حسن العيسى

حكاية بينوشيه

 الأمم الحية تتعلم من التاريخ ومن تجاربها ومحنها وتجارب غيرها، وهو ما يؤكده فوكوياما في كتابه "النظام السياسي والتآكل السياسي من الثورة الصناعية إلى اليوم" (ترجمتي للعنوان).
 ففي الولايات المتحدة، انغمس بعض قادتها في المزايدات السياسية للشعبويين، وهذا يعني المحاباة والميل لأصحاب النفوذ والأصوات الانتخابية، وسلك السياسيون نظام "الزبائنية" ـ أي علاقة الارتباط النفعية بين السياسي والناخب ـ في إدارة الدولة، لكن هذا لم يستمر طويلاً، فقتل الرئيس غارفيلد عام 1880 من قِبل معتوه كان هزة سياسية لبداية مشوار الإصلاح.
 وهذا الإصلاح وإنهاء الفساد لم يكونا يحدثان لولا ثقافة وإخلاص السياسيين لدولهم، مثال ذلك الرئيس تي. دي. روزفلت، خريج هارفارد، وهنا يورد الباحث ملاحظة أن محاربة الفساد وحدها لا تكفي لصناعة الأمم، فلابد من توافر عنصر "الشطارة" و"الحرفنة" عند الإداري، فما فائدة أن يتولى الأمور الإدارية شخص نزيه، ولكنه جاهل ولا يعرف "فك الخط"؟!
 فبناء دولة الإصلاح وإحلال "نظام الجدارة" بدلاً من نظام الزبائنية في تولي المنصب العام لا يتم من غير أشخاص مخلصين وحذقين بمهاراتهم وعلومهم، إضافة إلى صدقهم وولائهم لوطنهم.
لنتوقف هنا، حين يثور الكلام عن أي الطريقين أفضل لتقدُّم الدولة، هل يكون بهيمنة الحكومة على الخدمات العامة، أم تترك الإدارة للقطاع الخاص؟!
 الإجابة، ليست هذا أو ذاك، فأحياناً إدارة الحكومة قد تكون أنجح من القطاع الخاص، وأحياناً العكس، ويضرب الباحث مثالين على نجاح الإدارة الحكومية في هيئة الزراعة والغابات أولاً، ثم الصفقة الكبرى، ثانياً (أو الجديدة مع فرانكلين روزفلت عام 1930). في الأولى، أي إدارة الزراعة والغابات، ترأسها قائد اسمه كيفورد بينوشيه، كان هذا ابن عز، وإذا لم تكن أميركا تعرف الارستقراطية مثل أوروبا، إلا أنه يمكن – تجاوزاً – عد بينوشيه كأرستقراطي أميركي من الدرجة الأولى، فهذا، أنهى دراسته من جامعة "اكزتر" ثم "ييل"، وحين وصل إلى منصبه فتح أبواب الإدارة للعلماء والباحثين المتخرجين في الجامعات الكبيرة، وشرع في فصل الإدارة عن الطموحات السياسية للقادة السياسيين، وسانده صديقه الرئيس روزفلت، فهذا الرئيس لم يتركه بينوشيه وحده في معركة الإصلاح، ورغم ذلك، لم يتوقف هجوم السياسيين الشعبويين عليه، واتهموه بالولد المدلل الذي ولد وملعقة الذهب في فمه، كل هذا لم يفتّ في عضده، حين جعل هذه الإدارة من أفضل الإدارات الحكومية كفاءة، ومثلها إدارات أخرى تمثّل النجاح الحكومي.
خذوا مثالاً آخر يخالف السابق يتحدث عن فشل الإدارة الحكومية، فخدمة السكك الحديدية كان يتولاها القطاع الخاص في أميركا، ورأت الإدارة الأميركية عام 1971 استملاكها لوقف احتكار الشركات للخدمة، وكانت النتيجة لملكية الدولة لشركة "أماتراك" كارثية، بينما للمفارقة، ظلت خدمة السكك الحديدية في أوروبا بإدارة الدولة، وهي تقدم أفضل خدمة يمكن تصورها!
 بالمناسبة، وبين قوسين، هل تتذكرون، الآن، "حيص بيص" مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية"؟!
لا أفاضل هنا بين إدارة "العام" أو "الخاص"، بل الغرض هو تسليط بقعة الضوء على معيار النزاهة والجدارة في اختيار الأشخاص لإدارة خدمة المرفق العام.
 مثال العملاق بينوشيه ذكّرني بقضايا الاتهامات لهيئة الزراعة بشأن توزيع الأراضي الزراعية في كبد، في الأول، ثم الوفرة في ما بعد، وبأنها خصصت المساحات الشاسعة من هذه المزارع، لجماعات "تقبيل الكتف وأذنك وخشمك"، ومازلنا ننتظر نتائج لجنة التحقيق فيها، إذا لم ينسها الناس حالها من حال "بلاوي" كثيرة طويت لجانها وتحقيقاتها في صفحات النسيان واللامبالاة، ويا ليتها كانت فقط تلك الهيئة، هي الدولة برمتها التي لم ولن تعرف حكاية بينوشيه، ولا تاريخ وتجارب دروس غيرها من الأمم، فمن يقرأ ومن يتعلم؟! ألف حسافة!

احمد الصراف

جيش مخرِّبين.. لا مدرسين

ورد في القبس على لسان مصدر أمني رفيع، أن بعض مواقع التواصل الاجتماعي تقوم بعملية غسل أدمغة أحداث، ويزيّنون لهم الانخراط في العمليات الحربية مع جهات إرهابية، بحجة الجهاد. وقال المصدر ان تلك المواقع تخضع حاليا لرقابة صارمة، وسيتم إغلاق بعضها، ومحاسبة القائمين عليها. واضاف ان الأحداث الذين يتأثرون بالأفكار «الداعشية» يتوجهون إلى العراق وسوريا عبر أكثر من محطة، وقد تكون البحرين وجهتهم أولاً ثم تركيا، فسوريا، او يذهبون اليها عن طريق دبي وغيرها.
وقد أخبرنا مدرس كويتي يعمل في احدى المناطق النائية بأنه يتعرّض، وزملاء له، ومنذ فترة لضغوط شديدة من مدرسين آخرين، ومن ناظر المدرسة بالذات، لكي يقوموا بحثّ طلبتهم على الانخراط في الأعمال الجهادية، وتزيين ذلك الجهاد في أعينهم، وإعطاء المنظمات الإرهابية صفات ومهام تتعلق بدورها في محاربة أعداء الأمة. ويقول المدرس ان المواد التي يدرّ.سونها غالبا فنية أو علمية، ولا تتضمن ما يمكن استخدامه لمناقشة أفكار دينية من خلالها، وهذا يجعل مهمتهم صعبة، على افتراض اقتناعهم بعملية التحريض أصلا، مقارنة بمهام مدرّ.سي المواد الدينية والاجتماعية، وحتى التاريخية والجغرافية. وذكر بأنهم يتعرضون لإرهاب واضح في حال تقاعسهم عن الاستجابة لطلبات الإدارة، علما بان غالبية النظار لهم نفوذ قوي في الوزارة وصلات بجمعية المعلمين، التي تعتبر من المعاقل الرئيسية للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين.
وهنا نشيد بأول تصريح صدر عن وزير التربية الجديد، الذي ذكر فيه بأنه سيولي مسألة المناهج الأهمية القصوى، ونقول له ان هذا عمل عظيم، إن نجح في تحقيقه، وسيسجل له التاريخ ذلك، ولكن يجب ألا ينسى، وهو حتما مدرك لذلك، بأننا حتى لو استعنَّا بمناهج سنغافورة والسويد، التي كنت في زيارتها قبل ايام، فهي لن تعني شيئا، على الرغم من أن هذا أفضل ما يمكن إعطاؤه للتلميذ في مدارس الكويت، فإنها لا تعني الكثير طالما بقي المدرس المسيّس والمتخلف والخطر في منصبه التربوي، خاصة أن غالبية طاقم التدريس في الكويت، حسبما تبينه انتخابات جمعية المعلمين منذ ثلاثة عقود، هو من هذه الفئة التي يتطلب الأمر الطلب منها بالتقاعد مبكرا، والبقاء في البيت، فضرر وجودهم أكثر بكثير من السير في عملية التدريس من غيرهم، حتى ولو تطلب ذلك تدريس مواد أقل في الأعوام الدراسية المقبلة، إلى أن يتم سد النقص بمن هو أكثر كفاءة وأقل تسييساً منهم. كما نطالب معالي وزير التربية بالتعميم على كل مدرّسي الوزارة بضرورة إبلاغ شخصية محددة في مكتبه في حال تعرضهم لأي ضغوط، تتعلق بتخريب عقليات تلامذتهم، فالموضوع خطير ولا يجوز التساهل فيه أكثر من ذلك، فالتردد «الحكومي» غير المسؤول طوال العقود القليلة الماضية أنتح لنا جيشاً من المخرّبين، وليس المدرسين، وفي كل المراحل الدراسية.

أحمد الصراف

فؤاد الهاشم

موسيقى الجنازة ما زالت.. مستمرة !

نكتة عراقية شهيرة ظهرت عقب تحرير الكويت أو ما أطلق عليها من قبل «القائد العربي الماجد صدام حسين التكريتي» بـ«حرب أم المعارك الخالدة» تقول إن رجلا عجوزا كان يسير مترنحا في شارع «السعدون» بوسط العاصمة بغداد وبملابس رثة وذقن طويلة وجسد لم يلامسه الماء والصابون منذ شهور وهو يصرخ بصوت عالي:«الله يساعد أميركا .. الله يساعد أميركا.. الله يساعد الأميركان»!،وخلال دقائق طوقه رجال المخابرات والأمن والمباحث واقتادوه للتحقيق معه فسألوه ماذا تقصد بهذا الدعاء ..الله يساعد أميركا والله يساعد الأميركان؟!! فقال «إذا احنا الراديو مالنا يقول إننا انتصرنا بالحرب وهذا الحال العراق المدمر وحال الشعب الطايح حظه «هسع» شلون حال أميركا المنهزمة هي و.. شعبها »؟!.

خاضت «غزة» على ما أذكر ثلاثة حروب مع إسرائيل أخرها منذ شهور قليلة وكلها كان «النصر من حليف المجاهدين وحركة حماس البطلة التي سطرت بدماء الشهداء أروع الملاحم وردت كيد العدو الصهيوني إلى نحره وفقعت مرارة صهاينة العرب الجدد الذين ما انفكوا يتآمرون على شعبنا الصامد ويتاجرون برايات جهادنا .. والسح الدح أمبو..إدي الواد لأبوه ..ياعيني .. إلى أخره »!!.

حزب الله اللبناني قال إنه انتصر في حرب 2006 وقبله صدام حسين أعلن انتصاره في تاريخ 8/8/1988 ضد إيران وفي نفس الوقت أعلنت طهران انتصارها هي الأخرى على العراق في الحرب ذاتها !! لم تفقد العراق شبرا واحد من أراضيها في تلك الحرب التي استمرت ثماني سنوات ولم تخسر إيران حبة رمل واحدة طيلة المدة ذاتها !! بقي الملالي في الحكم وبقي صدام في الحكم إذن من الذي انتصر ومن الذي .. انهزم؟! إسرائيل هي الأخرى لم تخسر مترا من أراضيها ولبنان لم تخسر شبرا من حدودها .. تل أبيب خسرت 88 قتيلا معظمهم من عرب 1948 النصارى وقلة من المسلمين والبقية من اليهود !لبنان خسر ثلاثة آلاف قتيل وأربعة مليارات تكلفة إعادة الإعمار !لجنة تحقيق في دولة «الكيان الصهيوني أخرجت رئيس وزراء وطردت وزير دفاع وعنفت وانتقدت رئيس الأركان أما في لبنان فمن يجرؤ على التحقيق مع «سماحة السيد» ومن يملك السلطة على محاسبة العمامة السوداء ومن لديه بقايا شجاعة غابرة أكل الدهر عليها وشرب ليسأل عن أسباب ما حدث حتى لو اعترف «سماحة السيد» ذاته بخطئه حين قال :«لو كنت أعرف إن هذه هي ردة الفعل الإسرائيلية العنيفة ضدنا على خطف الجنديين لما خطفناهما» !! ومع ذلك أعلن الجهاز الإعلامي والصحافي والسياسي والحزبي في الحزب قائلين بصوت واحد :«انتصرنا على الكيان الصهيوني » فإن كان هذا هو حال لبنان واللبنانيين في النصر فما هو حال الإسرائيليين وهم يغوصون في الهزيمة ؟!

قبل حوالي خمسين سنة ظهر الموسيقار الكبير «محمد عبد الوهاب» وهو يقود الاوركسترا المكونة من مائة عازف لنسمع أغنية مازال طعمها «اللذيذ » يرن في آذان الملايين من العرب خرجت من حناجر «عبد الحليم»و«صباح» و«فايدة كامل» و«شادية» و«وردة الجزائرية» في أغنية «وطني الأكبر» خاصة في المقطع الذي يقول:«وطني الأكبر وانتصاراته ماليه حياته» فإذا بحياتنا مليئة بـ«المرشد العام للإخوان ومرسي والغزو العراقي والحوثيين وداعش وجند الإسلام والقاعدة وجند بيت المقدس و.. من يستجوب وزير الداخلية يدخل الجنة ولن نسمح لك وطز بشوارب رجال..إلى أخر المعزوفة الجنائزية التي بدأت ولا يعلم إلا الله متى ..ستنتهي»!.

د.فيصل المناور

عجز الموازنة العامة … مش منطق أبدا!

كلنا تابع في الأيام الماضية تصريحات العديد من المسئولين بشأن أن الكويت مقبلة على عجز في موازنتها العامة «ما أصدق أبداً» وذلك نتيجة تقلبات الأسعار الحالية التي تشهدها أسواق النفط العالمية، ولكن حقيقة الأمر تفيد بأن الحقيقية غير ذلك إطلاقاً، هم يهولون ويضخمون الأمور إما لجهل في الفهم والمعرفة، أو لمآرب أخرى «يجوز لصرف أنظار الشعب عن قضية الشريط، أو أي بلوة أخرى»، المهم، هذه القضية «عجز الموازنة» أوضحت أننا سنستمر في حالة الضعف العام الذي يشهده البلاد في مجال إدراة شؤون الدولة والمجتمع، ولتوضيح أن قضية عجز الموازنة العامة ما هي إلا كذبة أو نكتة أطلقتها السلطة، إليكم الحقيقة في السطور القادمة، لكي نثبت بأن شباب الكويت وشعبها، واعي جداً في مجال فهم قضايا وطنه. متابعة قراءة عجز الموازنة العامة … مش منطق أبدا!

مبارك الدويلة

دلالات العودة الميمونة

فرح الكويتيون بعودة ابنهم البار فوزي العودة من معتقل غوانتانامو، بعد ان امضى فيه قرابة ثلاث عشرة سنة عجافا من دون محاكمة! فالاميركان ألقوا بمبادئ الدستور الاميركي خلف ظهرانيهم هناك في غوانتانامو، وداسوا بأقدامهم على معاني العدالة واحترام الحريات وآدميات البشر في ذلك المعتقل البائس، وأثبتوا للعالم أنهم آخر من يحترم حقوق الانسان والحريات العامة، وأن الانتقام الشخصي، والحقد الدفين الذي يعشش في صدورهم على الاسلام والمسلمين، يطغيان على مبادئهم المعلنة، وان تسبب ذلك في احراجهم أمام الرأي العام العالمي، لانهم ببساطة يهيمنون على القرار الدولي بسبب هيمنتهم على المؤسسات الدولية والاممية! متابعة قراءة دلالات العودة الميمونة

سامي النصف

أمة الأحلام المريضة

رغم أن جميع دول العالم القديم مرت بمرحلة ما يسمى بالحضارات التي سادت ثم بادت، أي علو شأنها في حقب معينة ثم انحسار تلك الريادة والسيادة عنها (اليونان، الرومان والبريطانيون والفرنسيون.. إلخ) إلا أن أحدا في تلك البلدان لا يقتات على تلك الأمجاد ولا يخدع الناس بالقول إن اتباع هذا المسار أو ذاك سيرجع لهم أمجادهم السابقة كما يحدث لدينا. متابعة قراءة أمة الأحلام المريضة

سعيد محمد سعيد

الوضع «المفجع الحقير»!

 

حقاً هو «وضع حقير مفجع» في الخليج والعالم العربي… سببه التناحر الطائفي!

حادثة الإحساء الإرهابية يمكن أن تقدم صورة شديدة الخطورة لذلك «الوضع الحقير المفجع»، وهي عبارة قالها المفكر البحريني علي محمد فخرو في ندوة أقيمت بمجلس يعقوب سيادي يوم 2 يوليو/ تموز 2013، من المفيد استحضارها اليوم في وقت تنبئ فيه الأحداث والوقائع بأن وقت «تهاون حكومات الخليج والعالم العربي والإسلامي» مع المتشددين والتكفيريين والإرهابيين لابد أن يتوقف.

فحين يطرح فخرو ومن مثله من المفكرين والمثقفين والشخصيات الخليجية والعربية والإسلامية تشخيصاً دقيقاً يكشف خطر «المحنة الكبرى»، فإن ثمة تساؤلات تُثار على صعيد غياب أو تغييب المواطنة المتساوية والديمقراطية والعدالة في مجتمعاتنا، ولعل التساؤل الأهم: إذا كانت دول الخليج والعالم العربي والإسلامي تمر بمحنة شديدة الخطورة، أوليس الأولى الاستفادة من مرئيات وقراءة هذه النخبة؟ أم أن الاكتفاء بما يطرحه من يثقون بهم من المستشارين وراسمي السياسات المفرغة من أية معطيات حقيقية – سواءً كانوا عربًا أم غيرهم – هم السند فيغدقون عليهم الأموال والامتيازات بلا طائل ولا فائدة ترجى؟

لقد شخص فخرو آنذاك، وهو طرح في غاية الأهمية، أن الأوضاع المسببة للإنقسام الطائفي (المسكوت عنه خليجياً وعربياً وإسلامياً منذ ردح من الزمن وبات يشكل لهم هاجساً مخيفاً اليوم)، يشكل جزءًا منها العيش في التاريخ بفهم خاطئ وبصورة مسيئة نراها في المساجد والمآتم والقنوات الفضائية، حيث المذهبية والطائفية تستخدم يومياً من أجل أهداف سياسية ومالية ودنيوية، ما يجعل الحل للمشكل الطائفي صعباً، ونبني بذلك إنساناً عربياً مسلماً لديه قابلية ممتازة للطائفية يلزم حتى نواجهها أن نتخلص من جوانب مرتبطة بالطائفية كالتاريخ والثقافة والكلمات والأوصاف.

والغريب في الأمر، مع ما أشار إليه فخرو، أنك تجد مسئولين ومشايخ وشخصيات وإعلاميين يلعلعون ليل نهار محذّرين من الطائفية والإنقسام الطائفي والدعوة إلى التعايش السلمي… كل ذلك في الإعلام! لكنهم في حقيقة الأمر، جزء مقلق وخطير في ممارسة كل المساوئ الطائفية.

دعونا أيها الأحبة نركز قليلاً في تساؤل لفخرو قال فيه نصاً: «أي نظام تعليمي في الأرض العربية أو الإسلامية يدرس الدين الإسلامي بموضوعية وبإنصاف للطلبة بحيث ينقل ما تقوله المذاهب الإسلامية الأخرى؟ نحن في البحرين، وبصراحة تامة، أليس المفروض أن دراسة الدين الإسلامي تكون دراسة معمقة للمذهبين السني والشيعي والمذاهب الأخرى؟ وعندما لا نفعل ذلك، هل ننتظر من الأولاد القادمين من بيوتهم المبنية ثقافتهم على الإنقسام الطائفي والفهم الخاطيء… هل ننتظر منهم أن يعدلوا من أنفسهم؟».

الربط بالتاريخ، في حال الرغبة في تشخيص أكثر دقة للوضع المفجع الحقير، هو أمر مهم أيضاً، ذلك أن التاريخ هو الخلفية الثقافية القائمة على الاستبداد والصراع الداخلي، فالخلافات الثقافية التي ظهرت فيما بعد العهد الراشدي (شيء لا يتصوره العقل) كما يشدد فخرو! فكم من المسلمين يعرفون أن المذهب ليس قضية دينية بل هو مدرسة اجتهادية بشرية في قراءة التاريخ؟ ولو حاولت أن تناقش أحداً فيما جاءت به المذاهب الفكرية، قد يتهمك بأنك سببت الدين بل وخرجت من الدين! وقليلون يفهمون بأن الفقه الإسلامي هو نتاج بشري، فعندما تأتي الوهابية وتقول عن الإباضية أنهم خارجون عن الدين، طيب الوهابية مذهب، والإباضية مذهب، السنة والشيعة كلها مذاهب، وكلها نتاج بشري، لكن إذا لم نتمكن من إزالة هذه الأفكار الثقافية الخاطئة فالوضع صعب».

واقعاً، من حقنا أن نتساءل: «ما شهدته الأمة في عقود طويلة، وعلى الأخص في السنوات الأربع الماضية وتدهور الأوضاع في أكثر من بلد عربي وإسلامي وبروز إعلام الذبح والتكبير الزائف الذي تمثله «داعش» كصورة هدامة للإسلام كدين سماوي صالح لكل البشرية بتسامحه وأخلاقه ودستوره القرآن العظيم، ألم يسهم فيه الإعلام العربي والإسلامي؟ فواجهته الكبرى تظهر اليوم من خلال آلة التدمير في الفضائيات الطائفية ووسائل الإعلام الجديد، وهي تعمل باجتهادٍ من أجل إشعال الصراع المذهبي إلى أعلى درجاته، وتطبق سياسات كيان العدو ضد العرب والمسلمين لتمزيقهم، وتبدو الكثير من الحكومات العربية متآمرة مع هذا الاتجاه، لكن ربما يعيد الصهاينة حساباتهم مع العدوان الوحشي المستمر على المسجد الأقصى وتكرار مجازر غزة وفق قراءة المشهد الإقليمي العام، ومع ذلك، لن يعيد الطائفيون وأسيادهم حساباتهم إلا في حالة كونها تصب لصالح أسيادهم الصهاينة.

إن «الوضع الحقير المفجع» ليست مجرد عبارة قالها مفكر بحريني عربي مسلم، بل هي تشخيص عميق الصراحة، يحمل معه رؤى تبريد الأوضاع – خصوصاً في منطقة الخليج – من خلال تكريس المواطنة الحقيقية والعدالة الاجتماعية والشراكة في صنع القرار السياسي وإخراس أصوات وإعلام التكفير والتشدّد والتطرف الذي كان حلواً يوماً ما، لكنه اليوم، أشد خطورة من زحف الأفاعي الفتاكة.

جمال خاشقجي

إرهابكم لن يفرقنا … ولكن

كان مانشيت صحيفة «الجزيرة» الصادرة من العاصمة السعودية الرياض الأربعاء الماضي رائعاً، إذ سطّر وبالخط الأحمر العريض «إرهابكم لن يفرقنا». رسالة مطمئنة، يحتاجها السعوديون وهم يرون جيرانهم من حولهم يتحاربون ويقتل بعضهم بعضاً وقد انقسموا طوائف وأحزاباً، ولكن، هل صحيح أنهم «لن يفرقوننا»؟ هل اختار العراقي الشيعي والسنّي هذه الحرب التي يعيشونها؟ هل لنا ان نتفكر كيف اشتعلت نار الطائفية في العراق ومن أشعلها؟

الطائفية والكراهية ليست اختيار عامة الشعوب، جُل الشعوب معتدلة وسطية، مثلهم مثل أهل الأحساء الذين صُدموا مساء الإثنين الماضي من أول وأخطر حادثة طائفية تجري في محافظتهم. المعتدون ليسوا من المنطقة، ولا يمثلون غالب السعوديين، إنهم فرقة تحمل كرهاً عميقاً نحو الشيعة، بل نحو «الآخر» عموماً بغض النظر عمّن يكون هذا الآخر. رؤيتهم للوطن والمجتمع لا تنسجم مع رأي الغالبية، ولو جرت انتخابات في السعودية لما فازوا بها، ولكنهم قادرون على جرّنا جميعاً إلى أتون الطائفية مثلما فعلوا في العراق، لماذا؟ لأننا مستعدون لذلك، لأننا لم نحصن أنفسنا من عدوى الطائفية عندما ألقوها علينا. اعتراف كهذا يرفض معظمنا الإقرار به، ولكنه الحقيقة، جولة سريعة في حِلَق العلم واستمع للطائفية والتحقير عندما يفتح موضوع الطوائف الأخرى، خصوصاً الشيعة، جولة أسرع في قنوات فضائية وستسمع قدراً أكبر من الكراهية بزعم الدفاع عن صحيح الدين، والكتب المدرسية، والفتاوى، والمقالات، والإعلام الاجتماعي، وحديث المجالس، كل ذلك جعل فينا طائفية وتعصباً واستعداداً للقفز في أقرب فتنة طائفية بالقول أو بالفعل. متابعة قراءة إرهابكم لن يفرقنا … ولكن

عادل عبدالله المطيري

ميشيل وصالح والحوثيون وحزب الله

من النادر تكرار الأحداث السياسية بالتفاصيل والنتائج نفسها، ولكننا نحن العرب نتميز عن العالم بذلك، نحن لا نعيد الاحداث فقط، بل نعيد معها المعالجات الخاطئة نفسها.

فمن المقاربات السياسية العربية الحالية التي تدل على صدق ذلك، مقاربة الحالة اليمنية الراهنة للوضع السياسي في لبنان، حيث سنشاهد الأحداث نفسها والأشخاص أنفسهم وسنكرر الأخطاء نفسها ايضا.

في اليمن هناك حزب أنصار الله «الحوثيين» وهم يشكلون بالضبط الحالة السياسية نفسها لحزب الله اللبناني، فالأيديولوجيا واحدة والدعم الخارجي واحد (ايران)، وكلاهما يرفعان شعارات مستحقة بينما يمارسان في الواقع فرض سيطرته بالقوة على الدولة والمجتمع.

واذا كان في لبنان زعيم سياسي قوي وساخط كالعماد ميشيل عون، ففي اليمن يوجد الرئيس الساخط علي صالح، فكلاهما غاضبان من حلفائهما السابقين لدرجة ان يضعا ايديهما مع أعدائهما بالأمس.

لطالما كان ميشيل عون ضد سورية وحلفائها وقريب من القوى المناهضة للوجود السوري، ولكن استبعاده من اجتماعات قوى 14 اذار، ورفضهم مجرد التفكير في مسألة ترشحه لرئاسة لبنان، جعله ذلك يرتمي في أحضان سورية وحلفائها اللبنانيين، وهي التي ما انفكت تحاربه سنين طويلة ونفته خارج لبنان.

وكذلك فعل الرئيس علي صالح، فعندما طلب منه حلفاؤه وقبيلته وحزبه ترك رئاسة اليمن عقب الثورة، تحول من حالة العداء للحوثيين الى حالة التحالف معهم، فكانت القوات الموالية له في الجيش اليمني وبإيعاز منه، لا تقاوم تقدم الحوثيين حتى استولوا على العاصمة وما حولها وفرضوا سيطرتهم وقاموا بالانتقام من الخصوم السياسيين لعلي صالح.

ربما لن يكتب لعملية استنساخ حزب الله والعماد عون في اليمن النجاح، فعلى الرغم من محاولة أنصار الله «الحوثيين» خلق واقع سياسي يمني يكونون فيه بقوة حزب الله في لبنان، إلا أن مكونات المجتمع اليمني تختلف كثيرا عن مثيلتها في لبنان، فاليمن مقسم الى قبائل وحواضر، بينما لبنان يعتمد في تقسيمته على الطوائف الدينية، حتى الجغرافيا السياسية لا تسعف الحوثيين كثيرا، فحزب الله اللبناني لا يمكنه الاستمرار لولا الجوار السوري الذي وفر له استمرارية الدعم اللوجستي بعيدا عن أعين الأعداء، أما جغرافية اليمن فلا يوجد حلفاء للحوثيين بين دول الجوار، وحتى الإمدادات اللوجستية التي توفرها إيران الحليف الوحيد للحوثيين يمكن مراقبتها وقطعها بكل سهولة لأنها ستأتي حتما عن طريق البحر.

ختاما، بإمكان الحوثيين- وهم الآن الفصيل السياسي الأقوى في اليمن ولو مؤقتا- أن يستغلوا الفرصة السانحة لهم ويطالبوا بإقرار اصلاحات سياسية تحقق العدالة والمساواة وتبعد عنهم شبح عودة الاضطهاد الذي عانوا منه سابقا، وبذلك يكونون هم الضمانة لهذا التحول الديموقراطي في اليمن، ويخلصون انفسهم والمجتمع من عودة الديكتاتورية، أو أن يختاروا الاستمرار في فرض سيطرتهم بالقوة، وهنا ربما أمكنهم حكم اليمن مؤقتا ولكن من المؤكد أنهم لن يستمروا طويلا وبعدها سيضطرون للعودة إلى جبالهم مرة أخرى ليعانوا الاضطهاد.

٭خلاصة: كان على الدول الداعمة للتغير في حالة اليمن الآن ولبنان سابقا أن تعي أن تكلفة احتواء العماد وصالح مع محاولة التأثير في سلوكهم السياسي اقل بكثير من تكلفة تركهم للذهاب إلى صفوف الخصوم.

[email protected]

 

فؤاد الهاشم

يهودية مع ..«داعش»!

في عام 1986 تم حل مجلس الأمة ووصل الرقيب التابع لوزارة الإعلام إلى مباني الصحف اليومية السبع -في ذلك الوقت- خمس عربية واثنتان بالإنكليزية «كويت -تايمز» و«آراب -تايمز» الأولى مملوكة للزميل الراحل يوسف العليان والثانية للزميل أحمد الجارالله ! الحكومة ارتأت أن أفضل بديل للديمقراطية و«عوار الراس هذا» هو اختراع جديد اسمه «ديوانيات الوزراء كل يوم اثنين» وتكون نهارية يجلس فيها معالي الوزير منذ التاسعة صباحا حتى الثانية ظهرا ليستقبل شكاوى المواطنين ويجد «لها حلول مناسبة » ! بالمناسبة فإن الحكومة دائما تجد الحلول المناسبة لكل مشكلة لكن لسبب مجهول لا دخل لإرادتها فيه .. فإن المشكلة لا تنحل !! المهم قالت الحكومة للناس : «البرلمان الحقيقي هو ديوانية الوزير النهارية» وحرية الصحافة الحقيقية هي ديوانيات الناس المسائية ! الوزير يسمع كلام الناس نهارا وديوانيات الليل «يفضفض» فيها الجميع عن غضبهم بالهذرة الزائدة و.. الشتائم !! وحتى لا تفهمني الحكومة بصورة خاطئة فإن الكويتي عندما يشتم فهو لا يقصد بالضرورة الإساءة بل المدح أحيانا خاصة حين يشتم لاعب كرة قائلا عنه: «يلعن والديه والله خوش لاعب»! وتلك أخف شتيمة يسمح بها قانون الإعلام الالكتروني !. متابعة قراءة يهودية مع ..«داعش»!