، فأصدر قرارا جديدا بسحب عشر جناسي جديدة، ليصبح المجموع 12 جنسية (وتوابعهم).. وحتى تاريخه.
واذا أخذنا بالاعتبار تصريح عميد الصحافة، الذي فتحت له آفاق الغيب قبل شهرين، حتى قبل ان تبدأ لجان الداخلية بفحص ملفات التجنيس (الا اذا سالفة اللجان مجرد تمثيلية)، حيث أعلن العميد عن سحب 30 جنسية بالطريق!
وبحسبة بدو، يتضح جليا أنه تبقى سحب 18 جنسية فقط.. وبعدها «تبلّش» الحكومة تنمية. متابعة قراءة تنبيه الناسي.. في سحب الجناسي!
العدو المثالي!
يذكر المفكر الأميركي د.صامويل هنتنغتون في كتابه الأخير عن النخبة الأميركية أن سبب انقراض شعب الهنود الحمر هو أنهم كانوا يمثلون «العدو المثالي»، أي العدو «الشرس الضعيف»، فشراسته تبرر العدوان عليه والتنصل من الالتزام الاخلاقي نحوه، وضعفه يتسبب في إبادته دون رحمة، والخوف من أن الإخوة الفلسطينيين باتوا ومنذ سنوات طوال يضعون أنفسهم في خانة «العدو المثالي»!
***
يقابل ذلك النهج السيئ المضر بمن يقوم به، النهج الناجح والصحيح الذي يمنع ممارسيه من أن يصبحوا في عداد «الأعداء المثاليين» ومن ثم يمنحهم في المقابل الصفة الإنسانية التي تُخجل أعداءهم وتمنعهم من الاساءة إليهم والعمل على إبادتهم، كما تجعل العالم بالتبعية يصطف مع قضاياهم فتنتهي كما حدث مرارا في الماضي بالانتصار والانتهاء منها.
***
ومن ذلك، هل قام أفارقة جنوب أفريقيا وروديسيا- وقضاياهم تتشابه في المطلق مع القضية الفلسطينية من حلول مهاجرين محل اصحاب الأرض الأصليين- باختطاف الطائرات والبواخر ومهاجمة الطائرات والسفارات… الخ؟ وهل اطلقوا الصواريخ على مساكن البيض؟ وهل تدخل الأفارقة في شؤون وحروب الدول الأفريقية الداعمة لقضيتهم فظهروا وكأنهم المتعدون؟
إن سر انتصار الأفارقة انهم اظهروا للعالم اجمع- وحتى لشعوب أعدائهم- انهم الطرف المجني عليه وليسوا طرفا منتصرا في حرب متكافئة مع العدو، كما حدث ويحدث في حروب «الفلسطينيين» مع إسرائيل.
***
آخر محطة: (1) نهج منع النقد الذاتي والمجاملة وخداع النفس جُرّب في عملية الإبادة الأخيرة لغزة عام 2009، وهو ما مهد الأرض وحرثها لعملية الإبادة الحالية، والواجب المصارحة هذه المرة، فما يُدفع هو أنهار من دماء الأبرياء من أهل غزة وليس ماء، والقبول بما يجري، بل وتحويله لانتصارات باهرة، يعني شيئا واحدا لا غيره، وهو تكراره بعد سنوات قليلة، ومن ثم دفع الشعب الفلسطيني لليأس.
(2) الانتصار الذي يقوم على مبدأ «نحن لا نمانع قتل الآلاف منا» بينما ينسحب العدو عند قتل عشرة او عشرين من جنوده حرصا منه على حياتهم، هو انتصار افضل منه ألف مرة.. الهزيمة!
(3) يقول الجنرال باتون لجنوده: «البطولة ليست في ان تموت لأجل وطنك ويضيع ما استثمره فيك من تعليم وتدريب وتصبح عائلتك عالة عليه، البطولة ان تقتل عدوك لأجل وطنك وبأعداد كبيرة كي يصبح هو وابناؤه عالة على وطنه».
(4) إسرائيل تحاول إلغاء الدور الإستراتيجي المفصلي لمصر في المنطقة، فهل يجوز للبعض مساعدتها عبر محاولة تحجيم الدور المصري؟!
(5) ليتكلم أهل فلسطين، وليصمت من يريد الحرب لآخر بشر وحجر في غزة!